التفسير المطول - سورة الأعراف 007 - الدرس(34-60): تفسير الآيات 103 - 115، قصة سيدنا موسى مع فرعون
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2008-04-04
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ الصادق الوعد الأمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
مقدمة :
أيها الإخوة الكرام ، مع الدرس الرابع والثلاثين من دروس سورة الأعراف ، ومع الآية الثالثة بعد المئة ، وهي قوله تعالى :
﴿ ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآَيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ﴾
1 ـ الأنبياء قدوة للبشر :
أيها الإخوة ، في القرآن الكريم قصص الأنبياء ، هؤلاء الأنبياء قمم البشر ، وقد تخلقوا بالكمال البشري ، وهم في الحقيقة قدوة لنا نحن البشر ، هؤلاء الأنبياء لا يغفلون عن الله لحظة ، كما قال عليه الصلاة والسلام :
(( وَكَذَلِكَ الْأَنْبِيَاءُ تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ ، وَلَا تَنَامُ قُلُوبُهُمْ ))
[ متفق عليه ]
هؤلاء الذين عرفوا الحقيقة ، عرفوا ربهم ، عرفوا سر وجودهم ، عرفوا غاية وجودهم ، استناروا بنور ربهم ، حملوا هموم البشر ، نقلوا رسالة الله لخلقه .
2 ـ قصصُ الأنبياء فيها دروسٌ وعِبرٌ :
الله عز وجل يقص علينا قصصهم لتكون هذه القصص عبرة لنا :
﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾
( سورة يوسف الآية : 111 )
بل إن الله سبحانه وتعالى لعل في رواية قصصهم موعظة لأنبيائه أنفسهم ، الآية الكريمة :
﴿ وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ﴾
( سورة هود الآية : 120 )
فإذا كان قلب سيد الخلق ، وحبيب الحق ، يزداد ثبوتاً بسماع قصة نبي دونه فلأن يمتلئ قلبنا إيماناً بسماع قصة سيد الأنبياء من باب أولى .
أنت مؤمن ، الحياة فيها صعوبات ، فيها مصائب ، فيها ابتلاء ، فيها قهر ، فيها فقر ، فيها مرض ، فإذا قرأت قصة سيدنا يونس ، حينما وجد نفسه فجأة في بطن حوت ، هل من مصيبة أكبر من هذه المصيبة ؟ الأمل معدوم ، لا أمل بمعطيات الواقع ولا بواحد من المليار ، وهو في بطن الحوت :
﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ ﴾
في ظلمة بطن الحوت ، وفي ظلمة الليل ، وفي ظلمة البحر :
﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ ﴾
﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ﴾
لكن أنت مؤمن ، الذي يعطيك صعقة إيمانية التعقيبُ :
﴿ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾
( سورة الأنبياء )
هذه لسيدنا يونس ، ولكل مؤمن ، فلا تقلق ، ولا تحزن ، كن مع الله ولا تُبَالِ ، كن مع الله ترَ الله معك ، اسأل الله حاجتك ، توسل إليه بعمل صالح ، بصدقة ، ناجِه في الليل ، اعرض أمامه مشكلتك ، ليكن الحوار بينك وبين الله عز وجل ، لتكن المناجاة بينك وبينه ، اشكُ له ما تعاني ، اسأله مِلْحَ طعامك ، اسأله شسع نعلك إذا انقطع ، هذه كله أحاديث شريفة ، اسأله حاجتك كلها .
قصص الأنبياء ليست لأخذ العلم ، ولكن للإقتداء ، إياك أن تقرأ قصة نبي على أنها قصة ، لا ، هي درس لك ، توجيه لك ، منهج لك ، طريق إلى الله .
فيا أيها الإخوة :
﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى ﴾
الآن نحن أمام قصة طويلة جداً ، لكن هذه القصة فيها من المواعظ والدروس والاستنباطات ، والحقائق والقوانين والقواعد ما يملأ حياتنا أمناً وطمأنينة ، واستنارة وطريقاً ترسمه هذه القصص إلى الله عز وجل ، بعد أن حدث الله عز وجل عن الأنبياء السابقين جاء دور سيدنا موسى مع قومه :
ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى
﴿ ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى ﴾
1 ـ الحقُّ قديمٌ ، كلما انطمس بعث الله نبيًّا ليظهره مِن جديد :
كأنه شيء كان تحت الأرض ثم بعثناه ، ماذا نفهم من هذا التصوير ؟ نفهم أن الحق قديم ، وأن الحق جاء به آدم عليه السلام ، وأنه تمر على البشرية حقب تنطمس فيه الحق ، ثم يأتي النبي فيظهره ، ثم تنطمس الحقائق ، فيأتي نبي آخر فيظهره ، هذا ما يفهم من كلمة بعثنا ، الحق قديم ، والحق مركز في فطر الإنسان ، والحق جاء به الأنبياء .
