بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله, نُكمل سويًا السير على طريق الله فيَتَلَقَّانا الله برحمته, نتعرَّف على معلومة عن الله، أنفسنا، وعن نبينا أو نتعرف على قاعدة من قواعد طريق الله. في هذه الحلقة سنطرح تساؤلات أشخاص ونرد على أسئلتهم فكلام المُتكلم رزق المستمع وقد تكون الإجابة سبب لحل مشكلات، فسيدنا محمد كان يُجالس أصحابه ويستمع إلى مشاكلهم، والأسئلة التي وردت تدل على أن هناك كثير من الناس يريدون التقرب إلى الله ولكن هناك عَقَبَات تمنعنا من ذلك ولكن الصدق الذي بداخلنا والرغبة في التوبة دليل على أن الله يُحبنا ويريد لنا الهداية.
هل علاقتنا مع الله مبنية على الحب والخوف؟
بيننا وبين الله حُسن ظن، فنحن متأكدين بأن الله يُحبنا وأنه رحيم بنا لذا فالإنسان يسعى إلى عدم فقدان هذا الحب، وهذه المشاعر هي التي تجذبه وتجعله خائف من البعد عن الله, فالإنسان يكون بين حبه لله والخوف من البعد عن الله, فهذا الشعور طبيعي وهو مرحلة من مراحل العلاقة بين العبد وربه.
ما هي العبادات القلبية؟
الإنسان له جسد وروح وقلب وهناك عبادات جسدية كإماطة الأذى عن الطريق, الصلاة, ومعها عبادات قلبية كأن تكون مليء بالرحمة عند إماطة الأذى أو أن تكون خاشع لله في صلاتك, وهناك عبادات قلبية فقط مثل الرضا عن الله، أي الرضا بالموجود بعد بذل المجهود, وأيضًا مثل التوكل على الله, والتسامح، وهذه العبادات قد يظهر لها أثر في الجوارح. وكما أن هناك عبادات قلبية هناك معاصي قلبية مثل الحسد وتمني زوال النعمة لدى الناس والكِبر.
ما معنى الحضور مع الله؟
الله أمرنا أن نعبده بأسمائه وصفاته، فالله عظيم ويجب أن نعظمه، وهو كريم فنشهد كرمه معنا, كذلك هو الشهيد أي إنه حاضر معنا بعطاءه, فالله معنا حيثما كنا لذلك يجب علينا التوقير والاحترام والالتزام بالآداب في كل وقت, فحضور الله يجعلك تشعر بالأمان وأنه يرعاك وبجانبك ويساعدك. والحضور مع الله يساعد على أن يُظهرك بمظهر لائق أمام الناس, أما الحضور مع الشيطان يوسوس إليك ويجعلك في مشاكل دائمًا.
ما معني إنسان مُغْتَر؟
كلمة مُغْتَر كلمة نسمعها كثيرًا من العلماء والشخص المُغَتَر هو الشخص المخدوع، قال تعالى {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ (12) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَـكِن لاَّ يَعْلَمُونَ(13)} (البقرة)، والمغتر هو الذي يتكلم في الدين بِكِبر وتشدُّد ويقوم بتصنيف الأشخاص، هذا فاسق وهذا صالح، فيكون هو متكبر ومُفسد في الأرض, والله تكلم عن الاغترار في كتابه وسُمي الشيطان بالغرور لأنه الشيطان أكثر من يخدع الإنسان.
الدنيا تقسو عليّ، فهل هذا عقاب أم انتقام؟الدنيا ليس بإمكانها أن تفعل شيئاً لنا فالفاعل هو الله, والإنسان شخصيته تتكون من المواقف الذي يمر بها, ففي العطاء نشكر الله ونحمده على كرمه, أما بلاء الله لنا ليس معناه أنه ينتقم منا, فالرب عند أهل العقيدة هو الذي يُربي ففي قوله تعالى {فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16)} (سورة الفجر).
فالعطاء لا يعني بأنك أفضل الخلق وكذلك الابتلاء لا يُقصد به بأن الله ينتقم منك ولكن وراء كل فعل يحدث لنا حكمة، لذا الإنسان عليه أن ينظر إلى هذه الحكمة فلعل الله يُحب أن يسمعك وأنت تناجيه وتدعيه.
