الحقوق محفوظة لأصحابها

محمد راتب النابلسي
التفسير المطول - سورة الأعراف 007 - الدرس(45-60): تفسير الآية 157 ، الفطرة السليمة تنبئ صاحبها عن خطئه

لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2008-07-25

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .

من آمن بالله موجوداً ولم يستقم على أمره لا قيمة لإيمانه إطلاقاً :

أيها الأخوة الكرام ... مع الدرس الخامس والأربعين من دروس سورة الأعراف ، ومع الآية السابعة والخمسين بعد المئة ، وهي قوله تعالى :

﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

أيها الأخوة الكرام ، يجب أن نعلم علم اليقين أن هناك دائرة كل من لم يؤمن بالله أصلاً بوجوده خارج هذه الدائرة ، أما الذي آمن بالله أي إيمان ضمن هذه الدائرة ، لكن الذي آمن بالله موجوداً ، ولم يستقم على أمره لن ينتفع بإيمانه إطلاقاً ، وهذا الإيمان لا قيمة له إطلاقاً ولا يقدم ، ولا يؤخر ، وليس له أي ثمار ، لأن إبليس آمن بالله ، قال ربي :

﴿ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾

( سورة ص )

وإبليس قال :

﴿ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ﴾

( سورة الأعراف )

﴿ خَلَقْتَنِي ﴾

آمن به خلقاً ، وإبليس آمن باليوم الآخر قال :

﴿ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾

( سورة الأعراف )

من انتفع بإيمانه ازداد تألقاً و توفيقاً بأعماله :

الإيمان الذي يحملك على طاعة الله تكون ضمن دائرة ثانية داخل الدائرة الكبرى ، صار هناك دائرة كبرى ، الذي لم يؤمن بالله أصلاً خارج هذه الدائرة ، والذي آمن به بشكل أو بآخر ضمن هذه الدائرة ، لكن لم ينتفع بإيمانه ، أما الذي حمله إيمانه على طاعة الله هذا في الدائرة الثانية ، التي هي داخل الأولى ، هذا انتفع بإيمانه ، إيمانه أعطاه ثماراً يانعة ، أعطاه سعادة ، أعطاه سلامة ، أعطاه حكمة ، أعطاه قرباً ، أعطاه رضا ، أعطاه تألقاً ، أعطاه تفاؤلاً ، أعطاه توفيقاً بأعماله .

في مركز هذه الدائرة الأنبياء والمرسلون ، هؤلاء قمم البشر ، هؤلاء المعصومون قبل النبوة وبعدها ، هؤلاء الذين لا ينقطعون عن الله إطلاقاً ، هؤلاء الذين أحوالهم بإقبال مستمر وبيقظة مستمرة .

لذلك حينما مرّ الصديق رضي الله عنه بصحابي رآه يبكي ، اسمه حنظلة ، قال له الصديق : يا حنظلة مالك تبكي ؟ قال : نكون مع رسول الله ونحن والجنة كهاتين ، فإذا عافسنا الأهل ننسى ، من تواضع الصديق قال له : أنا كذلك يا أخي ، انطلق بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حدثاه عن هذه الحالة ، فقال : أما نحن معاشر الأنبياء ، فتنام أعيننا ولا تنام قلوبنا ، اتصال مستمر ، أما أنتم يا أخي كمؤمنين فساعة وساعة .

إياكم أن تتوهموا أنها ساعة طاعة ، وساعة معصية ، لا مستحيل ، ساعة تألق ، ساعة فتور ، الاستقامة هي هي ، عند الناس ، عند العوام كلام أنه ساعة لك وساعة لربك ، لك يعني تعصي الله ؟! هذا كلام مرفوض ، ساعة تألق ، وساعة فتور .

أما أنتم يا أخي فساعة وساعة ، دقق : لو بقيتم على الحال التي أنتم عليها عندي لصافحتكم الملائكة ، ولزارتكم في بيوتكم .

