التفسير المطول - سورة الأعراف 007 - الدرس(46-60): تفسير الآيات 158 - 162، تيه قوم سيدنا موسى في الصحراء
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2008-08-01
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
سيدنا محمد بُعث إلى الناس عامة بينما باقي الأنبياء أرسلهم الله إلى أقوامهم فقط :
أيها الأخوة الكرام ... مع الدرس السادس والأربعين من دروس سورة الأعراف ، ومع الآية الثامنة والخمسين بعد المئة ، وهي قوله تعالى :
﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾
أيها الأخوة ، الحقيقة الأولى في هذه الآية : أن كل أنبياء الله جلّ جلاله أرسلهم الله إلى أقوامهم ، إلا أن النبي وحده هو خاتم الرسل ، وخاتم الأنبياء ، ورسالته خاتمة الرسالات وكتابه خاتم الكتب ، أرسله الله لكل البشر أجمعين ، من دون استثناء ، والدليل أن القرآن الكريم يخاطب الناس في مئتي و ست عشرة آية يقول ،
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ﴾
يخاطب الناس جميعاً ، يخاطب الأمم جميعاً ، الشعوب جميعاً ، لكن النبي عليه الصلاة والسلام قال:
(( أُعطيتُ خمساً لم يُعْطَهُنَّ أَحد قبلي : كان كلُّ نَبيّ يُبْعَثُ إِلى قَومِهِ خَاصَّة ، وبعثتُ إِلى كُلِّ أَحمرَ وأَسودَ ))
[ البخاري و مسلم عن جابر]
يعني إلى كل الشعوب على اختلاف ألوانها ، وأجناسها ، وأعراقها ، وطوائفها .
(( وأُحِلَّتْ لِيَ الغنائمُ ، ولم تَحِلَّ لأحد قبلي ، وجُعِلَتْ لِيَ الأرضُ طَيِّبَة وطَهورا ومسجداً ـ في أي مكان تصلي ـ فَأيُّمَا رَجُل أدرَكَتْهُ الصلاة صلّى حيث كان ، ونُصِرْتُ بالرعب على العدوِّ بين يَدَيْ مَسِيرةِ شَهْر ))
لكن أمته من بعده حينما تركت سنته هُزمت بالرعب مسيرة عام .
(( ونُصِرْتُ بالرعب على العدوِّ بين يَدَيْ مَسِيرةِ شَهْر ، وأعطيت الشفاعة ))
وفي رواية ثانية :
(( أُعطيتُ خَمْسا لم يُعْطَهُنَّ أحد من الأنبياء قبلي : نُصِرْتُ بالرُّعبِ مسيرةَ شهر وجُعلتْ ليَ الأرضُ مسجداً وطَهورا ، فأَيُّمَا رَجُل من أُمَّتي أدركته الصلاة فليصلّ ، وأُحِلّت ليَ الغنائمُ ، ولم تَحِلَّ لأحد قَبلي ، وأُعْطِيتُ الشفاعةَ ، وكان النبيُّ يبعثُ إِلى قومهِ خاصة ، وبعثتُ إِلى الناس عامة ))
[ البخاري ومسلم عن أبي هريرة ]
هذا معنى قوله تعالى :
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ﴾
معجزة النبي الكريم معجزة مستمرة لأنها لكل الأمم والشعوب :
أيها الأخوة ، لأنه بُعث إلى الناس عامة ، إذاً ينبغي أن تكون معجزته مستمرة ، لأن كل معجزات الأنبياء السابقين معجزات حسية ، كتألق عود الثقاب ، تألقت وانطفأت ، وأصبحت خبراً يصدقه من يصدقه ، ويكذبه من يكذبه .
إلا أن النبي عليه الصلاة والسلام لأنه لكل الأمم والشعوب ، ولنهاية الدوران ، وحتى نهاية الساعة ، إذاً ينبغي أن تكون المعجزة (وهي شهادة الله لأنه رسوله) مستمرة ، ولن تكون مستمرة إن كانت حسية ، ينبغي أن تكون عقلية .
