د.سليمان العودة: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهديه الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين قضوا في الحق وبه كانوا يعدلون, وسلموا تسليماً كثيراً, ثم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وشكراً للمستشفى الملك فيصل التخصصي, ومركز الأبحاث على هذا المؤتمر وشكراً للأخوة المنظمين دعوتهم لي للمشاركة في هذه الجلسة, موضوعنا هذا اللقاء هو بين الطبيب والفقيه, ولاشك أن ثمة تداخل كبيراً جداً بين الطب والفقه, شأنها في ذلك شأن الكثير من شؤون الحياة, حينما تقرأ في كتاب السنة النبوية وعلى رأسها كتب أسأل الكتب الستة, كالبخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه, وغيرها, ستجد أن فيها جميعاً بل في كل كتاب من كتب السنة جمع الأحاديث النبوية على حسب الموضوعات, ستجد كتاب خاصاً اسمه كتاب الطب, وأحياناً يعبرون عنه بكتاب المرضى والطب, ويدرج الأئمة والعلماء والمصنفون في هذا الكتاب, الكثير من الأحاديث النبوية والمرويات الإسلامية المتعلقة بهذا الجانب, سواء كانت أخلاقية تتعلق بتثبت المريض بتصبيره بتذكيره بالأجر والثواب, أو كانت تتعلق بشيء من الرقية الشرعية والأذكار والأدعية التي فيها دعم وإسناد, نفسي عظيم, للمريض أو كانت تتعلق ببعض الأدوية والعلاجات التي تسمى بالطب النبوي, وهذه صنف فيها العلماء كتب خاصة, كما ألف فيها أبو نعيم وألف فيها الدهبي وألف فيه ابن القيم أيضاً في كتابه زاد المعاد مجلداً خاصاً في الطب النبوي, وكثيرون من أهل العلم كتبوا في هذا اللون, وهناك ما وراء هذه المعاني, وما وراء هذه الأقسام الأحاديث النبوية المحفزة, وهذه ينبغي أن نوليها عناية خاصة, يعني الأحاديث أو الآيات القرآنية المحفزة على التعلم, يعني لما يذكر ربنا سبحانه وتعالى في القرآن الكريم من معجزات بعض رسله وأنبياءه كعيس عليه الصلاة والسلام, {وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي} (110) سورة المائدة, فهو كان من معجزاته الربانية قدرته على أن يبري الأكمه والأبرص بإذن الله عز وجل, يداوي العديد من الأمراض, فمع كون هذه معجزة بالنسبة لعيسى وعلامة على نبوته, إلا أن في ذلك إحياء بأن المطلوب من أتباع الأنبياء أن يكونوا على أثرهم وأن يقتبسوا من هديهم, حتى في قوله تعالى {وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي} (110) سورة المائدة, قد يقول قائل هل أن الأطباء, أو هل أن الطب يحي الموتى, فأقول نعم الطب لا يحي الموتى يقيناً, وإنما الله تعالى هو الذي يحي الموتى, إلا أن نتذكر أن إحياء الموتى قد يعني إحياء الذين ماتت قلوبهم, وشردت عن طريق الله عز وجل, فيكون الإمام في هذه القلوب حياة لها, والله سبحانه وتعالى ذكر هذا المعنى, وأن القرآن حياة وأن الوحي حياة, ولذلك قال أحمد شوقي بيته المشهور, عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم, يقول:
أخوك عيس دعى ميتاً فقام له وأنت أحييت أجيال من العدم
فهنا الحياة لها معنى, كذلك دفع غائلة المرض عن المريض هو نوع من المساعدة في إحيائه, ولهذا ربنا سبحانه لما يقول في محكم التنزيل {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا} (32) سورة المائدة, أحيا النفس ما معنى أحياها هنا؟ ليس المعنى خلقها ولا نفخ فيها الروح لأن هذا شأن الله سبحانه وتعالى, وإنما المقصود أحياها يعني تسبب في حياتها, حفظها من الموت, دفع عنها غائلة الموت, ومن أحياها؟ فكأنما أحيا الناس جميعاً, الأحياء هنا يكون بهداية الضال, يكون بدعوة الكافر, يكون بإرشاد الجاهل, فالجهل يعتبر موتاً ويكون أيضاً في الجانب المادي, بدفع الأضرار مثلاً لو أن إنسان استحق الموت, استحق القتل بعقوبة من العقوبات, ثم تسبب إنسان في رفع القتل عنه, من غير ظلم لأحد, إنما في دفع فدية مقابل ذلك, أو بالشفاعة عند ظالم هم بقتله لكان هذا الإنسان مأجوراً لأنه أحيا هذا النفس, بعدما استوجبت الموت واستوجبت الهلاك, إذا هذا في إحياء عظيم جداً يفترض أن يكون هذا واحد من المحفزات, كذلك طبعاً الشافعي رضي الله عنه وهو من الفقهاء الأطباء كما هو معروف, فهو أحد الأئمة الأربعة, وكذلك هو كان طبيباً مشهوراً وعنده وصفات كبيرة فهو من الذين جمعوا بين الطب والفقه, هي الكلمات الجميلة المروية عن الشافعي في مصادر ترجمته أنه كان يقول لا أعلم بعد الحلال والحرام يعني, علم الشريعة البحت, وحفظ علم الشريعة علماً أم بل ولا أعظم من علم الطب, ولكنه علماً غلبنا عليه أهل الكتاب, فهنا الشافعي رضي الله عنه يتكلم عن نبل هذا العلم, وعن فائدة هذا العلم, ثم يذكر هذا النقد الذاتي علم وسبقنا وغلبنا عليه أهل الكتاب, هذا يعطينا بعداً في عصرنا الحاضر, أنو لا تثريب علينا نحن المسلمين حينما نتكلم عن سبق وتوفق الأمم الغربية علينا, في كثير من مجالات الحياة, في كثير من جوانب الحضارة في التقدم, من الناحية النظرية كان يجب أن نكون نحن سابقين, وكنا كذلك لكن سنة الله تلك الأيام تداولها بين الناس, فنحن اقتبسنا حضارات الأمم اليونانية والرومانية وغيرها والإغريقية وطورنها واستفدنا منها, وكان عندنا علماء كبار في كل جوانب الحياة, ثم آلات النوبة و الدولة إلى أوربا وأمم أخرى غيرنا, وورث هذه الحضارة وطورتها وهذا ميراث إنساني ينبغي أن نستفيد نحن منه, ويكون لدينا القدرة على نقد أنفسنا, فنقول علوم الحضارة علوم الطب, علوم الإدارة علوم الاقتصاد علوم السياسية علوم ألوان التقنيات, هي علوم غلبنا عليها أهل الكتاب, وهذا لا يمنع أن نقتبسها وأن نستفيد منها, لعلي أشير هنا إلى أن أول ما نزل من القرآن الكريم قول ربنا سبحانه {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ, خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ} (2) سورة العلق هذا الأمر بالقراءة, وهو متضمن الأمر بالعلم, والتعلم والتعليم والتكرار {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} (1) سورة العلق, {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ} (3) سورة العلق, لكن قول سبحانه {خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ} (2) سورة العلق, إشارة إلى أعظم ثورة حدثت وتحدث الآن وهي ما يسمى بالثورة الجينية, والتي لا زالت واعدة جداً من التفوق والتقدم وهناك مزارع متخصصة ومراكز دراسات متفوقة في العالم كله, القرآن يلهمنا في أول مقطع نزل من القرآن الكريم, كيف نلتفت إلى هذا المعنى؟ فتستفيد منه الإنسانية, أما تأخر وتخلف المسلمين في هذا الجانب فهو مأخذ يؤخذ عليهم ويطلب منهم أن يستلهم هذه المنفذات القرآنية والنبوية التي تدعوهم إلى تعلم وإلى التعليم, الكل طبعاً يعرف الحديث الذي رواه البخاري ومسلم ولا يتوقع عن تخلو هذه المحاضرة من الإشارة إليه وهو قول صلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم, فيما رواه أبو هريرة, ما أنزل الله من داء إلا وأنزل معه دواء, فإذا أصيب دواء الداء برء بإذن الله, هذا محفز كبير جداً لأنو لما يأتيك خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم المؤيد بالوحي من رب العالمين, أن كل داء وبذلك نقول الإيدز مثلاً أو الأمراض المستعصية أو الأمراض المزمنة أو كل أشياء التي لا زال الطب عاجزاً عن اكتشاف الحلول لها, هذا الحديث يؤكد لنا بأن الحلول موجودة, وحينما يوجد التحدي أنو يقولك الحلول موجودة عليك أن تبحث عنها هذا يعطي دعم كبير جداً للإنسان, أنو مهما فشلت محاولاته عليه أن يبذل المزيد من المحاولات, لأن عنده خبر يحفزه أنو مزيد من البحث لأن الحل موجود إذا ما ظفرت الآن عليك أن تكرر المحاولة حتى تصل إليه في نهاية المطاف.
