الحقوق محفوظة لأصحابها

محمد راتب النابلسي
التفسير المطول – سورة الأعراف 007 - الدرس(40-60): تفسير الآيات 138 - 141، الجهل والعلم متعارضان

لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2008-05-23

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم ، إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .

إغراق فرعون موسى الطاغية الجبار بقدرة الله تعالى في البحر :

أيها الأكارم ... مع الدرس الأربعون من دروس سورة الأعراف ، ومع الآية الثامنة والثلاثين بعد المئة ، وهي قوله تعالى :

﴿ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴾

الحقيقة أن كلمة

﴿ يَعْكُفُونَ ﴾

أي يستمرون ، يداومون ، يثبتون ، هؤلاء بنو إسرائيل رأوا بأعينهم كيف أن البحر أصبح طريقاً يبساً ، وهذا فوق طاقة كل البشر ، وبنو إسرائيل حينما كانوا مع سيدنا موسى ، وكان فرعون وراءهم بقوته ، وطغيانه ، وحقده وقسوته .

﴿ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾

( سورة الشعراء الآية : 61 )

فرعون الذي كان يذبح أبناء بني إسرائيل ، ويستحيي نساءهم ، وكان طاغية جباراً في الأرض ، ويدعي أنه إله ، وقال :

﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾

( سورة القصص الآية : 38 )

وقال :

﴿ فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾

( سورة النازعات )

فرعون الذي كان في أذهان الناس من سابع المستحيلات أن يُدمر ، فالله عز وجل استدرجه إلى البحر ، ولما كان في منتصف البحر على طريق يبس ، عاد البحر بحراً ، فأغرق الله فرعون .

الحكمة من نجاة جثة فرعون و قذفها إلى الشاطئ :

لكن لحكمة بالغةٍ بالغة بالغة نجا الله جثته ، فقذفتها الأمواج إلى الشاطئ ، ولو لم يكن ذلك ، لما صدقوا أن الله أهلكه ، لأنه عندهم إله ، قد يقولون رفع إلى السماء ، لكن الله سبحانه وتعالى يقول :

﴿ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً ﴾

( سورة يونس الآية : 92 )

والحقيقة فرعون موسى ، جثته محنطة ، وقد نقل إلى باريس كي تُرمم هذه الجثة من بعض الفطور التي أصابتها .

وأحد أكبر الملحدين بأمريكا ، حينما التقى بفتاة مسلمة محجبة حجاباً تاماً ، حجابها لفت نظره ، فعكف على قراءة القرآن ، ولما وصل إلى هذه الآية

﴿ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ ﴾

عدّها من أخطاء القرآن فاتصل بصديقه موريس بوكاي ، ينبئه ، وقد ألّف كتاباً عن أحقية القرآن قال له : هذه الآية تفضل ، كيف تفهمها ؟ قال : المعني بهذه الآية رممت جثته بيدي ، هو مدير المشرحة كان .

جبار ، طاغية ، يدعي الألوهية ، يُقتل أبناء بني إسرائيل ، ويستحيي نساءهم والبحر كان بحراً فأصبح طريقاً يبساً ، ونجى الله بني إسرائيل ، وأهلك فرعون ، فلما جاوزوا البحر

﴿ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ ﴾

الله فوق كل الخلق يجعل و لا يُجعل :

لذلك أيها الأخوة ، قضية الإيمان قضية دقيقة جداً ، يجب أن تؤمن أن الخالق لا يُجعل ،

﴿ اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً ﴾

من هو الجاعل ؟ الإنسان ، ما عرفوا من هو الله ، الله يجعل ولا يُجعل ، الله يخلق ، ولا يُخلق ، الله فوق كل الخلق .

فلما قالوا هذا الكلام صُعق سيدنا موسى

﴿ اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ ﴾

الإله الذي نجاكم من فرعون ، الإله الذي قلب البحر طريقاً يبساً ، الإله الذي أنقذكم ، الإله الذي خلصكم ، الإله الذي أكرمكم ، الإله الذي نجاكم ، تبحثون عن إله آخر ؟ طبعاً تطبيقات هذه الآية في حياتنا .

إنسان يكون ابنه على خطر الموت ، يأخذه لطبيب ، فإذا شُفي على يد هذا الطبيب ، ينسى أن الله هو الذي شفاه ، ويعزو شفاءه للطبيب ، الطبيب إنسان .

