د.سليمان العودة: بسم الله الرحمن الرحيم أبدأ, وبحمده جل وعز نستفتح, ثم الصلاة بعد والسلام على نبي دينه الإسلام محمد خاتم رسل ربه وآله من بعده وصحبه, ثم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, يا أهل الخرج, أيها الأحبة قبل أن أتحدث إليكم, أذكر أننا طالما حضرنا مجالس الذكر والعلم واستمعنا إلى خطاب الجمع, ولكن غالب الناس يأتون وفي نفوسهم أن يقيموا المتحدث وأداءه, فإذا خرجوا وقالوا والله أبدع وأتقن وما شاء الله أجاد وأفاد, انتهى دورهم عند هذا الحد, فإن تعدوا هذه المرحلة وصلوا إلى درجة من يحكم على الآخرين، فيقول والله كلام صحيح, ولكن الناس لا يعلمون به والناس يخالفونه, أما أن يستشعر الإنسان مخاطبته هو شخصياً وأن يحاسب نفسه على مدى ما أخذ من هذا المجلس ومدى ما امتثل ومدى ما طبق, فأعتقد أن هو الشيء الذي من شأنه أن يؤثر في الإنسان وينفعه, وأذكر أن أحد الناس قال لخطيب من الخطباء يوماً من الأيام, أنكم يعني تصعدون المنبر منذ سنين طويلة وكل ما في الأمر أنكم تقولون اتقوا الله, فماذا عندكم غير هذا, فقال له ذلك الخطيب إذا نفذت هذا الأمر كان جديراً بنا وخليقاً أن نتقل إلى غيره وإلى سواه. عنوان هذه الجلسة هو العابد القاسي, وقد قسمتها إلى حوالي اثني عشر موضوع سآتي عليها على كل موضوع في بضع دقائق إن شاء الله. أولاً ما يتعلق بشرح العنوان العابد القاسي, أنا اقتبست هذا العنوان من ظاهرة مشهودة في بلدي وبين أهلي وبين أحباتي في هذه البلاد الصحراء التي امتهدى فيها الإسلام.
أمة الصحراء يا شعب الخلود من سواكم حلَّ أغلال الورى
أي داع قبلكم في ذا الوجود صاح لا كسرى هنا لا قيصر
إنما الإسلام في الصحرا امتهد ليجيء كل مسلم أسد
ليس كالمسلم في الخلق أحد ليس خلق اليوم بل خلق الأبد
أن كثير من الناس يغلب عليهم القسوة في شخصياتهم في تعاملهم في سلوكهم, وقد قمت بجمع بعض التقارير والإحصائيات فوجدت أن العنف ضد الأطفال في منطقة الخليج العربي, السعودية والخليج, يصل إلى 74% وضد الأيتام على وجه الخصوص يصل العنف إلى 70% وفي دراسة حديثة تكلمت عن أن 45% من الأطفال في السعودية يتعرضون للعنف, 45% سواء أن كان هذا العنف عنف جسدياً يتمثل بالضرب, أو كان عنفاً نفسياً يتمثل في التوبيخ والشتم والسب والتحقير والازدراء والإهمال وغير ذلك من مظاهر العنف النفسي, ويتركز هذا العنف في الأطفال المنفصلين عن آبائهم, يعني الذين يكونون نتيجة زواج آل إلى طلاق, أو أطفال فقدوا أمهاتهم, أو فقدوا آبائهم, أو فقدوا الآباء والأمهات وهذه أعلى نسبة في ظاهرة العنف, إذا هذه قسوة يقابلها أنك لو تأملت حجم وجود الناس عندنا في المساجد وأماكن العبادة وأدائهم للصيام وأدائهم للعمرة وتكاثرهم في مواطن العبادة لوجدت أن هذا البلد ولا نزدري بلد من بلاد المسلمين, لكن وجدت أهل هذا البلد من أكثر الناس إقبال على المساجد والصلوات والأذكار, فهذا شيء يستدعي العجب, يعني أكثر الناس عبادة وإقبال على الصلوات وعلى المساجد وعلى الحج وعلى العمرة وعلى الصوم, وفي الوقت ذاته ترتفع نسبة العنف عنده فيما بينهم وحتى ما أقرب الناس إليهم, إلى هذا المستوى الغريب, إذا هذا أمر يستدعي أن نتوقف قليلاً ونتساءل أين هذه العبادة في سلوكهم؟ وما مصدر هذا العنف الذي يهجم عليهم؟ ربما كنت أفكر في هذا الموضوع يوماً من الأيام, وأنا أتهيئ لأدي صلاة النافلة, فجاء طفلي يداهمني ويعقد بيني وبين القبلة وتيتشبس بي ويطلب مني أن أحمله, فهممت أن أسجره وأن أرفعه حتى أصلي, ثم تذكرت أنهما طريقان مؤيدان إلى مرضاة الله تعالى وإلى جنته, الطريق الأول الإحسان في عبادته, والطريق الثاني الإحسان إلى عباده والرفق والرحمة بهم, وتذكرت أن الله الذي أسجد له الآن أو أهم بالسجود له وهو يراني وقد منحني هذا الطفل يحب سبحانه أن يراني أضمه وأحضنه أو أرفق به أو أصبر عليه أو ابتسم له حتى لو ألهاني ذلك عن بعض الأمر مما ليس بواجب, وها هو سيد الخلق عليه الصلاة والسلام يخطب على المنبر فيأتي الحسن والحسين يمشيان ويعثران فينزل من على المنبر ويترك الخطبة ويحملهم على كتفه, ويأتي بهم إلى المنبر ويراه الناس حتى يشاهدوا بعيونهم ما لا ينسى, خطيب المسجد يحمل طفله ويقول إنكم لتبخلون وتجبنون وأنكم لمن ريحان الله. هل القسوة خاصة بنا؟ يا أهل السعودية أو يا أهل الخليج أو يا أهل الصحراء أو يا معاشر المسلمين, لا اليوم تجد القسوة في كل بلاد العالم, وفي مدارس في بلاد أمريكا وأوربا يحصل أن أحياناً أن طالب ربما يقتل مجموعة من زملائه وحالات العدوان على المرأة وعلى الطفل في أمكان كثيرة جداً, لكن نحن مسئولون في الدرجة الأولى عن أنفسنا وليس من الجيد أبداً إذا ما تحدث أحد عن خطأ موجود عندنا قلنا له هذا موجود في كل مكان في العالم, ما لنا نحن وللعالم, لماذا لا نقتبس من العالم الشيء الجيد؟ ونقتدي ونتأس بهم في الأمور الفاضلة, لماذا لا نتذكر كلمة عمر بن عاص رضي الله عنه وهي في صحيح المسلم لما وصف الروم ومدحهم في خمسة خصائص, منها أنها أرحم الناس, هذا حكم صحابي أرحم الناس ليتم ومسكين وفقير, فأثنى على هذه الرحمة, وإنما يجتمع الفضل للإنسان إذا كان يلاحظ الناس فيقتبس واحد من أفضاله, أما لو أن إنسان تجمعت فيه الشرور وكلما عوتب بأمر كان موجود عند الشعب الفلاني وهذا موجود عند الأمة الفلانية لاجتمع في هذا الإنسان الشر كله. النقطة الثانية القسوة في القرآن الكريم, وقد وردت القسوة في القرآن الكريم في أربعة مواضع, كلها في مقام الذنب, كما في قول سبحانه {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ} (74) سورة البقرة, ولاحظ التعبير بقسوة القلوب, وأبعد القلوب من الله القلب القاسي, لأن مظاهر القسوة في الجسد والجوارح والصوت, إنما هي أثر والقسوة الحقيقة هي في القلب, والقلب القاسي يشبه بالحجارة, بل يقول ربنا سبحانه {فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } (74) سورة البقرة, وقال سبحانه {فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ} (22) سورة الزمر, إذا قسوة القلوب مذمومة مطلقاً في القرآن الكريم, وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من القسوة كما في الحديث الذي رواه البيهقي والحاكم وصححه, كان يقول أعوذ بالله من القسوة, أو قسوة القلب, لما هذه القسوة من أثر شديد على تعامل الإنسان, ومقابل القسوة الرحمة, والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم, كان يأمر بالرحمة ويوصي بها كما سيأتي, والرحمة هي مظهر من مظاهر سيطرة الإنسان على نفسه, يعني بعض الناس يعتبر أن القسوة دليل القوة, لا القسوة دليل الضعف, واستسلام الإنسان لمزاجه أو لأحاسيسه أو لدوافعه السيئة, أما الرحمة فهي دليل القوة وأن الإنسان قد قهر نفسه وغلبها, وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة ليس مرفوعاً, ليس الشديد بصرعة, الذي يصرع الناس ويطرحهم أرضاً, وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب, عنده تحكم سيطرة على مشاعره وعلى أحاسيسه, كم ده من حالات الطلاق وحالات الوقوع في الكفر أحياناً, بسبب موقف غاضب والنبي صلى الله عليه وسلم ذكر أن الرجل ربما يدخل النار بسبب كلمة الله يلقي لها بالاً. العاطفة أيها أخ الحبيب, هي مثل المادة التي تربط بين مكونات البناء, إذا كان البناء مكون من لبنات فا ما من أحد يبني إلا ويوضع بين البينة والأخرى مادة تساهم في ربط هذا البناء وضم بعضه إلى بعض, فهذه هي العاطفة التي تساهم في ربط أفراد الأسرة والمجتمع, بعضهم مع بعض بدلاً من أن يكون كل إنسان كأنه نجم يدور بعيداً عن الآخرين, وكأنه لا يوجد فيها من المجتمع إلا هو, وتراه وهو يقود سيارته أو يوقف سيارته, أو حتى يدخل إلى المسجد أو يخرج من المسجد, لا يقيم وزناً للآخرين, بل قد تجد إنساناً قد خرج من قيام الليل في رمضان, وهو مستعجل على إدراك السحور, فتجده يقود سيارته بسرعة جنونية وتجده قد يقطع إشارة المرور, ويضايق الآخرين ويضغط على المنبه بقوة, وكأنه لا يوجد في هذا المجتمع أحد سوف يصوم إلا هو. العنوان الثالث, آيات وأحاديث في الضرب والتأديب وكيف يمكن أن نفهمها؟ لا تكاد تطرق هذا الموضوع أو تحضر مجلس إلا وتجد حينما يتحدث عن رجل يضرب زوجته, فقد يستدل في مثل قول الله سبحانه وتعالى {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً} (34) سورة النساء, كيف نجيب عن هذه الآية الكريمة؟ أولاً ليست هذه الآية الكريمة هي الآية الوحيدة في التنظيم الأسري, بل ينبغي أن نقرأ قبلها قل الله سبحانه وتعالى {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً} (21) سورة الروم, فالزواج سكن مودة رحمة, بل في صحيح البخاري يقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يضرب أو لا يجلد أحدكم امرأته جلد الأمى ثم هو يضاجعها يعني يقول من العيب أن الإنسان يضرب امرأته ويقسوا عليها وهو يعرف أنه سوف يحتاجها في علاقة ومعاشرة بينه وبينها, أن هذا الأمر لا يليق, وفي ذلك إشارة إلى أن طبيعة العلاقة الزوجية ينبغي أن تكون علاقة رحمة وحب وحنان ومودة وسكن, وليست علاقة عنف وقهر وقسوة وشدة, بل النبي صلى الله عليه وسلم لما وصف المرأة بأنها ضلع, لم يكن يقصد أن يعين المرأة ولا أن يعطينا نحن أن نعير المرأة كلما شاءت لنا أهوائنا, وإنما قصد أن يعلمنا كيف نرفق بالنساء وكيف نصبر على النساء, ولذلك عقب بقول إن ذهب تقيمها كسرتها, وكسرها طلاقها وأن استمتعت بها استمتعت بها, وبها عوج, هذا العوج المقصود الأنثوي نفسها وليس الذكر كالأنثى, طبيعة المرأة تختلف عن طبيعة الرجل, إذا لما يقول الله سبحانه وتعالى {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} (34) سورة النساء, ينبغي أن يهم من هذا ضمن سياق كامل في أخلاق المعاشرة حتى الإمام النسائي له كتاب كامل, اسمه كتاب عشرة النساء, وهو كتاب مطبوع.
(فاصل)
د.سليمان العودة: الأمر الآخر أن الله سبحانه وتعالى جعل الأمر الشيء موكلاً على قضية واحدة فقط ليس أن تضربها كلما دخلت وكلما خرجت, أو وجدت الطعام متأخراً أو شككت في أمر أو رأيت ما لا يعجبك وإنما علق الأمر بحالة واحدة فقط وهي {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ} (34) سورة النساء, إذا وصل الأمر إلى النشوذ والامتناع عن حقوق الزوج والرفض, ثم جعله بعد الوعظ, وبعد الهجر يعني يعظها في الكلام الجيد ويصبر عليها إذا لم ينفع الكلام انتقل إلى الهجر وهجرها ويشعرها بأن الأمر خطير, إذا لم ينفع الهجر هنا تأتي قضية واضربوهن, ثم ما هو الضرب؟ هل الضرب الإنسان ممكن يأتي بعصا أو يضربها ضرباً حتى يعاني تكل يده أو يكسر منها شيئاً, الفقهاء نصوا على أنه لو فعل ذلك فأن لها أن تحاكمه عند القضاء, الذي علمنا كيف يكون الضرب هو سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم, الذي ما ضرب امرأة ولا خادم ولا غيره إلا أن يقاتل في سبيل الله, هذا أولاً, والذي يوماً من الأيام رأى الفتاة الشابة عائشة رضي الله عنها زوجه وأبنت الصديق سليلة يعني بيت عريق وقاعدة بيت النبوة, يوماً من الأيام شكت في خروج النبي صلى الله عليه وسلم في الليل إلى أين يذهب؟ فلبست ثيابها وسارت وراءه في الظلام, ولما رجع صلى الله عليه وسلم, كان ذهب إلى البقيع وسلم على أهل البقيع, لما رجع ألفت إليها فوجدها تلهف, وهي تغمض عينها تتظاهر بالنوم, فقال لها يا عائشة ما لي أراك حشية الرابية نفسك يثور ويترفع وينخفض بسرعة, ففتحت عينها كأنها تصح لأول وهلة, فقالت أبداً ما في شيء يا رسول الله لا شيء, قال لتخبريني أو ليخبرني اللطيف الخبير, ماذا جرى منك, قالت والله يا رسول الله شكت فيك وخشيت أن تكون ذهبت لبعض نساءك, ومشيت وراءك, قال أنت السواد الذي رأيت أمامي؟ سبحان الله يعني النبي صلى الله عليه وسلم رأى شيئاً أسود يتحرك أمامه لكن ما جاء في باله أنها عائشة, قالت والله نعم يا رسول الله مهما يكتم الناس يعلمه الله, هذا موقف صعب, يعني فتاة في السابعة عشرة من عمرها تخرج في الليل وتخرج أيضاً من أجل تراقب زوجها, ومن هو زوجها؟ النبي صلى الله عليه وسلم, أسألك بالله لو حصل هذا من زوجتك خلينا صراحة ماذا تفعل؟ ما أعتقد أن الطلاق يكفي في الحالة هذه, لا في إجراءات كبيرة وهذا الذي يجعلنا نقول هل فعلاً نحن نتأثر في الرسول صلى الله عليه وسلم في كل شيء؟ قالت رضي الله عليها, فلهدني في صدري لهدنة أوجعتني. يعني بطرف أصابعه قال بها كهذا, وقال أي خشيت أن يحيف الله عليك ورسوله, وبعد قليل كانت تسأله يا رسول الله ماذا أقول فيما يتعلق في زيارة القبور, إذا لم يكن هذا ضرباً مبرحاً أو ضرباً شديداً أو ضرباً قاسياً أو ضرباً يكسر النفس, وإنما كان تنبه على أن هناك خطر يهدد الحياة الزوجية, فهذا معنى قوله سبحانه واضربوهن, وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم مروا أبنائكم في الحديث الذي رواه أبو داود والحاكم والترمذي وصححه مروا أبنائكم في الصلاة وهم أبناء عشرة سنين, واضربوهن على السبع, واضربوهن عليه وهم أبناء عشر سنين, وفرقوا بينهم في المضاجع, الضرب هنا طفل صغير, لا يقصد به أن يكسر خاطره, ولا أن تبغض العبادة ولا الصلاة إليه, وإنما المقصود يعني لمسة في طرف كتفه أو نهزه أو ما أشبه ذلك تشعره بالخطأ, تشعره بالخطر وكيف أن هذا القلب الرحيم, العطوف الذي يحتويه والذي يحضنه يلمسه فهذا يوحي بالخطر, أما إذا كان الأب أصلاً مدمناً للضرب يضرب عن التأخر عن المدرسة, ويضرب على ترك الواجب, ويضرب على نظافة الملابس, ويضرب على الطعام ويضرب على النوم, ويضرب على كل كلمة وكل حركة وكل سكنه, فهنا حتى لو ضرب من أجل الصلاة أو لم يضرب لن يكون الأمر له تأثير لأنهم قد تعودوا عليه وكثرة المساس تقلل الإحساس. قول النبي صلى الله عليه وسلم, أو ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله ولا ترفع صوتك أو عصاك عنهم أدبا وأخفهم في الله, هذا حديث ضعيف وكذلك علق الصوت حيث يراه أهل البيت, رواه ابن عدي في الضعفاء ولا يصح فهذه أحاديث لا ينبغي الاستشهاد أو الاستدلال بها على علمية الضرب, الأمر الذي يلفت النظر, أن كثير من الناس قد يعطلون نصوص شرعية عظيمة و يفعلون نصوص أخرى وكأنه لم يرد في السياق غيرها, فيما يتعلق بنصوص الرحمة, كان سفيان الثوري رحمه الله يقول إن الله تعالى خلق كل شيء رحمة, حتى النار خلقها الله رحمة يسوق بها عباده إلى طاعته, والشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله يقول إن الشرعية كلها مبناه على الرحمة, حتى العقوبات مبناه على الرحمة, لزجر الناس عن المعصية فتخيل كلام سفيان الثوري مع كلام الشيخ عبد الرحمن السعدي, وهو كلها تنطلق من مشكاة النبوة تؤكد أن الخلق مبني على الرحمة, والشرعية مبنية على الرحمة, ولذلك اسم الرحمن الرحيم هو أكثر ما يردده الإنسان عند لفظ الجلالة الله, يعني الإنسان إذا دخل قال بسم الله الرحمن الرحيم, وإن خرج وإن أكل وإن شرب وإن نام, وفي جميع أحواله, وإن بدأ في شيء يبدأ في هذا الاسم, وإلقاء التحية والسلام, السلام عليكم ورحمة الله, مما يدل على أن هذا المعنى هو الذي ينبغي إشاعته ونشره, في حديث عن الإمام أحمد في مسنده, يحتج به البعض يقول لا يسأل الرجل فيما ضرب امرأته, والبعض يظنون من هذا الحديث أنو يعني الرجل من حقه أن يضرب امرأته, وأقول هذا بعيد لأن الله سبحانه وتعالى قال عن الكتاب, {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا} (49) سورة الكهف, وقال {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ} (24) سورة الصافات, فالآخرة يسأل الإنسان عن كل شيء, وفي الدنيا أيضاً الإنسان يسأل لو أن المرأة شكت للقاضي أن زوجها يعني أخطأ وأساء إليها يعني كان حقاً على القاضي يحضر الزوج ويسأله, إذا ما معنى أن يسأل الرجل فيما إذا ضرب امرأته, القرب والله أعلم أن الحديث معناه نهي الناس عن الفضول, يعني لما يكون الإنسان دخل على دار إنسان في الداخل الرجل راح من أجل أن يحضر الطعام أو الشراب أو الشاي أو ما أشبه ذلك, وسمع الضيف أن البيت فيه حركة وكذا, وأحس أنو في مشكلة, ويمكن سمع المرأة وهي تتضجر فإذا جاء الضيف ليس من المروءة واللائق أن يكتبون له وراه أم العيال تبكي أو مرة ضربتها أو ما أشبه ذلك يعني يكون هذا ما أشبه بالتطفل والفضول الذي لا داعي له وإلا فكيف يتصور ألا يسأل الإنسان يوم القيامة عن رجل ربما ضرب امرأته فكسر منها ضلعاً من أضلاعها أو عاب عضو من أعضائها