معنى ذلك وأنت في المسجد لك حال مع الله ، تحس بطمأنينة ، تحس الدين عظيم ، تحس الآخرة أبدية ، تحس العلم له قيمة ، الطاعة لها قيمة ، وأنت في المسجد في تألق ، في حال هذا الحال يعطيك قوة صمود ، يعطيك هذا الحال تفاؤلاً ، يعطيك سعادة ، يعطيك رؤية صائبة .

لو بقيتم على الحال التي أنتم عليها عندي لصافحتكم الملائكة ، ولزارتكم في بيوتكم .

من كان مع الله كان الله معه :

أنت أيها المؤمن لك قالٌ ، ولك حال ، لك علم تقوله ، ولك مشاعر تحسها ، حتماً مشاعر المؤمن مسعدة ، المؤمن يرى أن أمره كله بيد الله ، المؤمن يرى أنه لا إله إلا الله ، المؤمن يرى أن الله :

﴿ فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ ﴾

( سورة الزخرف الآية : 84 )

المؤمن يرى أن كل شيء بيد الله ، وأن الله عادل ، ورحيم ، وغني ، وقوي ، بيده كل شيء ، وأنت عبد من عبيده ، أمرك أن تطيعه فأطعته ، الذي عليك انتهى ، بقي ما وعدك به من عطاء ، من خير ، حالة المؤمن عجيبة .

عجبت لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، إن أصابته سراء شكر فكان ذلك له خير ، وإن أصابته ضراء صبر فكان ذلك له خير ، وليس ذلك لغير المؤمن .

يعني تصور مجنداً ملتحق بقطعة عسكرية ، وقائد الجيش والده ، ممن يخاف ؟ أكبر رتبة والده بإمكانه أن يأمره ، وأن ينهاه .

فأنت حينما تكون مع الله الأمر بيده ، صحتك بيده ، زواجك بيده ، عملك بيده ، رزقك بيده ، طلاقة لسانك بيده ، زوجتك بيده ، أهلك بيده ، من حولك بيده ، من أعلى منك بيده ، الأقل منك بيده ، الحالة هذه حالة مسعدة ، أنت مع الله ، كن مع الله ولا تبالي ، كن مع الله ترى الله معك ، أنت مع خالق الكون .

إذا شخص يعمل شرطياً مع وزير ، يمشي بالعرض ، يقول أنا عنده ، بهذه الحالة يعد نفسه وزيراً ، هو شرطي .

الله ولي الذين آمنوا يؤيدهم بالحفظ و الغنى و الدعم :

لذلك أنت حينما تكون مع الله تشعر بالقوة ، تحس بالغنى ، تحس بالحفظ ، تحس بالدعم ، تحس أن الله يدافع عنك ، الله وليك .

﴿ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾

( سورة البقرة الآية : 257 )

يعني الله عز وجل خالق السماوات والأرض ، بيده الأعداء ، بيده الأقوياء ، بيده الطغاة ، بيده الأغنياء ، بيده هذه الأسلحة الفتاكة كلها ، لا تتحرك إلا بأمر منه ، هذا الإيمان الإيمان مريح جداً ، يعني إن لم تقل أنا أسعد إنسان بالأرض لست مؤمناً ، أنت مع من ؟ مع خالق السماوات والأرض ، مع من بيده كل شيء ، مع من إليه مصير كل شيء ، مع من

﴿ فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ﴾

مع الذي قال :

﴿ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً ﴾

( سورة الكهف )

فهذا الذي أتمنى أن يكون واضحاً ، هؤلاء الأنبياء قمم البشر ، أنت كمؤمن تتمتع بخصائص كبيرة جداً .

فحوى دعوة الأنبياء واحدة و هي الإيمان بالله تعالى :

لذلك الله عز وجل جعل لهؤلاء البشر قمماً ، مرجعيات ، فالأنبياء تتفاوت مراتبهم .

﴿ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ﴾

( سورة البقرة الآية : 253 )

﴿ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ﴾

( سورة البقرة الآية : 285 )

الدعوة واحدة .

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾

( سورة الأنبياء )

من لوازم معرفة الله تعالى أن يبحث الإنسان عن أمره و نهيه :

الآية التي تبدأ في قوله تعالى :

﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ﴾

المؤمن متبع ، قال : اتبع لا تبتدع ، اتضع لا ترتفع ، الورع لا يتسع ، المؤمن متبع ، سيد الأنبياء والمرسلين متبع .

