تفسير سورة الأعراف 07– الدرس 29 ـ الآية : 85 ـ الأنبياء ملكوا المنهج ، والأمر والنهي ، أنواع الغش والبخس ـ لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي .
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ الصادق الوعد الأمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الوهن والجهل إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
رحمة الله تقتضي هداية خَلقه :
أيها الإخوة الأكارم ، مع الدرس التاسع والعشرين من دروس سورة الأعراف ، ومع الآية الخامسة والثمانين ، وهي قوله تعالى :
﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾
أولاً : تقتضي رحمة الله وحكمته أنه تولى هداية خلقه .
﴿ إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى ﴾
( سورة الليل )
تقتضي رحمة الله وحكمته ، ولأنه تولى خلقه بذاته العلية هداية خلقه أن يرسل إلى كل قوم نبياً أو رسولاً يبين لهم .
لكن في المألوف أن هذا الرسول أو النبي معه منهج ، معه نظام ، معه أوامر ، معه نواهي ، فإذا جاءت هذه النواهي على خلاف شهوات الناس يرفضون هذه الدعوة ويكذبون هذه الرسالة ، ويسفهون هذه التعليمات ، فما الذي ينبغي أن يكون ؟ لا بد من أن يبين الله لهؤلاء الناس أن هذا الإنسان رسوله أو نبيه عن طريق المعجزات .
وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ قَدْ
1 ـ مَدْيَنَ
الآن :
﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ﴾
مَدْين هي قبيلة تقطن قرب معان ، وهم أصحاب الأيكة ، وقد أرسل الله لهم نبياً كريماً هو سيدنا شعيب .
﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ ﴾
2 ـ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا
عاش معهم تربى فيهم ، رأوا عفته ، رأوا صدقه ، رأوا أمانته ، رأوا كماله ، ألِفوه وألِفهم ، هو منهم ، لئلا تكون الحواجز بين الدعوة والمدعوين .
مثلاً : لو أن أخوك دعاك إلى هذا الدرس هل تقلق ؟ هل تشك فيه ؟ هل تخاف ؟ أبداً ، لأن الأخ ليس بينك وبينه حواجز .
لو أن إنساناً من الطريق أمسكك بيدك ، وقال : تعال معي ، وأنت في نيتك أن تأخذه إلى هذا المجلس هل يقبل ؟ لا يقبل ، يخاف ، إلى أين ؟
لذلك الحكمة الدقيقة أن الله سبحانه وتعالى جعل الأنبياء يعيشون مع أقوامهم ، وجعل أقوامهم يرون بأعينهم كمالهم .
كان النبي عليه الصلاة والسلام يسمى عند قومه قبل البعثة الأمينَ ، وحتى بعد البعثة كانت أمانات قومه تودع عندهم ، هم لم يؤمنوا به كنبي ، لكنهم آمنوا بكماله ، آمنوا بعفته ، آمنوا بأمانته ، آمنوا بصدقه .
إذاً :
﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ﴾
كمالُ الخََلق يدل على كمال التصور :
دائماً وأبداً كمال الخلق يدل على كمال التصور ، في هذا الكون كمال مطلق ، الكون معجز ، هذا الكون يشفّ عن إله عظيم ، عن مربٍّ حكيم ، عن مقتدر ، عن قوي ، عن غني ، هذا الكمال كمال الذات الإلهية لا بد من أن يكون معها كمال في التصرف .
للتقريب : إنسان يحمل أعلى شهادة ، وملتزم ، وحضر دروس علم خمسين عاما ، وهو مفكر ، وباحث ، وله مؤلفات ، هذا الإنسان بهذه الثقافة ، بهذا الوعي ، بهذا النضج هل يعقل أن يرتكب حماقة ؟ مستحيل ، هل يعقل أن يقول كلمة زائدة ؟ مستحيل ، وقد تجلس مع إنسان أياما مديدة في سفر لا تسمع كلمة ليست في مكانها ، ولا تعليقا لا يرضي .
كمال الخلق يدل على كمال التصرف ، فمن كمال التصرف للذات الإلهية أنه أرسل إلى عباده أنبياء ورسلاً .
﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ﴾
3 ـ قَالَ يَا قَوْمِ
الأنبياء بماذا جاؤوا .