طبعاً أيضاً الكل يتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم وهو حديث صحيح أيضاً في البخاري وغيره أنو إذا نزل الطاعون وأنتم في أرض فلا تخرج منها, وإذا وقع في أرض وأنتم خارجها فلا تدخلوا فيها, وهو ما يسمى بنظام الحجر الصحي, في وقت مبكر, ولهذا لما ذهب عمر رضي الله عنه بالناس إلى الشام, كما في الحديث الطويل في صحيح البخاري وتردد الناس يدخل أو ما يدخل بعد مواقع الطاعون المشهور, تردد ثم قرر عمر أن يرجع بالناس ولا يدخلها, فقال لها بعض الصحابة يا أمير المؤمنين تفروا من قدر الله, قال نعم, نفر من قدر الله, ليش لاء, لكن إلى أين؟ إلى قدر الله, فالإنسان يعني المرض قدر والعلاج قدر أيضاً, ومن هنا يقضي على الروح التواكلية أو الإسلامية التي هي مسئولة عن تخلف الكثير من المسلمين, الذين يعتبرون أنا ما يصيبهم أقدار يجب عليهم أن يستسلموا لها, بينما عمر الخليفة الملهم يربيهم ويلقنهم هذا الخطة العظيمة والجريئة, أنو نفر من قدر الله, لكن إلى قدر الله أيضاً فحتى ألوان المعالجات والمحاولات الإنسانية هي جزء من قدر الله وإن كان الإنسان سلط عليها واكتشافها بشكل تدريجي, فهذا نوع من أنواع التحفيز, أنا دائماً استغرب وأقول أمة من الأمم, عندها هذا الحفز القرآني والنبوي على البحث, والتحريري ويكفيك أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم, سمى علم الطب علماً, وسمى عدم معرفته جهلاً كما في الحديث نفسه, قال علمه من علمه, وجهله من جهله, والله تعالى يأمرنا بالعلم والتعلم, وينهانا عن الجهل ويعيب الجاهلين, هذا الحفز العظيم الذي يأتينا من خلال نصوص مقدسة, كان يبغي أن يوجد ثورة تاريخية ضخمة جداً في عالم المسلمين, لكن نحن لما نبحث عن الفقهاء في مجال مثلاً الفقه, في مجال الطاهرات والعبادات, سنجد عدد هائلاً وكبيراً جداً وملايين الصفحات ومئات الكتب التي ترجمت للفقهاء عظماء في تاريخنا ولا شك هذا الفقه هو ثورة هائلة جداً لنا, إنما لما تنظر في الجانب الآخر في الجوانب الحياتية والتي منها جانب الطب, ستجد أموراً وهناك مجموعة من الكتب المعروفة كتب طبقات الأطباء في التاريخ الإسلامي, تذكر عدداً كبيراً من الأطباء العرب والمسلمين على سبيل المثال الحارث بن كلده وهو طبيب العرب المشهور, ابن البيطار, ابن الرشد الفيلسوف وهو فقيه أيضاً وقاضي وطبيب في الوقت ذاته, ابن زهر, ابن سينا, ابن النفيس, ابن الهيثم, أبو القاسم الزهراوي, البيروني, ثابت ابن قرة, الرازي, المشهور وغيرهم وقد تجد ضمن هذه الأسماء أسماء لأناس من أهل الكتاب, من اليهود أو النصارة الذين كانوا موجودين في المجتمعات الإسلامية, وأنا أعتبر أنو حتى طب هؤلاء, هو جزء من المنتج الحضاري الإسلامي, لأن البيئة الإسلامية هي التي حضنتهم وشجعتهم وعلمتهم وأقامت لهم مراكز الأبحاث, ويعني صرفت عليهم الأموال وأعطتهم الفرص للتعلم, والفرص للتعليم والنقل والكثير من هؤلاء عاشوا في بلاط الخلفاء, فمنتجهم في النهاية هو منتج عربي, ومنتج إسلامي, حتى لو كانت أسمائهم ليست عربية ولا إسلامية, ويظل أن هذا العدد في تقديري أنه عدد قليل بالقياس إلى ما كان يجب ويمكن أن يكون, وأقل من هذا العدد هم أولئك الذين جمعوا بين الطب وبين الفقه, وهذا جانب مهم جداً وهي نهاية ضرورية, أريد أن أصل إليها في هذه القسم من المحاضرة, يعني قضية أنو الجمع بين الطب والفقه في تاريخنا الإسلامي قليل, وغالب فقه هؤلاء أو غالب طب هؤلاء قد يكون طباً ليس تجريبياًَ, وإنما مأخوذ من وصفات مروية عن الأمم السابقة, أو من بعض العادات الاجتماعية التي توارثت على معالجة أمراض من خلال تجربة ناقصة, وذلك ما نجده في كثير من كتب الطب التاريخية, حتى ابن القيم رحمه الله لما كتب في الطب النبوي, تجد أنه خلط ما بين أحاديث نبوية صحيحة وعظيمة على سبيل المثال لما يقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم, عن الحبة السوداء, إنها شفاء من كل داء, هنا هذا الإشراق النبوي, أنو الآن تدل البحوث والدراسات على أن الحبة السوداء تقوي جهاز المناعة عند الإنسان, إذا أنت لما تقرأ هذه المعلومة, وتضع أمامها قول النبي صلى الله عليه وسلم شفاء من كل داء, تفهم الحديث على وجهه, أنو ليس المقصود أن يلهم الإنسان الحبة السوداء فيشفى من أي مرض كان, حتى لو كان المرض مثلاً كسراً في الرجل أو صداع, أو مرض مختلفاً لاء, وإنما المقصود أنها تقوي جهاز المناعة الذي هو مسؤول عن مقاومة كل الأدوار, وكل الأمراض, إلى جوار هذه الأحاديث تجد أن الأئمة كما ذكرت, حشدوا وجمعوا كثيراً من الوصفات الطبية المنقولة عن الأمم الأخرى, أو المتوارثة في البيئة العربية التي لم يأتي فيها نص عن النبي عليه الصلاة والسلام. إذا هذا هو القسم الأول من هذه المحاضرة.