﴿ ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى ﴾
كلما تاه البشر ، كلما غلّبوا مصالحهم على مبادئهم ، كلما غلبوا شهواتهم على مبادئهم ، كلما انجذبوا إلى الأرض ، وأعرضوا عن السماء تأتي رسالة نبي لتوقظهم ، لترشدهم ، لتنبههم ، لعلهم ينتبهون إلى سر وجودهم .
﴿ ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآَيَاتِنَا ﴾
2 ـ معنى الآيات :
الآيات العلامات ، الله عز وجل أعطانا قوة إدراكية ، فإذا بعث إلينا نبياً معه أدلة ، معه علامات ، معه أشياء نيرة ، واضحة ، بينة .
الآيات الكونية :
أيها الإخوة ، لا شك أنكم تعلمون أن الآيات أنواع ثلاث ، آيات كونية ، هذا الكون هو الثابت الأول ، الكون كله ينطق بوجود الله ، ووحدانيته ، وكماله ، فكل شيء في الكون يدلك على الله ، وكل شيء في الكون ينطق بوجود الله ، وكل شيء في الكون ينطق بكمال الله ، وكل شيء في الكون ينطق بوحدانية الله ، الكون من آيات الله الخلقية ، آياته الكونية .
الآيات التكوينية :
أو آياته الخلقية ، لكن أفعاله ، أفعاله آيات أخر ، لكنها آيات تكوينية ، حينما نجّى الله سيدنا موسى من فرعون فهذه آية كبيرة :
﴿ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾
( سورة الشعراء )
كيف نجّى الله عز وجل سيدنا موسى ؟ كيف نجّى سيدنا إبراهيم ؟ كيف نجّى سيدنا محمد في الهجرة ، نجّاه في الغار ، ونجّاه في الطائف ، ونجّاه في الهجرة ، ونجّاه في معركة الخندق ، فهذه القصص دروس لنا .
الذي أتمناه ثانية : ألا تقرأ قصة في القرآن على أنها قصة ، إنها درس بليغ ، إنها رسالة من الله ، فهناك آيات كونية ، هي خَلق الله ، هناك آيات تكوينية هي أفعاله .
وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ
أنتقل إلى موضوع يخص كل واحد منكم ، ما من الإخوة الحاضرين المستمعين واحد إلا وله مع الله أيام ، قال تعالى :
﴿ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ ﴾
( سورة إبراهيم الآية : 5 )
مرة كان في أزمة شديدة جداً ، الله عز وجل فرّجها عنه ، أو شبح مصيبة مخيف ألمّ به ، الله عز وجل صرفه عنه ، أو عدو قوي عنيد حاقد ، الله عز وجل نصره عليه .
أحيانا أن تنجو من مصيبة ، أن يستجيب الله لك دعاءك ، أن يرحمك ، أن يوفقك ، أن يعطيك ، أن يزوجك ، أن يطلق لسانك في الدعوة إلى الله ، هذه من أيام الله ، قال تعالى :
﴿ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ ﴾
وأنت أيها الأخ المؤمن ، إذا كان لك علاقات مع الله رائعة ، علاقات توفيق ، علاقات تأييد ، علاقات نصر ، علاقات اتصال ، علاقات حميمة مع الله عز وجل ، هذه الأيام اذكرها .
