الحقوق محفوظة لأصحابها

عائض القرني
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .

سلام الله عليكم ورحمته وبركاته وبعد .

كان عند الرسول عليه الصلاة والسلام غلامٌ يعيش معه في بيته اسمه عمر بن سلمة , وكان هذا الغلام طفلٌ صغير أتى يتناول الغداء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأكل من صحن واحد .

والصحن فيه أكلٌ واحد ليس أنواع مختلفة , فقام تضرب يده بالصحن , على عادة الأطفال إذا لم يكن عندهم توجيه أو أدب أو سنة فأخذ الطفل مرة يأكل من اليمين , ومرة يأكل من اليسار , ومرة يأكل من الوسط .

فاختصر له صلى الله عليه وسلم آداب الطعام في سطر واحد , وهو معلم البشرية و هادي الإنسانية صلى الله عليه وسلم , وهو الذي أتاه الله جوامع الكلمة .

وهذا الأدب في سطر واحد جمع كل آداب الطعام , قال : ياغلام سم الله وكل بيمينك , وكل مما يليك , فصلى الله عليه وسلم علم أبلغه , وما أفصح هذا القول , وما أعظم تأثيره .

يقول : يا غلام سم الله , وكل بيمينك , وكل مما يليك , وهذا ينبغي أن نعلم الناس , نعلم أطفالنا , وبناتنا هذا الأدب بهذا الحفظ والتطبيق .

فأما قوله : يا غلام سم الله , فالتسمية في أول الطعام سنةٌ مشروعة منه صلى الله عليه وسلم والبركة لأنك إذا ما سمى الإنسان يشاركه الشيطان في الأكل , كما صح عنه عليه الصلاة والسلام .

وإذا دخل الشيطان في البيت فسم صاحب البيت على الطعام قام قال : لا حظ لكم في الطعام , فإذا سم في الدخول قال : لا حظ لكم في المبيت , فإذا ترك التسمية على الطعام وعلى دخول المنزل قال الشيطان : أدركتكم المبيت والعشاء .

فينبغي أن نعلّم بيوتنا وأهلنا البسملة , التسمية , قال : يا غلام سم الله , والسنة تقول : بسم الله , إذا أتيت تأكل وتشرب , سواءً كان يعني أكلاً كثيراً أو قليلاً , لقمة أو نحوها , حتى لو تتناول بعض المكسرات أو بعض الحب تضعه في فمك فالسنة تقول : بسم الله , حتى يبارك الله عز وجل وتكون بركة الله في هذا الطعام والشراب حتى لو شربت قهوة أ, شاي أو نحو ذلك فتسمي الله عز وجل .

فسم الله , وكل بيمينك , فالسنة عند أهل الاسلام , سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تأكل بيمينك إلا لعذر شرعي أن تكون مجروحاً لا سمح الله أو شيء فيجوز لك باليسار .

أما وهذا فانك تتناول الطعام بيمينك وهي هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الذي خافنا فيه الأمم الأخرى , الأمم الأخرى تأكل بالشمال واليمين .

ونحن من اقتضاء الصراط المستقيم ومخافة أصحاب الجحيم كما قال ابن تيمية : نخافهم فيما ورد فيه السنة سنة الرسول صلى الله عليه وسلم أو ما امتازوا به عنا , فإننا نخافهم كما بين صلى الله عليه وسلم في عدة أحاديث .

قال : وكل بيمينك , وكل مما يليك , أنت تأكل يقول أهل العلم : إذا كان الطعام واحداً ونوعاً واحداً فانك تأكل مما يليك , فان هذا هو الأدب , وهو الأليق , لأن الناس يتقذرون مما تضرب يده بالصحن وهذا لا يناسب الأدب ولا الحياء .