إن الطبيب له علم يدل به إن كان للناس فـي الآجال تخير

حتى إذا ما انتهت أيام رحلته حار الطبيب وخانته العقاقير

* * *

ضعف التوحيد وراء هذه الكلمة ،

﴿ اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ ﴾

هل تعرف من هو الله ؟ معقول قطعة من الحجر تُصنعها أنت ، تنحت الرأس ، ترى الأنف طويلاً تُقصره ، ترى الرأس كبيراً تصغره ، هذا إله ؟! تنحته بيدك ؟! بل إن بعض القبائل ، كان ربها من التمر فلما جاعت أكلته ، بعض الوثنيين إلهه الصنم جاء ثعلب وبال على رأسه ، فكر ، قال : أرب يبول الثعلبان برأسه ، لقد ضلّ من بالت عليه الثعالب .

مَنْ ضعف توحيده علّق أمله بغير الله تعالى :

إخوانا الكرام ، يوجد بآسيا معابد كبيرة جداً ، ما الإله الذين يعبدونه من دون الله ؟ الجرذ ، في اليابان ماذا يعبدون ؟ ذكر الرجل ، في الهند ماذا يعبدون ؟ البقر .

أيها الأخوة الكرام ، اشكروا الله عز وجل على أنه حررنا من هذه الأكاذيب ، هناك من يعبد ذكر الرجل ، هناك من يعبد الجرذ ، هناك من يعبد الحجر ، هناك من يعبد النار ، هناك من يعبد موج البحر ، ونحن المسلمون شرفنا الله بأن نعبد الإله العظيم ، خالق السماوات والأرض يا موسى

﴿ اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ ﴾

قد ترون هذا شنيعاً ، ولكن أي إنسان يعلق أمله بإنسان قوي يطيعه ويعصي الله لا يختلف كثيراً عن بني إسرائيل ، إي إنسان لا يرى أن الله بيده كل شيء ، لا يرى أن الله هو الفعال .

﴿ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ﴾

( سورة هود )

﴿ فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ ﴾

( سورة الزخرف الآية : 84 )

﴿ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً ﴾

( سورة الكهف )

﴿ لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ﴾

( سورة الأعراف الآية : 54 )

﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾

( سورة الزمر )

﴿ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا ﴾

( سورة الأنعام الآية : 59 )

هذا هو التوحيد ، الإنسان من ضعف توحيده يعلق الأمل بغير الله .

المشرك من أطاع مخلوقاً و عصى خالقاً :

لا تستغربوا هذه الآية ، أنهم قالوا :

﴿ اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ ﴾

وآلاف المسلمين ، ومئات ألوف المسلمين قال الله عنهم :

﴿ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ ﴾

( سورة يوسف )

الذي يخاف إنساناً ويعصي خالقاً مشرك ، الذي يغش المسلمين ماذا رأى ؟ أن المبلغ الكبير الذي سيحصّله من غشهم أكبر عنده من الله ، الذي يطيع مخلوقاً ويعصي خالقه مشرك .

أيها الأخوة ، الشرك الجلي في المسلمين قليل ، يعني لا يوجد مسلم يقول الجبل إله هذا لا يوجد ، لكن الذي يضع كل ثقته بإنسان وينسى الواحد الديان ، الذي يخاف من إنسان ويعصي الله .

قصة في بلد إسلامي آخر ، في شدة على أهل الدين ، موظف كبير ، صام رمضان أول يوم يصوم بحياته ، ما كان يصوم رمضان ، فالتقى مع مديره في الشركة ، أو في الوزارة قال له : صائم ؟ قال له : لا لست صائماً ، فجاؤوا له بضيافة فأفطر ، خاف أن يرى من فوقه أنه صائم ، هو يعبد هذا الإنسان من دون الله ،

﴿ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ ﴾

لمجرد أن ترى أن القوة بيد غير الله ، ما لم ترَ أن الله وحده هو الرافع ، وهو الخافض ، وهو المعطي ، وهو المانع ، وهو المعز ، وهو المذل ، وهو الذي يرزق ، وهو الذي يقنن ، هذا هو التوحيد ، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد .

الإيمان حقيقة مقطوع بصحتها يؤيدها الواقع :

أيها الأخوة ، لو وقفنا وقفة متأنية عند هذه الظاهرة ، ما العلم ؟ العلم بتعريف موجز الوصف المطابق للواقع ، المقياس والواقع ، للتوضيح :

تألق المصباح في لوحة البيانات في السيارة ، تألق المصباح الأحمر في لوحة البيانات إذا ظننت أن هذا التألق تزييني ، فهو الجهل بعينه ، وإذا علمت أن هذا التألق تحذيري فهو العلم هو في الحقيقة تألق تحذيري ، نسبة الزيت قلّت في المحرك ، فلئلا يحترق المحرك ، تألق هذا الضوء يعني قف ، وأضف الزيت ، فهمك للتألق على أنه تزيين هو الجهل بعينه ، وفهمك للتألق على أنه تحذير هو العلم بعينه ، فالعلم الوصف المطابق للواقع .

هذا شرح موجز ، الأوسع هي علاقة على شكل قانون مقطوع بصحتها ، أحياناً يقول لك : بالـ% 80 متأكد ، بالـ% 80 ظن ، بالـ% 50 شك ، بالـ% 30 وهم ، فالعلم ليس وهماً ، ولا شكاً ، ولا ظناً ، العلم يقيني ، قطعي الدلالة ، فالمقولة العلمية ، المقولة على شكل قانون ، الشيء الأول أنها مقطوع بصحتها ، والشيء الثاني تطابق الواقع ، والشيء الثالث عليها دليل ، إن ألغيت الدليل فالقضية تقليدياً ، ولا يقبل في عقيدة المسلم تقليداً ، لا يقبل في عقيدة المسلم اعتقاداً تقليدياً ، لا بد من اعتقاد مبني على البحث والدرس والدليل :

﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾

( سورة محمد الآية : 19 )

ما قال فقل ، هنا

﴿ فَاعْلَمْ ﴾

ولو أن الله قبل عقيدة تقليدية لكانت كل الفرق الضالة ناجية عند الله ، لو أن الله يقبل عقيدة تقليدية لكانت كل الفرق الضالة ناجية عند الله ، لأنها قلدت من تزعّم هذا الاتجاه المعين ، ولقّنهم كلاماً فصدقوه .

لذلك في العقيدة لا تقبل العقيدة إلا عن علم ، وعن قناعة ، وعن بحث ، وعن درس وعن دليل ، والدليل على ذلك :

﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾

إذاً الإيمان حقيقة مقطوع بصحتها ، يؤيدها الواقع عليها دليل ، لو ألغيت الدليل لكان الكلام تقليداً ولو كان صحيحاً ، لو ألغيت الواقع لكان الكلام جهلاً .

الفرق بين الجهل و عدم العلم :

الآن في موضوع دقيق جداً هل هناك بين الجهل وبين عدم العلم فرق كبير جداً ؟ تصور وعاء ، وعاء الجاهل ممتلئ تعليمات مغلوطة ، أما وعاء غير العالم فارغ ، فعدم العلم شيء ، والجهل شيء آخر ، الجاهل يملك آلاف المعلومات غير الصحيحة ، آلاف القوانين الخاطئة ، آلاف التصورات الهامة ، ممتلئ بالمعلومات لكنها كلها غلط ، مثلاً للتوضيح :

كلما أكثر الإنسان من ملح الطعام ينخفض ضغطه ، هذه معلومة غير صحيحة بالعكس مدمرة ، وقد تكون قاتلة ، كلما زدت الملح انخفض الضغط ، بالعكس هي ، كلما ازداد الملح ارتفع الضغط ، الضغط القاتل الصامت ، تصور إنسان عنده هذه القناعة ، وفي إنسان آخر كلما كان وزنه أثقل يقول لك صحته أطيب ، لا ، هذا كلام مضحك ، لأن الوزن الزائد من الأمراض الوبيلة ، فإذا شخص كل معلوماته خطأ ، قال أحد الشعراء الجاهليين :

فإن كنت لا تستطيع دفع منيتي فدعني أبادرها بما ملكت يدي

* * *

يقول لك شخص : بقدر ما تستطيع استمتع بالحياة هذه معلومة غلط ، أي بقدر ما تقدر دمر نفسك ، بقدر ما تقدر أهلك نفسك ، فالجهل أن تمتلئ بالمعلومات الغير صحيحة ، أن تمتلئ بالقواعد التالفة ، أن تمتلئ بالتصورات الواهمة ، هذا جاهل اسمه .