﴿ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ ﴾
مرة أحد الملوك في الأندلس هو ابن عباد ، كان يمشي في حديقة قصره ، فرأى بركة ماء ، وقد أثّرت فيها الرياح ، فكأن سطح الماء سلسلة ، فقال وهو شاعر :
صَنَعَ الريحُ من الماءِ زَرَد
* * *
يعني كالسلاسل ، فلم يستطيع إكمال البيت ، فسمع جارية وراءه تقول :
أَيُّ درعٍ لقتالٍ لو جمدْ
* * *
فأعجب بهذه الجارية ، وتزوجها ، وأكرمها إكراما ما بعدها إكرام ، أكرمها إكراماً يفوق حد الخيال ، مرة حنّت إلى حياتها الفقيرة ، فأحبّت أن تمشي في الطين ، فجاء لها بالمسك والعنبر ، وخلطه بماء الزهر ، وقال لها : هذا هو الطين ، دوسي فيه ، ثم عُزل عن ملكه ، ودخل السجن ، وفي ساعة علاقة سيئة بينه وبينها قالت له : ما رأيت منك خير قط ! فعاتبها ، وقال لها : ولا يوم الطين ؟!
أحياناً الأمور ليست كما ينبغي ، فتتضايق ، ذكّر نفسك بأيام الله ، يوم وفقك في الدراسة ، وفقك في الزواج ، عرّفك بذاته العلية ، ساقك إلى أهل الحق ، وما مِن إنسان ما له أيام مع الله ، فالإنسان البطل لا ينسى هذه الأيام ، من باب الوفاء :
﴿ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ ﴾
إذاً : الله عز وجل له آيات كونية ، وله آيات تكوينية ، وله آيات قرآنية ، فخَلقه آية ، وأفعاله آية ، وكلامه آية ، وهذه الآيات هي الطرائق إلى الله عز وجل ، بما أن أصل الدين معرفة الله ، الله تعرفه من خَلقه ، ومن أفعاله ، ومن كلامه .
﴿ ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآَيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ ﴾
إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ
معنى الملأ :
ما معنى كلمة
﴿ وَمَلَئِهِ ﴾
? بعضهم قال : الملأ الرجال الذين يملؤون العين ، شكل ، جسم ، ذكاء ، فصاحة ، بيان ، منطق ، قوة شخصية ، هؤلاء الملأ ، فمن معاني كلمة ملأ أنهم يملؤون العين والسمع ، وإن يقولوا تسمع لقولهم ، إن تطلع عليهم يملؤون عينك مهابة .
دخل إنسان يملأ العين على أبي حنيفة ، وكان يلقي درساً ، ويبدو أن في رِجل أبي حنيفة ألماً ، فاضطر أن يمدها ، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم ما رؤي ماداً رجليه قط ، لكن المعذور معذور ، فدخل إنسان عظيم الهيئة ، عريض المنكبين ، يرتدي جبة وعمامة ، وجلس في الدرس ، فاستحيا منه ، ورفع رجله ، والحديث كان عن صلاة الصبح ، وشرح أبو حنيفة المسألة ، وبعد نهاية الشرح سأله هذا الإنسان الذي يملأ العين والسمع ، قال له : ماذا نفعل إذا طلعت الشمس قبل الفجر ؟ قال له : عندئذ يمد أبو حنيفة رِجله .
الأصل أن الملأ رجال يملؤون العين والسمع .
﴿ ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآَيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا ﴾
فَظَلَمُوا بِهَا
1 – الحديث عن الدنيا تكون الآذان له مصغية :
حينما تستمع لآية كونية ، ولا تعبأ بها ، وكانت هذه الآية مهيئة كي تنقلك من الظلمات إلى النور ، كانت هذه الآية مهيئة أن تأخذ بيدك إلى الله ، كانت هذه الآية كفيلة أن تهتدي بهدي الله عز وجل ، فإذا لم تعبأ بها فأنت ظالم .
لاحظ الناس في عصور التخلف ، إذا تكلمت في الدنيا تجد الآذان مصغية ، يرهفون السمع ، يحاورونك ، تتألق عيونهم ، تتورد وجناتهم ، وإن حدَّثتهم في أمر الدين رأيتَهم ينامون ، ويتثاءبون ، ويعتذرون ، هذه مشكلة كبيرة جداً :
﴿ فَظَلَمُوا بِهَا ﴾
أمور التجارة ، والبيع والشراء ، وأسعار العملات ، والبيوت ، والشركات ، والبنوك الإسلامية ، آذان لها مصغية .
2 – الحديث عن الله واليوم الآخر لا يلقى له آذانا مصغية :
فإذا جاء الحديث عن الله عز وجل ، وعن رسله ، وعن جنته ، وعن الدار الآخرة ، كأن هذا الموضوع لا يعني أحدًا ، فالظلم في هذه الآية أنه لم يعطِها حقَّها .
