والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم.
جاسم العدة كذلك إعجاز اجتماعي آخر وربما يستغرب المشاهد ويسأل هل نظام العدة في الإسلام فيه إعجاز اجتماعي والجواب نعم.
فهذه في الحقيقة من لفتات النظام الإسلامي الاجتماعي ومن جماله ولهذا فإن العدة أنواع والعدة أن تتربص المرأة بعد الطلاق أو الوفاة مدة أو قد يكون الزواج فيه شبهة أو غير صحيح أو غير صالح.
ومعنى التربص أن تبقى في مكانها لكن لماذا شرع الإسلام العدة...؟
هناك عدة أسباب لكن من ينظر إلى فلسفة التشريع وجمال النظام الإسلامي يرى أن الدخول إلى الزواج فيه خطوات والخروج من الزواج فيه إجراءات ومعنى هذا أن الزواج قضية كبيرة مثل أي عقد من العقود فالآن لو جاءت شركة تريد أن توقع عقدا على عقار كبير.
فإجراءات التفاهم ما بين الشركتين ثم مسودة العقد وبعد ذلك العقد ثم عندما يتم التوقيع يتم نقله في الصحف والفضائيات وحتى لو حصل فسخ فهناك إجراءات معقدة وكل هذا لأن مبلغ العقد كبير.
وكذلك الزواج فالزواج ليس شيئا بسيطا ولهذا فإن الدخول إليه يحتاج إجراءات والخروج منه يحتاج إجراءات لكن ما نؤكده بأن العدة هو نظام اجتماعي وهو سبق للنظام الإسلامي فلا يوجد دين أو مذهب أو قانون فيه نظام العدة ولهذا فإن العدة لها حكم ولفتات إعجازية اجتماعية.
د. زغلول: هذه الحقيقة تؤكد لكل ذي بصيرة بأن القرآن الكريم لا يمكنه أن يكون صناعة بشرية بل هو كلام الخالق سبحانه وتعالى الذي أنزله بعلمه على خاتم أنبيائه ورسله وحفظه بعهده الذي قطعه على ذات العليا في نفس لغة وحيها اللغة العربية على مدى أربعة عشر قرنا الماضية وتعهد بهذا الحفظ تعهدا مطلقا حتى يبقى القرآن الكريم شاهدا على الخلق أجمعين بأنه كلام رب العالمين وشاهدا للنبي الخاتم الذي تلقاه بالنبوة والرسالة.
وقد يتطاول بعض المتطاولين في زمن الفتن الذي نعيشه بالقول إنه إذا كان السبب من العدة هو تطهر الرحم من آثار الزواج السابق وهذا يمكن لنا إثباته من خلال المختبرات بمنتهى السهولة فما الداعي أن تبقى المرأة ثلاثة أشهر قمرية تنتظر ثلاثة حيضات حتى يباح لها الزواج مرة أخرى...؟
وفي الحقيقة إن الإسلام عالج هذه القضية ليس فقط من منظور ديني وأخلاقي وإنساني بل أيضا من منظور علمي فالعلم الآن يثبت لنا أن بطانة الرحم لا تسقط سقوطا كاملا بالحيض فقد يسقط منها جزء وهذه البطانة تتأثر بماء الرجل يتكون عندها مضادات حيوية لأي جسم غريب حتى لا تطرد الجنين إذا تكون ولا تطرد ماء الرجل لأنه غريب عنها والجنين نصفه غريب عن المرأة والنصف الباقي منها وطبعا قد تطرد الجنين بالكامل نتيجة لهذه الغرابة لأن الله تعالى قد أعطى لجسم الإنسان القدرة على التخلص من الأجسام الغريبة عنه تخلصا كاملا لهذا فإن الرحم تفرز مضادات حيوية وتعمل لطرد ماء الرجل أو بطرد الجنين إذا تكون وهذه المضادات لا يتخلص منها الرحم تخلصا كاملا بالحيضة الأولى بل يتخلص من ستين بالمائة في الحيضة الأولى وثلاثين بالمائة في الحيضة الثانية وعشرة بالمائة في الحيضة الثالثة.
