التفسير المطول - سورة الأعراف 007 - الدرس(39-60): تفسير الآيات 134 - 137
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2008-05-16
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ الصادق الوعد الأمين وعلى آل بينه الطيبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغر الميامين ، و أمناء دعوته ، وقادة ألويته وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين .
أيها الأخوة الكرام ... مع الدرس التاسع والثلاثين من دروس سورة الأعراف .
الشدائد التي يسوقها الله عز وجل لعباده من أجل أن يدفعهم إلى بابه :
مع الآية الرابعة والثلاثين بعد المئة ، الآية الكريمة :
﴿ وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾
( سورة الأعراف )
الله عز وجل هو الخبير ، خبير بنفوس عباده ، شريحة كبيرة ، وقسم كبير من عباده لا يقوده إلى الحق ، يبيح الحق ، بل قد يقوده إلى الحق ، وإلى الإنابة ، وإلى التوبة ، شدة تصيبه ويبدو أن الله سبحانه وتعالى هذا أسلوبه في كل أنواع الشدائد ، من أجل أن يسوقهم إلى بابه فرعون الذي قال :
﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾
( سورة النازعات )
والذي قال :
﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾
( سورة القصص الآية : 38 )
فحينما ابتلاهم الله بالقمل ، والدم ، والضفادع ، هذه المسائل الكبيرة ، وحينما نجا منها بنو إسرائيل شيء واضح ، لو أن هذا البلاء عمّ الكل ، لما كان له معنى ، أما حينما ينجو المؤمن ، معنى ذلك أن هذا تأديب من الله .
عدم معاملة المسيء كالمحسن :
الآن نستخدم هذه الفكرة بواقعنا ، أنت حينما ترى إنساناً مستقيماً ، يعيش حياة طيبة راضية ، متوازن ، راضٍ عن الله ، سعيد ، موفق ، سعيد في بيته ، في عمله ، له سمعة طيبة أتمّ الله عليه الصحة ، له ما يكفيه ، تجد إنساناً آخر منحرفاً ، من مشكلة إلى مشكلة ، من مطب إلى طب ، من مصيبة إلى مصيبة ، من ضجر إلى ضجر ، من إحباط إلى إحباط ، شيء واضح جداً ، اعمل موازنة بين هذا وذاك ، تكتشف الحقيقة ، والدليل الله عز وجل أعاننا على هذه الموازنة قال :
﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾
( سورة الجاثية )
أي من سابع المستحيلات أن يُعامل المحسن كالمسيء ، المستقيم كالمنحرف ، الصادق كالكاذب ، العفيف كالإباحي ، المنصف كالجاحد ، مستحيل .
الهدى يرفع الإنسان و الضلال يرديه :
هناك أدلة صارخة في كل عصر ، وفي كل مصر ، المستقيم ناجح ، المستقيم سعيد ، المستقيم متوازن ، المستقيم موفق ، المستقيم مسدد ، المستقيم راضٍ ، المستقيم متألق ، والمنحرف من مشكلة إلى مشكلة .
﴿ أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ ﴾
( سورة البقرة الآية : 5 )
الهدى رفعهم .
﴿ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾
( سورة الأحقاف )
الضلال أرداهم إما في كآبة ، أو في إحباط ، أو في سجن ، الآية لها إسقاطات كبيرة جداً ، فرعون ، الطاغية الأكبر ، الذي قال :
﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾
﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾
حينما رأى نفسه محاطاً بمصائب تلوى مصائب ، وكوارث تلوى كوارث ، ومحن تلوى محن ، وسيدنا موسى وأتباعه في منجاة منها ، شيء واضح تمام .
مرة ثانية : حينما يأتي زلزل ، ويدمر كل شيء ، في بلد مجاور ، وينشر الإعلام الغربي صورة في مركز الزلزال لمسجد بمئذنته الشامخة ، والمعهد الشرعي الذي إلى جانب المسجد ، لم يتأثر بالزلزال ، مع أنه اسأل المهندس : البناء ذي القاعدة الضيقة ، والامتداد الطويل يجب أن يقع أول بناء ، إشارة هذه ، أنا سميتها رسالة من الله .