﴿ قَالَ ﴾
لا معه سلاح ، ولا قنبلة ذرية ، ولا أقمار صناعية ، ولا كمبيوتر ، هذا الإنجاز الحضاري لا يحتاجه الأنبياء ، الأنبياء كلمتهم طارت في الآفاق .
﴿ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ ﴾
( سورة إبراهيم )
الأنبياء جاؤوا بالكلمة أيها الإخوة ، وللكلمة فعل لا يصدق إن كانت صادقة ، لذلك مع الكذب ، والدجل ، والتزوير كفَر الناس بالكلمة ، الآن الكلمة سقطت ، لأنه كلام كثير لا يعني شيئاً ، كلام كثير ليس فيه مصداقية ، كلام كثير ليس فيه فعل ، كلام كثير لا ينفّذ ، الكلمة إن لم تنفذ تفقد مصداقيتها وقيمتها .
لذلك الأنبياء العظام جاءوا بالكلمة فقط ، كلمة قلبت العالم من عالم شارد عن الله إلى عالم مؤمن :
﴿ مثلاً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ ﴾
﴿ بِإِذْنِ رَبِّهَا ﴾
( سورة إبراهيم الآية : 25 )
والباطل أيضاً يعتمد الكلمة .
﴿ وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ ﴾
( سورة إبراهيم )
فالحق ينتشر بالكلمة الصادقة ، والباطل ينتشر بالكلمة المغرية :
﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ ﴾
ما كل نبيٍّ ذُكِر في القرآن :
بالمناسبة : ما كل الأنبياء ذُكروا في القرآن الكريم .
﴿ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ ﴾
( سورة غافر الآية : 78 )
ما كل الأنبياء ذُكروا في القرآن الكريم ، وما كل أحوال الأنبياء ذُكرت في القرآن الكريم ، لحكمة بالغةٍ بالغة ، عرفها من عرفها ، وجهلها من جهلها ، لكن هناك رغبة عند بعض المفسرين أن يتقصوا أخبار القصص وتفاصيلها وجزئياتها التي وردت في القرآن الكريم ، هذا منهج غير صحيح ، لأن الله سبحانه وتعالى ذكر أشياء ، ولم يذكر أشياء أخرى ، فالحكمة من ذكر الذي ذكره حكمة كاملة ، والحكمة التي من عدم ذكر الذي لم يذكره حكمة كاملة ، لأن الله سبحانه وتعالى أراد من هؤلاء القمم قمم البشر أن يكونوا نماذج نقتدي بها ، أما التفاصيل إذا كثرت ألقت في روعنا أن هذه النماذج وقعت ، ولم تقع مرة ثانية .
فلذلك أيها الإخوة ، لا تبحث عن أشياء سكت عنها القرآن ، إنك إن فعلت هذا أفسدت على الله حكمته من هذه القصص .
إذاً : لحكمة بالغة لم يذكر الله عز وجل ما المعجزة التي جاء بها شعيب .
﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ ﴾
4 ـ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ
أرأيت إلى هذه الكلمة :
﴿ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ ﴾
هذه الكلمة ضغطت بها دعوات الأنبياء جميعاً .
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾
( سورة الأنبياء )
﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا ﴾
العقيدة ، بالتعبير المعاصر المنطلق النظري :
﴿ فَاعْبُدُونِ ﴾
عبادة الله الذي بيده الأمرُ :
العبادة ، السلوك ، بالتعبير المعاصر التطبيق العملي ، الإنسان عقل يدرك ، وإدراك ، وحركة ، عمل ، وعقيدة .
﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ ﴾
في أية لحظة تتوهم أن مصيرك بيد غير الله فهذا نوع من الشرك ، لأن الذي خلقك هو الذي يتصرف بك .
﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾
( سورة الزمر )
الذي خلقك أمرك بيده .
﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾
( سورة هود الآية : 123 )
الذي خلقك مصيرك إليه .
﴿ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأمُورُ ﴾
( سورة الشورى )
﴿ إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ ﴾
( سورة الغاشية )
فلذلك كلمة :
﴿ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ ﴾
إن رأيت على شبكية العين أقوياء فهم بيد الله وقبضة الله .
﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ ﴾
( سورة هود الآية : 55 ـ 56 )
الدابّة هي أيّ شيء يدب على وجه الأرض .