شخص يظن أنه كلما ظنّ أنه كسب مالاً غير مشروع يعد شاكراً ، والجاهل الثاني يقول لك دبر حاله ، والله رجل ، الاثنين أجهل من بعضهم ، كلمة جاهل يعني يتكلم ، معه شهادات عليا أحياناً ، يتفلسف عشر ساعات ، يلقي عليك محاضرة باللغة الفصحى وهو جاهل معنى جاهل يعني معلوماته غلط ، تصوراته غلط ، معنى جاهل متصور أن هذه الدنيا كل شيء يقول لك الغني هو بالجنة عايش ، ما هي الجنة ؟ أن تكون غنياً ، هذا جهل ، بالعالم الغربي عندهم مقولة ، مايت مكرايت ، يعني أنت قوي أنت على حق ، من هو صاحب الحق ؟ القوي فقط ، كما يفعلون ، ما دمت قوياً افعل ما تشاء ، دمر ، اقتل ، أنت على حق ، لأنك قوي ، هذه المقولة تنتهي إلى النار ، إلى جهنم ، في إله يحاسب .

﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ﴾

( سورة إبراهيم الآية : 42 )

هذا هو الجهل بعينه ، وإذا علمت أن الله ليس بغافل ، وسوف يحاسب ، وسوف يعاقب فأنت العالم .

إقناع الإنسان الغير متعلم أهون ألف مرة من إقناع الإنسان الجاهل :

أنا أقول لك كلاماً دقيقاً : احذروا الجاهل ، الجاهل معه دكتوراه أحياناً الجاهل بأعلى مكان يكون أحياناً ، متكلم فصيح ، طليق اللسان ، له مؤلفات كثيرة .

ألف كتاب في لبنان أن إله محمد قمعي ، لأنه ما قبل معه إلهاً آخر ، أليس لا إله إلا الله ؟ أما آلهة قريش كانوا ديمقراطيين ، لأنه كل إله قَبِل معه إلهاً آخر ، هناك اللات ، و العزى ، في كتب كلها جهل ، يعني الجهل متفشي ، والجهلاء دكاترة وأصحاب شهادات عليا ، وتنظيرهم مادي ، والدنيا هي كل شيء ، والقوي صاحب الحق ، أما الغير العالم إنسان إناؤه فارغ .

لذلك أهون ألف مرة أن تقنع إنساناً لا يعلم ، من أن تقنع إنساناً جاهلاً ، أي معه معلومات خاطئة ، مشكلتك مع الإنسان الجاهل عندك مهمتين ، عندك مهمتان كبيرتان ، الأولى أن تنزع من تصوره هذه المعلومة ، والثانية أن تعطيه البديل ، مهمة مزدوجة أن تنتزع منه هذه المعلومة ، ثم أن تعطيه البديل ، أما الغير متعلم ، أو الغير جاهل ، أو الغير عالم ، إناؤه فارغ .

تجد أحياناً سهل جداً تقنع إنسان أجنبي بالإسلام ، عن أن تقنع شخصاً منافقاً بالإسلام الصحيح .

الجاهل هو الإنسان الذي ابتعد عن منهج الله وعن القيم التي جاء بها الدين :

أيها الأخوة الكرام ، الأمي ، أو غير المتعلم ، أو غير العالم إقناعه سهل بالدين ، لأن وعاءه فارغ .

عرفت هواها قبل أن أعرف الهوى فصادف قلباً فارغاً فتمكنا

* * *

أما الذي عنده معلومات خاطئة ، الذي عنده قناعة أنه افعل ما تشاء والنبي يشفع لك مشكلة ، يرتكب المعاصي وهو مطمئن .

(( شفاعتي لأهل الكبائر مِنّ أمَّتي ))

[أخرجه أبو داود والترمذي عن أنس بن مالك ]

مرتاح ، شيء مريح جداً ، هذا جاهل ، جاهل يعني معه معلومات ، وحافظ أحاديث وآيات كثيرة ، يقول لك : لماذا الربا حرام ؟ اسمعوا الآية :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً ﴾

( سورة آل عمران الآية : 130 )

الله نهى عن الأضعاف المضاعفة فقط ، أما عن نسب معقولة ما نهى عنه ، ألا تستقيم ؟ أنا موقن بالله ، الله قال :

﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾

( سورة الحجر )

إذا أيقنت انتهى ، هذا جاهل ، الجاهل معه معلومات ، ومعه أدلة أحياناً ، ومتكلم وفصيح ، ومعه شهادات عليا ، وهو عند الله جاهل ، الجاهل الذي ابتعد عن منهج الله ، ابتعد عن القيم التي جاء بها الدين ، ابتعد عن المبادئ .