(فاصل)
د.سليمان العودة: القسم الثاني طبعاً بين الطبيب والفقيه, أن الفقيه بأمس الحاجة إلى أن يتحرر من سرعة الانتقال وتغير الرأي الفقهي بالنظر إلى كثرة المستجدات, في كل جوانب الحياة نحن نجد العالم يضج بالمتغيرات, في مجال الإعلام في مجال الطب, في مجال الاقتصاد والعقود, في مجال السياسية, فمن المعيب أن يكون الفقيه متسرعاً في رفض كل جديد, لمجرد أنه لم يتعود عليه لم تألفه نفسه, وسرعان ما يجد نفسه منساق إلى أن يتقبله, بعد أن يصبح هذا الأمر أمراً واقعاً وبعد ما زالت وهلة المفاجئة عند الفقيه, واعتاد على هذه الأشياء, وهكذا يعبر الفقيه أحياناً بعموم البلوه, أن هذه الأشياء عمت بها البلوه بين الناس ولذلك أصبحت الحاجة ماسة إلى مراجعة الفتوة, فأقول أن من المهم جداً أن يضبط الفقيه خطواته, بحيث يحدد المعالم الرئيسة لبعض المسائل, وليس من اللازم للفقيه أن يتقحم في تفاصيل من الآراء والأقوال والإشكالات الفقهية من منطلق أن البعض دائماً يقلون أن الإسلام يعني دين شامل وأنو ما يعني نزل من نازلة إلا ولها حكم شرعي, هذا صحيح, ولكن لا يلزم أن يكون الفقيه ناطق بالحكم الشرعي دائماً وأبداً, فالفقيه هو مجتهد وقد ينقصه الكثير من المعرفة والخبرة, ولذلك شمول الشريعة لا يعني شمول الفقيه وهذه فائدة مهمة جداً الشريعة شاملة, لكن الفقيه هو فرد واحد ولذلك يمكن أن يفتي في قضايا اقتصادية أو في جانب من الجوانب الاقتصادية فحسب, أو في جانب طبي فحسب, أو في بعض الجوانب الطبية أيضاً, أما أن يكون هناك نوع من التقحم في تفاصيل المسائل, وإغلاقها وحكم ربما على الأقل أنو يمنع البحث فيها, ويمنع التجديد, ويمنع مواكبة المتغيرات, فقد يكون هذا ليس بحسن, يكفي الفقيه أن يحدد المعالم الرئيسية, أو يتكلم عن ما يمكن أن نسميه بالمحددات, منطقة الحلال منطقة الحلال البين يعني, ومنطقة الحرام البين, وهناك ثلاثة أشياء يمكن أن يتوقف فيها أو يدعها لغيره, لأن الشريعة لا تأتي تكليف للفقيه فقط, الشريعة جاءت تكليف للمجتمع, الطبيب مسؤول وعليه تبعة مسؤولية, والمريض مسؤول وعليه تبعة مسؤولية, والفقيه كذلك ففكرة أن الفقيه سوف يستولي على مهمة الطبيب وعلى مهمة المريض وكأنه وصي, هذه قضية أرى أنو ينبغي أن تكون من أولى ما نراعيه في مثل هذه الجلسة, أن يعطى كل ذي حق حقه, الفقيه مهمته أن يحدد المعالم الرئيسة أو الرئيسة في بعض الأمور, ويدع كثير من التفاصيل للطبيب, الذي هو صاحب الشأن, وكما قيل أعطوا القوس باريها, وكذلك يدع تفاصيل أخرى للمريض, وورعه ومدى تقديره للموقف, على سبيل المثال الشريعة ربطت كثير من الأحكام الشرعية بالمصلحة, فالفقيه إذا سئل حسب المصلحة, إن اقتضت المصلحة حدوثه فهو مباحة ومشروع وأن اقتضت منعه فهو ممنوع, هذا كلام سليم, ومن حيث الجملة أجمع فقهاء الإسلام على أن المقصد الأعظم من الشريعة هو تحقيق المصالح ودفع المفاسد, مما في ذلك دفع المفاسد عن الناس في أبدانهم ونفسياتهم وغير ذلك, لكن من هو الذي يحدد المصلحة وحجم المصلحة, والمفسدة وحجم المفسدة؟ وهل المصلحة أكثر أو المفسدة أكثر؟ هذا ما لا يستبد الفقيه, وإنما الطبيب يقدر في تخصصه أكثر من الفقيه والمريض قد يقدّر ذلك من جوانب معينة ويساعد الآخرين أيضاً وهذه نقطة مهمة الكل يحفظ حديث النعمان بن بشير المتفق عليه لما يقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إن الحلال بيّن وإن الحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فهذا الحديث ذكر لنا ثلاث نواحي يمكن بقدر من الاجتهاد أن نطبقه في مجال الطب أو في مجال التجميل طب الأسنان تجميل الأسنان القسم الأول ما يتعلق بالحلال البين أضرب مثال من الحلال البيّن ما يمكن أن يعبر عنه عمليات التجميل بعمليات إصلاح أو الترميم هذه من الحلال البين يعني إنسان وجد عنده شيء خارج عن أصل الخلقة شي خارج عن المألوف الفطرة التي فطر الله الناس عليها بزيادة عضو أو نقصه أو تشويه وجد مع الإنسان منذ ولد أو بعد الولادة لسبب ما أو ظرف ألم به فيحتاج الإنسان إلى تغيير أو إلى إصلاح ليعود الإنسان إلى خلقته الطبيعية هذا نسميه ترميماً أو نسميه إصلاحاً وهو من الحلال البين هذه قاعدته مثل إنسان ولد بستة أصابع أو عنده تشويه في وجهه أو في بدنه أو ما أشبه ذلك إذاً هذا من الحلال البين القسم الثاني أيضاً وإن الحرام بيّن والحرام البيّن مثاله أيضاً في مجال التجميل وفي مجال