﴿ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ ﴾

( سورة الأنعام الآية : 50 )

شأن العبد أنه متبع ، وشأن الرب أنه مُتّبَع ، اتبع ، الآية الكريمة :

﴿ الَّذِينَ ﴾

من هم المؤمنون الصادقون ؟ الذين يتبعون النبي الرسول الأمي ، لذلك أنت دون أن تشعر ، بعد أن تعرف الله ، تسأل عن منهجه ، ما الذي يرضيه ؟ كيف أتقرب منه ؟ ما الحلال ؟ ما الحرام ؟ من لوازم معرفتك بالله أنك تبحث عن منهجه كي تتقرب إليه بما أمر ، وكي تنتهي عما عنه نهى وزجر .

﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ﴾

أنت كمؤمن منهج الله عز وجل ، والله لا أبالغ لو دخلت بالتفاصيل في خمسمئة ألف بند ، تصلي لكن النظر له أحكام ، السماع له أحكام ، السماع له أحكام ، الزواج له أحكام ، الطلاق له أحكام ، التجارة لها أحكام ، السفر له أحكام ، أنت أمام منهج كامل ملخصه افعل ولا تفعل ، لمجرد أنك عرفت الله لابدّ من أن تبحث عن أمره ونهيه .

الناس صنفان لا ثالث لهما :

لذلك من خصائص المؤمنين

﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ﴾

بشكل أو بآخر البشر جميعاً على اختلاف مللهم ، ونحلهم ، وانتماءاتهم ، وأعراقهم ، وأنسابهم ، وطوائفهم ، ومذاهبهم ، هم متبع أو غير متبع ، مطيع أو عاصٍ ، مقبل أو مدبر ، مؤمن أو كافر ، لا ثالث لهذين الصنفين .

﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ﴾

( سورة الليل )

صدق أنه مخلوق للجنة فاتقى أن يعصي الله ، وبنى حياته على العطاء .

﴿ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ﴾

( سورة الليل )

﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ﴾

المؤمن دأبه أن يسأل ، ما الحلال ؟ ما الحرام ؟ هل يجوز أن أفعل هذا ؟ هل هذا الدخل فيه شبهة ؟ هل هذه الحرفة ترضي الله ؟ هل هذا الموقف يرضي ؟ السفر يجوز ؟ دائماً وأبداً المؤمن له مرجع ، يسأل مرجعه عن الذي يرضي الله في عمله .

الرسول الكريم أميته وسام شرف له لأن الله تعالى تولى تعليمه :

﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ ﴾

نحن جميعاً من دون استثناء أميتنا وصمة عار ، إذا كنا أميين كيف نتلقى العلم ؟ العلم باللغة ، واللغة تحتاج إلى دراسة ، وإنما العلم بالتعلم ، أما أمية النبي صلى الله عليه وسلم وحده هي وسام شرف له ، لأن الله سبحانه وتعالى فرغ نفسه الطاهرة من كل ثقافة أرضية ، فرغه من كل ثقافة أرضية وملأها حقائق من عند الله مباشرة .

﴿ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ﴾

( سورة النجم )

الله عز وجل ، على اختلاف المفسرين في معنى هذه الآية ، لكن الذي علمه هو الله ، خالق السماوات والأرض تولى تعليمه ، وهو أمي ، يأتي بآخر الزمان دكتور في الجامعة يأخذ بعض الأحاديث يشرحها (دكتوراه) يصبح دكتوراً لأنه فهم كلام رسول الله .

يا أيها الأمي حسبك رتبة في العلم أن دانت لك العلماء

* * *

أميته وسام شرف له ، لأن وعاءه ما فيه أي ثقافة أرضية ، لو معه شهادة عليا لو درس بالصين ، درس بأثينا فرضاً ، ورجع جاءه الوحي ، بدأ يتكلم ، كلما تكلم كلمة يسأل هذه من عندك أم من الوحي ؟.

