القرآن نور لك في الدنيا وذخرا لك في الآخره .. ولنا ف رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة .. الذي كان ينتظر دائما التوجية الإلهي ومهتم به .. يسمع ويتلو ويعمل بالقرآن ...إنَّ الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين ... ف اقرأ القرآن واسمعه وتفاعل معه حتى تكن من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته
----------------------------------------------
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. نُكمل السير على طريق الله ونعرف معلومة جديدة عن رب العالمين، وعن أنفسنا، وعن الدنيا لكي نتقرب منه عزَّ وجلَّ، ونتعرف على الرسول السائر الأعظم، وفي هذه الحلقة نتحدث عن صفة من صفات السائر إلى الله، وهو المُتعلق بالقرآن. يقول الله تعالى عن القرآن: {وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿١٩٢﴾ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ﴿١٩٣﴾ عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ ﴿١٩٤﴾} [سورة الشعراء]، فالقرآن هو فضل الله والنبي هو رحمة الله، والقرآن هو رسالة الله إلى البشرية.
فالسؤال الذي عليك أن تسأله لنفسك هو أين أنت من كتاب الله؟ هل أنت من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته؟ أول خطوة هي مواجهة نفسك وسؤالها لماذا نفسك بعيدة عن القرآن؟
حال النبي مع القرآن:
يقول النبي عن القرآن إنه كتاب الله فيه نبأ من قبلكم وخبر ما بعدكم، ليس بالهزل، من تركه من جبار قَسَمه الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، لا تزيغ به الأهواء، ولا يشبع منه العلماء ولا تنقضي عجائبه، ومن قال به صَدَق، ولا تلتبس به الألسنة. ويقول صلى الله عليه وسلم في فضل قراءة القرآن في حديث صحيح رواه أبو سعيد الخدري "يقولُ الرَّبُّ تبارك وتعالَى من شغَله القرآنُ عن مسألتي أعطيْتُه أفضلَ ما أُعطي السَّائلين وفضلُ كلامِ اللهِ على سائرِ الكلامِ كفضلِ اللهِ على خلقِه".
وقد كان الرسول يقرأ هذه الآية على الصحابة {إِنَّ هَـٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} [سورة الإسراء: 9].
الرسول كان مهتم بتلقي القرآن، فيقول الله تعالى موجهًا خطابه للنبي {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ﴿١٦﴾ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ﴿١٧﴾ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ﴿١٨﴾ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ﴿١٩﴾} [سورة القيامة].
وكان الرسول يُحب سماع القرآن ليس فقط قرآته، فقال عبد الله بن مسعود: "إنِّي أتيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ذاتَ يومٍ فقال: اقرأْ عليَّ من القرآنِ قال فقلتُ يا رسولَ اللهِ أليسَ عليكَ أُنْزِلَ ومنكَ تعلَّمناهُ ؟ قال: بَلَى ولكنِّي أُحِبُّ أن أسمعَه من غيري" حديث صحيح. وكان الرسول عندما يقرأ القرآن يتفاعل معه لأن هذا هو كلام الله، فإذا مرَّ بآية تسبيح سبح، وإذا مرَّ بآية طلب كان يطلب من الله.
كان الرسول يتفاعل مع القرآن في مواقف الحياة وأحداثها فـ قرأ سورة الفتح عندما دخل مكة، وبكى الرسول عندما سمع قول سيدنا عيسى الذي ذُكر في القرآن {إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [سورة المائدة: 118]، فبكى خوفًا على أمته، فطمأنه الله تعالى في أكثر من آية ومنها {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ} [سورة الضحى: 5].
هجر القرآن كلمة تدل على البعد ولكن لسبب. المعروف عن الرسول إنه لم يشكو قط لكن جاءت شكوته عن هجر القرآن {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَـٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} [سورة الفرقان: 30].
القرآن هو النور في يوم القيامة المُظلم، لذا اسمع واقرأ القرآن واستشفي بالقرآن من أمراض الصدور والأبدان، فالقرآن به سر يؤدي لهذا الشفاء. عند سماع آية عليك أن تعمل بها فورًا فإن لم تستطع عليك بالدعاء أن يعينك الله على اتباعها.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح رواه عبد الله بن عمر: "لا حسدَ إلا في اثنتَينِ: رجلٍ آتاه اللهُ القرآنَ فهو يتلوه آناءَ الليلِ وآناءَ النهارِ، ورجلٍ آتاه اللهُ مالًا فهو ينفقُه آناءَ الليلِ وآناءَ النهارِ".
العائدون إلى الله
درست الأدب في الجامعة ولدي ماجستير في الأدب ولطالما استهوتني القراءة ومطالعة الأدب، فـتحليل الأدب يسمح لي بقراءة وراء ما هو مكتوب على الورق، ويسمح لي بفهم المعاني بطريقة واضحة أكثر وفهم ما يقوله الأديب، ولماذا قام باختيار صور معينة وفهم المعنى ككل. عندما بدأت شيئًا فشيئًا بفهم الإسلام وأصبحت أكثر قربًا من الإسلام، كان القرآن في البداية مرجعًا لي كمسلمة ولكنه في الوقت نفسه كتابًا. في البداية كان من السهل اعتباره منهجًا توجيهيًا فهو يقول لك ماعليك فعله، لكن تدريجيًا تجد رابطًا روحانيًا وتشعر أن الله تعالى يُخاطبك من خلاله، وفي كل مشكلة تحدث معك تجد لها حلًا في القرآن.
بفضل خلفيتي الأدبية أستطيع أن اقرأ القرآن وأحلله، فأقوم بالأمرين في الوقت نفسه، لذا أصبحت علاقتي بالقرآن علاقة انبهار مستمرة، وعلاقة فكرية تجعلني ارتبط به على الصعيد النفسي والشخصي. وأنا اقرأ القرآن بسبب خلفيتي الأدبية أحلله واقرأه بهذه الطريقة، في حين أن أشخاصًا آخرين يقرءوه بنظرية علمية أو سياسية بسبب خلفيتهم. بالنسبة لي القرآن يجمع بين كل هذه المعاني لكن بطريقة معينة، وهذا ما أحاول أن أتمعن فيه، فالقرآن يرسل دائمًا رسائل شخصية لكل من يقرأه.
http://web.mustafahosny.com/article.php?id=2859