العمليات التجميلية عمليات تغيير الجنس كما نجدها في كثير من بلاد العالم تغيير جنس الأنثى إلى ذكر أو الذكر إلى أنثى وهنا طبعاً دعك من الحالات الاستثنائية التي يكون فيها الإنسان غير واضح المعالم من حيث الجنس يعني ملتبس وهل هو ذكر أو أنثى والطب يساعده على أن يتحول إلى ذكر لأنه تغلب عليه الذكورة أو أنثى لأن الأنثى تغلب عليه إنما أقصد أن هناك أناس يميلون إلى تغيير الجنس من أنفسهم مع أنهم ذكور أو إلى إناث مع أنهم ذكور ولذلك إنه من الحرام البيّن أو من العبث بالفطرة والعبث بالشريعة ومن العبث حتى بالعلم إذا انفرط العلم من العقال وربنا قال اقرأ باسم ربك فالعلم الذي هو باسم الله لا يتعدى حدود الله تعالى ولا يعتدي .
على فطرة الله التي فطر الله الناس عليها ولكن إذا وجد العلم من غير ضابط أخلاقي مثل ما نجده في الاستنساخ وإمكانية أيضاً إذ انطلقت الثورات الجينية من دون عقال ومن دون ضابط تفضي إلى عبث بالحياة البشرية كما هو معروف فهنا الضبط يصبح في غاية الأهمية والضرورة إذاً وكذلك يدخل في هذا الجانب عمليات تجميل يحاول الذكر فيها أن يكتسب مسحة أنثى أو تحاول الأنثى أن تكتسب مسحة ذكر وليس تحويلاً لكن تجد محاولات مثلاً للتجميل أن البنت تريد أن تكتسب ملامح ذكورية أو الولد يريد أن يكتسب ملامح أنثوية هذا أيضاً يدخل في الحرام البيّن وداخل في عموم قول الله عز وجل لما حكا عن الشيطان قال {وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا} (119) سورة النساء .
تغيير خلق الله أول ما ينطلق عليه خلق الله هو عبادة غير الله كما رواه الطبري وهو قول كثير من المفسرين وهو معنى صحيح تغيير خلق الله بعبادة غير الله سبحانه وتعالى بعبادة الأوثان القرابين للأوثان كما كانت الجاهلية تفعل من البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي وغيرها أشياء خلقها الله تعالى لينتفع الناس بها وليطاع الله تعالى بها فيحولها هؤلاء الناس إلى طاعة للشياطين وطاعة للأوثان التي صنعتها أوثانهم فهذا هو المعنى الأول وهو الظاهر من الآية الكريمة لكن الذي لا يكون من معاني المراد بقوله {وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا} (119) سورة النساء , أنه ليس كل تغيير لخلق الله أنه ممنوع فهناك تشريع جاءت بإزالة الشعر من البدن واعتبر ذلك مشروعاً ولم يكن هذا تغييراً لخلق الله عز وجل وأيضاً بإصلاح أشياء أو حتى بالتجميل للطفلة الصغيرة أو لغيرها أو للدواب ولم يكن ذلك من التغيير فليس كل تغيير مذموم إلا إذا كان الهدف منه تغيير خلق الله يعني مضادة الله تعالى في حكمه وشرعه وفي الفطرة التي فطر الله تعالى الناس عليها أو أظهر ما ينطبق عليها تغيير الأنثى إلى ذكر أو تغيير الذكر إلى الأنثى أو الأنثى تسعى لأن تكتسب ملامح ذكورية أو سعي الذكر إلى أن يكتسب ملامح أنوثية فلا شك أنه تغيير خلق الله وهو أيضاً من الحرام البيّن إذاً هنا الفقيه تكلم عن الحلال البين وتكلم عن الحرام البين الحلال البين والحرام البين ما دلت عليها نصوص شرعية واضحة لا لبس فيها القسم الثالث هناك أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس دائرة الأمور المشتبهة قد تكون أموراً ليست واضحة التحريم وليس فيها نص شرعي ولكن يعني فيها كراهة بسبب الالتباس أو بسبب أهل العلم كثير من يمنعها أو يكرهها فيتركها الإنسان احتياطاً أو يتركها ورعاً أو يتركها لعدم الحاجة إليها وقد يكون المشتبه نوعاً أخر ليس من باب أنه مكروه ولكن المشتبه هذا أنه غامض لا يعرفه كل أحد من الناس بسبب وجود تنازع بين النصوص فمن أهل العلم من يزول عنده هذا التنازع بأن يكون لديه المزيد من العلم والمعرفة فيزول الاشتباه المباح بالنسبة له ومن أهل العلم من يزول الاشتباه عنده لصالح التحريم أيضاً لأن العلماء يختلفون مثل الأطباء الطبيب الآن تذهب إليه فيعطيك وصفة علاجية فإذا ذهبت إلى طبيب أخر يعني قال غريب كيف هذا الطبيب يعطيك هيك علاج مو متخرج من كلية الطب ففوراً أعطاك وصفة أخرى كذلك الفقهاء يختلفون لأنهم تعاطيهم مع النصوص الشرعية زاوية النظر حجم المعرفة حتى الطبع النفسي له تأثير على اختيار الفقيه فقد يختار الفقيه التحريم ويزول الاشتباه عنده ويختار الإباحة فيزول الاشتباه عنده ويصبح مباحاً بالنسبة له أو يبقى التردد فيكون ذلك مشتبهاً عنده ويكون الأميل عنده أن يكون مكروهاً فلا محرماً عنده ولا مباحاً ..