تصور شيكًا بمئة مليون دولار موضوع على الطاولة على ظهره ، يبدو للعين ورقة بيضاء ، فأنت اضطررت أن تكتب عملية حسابية : 7 × 9 ، كم ناتج عملية ؟ أجريتَ على هذه الورقة المستطيلة عملية حسابية ، ثم مزقته ، ثم اكتشفت بعد حين أن هذا شيك بمئة مليون دولار ، وكان يحل لك كل مشاكلك ، تشتري به بيتًا ، ومركبة ، وبيتًا بالمصيف ، ومعملا ، كم تندم ؟ لا تنسَ هذا المثل في معنى قوله تعالى :
﴿ اشْتَرَوْا بِآَيَاتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً ﴾
( سورة التوبة الآية : 9 )
3 – كلمة لها مدلول الظلم : ماذا قال آنفاً ؟
تسمع درسَ علم ، درسًا في الإعجاز العلمي ، درسا في تفسير القرآن الكريم ، ماذا قال آنفاً ؟ يقول لك : والله الخطبة رائعة ، ماذا قال ؟ والله لا أتذكر شيئًا فلا تؤاخذني ، قال : خطبة رائعة ، لكن ما تذكر منها شيئًا ، لأنه ليس مع الخطيب ، ولا مع المدرس ، مع همومه ، مع شهواته ، هذه معنى :
﴿ فَظَلَمُوا بِهَا ﴾
كلام الحق يجب أن يهز أعماقك ، القرآن يجب أن يقشعر جلدك منه .
فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ
﴿ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ﴾
هؤلاء الذين تركوا منهج الله ، ولم يعبؤوا بآيات الله .
مرة كنت في أمريكا ، وألقيتُ درسًا بمدينة اسمها توليدو ، بعد نهاية الدرس قال لي رجل : أنا فلان ، أخي فلان ، أنا أعرف أخاه الطبيب ، قال لي : هل تعلم كم قطعت من المسافات حتى آتي لأستمع لهذا الدرس ؟ قلت له : كم ؟ قال لي : 600 ميلا ، أي ألف كيلومتر ، نحن في الشام في نعمة كبيرة ، نسمع دروس العلم ، والتفسير ، والحديث ، والسيرة ، وأسماء الله الحسنى بكل يسرٍ ، أَقسم لي بالله أنه قطع 600 ميلاً ليستمع لهذا الدرس ، فإذا كان في بلد الإنسان دروس متوافرة ، ويسهل عليه أن يحضر الدرس ، ويستمع للدرس ، ويكتب بعض الفقرات بالدرس ، فهذه نِعم كبيرة جداً لا يعرفها إلا مَن فقدها .
﴿ وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾
( سورة الأعراف )
وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ
1 – فرعون مدَّعي الألوهية والربوبية :
فرعون ادعى الألوهية ، وقال :
﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾
( سورة النازعات )
﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾
( سورة القصص الآية : 38 )
وكان في عصر فرعون يعتقدون أن للخير إلهًا ، وللشر إلهًا ، وللشمس إلهًا ، وللقمر إلهًا ، ولليل إلهًا ، وللنهار إلهًا ، فهي آلهة متعددة ، وفرعون قال :
﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾
وقال :
﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾
﴿ وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾
2 – الله إلهٌ واحد ، وهو ربُّ العالمين :
رب الخير والشر ، والسماء والأرض ، والليل والنهار ، والشمس والقمر ، والإنس والجن :
﴿ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾
الإله الواحد .
حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ
﴿ حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾
( سورة الأعراف )
رسُلُ الله لا تقول إلا الحقَّ :
لا يليق برسول الله الذي أرسله الله لهداية خلقه أن يتكلم بغير الحق :
﴿ حَقِيقٌ ﴾
لا يليق لرسول الله أن لا يقول إلا الحق .