العنوان الرابع العنف الاجتماعي
العنف في كثير من البيئات والمجتمعات يتحول إلى عادات وثقافة اجتماعية مألوفة يأخذها الصغار عن الكبار ويتلقونها في البيت والشارع والمدرسة وتصبح مقبولة ومعتادة وطبيعية بل وتصبح عند بعض الناس علامة من علامات الرجولة بل علامة من علامات الأخلاق أنا أذكر يوماً من الأيام أحد الشباب مسجون فإذا جاءه الذين يريدون أن ينظفوا غرفته رفض قالوا له اخرج لغرفة أخرى حتى ننظف هذه الغرفة مليئة بالقاذورات وأعقاب السجائر وأشياء كثيرة يرفض أن يخرج يحاولون به كثيراً فيرفض فيحملونه حملاً بالقسر إلى غرفة أخرى وينظفون غرفته ويطيبونها ثم يعيدونه إليها ثم في قالوا له في اليوم من الأيام ليش أنت كذا فيقول أنا ما عودني أبوي أن أعطي شيء عن طيب نفس يعتبر أن هذا مرجلة هذا نوع من المرجلة والقوة أنه لا يعطي شيء بطيب نفس هذا العنف الاجتماعي له مظاهر معينة مثل صرامة الملامح والقسمات في وجوه كثير من الناس حتى تجد بعضهم يترسم كأنه إمبراطور متعاظم حالته النفسية لها آثار سلوكية في نفسه وعلى وجهه وبينما تجد الإنسان الكريم كما كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يقول جرير ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت وما رآني إلا تبسمت وربما ضحك النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه حتى بانت نواجزه وكانوا يجلسون بعد صلاة الفجر في المسجد فيذكرون أحوال الجاهلية فيضحكون ويتبسم الرسول صلى الله عليه وسلم ويذكر الله سبحانه وتعالى ويقرأ القرآن ويقرأ قصة أو نكتة أو طرفة فيبتسم منها النبي صلى الله عليه وسلم وكان يصنع النكتة أو الطرفة أحياناً حتى مع الصبيان الصغار
قضية العدوان اللفظي هذا أيضاً من العنف الاجتماعي قضية اللفظ يستخدمه الناس سواء كانوا في داخل البيت الواحد في الشارع تجد أن العبارات وخاصةً إذا تغاضب الناس يعني الأصوات العالية الصراخ قضية الضجيج في بعض الأحيان الشتائم التهديد التوبيخ اللغة الصاخبة بينما ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد أحمق جاء لحكيم وقال له والله لو قلت لي كلمة واحدة لأسمعتك عشراً يعني لأرد لك الصاع صاعين كما نقول نحن قال له هذا الحكيم والله لو قلت لي عشراً لم تسمع مني واحدة وإذا سمعوا اللغو اعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين غياب التهذيب لم يتدربوا على أساليب التعاطي والتهذيب مع الآخرين يعني واحد أهدى لزوجته هدية في مرة من المرات فلما أخذت هذه الهدية كان أول سؤال وجهته إليه بكم اشتريها قال هذي بمئتا ريال قالت هذي مضحوك عليك ملعوب عليك هذي أنا واقفة عليها بالسوق بمئة ريال هذا غياب التهذيب لأن الإنسان الذي هداك هدية ليس من المروءة أن تسأله عن ثمنها وإنما جزاؤها الشكر والثناء والدعاء لصاحبها وتهادوا تحابوا رجل أو خلينا نقول امرأة أهدت لزوجها وردة في مناسبة من المناسبات فأخذ هذه الوردة وشمها وقال لها ما الها ريحة أيضاً هذا ليس بلائق هنا ليس في مجال أن الإنسان يتعلم على الذوق وعلى اللباقة وعلى اللطف ويربي عليه الصغير قبل الكبير
العدوان ضد الأشياء يعني ليس فقط ضد البشر مثلاً تجد الطلاب ضرب الباب بعنف في المدرسة وفي البيت يسمع للباب صريراً وصوتاً وهكذا موضوع النوافذ بعثرة الأثاث بعثرة الكتب المدرسية وقد يكون فيها كلام الله عز وجل في كثير من الأحيان الطاولات الكراسي إلقاء الأشياء ورميها بعنف هذه ثقافة يتلقاها الناس وهي ليست مما يحبه الله ويرضاه الله سبحانه وتعالى رفيق كما قال النبي صلى الله عليه وسلم يحب الرفق في الأمر كله يعني بدل من الشيء ترميه هكذا الطالب إذا دخل المدرسة يرمي الشنطة هكذا القرآن أحياناً وفيها ذكر الله وهذا الطفل يجب أن يدرب كيف يضعها برفق وأن الله يحب هذا ويراقب عباده حتى في هذا فالله رفيق يحب الرفق في الأمر كله ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على سواه