ولهذا ثبت علميا بأن رحم المرأة المطلقة لا يبرأ براءة كاملة من آثار زواجها السابق إلا بعد ثلاث حيضات كاملة أي ثلاثة شهور قمرية كاملة والإسلام حرص على عدم اختلاط الأنساب وعلى طهارة هذه الأنساب وعلى أن تكون للأسرة الإسلامية نموذجا للدعوة للغير فيعطي للزوج الذي قد يكون في فورة غضب أو في حالة نفسية غير عادية طلق زوجته أن يراجعها في هذه الفترة دون عقد جديد وأن يقول لها راجعتك أو عودي إلي.
ويشترط أن لا يكون الطلاق قد وقع إلى في طهر لم يقربها فيه.
فالشريعة تؤكد لكل الناس أنها ليست من وضع الإنسان إنما هو من وضع رب العالمين الذي هو أدرى بالإنسان من دراية الإنسان بنفسه.
جاسم: للعدة في النظام الإسلامي أنواع في الإسلام فمثلا عدة المطلقة ثلاثة قروء أما عدة المتوفي عنها زوجها أربعة أشهر وعشر أيم بينما عدة الحامل حتى تضع.
وهكذا فإن هناك أنواعا وأشكالا وهذا دليل على أنه كلما كان في النظام تفصيل كلما يكون هنالك إبداع ومراعاة لنفسية هذا الشخص الذي شرع له الإسلام.
وبالإضافة إلى أنه نظام تشريعي أيضا هو نظام تشريعي راعا النفسية فالمتوفي عنها زوجها عدتها أربعة شهور وعشرة أيام والمطلقة عدتها ثلاثة قروء ومرة إحدى النساء اعترضت وقالت سأنتظر ثلاثة أشهر حتى تنتهي عدتي....؟
فسألتها وقلت لها بعد أن طلقك زوجك متى جاءتك الدورة قالت بعد يومين فقلت لها لو حسبنا أنه بعد يومين جاءتك الدورة فهذا يعني أنه خلال شهرين ستنتهي العدة فقلت لها القضية ليست ثلاثة أشهر إنما هي ثلاثة فروء أي أن تأتي الدورة ثلاثة مرات وهذا هو المعيار.
أما الحامل فمعيارها مختلف فلو كانت في الشهر الأخير وطلقها زوجها أو توفي عنها وبعد أسبوع ولدت فقد انتهت عدتها وهكذا فإن النظام مصمم بحسب حالة المرأة ونفسيتها وهذا فيه إعجاز.
وعادة إذا وضع قانون واحد فيقال لك القانون لا يحمي المغفلين لكن الإسلام عندما شرع العدة فصلها ونظمها وقسمها على حسب الحالة وعلى حسب الطريقة حتى الآيس مثلا وهي المرأة التي لا دورة عندها كيف عدتها....؟
هنا نأتي إلى ثلاثة أشهر وهكذا فإن الإسلام وضع لكل حالة ظرفها وضوابطها وهذا من الإهجاز التشريعي والاجتماعي في الإسلام.
د. زغلول إن الطلقة إذا لم تكن حاملا فعدتها ثلاثة شهور قمرية حتى يبرأ رحمها براءة كاملة من آثار الزواج السابق وغذا كانت حاملا فبرءها وعدتها تنتهي بوضع ما تحمل لأنها في حالة الوضع تتغير بطانة الرحم بالكامل فلا يبقى أثر لهذا الزواج ولهذا عدة المرأة الحامل وضعها وتنتهي بوضعها وهذا ما أثبته العلم لأنه عند الوضع يتبدل جدار الرحم بالكامل ويتخلص الرحم مما فيه من مضادات الحيوية من أثر الزواج السابق.
