الله الصاحب الذي سُبحانه يصحبنا في رحلتنا في الحياة، فصُحبة الله سُبحانه وتعالى لنا تختلف عن صُحبة أي صاحب آخر؛ لأنه هو الأحد القريب المُتفرد في صُحبته، الله الصاحب المُحب والذي يتودد إلينا ويدافع عنّا ويُقدّرنا ويُغار علينا ويستحي منّا .
عقدنا العزم في الحلقة السابقة على السير خلف النبي على طريق الله الذي وصانا به في كتابه الكريم "اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ" هدفنا يا الله بصّرنا وعلّمنا واهدنا لنفهم ونصل لرضاك ياربي يا صاحبي في رحلتي.
طريقك لربنا يحتاج إلى صاحب يُصاحبك وينصحك، فالله هو صاحبك الذي ينصحك، قال تعالى ..}لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنفُسِهِمْ وَلَا هُم مِّنَّا يُصْحَبُونَ{ الأنبياء 43، فكما قال العلماء "فكما أن الله نفى الصحبة عن المُشركين أثبتها لأوليائه وأحبابه".
ربنا صاحبك ولن تجد صاحب سواه نِعم الصاحب هو ويتمثل في معاني عدة تعالوا نتأملها:
1- صاحبك الذي يُحب أن يكون معك ولا يمل منك: قال صلى الله عليه وسلم "يقولُ الله عز وجل أنا مع عبدي إذا ذكرني وتحركت بي شفاته، ابن ادم اطلبني تجدني فإن وجدتني وجدت كل شئ وإن فقدتني فقدت كل شئ ". حديث صحيح رواه أبو هريرة.
2- صاحبك الذي يتودد لك بنعمه لكي ترضى عنه: ربنا يتودد إليك بالنعم قال تعالى }وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّـهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ{ النحل 18. يقول العلماء فنعم الله هى الهدايا الله يُعطيك إياها ليُحبك بها.
3- صاحبك يحبك كما أنت وهو بعيبك عليم: الله يحبك كما أنت بعيبك ويعلم أنك تُذنب، اسمع لقول المُصطفى "والذي نفسي بيدِه لو لم تذنبوا لذهب اللهُ بكم ، ولجاء بقومٍ يذنبون ، فيستغفرون اللهَ ، فيغفرُ لهم". حديث صحيح رواه أبو هريرة.
4- صاحبك الذي يُدافع عنك: حينما تُفكر في معصية الله وتأتى الملائكة لتكتب هذا الخاطر في السيئات يأمرهم الله أن لا يكتبوه إلا إذا فعلته، فهذا دليل حبه لك ومدافعته عنك، فَحبَه كما يحبك، وهذا حبه للمؤمنين فكيف بحبه لأوليائه الذين قال فيهم "من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب". حديث صحيح رواه أبو هريرة.
5- صاحبك يُقدّرك ويحبك: ومن تقديره لك قال صلى الله عليه وسلم "ثلاثة يضحك الله لهم: قومٌ إذا صفوا في الصلاة، والرحل يُقاتل في سبيل الله من وراءه أصحابه، والرجل يقوم في سواد الليل ليُصلي".
6- صاحبك يُغار عليك: قال صلى الله عليه وسلم "إن الله يُغار وغيرةُ الله أن يأتي العبد ما حرمه الله عليه"، ومن غيرته عليك أن يُنغص عليك معصيتك حتى لا تأنس بها عن قُربه.
7- صاحبك يستحي منك: نعم يستحى منك أن ترفع يدك ويردهم صفرا ولا يُعطيك أو يمنحك ما تطلبه، قال صلى الله عليه وسلم "إن الله حيييُّ كريمُ يستحي أن يرفع العبدُ يديه فيردهما صُفراً خائبتين"، حديث حسن.
العائدون إلى الله :
اسمي يُسرا وأعيش في مصر منذ ثلاث سنوات، كنت أعيش في أمريكا عام 2009، وأسلمت عام 2002 وأعلم أنه لم يكن الوقت الأفضل خاصة أنه بعد أحداث سبتمبر، ولكني وجدت ما أريد أن أشعر به في الإسلام حيث قبل دخولي فيه كنت لا أشعر بالسلام الكامل والكافي في الحياة. شعرت بذلك في ذكر الله الدائم خلال يومي، أحيانًا كنت أشعر بشعور الضيق إلا أنه لفترة قصيرة، ولكن عندما اقرأ القرآن أشعر كم هو عظيم، فيحدث لي تغيير يُزودني بطبقات من المعاني الروحانية الجميلة، وعندما غيرت اسمي من كاثرين إلى يسرا لم يكن عندي أدنى فكرة أن هذا الاسم معناه ما تصفه الآية الكريمة " إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ". الشرح 6.