مثلاً الكتابة العشوائية على الجدران في المدارس في دورات المياه دعوني أكون صريح معكم أنا لم أراها إلا في بلادنا في بلاد العالم كلها تجولنا لا تجد أحد يكتب على جدران دورت المياه وقلما تجد أحد هذه الصورة الكبيرة الموجودة عندنا بحيث أن الأحياء والبيوت كلها تصبح عبارة عن سبورات فيها كلام قذف وقد يكون كلام سب يعبر عن انحطاط في الاهتمام وانحطاط في الذوق فضلاً عن رداءة الخط أيضاً وكذلك كثير مما يوجد في دورات المياه ودورات المساجد من الكتابات والخطابات والشتائم والكلام عن فلان وعن علان وغير ذلك من الصيغ تكسير الأدوات تهشيم النوافذ الأسواق إشعال الحدائق العامة الصور الكثيرة ولعل القتل هو نهاية هذه الأشياء فتكون بين أطراف فتتحول إلى تهديد بالسلاح أو ضرب أو جرح أو قتل وحالات كثيرة حدثت من هذا القبيل إضافة إلى القتل عن طريق التفحيط يمكن بعضكم رأى الكثير من الصور والمشاهد ومقاطع البلوتوث والفيديو التي تصور كيف يتلعبون وكيف يتفحطون وكيف يصطدمون بالصبات والجدران أو بالبشر أحياناً هذا من مظاهر العنف من مظاهر العدوان على الأشياء بشكل عام على حقوق الناس المادية المعنوية يعني يحدثني يقول رآني إنسان ما في مكان ما وأنا لا أعرفه إلا بخير ولا يعرفني وأنه انطباعه عني ما كان جيد يقول فلما وضع عينه في عيني قال لي قطع يقطعك وأرض تبلعك وين السلام ورحمة الله احنا أمة السلام عليكم سبحان الله يعني أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم حتى مع أهل الكتاب في المدينة كيف كانت لما مرض اليهودي كما في صحيح البخاري زاره النبي صلى الله عليه وسلم يعوده وقال له قول لا إله الله فنظر إلى والده فقال له والده أطع أبا القاسم فتشهد فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فقال الحمد لله الذي أنقذه من النار تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع المنافقين يزورهم إذا مرضوا يعودهم وصلى على عبد الله بن أبي بن سلول ونزل في قبره ولفه بقميصه ونفث فيه من ريقه هذا مع شيخ من شيوخ النفاق ومؤسس أكبر حزب للنفاق في تاريخ الإسلام يا ليتنا نتعامل مع بعضنا كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعامل مع المنافقين يعني الذين تخلفوا عن الرسول صلى الله عليه وسلم في تبوك كما في حديث كعب بن مالك ماذا فعل لهم النبي صلى الله عليه وسلم جاؤوا بعد الغزوة يعتذرون إليه قبل منهم ظاهرهم ووكل باطنهم إلى الله كثر خيرك أكثر من ذلك ما نريد قبل ظاهرهم ووكل سرائرهم إلى الله واستغفر لهم وكف عنهم هذا ما فعله النبي عليه الصلاة والسلام فكيف تجد أن تعامل المسلمين بعضهم مع بعض يصل إلى هذه الضراوة .
ظاهرة العنف الاجتماعي أحياناً العنف على الأجانب على من نسميهم نحن من الأجانب قد يكونون من أهل ملتنا وديننا عرب مثلنا مسلمين وأخيار بل قد يكون كثير منهم أفضل عند الله تعالى والفضل ما هو بالمال وإنما بالتقوى وإنما أكرمكم عند الله اتقاكم بلد مثل السعودية يستقبل ملايين المسلمين في الحج وملايين المسلمين في العمرة وكل مسلم في العالم يصلي خمس صلوات إلى هذا البيت العتيق فمن المهم جداً أن نستشعر هذا المعنى وأن تتسع قلوبنا وصدورنا وأخلاقنا لإخواننا وكما قيل أضاحك ضيفي قبل إنزال رحله ويخصب عندي والمحل جذيب وما الخصب في الأضياف أن تخصب الكرام وإنما وجه الكريم خصيب , أنتم لن تسعوا الناس بأموالكم لكن بسطة الكف وطلقة الوجه وكما كان عبد الله بن مبارك يقول حسن الخلق شيء هين وجه طلق وكلام لين فهذه من المعاني المهمة التي ينبغي أن تكون ثقافة نتعاطاها فيما بيننا ونتواصى بها وينبغي أن يكون هناك جهة مسؤولة عن معالجة حالات العنف الاجتماعي والقضاء عليها ونشر الوعي في المدارس والمساجد وسواها
العنوان الخامس العنف ضد الأطفال