أذكر لكم قصة سريعة ؛ أن النبي عليه الصلاة والسلام قال قبيل موقعة بدر :
(( لا تقتلوا عمي العباس ))
[ ورد في الأثر ]
عمه العباس كان في مكة ، وأحد الصحابة ، و الصحابة غير معصومين ، قال : << أحدُنا يقتل أباه وأخاه ، وينهانا النبي عن قتل عمه ؟ >> ، فوقع في نفسه شيء ، ثم تبين أن عمه العباس كان مسلماً ، وأنه كان عينَه في مكة ، فما مِن أمر يحدث إلا وينقل إلى النبي عن طريق عمه العباس ، فإدارة النبي كانت إدارة ذكية جداً ، له عيون ، وأن عمه كتم إيمانه وإسلامه ، فعمه إن لم يخرج مع المشركين ليلقى محمداً وأصحابه في بدر كشف نفسه ، وانتهت مهمته ، وانتهى دوره ، وإن قال النبي الكريم : عمي لقد أسلم ، لانتقل الخبر إلى قريش ، وانكشفت الحقيقة ، وتنتهي مهمته ، وينتهي دوره ، وإن سكت النبي الكريم وهو عند أصحابه مشرك ، وهم في حرب ، واحتمال كبير أن يُقتل ، فالنبي عليه الصلاة والسلام لحكمة بالغةٍ لا يستطيع إلا أن يقول هذه الكلمات :
(( لا تقتلوا عمي العباس ))
فقط ، فهذا الصحابي ظن في نفسه شيئاً ، بعد أن كشفت الحقيقة يقول هذا الصحابي : << والله ظللت أتصدق عشر سنين رجاء أن يغفر الله لي سوء ظني برسول الله >> .
رسول يتحزب لأقربائه ؟ هذا مستحيل ! إذا أكرم الله عز وجل إنسان بالدعوة إلى الله ، مع أنه غير معصوم ، لكن من الممكن أن يتكلم كلامًا لمصلحته .
النبي الكريم لما مات ابنه إبراهيم الصحابة من باب محبتهم للنبي توهموا ، وقد كسفت الشمس ، أن الشمس كسفت لموت إبراهيم ، فأيّ إنسان إذا كانت له دعوة متواضعة ، وأحد التلامذة ظن أن هذا الحدث الكبير من أجل شيخه ، فهل يبقى الشيخ ساكتًا ؟ ويقول : إنها مفيدة جداً ، ولا يتكلم بشيء ، لأنها تدعم مركزه ، لا ، لقد وقف النبي عليه الصلاة والسلام خطيباً ، وقال :
(( إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ ))
[أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن المغيرة بن شعبة ]
لابد أن تكون رجلا علميًّا ، لا تعش في الوهم ، المؤمن أمين على هذه الدعوة ، لا يفلسف شيئًا لمصلحته ولا يوهم ، ولا يبالغ ، ولا يبرز شخصه ، المؤمن الصادق في التعتيم يبرز حقيقة هذا الدين ، وحقيقة هذا النبي الكريم .
﴿ فَظَلَمُوا بِهَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ * وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾
الإله واحد ، رب العوالم كلها .
﴿ حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ﴾
لا يليق بنبي كريم أرسله الله لهداية الخلق أن يقول كلاماً لمصلحته .
طرفة : مرة أردت أن اشتري ستارة لغرفة الضيوف ، فسألت أحد الباعة ، قال لي : يا أستاذ ، يجب أن نقطع من الثوب ضعف عرض الحائط ، زائد متر ، حتى تأتي الستارة مثنات تكون جميلة جداً ، أقنعي بعد شبهِ محاضرة ، عرض الحائط ثلاثة أمتار ، ضرب اثنين ، ستة ، زائد متر واحد سبعة ، أنا اخترت ثوبًا ، لما قاسه وجده أقلّ من الضعف ، خمسة أمتار ، قال لي : هذا المطرز بهذا القياس أحلى ، فوراً أعطاني حقيقة ثانية ، هو ينطق عن الهوى لمصلحته ، أعجبني هذا الثوب ، لكنه أعطى قاعدة أخرى ، ما دام مطرزا فهو بهذا القياس أجمل .
صدقوا أيها الإخوة ، إن تسعة أعشارِ كلامِ الناس عن هوى ، أما النبي عليه الصلاة والسلام فقد قال الله في حقِّه :
﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾
( سورة النجم )
قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ
﴿ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾
1 – قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُم
معي دليل ، معي بينة ، معي آية ، معي معجزة .
2 – فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ
يبدو أن هؤلاء القوم ظلمهم فرعون ، ذبح أبناءَهم ، واستحيا نساءَهم .