﴿ وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ﴾

( سورة العنكبوت )

أمية الرسول الكريم وسام شرف له و أميتنا وصمة عار بحقنا :

إذاً أميته وسام شرف له ، لأن الله تولى تعليمه ، مثلاً : لو جاء طبيب من أعلى اختصاص في العالم جراح قلب ، جاء من بلد بعيد ، ويحمل أعلى شهادة ، وفوق ذلك أجرى ألفي عملية ، وكلها ناجحة ، وجاء لمطار دمشق ، هو لا يتكلم العربية إطلاقاً ، هل أميته باللغة العربية تعني أنه جاهل ؟ كلامي دقيق ؟ هذا الطبيب الذي يحمل أعلى شهادة في الطب ، وهو جراح كبير ، وله مؤلفات ، وأستاذ في الجامعة ، لكنه لا يتقن العربية إطلاقاً ، فجاء إلى مطار دمشق ، احتاج إلى مترجم ، هذا الطبيب الذي يحمل أعلى شهادة لأنه أمي في اللغة العربية ، هل يعد جاهلاً ؟ لا .

النبي عليه الصلاة والسلام ما تلقى معرفة من بني البشر إطلاقاً ، ما تلقى معرفة من الأرض ، تلقاها من السماء .

لذلك

﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ ﴾

أميته وحده وسام شرف له ، وأميتنا جميعاً وصمة عار ، لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول :

(( إنما العلم بالتعلم ))

[أخرجه الطبراني عن معاوية ]

أنت إن لم تكن أمياً ، إن كنت أمياً من يعلمك ؟ معناها جاهل .

﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ﴾

يعني بعض أحبار اليهود اتبعوا النبي الأمي .

قصة الحصين بن سلام :

الحقيقة هناك قصة مناسبة جداً لهذا الدرس ، الحصين بن سلامة ، كان عبداً لله عز وجل ، نفّذ أمر الله كله ، وكان كلما قرأ التوارة وقف طويلاً عند الأخبار التي تبشر بظهور نبي في مكة

﴿ يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ﴾

اسم النبي ، وأوصاف النبي التفصيلية ، وأحوال النبي ، كل هذا في التوراة والإنجيل .

﴿ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ﴾

( سورة الصف الآية : 6 )

(( أنا دعوة أبي إبراهيم ، وبشر بي أخي عيسى ))

[أخرجه أبو يعلى عن شداد بن أوس ]

يقول الحصين بن سلام ، لك أن تقول سلاّم وسلام كلاهما جائز ، يقول هذا الحبر اليهودي الكبير ، من كبار رجال الدين اليهود : لما سمعت بظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذت أتحرى عن اسمه ، وعن نسبه ، وعن صفاته ، وزمانه ، ومكانه ، وبينما هو مسطور عندنا في الكتب حتى استيقنت من نبوته ، استقين من نبوة هذا النبي الكريم .

هناك أوصاف ثانوية كثيرة جاءت في التوراة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : حتى استقينت من نبوته ، إلى أن كان اليوم الذي خرج فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة قاصداً المدينة للهجرة ، فلما بلغ يثرب ، ونزل بقباء ، أقبل رجل علينا ، وجعل ينادي بالناس معلماً فقدومه ، وكنت ساعتئذٍ في رأس نخلة لي أعمل فيها ، وكانت عمتي خالدة بنت الحارث جالسة تحت الشجرة ، فما إن سمعت الخبر حتى هتفت الله أكبر ، الله أكبر ، وأنا على رأس النخلة .

قالت لي عمتي حينما سمعت التكبير : خيبك الله ، والله لو كنت سمعت بموسى بن عمران قادماً ما فعلت شيئاً فوق ذلك ، أنت يهودي ، ما هذا التكبير ! فقلت لها : أي عمة ، إنه والله أخو موسى بن عمران ، وعلى دينه ، وقد بُعث بما بُعث ، لأن الرسالات واحدة ، المشكاة واحدة ، النور واحد ، المصدر واحد ، الهدف واحد ، قال تعالى :

﴿ آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ﴾

( سورة البقرة الآية : 275 )

إسلام الحصين بن سلام :

في مضمون الدعوة ،

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾

﴿ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾

( سورة البقرة )

فسكتت ، وقالت : أهو النبي الذين كنتم تخبروننا أنه يُبعث مصدقاً لما قبله ، ومتمماً لرسالات ربه ؟ فقلت : نعم ، قالت : كذلك إذاً ، هذا هو ، ثم مضيت من توي لرسول الله ، من كبار أحبار اليهود ، عبد الله بن سلاّم كما سماه النبي ، واسمه الحصين بن سلام .