المؤمن يقوى بالله و يستمد منه الحكمة :
أيها الأخوة ، لما وقع عليهم المصاب الذي أصابهم به ، الآن
﴿ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ ﴾
في إله عندهم ، فرعون رب ، إله فرعون عندهم ، رأوا أن الإله فرعون ليس فعالاً ليس بيده شيء ، لكن إله موسى هو الفعال .
﴿ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ﴾
( سورة هود )
أنت لاحظ المؤمن معه قوة كبيرة ، معه الدعاء ، معه القدرة الإلهية ، معه العلم الإلهي ، معه الحكمة الإلهية ، معه الرحمة الإلهية ، في مؤمن ضعيف لكن يستعين بالله .
طفل صغير إذا أبوه أغنى الأغنياء نقول هذا الطفل غني بغنى أبيه ، إذا أبوه قوي جداً يحتل منصباً رفيعاً جداً ، هذا الطفل الصغير يشعر بقيمته بين أقرانه أبي فلان .
فالمؤمن يتقوى بالله ، يستغني بالله ، يعلم بالله ، يستمد من ربه الحكمة ، فأنت قوي بالله ، عليم بالله ، حكيم بالله ، كبير عند الله ، فهذا الدرس بليغ لنا جميعاً .
الله مصدر الجمال فإذا مُنح الإنسان منه الرضا كان أسعد الناس :
الآن آيتين :
﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً ﴾
( سورة طه الآية : 124 )
لا يمكن أن تجد على وجه الأرض من آدم إلى يوم القيامة إنساناً سعيداً وهو معرض عن الله ، غني يوجد ، بيت أربعمئة متر يوجد ، مركبة ثمنها اثنتي عشرة مليوناً موجودة ، كل شيء موجود ، أفخر طعام ، أفخر مركبة ، أفخر أثاث ، لكن لا يوجد سعادة ،
﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً ﴾
إياكم أن تفهموا أن معيشة الضنك الفقر ، لا أبداً ، وإياكم أن تفهموا أيضاً أن الحياة الطيبة هي الغنى ، لا أبداً ، قد تكون أسعد الناس بدخل محدود ، وقد تكون أسعد الناس بأصغر بيت ، وقد تكون أسعد الناس بأخشن طعام ، لأن الله مصدر الجمال ، فإذا منحك منه الرضا كنت أسعد الناس .
من كان مع الله كان الله معه :
لن أبالغ إذا قلت الآن ، وقد تكون في المنفردة وأنت أسعد الناس ، لأن يونس عليه السلام كان في بطن الحوت :
﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾
( سورة الأنبياء )
إبراهيم كان في النار ، سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام كان في الغار .
(( فقلت : يا رسول الله ، لو أن أحدهم نظر إِلى قَدَمْيه أبْصَرَنَا تحت قدميه . فقال : يا أبا بكر ، ما ظنك باثنين الله ثالثهما ))
[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن أنس بن مالك ]
إذا كان الله معك فمن عليك ، وإذا كان عليك فمن معك ، يعني أنت أيها الأخ ، كن ما شئت ، كن أفقر إنسان ، كن أضعف إنسان ، في التعتيم ، كن بأي صفة تريدها ، إذا كنت مع الله كان الله معك ، وإذا كنت مع الله ناصرك ، وإذا كنت مع الله مدافعاً عنك ، وإذا كنت مع الله كان اتصالك بالله مسعداً .
أي إنسان أحياناً يقيم علاقة لطيفة مع شخص قوي ، يشعر بزهو ، يشعر بأمن أنه أنا معي رقم هاتفه ، بأي لحظة أتصل به ، إذا كان شخص مع الله ، إذا كان الله معك فمن عليك ، وإذا كان عليك فمن معك ،
﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً ﴾
﴿ وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ﴾
( سورة طه )
من التزم منهج الله عز وجل عامله الله معاملة تختلف عن معاملة الإنسان الفاسق :
أيها الأخوة ، لأن هذه المصائب التي أصاب الله بها فرعون وقومه معاً ، ونجا منها بني إسرائيل ، أصبح درساً واضحاً ، فتأكد أيها المؤمن مليار بالمئة أنك إذا كنت مع الله شعرت بالقوة ، وشعرت بالأمن ، وشعرت أن الله لا ينساك ، ولا يتخلى عنك ، وأنت بهذه المعية قوي وموفق ، ومنتصر ، ومتفوق ، وأنت الفالح ، وأنت الناجح ، اسمعوا الآيات :
﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لَا يَسْتَوُونَ ﴾
( سورة السجدة )
شاب مؤمن يخاف من الله ، يغض بصره عن محارم الله ، لا يكذب ، يصدق ، يحسن ، بار بوالديه ، وفيٌّ لإخوانه ، ملتزم بمنهج الله ، يتقيد بالشرع ، يخاف أن يعصي الله ، هذا الشاب هل يعقل أن يعامل في الدنيا كما يعامل الفاسق ـ دققوا ـ أنا قلت في الدنيا ، بالآخرة شيء بديهي ، في الدنيا ، الدليل :
﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ ﴾
يعني صحته ، زواجه ، زوجته ، أولاده ، بيته ، عمله ، حتى في نزهاته ، له نزهات خاصة ، نظيفة ، رائعة ، متواضعة لكن نظيفة ، اختلاط لا يوجد ، انحراف لا يوجد .