من ابتعد عن تعليمات الصانع خسر الدنيا و الآخرة :

فيا أيها الأخوة ، ماذا قال ؟

﴿ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ ﴾

رأوا البحر أصبح طريقاً ، رأوا كيف فرعون الذي قال :

﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾

والذي قال :

﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾

كيف غرق ،

﴿ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ ـ ماذا قال سيدنا موسى ؟ ـ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴾

رأوا تجارب رائعة جداً ،

﴿ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴾

﴿ إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾

( سورة الأعراف )

الذين يعكفون على أصنام لهم

﴿ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ ﴾

يعني هالكون ، أشقياء ، ابتعدوا عن منهج الله ، ابتعدوا عن تعليمات الصانع ، ابتعدوا عن الخير ، ابتعدوا عن الآخرة ، خسروا الآخرة .

﴿ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾

( سورة الزمر الآية : 15 )

الحق ثابت لا يتبدل أو يتغير و الباطل زائل لا محالة :

إخوانا الكرام ، الحق ثابت ، معنى حق أي مستقر ، الحق لا يتعدد ، والحق ثابت ، الله عز وجل قال :

﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ ﴾

( سورة إبراهيم الآية : 37 )

القول الثابت القرآن الكريم ، لأنه كلام رب العالمين ، لأن هذا القرآن الكريم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، الحق ثابت لا يتغير ، ولا يتبدل ، يعني كم فرقة ضالة أتت في تاريخ المسلمين ؟ أين هي الآن ؟ تلاشت ، لأنها باطلة ، والإسلام بقرآنه ، وسنة نبيه هو الشامخ ، هو كالطود ، الحق ثابت ، والباطل زائل .

﴿ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً ﴾

( سورة الإسراء )

والباطل الذي طرح شعار لا إله بقي سبعين عاماً ، وكان من أقوى الكيانات في الأرض ، يملك من القنابل النووية ما تدمر القارات الخمس ، ومع ذلك لأنه كان باطلاً ، كان زهوقاً :

﴿ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً ﴾

العالم المادي لم يحقق للإنسان السلامة والسعادة لذلك اتجه نحو الإسلام :

الآن أي طرح باطل ، أي فلسفة باطلة ، أي عقيدة باطلة ، أي قوة باطلة ، أي كيان باطل ، إلى زوال ،

﴿ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً ﴾

ما الذي يبقى ؟ الحق ، الآن بالخمسينات كم مذهب وضعي انتشر وذاع وتألق ثم تلاشى ولم يبقَ إلا الدين ؟

في بعض البلاد الغربية يدخل في اليوم الواحد خمسون ألف إنسان من أصل أوربا ، في بلد واحد ، يومياً في الإسلام ، لأنه المذاهب الوضعية لم تحقق للإنسان كل حاجاته ، حققت له حاجات الجسد ، رفاه يفوق حدّ الخيال ، مواصلات ، اتصالات ، مخترعات ، بيوت جميلة ، حدائق ، مركبات ، كل شيء من الدرجة الأولى ، أما الإنسان هناك فراغ لا تملؤه المادة يملؤه الإيمان .

لذلك العالم الغربي يدخل في الإسلام بشكل عجيب ، في أمريكا ، في استراليا ، في أوربا ، لأن العالم المادي ما حقق للإنسان السلامة والسعادة ، حقق له رفاهاً .

أحياناً الإنسان يضجر من هذه الأجهزة المرفهة ، والمركبات ، والطائرات ، يريد أن يبكي ، يريد أن يتصل بالله ، يريد أن يطمئن إلى آخرته ، يريد أن يستقر .

﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾

( سورة فصلت )

الإسلام هو الدين الأول في العالم :

أيها الأخوة ، قال تعالى :

﴿ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ﴾

( سورة الرعد الآية : 17 )

الإسلام هو الدين الأول في العالم ، مع أن حرباً عالمية ثالثة معلنة عليه ، ومع ذلك هو الدين الأول الذي ينمو .

أيها الأخوة ، ماذا قال سيدنا موسى ؟ قال :

﴿ إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ ﴾

هالكون

﴿ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾

باطل يعني زائل ، أعمالهم إلى دمار ، حضارتهم إلى دمار .

