الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته .
في يوم خالد من أيام الإسلام العظيم التي انتصر فيها الإسلام وارتفعت له الأعلام , وثبت فيه الأقدام " يوم القادسية " .
وقبل المعركة بأيام طلب قائد فارس قائد المعركة , قائد الجيش اسمه رستم , طلب من سعد بن أبي وقاص قائد المسلمين الصحابي الجليل رضي الله عنه أن يرسل له رجلاً يتحدث معه .
حتى يفهم ما السبب إلى أن العرب فجأة يخرجون من الجزيرة يريدون يقاتلون الأمم العاتية الكبيرة .
كانت فارس والروم من قبل مثل أمريكا والاتحاد السوفيتي سابقاً , كانت هي الدول الباطشة , الدول الجبّارة , إمبراطوريات عظيمة في الأرض .
ما هو السبب فجأة وإذا بالعرب بالقبائل العربية في الجزيرة , القبائل الفقيرة المسكينة التي ليس لها دولة ولا كيان وليس عندها حضارة تخرج فجأة منظمة يوجد قيادة , ويوجد صفوف , عندهم رسالة , وعندهم وثيقة , ويريدون يفتحون العالم .
و رستم هذا قال : دعونا قبل المعركة نسمع ما عند هؤلاء العرب .
أصلاً العرب , يعني هم يقولون في نفسهم , يقولون لزملائهم كانوا فقراء , وكانوا يجبون الصدقات من عندنا , و كانوا عمالاً عندنا , وكان إذا أصابهم الجوع نعطيهم يعني ننفق عليهم .
فما هو الذي أخرجهم وجعلهم يعني يقيمون جيشاً وقيادتاً ويخرجون إلينا يقاتلوننا ؟ .
فقال سعد : قم يا ربعي بن عامر أحد الصحابة , أحد المؤمنين الفقراء لكنه شجاع وكتلكم وجريء صاحب همة , قال : اذهب إلى رستم فكلمه .
فذهب بفرسه , وكان فرسه كبيراً يعني شاحباً هزيلاً , وعند ربعي بن عامر رمح فيه لفائف , حتى ليس عندهم غمد , الرمح في لفائف من قماش .
وربعي رجل طويل وعليه ثياب بالية قديمة , زاهد , متقشف , مجاهد , عابد , يعني إمامٌ في البطولة .
وذهب هناك وقبل أن يدخل أراد رستم أن يفاجئه ويفجعه بالمشهد ويذهله , ويدهشه , فجمع كبار القادة حوله في خيمة وسرادق وجلسوا على نمارق وعلى يعني آرائك .
وهم كانوا ملوك , كانوا قادة , عندهم من الغنى والثرى دولة .
فدخل ربعي فربط فرسه بطرف الخيمة أو السرادق , وأتى برمحه يطأ به على هذه النمارق ويخدشه حتى وقف أمام رستم .
قال رستم له : ماذا جاء بكم يا ربعي ؟ .
فقال ربعي : ان الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد , ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة , ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام , انتهت الرسالة .
سمعتم ............. هذه الكلمة من أروع ما قيل في التاريخ , من أفصح ما قيل في التاريخ .
هي ملخص لمفهوم ودلالة الإسلام , هي موجز لهذه الرسالة العظيمة " رسالة لا اله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم " رسالة الإسلام .
قال ربعي : ان الله ابتعثنا , فكأن الأمة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنها مبعوثه ببعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
كأنها مكلفة مع رسول الله بهذه الرسالة العظيمة , كأنه لما بعث صلى الله عليه وسلم واتبعه أصحابه وأتباعه كأنهم معه في البعثة يشاركون معه في رفع الرسالة .
ان الله ابتعثنا لنخرج العباد , كانوا في ظلمات من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد , نخرجهم أول مهمة أن تخرج الإنسان من الكفر والإلحاد والشرك إلى الإيمان والتوحيد , ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة .
هذا منطق الدنيا , مع العلم أن فارس وهو يتكلم مع رستم عندهم من الكنوز وعندهم قناطر مقنطرة من الذهب والفضة , وعندهم الجيوش الجرارة , وعندهم القصور ومع ذلك هم في ضيق .
لأن من ليس عنده إيمان , وليس عنده حقيقة الإسلام , ولا عنده نور من الله عز وجل هو في ضيق ولو سكن القصور والدور إذا لم يعرف الطريق إلى الله , إذا لم يعرف الهداية الربانية , إذا لم يسجد للواحد الأحد , إذا لم يتطهر هو في ضيق أصلاً .
ولذلك يقول سبحانه وتعالى : {أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } .
والله يقول عن أعداءه : {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً } , فصاحب الكفر في ضنك , ولو سكن ناطحات السحاب عدو لله وفي ضنك , ولو جمع الدنيا هي في ضنك .
لأن السعادة شيء أخر , السعادة استقرار القلب لموعود الرب والإيمان بالله جل في علاه , والمشي على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولذلك وصف الله الحياة الطيبة التي كان يشعر بها الصحابة ويعيشونها , ومن سار على نهج الصحابة بأنه شيء أخر فوق ما يراه أعداءه سبحانه وتعالى .
يقول : {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } .
نريد أن نصل إلى الحياة الطيبة من خلال كلام ربعي بن عامر , الكلام المؤثر , نريد أن نحفظّ أبناءنا وبناتنا كلام ربعي بن عامر , لأن فيها ملخص وإيجاز للإسلام .
وان الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد , ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة , ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام .
فالأديان جائرة , والدول قبل الإسلام التي لا تحكم بشرع الله كافرةً جائرةً ظالمة , وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقوة العادلة , {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ } , { وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ } .
إذن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بعثوا بالإيمان , بعثوا بالسلام , بعثوا بالعدل , بعثوا بالرحمة , بعثوا بإنقاذ مشروع إنقاذ البشرية من الكفر والطغيان .
بعثوا بحفظ الدماء , وحفظ الأنفس , وحفظ الأموال , وحفظ الأعراض , وحفظ الأنساب .
بعثوا بسعادة الروح , وسعادة النفس , وراحة الضمير , بعثوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو صاحب الرسالة أتوا بهذا الدين العظيم للناس وقد علموا ,
وهذا ربعي بن عامر وفي هذا الزي يقول هذه الكلمات وهو ساخر من هذا الذي يراه من القصور والدور والهيلمان أمامه .
لأنه انتصار أهل الإيمان {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } .
والى اللقاء بارك الله فيكم .
http://www.alresalah.net/#textsdetail.jsp?pid=324&sec_id=4422