فبين له صلى الله عليه وسلم , ومنها تأديب الصغار على معالم الأمور وعلى الآداب الإسلامية والأخلاق الفاضلة , والشريعة المحمدية على صاحبها الصلاة والسلام , فابنك وبنتك أمانة عندك , إذا أتوا يأكلون كرر عليهم هذا الأدب , وعلمهم بأذكار الصباح والمساء , وأذكار النوم , وأذكار اليقظة , حتى ينشئوا على ذلك .

ثم أنت الذي يحصد الثمرة فيما بعد , أنت الذي تجد الثمرة , لأن هؤلاء الأبناء والبنات سوف يدعون لك .

يقول أحد الصالحين : ما أحسن أن يكون عندي أبناء يصلون في كل غرفة , هذا يدعوا وهذه متحجبة تدعو وهذا يتصدق عنك وهذا يذكرك بخير , بشرط أن تربيهم أنت على الأدب الإسلامي , بشرط أنك تكون قدوة لهم وراعياً لهم فتجني الثمرة المباركة من الدعاء لك بعد موتك .

ما أحسن والله أن تكون في قبرك وتخلف ولداً صالحاً أو بنتاً صالحة يدعون لك ليلاً ونهاراً في الحج وفي العمرة وفي رمضان وفي كل صلاة ويتصدقون , هذا والله هذا والله الثروة .

ولذلك الأبناء الصالحون أعظم من الثروة , وأجل و أرفع , فوصيتي أن نتقيد بآداب الرسول عليه الصلاة والسلام آداب السنة عند الطعام , عند الشراب , عند النوم , حتى نكون على بصيرة من أمرنا , وحتى نطبق هذه السنة .

السنة يا أخوة ترى ليست للحفظ فقط أو للتأليف , السنة ليست قصص سمر مثل كتاب ألف ليلة وليلة , وكتاب الأغاني أو بدع الزهور , لا هذه تعاليم ربانية , هي والقرآن شريعة لابد أن نعمل بها ونطبقها بقدر ما نطبق ونعمل ننجو , بقدر ما نترك نعاقب ونحاسب على ذالك .

ما دام أننا رضينا بالله رباً , وبالسلام ديناً , وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً , فلابد أن نجعل هذه الإمام الأعظم أمامنا صلى الله عليه وسلم في أكله , في شربه , في صلاته , في حجه , في كل شأن من شؤون حياته صلى الله عليه وسلم .

حتى هو صلى الله عليه وسلم ينبهنا على هذا , يقول في الحياة : من رغب عن سنتي فليس مني .

ويقول صلى الله عليه وسلم في الحج : " خذوا عني مناسككم " هو وحده .

ويقول في الصلاة : " صلوا كما رأيتموني أصلي " .

فلابد أن تجعله إمامك دائماً في كل أمر وفي كل شر , في كل صغيرة وكبيرة , حتى في النوم اسأل , اسأل نفسك كيف كان ينام صلى الله عليه وسلم , كيف كان يذكر الله ماهي أذكار النوم .

لأن الثقافة الدينية عند كثير من الناس قلت الأن مع تغييب الهوية الإسلامية , الأن الهوية الإسلامية تسحق عند كثير من الناس .

الأن بعض الناس يربون على أيدي أناس من شرق أسيا , من الفلبين أو اندونيسيا أو غيرها بحيث لايعلمون السنة , يربى أطفالهم على ذلك , وترك بعض الناس أطفالهم للانكليزية , والايطالية , مربية فرنسية .

حتى أنني أفاجئ ببعض الصحف يقول : إنكم تربوا أبناءكم تهدءوا أعصابهم بالموسيقى , متى كانت الموسيقى تهدئ أعصاب أبناءنا !.

ألسنا من وحي سماوي , الله أنزل أحسن أحاديث { أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } .

أفيقوا أيها المسلمون , وعودوا إلى الشريعة والكتاب والسنة وفقنا الله وإياكم إلى ما يحب ويرضى .

وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته .

http://www.alresalah.net/#textsdetail.jsp?pid=324&sec_id=4333