يعني بعض الأطفال نشاطهم زائد بل أكثر الأطفال أو كثير من الأطفال عندهم نشاط عندهم لعب ويروى أن أحد الملوك جاء بمعلم وأعطاه أطفاله وقال له ربيهم وعلمهم بعد أسبوعين أو ثلاثة سأله كيف الأولاد قال والله الأولاد ممتازين لكن لعبهم كثير فقال له الملك إن كانوا كذلك وإلا تعلق عليهم الثمائن إذا كانوا لا يلعبون فهم مرضى الطفل إذا ما لعب وما صيح وما تحرك يكون مريض عالجه فمن طبيعة الطفولة أن فيها حيوية وفيها حركة والطفل أحياناً نحن نقول للطفل الصغير خليك رجل لا ما يمكن هذا خرق للنواميس كذلك كنتم من قبل ألم تكن تفعل ما يفعل إذ كنت صبي تذكر طفولتك هل تعتقد أن الطفولة تنتهي بخروجك منها لا تجي أجيال جديدة وهم أطفال أيضاً ولابد أن تعاملهم على هذا الأساس أو الطفل المتخلف مثلاً أن يكون الطفل معوقاً أو أن يكون في عقله نقص تجد أنه كثيراً ما يتعرض للمعاملة القاسية وتصف شكل الطفل أنت غبي أن حقير أنت متخلف وهذا طبعاً يعتبر من العنف وهذه تدمره بدل ما تقول أخطأت في هذا العمل سكبت الماء أخطأت بذلك تجد أنك تعطيه وصف يستوعب شخصيته كلها ويقضي عليه وتدمر مستواه وربما يضرب بعض الأطفال تقوم بعض الأمهات وبعض الآباء بحرق الطفل يعني كيه بالنار عقوبة على بعض الأشياء فيذبل الطفل وتذهب نضارته ويترك الطعام وربما يصيبه الأرق ويتحول هذا إلى اكتئاب وإلى حالة نفسية وعزلة وربما يذهب إلى المدرسة ولا يتحدث مع الطلاب ولا يلعب معهم لأنه حزين ويشعر بانكسار داخلي وربما لا يستطيع أن يسيطر على نفسه ويترتب على هذه القسوة نتائج أخرى أنه يصبح لا يتصرف بشكل جيد فيزداد الأهل قسوة عليه ويدمرونه أين التغني بالطفولة وبراءة الطفولة أين استشعار النعمة بوجود الأطفال نعم الله على العباد كثيرة وأجلهن نجابة الأولاد ماذا لو كان الإنسان عقيماً لا يولد له إنه يحلم بأن يرى صياح الأطفال وزعيقهم في كل مكان في البيت ماذا لو مرض هذا الطفل أو حتى مات وصار الأب والأم يتذكرون فلان كنا ضربناه مرة بل طلب شيء وكثير من الناس تتكسر قلوبهم وتتوجع على من غادروا الدار الآخرة دون أن يكونوا الأهل قدموا له ما يحتاجونه من العطف والحنان والصبر أو يكونون أساؤوا إليه فضلاً عن تعود القسوة التي أصبحنا نقرأها في الصحف الآباء يقتلون بناتهم أو أمهات تقتلن في سن الطفولة ويستغرب الإنسان كيف لقلب يسمع الآذان أو يعرف الله سبحانه وتعالى أن يقدم على أن يصدم ابنته في السيارة ويريق دمها ويجعلها جثة هامدة أو يعلقها بالنافذة بالسلاسل ويمنع عنها حتى الطعام والشراب يعني هذه القسوة ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة .
من العجيب أن رجلاً من الأعراب رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحضن أطفاله ويقبلهم فقال أتقبلون صبيانكم والله إن عندي عشراً من الولد ما قبلت أحداً منهم فقال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أو أملك أن نزع الله الرحمة من قلبك فقال عليه الصلاة والسلام من لا يرحم لا يرحم
جاء يوماً عليه الصلاة والسلام إلى المسجد يصلي بالناس وهو حامل أمامة بنت زينب وهو جدها صلى الله عليه وسلم وأمها قد ماتت فهو يحمل هذه الطفلة الصغيرة وإذا سجد وضعها إذا قام يصلي بالناس حملها على كتفه مرة تسلل الحسن إلى المسجد وهو يصلي صلى الله عليه وسلم فوقع على ظهره فتركه صلى الله عليه وسلم فأطال السجود أحد الصحابة رضي الله عنهم يقول يعني استطلت سجود النبي صلى الله عليه وسلم خشيت أن يكون أصابه شيء فرفعت رأسي فإذا بهذا الطفل الصغير راكب على ظهره تخيل المشهد فلما سلم قال صلى الله عليه وسلم للصحابة كالمعتذر منهم إن ابني هذا ارتحلني فكرهت أن أعجله يقول جعلني كالراحلة له فلم أحب أن أعجله حتى ينزل من قبل نفسه وكان يقول صلى الله عليه وسلم إني لأدخل في الصلاة وأنا أريد أن أطيلها فاسمع بكاء الصبي فأخفف الصلاة شفقة على أمه قد يكون الطفل مع أمه في المسجد فأحضرته فبدأ بالبكاء عرف أن الأم لن تهنأ بالصلاة وهي تسمع بكاء طفلها فيعجل الصلاة وهي مصلحة عامة للناس من أجل طفل واحد يبكي في المسجد هكذا جعل النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة حتى قال صلى الله عليه وسلم أيكم أمّ الناس فليخفف فإن فيهم الكبير والصغير والمريض وذا الحاجة فإذا صلى لنفسه فليطول ما شاء .