دائرة المشتبهات هذه من الدوائر التي يصعب البت فيها ولعل عمليات التجميل أو عملية التحسين ما نعتبره يعني ليست عمليات تحسينية لحادث وقع وإنما هي عمليات تجميلية مثل عمليات شفط الدهون تكبير أعضاء تصغير أعضاء من ذلك عمليات ما يتعلق بالأسنان عمليات يعني تخضع ليست من الحرام البين وعند البعض ليست في نصوص فيها فلما نأتي للحديث الذي كثيراً ما يستدل به وهو يعني أبي مسعود رضي الله عنه في حديث البخاري قال لعن الله النامص والمتنمص والواشم والمستوشم والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله .
فهنا لما نقرأ المتفلجات للحسن هل النهي هنا عن يعني ذات الفعل أو النهي عن مقصده بمعنى أن الشريعة قد تنهى عن بعض الأمور بالنظر إلى الفاعل وكما هو معروف أن الشارع جاء بالضروريات الخمسة التي منها حفظ النفس وحفظ العقل والمال والعرض والدين أو النسل والدين فهذه ضروريات خمس جاءت الشريعة والدين نضيف إليها الاجتماع أيضاً وهو من متطلبات الشريعة وهذه أيضاً قد توحي بإضافة ألوان التجميل والتحسين في الحاجة إليها في حفظ النفس أو حتى في حفظ الدين مثل تجمل المرأة لزوجها مثل عائشة رضي الله عنها لما سئلت عن بعض عمليات التجميل قالت أميطي عنك بعض الأذى ونصحت المرأة أن تتجمل لزوجها وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول إني أتجمل لزوجتي كما أحب أن تتجمل لي نعم الناس أصيبوا اليوم بهوس التجميل وأنا أقول ينبغي أن نتذكر دائماً وأبداً أن أعظم ألوان التجميل الجمال الروحاني الجمال الداخلي جمال الذات يعني بدل من أن نتكلم عن تكبير الصدر أو تصغير الصدر يمكن أن ندخل جوا إلى الصدر ونستطيع أن نشفط بدلاً من شفط الدهون أن نشفط الأحقاد الموجودة في القلب هذه عملية تجميلية متفق على مشروعيتها واستحبابها بل ووجوبها أحياناً كذلك لما نطيل الحديث مثلاً فقط عن الأسنان أو عن الشفتين كبير الشفتين أو غير ذلك نتكلم عن تبسمك في وجه أخيك صدقة عن جمالية تلك الكلمة الطيبة عن جمالية الصفاء في التعامل مع الآخرين وهذا متفق عليه وهذا لا ينافي أبداً أن يكون هناك يعني فعل للإنسان لما يحتاج إليه لما يدخل في دائرة العمليات التحسينية هذه تنقسم إلى أكثر من قسم القسم الأول أن يكون له ضرورة أو حاجة قد تكون هذه الضرورة ضرورة جسمية يقرر الطبيب أن هناك ضرر من هذه الحالة وتحتاج إلى رفع أو أنه هناك احتمال ضرر يعني ضرورة أو حاجة وقد تكون هذه الضرورة أو الحاجة نفسية وهذا يعتبر من الشريعة ليس فقط الضرر الطبي وإنما هناك الضرورة النفسية أن بعض الناس ربما لا يستطيع أن يتقبل هذا الوضع ويؤثر كثيراً على نفسيته على عبادته على علاقته بالآخرين على علاقة المرأة بزوجها أو ما أشبه ذلك فهذا معتبر إذا وجد حاجة أو ضرورة أصبحت هذه العمليات التحسينية الأصل فيها هو الجواز إذا لم يكن هناك ضرورة ولا حاجة قلنا أن الأصل فيها هو المنع لأن إجراء العملية نفسه لا يخلو من الضرر وكما أنها قد لا تكون ناجحة ولأن الإنسان يبذل فيها مالاً ولأنه يترتب عليها كثير من المحن وكشف العورات كما يترتب على العملية أيضاً أن الإنسان يتعلق بالطهارة والصلاة واضطر إلى أن يتيمم أو إلى أن يجمع بين الصلوات فيترتب على ذلك بعض المذاهب واطلاع الرجل على عورة المرأة والمرأة على عورة الرجل من غير أن يكون هناك حاجة إلى ذلك فقط لمجرد التحسين وعندي في ذلك أمر أخر وراء ذلك كله وهو أننا نلاحظ أن كثيراً من الأجيال الغرب أصبحت أجيال استهلاكية قنوات فضائية متخصصة فقط في عرض عمليات التجميل وإغراء الفتيات بكيف تستطيع أن تكون أجمل وحتى لو كانت جميلة فهناك حمى منافسة قوية أو حمى تقليد أو هناك مرض من عدم تقبل الصورة كما هو معروف الامج حتى لو كان جميلاً عنده عقدة عن صورته فمرّة يتقبلها ومرّة لا يتقبلها فيبدأ يبحث عن المزيد فهذه الدوائر أريد أن أقول لا تتوقعوا أن الفقير سوف يحسمها أو ينهيها وإنما الشريعة تأتي بها كلية .