الفرق بين المؤمن و غير المؤمن ليس بالصلاة و الصيام و إنما بالتصورات و القيم :
أيها الأخوة ، أكاد أقول أحد أكبر أسباب الإيمان بالله أن ترى حياة المؤمن ، وحياة غير المؤمن ، في آية دقيقة جداً :
﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْداً إِذَا صَلَّى ﴾
( سورة العلق )
أين التتمة ؟ عجيبة الآية ،
﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْداً إِذَا صَلَّى ﴾
يعني هذا الإنسان انظر إلى بيته ، انظر إلى مزاحه ، انظر إلى كلامه ، انظر إلى مواعيده ، انظر إلى إتقان عمله ، تراه متفلتاً ، مقصراً ، متجاوزاً ، ظالماً ، مهملاً .
﴿ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى * أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى ﴾
( سورة العلق )
أكاد أقول لكم أكبر ما يدعم المؤمنين سلوك غير المؤمنين ، الصنعة البديهة ، صادق كاذب ، عنده حياء وخجل ، عنده تفلت ووقاحة ، أمين خائن ، رحيم قاسٍ ، إن لم يكن هناك فرق صارخ بين حياة المؤمن وحياة غير المؤمن ، الإيمان ليس له معنى ، فرق ليس بالصلاة ، والصوم ، والحج ، والزكاة ، لا ، فرق بالسلوك ، فرق بالتصورات ، فرق بالمبادئ ، فرق بالقيم ، فرق بكل شيء .
من ترك منهج الله و سنة نبيه هزمه الله تعالى بالرعب :
لذلك :
﴿ وَلَمَّا وَقَع عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ ﴾
أين فرعون ؟ أين ألوهية فرعون ؟ أين ؟.
﴿ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾
بلاء لا يرفع إلا بالصلح مع الله ، والإنابة إليه ، والآن كلام مؤلم المسلمين في بلاء شديد ، في ضغوط فوق طاقتهم ، في مستقبل لا يرضي أبداً .
(( يوشكُ الأُمَمُ أنْ تَدَاعَى عليكم كما تَدَاعَى الأَكَلةُ إلى قَصْعَتِها (الآن شيء واقع) فقال قائل : من قِلَّة نحن يومئذ ؟ قال : بل أنتم يومئذ كثير ))
[أخرجه أبو داود عن ثوبان ]
مليار وخمسمئة مليون .
(( ولكنَّكم غُثاء كَغُثَاءِ السَّيْلِ ))
[أخرجه أبو داود عن ثوبان ]
ما في وزن .
(( ولَيَنْزِعَنَّ الله مِنْ صدور عدوِّكم المهابةَ منكم ، وليقذفنَّ في قُلُوبكم الوَهْنَ ، قيل : وما الوْهنُ يا رسول الله ؟ قال : حُبُّ الدُّنيا ، وكراهيَةُ الموتِ ))
[أخرجه أبو داود عن ثوبان ]
والله كأنه معنا الآن ، كأنه يعيش معنا ،
(( حُبُّ الدُّنيا ، وكراهيَةُ الموتِ ))
ليس لنا هيبة إطلاقاً ، قال عليه الصلاة والسلام :
(( نُصِرْتُ بالرُّعبِ مسيرةَ شهر ))
[أخرجه البخاري ومسلم والنسائي عن جابر بن عبد الله ]
أمته حينما تركت سنته من بعده ، هُزمت في الرعب مسيرة عام .
