قال تعالى والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف واتقوا الله واعلموا أن الله بما تعملون بصير.
جاسم: عندما كنت أقرأ وأبحث في إعداد هذه الحلقة والإعجاز الاجتماعي في حق الرضاعة الطبيعية حولين كاملين قرأت بحثا في غاية الجمال ولفت نظري في الحقيقة مضمون هذا البحث فهو يؤكد من خلال الأبحاث العلمية أن الأم عندما ترضع ولدها أو عندما تلاعب الطفل وهي تقبله وتقبل قدميه ويديه وأحيانا ظهره وبطنه ووجهه فإن شفايف الأم تلتقط كل الجراثيم الموجودة على جسد هذا الطفل وعندما تلتقط الأم الجراثيم على الشفتين بعدها تشرب الأم الماء أو الحليب أو اللبن أو الشاي فتدخل الجراثيم داخل بطن الأم والعجيب في الموضوع أن الابحاث العلمية تثبت أن هذه الجراثيم عندما تدخل بطن الأم ومعدتها وتعلمون أن مصنع الحليب الطبيعي موجود في ثديي الأم وكيف ينتج هذا الحليب من دم الأم ومما تأكله الأم فهناك خلطة سرية رب العالمين تعالى يخلط هذه الخلطة داخل جسد الأم فيخرج الحليب والعجيب في الموضوع أن هذا الحليب الذي يصنع إنما يصنع ضد تلك الجراثيم التي التقطتها الأم بشفايفها أثناء تقبيل الطفل وأدخلتها إلى بطنها لكي يصنع هذا الحليب ضد هذه الجراثيم.
وعندما يرضع الطفل إنما يرضع حليبا مطلوبا طلبية خاصة وهذا كله بتدبير رباني من رب العالمين وهذا الحليب الذي يشربه الطفل ضد تلك الجراثيم التي كانت على جسد هذا الطفل.
من يفعل كل هذا أليس الله تعالى...................!
ولهذا قال تعالى لسيدنا موسى عليه السلام ولتصنع على عيني وما من طفل موجود في العالم إلا برعاية الله تعالى وبتدبير الله تعالى لو نحن طبقنا أوامر الله تعالى وهنا سنجد بركة تطبيق أوامر الله تعالى في أبنائنا وفي بناتنا.
وهكذا فإن الإعجاز الاجتماعي من خلال الرضاعة الطبيعية لا شك أنه مبحث كبير جدا وعظيم.
د. زغلول: يقول الله تعالى في كتابه والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة.
ويعجب الإنسان لماذا حدد الله تعالى فترة الرضاعة بحولين كاملين فالعلم الآن يؤكد لنا على أن بطانة معدة الوليد لا يكتمل نموها إلا في هذه الفترة وإذا لم يكن نموها قد اكتمل فإن أي لبن غير لبن الأم يصل إلى الدم مباشرة ويؤدي إلى تكوين أجسام مناعية تضر بصحة الإنسان.
ومن هذه الأضرار أن هذه الأجسام المناعية تدمر خلايا الإنسولين في البنكرياس وتسمى خلايا بيتا وهي التي تفرز الأنسولين والتي تعين جسم الإنسان على هضم المواد السكرية وتحويلها إلى غرايفوهد الذي يختزن في الكبد.
