الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته .
كان الصحابة يشاركون في صنع الحياة كل بجهده , يوم أتاهم الدين الجديد كان كل واحد منهم يريد أن يأخذ قدم صدقٍ في هذا الدين , كلٌ بموهبته , بتخصصه , بمستواه .
حتى ان امرأة سوداء اسمها " أم محجن " جارية سوداء كانت تكنس المسجد مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم , تنظفه وتطيبه كل وقت .
لم تجد لنفسها في مسألة العلم , فهي لا تستطيع طلب العلم والتعليم , ولا في الجهاد فهي ليست من أهل الجهاد , ولا من أهل الإنفاق فهي ليست صاحبة إنفاق.
بحثت إلى مدخل لها إلى جنات النعيم , عن طريق ترضي الله سبحانه وتعالى .
فاكتشفت أن المسجد وكنيس المسجد , ونظافة المسجد , وتطييب المسجد , هو مشروعها الذي تستطيع أن تقدمه لصنع الحياة مع الرسول عليه الصلاة والسلام .
فكانت هذه المرأة السوداء رضي الله عنها وأرضاها إذا خرج الناس من المسجد تأتي لكنسه , تقوم بالمسجد تنظفه , تطيبه , ترتبه دائماً وأبداً .
وفترة وإذا هي ليست موجودة في المسجد , وعيدان المسجد ليس مرتباً كالعادة , فيسأل صلى الله عليه وسلم : أين أم محجن ؟ ,
يعني كأنه فقد صلى الله عليه وسلم شيء ممن فقده , فقد تنظيفها وتطيبها للمسجد .
قالوا : ماتت يا رسول الله .
قال : متى ماتت ؟ .
فأخبروه قالوا : ماتت قبل أيام .
قال : أفلا أزنتموني , ما أخبرتموني , وهو صلى الله عليه وسلم مشغول بصلاح الأمة , و بقيادة الأمة , ميدانياً وعسكرياً واقتصادياً .
فهو المعلم , والمفتي , والخطيب صلى الله عليه وسلم , وربّ الأسرة , ويستقبل الوفود , ويصلح بني الناس , ويقسّم الأموال .
ومع ذلك يأتي بحنانه و برحمته صلى الله عليه وسلم ويتفقد هذه المرأة السوداء التي كانت تكنس المسجد , فقال : أفلا أزنتموني .
فكأنهم أصغروا من ِشأنها , يقولون يعني مسائلك يا رسول الله وشؤونك أعظم .
قال : اذهبوا بنا إلى قبرها .
فذهب مع الصحابة إلى القبر و وقف وصلى صلى الله عليه وسلم ودعا , فمنها :
أولاً رحمته صلى الله عليه وسلم وإنزال الناس منازلهم , وتفقده صلى الله عليه وسلم للضعيف وللفقير وللحسير وللكسير , وهذه رحمة جعلها الله في قلبه .
ومنها أنه لا يظلم أحد من أهل الإسلام ,فان لكل قدر ويعطى أهل القدر من يرحم الضعيف أكثر .
ومنها أن على الإنسان أن يدرس نفسه ويجد ماذا يقدم , ولا يحتقر عملاً صالحاً يقدمه , فليبحث عن طريقة يمكن أن ينفع بها هذا الدين .
بعض الناس يفتح عليه في إطعام الطعام , فتجده دائماً مضيافاً يحب ان يطعم البطون الجائعة .
وبعض الناس يفتح عليه في الأمر والنهي في الحسبة , فتجده ناصحاً وحريصاً على صلاح الناس بالكلمة اللينة داعياً إلى منهج الله .
والبعض يفتح عليه في العلم , فهو يعلم ويدرّس ويشرح للناس القرآن والسنة , ويقرب الوحي لهم , ويعلمهم بصبر وأناة .
وبعضهم في الحكم بين الناس وفي الصلح في الخصومات , فهو يتحمل الآذيات ويتحمل النفقات , ويجمع بين القلوب المتنافرة , ويؤلف بين الأرواح التي اختلفت وتفرقت .
فهذه فتوحات يفتحها الله سبحانه وتعالى على من يشاء .
المهم أن تكون لك أنت قدم مثل ما كانت لأم محجن .
هي لم تحتقر نفسها وتقول أنا لا أستطيع أن أقوم بشيء , فهي مثلا يعني أنها أمة , وعيني أنها لا تستطع ليس عندها قوة ولا مال , ولا جاه , ولا حسب ولا نسب .
لا ..........لكنها عرفت أن الله سبحانه وتعالى إنما يجزي الناس بأعمالهم , ويقربهم بتقواهم وإخلاصهم , ليس بأنسابهم , ولا بألوانهم .
" ان أكرمكم عند الله أتقاكم " .
فرأت في نفسها أنها تستطيع أن تفعل ذلك .
وبالمناسبة على ذكر تكنيس وتنظيف المسجد وتطييب المسجد , قرأت لأحد علماء الشافعية اسمه أبو شجاع , وهو مؤلف التقريب .
عاش هذه الرجل مئة وعشرين سنة , أما ستون سنة كان وزيراً لأحد حكام العراق .
فلما دخل في الحكم ورأى المظالم , ورأى أكل أموال الناس مع هذا الحاكم , ندم على ما صار منه .
قال : سبحان الله أزهقت نفسي في خدمة هؤلاء الملوك ستين سنة في الوزارة وما نحو ذلك في العراق .
لا يكفّرها إلا أن إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخدم المسجد وأكنس المسجد وأطيب المسجد ستين سنة .
فذهب وسأل الله أن يحييه ستين سنة ليكفّر هذه الستين بتلك الستين , ومكث ستين سنة هو الذي يسرج اللمبات كانت على الزيت في أحد السلف أظنه في القرن الرابع .
وكان يكنس مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأتي بالبخور والعود ويطيب المسجد , ويفتح الأبواب .
ولما أكمل ستين سنة وصل إلى عمر المئة وعشرين قبض الله روحه , فكّفر بهذه الستين بتلك الستين .
ان عندنا أجور عظيمة في الإسلام تنتظرك , تنتظر منك فقط حركة صادقة , تنتظر منك توجه كريم , تنتظر منك مشاركة .
حتى إزالة الأذى عن الطريق صدقة , البسمة صدقة تبسمك في وجه أخيك صدقة , الكلمة الطيبة صدقة , شربة الماء صدقة , بغي من بني إسرائيل أسقى كلباً دخل الجنة .
رجلٌ مر وإذا بغصن شجرة في طريقه يؤذي الناس فأخر الغصن عن طريقهم فشكر الله له وغفر له وأدخله الجنة .
أعمال الخير يا أيها الإخوة كثيرة , هناك جمعيات خيرية مفتوحة أبوابها لكفالة الأيتام , لمساعدة المحتاجين , العجزة , للمصابين , هناك دور للاستشفاء , هناك مستشفيات .
يعني من المقترحات أن تذهب أنت إلى المستشفى كل أسبوع أو شهر ليس بالضرورة أن يكون قريب لك أو أخ أو عم , ولو من المسلمين سلّم عليه ودر على الغرف وادعوا لهم , وأتي لهم ولو بتحف بسيطة ولو بورود , أو بمصاحف , أو بماء زمزم .
سلّم عليهم , ادعوا لهم ويدعون لك .
هذا الذي يبقى لك عند الواحد الأحد .
اللهم تقبل منا و وفقنا إلى ما تحبه وترضاه واهدنا سواء السبيل , والى اللقاء , وبارك الله فيكم .
http://www.alresalah.net/#textsdetail.jsp?pid=324&sec_id=4443