الإنسان بقبضة الله عز وجل فعليه ألا يعبد غيره سبحانه :

﴿ قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهاً وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾

( سورة الأعراف )

أي معقول أن تتخذ إلهاً غير الله ؟ الذي خلق السماوات والأرض ، الذي بيده حياتك وموتك ، الذي بيده رزقك ، الذي بيده أجهزتك ، الذي بيده زوجتك ، وأولادك ، ومن حولك ومن فوقك ، ومن تحتك .

القلب بيد من ؟ الأوعية الدموية بيد من ؟ الإنسان بلمحة يصبح مشلولاً ، خثرة دم لا تُرى بالعين تتجمد في أحد أوعية الدماغ ، يفقد الإنسان حركته ، أو يفقد بصره ، أو يفقد سمعه ، أو يفقد ذاكرته ، بثانية ، من أنت ؟ كل قيمتك ، وقدرتك ، وهيمنتك ، وشخصيتك منوطة بسيولة دمك ، منوطة بنمو خلاياك .

فلذلك أيها الأخوة ، أنت في قبضة الله ، وجسمك بفضل الله يتمتع بالصحة الجيدة كان عليه الصلاة والسلام إذا استيقظ من فراشه يقول :

(( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي فِي جَسَدِي ، وَرَدَّ عَلَيَّ رُوحِي ، وَأَذِنَ لِي بِذِكْرِهِ ))

[الترمذي عن أبي هريرة ]

﴿ قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهاً ﴾

أي معقول أن تعبد إنساناً من دون الله ؟ معقول أن تعبد شخصاً من دون الله ؟ معقول أن تعبد المال ؟.

شخص قال مرة : الدارهم مراهم ، يقصد أنه بالمال تحل كل مشكلاته ، فالله عز وجل أدبه بمشكلة لا تحلّ بالمال .

بقوة الله أصبحت حكيماً ، حكمتك من حكمة الله ، أصبحت غنياً غناك من غنى الله عز وجل .

﴿ قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهاً وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾

كأنهم نسوا ما فعل بهم فرعون .

﴿ وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ ﴾

( سورة الأعراف )

على كل إنسان أن يذكر نعم الله الكبرى عليه :

الله عز وجل في بعض الآيات يقول :

﴿ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ الله﴾

( سورة إبراهيم الآية : 5 )

هذا درس بليغ ، وتوجيه حكيم ، يعني لا يوجد شخص من إخوتنا الكرام إلا له مع الله تجربة ، مرة دعاه فاستجاب له ، هيأ له زوجة صالحة ، هيأ له عملاً ، نجح بشهادة ، يتقن حرفة كان في أمامه شبح مرض فأنقذه الله منه ، فإذا أنقذك الله من شبح مرض ، أو هيأ لك وظيفة تدر عليك دخلاً تغطي حاجاتك ، أو هيأ لك زوجة ، وأولاداً ، أو هيأ لك إيماناً ، هيأ لك مكاناً في مجلس علم ، هذه نعم الله الكبرى تذكرها ،

﴿ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ الله﴾

على كل إنسان أن يعود نفسه أن يتذكر أيام الله عز وجل :

لذلك

﴿ وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ ﴾

عود نفسك أن تتذكر أيام الله ، عود نفسك أن تتذكر أن الله سبحانه وتعالى أكرمك بوالديك ، أكرمك بصحة ، أكرمك بخلق تام ، كان عليه الصلاة والسلام إذا وقف أمام المرآة يقول :

(( اللهم كما حسنت خلقي فحسن خلقي ))

[ الجامع الصغير بسند صحيح عن ابن مسعود ]

حواسك سليمة ، أعضاؤك سليمة ، قوامك مقبول ، قوتك جيدة ، لك سمعة طيبة ، تربيت في بلد طيب دلّك على أهل الحق ، هذه كلها أيام الله ، أنا أستنبطها من هذه الآية .

