الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .
أيها الأخوة المشاهدون سلام الله عليكم ورحمته وبركاته .
قصة الوضوء يرويها عثمان بن عفان رضي الله عنه , كيف توضأ الرسول عليه الصلاة والسلام , وهذا الوضوء نعمة .
إسلامنا وضوء , صلاة , صدقة , زكاة , صيام , حج , هذا هو الإيمان , صلب الدين هذه الأمور التعبدية التي تسعد الإنسان في الدنيا والآخرة , لا تذهب إلى فلسفة ولا إلى ثقافة , ولا إلى فكر وقد أهملت أنت هذه الشريعة الربانية الخالدة .
بعض الناس الأن من ترف فكرهم , ومن قلة عقولهم , إن كنت تحدثهم عن الوضوء , وعن الصلاة يعني أكثرتم بها , ما هو الذي معنا غير هذه الشريعة المباركة الربانية المطهرة ؟ .
المقصود عثمان يجمع الصحابة رضي الله عنه لأمر عظيم , فلما اجتمعوا قال : سوف أتوضأ بكم كوضوء الرسول عليه الصلاة والسلام .
يا لها من قضية كبرى ! , ويا لها من قضية عظيمة ! , لأنها تسعد الإنسان , لأنها تغفر ذنوبه بإذن الله , ولأنه يتعبد بها , ولأن الصلاة أصلاً مرتبطة ومركبّة على الوضوء .
فقام رضي الله عنه وهو الخليفة دعي له بماء في إناء , فغسل يديه ثلاثاً , ثم تمضمض واستنشق ثلاثاً , ثم غسل وجهه ثلاثاً , ثم غسل يده اليمنى حتى أسرع في العضد ثلاثاً , ثم غسل اليسرى ثلاثاً حتى أسرع في العضد أي وصل إلى العضد , ثم مسح رأسه أقبل بيديه أدبر بهم ثم أقبل , ثم غسل رجله اليمنى ثلاثاً قدمه اليمنى ثلاثاً حتى أسرع في الساق , واليسرى ثلاثاً .
ثم قال : أشهد أن لا اله إلا الله وأشهد أن محمدً عبده و رسوله , ثم قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ نحو وضوئي هذا , ثم قال : من قال أشهد أن لا اله إلا الله ( بعدما ينتهي ) أشهد أن لا اله إلا الله وأن محمدً رسول الله فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيتها شاء .
يا لي عظمة الأجر ! , يا لي المثوبة العظيمة ! .
زاد الترمذي في الحديث هذا " اللهم أجعلني من التوابين و أجعلني من المتطهرين " .
يعني تقول بعدما تنتهي من الوضوء , انتبه أيها المسلم والمسلمة " أشهد أن لا اله إلا الله وأشهد أن محمدً رسول الله , اللهم اجعلني من التوابين واجعلني المتطهرين " .
تدري ما أجر هذا العمل القليل ؟ , تدري ما أجر هذا العمل الذي لا يكلفك شيئاً إنما تتوضأ ثم تقول هذه الكلمة ؟ .
تفتح لك أبواب الجنة الثمانية تدخل من أيها شئت .
حتى نظمها أحد شعراء الإسلام فقال :
وكل بلال العزم من قلب صادقٍ أرحنا بها إن كنت حقاً مصلياً
توضأ بماء التوبة اليوم مخلصاً به ترقى أبواب الجنان الثمانيا .
أعرف من الجيل الأن الناشئ من لا يعرف الوضوء بهذه التفاصيل , وقد اشغلوا ببعض العلوم التي تخدم في الدنيا ولا في الآخرة .
حتى يقول احد العلماء , يقوا : انظر إليهم لا يعرفون يتوضؤون على السنة , يعني بالدقة التي أتى بها الرسول صلى الله عليه وسلم , ولكنهم غاطسين و غائصين في علم الجغرافيا , فهم يقرءون عواصم بلدان افريقية , ربما لا ترى بالعين المجردة على الخارطة , والواردات والصادرات وبينما أهملوا أسس الدين , والشريعة التي فيها سعادة الدنيا , ونجاة الآخرة .
كيف يتعلم شبابنا وفتياتنا الوضوء وهم قد اشغلوا بثقافات , واشغلوا بمعلومات , واشغلوا بسيل من العولمة , وانصرفوا عن هذه , حتى تجد أحدهم منهم يتوضأ لا يتوضأ وضوءاً شرعياً , لا يسمي في أوله , لا يتوضأ ويغسل الأعضاء ويرويها ويصبغ مصبغاً جميلاً , لا يُرتّب , لا يقول الأذكار الشرعية التي ذكرها معلم الخير صلى الله عليه وسلم فيها الوضوء , لا يستحضر النية لهذا العمل الجليل .
أنت تدري أنك إذا توضأت لكل صلاة ثم قلت : أشهد أن لا اله إلا الله وأشهد أن محمدً عبده ورسوله , اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين , أن أبواب الجنة الثمانية تفتح لك , تدخل من أيها شئت .
تدري أن هذا الوضوء الذي تتوضأ أنت به أنه كفارة , أنه يغسل الخطايا .
صح في حديث أبي هريرة عنه صلى الله عليه وسلم " أن العبد إذا توضأ فغسل يديه خرت خطاياه من يديه حتى تخرج من تحت أظفاره , إذا غسل وجهه تخرج خطاياه التي يعني مثلاً التي رآها بعينه والتي يتكلم بها حتى تخرج من تحت أجفان عينيه " .
نحن في الوضوء هذا ليس عادة , ولا مجرد تصرف , انه عبادة للواحد الأحد , لكن انظر إلى اهتمام الصحابة , هذا عثمان بن عفان خليفة أمير المؤمنين ومعه الصحابة وجمعهم , أتظن أنه يجمعهم ليدرس معهم قضية جدلية , أو قضية حوارية , ويسمع لحوارهم .
كلام فارغ أصلاً أكثر قضايانا كلام فارغ , ليس لها أثر في الدنيا , ولا أثر في الآخرة .
بينما جمع الصحابة فتوضأ أمامهم ولم يقولوا أننا نعرف الوضوء أصلاً , لم تأتي بجديد , والوضوء سهل , ويمكن أن نتعلمه , بل كلهم أتوا حريصين كأنه أول مرة يرون الوضوء , ويفرحون بهذه المعلومة , ويمثّل أمامهم وضوء الرسول عليه الصلاة والسلام .
فجزاهم الله خيراً عن الإسلام , وجزاهم الله خيراً عن الرسالة أنهم بلغوها .
وصلى الله وسلم على نبيه المصطفى وآله وصحبه ومن والاه , والى اللقاء .
http://www.alresalah.net/#textsdetail.jsp?pid=324&sec_id=4313