فيما تروي بعض الروايات أن إنسان رأى أن طفلاً من بني إسرائيل سوف يقضي على ملك فرعون ، فأُخبر بهذه الرؤيا ، أو بهذا المنام ، وفرعون جبار ، طاغية ، سفاح ، فأمر أن يقتل أبناء بني إسرائيل ، وأية قابلة لا تخبر عن ولادة طفل ذكر تُقتل مكانه ، المشكلة هذا حلها عند فرعون ، أما هذا الطفل الذي سيقضي على ملكه فإنه رباه في قصره ، أنت تريد ، والله يريد ، والله يفعل ما يريد .
(( ابن آدم ، كن لي كما أريد أكن لك كما تريد ، ابن آدم ، إذا سلّمت لي فيما أريد كفيتك ما تريد ، وإن لم تسلم لي فيما أريد أتعبتك فيما تريد ، ثم لا يكون إلا ما أريد ))
[ ورد في الأثر ]
مع الله عز وجل ليس هناك إنسان ذكي إطلاقاً ، بل يُؤتَى الحذِرُ من مَأمَنِه ، وكما قيل : عرفت الله من نقض العزائم .
﴿ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾
الحقيقة أن فرعون يغُد مدّعِيًّا أنه هناك آلهة ، أو أنه هو إله ، قال :
﴿ قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآَيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾
( سورة الأعراف )
قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآَيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ
إنسان يقتل بلا حساب ، وقتل الإنسان أهون عليه من قتل ذبابة ، لمَ لم يقتل سيدنا موسى ؟ لأن فرعون بيد الله عز وجل ، هذا هو الإيمان والتوحيد ، وإذا كان الله معك فمن عليك ؟ حتى إن كلمة الحق لا تقطع رزقاً ، ولا تقرّب أجلاً ، قال فرعون :
﴿ قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآَيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾
المعجزة الأولى لموسى : فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ
سيدنا موسى :
﴿ فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ ﴾
( سورة الأعراف )
1 – قصة عصا موسى :
لكن لحكمة بالغةٍ بالغة في المناجاة قال الله عز وجل لسيدنا موسى :
﴿ وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى ﴾
( سورة طه )
ألا يعلم اللهُ ما بيمينه ؟ إنه سؤال عجيب ، الجواب :
﴿ هِيَ عَصَايَ ﴾
( سورة طه الآية : 18 )
لكن يبدو أن هذا النبي الكريم الذي ناجى ربه وأنِسَ بهذه المناجاة ، فأراد أن يفتعل معاني فرعية ليتابع المناجاة ، قال :
﴿ وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى * قَالَ هِيَ عَصَايَ ﴾
﴿ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي ﴾
( سورة طه الآية : 18 )
فخجل ، وقال : لعلي أطلت ، لعلي أجبت إجابة ما أرادها الله ، قال :
﴿ وَلِيَ فِيهَا مَآَرِبُ أُخْرَى ﴾
( سورة طه )
إذا سمح الله عز وجل لي أن أتابع وأقول لي : ما هذه المآرب يا موسى ؟ كلام دقيق جداً :
﴿ وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى * قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآَرِبُ أُخْرَى ﴾
الحقيقة لحكمة بالغةٍ الله عز وجل أراد أن يلفت نظره ، هذه التي بيدك ما هي ؟ عصا من خشب ، من خشب يبس ، أصلها نبات ، انتقال النبات ، وأن تعود هذه العصا غصناً نضراً مورقاً مزهراً معجزة ، فما قولك إذا انتقلت من الجماد ، إلى النبات ، إلى الحيوان ؟
﴿ وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى ﴾
انتبه ، هذه التي بيدك عصا ، وهي جماد ، ومستحيل أن تعود غصنا مزهرا مورقًا ، لكنه بعد قليل سوف تكون حية تسعى :
﴿ قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآَرِبُ أُخْرَى ﴾
﴿ قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى * فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى ﴾
( سورة طه )
2 – التجربة الأولى للعصا : التحوُّلُ إلى حية صغيرة أمام موسى :
هذه أول تجربة ، الله جعلها له حية صغيرة ، حتى لا يخاف .
