الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .
أيها الإخوة المشاهدون سلام الله عليكم ورحمته وبركاته .
في حياة عمر , في خلافته , لما تولى الخلافة كان رضي الله عنه حريصاً على توحيد مصدر التلقي , ومصدر العلم والمعرفة عند الأمة كتاب وسنة .
حتى أنه قال لأبي موسى لما أرسله إلى العراق أنك سوف تأتي قوم , يعين في الكوفة لهم دوي في القرآن كدويي النحل فلا تشغلهم برواياتك , يعني لا تقوم تحدث عليهم , مادام أنهم يقبلون على المصحف اتركهم مقبلون على القرآن .
ومنع أبي هريرة من كثر التحديث , يقول : والله لو لم تترك يا أبا هريرة كثيراً ما تقول لأردن بلاد دوس , يعني في بلاد زهران , في السروات .
لأن أبو هريرة كان يحدث في كل مجلس , وهو صادق أبو هريرة لكن كان يكثر من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فخاف عمر يعني أن يهم , أو يدخل عليه اللبس , أو يشتغل حتى لو كان بالحديث عن القرآن , لأن الأصل هو القرآن كتاب الله عز وجل .
وفي أثناء ما عمر رضي الله عنه يحفظ على الأمة مصدر التلقي في التشريع , والمعرفة , والآداب , والأخلاق .
وإذا هو يؤتى بخبر يدخل رضي الله عنه عمر المسجد فيجد رجلاً يحدّث الناس على كرسي من خشب , وعنده كتاب قديم .
هذا رجل أتى يقولون من الشام سافر وجد كتاباً من القصص , من قصص الروم , وقصص فارس , تعرف مثل كتاب ألف ليلة وليلة غبار , أكثره كذب , وأكثره يعني خيالات , وأكثره حكايات وروايات لا أصل لها .
وعندنا والحمد لله انتهى الموضوع , عندنا الكتاب والسنة صدقٌ وحق {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } .
صدق في الأقوال , وعدل في الأحكام .
فأتى قال عمر : ماهذا ؟ .
قالوا : هذا رجل يا أمير المؤمنين يحدث الناس بكتاب عنده من أخبار دانيال , قصة يعني وقصص وحكايات في الجاهلية , وحكايات عند فارس , وحكايات عند الروم , والناس منصتون .
فأتى إليه عمر وسحبه وضربه بالدرة , وقال : يا عدو نفسك ماذا تفعل ؟ , الله يقول : {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ } , وأنت تقص علينا من قصصك .
الأن هذا فهم الصحابة , فهم عمر , فهم أنه أتى لرسالة جديدة فيها القصة , فيها الرواية , فيها المثل , فيها الشاهد , فيها الحكمة , فيها المعتقد , انتهى فيها شريعة كاملة { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً } .
وهذا الفرق بينه وبين الصحابة , الصحابة أقبلوا على أن الشريعة كاملة أخذوا قصصهم من القرآن , وأخذوا أحاديثهم من القرآن , وأحكامهم من القرآن والسنة , وتشريعهم , وآدابهم , وأخلاقهم , وكل شؤون حياتهم .
نحن خلطنا مع القرآن غيره , نحن الأن ندرس أنا أذكر أنني درست أنا في المرحلة المتوسطة سبة عشر مادة , تصور نحن أطفال ندرس سبعة عشر مادة , ولم نخرج إلا بالقليل من المعرفة ,حشروا علينا مواد لا صلة لها في تخصصنا , ولا باتجاهنا , ولا بنفعنا , إما ضيقت علينا مواد الدين ومواد العربي .
فأدخلوا الجغرافية , وتاريخ , وثقافة , وذاك الوقت هي الأن سحبت في تلك الدفعة التي كنا فيها , كيمياء , وفيزياء , وأحياء , وحساب , وجبر , وهندسة , وما يزيد عن ما قلته لكم , سبعة عشر مادة .
