الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته .
أيها الأخوة المشاهدون نعيش مع الرسول عليه الصلاة والسلام في هذه الدقائق وهو مصلحاً بين الخصوم .
الأن ننتقل إلى مزرعة اختلف فيها الزبير ابن عوام ابن عمته صفية , ورجل من الأنصار مسلم .
الرسول صلى الله عليه وسلم يعيش الحياة لأنه أتى لإصلاح الناس في المزارع , في البيع والشراء , في بهيمة الأنعام , في الملابس , في الصلاة , في الزكاة , في السلم والحرب , في الأخلاق والآداب , في كل مسألة من مسائل الحياة .
دعي صلى الله عليه وسلم ليصلح بين الخصوم ابن عمته الزبير بن عوام أحد العشرة المبشرين بالجنة وهو مهاجر من المهاجرين , وهو حوالي الرسول صلى الله عليه وسلم في الجنة , ورجل شجاع لا أشجع منه , وأنصاري .
مزرعة الزبير , كانوا أهل مزارع وأهل رعي , وأهل ابل , وأهل غنم , ولكن إذا وصل مسألة الدين والإسلام ضحوا بالنفوس والإبل والبقر والغنم وكل شيء للا اله إلا الله محمد رسول الله .
بخلاف غيرهم ولو كانوا مسلمين متأخرين , فإنك تجد المسلمين المتأخرين عنده عقار , وعنده مال وعنده أسهم , لكن لا يستطيع أن يضحي بها إلى الإسلام , يعني يعطي الإسلام بعض الوقت , ويعطي الدين بعض الصدقة يتصدق بها , لكن وقته كله في البنك , وقته كله في الشركة , ووقته كله في المؤسسة , وقته كله للكسب وللعقار .
هذا خلاف الصحابة .
فهنا دعي صلى الله عليه وسلم مزرعة الزبير كانت مرتفعة عن مزرعة الأنصاري والماء يمر من السقي يعني من البئر في قيد , يعني في مسرب يمر إلى مزرعة الزبير .
فالأنصاري تضرر يقول انه يقطع علي الماء يتأخر , لأن الزبير يسقي مزرعته أولاً ثم يترك الماء بعدها ينزل ويصب في مزرعة الأنصاري .
حضر صلى الله عليه وسلم ورأى المسألة وأراد أنت يصلح بالتي هي أحسن , ولم يحكم حكماً شرعياً الأن , أصلح صلحاً , والصلح في صالح الأنصاري .
قال : يا زبير إذا وصل الماء إلى الكعب أو نحو ذلك فاترك الماء يمر إلى الأنصاري .
فغضب الأنصاري , انظروا الشيطان يؤذ الناس , وغضب وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أئن كان ابن عمتك , يقول تحكم له لأنه ابن عمتك .
الله أكبر , سيد الخلق صلى الله عليه وسلم أعدل من خلق الله الذي أتى بالعدل يحكم لأجل إنسان لأجل ابن عمته أو ابن خالته , متى يكون هذا ؟ .
يقول عليه الصلاة والسلام : واي والله , وهو البار الراشد صلى الله عليه وسلم , واي والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ,حاشى أن تسرق ,
لكن هذا عدله صلى الله عليه وسلم , لا يمنعه من العدل أحد لا ابن عمة ولا ابن خالة أو بينت , أو قريب , لأنه أعدل الناس , أتى بالشريعة , هو الذي أتى بالقرآن الذي فيه {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ } وأتى { وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ } .
فلما قال الأنصاري هذا غضب عليه الصلاة والسلام , وحق له أن يغضب .
لأنه تذكرت في تقسيم الغنائم كان صلى الله عليه وسلم يقسم الغنائم التي أتت من الإبل , والبقر , والغنم , فقام رجل كثيف اللحية , ناتئ العينين , بادئ الجبين , أشعث , أغبر .
بغضب قال : هذه القسمة اعدل يا محمد فان هذه القسمة ما أريد بها وجه الله .
فغضب صلى الله عليه وسلم وأحمر وجهه والتفت إلى الرجل , وقال : خبت وخسرت , من يعدل إذا لم أعدل , من يعدل في العالم إذا لم أعدل , يقول : خبت وخسرت .
الله يقول : ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء .
يقول أنت ما تستأمنوني , أحكم بينكم في ذهب وفضة , ولا بقر , ولا غنم , ولا ابل , والله استأمنيني على الوحي , وعلى الكتاب , والسنة أبلغه الناس , كيف يذهب بهذا العقول , كيف هذه العقول , يعني تفوت على أصحابه , كيف تشرد هذه الأذهان ! .
الله عز وجل استأمنه جعله أميناً على الوحي , على الشريعة , على الكتاب والسنة , والأن يخونه بعض الأعوذ بالله مرضى القلوب في تقسيم الإبل , و البقر , والغنم ! .
فلما قال الأنصاري : أئن كان ابن عمتك .
غضب صلى الله عليه وسلم , الأن جاء الحكم الذي ليس في صالح الأنصاري حكم شرعي , كان الصلح أوفق به .
قال : يا زبير احبس الماء حتى يرجع الجذر , أو يعني أكثر بقليل أحبس الماء قليلاً لمزرعتك , وهذا حكم شرعي .
وعاد صلى الله عليه وسلم وأنزل الله قولاً في هذه المناسبة : {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً } .
لن تؤمن حتى تحكّم الرسول صلى الله عليه وسلم عليك ظاهراً , وباطناً , وسراً , وجهراً , تحكّمه في حياتك , في سنتك , في لباسك , في آدابك , في أخلاقك , في معتقدك , في تعاملك , في كل شؤون حياتك .
تجعله حكماً , إماماً هو ليس عندنا قدوة سياسي , لا حاكم , لا رئيس , لا ملك , لا أمير , لا شيخ , لا عالم , لا مفتي , لا فقيه , ما عندنا معصوم إلا هو صلى الله عليه وسلم , هو إمامنا وقدوتنا , ولن تدخل الجنة حتى تتبعه {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً }.
فالله نفى الإيمان عمن لم يرضى برسول الله صلى الله عليه وسلم حكماً , ويجعله حكماً في خصوماته , وحكماً في سنته , وحكماً في شريعته , فيحكّمه على كل كبيرة وصغيرة في شؤون حياته .
حكّم رسول الله صلى الله عليه وسلم في عبادتك , حكّمه في خلافك , يعني اسأل إذا كان هذا هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه سنته اجعله صلى الله عليه وسلم هو المقدم , وسنته المقدمة , ورجّع العادات عادات الآباء والأبناء تحت السنة خادمة لمنهج رسول الله صلى الله عليه وسلم .
شيء يخالف سنته صلى الله عليه وسلم نرفضه ندوسه بالأقدام نرميه , وسنته نرفعها عليه الصلاة والسلام .
كما قال إمام دار الهجرة مالك ابن أنس أبو عبد الله صاحب الموطأ المحدث السني الكبير , العالم , الرباني , قال : ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر , يقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فصلى الله وسلم على نبيه المصطفى وآله وصحبه ومن والاه , والى اللقاء .
http://www.alresalah.net/#textsdetail.jsp?pid=324&sec_id=4372