﴿ مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾
( سورة هود )
ما أمرك أن تعبده إلا بعد أن طمأنك أن الأمر كله بيده ، وهذا هو التوحيد .
﴿ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا ﴾
( سورة الكهف )
﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾ .
﴿ وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ ﴾
( سورة الزخرف الآية : 84 )
﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾
﴿ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ ﴾
( سورة الأعراف )
﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ ﴾
( سورة فاطر الآية : 2 )
مشكلات المسلمين نابعةٌ من ضعف التوحيد :
أيها الإخوة ، الدين كله توحيد ، وكل مشكلات المسلمين ، بل مشكلات المؤمن من ضعف التوحيد ، من ضعف التوحيد يسأل غير الله ، من ضعف التوحيد يخاف من غير الله ، من ضعف التوحيد يرجو غير الله ، من ضعف التوحيد يتوهم أن جهة في الأرض يمكن أن ترفعه ، وأن جهة أخرى يمكن أن تخفضه ، وأن جهة ثالثة يمكن أن تعطيه ، وأن جهة رابعة يمكن أن تحرمه ، أما التوحيد فأن تعتقد لا معطي إلا الله ، ولا مانع إلا الله ، ولا رافع إلا الله ، ولا خافض إلا الله ولا معز إلا الله ، ولا مذل إلا الله ، ولا مسعد إلا الله ، ولا مشقي إلا الله ، هذا هو التوحيد ، التوحيد ألا ترى مع الله أحداً ، التوحيد أن تعلم علم اليقين أن مصيرك بيد الله ، وأنك في قبضة الله ، وفي أية ثانية أنت في قبضته ، التوحيد ألا ترى مع الله أحدا ، التوحيد أن ترى أن يد الله تعمل وحدها .
﴿ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى ﴾
( سورة الأنفال الآية : 17 )
أيها الإخوة ،
﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ ﴾
التوفيق والسعادة والنجاة في طاعة الله تعالى :
أي أطيعوه ، وكل السعادة في طاعته ، كل السلامة في طاعته ، كل التوفيق في طاعته ، كل النجاح في طاعته ، كل التفوق في طاعته .
﴿ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾
( سورة الأحزاب )
مستحيل وألف ألف مستحيل أن تطيعه وتخسر ، ومستحيل وألف ألف مستحيل أن تعصيه وتربح .
مرة دخلت جامعا في محافظة ، والله رأيت لوحة بحجم فلكي كبير ، كتبت عليها آية قرآنية ، حينما تقرؤها تشعر بخدر في جسمك .
﴿ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ﴾
( سورة الفتح الآية : 10 )
مهما رأيت يداً قوية تخاف منها فاعلم علم اليقين أن يد الله فوقها .
للتقريب : وحوش كاسرة ، جائعة ، مفترسة أنيابها حادة ، وأنت ضعيف ، إلا أن هذه الوحوش مربوطة بأزمة محكمة بيد جهة عادلة ، رحيمة ، منصفة ، حكيمة تحبك ، هل تخاف منها ؟ تخاف منها إذا اقتضت حكمتها أن ترخي أحد الأزمّة ، فالوحش المربوط بهذا الزمام يصل إليك ، أما إذا كنت تتحرك وفق مشيئة هذه الجهة هي بعيدة عنك ، هذا هو الدين .
والله الذي لا إله إلا هو أكاد ألخص مشكلات المسلمين بمثل بسيط : المسلمون انحرفوا ، وتفلتوا من منهج الله ، لم يطبقوا سنة رسول الله ، هان أمر الله عليهم فقيض الله لهم قوة جبارة ، ليس في الإمكان إزاحتها ، إلا بحالة واحدة ؛ أن يعودوا إلى استقامتهم ، فتنزاح من تلقاء نفسها ، هذا ملخص الملخص .
﴿ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ ﴾
( سورة الأنفال الآية : 19 )
فالعبادة هي الطاعة ، والتوحيد هو الدين ، والدين كله توحيد وعبادة .
﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ ﴾
قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ
إما أن البينة هي سيدنا شعيب ، ببيانه ، وحججه ، وفي الأعم الأغلب ومعه معجزة ، هي خرق للعادات ، وللنواميس تؤكد ، أن
أن الله سبحانه وتعالى هو الذي أرسله .
﴿ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ .
دائماً عندنا عقيدة ، ومنهج ، ينبغي أن تعتقد أن الله موجود وكامل ، وواحد ، وأسماءه حسنى ، وصفاته فضلى ، وأن هناك قضاءً وقدراً ، وأن هناك ملائكة وهناك كتباً ، وهناك أنبياء ، ومرسلين ، هذه عقائد ، لا تكذب هو منهج ، أقم الصلاة هو منهج ، آتي الزكاة هو منهج ، لا تغتب أحداً هو منهج ، فهناك عقائد ، و منهج ، فأنت بالكون تعرفه ، وبالشرع تعبده
الآن المنهج :
﴿ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ ﴾
عقيدة :
فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ
﴿ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ﴾
منهج .
آتي بمثل : أنت بحاجة إلى غرة نوم ، مثلاً بحاجة إلى سرير واحد ، رأيت غرفة نوم بسريرين ، هو مصنّع ، قلت له : أريد سريرا واحدًا ، الغرفة ثمنها 150 ألفًا ، قال لك : أخصم لك ألفين ، هو نفسه ، لو جئته بعد عام الغرفة فيها سرير واحد ، قلت له : أريد سريرين ، قال لك : فيها زيادة 25 ألفًا ، لماذا بالحسم ألفان ؟ و بالإضافة 25 ألفًا ؟ هذا بخس .
كل شيء تعرضه ما له قيمة ، كل شيء تطلبه غال جداً ، الباعة يبخسون الناس أشياءهم .
مرة حدثني أخ بينه وبين صديقه سيارة ، يريدان التصفية ، التخاصص ، ذهبا إلى تاجر للسيارات أعطاهم سعرًا شرائه لها أربعين ألفًا ، ذهبا ليشتريا مثلها فطلبوا 80 ألفًا ، من نفس المستوى تماماً ، العرض 40 ، الشراء 80 ، هذا بخس ، وش ، والله الذي لا إله إلا هو هناك أنواع من الغش لا يعلمها إلا الله ، كل شيء إذا عرضته يدفع لك ثمن بخس ، فإذا طلبته تدفع الثمن الفاحش .
إذاً : ليس هناك إنصاف ، وأقول لكم من أعماق أعماقي : دينك ليس هنا ، دينك في محلك التجاري ، في عملك ، إذا أحب أن يستلم قماش كيلاً يشد القماش حتى يتمزق ، وأما إذا أحب أن يشتري القماش يشكله بخط منحنٍ عنده ، الشراء خط منحني ، أما في البيع كاد القماش يتمزق من شدة الشد ، هذا بخس .
أحيانًا يبيعك حاجة غالية جداً كالهيل ، بورق ثقيل جداً مع نشاء ، صار ثمن الكيس أضعافًا مضاعفة ، أحياناً عبوة الفاكهة خشب ، يكون سعره الكيلو مئة ليرة ، 4 كيلو 400 ليرة دفع ، 400 ليرة ثمن العبوة هي ثمنها 20 ليرة العبوة خشب منقوع بالماء ، وثقيل ، أنواع الغش لا تعد ولا تحصى ، يبدو أن الإنسان يبخس الناس أشياءهم ، يتلاعب بالسعر ، بالمواصفات يأتي بقماش من بلد متخلف جداً ، يضع عليه شريطًا ذهبيًا بالمكواة ، يصبح مصنوعًا في أرقى بلد في أوربا ، يبيع القماش بثلاثة أضعاف ، هو يبخس الناس أموالهم ، وإذا اشترى يبخسهم أشياءهم .
لذلك في سياق سور جزء عمّ ، في سياق الجزء الثلاثين ، كل السور تبدأ بالقسَم :
﴿ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ﴾
( سورة الشمس )
﴿ وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ ﴾
( سورة الفجر )
إلا في سورة قد يظن أنها مقحمة إقحامًا :
﴿ وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ ﴾
( سورة المطففين )
على خلاف السياق كله ، قال علماء التفسير : إذا كان التطفيف في البيع والشراء يسبب الهلاك ، فكيف التطفيف في الإيمان بالله ؟
وصدقوا أيها الإخوة ، دينكم ليس في المسجد ، دينكم في المحل التجاري ، في الصيدلية يمكن أن تبيع دواء انتهى مفعوله ؟ جاء طفل يشتريه فيحك التاريخ بالشفرة ، ثمنه 800 ليرة ، أنا أرى أنك إن فعلت هذا ألغيت عباداتك كلها ، حينما تحتال ، وتغش في الوزن ، والكيل والمساحة ، والعدد ، والنوعية ، والمواصفات ، ومنشأ البضاعة ، أنواع الغش لا تعد ولا تحصى ، أحيانًا الـ200 الغرام بالمطعم 150 ، وأحياناً اللحم بحسب ما اشتريته هو من نوع آخر ، غش مرتين ، مرة بالوزن ، مرة بالنوع ، ما دام الإنسان هكذا ليعتقد اعتقاداً جازماً أن الطريق إلى الله ليس سالكاً ، وألغى عباداته .