وهكذا فإنه تتم هذه العملية فيفرز السكر في الدم ويؤدي إلى ما يعرف بمرض البيلوسكر لهذا يوصي القرآن الكريم ويوضح أن الفترة المثلى للرضاع حولين كاملين ولبن الأم إذا وصل إلى الدم لا يغير شيئا ولا يصيب الرضيع بأية أمراض ولا تكوين أجسام مناعية جديدة لكن لبن البقر أو أي لبن آخر غير لبن الأم إذا وصل إلى الدم فإن مكوناته البروتينية تختلف عن مكونات البروتينية للبن الأم فيؤدي إلى تكوين هذه الأجسام المناعية وثبت أن هذه الأجسام المناعية تدمر الخلايا المفرزة للأنسولين في الكبد فيصيب الطفل منذ طفولته بمرض البيلو سكري ولك أن تتخيل الطفل الصغير الذي لا يملك من أمره شيئا مصابا بهذا المرض الذي يئن منه الكبار ويعيش طوال حياته مربوطا بالأدوية المعالجة لمرض البيلوسكر ولهذا قال ربنا تبارك وتعالى بأن الفترة المثلى لإرضاع الولد هي حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاع وليس بالضرورة أن يكون هذا في كل حالة لكن هي الحالة المثلى ولو تراض الوالدان على إفطام طفلهما فترة قبل ذلك إذا أدركوا أنه يتناول بعض أنواع الفاكهة والخضار دون أن يسبب له قيئا مفاجئا أو آلاما مرضية معينة يطمئن بذلك أن الغشاء المبطن لمعدته قد اكتمل وأنه لا ضرر من تناوله موادا غذائية أخرى.
ولهذا فإن لبن البقر بعد عامين لا يضر بالوليد وقبل عامين يضر بالوليد ومن هناك كانت الحكمة العلمية الربانية الكبيرة التي قال فيها ربنا تبارك وتعالى أن الفترة المثلى للرضاع هي حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة.
جاسم: طبيعة الحياة التي نعيشها فرضت على حياتها كثيرا من السلبيات ومنها عدم استمتاعنا بموضوع الرضاعة الطبيعية وعدم استفادة أولادنا فاليوم المرأة العاملة تخرج إلى سوق العمل وتترك أبناءها مع الرضاعة وليس الرضاعة هل هذا أجدى من أن تجلس الأم في بيتها وترضع أبنائها ولو فكرنا من منطلق اقتصادي أو اجتماعي أو تربوي فالخسران هو الأم والطفل جميعا.
فنحن على حساب العمل نفقد أولادنا ونفقد تربيتهم تربية صالحة وعلى حساب سوق العمل نتخلى عن صحة أبنائنا وعن تربيتهم ونحن لسنا ضد العمل وأن تعمل المرأة لكننا ضد أن ندير حياتنا بالطريقة الخاطئة وأن نخسر أبناءنا ونخسر تربيتهم ونفسيتهم وأجواءهم.
حتى هندسة بيوتنا تجدها اليوم مغلقة فلا يرى أحدنا شما ولا طبيعة وفي السابق كانت بيوتنا عربية عندما يدخل أحدنا داخل البيت يرى ساحة مفتوحة فالشمس تظهر فيها والمطر ينزل عليه والهواء نستمع به والسماء نراه وفي بعض البيوت العربية هناك مثل النافورة في وسط البيت فيسمعون صوت الماء ويرون الماء.
هذا كله له تأثر ومنذ يومين كان لأحد أقربائي فحصا في المستشفى وقال له الطبيب لديك نقص في فيتامين د ومن أجل هذا النقص لا بد أن تأخذ حبوبا مدى الحياة قال لم...؟
قال له لأنك لا تتعرض للشمس والجسم إذا لم يتعرض للشمس سيحصل عنده نقص في الفيتامين د وهذا من سلبيات الانغلاق في كل شيء من بيوتنا وحياتنا غالبا ما تجدنا أمام الشاشات والكمبيوترات فلا نستمتع بالشمس ولا الهواء ولا السماء ولا الماء ولهذا فإن أغلى فنادق في العالم والتي تصنف بسبع نجوم هي الفنادق التي تصمم في الصحراء ولا يوجد فيها أي نوع من أنواع الأمور المستجدة في الحياة حتى يعيش الإنسان في الصحراء وفي الشمس والهواء ونحن هذا ما نحتاجه اليوم ونعود إلى فطرتنا وطبيعتنا وهذا ما يريده الإسلام بأن تجلس لأم مع أولادها وترضعهم وفي هذا إعجاز اجتماعي كبير.