مضيت من توي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيت الناس يزدحمون على بابه فزاحمتهم ، حتى صرت قريباً منه ، فكان أول ما سمعت ما يقوله : أيها الناس :

(( يا أيُّها الناس ، أفْشُوا السلام ، وأطعموا الطعام ، وصَلُّوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنةَ بسلام ))

[ أخرجه الترمذي عن عبد الله بن سلام ]

هذا أول حديث سمعه منه ، الآن يقول عبد الله بن سلام : لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة قيل : قد قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قدم رسول الله ، قدم رسول الله ثلاثاً ، فجئت في الناس لأنظر ، فلما تبينت وجهه ، عرفت من وجهه أنه ليس بوجه كذّاب ، فكان أول شيء سمعته تكلم به أن قال :

(( يا أيُّها الناس ، أفْشُوا السلام ، وأطعموا الطعام ، وصَلُّوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنةَ بسلام ))

هذا أول حديث سمعه عبد الله بن سلاّم ، من رسول سيد الأنام ، قال : فجعلت أتفرس فيه وأتملّى منه ، هو درس بالتوراة أوصافه الدقيقة التفصيلية ، أيقنت أن وجهه ليس بوجه كذّاب ومن تكريم الله للمؤمن أحياناً أن يزوده بفراسة .

(( اتَّقُوا فِراسَةَ المؤمن ))

[أخرجه الترمذي عن أبي سعيد الخدري ]

ثم دنوت منه ، وشهدت أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله .

تغيير اسم الحصين من قِبل النبي الكريم و إسلامه مع أهله :

التفت النبي عليه الصلاة والسلام إلى الحصين وقال : ما اسمك ؟ قلت : الحصين بن سلاّم ، فقال عليه الصلاة والسلام : بل عبد الله بن سلاّم ، كان عليه الصلاة والسلام يبدل أسماء أصحابه ، ما اسمك ؟ قال : الحصين بن سلاّم ، قال : بل عبد الله بن سلاّم ، ما اسمك ؟ زيد الخيل ، قال له : بل زيد الخير ، هناك إنسان اسمه حرة ، فكان عليه الصلاة والسلام ينادي أصحابه بأحب أسمائهم إليهم .

أيها الأخوة ، قال : نعم عبد الله بن سلاّم ، يعني ما دمت قد سميتني بهذا الاسم انتهى نعم عبد الله بن سلاّم ، والذي بعثك بالحق ما أحبّ أن يكون لي اسماً آخر بعد اليوم ، أحد كبار أحبار اليهود ، طالب الحق لا يتردد .

قال : ثم انصرفت من عند رسول الله إلى بيتي ، أول شيء دعوت زوجتي وأولادي إلى الإسلام ، فأسلموا جميعاً ، وأسلمت معهم عمتي خالدة ، التي قالت له : خيبك الله وكانت شيخة كبيرة ، ثم إني قلت لهم : اكتموا إسلامي وإسلامكم عن اليهود حتى آذن لكم ، راسم خطة ، اكتموا إسلامي وإسلامكم عن اليهود حتى آذن لكم ، قالوا : نعم .

اليهود قوم بهتان وباطل و أهل غدر وفجور بوصف الحصين بن سلام :

يقول : ثم رجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، قلت له : يا رسول الله إن اليهود قوم بهتان وباطل ، وإني أحبّ أن تدعو وجوههم إليك ، النخبة ، الزعماء ، رجال الدين الكبار ، وأن تسترني عندك في حجرة من حجراتك ، أنا مختبئ عندك ، ثم تسألهم عن منزلتي عندهم ، قبل أن يعلموا بإسلامي ، ثم تدعوهم إلى الإسلام أيضاً ، فالنبي الكريم وافق قال له : إنهم إن علموا بإسلامي عابوني ، ورموني بكل ناقصة ، وبهتوني .

