الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن واله .
سلام الله عليكم , ورحمته وبركاته .
موقفٌ بين صحابيان , بين صحابي أبيض ,وصحابي أسود , الإسلام ليس فيه ابيض ,ولا أسود ,ولا أحمر ,ولا أخضر ,ولا بنفسجي .
إن أكرمكم عند الله أتقاكم .
اجتمع الصحابة في شورى , في غياب رسول الله صلى الله عليه وسلم ,وكان فيهم أبو ذر العربي الأصيل ,ومعهم بلال أبن رباح المولى , الأسود الذي كان عبداً في الجاهلية الحبشي .
وتكلم بلال في القضية , فكأنه عارض أبا ذر في المشورى .
فقال أبو ذر : حتى أنت يا ابن السوداء , يقول أنت تعارضني يا ابن السوداء , كلمة مؤذية , كلمة في الحقيقة جارحة ,وأنها لا تناسب دستور الإسلام ,ولا تعليم الإسلام , ليس عندنا في الإسلام تفرقة عنصرية .
ان اكرمكم عند الله اتقاكم , لا فضل لعربي على أعجمي ,ولا لأبيض على اسود إلا بالتقوى .
فقام بلال غاضباً ,وذهب إلى معلم الخير صلى الله عليه وسلم , إلى سيد البشر صلى الله عليه وسلم , إلى الإمام الأعظم , إلى الذي أتى بالمساواة أتى بحقوق الإنسان صلى الله عليه وسلم , هو أول من أتى بحقوق الإنسان , الذي ساوى بين بلال الحبشي ,وأبي بكر القرشي ,وصهيب الرومي ,وسلمان الفارسي .
وذهب بلال إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ,وأخبره ماذا قال له أبو ذر, غضب ر سول الله صلى الله عليه وسلم ,وتغيظ كثيراً ,واستدعى أبا ذر ليحاسبه ,ويقف عند حده في هذه المسألة .
وليفهمه سر الرسالة الإسلامية أن الرسالة الذي فاضل فيها هو التقي , النقي , ليس الألوان ,ولا للأشخاص ,وذواتهم , ولا للأسر ,ولا للقبائل , و لا للعشائر .
وأتى أبو ذر فسلم , قال أبو ذر : لم أدري , لم أعلم , هل رد علي صلى الله عليه وسلم , أم لم يرد .
قال : أعيرته بأمه , يقول صلى الله عليه وسلم , الأن يعذّره صلى الله عليه وسلم بالكلام , أنك لفيك من الجاهلية , يقول كيف تعيره بأمه , بكيت فيك الجاهلية , يعني بمعنى الكلام , رواسب الجاهلية , بقيت في رأسك , تعيره بأنه ابن السوداء , مادخل هذه الألوان .
أليس هو مؤمن , مهاجر , مؤذن للإسلام بلال , هو سيدنا رضي الله عنه وأرضاه .
حتى يقول عمر : أبو بكر سيدنا ,وأعتق سيدنا , يعني أعتق بلال , فبلال سيد من سادات المؤمنين .
بلال الأن يعرفه كل المسلمين في الأرض , لأن الله رفع ذكره , لأنه رفع ذكر الله في الآذان ,وأمن .
قال : أنك ما أوتيت من الجاهلية .
قال : يا رسول الله على كبر سني , , يعني يقول جاهل وأنا كبير .
فبين له رسول الله صلى الله عليه وسلم تاليها , وقال : " أخوانكم خولكم , جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان له أخ فليطعمه من طعامه وليلبسه من لباسه ".
يقول وهؤلاء مهما كان هم إخوانكم تماماً , يلبسون كما تلبسون ,ويأكلون كما تأكلون ,وأنتم وإياهم سواء .
الأفضل منكم التقي , وانه في هذه المناسبة أقول للذين يفتخرون بجهلهم على بقية الناس , إما بقبائلهم , أو بأنسابهم ,أو بألوانهم , أنتم أخطأتم أصلاً بفهم الإسلام .
أنا أرى أن الرجل هذا الذي يفتخر فقط بما عنده من مواهب ربانية , لا عنده علم ,ولا عنده إيمان ,ولا عنده تقوى , لكن يفتخر فقط بالجنس , فقط , بالقبيلة , بالأسرة , بالعشيرة .
هذا مفلس , هذا رجل صفر , هذا رجل جاهل , لأنه لو كان يتقي الله عز وجل ,وكان عنده علم ,وخشية ,ومعرفة , كان يعلم أن الله هو الذي خلق الخليقة ,وزع الألوان على البشر سبحانه وتعالى .
وأنه ليس يتفضل الإنسان بهذا اللون , بهذا اللون لا يفضل بأنه لونه مثلاً أبيض ,أو أنه احمر , أو أسود يفضل بالتقوى , يفضل بالإيمان , يفضل بالهجرة .
بالمناسبة يقول عمر رضي الله عنه : لو كان سالم مولى أبي حذيفة حياً لوليته الخلافة .
هو مولى أسود لكنه مؤمن , مهاجر .
ومرة ذهب عمر رضي الله عنه إلى الحج فخرج أمير مكة يستقبله , من قبل عمر الأمير .
قال : لمن تركت مكة .
قال : تركتها لابن أبزة .يعني أمير أسمه ابن أبزة .
قال عمر : من ابن أبزة هذا .
قال : مولى من موالينا , يعني كانوا من الرقيق أول , اسود , اسمر .
قال عمر : كيف يكون .
قال : حافظ لكتاب الله يا أمير المؤمنين .
قال عمر رضي الله عنه : سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ,ويضع به آخرين .
يامن تشرف بالتراب ,والطين , تشرف بطاعة رب العالمين عودوا إلى أصل الإخاء الإيماني , وخذوا من درس أبي ذر ,وبلال أن الفضل بالتقوى ,والفضل بالعلم , والفضل بالصلاح , والإصلاح .
ليس الفضل بما أصله الطين , أو بالقبيلة , أو بالأسرة , أو بالعشيرة .
أبداً , أبداً .
ولا تحسب الأنساب تنجيك من لظى ولو كنت من قيس وعبد مدان .
أبو لهب في النار ,وهو ابن هاشم وسلمان في الفردوس والخرساني .
والى اللقاء .
http://www.alresalah.net/#textsdetail.jsp?pid=324&sec_id=4171