كانت الأجيال السابقة من الصالحين والسلف يسعون لـ لقب خادم الله والسائر على طريق الله جزء أساسي من يومه مساعدة الخلق ومحاولته إنه يفرحهم ، فالإنسان كلما كان رحيم كلما استجدى رحمة الرحمن سبحانه وتعالى فاللهم اجعلنا من عبادك الراحمين...
--------------------------
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، نُكمل معًا قواعد السير إلى الله وحلقة اليوم توصلنا أمام جزء كبير من حياة النبي صلى الله عليه وسلم وحياة الصحابة، فقد كان رسول الله ملجأ لكل الناس وهو يساعد الخلق دائمًا، فكان مشغولًا دومًا بمساعدة الخلق، ونجدة الملهوف، ومساعدة الضعيف، والوقوف بجانب المُحتاج. وقد توارثت الأجيال الصالحة فكرة خدمة الخلق، فكان الصالحون يسعون دائمًا لـ لقب خادم عند الله.
خدمة الله تكون عن طريق خدمة الخلق، وهو جزء أساسي من حياة السائر على طريق الله، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى جعل للمعروف وجوها من خلقه، حبب إليهم المعروف وحبب إليهم فعاله، ووجه طلاب المعروف إليهم، ويسر عليهم إعطاءه، كما يسر الغيث إلى الأرض الجدبة ليحييها ويحيي به أهلها، وإن الله تعالى جعل للمعروف أعداء من خلقه، بغض إليهم المعروف، وبغض إليهم فعاله، وحظر إليهم إعطاءه، كما يحظر الغيث عن الأرض الجدبة، ليهلكها ويهلك بها أهلها، وما يعفو أكثر". وقد خلق الله أُناس جعلهم من أهل المعروف، ومن يعمل المعروف يكون قلبه حي؛ فيحيا بالمعروف ويُحيي من حوله، وكُلما كنت من أهل المعروف كُلما كان قلبك رقيق مع الله.
وفي أي لحظة تُسعد بها قلب إنسان أو تنجيه من كربة فأنت من أهل المعروف ومن خُدّام الرحمن، والسائر على طريق الله هو من يسعى لـ لقب خادم الله عز وجل، فعباد الرحمن السائرون على طريق الله يبحثون عن رضاه عن طريق قضاء حوائج الناس، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح: "الرَّاحمونَ يرحمُهُمُ الرَّحمنُ. ارحَموا من في الأرضِ يرحَمْكم من في السَّماءِ، الرَّحمُ شَجْنةٌ منَ الرَّحمنِ فمن وصلَها وصلَهُ اللَّهُ ومن قطعَها قطعَهُ اللَّهُ"، والفعل الذي تأخذ به أعظم الرحمات هو إكرام الخلق، فعن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح: "اطلبوا المعروفَ من رُحماءِ أمَّتي تعيشوا في أكنافِهم ولا تطلبوه منَ القاسِيةِ قلوبُهم فإنَّ اللَّعنةَ تنزلُ عليهم يا عليُّ إنَّ اللَّهَ تعالى خلقَ المعروفَ وخلقَ لهُ أهلًا فحبَّبهُ إليهم وحبَّبَ إليهم فِعالَه ووجَّهَ إليهم طلاَّبَهُ كما وجَّهَ الماءَ في الأرضِ الجدبةِ لتحيا بهِ ويحيا بهِ أهلُها إنَّ أهلَ المعروفِ في الدنيا هم أهلُ المعروفِ في الآخرةِ".
والمساعدة لا تكون مادية فقط عن طريق الإنفاق في سبيل الله، بل أي عطاء من نفسك أو جسدك أو عملك أو وقتك تساعد به الناس، ومن دلائل عدم الإيمان الانشغال بالنفس عن الخلق، يقول الرسول في حديث حسن: "خُلُقانِ يحبُّهما اللهُ، وخُلُقانِ يُبْغضُهما اللهُ، فأمَّا اللذانِ يحبُّهما اللهُ فالسخاءُ والسماحةُ، وأمَّا اللذانِ يُبْغضُهما اللهُ فسوءُ الخلقِ و البخلِ، و إذا أرادَ اللهُ بعبدٍ خيرًا استعمَلَهُ على قضاءِ حوائجِ الناسِ".
وقد كان النبي ومن بعده الصحابة رضوان الله عليهم يتلمسون بركة عون الخلق، ومن كان في عون الناس كانت له حُسن الخاتمة ويُطيب ذكره وأثره بين الناس ويبعث له الله العون من حيث لا يحتسب في كرباته، قال صلى الله عليه وسلم في حديث حسن: "منْ أرادَ أنْ تُسْتَجابَ دعوتُهُ، وأنْ تُكْشَفَ كربتُهُ، فلْيُفَرِّجْ عنْ مُعْسِر".
العائدون الي الله
هو أحد الشباب الذين أسلموا تأثرًا بالنبي والخير الذي عنده وشخصيته الطيبة صلى الله عليه وسلم المليئة بالعطاء. عبد اللطيف صالح، طالب نيجيري بكلية اللغات والترجمة يقول: "عندما تقوم بمساعدة الآخرين فأنت تفعل ذلك أولًا امتثالًا لأوامر الله سبحانه وتعالى واقتداءً بالرسول صلى الله عليه وسلم، ثانيًا لحل مشاكل الناس وانتظار الثواب من عند الله تعالى. مساعدة الآخرين لا تجعلني أخاف على نفسي من نقصان ما أملكه من أرزاق؛ فهي أمانة من عند الله وأنا مسئول عنها وسَأُسْأَلُ عنها يوم القيامة". "مساعدة الإنسان للآخرين أمرًا أساسيًا، فأنا أخصص وقتًا لتعليم الناس اللغة الإنجليزية لكي ينشروا الدعوة باستخدام تلك اللغة لمن يفهمها؛ لأنها وسيلة لتمهيد لنا الطريق إلى الجنة".
http://web.mustafahosny.com/article.php?id=2884