من هو قدوتنا أيها الأحبة في الجفاف العاطفي الذي نعانيه أحياناً مع أولادنا هل قدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم وقد رأينا من سلوك خلقه وسلوك ما رأينا أم هو ذلك الرجل الذي قال أنا عندي عشراً ما قبلت أحداً منهم أخشى أن يكون الإنسان ربما نزعه عرق أحياناً فنحتاج إلى أن نهذب أنفسنا بآداب و أخلاق القرآن الكريم وسيرة النبي العظيم عليه الصلاة والسلام كذلك موضوع الطلاق والانفصال وما يترتب عليه من أذية الأطفال وأن الأم ربما شجعت الأطفال على إيذاء الأب والأم كذلك حتى أن قلب الطفل يصبح كأنه مربوط بحبل طرفه مع الأم وطرفه الثاني مع الأب وكل واحد يجر هذا الحبل حتى يعصر قلب الطفل عصراً بينما حتى لو كتب الله انفصالاً من الأخلاق أن الأم توصي أولادها بأبيهم خيراً والأب يوصي الأولاد بأمهم خيرا ًويكون هناك نوع من محاولة ردم الهوة والفجوة القائمة إذا ينبغي أن ندرك أهمية هذا الجانب في موضوع الأطفال
العنوان السادس العنف ضد المرأة والعنف ضد المرأة ظاهرة عالمية رغم أننا نسمع عن مدونات حقوق المرأة ونسمع عن القوانين ونسمع عما يسمى اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة لكن ومع ذلك في كل بلاد العالم هناك عنف ضد المرأة وفي الانترنت إحصائيات مذهلة ضد موقع اسمه موقع أمان متخصص في القضايا هذه في إحصائيات مذهلة جداً يكفي أن تعرف منها أن كل واحدة من ثلاث نساء يعني ثلث نساء العالم يعانين من مشكلات صحية خطيرة في أبدانهن أو في نفوسهن لها علاقة بتعرض هذه المرأة للضرب أو للاغتصاب أو حتى من الأقارب أحياناً أو لأي شكل من أشكل العنف وغالباً يكون هذا العنف يكون من الأزواج أو من الآباء أو من الأبناء أحياناً ومع الأسف الشديد أننا قد نقرأ في الصحف أحياناً أن شاباً قتل أمه أو أن شاباً قتل أباه نعم هذه حالات قليلة ولكنها موجودة تستدعي المعالجة وهذه ظاهرة موجودة في الدول الغنية والفقيرة على حدٍ سواء وهذا العنف ضد المرأة يكون له آثار تتعلق بتحول المرأة للإدمان للانتحار أحياناً أو على الأقل الاكتئاب الذي يصيب النساء ضعف ما يصيب الرجال ومن الظواهر المشهودة أن خمسين بالمئة من الشباب الذي يضربون زوجاتهم قد شاهدوا آبائهم من قبل يضربون أمهاتهم مشى الطاووس يوماً باختيال فقلد شكل مشيته بنوه فقال علام تختالون قالوا سبقت به ونحن مقلدوه وينشى ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوه
50% ممن يضربون زوجاتهم قد شاهدوا آبائهم من قبل يضربون أمهاتهم هناك معاناة صامتة في كثير من البيوت من القهر والقتل والعدوان والظلم وهناك عملية العضل والله سبحانه وتعالى ينهى عنها ويقول {فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ} (232) سورة البقرة
وبعض الآباء ربما يعضل ابنته ويمنع أن تتزوج بحجة أنها لابن العم أو لابن الخال أو أنه أعطاها لفلان أو أنه يريد أن يطمع في مالها أو غير ذلك من الاعتبارات وقد تجد زوجاً حديث عهد بالزواج فتجده رقيقاً مع امرأته لطيفاً معها ترى هذا المشهد الجميل أننا نرى هذا الإنسان بعد عشر سنوات أو عشرين سنة هل سوف يحافظ على هذه الأخلاق الكريمة أو على هذه العلاقة الحميمية والحنان أم سوف يتحول إلى تتحول العلاقة إلى علاقة تحكمها القسوة وتحكمها المطالب ويحكمها العتب ويحكمها الهجر ويحكمها الشك في كثير من الأحيان
هناك النقطة السابعة عنف نطلق عليه عنف المثقفين
في كثير من الأحيان من القراء والكتاب والمطلعين والأدباء يقدمون أنفسهم على أنهم هم ضحايا العنف وأنهم محرومون من حرياتهم ولكن في كثير من الأحيان هم يمارسون العنف أحياناً وهو ما نعبر عنه بالعنف اللفظي يعني مما تقرأ في الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية من أدباء ومثقفين وكتاب قد يكون للواحد منهم بارعاً في لغته متقناً في أساليبه لكنك تجد أنه يستخدم ألفاظاً شديدة قاسية عندما تختلف معهم بل حتى عند الآخرين ويسيء الظن بهم ويتهم وتجد أنه متعصب لرأيه بل أنك تجد أن القراءة والمتابعة له أن يردد اسمه من خلال أنه يضرب هذا يميناً وهذا يسار ويتكلم على زيد ويثني على حميد حتى يظل له حيوية وله حضور ولاشك أن هذا أمر مذموم فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول كما في صحيح البخاري إن من شر الناس من ودعه الناس اتقاء فحشه ومن ذلك اتهام الناس بالإرهاب بالعدوان اتهامهم بسوء النية والقصد وغير ذلك من الاعتبارات التي لم يأذن الله تبارك وتعالى بها أن يأذن بها أن يسب الناس بعضهم بعضاً أو يتهم الناس بعضهم بعضاً بل قال سبحانه ولا تجسسوا وقال النبي صلى الله عليه وسلم إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث وأرى أن كثيراً من كتابنا وأدبائنا ومثقفينا كان ينتظر أن يكونوا قدوات في اللغة التي كانوا يتكلمون فيها أو الكتابة في مقالات ينشرونها في الصحف أو في مواقع إلكترونية أو في قنوات فضائية أو في دروس أو في محاضرات أو خطب يفترض أن يكون فيها القدوة والأسوة والكلام اللين الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول ما بال أقوام يفعلون كذا كل شرط لم يكن في كتاب الله فهو باطل ولم يكن يسمي الناس بأسمائهم ولا يسب ولا يتوعد ولا يستخدم إلا أجمل الألفاظ وبذلك اجتمع الناس عليه كما قال ربنا سبحانه {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (159) سورة آل عمران
لماذا نبدو هنا أكثر انفعالاً وأكثر تشنجاً وأكثر عصبية مع أن الإنسان يعرف أنه كل ما كان أكثر هدوءاً في لغته كان أبلغ في التأثير على الآخرين...
http://www.alresalah.net/#textsdetail.jsp?pid=263&sec_id=3449