﴿ وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ ﴾

تذكر نعمة الله عليك ، يعني الإنسان أحياناً يمر بإنسان مصاب ، هناك أمراض وبيلة ، هناك مصائب لا تحتمل ، هناك شيء فوق طاقة البشر :

﴿ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ﴾

(سورة البقرة الآية : 286)

دخلت إلى بيتك لك مأوى ، الحمد لله الذي آواني ، وكم من لا مأوى له ، لك زوجة والزوجة نعمة كبيرة ، لا تكفر هذه النعمة ، أيتها المرأة لك زوج ، والزوج نعمة كبيرة ، لا تكفري هذه النعمة ، لك أولاد ، الإنسان يكون معه ملايين مملينة ما عنده أولاد ، إذا رأى طفلاً صغيراً يموت من الألم ، عندك أولاد ، يملؤون البيت فرحة ، اعتنِ بهم ، اشكر الله عليهم ، إذا الله عز وجل منحك صحة ، منحك إيماناً ، منحك سمعة طيبة ، منحك مأوى صغير ، منحك زوجة .

(( مَنْ أصبَحَ منكم آمِنا في سِرْبه ، مُعافى في جَسَدِهِ ، عندهُ قوتُ يومِه ، فكأنَّما حِيزَتْ له الدنيا بحذافيرها ))

[أخرجه الترمذي عن عبد الله بن محصن ]

نعمة الأمن نعمة ثمينة لا تقدر بثمن :

أنا أحاول من خلال هذه الآيات أن أسقطها على واقعنا ، نحن نشكو أشياء كثيرة لكن هل ترى ماذا يحدث حولنا ؟ من إراقة دماء يومياً مئة قتيل ، مئتي جريح يومياً لا يوجد أمن إطلاقاً ، نعمة الأمن التي عندنا نعمة كبيرة جداً ، نعمة وجود أسر سليمة ، معافاة ، أي عندنا ميزات كبيرة جداً ، في إنسان سبحان الله ، كما قال الله عز وجل :

﴿ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴾

( سورة الأعراف الآية : 17 )

بأي مكان في العالم ما في ماء إلا بالمال ، عندك بالشام تفتح الصنبور تجد ماء بارداً عذباً ، زلالاً ، مجاناً ، هذه نعمة كبيرة ، نعمة الماء ، نعمة أنه أنت لك بيت ، لك مأوى ، لك زوجة ، لك أولاد ، لك عمل ، لك دخل ، هذه نعم كبيرة .

ذلك التوجيه النبوي : انظر إلى من هو أدنى منك ، ذلك أحرى ألا تحتقر نعمة الله عليك .

أما في شأن الدين إياك أن تنظر إلى من هو أدنى منك ، في شأن الدين انظر إلى من هو فوقك في الإيمان ، من أجل أن تتحمس ، من أجل أن يكون هذا النظر باعثاً على مضاعفة الجهد ، في شأن الدنيا انظر إلى من هو أدنى منك ، في شأن الآخرة انظر إلى من هو فوقك .

له كلمة سيدنا عمر : من دخل على الأغنياء خرج من عندهم وهو على الله ساخط .

يسكن في بيت دافئ في الشتاء ، بارد في الصيف ، مساحته معقولة ، عنده غرفة نوم ، عنده غرفة جلوس ، عنده مطبخ ، عنده زوجة ، عنده أولاد ، يدخل إلى بيت 450 متراً التحف بالملايين ، الأجهزة ، خمسة أو ستة مركبات ، يجد ما عنده شيء هو ، من دخل على الأغنياء خرج من عندهم وهو على الله ساخط .

بطولة الإنسان أن ينقل اهتماماته من الدنيا إلى الآخرة :

أنت عاشر من هو أدنى منك ، تجد نفسك بنعم كبيرة ، والحياة مؤقتة ، أي لا يوجد إنسان يموت ويأخذ معه شيئاً ، أحياناً شخص بحكم علاقاته الاجتماعية يعزي إنساناً ساكن ببيت غالٍ كثيراً ، أنا أفكر في هذا البيت ، من اختار هذا الأثاث ؟ المرحوم ، من اختار هذا الجبصين ؟ المرحوم ، من اختار هذا البلاط الرخامي ؟ المرحوم ، من اختار هذه التزينات ؟ المرحوم ، أين المرحوم ؟ بالقبر المرحوم .

البطولة أن تؤمن بالآخرة ، أن تنقل اهتماماتك إلى الآخرة .

أيها الأخوة ، آيات اليوم :

﴿ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ *إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهاً وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ * وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ ﴾

والحمد لله رب العالمين

http://www.nabulsi.com/blue/ar/art.php?art=1921&id=97&sid=101&ssid=253&sssid=254