أدخله النبي عليه الصلاة والسلام في بعض حجراته ، ثم دعاهم إليه ، وأخذ يحضهم على الإسلام ، يحبب لهم الإيمان ، يذكرهم بما عرفوه في كتبهم من أمره ، فجعلوا يجادلونه بالباطل ويمارونه بالحق ، وأنا أسمع ، فلما يئس من إيمانهم قال لهم : ما منزلة الحصين بن سلاّم فيكم ؟ اسمعوا ، قالوا : الحصين بن سلام ؟ هو سيدنا وابن سيدنا ، وحبرنا وابن حبرنا ، وعالمنا وابن عالمنا ، فقال عليه الصلاة والسلام : أرأيتم إن أسلم أتسلمون ؟ قالوا : حاشا لله ، ما كان له أن يسلم ، أعاذه الله أن يسلم ، فخرجت إليهم من الحجرة ، وقلت : يا معشر اليهود اتقوا الله واقبلوا ما جاءكم به محمد ، فوالله إنكم لتعلمون أنه رسول الله ، وتجدونه مكتوباً عندكم في التوارة باسمه وصفته ، وإني أشهد أنه رسول الله ، وقد آمنت به وصدقته ، وأنا أعرفه ، فقالوا : كذبت والله ، إنك لشرنا وابن شرنا ، وجاهلنا وابن جاهلنا ، ولم يتركوا عيباً إلا عابوني به ، فقلت للنبي عليه الصلاة والسلام : ألم أقل لك يا رسول الله إن اليهود قوم بهتان وباطل ؟ وإنهم أهل غدر وفجور ؟ هو يعرفهم .

وسيدنا عبد الله بن سلاّم أكبر حبر يهودي صار من أكبر الصحابة ، ورفع الله مقامه عنده .

المعروف تعرفه الفطر السليمة ابتداءً من دون تعليم :

إذاً الله عز وجل يقول :

﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَه ﴾

هذا النبي الأمي ، يجدون اسمه ، وصفاته التفصيلية ،

﴿ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ﴾

ما مهمة النبي الكريم ؟

﴿ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ﴾

ما المعروف ؟ يا أخوان تسمية رائعة ، الشيء التي تعرفه الفطر السليمة ابتداءً من دون تعليم ، ائتِ بإنسان من الصحراء ، قل له فلان أمه جائعة ، اشترى طعاماً وأكله وحده ، يقول لك : مجرم ، أي إنسان .

النبي جاء بالمعروف ، ما تعرفه الفطر السليمة ابتداءً من دون تعليم ، الآن ببريطانيا في المحلفين ، جريمة يأتون بعشرة أشخاص من الطريق ، من عامة الناس من دون استثناء ، قد يكون طبيباً ، قد يكون عاملاً ، قد يكون حاجباً ، قد يكون عامل تنظيفات ، يعرضون على هؤلاء المحلفين أحداث الجريمة ، على الفطرة معظمهم ينطق بالحكم الصحيح ، عند الناس فطرة سليمة ، هناك شيء غير مقبول ، شيء مقبول ، أحياناً تؤلف كتاباً لا أحد يعترض ، معناها مقبول الكتاب ، إذا في خطأ تسمع ضجيجاً ، انتقادات ، تعليقات ، مقالة ، بصحيفة .

﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ﴾

كل شيء تعرفه الفطر السليمة ابتداءً فهو المعروف .

تبدل القيم في آخر الزمان :

﴿ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾

ولا تنسوا أن هذه الأمة العظيمة سنقول سابقاً ، أن هذه الأمة قال الله عنها :

﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾

( سورة آل عمران الآية : 110 )

علية خيريتكم :

﴿ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾

( سورة آل عمران الآية : 110 )

أما وضعها الأخير يقول عليه الصلاة والسلام :

(( كيف بكم إذا لمْ تأمروا بالمعروفِ ولم تَنْهَوْا عن المنكر ))

[أخرجه زيادات رزين عن علي بن أبي طالب ]

الصحابة صعقوا :