لذلك الإعجاز العلمي في القرآن هو المعجزة المستمرة ، بمعنى أن القرآن الكريم أشار إلى حقائق كُشفت بعد ألف و أربعمئة عام ، والحديث عن هذا حديث طويل له وقت آخر إن شاء الله .
الله عز وجل خلق هذا الكون و أرسل الرسول الكريم :
إذاً :
﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً ﴾
رسول من ؟ رسول جهة أرضية ؟ .
﴿ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾
والسماوات والأرض هي الكون ، والكون ما سوى الله ، أي ثلاثة آلاف مليار مجرة ، أحدث الأرقام ، ثلاثة آلاف مليار مجرة ، في كل مجرة مليون مليون كوكب ونجم ، الذي خلق هذا الكون هو الذي أرسل هذا الرسول .
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾
ولم يدعِ أحد أنه خلق السماوات والأرض .
﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا هُو ﴾
أنت أحياناً تستمع إلى صوت ، من هذا الصوت تعرف من القائل ، إذا قال لك : هناك وزير عينته ، و قررت أن أقيله فهذا رئيس وزارة ، من كلام المتكلم تعرف من هو .
الذي يقول لك : الله الذي خلق السماوات والأرض ، هل ادعى أحد أنه خلق السماوات والأرض ؟ سبحانه وتعالى .
إذاً :
﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾
من الإله ؟ الذي
﴿ يُحْيِي وَيُمِيتُ ﴾
حياتك بيده ، استمرار حياتك بيده ، سلامة حياتك بيده ، كمال حياتك بيده ، من حولك بيده ، من فوقك بيده ، من تحتك بيده ، الرزق بيده ، نجاح الزواج بيده ، النجاح بالعمل بيده ، راحتك النفسية بيده ، القلق بيده ، الحزن بيده ، الفرح بيده .
الإنسان مخلوق لحياة عليا فعليه أن يؤمن بالله خالقاً و مسيراً و رباً :
﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ ﴾
آمن به خالقاً ، آمن به رباً ، آمن به مسيراً ، آمن به موجوداً ، آمن به واحداً ، آمن به كاملاً ، آمن بأسمائه الحسنى ، وصفاته الفضلى ، آمن أن كماله كمال مطلق ، آمن أنه ذات كاملة ، آمن أنه خلقك ليسعدك ، آمن أن كل مصيبة لها حكمة بالغة لو كشف الغطاء لاخترتم الواقع ، آمن أن هذه الحياة دنيا ، وليست عليا ، وأنك أيها الإنسان مخلوق لحياة عليا ، فيها :
(( ما لا عين رأتْ ولا أذن سمعتْ ، ولا خطَر على قلبِ بَشَرْ ))
[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن أبي هريرة ]
﴿ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ ﴾
آمن به عدل ، رحيم ، غفور ، كريم ، لطيف ، رؤوف ، جبار ، آمن به يقصم الجبابرة ، آمن به ينتقم من الظالمين ، آمن به :
﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ ﴾
( سورة هود الآية : 123 )
آمن به :
﴿ فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ ﴾
( سورة الزخرف الآية : 84 )
﴿ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ ﴾
والله أنا آمنت أن الله خلق السماوات والأرض ، فقط ؟ هل عرفت أسماءه الحسنى ؟ هل عرفت صفاته الفضلى ؟ هل عرفت رحمته ؟ هل عرفت حكمته ؟ هل عرفت رأفته ؟ هل عرفت لطفه ؟ هل عرفت قوته ؟ هل عرفت غناه ؟ .
دخول الجنة بحاجة إلى من العمل :
﴿ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾
هل تعرفت لرسول الله ؟.
