الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله , و على آله و صحبه ومن والاه .
سلام الله عليكم و رحمة الله و بركاته .
كان رسول الله صلى الله عليه و سلام , جالساً فأتاه الصحابي , أبو سعيد الخدري , و هو شاب من شباب الصحابة . من أهل العلم و الإيمان , و من الحفظة للحديث النبوي , و من الروات , الذين أكثروا من الرواية الطيبة , عن معلم الخير عليه الصلاة والسلام .
فجلس أبو سعيد بجانب الرسول عليه الصلاة و السلام , فقال صلى عليه و سلم , يا أبا سعيد , من قال , رضيت بالله رباً , و بالإسلام دينا , و بمحمد صلى عليه و سلم نبياً , كان حقا على الله أن يرضيه .
قال يا رسول الله , ما أحسن هذا أعد علي , قال من قال رضيت بالله رباً و بالإسلام دينا و بمحمد صلى عليه و سلم نبياً , كان حقا على الله أن يرضيه .
قال أعد يا رسول الله , قال من قال رضيت بالله رباً و بالإسلام دينا و بمحمد صلى عليه و سلم نبياً , كان حقا على الله أن يرضيه .
و هي جملة مفيدة نافعة , من أعظم الجمل على الإطلاق , و نحن نقول و إياكم أيها الأخوة المشاهدون المؤمنون , رضينا بالله ربا و بالإسلام دينا و بمحمد صلى عليه و سلم نبياً و رسولاُ , عسى الله أن يرضينا .
و لكن انظر إلى لحسن التقسيم في هذا الباب , و اختيار الأصول الثلاثة , في الرضا بالله عز و جل رباً و إله و معبودا لا شريك له .
و الرضا بالإسلام دينا و منهج حياة , و الرضا بالرسول صلى عليه و سلم إماما متبع و رسول نبيا من عند الله .
فإن هذه الأصول العظيمة , هي أصلا أسباب النجاة , و قد جمع الرسول صلى عليه و سلم في سطر واحد , و جزاء من رضي بهذا أن يرضيه الله .
وإذا أرضاك الله , فلا أسعد منك بالناس أجمعين , و رضوان الله عليك معناه , أن ينجيك من غضبه و عذابه , و من سوء المنقلب ,و أن يدخلك في الجنات النعيم , و أن يجعلك جاره في الجنة , و أن يتحفك بالمقامات العالية , و أن يكرمك آية الإكرام .
و هي هذا المنهج الذي هو سعادة الدنيا و الآخرة و الرضا بالله ربا و بالإسلام دينا , و بمحمد صلى عليه و سلم نبيا , هو مجموع الإسلام .
و هو اختصار لهذه الرسالة الربانية الخالدة التي بعث بها الرسول صلى عليه و سلم .
و انظر إلى حرص الصحابي الجليل , أستعاد من الرسول صلى عليه و سلم ثلاثة , لينطبع في قلبه , كانوا حريصين فيما يقربهم إلى الله .
لم يكونوا مثلنا الآن , يعني كثير منا , يصله زبد الثقافة و الفكر و الفلسفة و الجدل العقيم .
فبالله لن يستفيدوا لا دنيا و لا آخرة , لأن من ذهب وراء الكلام الغير مفيد , مثل زبد الثقافة الذي لا يفهم و ليس منه نفع , و لا منه فائدة , و مثل دراسة الفلسفة , الني ليس فيها مردود إيجابي .
و مثل السعي وراء الآداب , التي ليس فيها فضيلة و لا تحبذ الحشمة و ليس فيها أصالة .
و مثل الجدل العقيم الخلاف الذي لا فائدة منه , و لهذا يقول ابن تيمية غفر الله له , إن كلام الفلاسفة , كلحم خنزير في صينية من ذهب .
و الصينية هذه و لحم الخنزير , على رأس جبل وعر , يعني الصعود له صعب , فلا سهل يرتقى الجبل , و لا سمين اللحم فينتقل .
و هذا مثَل زخرفة في القول .
أما علم الكتاب و السنة فإنه على سهل , علم مشرك , علم ميسر .
و كان عليه الصلاة و السلام يقول الجملة الواحدة الصغيرة القليلة الكلمات , كما يقول صلى عليه و سلم و أوتيت جوامع الكلم .
و في لفظ اختصر لي الكلام اختصارا .
فإن الله فتح عليه , فكان يقول الكلمة الموجزة القليلة الكلمات و الأحرف , و لكن فيها من الخير و النفع العظيم و هي من الأصول الهامة , من القواعد الكلية العظيمة في الإسلام .
و تحمل في طياتها , من المقاصد و الفوائد و النافع , ما يغرق بها أفكار العلماء , كما يقول أبو الطيب المتنبي .
إذا تغلغل فكر المرء في طرف من مجده
غرقت فيه خواطره .
فهذا الحديث الذي هو أصل من الأصول و من أعظم الأحاديث , قال , من قال , حتى مجرد القول مع سلامة القلب طبعا .
من قال رضيت بالله ربا و بالإسلام دينا و بمحمد صلى عليه و سلم نبيا كان حقا على الله أن يرضيه .
و هذا من أذكار الصباح و المساء , قلها إذا أصبحت ثلاثة , و إذا أمسيت ثلاثة .
من قال رضيت بالله ربا و بالإسلام دينا و بمحمد صلى عليه و سلم نبيا كان حقا على الله أن يرضيه .
و هنا جعل الثواب مطلقا , و لم يحدده , و جعله عائد إلى رضوان الواحد الأحد سبحانه و تعالى , لأن الله سبحانه و تعالى , إذا أراد أن يرضيك , فلا حد لهذا الرضا أبدا .
لا حد له , و لذلك قال لرسول صلى عليه و سلم , {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى }الضحى5 .
فانظر إلى هذا الأجر العظيم الذي ما حد بحد .
مثلاً لو أنه يثيبه بمائة حسنة , أو بألف درجة أو نحو ذلك , لا , قال كان حق على الله أن يرضيه .
و هذا غاية البر و الإحسان إذا كان الجود مطلق وعام و ليس بخاص و ليس مقيد .
فيدلك على أنته فوق الوصف , و أعظم من أي دور في الخيال و ما يخطر في البال .
فبادروا أيها الأخوة المؤمنون , رجالاً و نساء إلى قول هذه الكلمة , و الإكثار منها , و ذكرها في الصباح ثلاثة و في المساء ثلاثة .
و في الحديث أن القول قد ينفع , حتى مجرد القول يعيد تصفية القلب , كما قال سبحانه و تعالى , فأسابهم الله فيما قالوا في سورة المائدة .
مجرد أنهم قالوا مع تصديق القلب , أسابهم الله .
فقل هذه الكلمة , و حاول أن تحقق معانيها في حياتك , أن ترضى بالله ربا , و بالإسلام دينا , و بمحمد صلى الله عليه و سلم نبياً و رسولا .
و إلى لقاء و بارك الله فيكم .
http://www.alresalah.net/#textsdetail.jsp?pid=324&sec_id=4244