كل شيء يأتي بالقسر لا قيمة له إطلاقاً :
إذاً المفارقة أن هذا البلاء نزل على فرعون وقومه ، ولم ينزل على سيدنا موسى والذين آمنوا معه ، هذه المفارقة هي رسالة من الله .
﴿ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ ﴾
( سورة الأعراف )
والإنسان حينما لا يؤمن الإيمان الصحيح ، حينما لا يبحث عن ربه بحثاً ملياً ، حينما يؤمن تحت الضغط ، إذا رفع الضغط يعود كما كان .
﴿ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾
( سورة الأنعام )
كل شيء يأتي بالقسر لا قيمة له ، إنسان وهو معافى ، صحيح ، شاب في مقتبل حياته تعرف إلى الله ، حضر مجالس علم ، أتى إلى بيوت الله ، تعلم القرآن ، قرأ القرآن ، تعلم السنة ، حفظها ، طبقها ، غض بصره عن محارم الله ، حلل دخله من كل شبهة ، أنت حينما تفعل هذا تكون في طريق الإيمان ، إذاً أنت في حماية الرحمن .
الآن إذا أتت شدة لا تتغير ، ولا تتبدل ، اسمعوا هذه الآية :
﴿ إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً * وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً ﴾
( سورة الأحزاب )
من عاهد الله و رسوله في السراء و الضراء لا يتغير :
ثم يقول الله عز وجل :
﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ﴾
( سورة الأحزاب )
عاهدنا رسول الله في السراء وفي الضراء ، صدقوا ، أقول لكم هذا الكلام : باستقامته ، وطاعته ، ومحبته ، وإقباله ، لا يتأثر لا قبل الزواج ، ولا بعد الزواج ، ولا قبل الغنى ، ولا بعد الغنى ، ولا قبل المرض ، ولا بعد المرض ، ولا قبل التألق ، ولا بعد التألق لا يتغير .
دخل عليه الصلاة والسلام مكة مطأطئ الرأس ، حتى كادت ذؤابة عمامته أن تلامس عنق بعيره تواضعاً لله عز وجل .
المصائب لا تصيب إلا من يستحقها :
إذاً المصائب لا تأتي بشكل جماعي ، لا تصيب إلا من يستحقها ، الدليل :
﴿ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾
( سورة الأنبياء )
أوضح فكرة أن سيدنا يونس وجد نفسه في بطن حوت بالمعايير الواقعية ، الأمل بالنجاة كم ؟ لأن الحوت وجبته المعتدلة أربعة طن ، فسيدنا يونس لقمة واحدة ، في ظلمة الليل وفي ظلمة البحر ، وفي ظلمة بطن الحوت ، حالة نادرة جداً ، حالة شبه مستحيلة ، الحالة الأمل فيها صفر ، صفر مكعب ،
﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾
﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾
( سورة الأنبياء )
إذاً قانون ، أنت مؤمن ، بأي مكان ، بأي زمان ، بأي عصر ، بأي مصر ، بأي بلد ، بأي مدينة ، غني ، فقير ، شحيح ، مريض ، قوي ، ضعيف ، صغير ، كبير ، أبداً هذه الآية لك :
﴿ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾
لكل شيء حقيقة :
لذلك :
كن عن همومك معرضــا وكلِ الهموم إلى القضـا
وابشر بخــــير عاجل تنسى به مــا قد مضى
فلرب أمر مسخط فـــي عواقبه رضـــــــا
* * *
ولربما ضــاق المضيق ولربما اتسع الفضـــا
الله يفعل مــــا يشاء فلا تكن متعرضــــا
الله عودك الــــجميل فقف على ما قد مضى
* * *
دقق ، لو أن هذه المصائب التي ألمت بفرعون وقومه أصابت سيدنا موسى وأتباعه ما قال فرعون هذا الكلام ، في فرق ، العوام لهم كلام ما له معنى ، بل بعيد عن الحكمة ، لأن البلاء يعم ، لا ، البلاء خاص ، والرحمة خاصة ، ما معنى ؟
﴿ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ ﴾
( سورة الفيل )
يعني كل حجر عليه اسم من سيصيبه ، لذلك لا يوجد بالقاموس الإسلامي رصاصة طائشة ، هذه بالمفهوم الدنيوي ، أما بالتوحيد لا يوجد شيء طائش ، الدليل :
(( لكل شيء حقيقة وما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه ))
[أخرجه الطبراني عن أبي الدرداء ]
(( فلا تَقُل : لو أنَّي فعلتُ لكان كذا وكذا ، ولكن قل : قَدَّر الله وما شاءَ فَعَل ، فإن لو تفتحُ عَمَلَ الشيطان ))
[أخرجه مسلم عن أبي هريرة ]
الإيمان الذي يأتي تحت الشدة لا قيمة له :
الآن نستنبط ، والله الذي لا إله إلا هو لو تفرغ أحدنا ، وتتبع أحوال من حوله الذي أنفق على أهله ، وكان باراً بوالديه ، وكان محسناً لأبناء رحمه أغناه الله ، والذي عفا عن الحرام قبل الزواج رزقه الله زوجة صالحة ، تسره إن نظر إليها ، وتحفظه إذا غاب عنها ، وتطيعه إن أمرها ، ولود ودود ، والذي له تجارب قبل الزواج ، له خبرات مع النساء قبل الزواج يأتي زواجه كقطعة من العذاب ، الزوجة ما في حل وسط ، إما أنها إحدى حسنات الدنيا ، أو إنها إحدى المصائب التي يسوقها الله إلى بعض عباده .