﴿ أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ ﴾
( سورة المؤمنون الآية : 69 )
﴿ قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ ﴾
( سورة سبأ الآية : 46 )
﴿ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ ﴾
أقول لك مثلاً : يا أخي كن طبيباً ، كلمة كن طبيباً تنام تستيقظ تجد نفسك طبيباً ؟ أما في ثلاث و ثلاثين سنة دراسة ، ومعك مجموع عالٍ جداً ، وسبع سنوات دراسة ، وكل يوم عشر ساعات دراسة ، علوم عامة ، فيزياء ، وكيمياء ، ورياضيات ، وطبيعيات ، والعام الثاني تشريح ، العام الثالث فيزيولوجيا ، الرابع علم الأمراض ، علم الأدوية ، وبعدها فحوصات ، وتطبيقات ، وتدريبات ، بعدها إجازة في الطب ، سبع سنوات ، وخمس فوقهم ، وترجع بالرابعة و الأربعين و الخامسة و الأربعين معك بورد ، تكتب جانب اسمك الدكتور فلان .
تحتاج مرتبة تحصل بها على الجنة إلى أبد الآبدين من دون جهد ؟ من دون أن تحضر درس علم ؟ من دون مطالعة كتاب ؟ من دون سؤال وجواب ؟ معظم الناس مرتاحون يوزع ألقاباً على الناس ، يتوهم أنه مؤمن ، وله خمسين معصية .
سِلْعَةَ اللَّهِ غالية :
أيها الأخوة ،
﴿ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ ﴾
يوجد جهد ، سلعة الله غالية ، جنة تريدها بلا عمل ؟ بالأمل ؟ بالدعاء ؟ بركعتين ؟ بليرتين ، وتعيش كما تريد ، وكما تشتهي ، لا يوجد انضباط لا بكسب المال ، ولا بإنفاقه ، ولا مع النساء ، وتريد جنة عرضها السماوات والأرض ؟ .
(( أَلا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غالية ))
[أخرجه الترمذي عن أبي هريرة ]
أضرب مثلاً أعيده كثيراً : دخلت لأرقى محل للسجاد ، تريد سجادة ، أراك صاحب المحل ، أريد أثقل ، الثانية ، الثالثة ، الرابعة ، أطلعك على مئة سجادة ، تريد أثقل ، أخذك إلى محل ثانٍ أعلى ، أراك السجاد الأصلي ، ثمن كل واحدة مليونان ، ثلاثة ملايين ، أعجبتك واحدة قلت له : تأخذ ثمنها خمس ليرات ؟ تخرج من المحل سالماً ؟ ثلاثة ملايين تريدها بخمس ليرات ؟!.
والله الجنة أعظم ، تريد حياة أبدية بالجنة ، ولست مستعداً أن تحضر درس علم ، أما مسلسل يمنع التجول ، أوقات المسلسل أربع ساعات ، أما درس العلم ساعة ، تعرف ربك فيه ، وضع المسلمين وضع متعب جداً ، وضع مؤلم جداً .
﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾
رسول من ؟ دولة عظمى الأولى بالعالم ، تجد سفيرها محترم احتراماً مذهلاً ، سفير الدولة العظمى ، السفير يأخذ مكانته من دولته ، من قوة دولته ، من هيمنة دولته ، ورسول الله رسول من ؟ رسول خالق السماوات والأرض .
﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً ﴾
من هو الله ؟
﴿ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾
ولم يدعِ أحد أنه خلق السماوات والأرض .
﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ ﴾
آمن به خالقاً ، ومسيراً ، وممداً ، آمن به موجوداً ، وواحداً ، وكاملاً ، آمن بأسمائه الحسنى ، وصفاته الفضلى .
أمية النبي وسام شرف له لأن الله تولى تعليمه :
﴿ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ ﴾
أميته وسام شرف ، لأن الله تولى تعليمه ولأن وعاء النبي عليه الصلاة والسلام ما أراد الله أن يكون به من ثقافات الأرض ، كله من وحي السماء ، لو أن النبي درس بالمراكز العلمية بحياته ، في عهده ، يقال له : يا رسول الله ، هذا من الوحي أم من عندك ؟ .
﴿ وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ﴾
( سورة العنكبوت )
وعاء النبي عليه الصلاة والسلام ممتلئ من وحي السماء فقط .
﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾
( سورة النجم )
وعاء النبي ممتلئ من وحي السماء ، لذلك أمية النبي وسام شرف له ، لأن الله تولى تعليمه .
﴿ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ﴾
( سورة النجم )
من آمن بالله و رسوله هُدي إلى سرّ وجوده و غاية وجوده :
أما نحن إن كنا أميين فأميتنا وصمة عار بحقنا ، لا يوجد طريق إلى العلم إلا بالتعلم لو شخص ما تعلم جاهل ، أما النبي وحده ، يأخذ بعض العلماء بعض أحاديثه ، يدرسونها ، يُمنح درجة دكتوراه بامتياز ، لأنه شرح بعض أحاديث رسول الله .
يا أيها الأمي حسبك رتبة في العلم أن دانت لك العلماء
* * *
﴿ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾
﴿ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾
إلى سرّ وجودكم ، إلى علة وجودكم ، إلى أنكم خلقتم لجنة عرضها السماوات والأرض .
﴿ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾
إلى سلامتكم ، وسعادتكم .
العاقل لا يعمم لأن التعميم من العمى :
أيها الأخوة ، الشيء اللطيف بالقرآن ما يسمى الآن بالموضوعية ، يعني هناك من يعمم ، والتعميم من العمى ، قال تعالى :
﴿ وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ﴾
( سورة الأعراف )
يعرفون الحقيقة ، يتبعون الحق ، منصفون ، من أهل العدل والإنصاف ، كلمة من لا تعمم ، لا تقل كل أهل هذه البلدة فسقة ، إياك أن تقول ، لا تقل كل الأغنياء بخلاء ، إياك أن تقول هذا ، هذا كلام إنسان أعمى ، قل بعضهم ، بعضهم في أعلى درجة من السخاء والتواضع قل بعض أهل مدينة ما انحرفوا ، والبعض الآخر بأعلى درجة من الانضباط ، إياك أن تعمم التعميم من العمى .
انتشار اليهود في بلاد الأرض و الحكمة من عدم وجود وطن لهم :
انظر إلى دقة القرآن :
﴿ وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ﴾
ثم يقول الله عز وجل :
﴿ وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾
( سورة الأعراف )
يعني نسل سيدنا يعقوب ، جاء أحد عشر كوكباً ، والمتكلم اثني عشر .
﴿ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ ﴾
( سورة يوسف )
فسيدنا يعقوب نسله ، معنى الأسباط ، أي ابن الولد .
﴿ وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً ﴾
تقول جاء امرأتان اثنتان ، وجاء رجلان اثنان ، فاثنتان مؤنث ، بعضهم قال : لأن كل جمعٍ مؤنثٍ ، وبعضهم قال : السبط هو القبيلة والقبيلة مؤنثة ، كل سبط صار أمة ، اثني عشر ولداً ، كل ولد صار أمة ، وانتشروا في بلاد الأرض ولحكمة بالغةٍ بالغة ليس لهم وطن .
رحلة اليهود في التيه :
ثم يقول الله عز وجل :
﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ ﴾
يبدو أن الحديث الآن عن رحلة اليهود في التيه ، الآن تاهوا في الصحراء ، في أثناء هذا التيه شعروا بحاجة كبرى إلى الماء عطشوا .
﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ ﴾
أي طلبوا السقيا ، الحاجة الأولى الهواء لكن لحكمة بالغةٍ بالغة الهواء ليس ملك أحد ، لو كان يُملك في فواتير ، كنا قد هلكنا ، يرفع السعر ، نريد أن نستنشق الهواء ، ما في هواء ، نختنق ساعتئذٍ ، الهواء لا يُملك ، لا يوجد باللغة استهوى ، يوجد استطعم ، طلب الطعام ، استسقى ، طلب السقيا ، لكن ما في استهوى ، فطلب الهواء الحاجة الأولى ، طلب الماء السقيا الحاجة الثانية ، طلب الطعام الحاجة الثالثة .