د. زغلول: بدون شك أن الاتجاه الذكري الآن بأن يطعم الأطفال لبنا صناعيا سواء كان لبنا من الأبقار أو من الجاموس أو الماعز إلى غير ذلك من الألبان المجففة وهذا قد أضر بالأطفال ضررا بليغا لأن بطانة المعدة قد اكتمل نموها وتكون بعض الأوردة قريبة أو مكشوفة فيمتص هذا اللبن ويتحرك في دورة دموية للطفل بالكامل وهذا لأن اللبن غريب على الطفل وعلى صفاته التي ورثها من والديه فيؤدي إلى تكوين أجسام مضادة للمناعة وهذه الأجسام قد يكون لها تأثير على صحة الأطفال في جهات متعدد ومما عرف منها الآن بمرض البيلو سكري الذي ثبت في الدراسة الآن ولكن قد يكون له أضرار أخرى لم تعرف بعد.
ولهذا فإن الالتزام بالمنهج الرباني في التعامل مع الطفل منذ لحظة ميلاده بل حتى قبل أن يخلق بحسن اختيار أبويه برعاية الأم أثناء حمله وفي رعايتها بعد وضعه وأثناء مخاضها ورعايته فترة الرضاعة.
والالتزام بهذه الأوامر سيؤدي إلى إنسان سوي سليم البنية معاف الصحة وغير معقد بأمور نفسية قد تجعله عاجزا عن التعايش مع غيره بسلام وقد تكون لهذه البروتينات فلبن البقر يحتوي على مواد روتينية مختلف تماما عن لبن الأم وقد يكون لهذه البروتينات تأثير ليس فقط على الجانب الصحي المادي الجسدي إنما على الجانب النفسي فقد يكون له تأثير ولم يثبت ذلك بعد لكنه قد يكون له تأثيرات نفسية تجعل الطفل شديد العصبية والتوتر والحساسية.
ونحن لا ندري ولم تتم دراسة واضحة لما قلته لكن الدراسة التي تمت بأن هذه الألبان غير ألبان الأم تؤدي إلى مرض البيلو سكري ولو درست أمراض أخرى قد يثبت أن له علاقة بتناول الطفل هذه الألبان المجففة التي حذرنا القرآن الكريم في الوقوع فيه.
جاسم: القرآن الكريم كله إعجاز وكل أحاديث النبي عليه السلام فيه إعجاز لكنه يحتاج منا تأمل والإعجاز في رضاعة الطفل رضاعة طبيعية والإعجاز حتى في التوقيت في السنتين والحولين وتخيلوا الطفل وهو في حضن أمه سنتين لا بد أن تكون أكبر دورة تدريبية في العالم يتلقاها هذا الطفل من خلال هذا الحدث ولهذا فإن موضوع التربية موضوع في غاية الأهمية وهو الأساس من خلال الرضاعة.
لقد ذكر لي أحد الأحباب والأصدقاء عندما زرته في العشر الأواخر من رمضان في مكة المكرمة وهو جد كبير في العمر تجاوز عمره السبعين سنة وعندما زرته كان حوله أحفاده وأولاده قال لي من ست وثلاثين سنة وأنا على هذه العادة فقلت له أية عادة قال من ست وثلاثين سنة وأنا أجمع أولادي في العشر الأواخر من رمضان ونجلس بقرب الحرم والآن أجمع أولادي وأحفادي لا يتخلف أ؛دهم فقلت له لم تفعل هذا قال لي لأنها تربية وحتى أجعلهم يرتبطون بالحرم ويصلون في العشر الأواخر من رمضان وهذا هو العهد الذي بيني وبينهم وقد أوصاهم وقال لهم حتى من بعد وفاتي لا بد أن تستمروا على هذا العهد.
إذن الشخص والإنسان يحتاج إلى تربية من بداية الرضاعة إلى نهاية حياته وهو يحتاج إلى من يوجهه ويرشده ولهذا يبدأ الإنسان حياته عند أول نزوله إلى الأرض من خلال حليب الأم ولبن الأم واحتضان الأم ثم يستمر في هذه التربية والرعاية إلى أن يتوفاه الله تعالى ثم تحتضنه الأرض فهو من حضن إلى حضن وبينهما أن يكون في حضن الله تعالى من خلال الصلاة والصيام والزكاة ومن خلال كل التعليمات الإسلامية.
