الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته .
أيها الأخوة المشاهدون كان رسولنا صلى الله عليه وسلم جالساً في المسجد مع أصحابه يحدثهم , يعلمهم , ينير لهم دروبهم , يذهب عنهم همومهم وأحزانهم , يكشف لهم كل لبس ومشكل .
ثم يقول فجأة : " يدخل عليكم من هذا الباب رجل من أهل الجنة " فما هي إلا لحظة ويدخل من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم من هذا الباب الذي ذكره صلى الله عليه وسلم , وهذا الرجل قد توضأ وأثار الماء تتقاطر من لحيته وحذاءه بيده فيصلي ويجلس .
وفي اليوم الثاني يعيد صلى الله عليه وسلم ونفس الرجل , وفي اليوم الثالث ونفس الرجل , والصحابة يحرصون على كل الخير ويريدون أن يعرفوا ما هو هذا الطريق الذي سلكه هذا الرجل فأستحق به أن يكون من أهل الجنة .
وقام عبد الله بن عمر بن العاص العابد , الزاهد فذهب إلى الرجل يريد أنت يكتشف عمل هذا الرجل الذي شهد له صلى الله عليه وسلم أنه من أهل الجنة , يا ترى ما هو هذا العمل الذي استحق به هذا الرجل أن يشهد له صلى الله عليه وسلم بالجنة !
وطلب ابن عمر عبد الله بن عمر من هذا الرجل أن يستضيفه ثلاثة أيام , فرحب به وقال بعضٌ منهم ذكر له عذر , عذر يعني المهاجرة أو بعض الحاجة , فأبقاه معه وكانوا يعني يفرحون بالضيف وبينهم من الأُخوة والمحبة بينهم رضي الله عليهم .
وكان عبد الله بن عمر يلاحظ هذا الرجل إلا أنه سعد بن أبي وقاص وهو الصحيح , يلاحظ صلاته في الليل , يلاحظ ذكره , هل عنده عمل يصوم في النهار , حتى يعني يعرف لماذا استوجب دخول الجنة , فكان إذا نام نام سعد رضي الله عنه ولا يقوم إلا قبل الفجر قليلاً فيصلي ركعات ثم يذهب معه في المسجد , ولكنه يوم أتى النهار لم صام .
وفي ثالث يوم قال عبد الله بن عمر بن العاص : أنا لم أتي إليك لا الأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبرنا ثلاثً أنك من أهل الجنة وانك تدخل علينا من الباب فدخلت , فأردت أن أرى ما هو هذا العمل الذي استوجبت به دخول الجنة .
قال : هو ما رأيت , لست بكثير صيامٍ , ولا صدقة , ولا صلاة ولكني والله ما بدت ليلة من الليالي وفي قلبي غشُ لأحد , ولا حسدٍ لأحد , ولا حقد على أحد ,
قال : بهذا غلبتنا , وبهذا سبقتنا .
وذهب عبد الله بن عمر بعد أن تيقن أن سلامة الصدر , أن سلامة الصدر من الضغينة , من البغضاء , من الحسد , من الشحناء أنها موجبة لدخول جنات النعيم , وأن سلامة الصدر أعظم من كثير من أعمال النوافل , إن سليم الصدر ولو كان عمله قليل في العبادة في النوافل , وحتى انه قل صيامه , وقلت صلاته , وقلت صدقته , لكنه سليم الصدر , طيب القلب , قلبه زلال , لا يحسد أحداً , ولا يبغضُ أحداً ولا يحقد على أحد , وليس في قلبه ضغينة على أحد .
هذا قد فتح له باب إلى الجنة , بهذا العمل كان سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وأرضاه أمثال من خيرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , لأنهم أراحوا قلوبهم وأفئدتهم من الأحقاد والحسد والضغينة .
ولهذا بالمناسبة أيها الأخوة المشاهدون كثير من الناس حتى من الأطباء يرون أن من العلاج النفسي أن لا تحسد على أحد , وأنا سميته في بعض المناسبات " العفو العام " وهي أن تصدر عفواً عاماً قبل النوم كل ليلة , تصدر مرسوم شخصي من عندك تعفو على من ظلمك , تعفو عن منن أساء إليك , تعفو عن من شتمك , تعفو عن من اغتابك .
يا أخي قبل النوم اغسل قلبك سبع مرات وعفره الثامنة بالغفران , ومحاول أن تعفو عن كل الناس , وأن تسامح كل الناس , وجرب سوف تعيش الأمن الداخلي , والسكينة , والرضا , وسوف تنام نومةً لا أحسن منها أبداً , وليلةً لا أروع منها أبداً .
كما قال الشريف الرضي : ياليلة الجذع هلا عدت ثانيةً سقى زمانك هطال من الديمي
إن كنت تريد الراحة والأجر والمثوبة أعفو عن جميع الناس وتجاوز عنهم كل ليلة أعد هذه الوقفة , هذه الجلسة قبل النوم تفكر ربما مر بك انسنا سيء أو شرس أو إنسان معتدي أو ظالم أو جائر أو إنسان أخطئ في حقك , اعفو عن الجميع , قل : سامحكم الله , غفر الله لهم , لكن عفو من الداخل { وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } .
وقوله سبحانه وتعالى : { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ } .
هذا القلب نظفه , طهره , اغسله بالعفو والإحسان , وهذا الذي جعل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه سليم الصدر وكان عمله كعمل أي صحابي , يعني في النهار لم يكن كثير الصيام بالنوافل , ولكنه لما طهر هذا القلب من الضغينة , والحسد , والحقد , والبغضاء للناس والمسلمين , الله سبحانه وتعالى جعل طريقه مسلوكاً إلى جنات النعيم , وسهل له هذا الطريق .
وإننا نعلم أن في العباد الأن من يقوم الليل , ويصوم النهار لكن قلبه يتلمظ على المسلمين , عنده بغضاء , عنده حسد , عنده حقد .
وهذا الأمر الحسد والبغضاء تأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب , كيف تجتمع صلاة , وقيام ليل ونوافل وصيام وصدقة مع قلبٍ يتلمظ ويغلي كأنه فرن .
بالمناسبة يقول الشاعر الإنكليزي " شكسبير " يقول :
لا توقد فرناً في صدرك لعدوك فتحترق فيه أنت أولاً .
طهروا قلوبكم أيها المسلمون من الضغينة والحسد , الله نسأله أن يسامحنا ويتجاوز عنا جميعاً , والى اللقاء .
وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته .
http://www.alresalah.net/#textsdetail.jsp?pid=324&sec_id=4291