﴿ فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا ﴾
( سورة الكهف الآية : 77 )
﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ ﴾
بالمناسبة : أي فعل سبقه ألف ، وسين وتاء ، على وزن استفعل صار للطلب ، استغفر طلب المغفرة ، استودع طلب الوديعة ، استقام طلب الاستقامة ، استرحم طلب الرحمة ، استسقى طلب السقيا ، استطعم طلب الطعام ، إلا أن فعل استهوى ورد في القرآن الكريم ، لا بمعنى طلب الهواء ، ولكن بمعنى أن تكون على هوى الشيطان ، الآية الكريمة :
﴿ قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ ﴾
( سورة الأنعام الآية : 71 )
﴿ اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ ﴾
طلبت منه أن يكون على هواها ، الشيطان يوسوس بالمعاصي والآثام .
﴿ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾
( سورة الأنعام الآية : 71 )
تساوي الماء لكل سبط من أسباط اليهود حتى لا يتنازعوا :
إذاً :
﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ ﴾
يعني انفجرت
﴿ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً ﴾
لكل سبط عين ، يبدو أنهم متشاكسون ، فكل واحد له عين خاصة ، وهناك استنباط آخر : أن كمية الماء من كل عين مساوية للثانية ، حتى لا يختاروا هذه لي ، وهذه لك ، حتى لا يكون هناك تنازع ، الكميات متساوية ، وكل سبط له عين .
لكن هناك ملمح آخر دقيق : لما سيدنا موسى ضرب البحر بعصاه ، أصبح طريقاً يبساً ، ضرب اليبس بعصاه أصبح ماء زلالاً ، ضربة واحدة تحول الماء إلى صخر ، والصخر إلى ماء هذا من طلاقة القدرة الإلهية ، عمل واحد يحول الصخر إلى ماء .
﴿ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ البحر ﴾
( سورة الشعراء الآية : 63 )
فأصبح الطريق يبساً .
﴿ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً ﴾
يعني كن فيكون عمل واحد .
الآن الماء قلته بلاء ، وكثرته بلاء ، التسونامي ماء ، أحرق الأخضر واليابس الفيضانات تدمر كل شيء ، الريح منعش ، وهناك رياح مميتة .
إكرام الله عز وجل اليهود في رحلتهم بعدما تاهوا في صحراء سيناء :
إذاً :
﴿ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ ﴾
أما الآية الثانية :
﴿ فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ﴾
( سورة الشعراء )
هذه عصا واحدة ، والضرب واحد ، ضُربت المياه بالعصا فأصبحت طريقاً يبساً وضربت بالصخر العصا فأصبح ينابيع شتى .
الله عز وجل أكرمهم بهذه الرحلة ، جعل لكل سبط عيناً ، ولكل سبط غمامة سحابة تظللهم من أشعة الشمس ، ولكل سبط نقيباً ، وكل مجموعة لهم نقيب ، والتبليغ تسلسلي ، في نظام .
﴿ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى ﴾
قال المن مادة بيضاء حلوة الطعام ، والسلوى طائر من رتبة الدجاجيات ، واحدته سلوات ، وهو السماني أو السمان المعنى واحد ، هذا طير لا يربيه أحد ، يأتي مهاجراً .
﴿ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى ﴾
يعني حاجاتهم كلها ، ماء ، غمام ، منّ وسلوى ، ظل ظليل ، وماء وفير ، وطعام طيب .
لذلك قال : لُبيت حاجاتهم قدراً لا كسباً ، الآن شخص حتى يشتري الطعام يكون له حرفة ، وله دخل ، حتى يرتاح له بيت ، دافع ثمنه ، فكل مقتنيات الإنسان كسبية ، أما هؤلاء في هذه الرحلة الماء من قدر الله لهم ، والغمام من قدر الله لهم ، والطعام من قدر الله لهم ، في حلويات أعتقد تصنع في بعض الأقطار اسمها المن والسلوى .