ثم زحمت هذه المواد الكتاب , والسنة , والفقه , والحديث فضعفنا في هذه ولم نحصل على هذه على طائل .
فالرسول عليه الصلاة والسلام لما أتى بهذه الشريعة فهم الصحابة أن هذا المنهج الرباني كامل فاستفرغوا وقتهم , وعقولهم , وقلوبهم لمعرفة هذا النور الذي بعث به صلى الله عليه وسلم .
حتى أنه ذكر الحافظ والكثير من أصحابه قالوا : يا رسول الله لو قصصت علينا , يعني كان عندهم ملل في الوقت يريدون قصص يعني عجائب .
فأنزل الله {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ } .
وأنزل الله سورة يوسف وغيرها من قصص القرآن .
فمكثوا فترة , ثم قالوا : يا رسول الله لو حدثتنا , يريدون حديث من أحاديث الثورة , الأخبار , وأحاديث الأمم .
فأنزل الله {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً } .
قالوا : يا رسول الله لو وعدتنا .
فأنزل الله {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ } .
فأحسن المواعظ القرآن , وأحسن القصص القرآن , وأحسن الحديث القرآن , السنة .
فهنا عمر رضي الله عنه أدّب هذا الرجل , لم يقل كما يقول بعض الناس الأن عندنا يقول : يا أخي وسّع مدارك الناس , اتركهم يقرؤون كل شيء أطفالك .
يا أخي طفلك هذا قد يكزن ضعيف الإرادة , وقد يقرأ معلومة حتى يقرأ مقالة في الانترنت قد تغير منهجه , إما تخرجه إلى الغلو , أو التحلل من الدين , أو الشك في الرسالة , أو الإلحاد والعياذ بالله .
يدرسون بعض الأطفال قصص بوليسية , وقصص السرقات , وقصص اللصوصية , فيتحول الابن إلى سارق وناشل يشعر أن هذا هو الحق , طفل صغير .
فينبغي علينا أن نفعل فعل عمر نحصّن بيوتنا , مسألة الانترنت لا تفتحه للأطفال , القنوات الفضائية لا تجعل الطفل يناظر كل القنوات الفضائية وكل ما يعرض لأنه يعرض فيه سحر , يعرض الحاد , يعرض شك .
بعض القنوات الأن مخصصة في السحر والدجل والكهانة والشعوذة , بعض القنوات تتكلم بالإلحاد والشك في الدين , بعض القنوات تأتي بمبتدعة يأتون بأحاديث موضوعة أحاديث مكذوبة ويتكلمون بها .
يصدق الطفل أو الطفلة ما يدرون , يشعرون أن هذا هو الحق .
فعمر رضي الله عنه انتبه لهذه المسألة قال : لا , ومنع هذا وأدّبه , وليكفينا الكتاب والسنة .
لأنه لو ترك عمر رضي الله عنه كان أتوا بكتب الفلسفة , وكتب الإلحاد , وكتب الزندقة , وكتب السحر , وكتب الشعوذة , بحجة يعني توسيع مدارك الأمة , وزيادة معرفة الأمة كما يستنطق بها بعض الجهلة والأغبياء .
لا منع ذلك رضي الله عنه .
ولذلك أخطأ المأمون الخليفة العباسي لما ترجم كتب الفلسفة ,وكتب المنطق , وعلم الكلام .
حتى يقول ابن تيمية : ان الله لن يغفر عن المأمون ما فعله من ترجمة لكتب الأمم الأخرى , لأنها أخرجت جيل مشكك , وأخرجت الجاهلية , وأخرجت فلاسفة عندنا يشككون في الدين .
ورد عليهم الإمام الغزالي حجة الإسلام غفر الله له في كتاب " تفاهة الفلاسفة " .
أسأل الله أن يثبتنا على الكتاب والسنة والوحي المقدس .
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .
http://www.alresalah.net/#textsdetail.jsp?pid=324&sec_id=4383