الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى أله وصحبه
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته .
ننتقل بكم ونطوي الديار و الأعوام والأزمان إلى أحسن مكان وأجل إنسان إلى محمد بن عبد الله وهو في تجهيز جيش تبوك ,
وهو يريد التبرع في سبيل الله ليكون ذلك سبب لرضوان الله
فالفضل لله والله غني عن العباد ولكن العبد بحاجة إلى أن يفتح له باب الوسيلة إلى الله ليدخ جناته ,
فقام الناس يتبرعون ودائم فيكل المجتمعات طائفة من المنافقين هؤلاء المنافقين يترصدون عيوب الصالحين ولا يرضون عن مسئول ولا يرضون عن عالم ولا يرضون عن داعية ولا يرضون عن موظف ولا قاضي ,
فهم كما يقول ابن تيمية مثل الذباب لا يقع إلا على الجرح فيتصيدون الأخطاء و السلبيات فينسون محاسن الناس , فهم أعداء النجاح فهم موجودون في كل مدرسة وكل جامعة وكل مؤسسة وكل مدينة أعداء النجاح يكرهون الناجحين ويكرهون المتفوقين ,
و أحوال الصحابة تختلف فمنهم الغني ومنهم الفقير , فاقبل عبد الرحمن بن عوف وهو من الأغنياء الكبار , أقبل بسبائك من الذهب تلمع في الشمس ليدعم بها جيش الإسلام , تبرع بها ليشتري نفسه من الله ,
فلما شاهد المنافقين ذلك لم يعجبهم هذا فهم يريدون كسر الإسلام بإخفائهم الكفر وإظهارهم الإسلام خوفا على دمائهم , أقبل عبد الرحمن بن عوف بالذهب وصبه أمام الرسول صلى الله عليه وسلم و سبائك الذهب تبرق مثل شعاع الشمس الأحمر , فتهلل وجه النبي صلى الله عليه وسلم , وتغامز المنافقون فقالوا ما أراد إلا رياء وسمعة ,
و أقبل صحابي أخر ما وجد شيء إلا حفنة من القمح أو البر لم يجد غيرها في بيته , فهو يريد أن يدخل الجنة بهذا الأمر ,
فأنت على قدر ما تستطيع فقد لا تجد إلا رغيف أو درهم أو ريال ,
الله يقبل منك هذا ويثمنه لك ويكون سبب لرضوانه ودخول جناة النعيم ,
أقدم هذا الصحابي المسكين بحفنة يحمله بيديه ثم وضعها , فتغمز المنافقين وقالوا بم أنه جاء بحفنة القمح فقد تجهز الجيش المؤلف من ثلاثون ألف مقاتل ,
فأنزل الله جبريل بالوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم فقال فيهم في هذه العصابة الفاسدة المجرمة التي تنخر في جسم الأمة و المجتمع المسلم التي تعادي الحق و الفضيلة والشريعة هؤلاء يستهزئون بالدين وحملة الإسلام وحملة النجاح يستهزئون بأهل البر والفضل و الإحسان قال سبحانه وتعالى {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }
فهم يستهزئون بالأغنياء وبالفقراء الذين لا يجدون فبسخريتهم منهم سخر الله منهم بهذا الخطاب , ما أقواه وما أفظعه وما أشده !
سخر الله منهم وأعد لهم عزاب أليم {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ }
فإذا وصل الإنسان إلى أن الله لن يغفر له فقد أنتها أمره و مستقبله مع الله , وانتهت حياته و انتهت سعادته وقطعت أسباب النجاة بينه وبين الله وأغلقت أبواب الفلاح أمامه فقتلوا وعذبوا ولعنوا ,
فإن قال الله أنه لن يغفر لفلان فقد أنتها أمره ,
قال ذلك للرسول صلى الله عليه وسلم لأنه صاحب رحمة مهداة حتى مع المنافقين والكفار كان رحمة ,
لأنه صلى الله عليه وسلم كان سيستغفر لقوله " والذي نفسي بيده لو أعلم أني إذا استغفرت سبعين فغفر الله لهم لاستغفرت سبعين " فالله سبحانه وتعالى يقول {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ }
ففي هذا درس أوجهه للجيل المسلم من الرجال و النساء احذروا أن تستهزئوا بشيء من الدين , احذروا من أن تقتربوا من القرآن أو السنة , احذروا أن يفهم منكم المزاح لهذه الرسالة الخالدة الربانية المنزلة من عند الله ,
صونوا أنفسكم ودمائكم ولا تلعبوا بالنار ولا تقتربوا من هذا المنطق الخطير المشرف المكرم المقدس منطق الرسالة ومنطق الوحي و الشريعة ,
احذروا كل الحذر وكل البعد ولا تحاولوا أن تجعلوا المزاح أو الاستهزاء أو السخرية لأن هذا كفر { أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ } {لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ } فهذا كفر مخرج من الملة وقصدي من هذا أنه على الإنسان أن يكون جادا في الحياة و يسابق إلى الخيرات بكل جهده و طاقته وبما لديك من علم أنت حاول أن تنفع المسلمين وأن تقدم هذه الرسالة ,
بما أعطاك الله من موهبة , فأنت مثلا رجل إعلام حتى لو كان في أي مجال من مجالات الإعلام في الإخراج أو الإنتاج في كتابة القصة أو في كتابة الرواية في العرض أو في قراءة النشرة في أي شيء حاول أن تكون عضوا صالحا ,
أو تعرف أن لديك رسالة من عند الله , أنت مسلم ولديك ضمير , و أن يكون لديك هدف في الحياة أن تكون عبد صالحا من خلال هذه الوظيفة و هذا العمل , أصبر .
فالصحابة بتخصصاتهم نصروا الإسلام , هذا خالد بن الوليد نصر الإسلام في الجهاد والشجاعة ومعاز بن جبل بالعلم وأبي ين كعب بقراءة القرآن و ابن عباس في التفسير وحسان بن ثابت بالشعر والأدب و زيد بن ثابت بالفرائض ,
أقرأ نفسك و نظر ماذا تستطيع أن تقدم , تعبد الله بهذه الموهبة وكن عضوا صالحا في هذا المجتمع المسلم وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه و إلى لقاء جديد
http://www.alresalah.net/#textsdetail.jsp?pid=324&sec_id=4128