﴿ كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾
أيها الأخوة ، هذه التفاصيل إشارة إلى رحلة اليهود في صحراء سيناء حينما تاهوا الله عز وجل أدبهم لأنهم عبدوا العجل ، ثم أكرمهم بالماء ، والطعام ، والظل الظليل .
عدم تطبيق اليهود الأمر الإلهي بأن يسكنوا مصر و يخضعوا لله و يطلبوا المغفرة :
الآن :
﴿وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾
( سورة البقرة )
لما ضجروا من أنفس طعام ، ومن أطيب إكرام ، قال الله لهم :
﴿ وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ﴾
( سورة الأعراف )
اسكنوا أية قرية ، أية مدينة .
﴿ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ ﴾
فيها طعام لكم ، منوع كما تشتهون .
﴿ وَقُولُوا حِطَّةٌ ﴾
يعني اخضعوا لله عز وجل ، واطلبوا المغفرة .
﴿ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ﴾
نزول العذاب الأليم باليهود نتيجة آثامهم و معاصيهم :
لم يفعلوا .
﴿ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا ﴾
( سورة البقرة الآية : 93 )
نحن في نهاية الصلاة يقول بعض المسلمين في بعض المساجد : سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ، أما لسان حال المسلمين اليوم ،
﴿ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا ﴾
لم يقولوا حطة ، ولم يدخلوا الباب سجداً ، ولم يستغفروا ، فقال تعالى :
﴿ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ ﴾
( سورة الأعراف )
ما طبقوا الأمر الإلهي .
﴿ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزاً ﴾
الرجز هو العذاب ، عندنا رِجزٌ ، رَجزٌ ، ورُجزٌ ، معنى بالكسر ، والفتح ، والضم ، يعني كلمة مثلثة ، الرجز ؛ المآثم والمعاصي ، وتنجو إذا تركت المآثم والمعاصي من الرجز الذي هو العذاب ، بالكسر العذاب ، بالضم الآثام والمعاصي ، فحينما يبتعد الإنسان عن الآثام والمعاصي ينجو من العذاب .
﴿ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ ﴾
أي لم يطبقوا الأمر الإلهي .
﴿ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزاً ـ أي عذاباً ـ مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ ﴾
الدين الإسلامي لكل الأمم و الشعوب :
أيها الأخوة ، أريد أن أؤكد لكم أن كل قصص القرآن الكريم هي لمن ؟ هي لنا ، لأن سيدنا موسى وقومه مضوا إلى دار القرار ، لكن المعني بهذه القصة نحن ، فهناك استنباطات كثيرة ، يقع في أول هذه الاستنباطات أن هذا الدين لكل الأمم والشعوب ، وأن هذا الدين خاتم رسالات السماء ، وأن النبي عليه الصلاة والسلام خاتم الأنبياء والرسل ، وأن بعثته خاتمة البعثات ، وأن كتابه خاتم الكتب ، وأن إعجاز القرآن الكريم هو الدليل ، والشهادة من الله على أنه كلامه .
أمثلة عن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم :
1 ـ الهواء و الأعاصير :
حينما يصعد رائد فضاء إلى طبقات الجو العليا ، باتجاه القمر ، ويقطع 65 ألف كم طبقة الهواء ، طبقة الهواء المحيطة بالأرض سمكها 65 ألف كم ، النقطة الدقيقة أن الله عز وجل حينما قال :
﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ﴾
( سورة الروم الآية : 42 )
بربكم تمشون على الأرض أم في الأرض ؟ على ، في يعني بالسراديب ، بالأنفاق ، الآية :
﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ﴾
ما وجه الإعجاز في هذه الآية ؟ قال : لأن الهواء جزء من الأرض ، 65 ألف كم طبقة الهواء .
تصور الهواء ثابت والأرض تدور ، ما الذي يحصل ؟ يصبح أعاصير سرعتها ألف و ستمئة كم بالساعة ، هناك أعاصير بالعالم الغربي بأمريكا تدمر كل شيء ، مدينة بأكملها .
