الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله , و على آله و صحبه و من والاه .
أيها الأخوة المشاهدون , كان رسولنا صلى الله عليه و سلم على دابة , قيل على حمار أو بغلة , و رديفه , ابن عمه , عبد الله بن العباس الشاب , الذي سار فيما بعد تلجمان القرآن و حبر الأمة و بحرها .
ابن عباس هو شيخ و إمام المفسرين على الإطلاق .
جعله صلى الله عليه و سلم , كما مر معنا , أن يفقهه الله في الدين و أن يعلمه التأويل , فصار آية من الآيات , و هو شاب .
كان ردفا مع الرسول صلى الله لعيه و سلم , خلف ظهره , ركب معه , و مشت الدابة بهم , فقال صلى الله عليه و سلم يا غلام , قال لبيك و سعديك يا رسول الله .
فمشى قليلا و قال , يا غلام , قال لبيك و سعديك يا رسول الله .
قال يا غلام ثالثاً , قال لبيك و سعديك يا رسول الله , حتى يتهيأ و يستعد .
إني أعلمك كلمات , احفظ الله يحفظ , احفظ الله تجده اتجاهك , تعرف على الله في الرخاء , يعرفك في الشدة .
إذا سألت فاسأل الله , و إذا استعنت فاستعن بالله .
و أعلم أن الأمة , لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء , لم ينفعوك بشيء إلا قد كتبه الله لك .
و إن اجتمعوا على أن يضروك , لم يضروك بشيء إلا قد كتبه الله لعيك .
رفعت الأقلام و جفت الصحف .
و اعلم أن النصر مع الصبر و أن الفرج مع الكرب , أن مع العسر يسرى .
هذا الحديث من الأربعين نوية .
هذا الحديث عظيم , هذا الحديث يسميه بعض العلماء مدهش .
هذا الحديث يقول بعض العلماء , و الله أكاد أذهل إن قرأت هذا الحديث .
حديث احفظ الله يحفظك , فيه من المعاني الجليلة ما الله به عليم .
و لذلك أقف أنا عند كلمة احفظ الله يحفظك , ما أجمعها ,ما أروعها , ما أكثر تأثيرها من عرف مدلولها و عرف مقصودها .
فقوله صلى الله عليه و سلم احفظ الله يحفظك .
يعني احفظ الله في أوامره و نواهيه , تأتمر بأوامره و تنتهي عن نواهيه .
تحفظ الله في شريعته و عبادته , يحفظك .
يحفظك من كل مكروه , يحفظك من كل شيء .
يحفظك من سوء العاقبة , يحفظ من الهوى و الشيطان , يحفظك من النفس الأمارة , يحفظك من أعدائك و خصومك , يحفظك من الحاسد و الساحر و نحو ذلك .
يعني يحفظك من كل ما يضر , و تكون محفوظاً برعاية الله و تحت رقابة الله و في حصن الله .
احفظ الله يحفظك , و هذا أحسن ما يقال في الباب .
و لذلك بعض الصالحين , إذا حفظت الله حفظك , حتى يفي عمرك و حتى في أيامك و حتى في ذريتك و حتى في أهلك .
و كان المحب الطبري , احد الأولياء و العلماء الكبار , بلغ الثمانين , و ركب مع تلاميذه بسفينة , فلما أراد النزول , في دجلة و الفرات , أراد النزول على الشاطئ .
أتى الشباب يريدون أن يقفزوا الطلاب , ما استطاعوا , و قفز و هو في الثمانين .
قال له طلابه , أنت يا شيخ تقفز و نحن ما استطعنا , قال هذه أعضاء حفظناها في الصغر , حفظها الله علينا في الكبر .
يعني أعضاء أيدينا و أعضاء الجسم , و الجوارح , حفظها من المعاصي .
فحفظ الله عليه جسمه لما كبر , في الثمانين , و يقفز قفزة .
و هذا أمر معلوم , فإن من تولى الله في طاعته , تولاه الله برعايته .
و من حفظ الله في أوامره و نواهيه , حفظه الله فلا يأتيه ما يؤذيه أبداً .
حكمة و قدرة نافذة .
تدري أنك لو صليت الفجر في جماعة , يصرف عنك من السوء ما الله به عليم , و لذلك صح عنه علي الصلاة و السلام عند مسلم .
من صلى الفجر , فهو في ذمة الله , من صلى الصبح , فهو في ذمة الله .
فالله الله , ليطلنكم الله من ذمته بشيء , فإنه من طلبه أدركه , و من أدركه كب على وجه في النار .
الصدقة التي تتصدق بها , إنها حفظة لك , حفظة لذريتك , حفظة لأهلك .
فعل الخير للناس , يوم تقوم تصلي في الليل و تتهجد , يدفع الله بك بهذا من السوء و يرعاك و يتولاك , لأن أعمال الطاعة أصلا هي .
هي أسوار أنت تحيط بها نفسك , و تحفظك بإذن الله .
هي حيطان تبنيها أنت , فتدفع عنك الضراء و تدفع عنك الشؤم , و تدفع عنك السوء .
إننا بحاجة أيها الجيل , بحاجة إلى أن نتخذ عند الله أعمال صالحة , و لهذا الرسول صلى الله عليه و سلم , عندما أوصى ابن عباس , لم يوصيه بمسائل حياتية , و أو مسائل اجتماعية .
تكثر الآن , الآن الناس يقول , أتريد أن تنمي مالك و ثروتك , فغن الأسهم أحسن مجال في هذا , و بعضهم ينصحك بالعقار .
و البعض الآخر بالدراسة في الخارج .
مع العلم أن هذه الأمور , الحمد لله لم نقصر بها و هذه يدركها كل العالم , حتى الكوري و الصيني و الياباني , يدركون هذه الأمور تلقائية .
لكن الرسول صلى الله عليه و سلم أتى إلى ما ينفع الإنسان و ينجيه .
لأنه إذا حفظ الله , سوف يسهل له العمل و الوظيفة و التجارة و الرزق و كل شيء .
الله سبحانه و تعالى هو الذي يملك الدنيا و الآخرة .
الله الذي لديه الرزق سبحانه و تعالى .
فأنت إذا حفت الله سيسهل لك كل طريق , حتى السفر يسهله لك , الزوجة , البيت , الراتب , النجاح , التفوق ,الانتصار , كل مسلك .
كل مسلك بفي الحياة , الله يملك ذلك .
فالرسول صلى الله عليه و سلم أتى إلى ما يمكن أن يكون به الإنسان , فأوصاه بحفظ الله عز و جل .
يقول , احفظ الله يحفظك , احفظ الله تجده اتجاهك .
أي معك أينما وجهت , يرعاك و يتولاك , و يدافع عنك و هذا ثمرة حفظ الواحد الأحد .
ثمرة التقوى , من ثمراتها حفظ الله للعبد , و تولي الله لعبده سبحانه و تعالى .
فأسأل الله أن يحفظنا و إياكم , و يحفظ جميع المسلمين و إلى لقاء .
و سلام الله عليكم و رحمته و بركاته .
http://www.alresalah.net/#textsdetail.jsp?pid=324&sec_id=4337