﴿ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ ﴾
لأن الإيمان الذي يأتي تحت الشدة لا قيمة له ، ما دام في شدة ، في إيمان ، رفعت الشدة زال الإيمان ، كالذين ركبوا السفينة ، فلما أوشكت على الغرق دعوا الله مخلصين ، فلما نجاهم إلى البر
﴿ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ ﴾
شيء طبيعي ، لا تعبأ بإيمان جاءك عن طريق الشدة ، اعبأ بإيمان وأنت صحيح شاب ، معافى ، ما في عندك ولا مشكلة ، تعرفت إلى الله .
أنا معجب إعجاباً كبيراً بشاب ما عنده مشكلة ، متفوق في دروسه ، صحته طيبة ، له مكانة عند أهله ، التزم بدرس علم ، تتبع أمر الله ، قرأ القرآن ، درس ما فيه ، انتظم بمنهج الله ، ائتمر بما أمر الله ، وانتهى عما عنه نهى الله ، هذا الشاب بدايته محرقة بالاستقامة ، له نهاية مشرقة ، من كانت له بداية محرقة ، كانت له نهاية مشرقة ، أما كل شيء يأتي تحت الضغط ، والجبر ، والإكراه ، ما دام في ضغط ، في التزام ، يزول هذا الضغط ، يعود الإنسان إلى ما كان عليه .
﴿ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ ﴾
﴿ فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ﴾
( سورة الأعراف )
العاصي بعد زوال الشدة عنه يعود إلى ما كان عليه :
شخص راكب مركبته ، في أحد شوارع دمشق ، وقف عند الإشارة في الحجاز ، إذ بأزمة قلبية تصيبه ، فانكفأ على مقود السيارة ، وزوجته إلى جانبه ، فصرخت ، ومن حكم الله أن صديقه وراءه صدفة ، فحمله إلى مركبته ، وأخذه إلى المستشفى ، وضعوه بالعناية المشددة أيقن أنه على وشك مغادرة الدنيا ، فطلب مسجلة ، وشريطاً ، وقال ، هو كان أخ أكبر واغتصب أموال كل الأخوة الصغار ، البيت الفلاني لأخي فلان ، والمحل الفلاني لأخي ، والأرض الفلانية لأخي ، بعد أن اغتصب كل الثروة ، وقعوا على وكالة عامة ، واغتصب كل أموالهم ، أعطاهم النذر اليسير ، واغتصب كل هذه الأموال ، حينما كان في العناية المشددة ، شعر أنه على وشك المغادرة ، طلب آلة تسجيل مع كاسيت ، مع شريط ، بعد عدة يوم أعطوه مميعاً للدم ، شعر بنشاط طلب الشريط وكسره ، جاءته الثانية بعد ثمانية أشهر ، وكانت القاضية ، اعتبروا ، جاءته الثانية بعد ثمانية أشهر ، وكانت القاضية ، الله أعطاه رسالة ، لكن الله عز وجل يبعث رسالة واحدة وليس مئة رسالة ، بعث رسالة ، لو أنه تاب ، تاب الله عليه .
