الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته .
أيها الإخوة المشاهدون خرج صلى الله عليه وسلم بأصحابه ذات يوم وجلسوا تحت شجرة يحدّثهم .
وبينما هم صلى الله عليه وسلم يحدثهم بحديث الإيمان والعلم وإذا بطائر الحمّرة هذه أنثى الحمّرة تطير عند الرسول عليه الصلاة والسلام فوق رأسه .
وفهم صلى الله عليه وسلم المقصود , ولماذا تطير هذه الطائرة فوق رأس الحمّرة وهي أنثى يعني نوع من الطير .
قال صلى الله عليه وسلم : من فجع هذه بأفراخها ؟ .
قام أحد الناس من المسلمين فأخذ أفراخها من العش لأنهم كانوا جالسين بين الشجرة , فرأى هذه الرجل عش الحمّرة وفيها أفراخ , فأخذ الأفراخ من العش .
فأتت هي ترفرف على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه تشكو هذا الرجل إلى إمام العدالة , إمام الإيمان والعلم عليه الصلاة والسلام .
فقال صلى الله عليه وسلم : من فجع هذه بأفراخها ؟ .
من منكم أخذ أفراخ هذه لأنه فهم أن هذه الطائرة هذه الحمّرة تشكو إليه ما حصل .
قال رجل : أنا يا رسول الله .
قال : رد عليها أفراخها , رد أفراخها في عشها .
فقام الرجل وأعاد الأفراخ في عش الطائر .
وبالمناسبة كنت أشاهد مرة برنامج في التلفاز في آيات الله سبحانه وتعالى البينات أو آيات الله الكونية .
والله لقد استوقفني بناء الطائرة لعشها , والله ان من يقف يعني باستحضار قلب انه يؤمن بالله عز وجل ويزداد إيمانه ولو كان ملحداً وعنده عقل ليؤمناً بالله الواحد الأحد وبقدرته .
وكان المذيع المعلّق يعني يواصل عملية بناء العش للطائرة حركةً بحركة , قال :
أولاً : تختار غصناً قوياً لكي لا يسقط العش .
ثانياً : تختار نوع من النبات تنسجه الذي يلتف بقوة .
ثالثاً : تجعل فوهة العش إلى الشرق حتى يدخل الشمس إلى البيض .
رابعاً : تأتي بعد أن تبني العش تبنيه بمنقارها وبيديها , لو ترون هذه الحركة قد رأى بعضكم ذلك حركة الفم وهي تلف ذلك وتخرزه كأنها خياط يخيط .
خامساً : تأتي بنبت لين غير الذي بنت فيه العش , بنبت لين فتجعله فراش داخل العش , ثم تبيض فيه بعد أن علقت العش بمنقارها وبيديها وبأرجلها قصدي فتسقفه .
فسبحان الذي علّم , سبحان الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى .
أعود إلى المسألة .
فلما أعاد الرجل هذا الأفراخ في العش , أتت كأنها شاكرة .
حتى وصف أحد الشعراء المشهد , يقول :
جاءت إليك حمامةٌ مشتاقةٌ تشكو إليك بقلب صب واجف
من اخبر الورقاء ان مكانكم حرمٌ وانك ملجأ للخائف .
يقول من علم هذه الورقاء , من الذي يعني نفث في روعها أنك إمام العدالة وأنك تنصف المظلوم .
فأتت ترفرف فوق رأسك , فرددت عليها أفراخها وأنصفتها , وعدلت في الحكم , وأعدت لها أفرخها .
انه الله العليم الذي علمها جل في علاه .
أيها الإخوة بالمناسبة نحن نعيش حياة بينات نراها دائماً وأبداً , ولكن هنا مشهد رحمة سيد الخلق عليه الصلاة والسلام , وأنه رحمة للعالمين كل عالم , بل هو حتى رحمة للحيوان عليه الصلاة والسلام .
فانه رحمة بالطائر , ورحمة حتى بالجمل , ففي حديثٍ حسن أن رجلاً أتى ينحر جمله بعد أن أتعبه ففر الجمل ووضع جرنه ورأسه عند رسول الله عليه الصلاة والسلام .
فقال صلى الله عليه وسلم , وهذه معجزة , فقال صلى الله عليه وسلم للصحابة : ان هذا الجمل يشكو إلي ما فعل به صاحبه , انه أتعبه ويريد أن ينحره .
فأطلق صلى الله عليه وسلم الجمل ورفع عنه الضائقة , ورفع عنه الظلم والقهر الذي يعيشه .
فرحمته صلى الله عليه وسلم حتى بالطائر .
ويخبرنا صلى الله عليه وسلم في عالم الحيوان أن امرأة أسقت كلباً وهي بغي فغفر الله لها .
وأن امرأة حبست هرةً في بيت لا أطعمتها ولا سقتها , فعذّب الله هذه المرأة في نار جهنم , لأنها لا أطعمت الهرة ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض .
انه الرحمة المهداة عليه الصلاة والسلام , لكن بهذا المشهد مشهد الطائرة الحمّرة وهو ينقل للعالم بسند صحيح .
يقول للعالم : هذا هو نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام , هذا نبي السلام والعدل صلى الله عليه وسلم , هذا الذي جاء رحمةً للناس .
إذا كانت رحمته هذه بالطائرة الحمّرة وبالجمل وبغيرها من الحيوانات , حتى انه ذكر الرحمة بالكلب لما سقته المرأة , والرحمة بالهرة , فيكف تكون رحمته بالإنسان ! .
ولذلك وصفه ربه , يقول : {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } .
فأنت تلتمس هذه الرحمة منه عليه الصلاة والسلام في إتباع سنته , ورحمة الله فوق ذلك .
ولذلك الجدير برحمة أرحم الراحمين هو من اتبع هذا النبي المعصوم عليه الصلاة والسلام , فان في إتباعه تمام الهداية والنجاة والنور والفلاح في الدنيا والآخرة .
وفي إتباعه صلى الله عليه وسلم من جوانب إتباعه أن تكون رحيماً رقيقاً , يعني سهلاً رفيقاً .
رحيماً بالطيور , رحيماً بالحيوانات , رحيماً قبل ذلك بالناس , رحيماً بالكبير والصغير , تدخل الرحمة على كل أحد لعل الله يرحمنا وإياك .
ولذلك يقول صلى الله عليه وسلم : " الراحمون يرحمهم الرحمن " .
وقال صلى الله عليه وسلم : " ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء " .
فرحمتك على الناس هي رحمةٌ من الله عليك وأنت مبشّر بهذه الرحمة لأنك رحمت عباده , ورحمت بهائمه , ورحمت خلقه جل في علاه , لا اله إلا هو ولا رب سواه .
والى اللقاء بارك الله فيكم , وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته .
http://www.alresalah.net/#textsdetail.jsp?pid=324&sec_id=4463