مرة أخرى لا بد أن يكون عندنا بصمة لأولادنا من الأمهات من خلالا لبن الأم والآباء من خلال التربية ومن خلال الرعاية وابتكار الوسائل التربوية لحماية أولادنا.
د. زغلول: إن كثيرا من أجهزة الجسم لا يكون نماؤها قد تم قبل فترة العامين فمثلا الكليتان لا ينضجان نضجا كاملا ولا يستطيع الطفل أن يأكل لحما أو طبيخا أو شيئا مما يأكله الإنسان البالغ وهذا يضره ضررا بليغا لأن أجهزة جسمه لم تكتمل بعد ولا يكتمل البناء الجسدي والاكتمال العضوي لجسم الطفل قبل سنتين وتظل مرحلة النمو واكتمال هذا النمو في خلال سنتين كما قال تعالى لمن أراد أن يتم الرضاعة وقد تختلف من حالة إلى حالة وأنا أقول إن الأفضل للطفل أن يرضع من لبن أمه حتى يصل إلى سنتين وإذا أدرك الوالدان أن الطفل أصبح قادرا على تقبل بعض الفاكهة والخضار دون أن يصيبه بأذى كما مر معنا بعد أن اكتملت أجهزة جسمه ولأنه أصبح قابلا للفطام وأصبحوا يفطمونه والأمثل في العامين.
جاسم: أحد المجرمين حكم عليه بالإعدام وعندما وقف على المنصة سئل ما الذي تريده وتتمناه الآن فقال أتمنى أن أودع فطلبوا الأم وحضرت وجاء المجرم المحكوم عليه بالإعدام واحتضن أمه وودعها ثم قالوا له هل تتمنى شيئا آخر قال شيئا واحدا قيل ما هو قال أن أقبل لسان أمي فقالوا له تفضل وأحضروا الأم وأخرجت لسانها لكي يقبله فأخذ اللسان وقطعه فقالوا له لماذا قطعت لسان أمك قال لقد قطعت هذا اللسان لأنه لم يكن ينهاني عندما كنت صغيرا وأرتكب الخطأ ولما كبرت أصبحت مجرما.
هذه عبرة يرسلها لنا الشاب ليوضح أهمية تربية الأم.
د. زغلول: إن من معجزات القرآن الكريم أنه يقول إن الرضاعة حولين كاملين ويقول وحمله وفصاله ثلاثون شهرا وهذا أكد حقيقة علمية أخرى أن أخطر مدة للحمل هي ستة شهور وكان يعتقد أنه لا يمكن أن يولد أقل من تسعة شهور والقرآن أكد على هذه الحقيقة والعلم الآن يؤكد على أن الجنين إذا ولد لستة شهور ولقي العناية الكافية ووضعه في الأجهزة الخاصة بالأطفال المبتكرين يمكن له أن يعيش وثبت علميا أن أقصر حمل هي مدة ستة شهور وقد تثير هذه قضية فقهية والآيات القرآنية وضحت لنا ذلك فالله تعالى قال وحمله وفصاله ثلاثون شهرا وهذا يعني أن أقصر مدة حمل ستة شهور.
جاسم: الأم هي الأساس بالفعل وهي المدرسة وعندما نقول مدرسة أي ليست غرفة ولا دارا ولا بيتا بل مدرسة وأنت تعلم مساحة المدرسة والصفوف التي فيها وبالتالي بقدر ما هي تهتم بولدها بقدر ما يخرج هذا الشاب صالحا ليس كالمجرم الذي قطع لسان أمه.
وهكذا فإن الأعجاز التشريعي والاجتماعي من قضية الرضاعة الطبيعية هذه هي الرسالة وهي إن الرضاعة الطبيعية مدرسة تربوية يدخل فيها الطفل ولا يتخرج إلا طفلا صالحا بإذن الله تعالى.
المصدر: http://www.iqraa-tv.net/library/AlEjazAlItamee/AlEjazAlItamee7.doc