الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته .
إخوة الإيمان حديث الناقة , ناقة من ؟ , ناقة محمد ابن عبد الله رسول الهدى صلى الله عليه وسلم .
فما حملت من ناقةٍ فوق رحلها أعف و أوفى ذمةً من محمد
مفيد مسلاف إذا ما أتيته تهلل واهتز اهتزاز المهندِ
متى تأته تعشو إلى ضوء ناره تجد خير نارٍ عندها خير موقدِ .
أكمل من حملت النوق محمد ابن عبد الله صلى الله عليه وسلم , وكان عنده ناقة لها قصص , أخذ ثلاث مشاهد ثلاث وقفات .
أولها : يوم وفد صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة مهاجراً .
فانه كان راكباً الناقة دخلت ناقته في أحياء المدينة فكان كل قبيلة كل حارة يرحبون ويخرجون كباراً وصغاراً , رجالاً ونساءً , وأطفالاً يغمرهم الفرح , بل بكوا من شدة الفرح .
يقول أنس : أنا ما كنت أظن الناس يبكي الإنسان من شدة الفرح حتى رأيت الأنصار لما قدم صلى الله عليه وسلم يبكون .
وارتدت المدينة بالنشيد الخالد وهي تحيي رسول الهدى صلى الله عليه وسلم كلهم ينشدون :
" طلع البدر علينا .......من ثنيات الوداع ........وجب الشكر علينا .......ما دعا لله داعي .......أيها المبعوث فينا ........جئت بالأمر المطاع ......جئت شرفت المدينة ........مرحباً يا خير داعي " .
كل قبيلة وكل أسرة يريدون أن يأخذون الناقة حتى تبرك وحتى تنيخ عندهم .
فقال صلى الله عليه وسلم : دعوها فإنها مأمورة , الله يأمرها فأي مكان هي تختار أن تجلس فيه فسوف ينزل فيه صلى الله عليه وسلم , ويرسم هناك مسجده ويبني مسجده .
فتجلس قليلاً ثم تقوم به صلى الله عليه وسلم , ثم تذهب إلى مكان أخر فتجلس فتقوم , وفي النهاية استقر بها المكان في حي بني النجار حي من أحياء المدينة فجلست هناك , ونزل صلى الله عليه وسلم .
فأخذ أبو أيوب الرحل رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم من على الناقة , وأخذ الناس يدعون صلى الله عليه وسلم إلى بيوتهم .
فيقول صلى الله عليه وسلم : الرجل مع رحله , الرجل مع رحله .
وذهب مع أبي أيوب .
مشهد ثاني للناقة : كان عليه الصلاة والسلام ناقته هذه لا يسبقها أحد , يعني من الله سبحانه وتعالى بركة .
كانت إذا سابقت الجمال أو النوق الأخرى تسبق الجميع بإذن الواحد الأحد , لأنها ناقة سيد الخلق عليه الصلاة والسلام .
ولكن أتى صلى الله عليه وسلم مرةً من سفر فأتى أعرابي على قعود , جملٍ له يعني متدرب لازال .
فسبق ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فقال صلى الله عليه وسلم : حقٌ على الله أن لا يرتفع من الدنيا شيء إلا وضعه .
يعين مهما ارتفع شيء من الدنيا والناقة من الدنيا , مهما حاولت أي شيء ترفعه من الدنيا سوف يأتي يوم من الأيام يتضع .
تبني قصراً يخرب هذا القصر بعد ولو مئات السنوات , داراً , منصباً , وظيفةً , كلها دنيا , لكن أمر الآخرة ما يتضع الذي لله .
قال أتى أعرابي فجأةً على قعود على جمل فسبق ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم , فعلّق صلى الله عليه وسلم .
قال : حقٌ على الله أن لا يرتفع من الدنيا شيءٌ إلا وضعه .
هذه الناقة مهما كانت تسبق أبداً , وأتى أعرابي وعلى قعود وهو ليس مشهور بالمسابقة , ومع ذلك سبق ناقة الرسول عليه الصلاة والسلام .
أما المشهد الثالث المؤثر : فهو صلى الله عليه وسلم لما ذهب في صلح الحديبية .
اتجه إلى مكة ومعه الصحابة , فلما قرب من مكة صلى الله عليه وسلم أخذت الناقة تجلس ما تتحرك .
يريدون أن يقوّموا الناقة ما تقوم , تتجه إلى الكعبة تعود , يوجهونها إلى مكان أخر تمشي , يوجهونها إلى جهة الحرم تجلس مكانها , يضربونها ما تتحرك .
قالوا : خلعت يا رسول الله , يعني أنها تحسرت , أو أنها كسلت , أو حارت .
قال صلى الله عليه وسلم : لا ما خلعت يعني ما حارت وليس لها هذا بخلق ليس هذا بخلقٌ لها , لكن حبسها حادث الفيل .
لأنه قبل المعاهدة يعني أراد الله سبحانه وتعالى أن يجعل آية وهي هذه الناقة حتى يكتب صلى الله عليه وسلم بينه ولحرمة المكان , فهي هابت الحرم .
يقول لا ما حارت , وهذا ليس لها بخلق ولا عادة , لكن حبسها حادث الفيل .
لأنها لما أتى بالفيل كما تعرفون , كان يوجهه إلى الحم يقف الفيل يجلس , يوجهه إلى اليمن يتحرك , يوجهه إلى الشام يتحرك , أما إذا وجهه للحرم يجلس مكانه .
حتى أنزل الله سبحانه وتعالى : { وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ } وأهلكت الإبرّها ماذا ؟, في القصة المعروفة .
فها يعلّق بعض العلماء يقول : هذه ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيل إبرّها يهابون الحرم , فكيف أنت أيها المؤمن ما تهاب محارم الواحد الأحد , أو أنت أيها الإنسان ما تهاب حدود الله عز وجل أن تعتدي عليها أو أنك تتجاوزها .
فهذا معلمٌ بارز من هديه صلى الله عليه وسلم في خبر الناقة .
خبرٌ طريف أختم به وهي أن امرأة أسرت من المسلمات مسلمة أسرها العدو فنذرت لله نذراً إن نجاها الله على ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تنحرها .
فركبت الناقة فأسرعت بها الناقة ودخلت المدينة وقالت : يا رسول الله إني نذرت نذراً إذا نجاني الله عز وجل أن أنحر هذه الناقة .
قال : بئس ما جزيتها , بعد أن نجاكي الله عليها تنحرينها ! .
و بئس هذا العمل , هذا جزاء المعروف ؟ .
يعني الله نجاك وسلمك , وجزاء ذلك تنحرين ناقتي ! .
بئس ما جزئت هذا الجزاء .
فصلى الله وسلم عليه ونفعنا الله عز وجل بسنته المطهرة , وجمعنا به في الفردوس الأعلى .
وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم تسليماً .
http://www.alresalah.net/#textsdetail.jsp?pid=324&sec_id=4464