ولهذا فإن المطلقة إذا لم تكن حاملا فعدتها ثلاثة شهور قمرية أو ثلاثة حيضات وإذا كانت حاملا فعدتها الوضع والتطهر من أثر الزواج السابق من هذا الوضع أما الأرملة فعدتها أربعة أشهر قمرية وقد تكون الأرملة كبيرة في السن ولا يوجد احتمال للحمل ولكن أولا حزنا على فراق زوجها على هذه العشرة الطويلة التي دامت بينهما وإتاحة فرصة أن تتزوج حتى يطهر رحمها من آثار الزواج السابق.
أما زيادة المدة فليس الهدف منها تطهر الرحم فقد وإنما الهدف منها إعلان الحزن على مفارقة زوجها وتقدير هذه العشرة التي قد تكون قد دامت لعشرات من السنين وهي لمسة إنسانية إذا حرم منها الإنسان حرم من قيمة سلوكية كبيرة.
جاسم: منذ أكثر من عشرين عاما كنت أفكر في مسألة وهي لماذا عدة المطلقة تختلف عن عدة المتوفى عنها زوجها فالمطلقة عدتها ثلاثة قروء بينما المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام وأنا كنت أتساءل فالمطلقة حزينة والمتوفي عنها زوجها حزينة فهنا حزن وهنا حزن فلم هذا الاختلاف فهناك فرق إلى أن ثبت في العلم الحديث أن الجنين في بطن أمه يستطيع الطبيب أن يؤكد ثباته وأنه أصبح كاملا ويحكم عليه بوجوده بعد مائة وعشرين يوما.
يستطيع الطبيب بعد هذه المدة أن يقول إن الطبيب ثابت وفي الشهر الأول من الحمل قد يقول هنالك طفل لكن لا أستطيع أن أطيك ضمانا مائة بالمائة وفي الشهر الثاني نفس الشيء والثالث نفس الشيء إلى تجاوزه مائة وعشرين يوما.
وعندما يتجاوز هذه المدة يعطيك ضمانا مائة بالمائة ولهذا شرع الله تعالى أن يكون عدة المتوفي عنها زوجها أربعة شهور وعشرة أيام أي أكثر من مائة وعشرين يوما وكأن الله تعالى يقول لنا هذه المدة بسبب ثبات الجنين لكن لماذا كل هذا الموضوع....؟
طبعا من أجل قضية النسب فعندما يتوفى الزوج وتكون هنالك تركة كبيرة يرد أن يطعن إخوان المتوفى في نسب هذا الجنين الموجود في بطن أمه ولهذا شرع الله تعالى أن تكون العدة أربعة شهور وعشرة أيام حتى لا يعطي أية فرصة لإخوان المتوفي بأن يطعنوا في النسب لأنه لا يوجد أي زواج بعد وفاة الزوج غلا بعد انتهاء العدة والعدة تنتهي بعد أربعة شهور وعشرة أيام وكأن الله تعالى منع حدوث أي مشكلة في الطعن بالنسب.
لا شك أن هذه لفتات إعجازية وذكرت قبل 1400 سنة والعلم الحديث اليوم يثبت هذا الكلام ولا شك بعد هذا أن القرآن من عند اللطيف الخبير.
د. زغلول: إن الغرب يستغرب تماما قضية عدة المرأة وبالغرم من تقدم الغربيين في العلم فهذه العلاقة عندهم علاقة مادية محضة لا يوجد فيها أي مشاعر إنسانية على الحد الذي بدأ فيه نظام الأسرة يتهدم عندهم ويقوم نظام المساكنة الذي لا رباط فيه بمعنى أن أية امرلأأة تعاشر أي رجل دون أدنى رباط وإذا اختلفوا تخرج لتبحث عن غيره وهو يبحث عن غيرها ويؤدي ذلك إلى اختلاط كبير في الأنساب مما جعل الغرب يفقد الكثير من القيم الإنسانية والقيم السلوكية والتي كرم الله بها الإنسان وفضله على كثير من المخلوقات.