تطبيق القواعد الكلية هو مو مسؤولية الفقير يقرر هذه القواعد الطبيب هو مسؤول وهذه لا تتطلب يعني تخصصاً كاملاً في جانب الفقه يصل فيها إلى رأي خاصة إنه كما قلت أن المسألة ليس فيها نص شرعي يعني الإنسان يخشى منه من النص الذي سقته قبل قليل في موضوع الأسنان قول النبي الكريم المتفلجات للحسن أولاً كلمة للحسن هل هي قيد أو ليست بقيد المعلوم في الشريعة أن الحسن مطلوب والله سبحانه وتعالى قال {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} (4) سورة التين , وقال {الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ} (7) سورة الإنفطار وكذلك الله جميل يحب الجمال فالجمال مطلب بحد ذاته وكذلك يعني الصحابة رضي الله عنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم أحدنا يحب أن يكون ثوبه حسناً وأن تكون نعله حسنة فمن باب أولى أن يكون شعره حسناً وأن يكون وجهه حسناً وأن يكون سنه حسناً بالسواك أو ما يقوم مقام السواك من أدوات التنظيف الحسن هنا مطلب وليس قيداً للمنع ولذلك من الفقهاء من ذهب إلى أن المقصود من ذلك هو منعه فيما إذا كان مقصده سيئاً مثلاً لفتنة الناس أو للإضرار أو للغش أو للتدليس أو للخداع أو لأغراض غير شرعية وهذا لاشك أنه محل إجماع عند الفقهاء أن يكون ممنوعاً ذلك وأيضاً ينبغي أن يكون في ظاهر الحديث قال والمتفلجات للحسن هذا ذكر شيئاً واحداً فقط وهو التفليج والتفليج هو إيجاد الفتحات بين الأسنان هذا كان نمط من الجمال والمشكلة أن الجمال يتغير ما بين الوقت وأخر يعني الأجيال القديمة كانت تتمدح بالمرأة السمينة والعرب كانوا يثنون على المرأة السمينة ويعتبرون هذا من علامات الجمال بينما الآن الناس أصيبوا بهوس الرشاقة بل هوس النحافة حتى تصبح المرأة كما يقال كأنها لحم على عظيم أو كأنها جلد على عظم فهذا يختلف والوضع النفسي يؤثر فيه ما بين جيل وأخر والإعلام ومن ينظر إليه من الشباب والبنات على أنهم رموز من المغنين مع الأسف والمغنيين والعارضين وغير ذلك له تأثير كبير في ثقافة شبابنا حتى في عالمنا العربي والإسلامي في ظل التقليد والآن جاءتني رسالة من الأخوات يعني لها علاقة بالموضوع تقول ينبغي أن يكون هناك تركيز على اعتزاز المسلم بقيمه الإسلامية فعلاً وألا نتحول إلى مجرد مجتمعات استهلاكية بحتة يكون لنا على الأقل مسحة من الضبط ومسحة من الترشيد لمثل هذه الأشياء ومحاولة استبعاد كل المظاهر والسلبيات المتعلقة سواءً بالطب أو بالعمليات التجميلية أو بالإعلام أو بغيرها وتربية الأجيال على قدر من التميز فأقول فيما يتعلق بالحديث لما يقول المتفلجات للحسن ونعرف أن معنى التفليج هو الفتحات يعني إجراء الفتحات بين الأسنان مفهوم الحديث على حسب ما يقوله الشراح دائماً وأبداً أن النهي عن هذا يقتضي الإذن فيما سواه فنقول أن الممنوع هو إيجاد الفتحات بين الأسنان سواءً عرفنا علته من جهة أنه يصل إلى المنطقة الرخوة واللينة في السن ويكون سبب في بقاء الأطعمة أو لم نعرف علته يبقى أنه ما سوى ذلك من التقويم مثلاً من التبييض الأسنان من إصلاح الخلل الموجود فيها من تعديل السن إذا كان نابتاً في غير موضعه إلى غير ذلك سواء كان لمصلحة أو حتى لمصلحة نفسية ليكون شكل الإنسان مقبولاً وعادياً فإذا وجد ما يدعو إلى ذلك فالأصل أنني أرى الإذن وهو الجواز فيما يتعلق بالوقوف عند حدود المنصوص عليه ما سوى ذلك فالأصل فيه هو الجواز لكن طبعاً هذا الجواز مرهون بمصلحة أو فائدة