(( يا رسول الله ، وإنَّ ذلك لكائن ؟ قال : نعم ، وأشدُ ، كيف بكم إذا أمرتُم بالمنكر ، ونهيُتم عن المعروف ؟ قالوا : يا رسول الله وإنَّ ذلك لكائن ؟ قال : نعم ، وأَشدُّ كيف بكم إذا رأيتُمُ المعروفَ منكرا والمنكرَ معروفا ))

والله الآن هناك أعمال يا أخوان قبيحة ، حقيرة ، دنيئة ، الناس يتباهون بها ، أعمال البطولة ، والجرأة ، والشجاعة ، والنجدة ، والإنفاق ، والبذل يُتهم أصحابها بأنهم مجانين .

لذلك مشكلة كبيرة جداً ، تبدلت القيم .

دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي

* * *

هذا أهجى بيت قالته العرب ، هو شعار كل إنسان الآن :

دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي

* * *

تحريم أشياء كثيرة على اليهود عقاباً من الله عز وجل :

﴿ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ﴾

أي شيء تعرفه ابتداءً من دون تعليم ، معروف ، وأي شيء تنكره ابتداءً منكر ، وقد يعرف هذا الحيوان ، القطة إن خطفت قطعة لحم تأكلها بعيداً عنك تعرف ذنبها ، أما إذا قدمت لها قطعة لحم تأكلها أمامك ، تدرك أن أول عمل غلط ، ينبغي أن تهرب ، العمل الثاني صح ، تأكلها أمامك .

﴿ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ ﴾

كم نوع من الطعام مسموح به ؟ كم نوع ؟ أنواع لا تعد ولا تحصى ، حرم الله علينا لحم الخنزير ، وكم نوع من الشراب مباح لك ؟ والله هناك مئة نوع ، حرم الخمر .

﴿ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ ﴾

الطيبات تطيب نفسك به ، مرة قال لي شخص (له جاهلية كبيرة جداً): أنا كنت شارداً عن الله ، وكنت منحرف الأخلاق ، ثم تزوجت ، قال لي : والله ربع ساعة مع الزوجة تعدل آلاف النساء الفاسقات ، هذه زوجة طاهرة ، عفيفة ، هي لك ، أم أولادك ، تنجب لك أولاداً يملؤون البيت فرحة .

﴿ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ ﴾

ما تطيب نفسك به .

﴿ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ﴾

ما تخبث نفسك به .

﴿ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ﴾

فالله عز وجل قال :

﴿ فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ ﴾

( سورة النساء الآية : 160 )

كان هناك عقاباً من الله في تحريم أشياء كثيرة على اليهود ، قال :

﴿ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ ﴾

المتاعب التي عانوها ما كانت قبلهم عقاباً من الله عز وجل .

﴿ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

الأمر الإلهي العلاقة بينه وبين النتائج التي تنتج عنه علاقة علمية :

إخوانا الكرام ، أهم فكرة بالموضوع أن الأمر الإلهي العلاقة بينه وبين النتائج التي تنتج عنه علاقة علمية ، يعني علاقة سبب بنتيجة ، شيء طبيعي ، وأوضح مثل :

لما إنسان يقترب من تيار توتره عالٍ يحترق ، يصبح فحمة ، المواطن إذا رأى بلاغاً أنه ممنوع الاقتراب ، ليس الموضوع موضوع شرطي يحاسبك ، التيار يحاسبك ، الموضوع ليس موضوع مخالفة تكتب عليك ، لا ، أخطر بكثير ، التيار نفسه خصائصه ضمن 8 أمتار يصبح الإنسان فحمة ، هذا العلاقة بين الأمر والنهي والنتيجة علاقة علمية ، مثلاً :

هذا باب ، وهناك باب ثانٍ ، لو ظهر تعليمات في هذا المسجد هذا الباب لا أحد يخرج منه ، لو شخص خرج ، ما في علاقة علمية بين اللوم الذي سيصيبه ، وبين خروجه ، باب أساساً هُيئ للخروج ، لكن في تعليمات معينة لا تخرج منه ، نقول هذه العلاقة بين عدم الخروج من الباب ، واللوم الذي سيتحمله من خرج علاقة وضعية ، نحن وضعناها .

