الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .
أيها الأخوة المشاهدون سلام الله عليكم ورحمته وبركاته .
كان أسامة بن زيد بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن حبه , من أحب الناس إلى قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وكان غلامً يافعاً وشب في الإسلام , وكان مجاهداً , و ولاه صلى الله عليه وسلم إمرة جيش في جيش أبو بكر وعمر , وكان هو قبل ذلك مولاً أسود ولكن الإسلام كرمه وشرفه و عرف له منزلته في هجرته و في جهاده رضي الله عنه وأرضاه .
من قصصه مع سيد الخلق صلى الله عليه وسلم قصة هي منهج , هي رسالة لكل مؤمن .
ذهب أسامة في جيش فقاتل في سبيل الله عز وجل , فأقبل رجل من الكفار بسيفه , كان يقتل في المسلمين , فكلما قصد لمسلم قتله , ولما رأى أسامة هذا الرجل الكافر الشجاع يقتّل في عباد الله , أخذ السيف وحمله على هذا المشرك , فلما رفع السيف أسامة على هذا الكافر , قال : لا اله إلا الله .
فقتله أسامة , فلما قتله لامه بعض الصحابة من الجيش ورفعوا الأمر إلى الرسول عليه الصلاة والسلام , فتغيظ عليه الصلاة والسلام وغضب ,وأقبل منه أسامة , فلما رآه صلى الله عليه وسلم , قال : قتلته بعدما قال لا اله إلا الله ! .
قال : يا رسول الله إنما قالها تعوذاً , يعني إنما قالها بعدما ألجأته لذلك مضطراً .
قال : قتلته بعدما قال : لا اله إلا الله ! .
قال : يا رسول الله أني لما حملت عليه السيف قال : لا اله إلا الله يعني يدفع عن نفسه .
قال : من لك بلا اله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة تحاج عنه .
فكان أسامة بعد ذلك إذا ذكر هذا الموقف ترتدع فرائسه , حتى أنه لم يشارك في الحروب التي بين المسلمين , حتى اعتزل الحروب التي بين علي و معاوية رضي الله عنهما في " صفين والجمل" , وبقي وحده وكلما تذكر قتلته بعدما قال لا اله إلا الله ارتعد وخاف .
لأن المسألة أن من قال لا اله إلا الله وشهد أن لا اله إلا الله وان محمد رسول الله انتهى عصم دمه , إلا بحق الإسلام , مثل أن يقتل نفساً أو أن يرتد عن الإسلام أو أن يكون ثيباً زانياً .
فلما قال هذا الرسول صلى الله عليه وسلم له أصبحت عند أسامة وقفة أمام الدماء , وأصبح عنده ورع في سيفه , وأصبح لا يرفع سيفه أبداً في قتال بين المسلمين إلا إذا , حتى أنه يقول هو رضي الله عنه لما طلب أن يدخل مع علي رضي الله عنه في المعارك ضد معاوية , لا أفعل حتى تأتوني بسيف له لسان وعينان .
يقول هذا للذي يقال هذا مسلم وهذا كافر أقاتل به , يعني من المستحيل يعني عجّزهم بهذا الشرط , فلزم بيته واعتزل الفتن رضي الله عنه وأرضاه .
قال لعلي بن أبي طالب : والله انك تعلم أني وددت لو أنني معك لو كنت في شدق الأسد , لو كنت أنت في فم الأسد أنا أريد أن أكون معك من حبي لعلي , لكنني لا أرى هذا .
ويتذكر يتذكر قول الرسول عليه الصلاة والسلام قتلته بعدما قال لا اله إلا الله , إن لا اله إلا الله محمد رسول الله وثيقة عهد , إنها الكلمة التي تثبت لصاحبها إذا قالها بصدق أنه مسلم وأنه مؤمن وأنه معصوم الدم , معصوم المال والعرض , فينبغي علينا أن نتقي الله في عباد الله عز وجل , ولا نترخص بأي رخصة ولا نحاول أن نبرر ونتأول في الدماء أو في أموال الناس أو في أعراضهم .
لأن التأول هذا أوصل بالخوارج الى قتل المؤمنين , واستحلال دمائهم وأموالهم وإزهاق نفوسهم فينبغي عليك أن إذا سمعت أمر في مسألة تكفير أن تقف وأن تسأل العلماء ولا تسارع في أمرين , لا تسارع في التكفير , ولا تسارع في القتل .
بل احفظ لسانك واحفظ سلاحك , واحفظ يدك كما قال سيد الخلق عليه الصلاة والسلام : " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده , والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم " .
وتعتقد أن المجتمع المسلم لا يكفر الواحد فيه إلا إذا أتى بكفر شهد به العلماء الراسخون عليه , أما أن يبقى التكفير من نهب كل أحد وتعزيز وحمل السلاح لكل أحد حينها سيكون الأمر ...يكون الأمر فوضى سوف يقتل العباد وتزهقا الأنفس وتسفك الدماء تحت مظلة أن الكل مكفر أو فهم من النص مالم يفهمه الأخر .
الله يقول سبحانه : { فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } .
فيعاد إلى أهل العلم ثم إن الناس ولاية , كل دولة لها مسؤولية لا يترك الأمر فوضى ليأتي أناس من المواطنين يحملون السلاح على بعض يريدون أن يقيموا الحدود أو نريد أن نقتلهم لأنهم ارتدو عن الإسلام .
هذا يعود إلى النظام , يعود إلى الدولة لأن لا تصبح الأمور فوضى وتضيع أموال ودماء الناس , وتزهق أنفسهم ويختل الأمن ويصبح هنالك تشويش في البلد ويصبح الأمر فوضى ولا يستقل الناس الأمن , ولا ينعمون بسكينة , ولا تزدهر أمورهم .
فالواجب أن يراعى هذا الأمر وان يعرف مكانة لا اله إلا الله , وفي الحديث أيضاً لا اله إلا الله محمد رسول الله هنيئاً لمن أكثر منها وعرف مدلولها وعمل بمقتضاها , وأمن بها وأحبها وان كان بموعود له .
اللهم أجعلنا من أهل هذه الكلمة وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليماً .
http://www.alresalah.net/#textsdetail.jsp?pid=324&sec_id=4258