﴿ لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ ﴾
( سورة المدثر )
وقد تشاهدون في الأخبار بعض الأعاصير ، البيوت كلها تحطمت ، السرعة ثمانمئة كم فإذا كان ألف و ستمئة لا يبقى على وجه الأرض شيء ، إذا كان الهواء ثابت والأرض تدور ، أما الهواء جزء من الأرض .
لذلك قال تعالى :
﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ﴾
تمشي أنت بين فوق طبقة الهواء 65 ألف كم وعلى سطح الأرض ، لكن الإجمالي تمشي أنت في الأرض ، لا على الأرض .
2 – الظلام في الفضاء الخارجي :
أيها الأخوة ، رائد الفضاء حينما صعد إلى الفضاء الخارجي صاح فجأة لقد أصبحنا عمياً ، لا نرى شيئاً ، كان في أكبر عالم فضاء من مصر في القاعدة التي انطلقت منها مركبة الرواد ، ما الذي حصل ؟ لما قطع هذا الرائد طبقة الهواء انعدم تناثر الضوء ، فدخل في الظلام الدامس ، نحن في الأرض عندنا أشعة شمس ، و هواء ، والهواء ذرات ، فحينما تسلط أشعة الشمس على ذرات الهواء بعض ذرات الهواء تعكس أشعة الشمس على ذرات أخرى ، صار في بالأرض مكان أشعة الشمس ، ومكان فيه ضوء شمس ، رائد الفضاء لما تجاوز الـ65 ألف كم دخل بالفضاء الخارجي ، ما عاد في هواء ، ما عاد في انتثار ضوء ، ما عاد في ضوء أبداً دخل في ظلام دامس فقال : لقد أصبحنا عمياً ، هذا متى كان ؟ كان قبل عشرين سنة ، مع إرسال أول مركبة إلى الفضاء ، صاح رائد الفضاء : لقد أصبحنا عمياً .
الآن افتح كتاب الله واقرأ هذه الآية :
﴿ وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ * لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ ﴾
( سورة الحجر )
هذا إعجاز القرآن .
3 ـ الوردة الجورية :
قد تعجب لوردة عرضتها وكالة الفضاء في موقعها في الانترنيت ، وردة جورية ، لو تأملتها ملياً لا تشك لثانية واحدة أنها وردة جورية بأوراقها الحمراء الداكنة ، وبوريقاتها الخضراء الزاهية ، وبكأسها الأزرق في الوسط ، لكن كُتب تحت هذه الوردة : صورة انفجار نجم اسمه عين القط ، يبعد عن الأرض ثلاثة آلاف سنة ضوئية ، وردة عرضتها بعض البرامج التلفزيونية ، افتح القرآن :
﴿ فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾
( سورة الرحمن )
4 ـ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ :
تركب طائرة على ارتفاع أربعين ، خمسين ألف قدم ، بأعلى درجات الفخامة بالدرجة الأولى ، طعام ، وشراب ، ومسليات ، وفواكه ، وعصائر ، وصحف ، ومجلات ، ومقعد وثير ، وتكييف ، وانترنيت ، وفضائيات ، وقنوات ، تفتح القرآن تقرأ قوله تعالى :
﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا ﴾
( سورة النحل الآية : 8 )
الطائرة 777 .
﴿ وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾
( سورة النحل الآية : 8 )
هذا كلام الله عز وجل ، هذه داخلة بالطائرة ، والمركبة ، والقطار السريع ، والحوامة والباخرة ، واليخت دخل فيها .
خاتمة :
الإعجاز هناك في إشارات إلى حقائق لم تكن معروفة وقت نزول الوحي ، لكن بعد ألف و أربعمئة عام تمت معرفته .
أيها الأخوة الكرام ، الآيات التي شرحت اليوم هي قوله تعالى :
﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ * وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ * وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ * وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ * فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ ﴾
والحمد لله رب العالمين
http://www.nabulsi.com/blue/ar/art.php?art=1941&id=97&sid=101&ssid=253&sssid=254