جاسم: وربما السؤال الذي ي طرح نفسه لماذا لا يعتد الرجل فلا شك أنه سؤال غريب وقد يستغرب المشاهد منه لكنه فعلا هو سؤال...؟
مرة اخرى نقول ليست كل مسألة تطرح في حق المرأة تطرح في حق الرجل لأن الله تعالى خلق الرجل والمرأة وبينهما تكامل فهناك خصوصية للمرأة كما أن هناك خصوصية للرجل لكن الشيء بالشيء يذكر هل يعتد الرجل...؟
الجواب نعم يعتد لكن متى....؟
إذا متزوجا أربعة زوجات وطلق الرابعة فلا يستطيع أن يتزوج حتى تنتهي الرابعة من عدتها وهذا يعني أنه لا بد أن ينتظر عدة الرابعة حتى يتزوج.
على كل حال فهذا من باب الطرائف والسؤال مطروح هل يعتد الرجل نعم يعتد فإذا تزوج من زوجة وطلقها يريد الزواج من أختها فلا يحق له الزواج حتى تنتهي زوجته من العدة لأنه قد يعود إليها.
وهكذا فإن الرجل قد يعتد من حالتين إما أن يكون متزوجا من أربعة وطلق أو تزوج من امرأة وأراد أن يطلقها ويتزوج أختها فهنا يعتد لكننا نقول هذا الكلام من باب الفكاهة بيننا وبينكم ومن باب الطرافة إلا أنه لا ينبغي أن نساوي بين الطرفين في هذه المسألة.
د. زغلول: العدة تؤكد على تحريم الزناة لأن الزناة يعرض المرأة لمضادات حيوية كثيرة من رجال مختلفين قد يؤدي ذلك إلى العديد من الأمراض عندها وعند من يعاشرها ومن أخطرها سرطان الرحم لأن كثرة تغاير المضادات الحيوية في رحم المرأة قد يؤدي إلى أمراض تناسلية عديدة تصيبها كما يصيب من يعاشرها ولعل في تشريع العدة ما يؤكد على الحكمة من تحريم الزناة تخريما قاطعا.
بغض النظر عن كرامة المرأة واختلاط الأنساب إلى غير ذلك ولهذا نقول إن التأمل في قضية العدة يؤكد على صدق كل ما جاء في كتاب الله تعالى وفي سنة رسوله ليس فقط في القضايا المتعلة بالإنسان بل في كل قضايا الكون وفي كل قضايا الوجود وبالنسبة لهذه القضية بالذات أوصى رسول الله بإطعام المرأة حالة النفساء التمر وثبت علميا يكاد يكون غذاء متكاملا مليئا بالسكريات الأحادية التي يمكن لجسد المرأة أن تستفيد منه بطريقة مباشرة ولهذا استحب الإفطار عليه في رمضان لأنه يصل إلى الدم بطريقة مباشرة وهو مليء بالأملاح والفيتامينات والألياف ولذلك تشير لنا الآيات القرآنية في حالة مريم وهذا يؤكد أن ولادة المسيح كان في الصيف وليس في الشتاء.
ووصية النبي بأن تطعم النفساء التمر لأنه يساعد على انقطاع نزيف الدم بعد أن فقدت كثيرا من دمائها بالمعادن والأملاح والفيتامينات والسكريات والألياف والنشويات وهي كثيرة في التمر.
جاسم: وهكذا كما شرحنا لكم في البداية أن الدخول في الزواج يحتاج إلى إجراءات كما أن الخروج من الزواج يحتاج على إجراءات وهذه منها العدة ولهذا فإن نظام العدة في الإسلام نظام فيه إعجاز اجتماعي.
المصدر: http://www.iqraa-tv.net/library/AlEjazAlItamee/AlEjazAlItamee6.doc