﴿ فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ ﴾
على الشدة آمنوا ، على الرخاء انتكثوا ،
﴿ فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ ﴾
نظرت إلى القانون ؟
﴿ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ ﴾
وذكرت لكم أن سيدنا موسى تمنى على الله أن يرجع البحر بحراً ، لئلا يتبعهم فرعون ، وتصور أن يبقى فرعون في الضفة الأخرى يبقى عندئذٍ فرعون ، أما الله عز وجل أبقى البحر طريقاً يبساً حتى أغرى فرعون أن يهبط إليه .
استدراج الإنسان المنحرف الضال المعتمد على قوته من قِبل الله عز وجل :
الله عز وجل يستدرج الإنسان مهما يكون ذكياً ، مع الله لا يوجد ذكي ، يؤتى الحذر من مأمنه ، يستدرج الإنسان المنحرف الضال ، العاصي ، وهو في قمة ذكائه ، وفي بعض الأدعية : " واجعل تدميره في تدبيره " يجمع ، يطرح ، يقسم ، يخطط ، يعمل عمل نهايته في هذا العمل ، " اجعل تدميرهم في تدبيرهم " ، مع الله لا يوجد ذكي .
أحياناً يكون إنسان مختص باختصاص نادر جداً ، عنده وهم أنه لن يصاب بمرض من اختصاصه ، معظم الذين يعتدون بأموالهم ، يصابون بمصائب لا تحل بالمال .
شخص قال : الدارهم مراهم ، هذه ليست آية ولا حديث ، الدراهم مراهم ، تحل بها أية مشكلة ، أقسم لي بالله بقي في المنفردة أربعة و ستين يوماً وبلا سبب ، بلا سبب مقنع ، وبلا تهمة ظاهرة ، وفي هذه الأيام الـ64 يأتي خاطر في اليوم عشرة مرات ، الدراهم مراهم ؟ تفضل حلها .
إياك أن تعتمد على مالك ، ولا على قوتك ، ولا على جاهك ، ولا على صحتك ، قال شخص : أنا لن أموت بسرعة ، سألوه : قال : أنا وزني خفيف ، رشيق ، أكلي معتدل ، كل طعامي صحي ، أمشي كل يوم ، وما عندي هموم ، روحي مرحه ، وكلامه علمي صحيح ، هذا الكلام المفروض يعيش مئة سنة ، قال السبت ، السبت الثاني كان تحت التراب .
إياك أن تعتد بشيء ، لا بصحتك ، ولا بعلمك ، ولا بمالك ، ولا تقول ابني ، قد يذهب إلى بلاد بعيدة ، ويتجنس ، ويمنّ عليك باتصال بالسنة مرة ، وضعت كل ما تملك من أجله لا تعلق على أحد أملاً .
(( لو كنتُ متخذا من أُمَّتي خليلا لاتَّخذتُ أبا بكر، ولكن أخي وصاحبي ))
[ أخرجه البخاري عن عبد الله بن عباس ]
العاقل من اعتمد عليه في كل أموره :
علق أملك بالله ، وثقتك بالله ، ولا تخاف إلا الله ، الشرك الجلي أن تخاف مما سوى الله ، وأن تطيع ما سوى الله ، وأن تتأمل ما عند غير الله ، هذا الشرك الجلي .
﴿ فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ ﴾
لا يوجد ذكي عند الله عز وجل ، وغطرسة القتل عنده شيء ممتع ، هذه السنة الثالثة والنصف ، ولم يمت بعد ، وأمد الله في عمره ، والله كبير ، أغنى الأغنياء في بريطانيا ، كان يقرض الدولة ، خزانته للمال غرفة فدخل إلى الخزانة ، وأغلق الباب خطأ ، وصاح ، لم يسمعه أحد ، إلى أن مات جوعاً ، فجرح يده وكتب على الحائط أغنى إنسان يموت جوعاً .
التي تانك ، الباخرة التي كما قيل عنها لا يستطيع القدر إغراقها ، غرقت في أول رحلة .
المركبة المتحدي في أول رحلة بعد سبعين ثانية أصبحت كرة من اللهب ، والثانية بعد عشر سنوات كولومبيا ، في العودة أصبحت كرة من اللهب .
لا تقل أنا ، لا تعتمد لا على مالك ، ولا على علمك ، ولا على قوتك ، اعتمد على الله .
