الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته .
أيها المشاهدون الكرام ننتقل إلى قصص معبر مؤثر من قصصه صلى الله عليه وسلم وقصص أصحابه المبارك .
فأرسل صلى الله عليه وسلم مرة من المرات عمر بن الخطاب يجمع الزكاة والصدقات من الناس لبيت مال المسلمين لتعود على المستحقين من الفقراء والمساكين .
وعمر قويٌ أمين , أهلٌ أن يجمع المال بإذن الرسول عليه الصلاة والسلام وأن يكون أميناً في الأخذ وأميناً في العطاء , فدار عمر رضي الله عنه على الناس وأخذ زكاتهم وأتى بها إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ثم قال للرسول عليه الصلاة والسلام : كل الناس دفعوا زكاتهم إلا ثلاثة عمك العباس , وخالد بن الوليد , وابن جميل , العباس وخالد بن الوليد , وابن جميل .
فأجابه صلى الله عليه وسلم عن الثلاثة , قال : يا عمر أما عمي العباس فهي عليَّ ومثلها أما تعلم يا عمر أن عمّ الرجل صنوا أبيه .
معنى الكلام يقول أن العباس قد سبق ودفع زكاته سنتين فأصلاً هو قدم أو أعطيتها للرسول صلى الله عليه وسلم , لأن الرسول عليه الصلاة والسلام احتاج إلى الزكاة وكان العباس عنده مال فقدم له الزكاة سنتين لبيت المال , فالرسول عليه الصلاة والسلام لم يخبر عمر بهذا , وعمر لما طلبها من العباس , العباس يستحي أن يقول أعطيتها للرسول صلى الله عليه وسلم فأعتذر .
ثم قال صلى الله عليه وسلم : أما تعلم يا عمر أن عمّ الرجل صنوا أبيه , يقول هو عمي أصلاً وهو مثل أبي تماماً ينبغي أن يوقر وأن يقدر حتى لو أدفع المال له من عندي .
وأما خالدً يعني ابن الوليد , فأنكم تظلمون خالد , إنكم تظلمون خالدً لقد احتبس أدرعه وسيوفه وسلاحه في سبيل الله , يقول أصلاً هو أوقفها لأن خالد أخذ سلاحه وأخذ خيله جعلها وقفاً في سبيل الله , فالوقف لا يزكى أصلاً .
كما يقول أحد الشعراء يقولون :
معنٌ لازكاة لماله وكيف يزكي المال من هو بادله .
فبلغ خالد إلى درجة أنه أوقف المال في سبيل الله فإذا أصبح المال وقف فليس عليه زكاة أصلاً .
أنت إذا أوقفت عمارة أو دورً أو يعني متجراً فأصبح هذا الوقف لازكاة فيه لأن أصلاً ما يخرج منه هو زكاته .
وأما بن جميل الرجل الثالث الذي منع الزكاة فهذا مخطئ , يقول صلى الله عليه وسلم : فما ينكر من ابن جميل إلا أنه كان فقيراً فأغناه الله , هذا يقول أصلاً كان فقير فأغناه الله ثم جحد هذه الزكاة فهذا مذنب أدانه عليه الصلاة والسلام .
هذا ابن جميل النوع الثالث يقول أهل العلم إن المقصود بقوله سبحانه وتعالى : {وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ , فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ , فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ } .
فهذا الرجل أخلف الله ماوعده يعني قال : يا ربي أعاهد انك إذا رزقتني مالاً أن أتصدق وأن انفق وان أكون عبداً صالحاً , وهذا مثل الكثير من الناس الأن , كثير من الناس الأن إذا أصابهم مرض وأقعده , قال : يا ربي أعاهدك لو شافيتني لأحافظن على الصلوات الخمس وأتصدق واتلوا كتابك وأتوب , ولكن لا يفعل يتمرد { مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ } .
الركاب في الطائرة الأن يركبون فتأتيهم مطبات هوائية فتفضهم الطائرة نفضاً ويتباكون ويعاهدون الله وهم في السماء إذا نزلوا إلى الأرض سالمين غانمين أن يكونوا عباداً صالحين ثم يزلون فيتمردون , {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } .
هؤلاء البشر أهل غدر في الجملة يركبون السفينة فتلعب بهم الأمواج فيبكون ويصرخون : ياربنا إذا أنجيتنا نعاهدك ياربنا أن نستقيم على أمرك وأن نخافك وأن نتوب , فيعودون إلى الشاطئ وينزلون الساحل فيتمردون وينكرون .
كم نطلب الله في ضر يحل بنا فان تولت بلايانا نسيناه
ندعوه في البحر أن ينجي سفينتنا فا رجعنا إلى الشاطئ عصيناه
ونركب الجو في أمن وفي دعةٍ فما سقطنا فان الحافظ الله .
فهنا يبين عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث والقصة مسائل كثيرة منها احترام العم والخال والقريب وإنزاله منزلة الوالد , ومنها التفصيل في أعذار الناس وبيانه فان الرسول صلى الله عليه وسلم بين عذر العباس , والعباس لم يظهر عذره لعمر فبين له ذلك .
ومها جواز تقديم الزكاة عن وقتها إذا احتاج بيت المسلمين أو إمام المسلمين أو دولة الإسلام إلى ذلك .
ومن ذلك يعني مشروعية واستحباب الوقف في سبيل الله عز وجل ولو بالمال كله كما فعل خالد بن الوليد رضي الله عنه أنه أبي سليمان سيف الله المسلول .
ومنها ماعليه غالب الناس من التمرد والإعراض والتنكر لجميل الله عز وجل , فان الله إذا أعطاهم كثير من الناس نسوا , قال الله : { مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ } .
يا من عنده صحةٌ وثروةٌ وعافية وذرية ومال كلها وداع من الله يعني ينظر ماذا تفعل فاحذر أن يسلبها الله عنك اجعلها في طاعة الله عز وجل وتعبد الله بها والى اللقاء .
وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته .
http://www.alresalah.net/#textsdetail.jsp?pid=324&sec_id=4274