الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته .
صلى رسولنا صلى الله عليه وسلم في إحدى الصلوات ثم خرج , وإذا بمعاز بن جبل الأنصاري سيد العلماء عند المسجد , فأخذ صلى الله عليه وسلم فشبّك بأصابعه بأصابع معاز , وهذا التشبيك من الرسول عليه الصلاة والسلام زيادة في الحب والإيناس والتكريم .
وتصور أن سيد الخلق صلى الله عليه وسلم يشبّك أصابعه بأصابعك أي كرم , وأي تبجيل وأي إتحاف , فلما شبّك صلى الله عليه وسلم أصابعه بأصابع معاز التي لا ينسى هذا التشبيك معاز أبداً , وهو هذا التشبيك عنده أحسن من الدنيا وأحب من الدنيا وأثمن من الدنيا بما فيها .
لأن المعصوم صلى الله عليه وسلم يأتي بيده الطاهرة الطيبة المباركة فيجعلها بيد معاز ويشبّك أصابعه بأصابعه .
وقال: يامعاز والله أني أحبك .
قال : وأنا احبك يا رسول الله .
قال : لاتدع في دبر كل صلاة أن تقول " اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك " هذا الحديث من السنن احفظوه صحيح .
تقول في دبر كل صلاة بعد كل صلاة , تقول بعد كل صلاة " اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك " وحفظها معاز من الرسول عليه الصلاة والسلام .
وأخذ يعلمها للناس وهو عالم وهو قدوة وهو إمام , وفي الحديث على أنه يشرع للمصلي بعد كل صلاة , وحقق الحافظ بن حجر أن بعد السلام , لكن ابن تيمي يقول : قبل السلام , ولكن يظهر أنها بعد السلام من كل صلاة أن تقول " اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك " .
وفي الحديث على أن طلب الإعانة من الله عز وجل على عمل الصالحات والعبادات هو أفضل من طلبه على أمور العون وعلى أمور الدنيا فإنك إذا طلبت من الله أن يعينك على ذكره وشكره وحسن عبادته , أفضل من أن تطلب من الله أن يعينك على بناء البيوت , أو توسيع الدور وجمع الأموال .
لأن العبادة هي معك وهي سبب نجاتك وسعادتك في الدنيا والأخرة , والأموال والدنيا منقطعة , وفيها على أن الذكر يحتاج كل أمر يعني مشروع يحتاج الى عون من الله عز وجل , وعلى أن من أفضل الأعمال هو الذكر حتى أنه فصله صلى الله عليه وسلم بشرف أنه قال " اللهم أعني على ذكرك وشكرك " .
وأن الذكر والشكر هما ركيزة العمل , فالذكر يعتبر من أول الطريق والشكر على النعم وقوله: " أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك " فوصل الذكر والشكر بشرفهما , ثم قال : ولحسن عبادتك , فانه لم يقل عبادة مطلقاً وإنما قال : على حسن عبادتك لتعبد الله على أحسن طريقة بشرطين "شرط الإخلاص لله " , و " شرط إتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم " .
فإن الله يقول : { لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ } .
قال فضيل بن عياض : أفأحسن العمل أثوبه وأخلصه , فأخلصه أن يكون لوجه الله مخالصاً لوجه الله , وأصوبه أن يكون على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فإن العمل إذا نقص منه الإخلاص أو السنة المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم رد على صاحبه , إذا كان العمل رياء لا إخلاص فيه لايقبله الله , وإذا كان العمل مبتدع لا يوجد فيه اتباع , مبتدع أقصد , مبتدع وليس فيه إتباع للرسول عليه الصلاة والسلام رد على صاحبه .
كما قال عليه الصلاة والسلام : " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " .
فيا أخي المسلم ويا أختي المسلمة حققوا شرطين في العبادة , الإخلاص , والمتابعة , الإخلاص لوجه الله أن يكون هذا العمل الذي تقوم به لاتريد إلا الثواب من الله , لا تريد الناس ولامدح الناس ولا مراءات الناس ولا السمعة مع الناس .
حتى يقول عليه الصلاة والسلام : " من رأئ رأئ الله به ومن سمّع سمّع الله به " , وفي حديث صحيح يقول الله عز وجل حديث قدسي " أنا أغنى الشركاء على الشرك من أشرك معي في عمل أرقته شركاً " لايقبل الله من العمل إلا ماكان له خالصاً وعلى سنة رسوله عليه الصلاة والسلام .
وأيضاً العمل إذا ابتدع الإنسان في الإسلام أتى بعمل لم يعمله صلى الله عليه وسلم ولم يأذن به فانه مردود عليه وهو خلاف سنة الرسول عليه الصلاة والسلام .
فقوله " اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك " وأختيار هذا الدعاء ليكون بعد كل صلاة دليل على عظيم نفع هذا الدعاء وعلى مكانته بين الأدعية .
فينبغي علينا أن نعلمه أبنائنا وأهلنا وأصدقائنا ومن كان يجهل هذا , ونطالب من الجميع أن يقولوه بعد كل صلاة ونعلم ونعتقد على أن العبادة وعلى أن الذكر والشكر هما أعظم المكاسب التي يمنحها الإنسان فإذا أعطاك الله الذكر والشكر وحسن العبادة فلاتأسف على مافاتك من الدنيا ولا من المناصب أو الجاه أو الذرية فإن هذا أعظم ثروة أن يمنحك الله الذكر والشكر وحسن العبادة .
لأن الذكر أصلاً من حيث العبادة يسهل لكل أحد , كم يتمنى الانسان , هذه كلها فتوحات من الله , تجد بعض الناس الأن مفتوح عليها في الذكر وتريد أنت أنك تذكر الله كثيراً ويكون لسانك رطب من ذكر الله لكن لا تستطيع , هذه فتوحات ربانية تريد مثلاً أحياناً تحدث نفسك تريد القرأن معك لاتستطيع , لكن تأتي رجل أخر أو امرأة يعني يقبل أحدهما على القرأن إقبالاً عظيماً فيتلوه أناء الليل وأطراف النهار .
فهذه فتوحات ربانية فأسل الله عز وجل أن يعينك على ذكره وشكره وحسن عبادته , وأسأل الله عز وجل أن يزيدنا وإياكم توفيقاً وهدايتاً ورشداً ومتابعة وإخلاصاً حتى تأتي أعمالنا على الطريقة المشروعة بلا ابتداع ولا مخالفة وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما .
http://www.alresalah.net/#textsdetail.jsp?pid=324&sec_id=4238