ماذا أفعل في وسوسة الشيطان لنا في أفكار تخص العقيدة؟يجب أولا أن نفرق بين إذا كنت أنت من تقول هذا أو إذا كانت وساوس لأن الشيطان يوسوس في قلب الإنسان، وإذا كان منك أنت فهذا لا يعني أنك كافر، بل لعل يكون هذا هو بداية طريقك للوصول إلى الله.
كما علمنا رسول الله ألا نفقد الثقة في أنفسنا، فعندما سأل الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، فقال صلى الله عليه وسلم: "أو قد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان"، لذا انزع الوساوس بأن تُردّد (لا إله إلا الله آمنت بالله) واطمئن، وإذا احتجت إلى إجابات لتساؤلاتك اسأل شخص ذو علم تثق فيه.
أنا مدمن للشتائم، ماذا أفعل؟
الإنسان يحب الشتيمة حين يغضب لـ يُنفّس عن غضبه وعند الهزار ليدل على سيطرته على الموقف وللتقارب الاجتماعي، لذا يجب أن نعلم أن الشيطان يُجَمِّل لك السُباب وهي كلها من أذكار الشيطان ومن النفس التي تبحث دوما عن غير المألوف. قال الله تعالى: {لَّا يُحِبُّ اللَّـهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ ۚ وَكَانَ اللَّـهُ سَمِيعًا عَلِيمًا} (النساء: 148) وقال تعالى: { وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا} (الإسراء: 13) أي أن كل ما قلته ستقرأه في كتابك يوم البعث. خذ قرار أن لا تُسِب وأن لا تُسَب، لأن هذا لا يُضحك أبدًا بل يجب أن نستغفر الله على مثل هذا الذنب، واعلم أن أول من يسمع القبيح هو الله , ولكن الله يبغض البذيء، فالله جميل يحب الجمال، والشيطان يريد أن يلوّث لسانك حتى يلوث ميزانك.
العائدون إلى الله:
كاتبة أمريكية"كارل ارمسترنج" كانت يومًا ما راهبة ثم أصبحت عالمة في تقارب الأديان تتحدث عن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام وأن له قوة تأثير على قلوب العالم وهي شخصية مثقفة واعتزت بشخصية النبى وانبهرت به، وتقول:
إن تلاوة القرآن تبدأ بطلب الشفقة والقرآن ليس إلا رحمة، فحجر الأساس في دعوة القرآن هو الرحمة وأن تراعي كل محتاج وفقير, ففي حديث للرسول قال صلى الله عليه وسلم "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه", وهذه هي القاعدة الذهبية. في القرآن قال الله وجعلناكم قبائل لتعارفوا, وأنا أعتقد أنه إذا نفذنا هذه القاعدة الذهبية فسنحصل على عالم قابل للحياة, فهذه هي مهمة ديننا ويجب علينا جميعًا في تقاليدنا بإيجاد هذا التعاطف ونجعله يتحدث إلى العالم, علينا جميعًا أن نصبح صورة رمزية تُمثل الشفقة كما كان النبي عليه أفضل الصلاة والسلام, فنشجع العطف والرحمة في زماننا وأن نفعل ذلك مع العالم كله حتى الذين نشعر نحوهم بالعداوة أو الذين يكرهوننا أو في حرب معنا, بطريقة ما علينا أن نتعلم كما كان يفعل النبي، كيف نتكلم مع من يعادينا بطريقة غير عدوانية, فأعتقد أننا لو نظرنا إلى النبي سنجد لدينا نموذج عن كيفية التصرف. دائمًا في مكة عندما كانوا يَسُبُّونَه كان لا يسمح لنفسه أن يرد بالعداوة, هذا هو وقت فتنة المسلمين وتلك الدروس الروحانية المليئة بالعطف تحدد واجبنا في هذا العالم بأن نجعل صورة الرحمة والعطف للإسلام تتحدث بصوت عالي وأن نجعله قوة ديناميكية في وقتنا هذا.