﴿ قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى ﴾
( سورة طه )
حينما قابل فرعون يكون واثق من نفسه ، ولو أن الله قال له : حينما تقابل فرعون ألقِ العصا تكن ثعباناً ، لكن ما معه تجربة ، فطمأنه ، صار إلقاء تدريبيا ، فاطمأن ، هذه العصا الجامدة أصبحت حية تسعى .
3 – التجربة الثانية للعصا : التحوُّلُ إلى ثعبان كبير أمام فرعون :
أمام فرعون قال له :
﴿ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآَيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ ﴾
بعض المستشرقين قال : إن في القرآن تناقضًا ، مرة يقول : حية ، ومرة يقول : ثعبان ، لكن هي حية على انفراد فيما بينه وبين الله ، حتى لا يخاف لأنه بشر ، تصور رجلاً أُلقِي أمامه عصا فإذا هي ثعبان بطول 12 مترا ، لكن المرة الثانية وثق من نفسه :
﴿ فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ ﴾
المعجزة الثانية لموسى : وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ
وسيدنا كان موسى أسمر اللون ، قال تعالى :
﴿ وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ ﴾
( سورة الأعراف )
مرة قال سيدنا علي : << والله ، والله ، مرتين ، لحفر بئرين بإبرتين ، مستحيل وكنس أرض الحجاز في عاصف بريشتين ، أيضاً مستحيل ، ونقل بحرين زاخرين بمنخلين ، أيضاً مستحيل ، وغسل عبدين أسودين حتى يصيرا أبيضين ، أيضاً مستحيل .
﴿ وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ ﴾
وفي رواية : كأنها كوكب دري تتألق تضيء .
الحقيقة بهاتين الآيتين هزّ كيان فرعون ، فرعون إله ، فرعون قال :
﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾
فرعون قال :
﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾
بهاتين المعجزتين هز كيانه ، فصغر فرعون ، وانكمش ، وتطامن ، وحُجِّم ، وحوْل فرعون منافقون .
قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ
﴿ قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ ﴾
( سورة الأعراف )
أي أنت يا فرعون إله ، وتبقى إلهنا ، وهذا ساحر :
﴿ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ ﴾
يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ
﴿ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ﴾
( سورة الأعراف )
بعضهم قال : هذا كلام فرعون :
﴿ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ﴾
متى كان يقول ملك جبار :
﴿ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ﴾
ضعُف ، وتحجّم ، وصغُر :
﴿ قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ ﴾
تابع فرعون :
﴿ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ﴾
قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ
القضية أكبر بكثير ، ليست موضوع سحر ، القضية تحتاج لإعداد كبير ، القضية لا تحتمل حلاًّ آنياً .
﴿ قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ ﴾
( سورة الأعراف )
عمِّم على كل البلاد أن يأتوك بالسحرة المتفوقين الكبار :
﴿ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ ﴾
يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ
﴿ يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ ﴾
( سورة الأعراف )
الحقيقة أنه هو الساحر ، ويعلم علم اليقين أن هذا الذي رآه ليس سحراً ، بل ثعبان مبين حقيقي ، هذا من النفاق ، والمنافق هو هوَ .
﴿ يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ ﴾
السحرة في موعد التحدي مع نبي الله موسى :
1 – وصولُ السحرة إلى مكان التحدي :
﴿ وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ ﴾
( سورة الأعراف )
أي جاءوا فرعونَ ، ووصلوا إلى قصره .
2 – طلب السحرة أجرا من فرعون عند الغلبة والنصر :
﴿ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ ﴾
فرعون ضعف مركزه ، وتزعزعت مكانته ، وانهزّ ، وتطامن ، تحجّم ، صغُر ، عرف أن هذا الإله المدعي الألوهية جاء من يهز كيانه :
﴿ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْراً ﴾
أرادوا أن يستغلوا ضعف فرعون :
﴿ إِنَّ لَنَا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ ﴾
3 – تشجيع فرعون السحرةَ بالمكافآت المغرية :
﴿ قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ﴾
( سورة الأعراف )
بلا تردد ، وفوق الأجر :
﴿ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ﴾
﴿ قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ ﴾
( سورة الأعراف )
نتابع تتمة القصة في الدرس القادم إن شاء الله .
والحمد لله رب العالمين
http://www.nabulsi.com/blue/ar/art.php?art=1910&id=97&sid=101&ssid=253&sssid=254