الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته .
أيها الأخوة المشاهدون كان رسولنا صلى الله عليه وسلم يحدث الناس عن الجنة , وهم جلوس ينتظرون هذا الحديث بلهفة وشوق وحب وأتباع .
قال عليه الصلاة والسلام : إن للجنة أبواب ثمانية , فمن كان من أهل الصلاة دعي من أهل الصلاة , ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الصيام , ومن كان من أهل الصدقة دعي من أهل الصدقة , ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد إلى آخر تلك الأبواب .
يعني أن من اشتهر عنه كثرة الصلاة والنوافل حتى أصبح مصلياً ليس الفريضة لأن كل مسلم ومسلمة يصلون الفرائض , لكنه أكثر من النوافل حتى صارت الصلاة سمة بارزة له فانه يدعى يوم القيامة من يأتي من باب الصلاة أن يدخل الجنة من باب الصلاة .
وكذلك الصيام والصدقة والجهاد وغير ذلك .
سكت الناس إلا رجل هو في المقدمة دائماً هو دائماً سباق إلى الخير وهو مفتاح للخير , وهو أول من أسلم من الرجال أبو بكر الصديق .
قال : يا رسول الله , وهذه هي الهمة التي قادت أبا بكر الصديق همةٌ تنطح الثرية وعزمٌ نبوي يزعزع الجبال , همة تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء , مع العمل أن أبا بكر رضي الله عنه كان هزيل الجسم ضعيف البنية , لكن في قلبه عنده قلبٌ يتوقد , عنده نفسٌ تتوهج .
لكن مثل كثير من الناس أجسام كبيرةٌ وجثث هائلة وقلوب ميتة , حتى يقول الله عن أعدائه {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ } , أما أبو بكر الصديق فعنده همة وقلب .
فقال : يا رسول الله هل يدعى أحد من الأبواب الثمانية ؟ , هل واحد من الناس من المسلمين يدعى , يعني يكون بارز في الصلاة والصيام والصدقة والجهاد فيدعى ؟ .
قال : نعم أرجو أن تكون منهم , هو يدخل من بابٍ واحد لكن إكراماً وحفاوتاً به يدعى من الأبواب الثمانية .
فانظر إلى هذا الرجل يقول صلى الله عليه وسلم : أرجو أن تكون منهم .
قال : ذاك الذي لا حرج عليه ولا مشقة .
فأبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه لهمته لم يقل يكفي أن أدعى من باب , لكنه يسأل هل أحد من الناس يدعى من أبواب الجنة الثمانية .
ولذلك هو رضي الله عنه وأرضاه , سأل صلى الله عليه وسلم أصحابه مرة من المرات : من تصدق اليوم منكم بصدقة ؟.
قاتل أبو بكر : أنا , لأنه لابد أن يتكلم , يعني هذا في موقف البيان هذا في موقف الجواب , قال : أنا .
قال : هل عاد منكم أحد اليوم مريضاً ؟ .
قال أبو بكر : أنا .
قال : أحد منكم شيّع جنازة ؟ .
قال أبو بكر : أنا .
فعدد أفعال صلى الله عليه وسلم صالحة , قال : ما اجتمعت في امرئ واحد في يوم واحد إلا دخل الجنة .
فأبو بكر أول من هاجر مع الرسول صلى الله عليه وسلم , أول من أسلم , وهاجر مع الرسول صلى الله عليه وسلم , وجلس معه في العريش في بدر , وأنفق أمواله كلها في سبيل الله , وكان في الصف الأول , وكان أمر بالمعروف وناهي عن المنكر , وكان مقدماً نفسه وماله وجهده في سبيل الله , فاستحق بهذه المنزلة العظيمة الرفيعة رضي الله عنه وأرضاه .
فيا من عنده همة صغ هذه الهمة لتنجو منها من غضب الله عز وجل , ليست الهمة هي التي يصرفها الناس في جمع الدنيا ونسيان الآخرة وفي عدم اهتمامهم بدينهم وما يقربهم من ربهم , فان هذا أمر مشترك .
قد تجد عن بعض غير المسلمين من الهمم الدنيوية ما يفوق الوصف , هاهم قد شقوا الفضاء وذهبوا إلى المريخ وعطارد , ولكنهم كما قال ربنا عنهم : {يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ } .
إن شريعةً هذا هو هديها في هدي أصحابها وأتباعها كما حصل لأبي بكر رضي الله عنه , هي جديرة أن تخرج أجيالاً آخرين مؤمنين صلحاء , وإننا ننتظر بإذن الواحد الأحد من أبنائنا وأحفادنا وإخواننا وأصدقائنا من يسر على هذا المسار .
متى حققنا شيئاً واحداً , متى ما اعتصمنا بهذا الوحي الذي اعتصم به صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم , لقد تربوا على القرآن والسنة ولذلك لم يكن عندهم مدارس ولا جامعات , ولم يكن عندهم دورات تدريبية ولا معاهد .
ولكنهم والحمد لله كانوا أسوة في الخير وكانوا مُثلاً عليا , كانوا نجوماً تزدهر بالفضل وبالإحسان وبالبر , ولذلك هم الذين رفعوا شمس الحضارة , وهم الذين أسسوا أعظم رسالة عرفها الإنسان , وأنظر هذه الانتصارات التي حققوها في ربع قرن أين وصلت بفضل تمسكهم بالدين .
وأعظم همة يملكها الإنسان الهمة التي تنجيه من غضب الله وتسعده في الدنيا والآخرة , وهمة أبي بكر الصديق هو همة وصلته إلى أن يسأل عن أبواب الجنة الثمانية هنيئاً لأبي بكر الصديق فهو في الزكاة وفي النفقات أول المنفقين فيدعى من باب الصدقة , وهو في الصيام كثير الصيام فيدعى من باب الصيام , وفي الجهاد .
أذكر له موقفاً طريفاً واحداً لما مات صلى الله عليه وسلم أوصى أن يقود الجيش أسامة بن زيد وهو مولى أسود للرسول صلى الله عليه وسلم يقود الجيش في غزوة من الغزوات , ومن تحت إمرته أبو بكر وعمر .
فذهب أبو بكر يودع أسامة وأسامة على الفرس وأبو بكر يمشي حافياً فخجل أسامة وأراد أن ينزل من على الفرس لخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم , قال أبو بكر : والله ما تنزل و والله لأركب وما علي أن أعبر قدمي ساعة في سبيل الله .
جزاه الله خيراً وإخوانه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , والى اللقاء أثابكم الله .
http://www.alresalah.net/#textsdetail.jsp?pid=324&sec_id=4352