أحياناً جاءت فترة القانون يمنع إخراج الدولارات ، إذا الشخص المبلغ مبلغه وسافر فيه يسجن ، لا يوجد علاقة علمية ، بين السجن ، الإنسان السارق يسجن ، القاتل يسجن ، لكن هذا معه المال ماله ، لكن في تعليمات ، في قانون وضعي ، جعل خروج الإنسان بمال له عقاب .

نحن دائماً الأسباب والنتائج إما العلاقة بينها علاقة علمية ، أو علاقة وضعية ، أكثر القوانين علاقة وضعية ، إلا أن الأوامر الإلهية ، والنواهي الإلهية ، العلاقة بينها وبين النتائج علاقة علمية ، مثل آخر :

معك شاحنة فيها عشرين طناً ، وصلت إلى جسر مكتوب عليه : الحمولة القصوى عشرة طن ، إذا سائق أحمق وفي شرطة ، ليس موضوع شرطة ، الشرطة ما لها دخل ، الجسر لا يتحمل عشرة طن ، سينهار ، ستسقط في النهر ، أي شرطة ؟ الفكرة واضحة ؟.

معرفة الإنسان الحق و الباطل و الحلال و الحرام بفطرته :

العلاقة بين الأمر ونتائجه ، والنهي والنتائج علاقة علمية ، يعني علاقة سبب بنتيجة

﴿ وَيُحِلُّ لَهُمُ ﴾

كل شيء تطيب أنفسهم به .

شخص تزوج ، زوجته حلاله ، سهر معها ، ونام ، وقام صلى قيام الليل ، مرتاح ، كله وفق المنهج ، لا يحس حاله غلط ، زوجته هذه ، أم أولاده ، لكن لو شخص أسمع فتاة كلمة بالطريق نابية يحس حاله انحجب عن الله ، هذه لا تحل له ، الكلمة النابية فيها عقاب .

فأنت تعرف بالفطرة الحق والباطل ، الحلال والحرام بالفطرة ،

﴿ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ﴾

تعرفه النفوس البشرية ابتداءً من دون تعليم .

مثلاً : طفل صغير وجد قلماً أعجبه فوضعه في جيبه ، صاحب القلم رفع إصبعه ضاع قلمي ، الأستاذ فتش الطلاب ، عثر عليه بجيب هذا الطفل ، يحس هذا الطفل بآلام لا توصف ، لماذا تألم ؟ هو مفطور فطرة ، هذه الفطرة أنبأته أن عمله غلط .

بالمناسبة هناك فندق بألمانيا مكتوب عليه : إن لم تنم هذه الليلة فالعلة ليست في فرشنا إنها وثيرة ، مريحة ، لكن العلة في ذنوبك إنها كثيرة .

العقاب الذاتي أكبر عقاب للإنسان :

الآن أي إنسان يغلط ، يؤذي إنساناً ، يبتز مال إنسان ، تجده شقياً ، تحاسبه نفسه ، تعاقبه نفسه ، أكبر عقاب العقاب الذاتي ، هناك حالة اسمها احتقار الذات ، قد تكون قوياً جداً وغنياً جداً ولا أحد يجرؤ أن يقول لك كلمة ، أما حينما تعلم أنت بفطرتك أنك تبني مجدك على أنقاض الناس ، تبني عزك على إذلالهم ، مالك على إفقارهم تسقط من عين نفسك ، هذا اسمه احتقار الذات ، الشعور بالذنب ، الشعور بالنقص ، هذه الفطرة ، الفطرة تحاسب ، هذه الفطر السليمة تعرف المعروف ، وتعرف المنكر ، عرفته ابتداءً ، وأنكرته ابتداءً ، من دون تعليم ، كل واحد منا .

﴿ بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ﴾

( سورة القيامة )

الإنسان يعلم علم اليقين الخطأ من الصواب ابتداءً من دون تعليم ، هذه الفطرة .

﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾

( سورة الشمس )

والحمد لله رب العالمين

http://www.nabulsi.com/blue/ar/art.php?art=1926&id=97&sid=101&ssid=253&sssid=254