السائر على طريق الله في جهاد دائم لنفسه و رسولنا قال إن ذروة سلام الإسلام هو الجهاد في سبيل الله، وقام العلماء بوضع جهاد النفس على رأس الجهاد في سبيل الله ، تشجّع وجاهد نفسك وعِش حياة المُجاهد حتى تُحْشَر مع المجاهدين
------------------------------------------------
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، نُكمل السير على طريق الله ونتحدث اليوم عن شيء قائم حتى قيام الساعة وهو "الجهاد"، وهي أرقى عبادة. أغلب البلاد الإسلامية لا توجد فيها الجهاد بالسيف، فأين يكون الجهاد؟
هدف الحلقة هو التحدث عن كيفية الحصول على لقب المُجاهد، فالله سبحانه وتعالى وسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام كان دائم الكلام عن جهاد النفس. فهناك في الإسلام ثلاثة مراتب: مرتبة الإسلام، ومرتبة الإيمان، ومرتبة الجهاد، والإنسان الدائم يجب أن يكون جهاده مع نفسه، فيقول الله تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّـهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ...} (سورة الحج: 78)، فالأصل في الدين عدم وجود مشقة، فإذا جاهدت نفسك ستتغلب عليها. أعظم الجهاد هو جهاد النفس والهوى، قال عزَّ وجلَّ: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا" ﴿سورة الفرقان: ٤٣﴾.
سيدنا أبو بكر كتب وصية لسيدنا عمر بن خطاب قائلًا فيها: "إن أول ما أحذرك منه نفسك التي بين جنبيك فإن انتصرت عليها كنت على غيرها أقدر، وإن انهزمت أمام نفسك كنت عن غيرها أعجز""، نستدل من ذلك أنه إذا أردت أن تصنع حاكمًا صالحًا لابد أن تكون نفسه صالحة، ويقول سيدنا علي بن أبي طالب "أول ما تتركون في الحياة هو جهادكم لنفسكم".
قال صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح رواه فضالة بن عبيد عندما تحدث عن فضل الجهاد "كلُّ ميتٍ يُختمُ على عملِه إلا الذي مات مرابطًا في سبيلِ اللهِ فإنه يُنمَى له عملُه إلى يومِ القيامةِ ويأمنُ فتنةَ القبرِ"، إذًا حال الصالح هو جهاد دائم لنفسه وإلا يتحول لأسير نفسه.
الفرق بين الشيطان والنفس: الشيطان يقترح عليك ارتكاب معصية فإن لم ترتكبها يقترح أخرى وهكذا، أما النفس تُصر على فكرة معينة لتتملكك حتى تفعلها إذا كنت ضعيفًا، قال صلى الله عيه وسلم في حديث صحيح: "إِنَّ الشيطانَ قَعَدَ لِابنِ آدمَ بِأَطْرُقِهِ، فَقَعَدَ لهُ بِطَرِيقِ الإسلامِ فقال: تُسْلِمُ وتَذَرُ دِينَكَ ودِينَ آبائِكَ وآباءِ آبائِكَ؟! فَعَصاهُ فَأسلمَ، ثُمَّ قَعَدَ لهُ بِطَرِيقِ الهِجْرَةِ، فقال: تُهاجِرُ وتَدَعُ أَرْضَكَ وسَماءَكَ وإِنَّما مَثَلُ المُهاجِرِ كَمَثَلِ الفَرَسِ في الطِّوَلِ! فَعَصاهُ فَهاجَرَ، ثُمَّ قَعَدَ لهُ بِطَرِيقِ الجِهادِ فقال: تُجَاهِدُ فهوَ جَهْدُ النَّفْسِ والمالِ، فَتُقَاتِلُ فَتُقْتَلُ فَتُنْكَحُ المرأةُ ويُقْسَمُ المالُ؟! فَعَصاهُ فَجَاهَدَ، فمَنْ فعلَ ذلكَ كان حَقًّا على اللهِ أنْ يُدْخِلهُ الجنةَ، ومَنْ قُتِلَ كان حَقًّا على اللهِ أنْ يُدْخِلهُ الجنةَ، وإنْ غَرِقَ كان حَقًّا على اللهِ أنْ يُدْخِلهُ الجنةَ، وإنْ وقَصَتْهُ دَابَّتُهُ كان حَقًّا على اللهِ أنْ يُدْخِلهُ الجَنَةَ". النفس والشيطان لابد من مجاهدتهما وذلك حتى تصبح مُهاجر، فالمُهاجر من هجر ما نهى الله عنه.
أنواع جهاد النفس
- جهاد النفس لتطويرها: تُطوّر من مهاراتك وسلوكياتك، وتكون في حالة من الإزدياد، فيقول صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح رواه عبد الله بن عباس "نِعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من النَّاسِ: الصِّحَّةُ والفراغُ"، وسيدنا عمار بن ياسر قال "ثلاث من جمعهم فقد جمع الإيمان: الإنصاف من نفسك وبذل السلام للعالم والإنفاق من الإقتار"، ويقول سيدنا حسن البصري: "إن المؤمن في الدنيا غريب، الناس منه في راحة، ونفسه منه في شغل".
- جهاد النفس ضد المعصية: فقد يكون من رغبات الإنسان ارتكاب معصية؛ لأن الشيطان يُزيّن هذه الرغبات. اوعظ نفسك عندما تأمُرك بمعصية، وذكرها بالحساب، وسؤال القبر، ويوم القيامة.
- جهاد النفس للاستمرار في الطاعة: فجاهد نفسك للمواظبة على الصلاة والصدقات وغيرها من الطاعات، فالنفس بيد الله، ولو كل إنسان استعان بالله فالله سيعينه، يقول الله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ ﴿٥﴾ وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ ﴿٦﴾ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ (٧)} (سورة الليل).
العائدون إلى الله
اسمي إسماعيل آمين كراولي، طالب في مصر بجامعة الأزهر ادرس اللغات والترجمة. في الحقيقة الجهاد كلمة كبيرة تحتاج إلى شرح؛ لكي يستوعبها الناس. الجهاد ليس المقصود منه العنف، الجهاد كلمة واسعة معناها يشمل أن تُجاهد نفسك، فإذا أردت أن تُصحح ما تفعله من أخطاء فهذا أيضًا جهاد، فهنالك الكثير من الأشياء التي قد تأخذ الإنسان بعيدًا عن طريق الله. النفس البشرية قد خُلقت على العديد من الاحتياجات، وهذه الاحتياجات قد تأخذنا للنار؛ لذا يجب علينا أن نحمي أنفسنا.
ما أريد أن أغيره في نفسي هو تعلُقي "بالفيس بوك" والهواتف والإعلام، فقد ننسى أحيانًا غلق الهاتف عند دخول المسجد؛ لذلك يجب جهاد النفس وتطهيرها، وقد حاولت ترجمة معنى جهاد النفس بأنه تطهير للنفس وتصحيح أخطاءها، وغير المسلمين يحتاجون لمساعدتنا لنشرح لهم هذه الكلمة، فعلينا الجلوس والتحدث معهم. فالنبي عليه الصلاة والسلام لم يهدِ مكة كلها في يوم واحد ولكن أخذ منه ذلك وقت طويل؛ لذا علينا اليوم أن نتحدث مع الناس ونتأكد أنهم يفهمون الإسلام بشكل سليم.
http://web.mustafahosny.com/article.php?id=2891