الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته .
أيها الإخوة المؤمنون لما كان عليه الصلاة والسلام في غزوة تبوك , ومعه الجيش المسلم وأصحابه خرجوا في سبيل الله يرفعون لا اله إلا الله , يضحون في سبيل الله في الغالي والرخيص والثمين والنفيس .
جلس فرقة معهم , كان خرج بعض المنافقين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر .
خرجوا خوفاً على أنفسهم , خوفاً على أهلهم , وعلى أموالهم , فهم يتظاهرون بالإسلام وهو مندسون في الجيش المسلم يخرجون إنما درأن للسيف , ودرأن للمؤاخذة والمحاسبة عند الإمام الأعظم صلى الله عليه وسلم .
ولما نام جيش رسول الله صلى الله عليه وسلم , منهم من كان يصلي , منهم من كان يقرأ , ومنهم من نام أخذ هؤلاء فئة من المنافقين يأخذون ويتكلمون بكلام يطعنون فيه عن رسول الله والصحابة .
لأن الإيمان ما وصل إلى قلوبهم , فأخذوا يستهزوءن , يقولون : ما وجدنا كقرائنا هؤلاء أرغب بطوناً وأجبن عند اللقاء .
يقولون العلماء الصحابة يقولون يأكلون كثير لكن ما يقاتلون , شاهد الاستهزاء .
والصحابة رضوان الله عليهم من أشجع الناس , وهم عن عدوهم من أشجع الفرسان , وهم الذين صبوا دماءهم في سبيل الله .
ولا ويجد ولا يسمعه بأصحاب إمام لوا رسولٍ ولا نبيٍ ولا مصلح أعظم جهاداً وأعظم هجرةً وأعظم مناصرةً وأعظم شجاعةً منهم رضوان الله عليهم .
ومع ذلك انظروا إلى أهل النفاق كيف نبذوهم في الليل , قال: يحبون كثيراً الطعام يأكلون كثيراً وهم جبناء في المعركة .
وفي الصباح نزل جبريل على سيد الخلق صلى الله عليه وسلم قال : {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ } {لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ } .
دعاهم صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته , يقول أحد الصحابة والله إني أناظر لأحدهم أن يمسك بالناقة وبزمامها وان الحجارة تقذفه بأقدامه , يعني الناقة تضربه بأخفافها بالحجارة , وهو يتعلق بالناقة .
يقولوا : يا رسول الله كنا نخوض , كنا نمزح , لسنا جادين , لا تؤاخذوننا , لا تظنونا جادين , يعني من هذا الكلام الذي يفعله بعض الناس .
الأن بعض المعرضين , بعض الفسقة إذا سب الشريعة وسب الإسلام يقول والله ترى نمزح نعلّق , والله الإسلام دينٌ جميل .
هذا يا أخي دين , هذه شريعة , هذا إسلام أو كفر , الكلمة واحدة من المزح تخرجك , أو الاستهزاء من الملة .
فأتى الحكم من الله سبحانه وتعالى , يقول : يا رسول الله ترانا البارحة كنا نمزح لم نكن جادين .
فأنزل الله الحكم الشرعي , { قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ } , كنتم تمزحون .
{لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ } .
ولذلك أحذّر جميع المسلمين والمسلمات من أراد أن يبقى على قيد الإسلام أن لا يقترب من الشريعة وكاتب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم , من السنة المطهرة مما له اتصال بالدين العظيم دين الإسلام , لا يستهزئ , لا يخسر , لا يمزح .
لأنه دين من عند الله عز وجل , ولأن الاستهزاء هو كفر , السخرية بشيء مما أنزله الله أو أتى به رسول الله كفر .
حتى لو استهزأت بالسواك لأنه من السنة , قلت ماهذا السواك ؟ .
هذا كفر عند العلماء , لأنه إذا كان قصدك لأنه من السنة أو من سنة النبي صلى الله عليه وسلم .
استهزأت بشخص لأنه يتبع السنة لسبب إتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم هذا كفر مخلي من الملة .
فالله حكم في هذه الآية سبحانه وتعالى , بأنهم كفار , خارجين عن الملة .
في الإسلام تكفير نكفّر من كفره الله , نفسق من فسقه الله , نبدّع من بدّعه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
والتكفير هذا هو لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم , يعني يحكم به أهل العلم الراسخون في العلم , هؤلاء الذين يعرفون مواطن التكفير , وموانع التكفير , وموجبات التكفير , وأحكام التكفير , هؤلاء لهم ليس لغيرهم .
فهنا قد أفتى الله سبحانه وتعالى على من استهزأ بالله أو بأسائه وصفاته أو بشيء من شرعه أو بآياته البينات في القرآن , أو بسنة الرسول صلى الله عليه سلم أو بشخص الرسول الكريم العظيم صلى الله عليه وسلم .
فقد خرج من الملة .
فأقول يا أيها الإخوة الجد ثم الجد , والوقار والتوقير والإعزاز , والاحترام عند ذكر شيء من شرع الله عز وجل .
ولا تسمحو لأحد في أي مجلس أو منتدى أو مكان أن يتطاول على هذا الشيء المقدس أو على هذا الفيض المقدس من الوحي ومن الشريعة وعلى الإمام الأعظم صلى الله عليه وسلم في شخصه الكريم أو على ما أتى من عند الله عز وجل عموماً .
لا يكون إلا هناك الاحترام والتوقير , قل : آمنا وسلمنا كلٌ من عند ربنا , ويخبت الإنسان ويخشع لهذا الوحي المقدس كتاباً وسنةً .
وفي هذه القصة أن المنافقين كانوا في عهده صلى الله عليه وسلم , وأنه لا يعلم إلا ما أطلعه الله عز وجل عليه من العلم .
وأنه قد يندس بين المسلمين أناس فيهم نفاق قد يصلون في المسجد لا تدري أنت .
لكن يبطنون البغض للإسلام أو الاستهزاء والسخرية بشيء من تعاليم رسول الله صلى الله عليه وسلم , فلا ندري .
فنسأل الله وهو الحي القيوم ذو الجلال والإكرام أن يثبتنا على الإيمان ويجعلنا ممن اتبع النور الذي بعث به صلى الله عليه وسلم , ويجعلنا مخبتين مؤمنين صادقين مؤمنين , مذعنين , محترمين لهذه الشريعة المقدسة المطهرة البارة .
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً .
http://www.alresalah.net/#textsdetail.jsp?pid=324&sec_id=4415