الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .
أيها الأخوة المشاهدون سلام الله عليكم ورحمته وبركاته .
معنا في هذه الحلقة صحابي جليل اهتز له عرش الرحمن , عرش الله اهتز لهذا الرجل الإمام الصحابي لما قتل شهيداً رضي الله عنه وأرضاه .
وهذا الصحابي أنصاري هو سعد بن معاذ سيد الأنصار , لما هاجر صلى الله عليه وسلم كان من مستقبليه ومن أول من أسلم , وكان رجلاً صبيحاً ,مليحاً , طويلاً , جميلاً , فصيحاً , سيداً في قومه .
حضر بدر من جانب الأنصار , وحضر صلى الله عليه وسلم يقود المعركة , وأراد أن يستشير صلى الله عليه وسلم الناس حتى يطمأن لرأي الأنصار , لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ضمن المهاجرين الذين أتوا من مكة يضمنهم صلى الله عليه وسلم .
أما الأنصار فلا يدري هل هم مصممون على القتال معه حتى خارج المدينة , لأن الاتفاق بينهم صلى الله عليه وسلم وبين الأنصار أن يحموه داخل المدينة مما يحموا منه أبنائهم ونسائهم , لكن خارج المدينة , لأن بدر خرج صلى الله عليه وسلم لها خارج المدينة حول ثلاثمائة أو أربعمائة كيلو , لم يضمن صلى الله عليه وسلم الأنصار .
فأستشار الناس قبل المعركة بيوم , فقام أحد المهاجرين المقداد بن اسود فذكر كلاماً ودعا له صلى الله عليه وسلم , فالتفت صلى الله عليه وسلم إلى الأنصار كأنه يريد أن يسمع رأي الأنصار هل هم سوف يقاتلون معه أم لا ؟ .
قال سعد بن معاذ : يا رسول الله كأنك تريدنا ؟ .
قال : نعم .
فقام سعد كأنه علم في رأس ناقة , وقال : يا رسول الله صل حبل من شئت , واقطع حبل من شئت , وأعطي من شئت , وامنع من شئت , وحارب من شئت , وسالم من شئت .
و الله لنقاتلن بين يديك , وعن يمينك , وعن يسارك , ومن خلفك , والله يا رسول الله لو خضت بنا البحر لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد .
والله يا رسول الله لو خضت بنا البرق من غمدان لخضناه معك , والله يا رسول الله إنا لصبرٌ في الحرب , صدقٌ عند اللقاء , وعسى الله أن يريك منا ما تقر به عينك .
وأتت المعركة فخاضها الأنصار مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بدر ونصرهم الله .
وحفظ صلى الله عليه وسلم هذا الموقف العظيم , الجليل لسعد بن معاذ , وقام عليه الصلاة والسلام لمحاربة اليهود بني قريظة لما نقضوا العهد بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم , خانوا الوثيقة , غدروا .
فأنزلهم صلى الله عليه وسلم من الحصون على حكمه , قالوا :ما نرضى يحكم بيننا إلا سعد بن معاذ , يقول اليهود , لأن سعد بن عاز الأنصاري كان صديقاً لهم في الجاهلية قبل الإسلام , فظنوا قاتلهم الله سوف يراعيهم ويميل معهم على حساب الإسلام وحساب الرسول عليه الصلاة والسلام .
كان قبل ما يأتي الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة , كان سعد بن معاذ في الجاهلية طبعاً قبل أن يسلم , كان صديق لبني قريظة , فظنوا أن الصداقة سوف تنفعهم .
قالوا : لا لا ننزل إلا على حكم صديقنا سعد بن معاذ .
وكان سعد مجروحاً رضي الله عنه من غزوة أُحد فأصابه سهم يعالج في خيمة في محمد الرسول عليه الصلاة والسلام .
قال صلى الله عليه وسلم : عليا بسعد بن معاذ .
فأقبلوا به على حمار , وكان رجلاً طويلاً , مريحاً , فصيحاً , صبيحاً , جميلاً , فأقبلوا وأنزلوه .
قال : قوموا إلى سيدكم فأنزلوه , قال صلى الله عليه وسلم : إحكم .
قال : رأي فيهم أن تقتل مقاتلتهم , وأن تسبى ذراريهم , وأن تؤخذ أموالهم .
قال عليه الصلاة والسلام : والذي نفسي بيده لقد حكمت بحكم الله من فوق سبع سماوات .
انظر إلى هذا الصارم في الإيمان , انظر إلى هذا البطل الشجاع يقول كلمة الفصل والحق , لم يراعي صداقة في الجاهلية , قال الحق .
فدعا له صلى الله عليه وسلم ورجع إلى خيمته , كان يبرر من جرحٍ قد أصابه كما قلت لكم , ولما دخل خيمته قال : اللهم إن كنت أبقيت حرباً بين اليهود وبين رسولك صلى الله عليه وسلم فأبقني لها , وان كنت أنهيت الحرب بين رسولك صلى الله عليه وسلم وبين اليهود فأقبضني إليك .
فثار الجرح بعدما دعا , ونزل الدم , وحضر صلى الله عليه وسلم عنده وأبو بكر وعمر , تقول عائشة وهي تروي القصة وكانت الخيمة في طرف المسجد , وبيت عائشة في الطرف الأخر وكانت تنظر عائشة من شق الباب , لأنها تسمع الصوت يعني أصبح سعد في أخر رمق في الحياة , أصبح بسكرات الموت سعد بن معاذ .
قالت : سمعت أبي يقول : وكسر ظهرك عليك , يعني أبو بكر يقول : وكسر ظهرك عليك يا سعد بن معاذ ! .
تقول عائشة : والله إني كنت أعرف بكاء الرسول صلى الله عليه وسلم , من بكاء أبي بكر , من بكاء عمر على سعد بن معاذ .
فلما توفي حضر صلى الله عليه وسلم جنازته , وقال : لقد اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ , عرش الله إجلال لهذا الإمام , لهذا الصحابي الجليل , اهتز عرش الله له .
حتى يقول حسان شاعرهم :
وما اهتز عرش الله من موت هالكٍ سمعنا به إلا لسعد أبي عمري .
وفي بعض الأحاديث : شيعه سبعون ألف ملك , وحضر صلى الله عليه وسلم التشييع والجنازة .
مات هذا الإمام بعدما مكث في الإسلام إلى ما يقارب سبع سنوات أو نحوها , لكنها خير من سبعة قرون , عاش ناصحاً , مجاهداً , شجاعاً , عابداً لله عز وجل , مطمئناً إلى هذا المبدأ الذي يحمله , دائماً في كل موقف , وفي كل أذمة , وهو مسدد , وهو واقف بحق .
فكان جزاءه عند الله أنه اهتز عرش الله له إكراماً وإجلالاً , وشيعه سبعون ألف ملك , ودعا له صلى الله عليه وسلم , وبكى عليه , وبكى عليه أبو بكر وعمر .
وكان كما قال الشاعر :
لعمرك من رزية فقد مالٍ وشاةٌ تموت ولا بعيرُ ولكن الرزية فقد حُرٍّ يموت بموته بشر كثير .
والى اللقاء بارك الله فيكم .
http://www.alresalah.net/#textsdetail.jsp?pid=324&sec_id=4316