الصحابة الكرام هم نخبة البشر ، لقول البشر :
(( إن الله تبارك وتعالى اختارني واختار بي أصحابا ))
[ أخرجه الحاكم عن عويم بن ساعدة ]
بحنين قالوا :
(( ولن يُغْلَبَ اثنا عَشَرَ ألفا مِنْ قِلَّةٍ ))
[أخرجه أبو داود والترمذي عن عبد الله بن عبس ]
اعتمدوا لا على نصر الله لهم ، قضية داخلية ، غير معلنة ، اعتمدوا على عددهم قال تعالى :
﴿ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ﴾
( سورة التوبة )
من قال أنا تخلى الله عنه و من قال الله تولاه الله برحمته :
أيها الأخوة ، درسان بليغان جداً ، إذا قلت أنا تخلى الله عنك ، وإذا قلت الله تولاك ملخص الملخص ، تقول أنا بعلمي ، باختصاصي ، بمالي .
إنسان جمع أموالاً طائلة بالملايين المملينة
(القصة من خمسين سنة)
عنده دار سينما ، والأفلام فيها إثارة شديدة ، والشباب أقبلوا عليها ، وجمع أموالاً طائلة ، أصابه مرض خبيث ، رآه ابن أخته(وهو شاب بمقتبل حياته) يبكي ، خفف عنه ، قال له : أنا جمعت أموالاً طائلة حتى أتمتع بحياة مديدة ، ها قد عاجلني المرض ، وأنا سوف أموت ، لأني جمعت هذه الأموال على حساب أخلاق الشباب ، دمرت الشباب .
فالله عز وجل كبير ، وعقابه شديد .
﴿ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ ﴾
( سورة البروج )
إذاً تقول الله يتولاك ، تقول أنا يتخلى عنك ، الصحابة قالوا الله في بدر الله نصرهم بحنين قالوا :
(( ولن يُغْلَبَ اثنا عَشَرَ ألفا مِنْ قِلَّةٍ ))
[ أبو داود عن ابن عباس]
وفيهم رسول الله ، الله خذلهم ، قانون .
﴿ وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ ﴾
( سورة الأعراف )
من عاد إلى الله و اصطلح معه تولاه الله بنصره :
﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ ﴾
( سورة القصص )
لعل الله عز وجل ينتظر منا أن نكون كهؤلاء المستضعفين ، أن نعود إلى الله ، وأن نصطلح معه ، وأن نتوب إليه ، وأن نقيم الإسلام في بيوتنا ، وفي أعمالنا ، وفي منازلنا ، وفي أنفسنا ، لعل الله سبحانه وتعالى يمكننا كهؤلاء :
﴿ وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ﴾
يعني الشرق الأوسط .
﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ ﴾
( سورة الإسراء الآية : 1 )
هذه بلاد الرسالات السماوية ، هذه بلاد الأنبياء ، بلاد الخير ، بلاد الرحمة ، بلاد الحياء ، بلاد العجل ، بلاد الإنصاف ، الآن تشتعل ناراً ، قدمنا للعالم نوراً ، فأعادوه إلينا ناراً كما رأيتم .
﴿ وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا ﴾
من طبق أمر الله و صبر تولى الله توفيقه و نصره :
إخوانا الكرام ، بشكل واضح جلي ، محنة المسلمين تحل بكلمتين ، لا ثالث لهما الأولى والثانية معاً :
﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً ﴾
( سورة آل عمران الآية : 120 )
وهذه الآية تطبق جماعياً أو فردياً ، أنت بضائقة ، اصبر ، اصبر وطبق أمر الله انظر كيف الله عز وجل يتولى توفيقك ، اصبر والتزم ، اصبر وأطع ، أما اصبر واعصِ ما بعد الصبر والمعصية إلا القبر فقط ما في شيء ثاني ، لكن بعد الطاعة والنصر والتوفيق .
﴿ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى ﴾
الكلمة الحسنى أن الله ينصر من ينصره
﴿ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ ﴾
كل شيء مدمر ، الفراعنة بمصر أين هم ؟ انظر إلى آثارهم ، لهم إنجازات مذهلة .
وفي درس قادم إن شاء الله نتابع هذه القصة .
والحمد لله رب العالمين
http://www.nabulsi.com/blue/ar/art.php?art=1920&id=97&sid=101&ssid=253&sssid=254