للمريض مرهون بأمانة المريض لا يتحول الأمر إلى نوع من التجارة وبالمناسبة أنا أحببت أن أحضر معي هذا المادة وهي موجودة في الانترنت وأعتقد أنها مطبوعة اللي هو الدستور الإسلامي للأخلاقيات الطبية والصحية تصفحت الدستور ووجدت شيء يعني أكثر من رائع عبارة عن مواد مختصرة تشمل كل المعاملات الطبية وأخلاقيات الطبيب ومسؤولياته فيها قدر من الضبط الفقهي وأيضاً بالمناسبة يعني أحضرت معي هذا الكتاب وهو الموسوعة الطبية الفقهية للدكتور أحمد كنعان وهو جهد فردي وكان المفروض أن يكون جهداً جماعياً وعجزنا عن أن نوجد مجموعة طبية يقوم عليها مستشفى فقام بها فرد بمجهوده الذاتي ولكن المجهود يستحق التكريم لأنه حاول أن يبحث عن كل الموضوعات باجتهاده الخاص وجهة نظره في هذا الموضوع إذاً أنا أقصد هنا الإشارة إلى أهمية ألا تتحول العمليات التجميلية إلى أن تكون تجارة المريض هو أمانة بين يدي المريض الطبيب هنا ربما يبين له السلبيات والإيجابيات يبين له البدائل يبين له ما يمكن أن يحدث من أضرار من جراء إجراء هذه العملية في المستقبل القريب أو في المستقبل البعد يبين له نسبة نجاح العملية بحيث أنه نحن ندري أن الأطباء مثلهم مثل أي مجموعة من الناس ليسم على نسق واحد وفيهم الطبيب المخلص الحريص وفيهم من هو دون ذلك وأن توضع فيه الاعتبار طبعاً أنا هنا انتقل إلى الفقرة الأخيرة وهي بين الطبيب والفقيه أهمية المزاوجة بين الطب والفقه وهي تأخذ مناح شتى أنا أذكر بيت للمتنبي يقول لي الطبيب أكلت شيئاً يشتكي من الحمى التي أصابته الحمى الشهيرة.
وزائرتي كأن بها حياءً فليس تزور إلا في الظلام .
بذلت لها المفارش والحشايا فعافتها وباتت في عظامي .
يضيق الجسم عن نفسي وعنها فتوسعه بألوان السقام .
أبنت الدهر عندي كل بنتٍ فكيف سلمت أنت من الزحام .
ثم يذكر مراجعته للطبيب ويقول يقول لي الطبيب أكلت شيئاً وما بك شيئاً في الشراب أو الطعام وما في طبه أني جواد أضر بجسمه طول الجمام .
المتنبي هنا يستدرك على الطبيب هو فقيه فقيه في فنه وفي قصاصه لأنه رجل طموح يقول مشكلته ما هي في الشراب ولا في الطعام ولكنني محبوس عن هدفي كما يقول البيت الأخر المشهور يقولون لي ما أنت في كل بلدةٍ وما تبتغي ما أبتغي جلّ أن يسمى إذن هنا الطب لا يصلح أن يكون علماً مستقلاً قد يجور على علم الطب قصدي لا يصلح أن يكون دائماً علماً شديد الاستقلال عما سواه هو لابد أن يكون علماً مستقلاً كل علوم الدنيا لابد أن يكون بينها قدر من التواصل ولهذا أنا أشير إلى ثلاث نقاط النقطة الأولى قضية التثاقف والمراجعة والشورى بين الأطباء الأصدقاء الجيران جلسات محاورة حتى لو كانت بين الوقت والأخر فيها أنس وفيها بحث الطبيب يسمع من الفقيه والفقيه يسمع من الطبيب هذا من شأنه أن ينشر ثقافة مشتركة عند الأطباء عن الفقه حلاله وحرامه قواعده الفقهية وعند الفقهاء عن الطب الأمر الثاني هو موضوع المجالس الفقهية المشتركة وهذا إلى حد ما موجود في المجامع الفقهية في جدة وفي الشارقة بل هناك جمعية طبية أو صحية عربية عقدت في الكويت مؤتمراً ممتازاً قبل سنين طويلة لكن يحتاج الأمر إلى تسريع يتواكب مع سرعة المنتجات الطبية وتسارع هذا العلم الذي مع الأسف حتى اللغة العربية اليوم يعني لم نعد نجد مراكز الأبحاث التي تتواكب مع جديد هذا العلم أعتقد أني أطلت عليكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
http://www.alresalah.net/#textsdetail.jsp?pid=263&sec_id=3384