﴿ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ﴾ .
وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا
أحياناً الماء يفسد ، أنا عشت في هذه البلدة ، وأعلم علم اليقين كان الناس يشربون من ماء نهر يزيد ، كان الورع بحيث يخاف أي إنسان أن يلقي فيه شيئاً ، الآن مياه نهر يزيد سوداء ، إفساد الماء إفساد ، إفساد الهواء إفساد ، مادة مسرطنة إفساد ، هناك هرمون نباتي مسرطن إفساد ، هناك مواد حافظة مسرطنة ، توضع بكميات مضاعفة ، مسموح أن تضع 3 بالألف ، لكن يضعون 6 بالألف ، وهو مسرطن ، حينما ترى أن هناك إلهاً عظيماً سيحاسبك لا تفعل مثل هذا .
صدقوا أيها الإخوة ، هناك مواد غذائية تضاف لها مواد كيماوية مسرطنة ، يفتح لونها ، تزداد بياضاً ، يرتفع سعرها على حساب صحة الناس ، هناك أدوية زراعية جهازية مسرطنة تُشترى تهريباً من أجل أن يبتعد الدبور عن العنب ، هذا الدواء ممنوع استيراده ، ممنوع بيعه ، يدخل تهريباً ، ويرش به العنب ، فالدبور لا يقترب إطلاقاً ، لكن الناس يموتون ، الذي يفكر بغش المسلمين أو غير المسلمين بكل بساطة فقد ألغى عباداته كلها ، وألغى صلاته ، وألغى صيامه ، وألغى حجه ، و ألغى زكاته ، وهو مسلم !!!
أحياناً هناك شيء تبيعه مؤذٍ ، لكن له عمولة عالية ، وهناك شيء تبيعه غير مؤذٍ ، لكن بلا عمولة ، حينما تختار الشيء الذي له عمولة ، وتؤذي به إنساناً عبداً لله ، فأنت بهذا قد خنت الأمانة ، وألغيت عباداتك كلها ، هذا إيمانك ، فدينك ليس في المسجد ، في محلك التجاري ، في المواد التي تقدمها للناس .
الموظف في مطعم مصاب بالتهاب كبد وبائي ، ودخل إلى الحمام ، وما غسل يديه جيداً قد ينقل هذا المرض الخطير العضال المميت إلى 300 آكل .
لذلك الآن :
﴿ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ .
ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ
فالعبارة : الدين سلوك ، الدين معاملة ، الدين انضباط ، الدين صدق ، الدين أمانة الدين ورع ، الدين إنصاف ، الدين نصيحة ، الدين استقامة ، هذا الدين ، فإن لم تكن كذلك ولا أبالغ وسامحوني مجيئك للمسجد لا يقدم ولا يؤخر .
كنت في ألمانيا موظف كبير في السفارة ، قال لي : كنت في الشام ، وأنا ركبت سيارة أجرة ، وسائق السيارة يستمع إلى درسك ، قلت له : شيء جميل ، قال لي : قدمت له مئة ليرة أخذها كلها ، أنا قلت له : أغلق الإذاعة أحسن ، إذا كان هذا هو السلوك أغلق الإذاعة .
إذا لم يكن الإنسان مستقيما فلا ينضم للمؤمنين إطلاقاً ، يقوم بحركات وسكانات اسمها الصلاة ، يقوم برحلة اسمها الحج ، يقوم بنظام غذائي صارم اسمه الصيام ، وهذا إذا ما استقمت .
والله أيها الإخوة ، كلمة من القلب إلى القلب ، أنواع الغش المتاحة للناس .
أيها الإخوة ،
﴿ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ ﴾
كلمة أشياء عامة جداً ، أي شيء حتى لو كان معنويًا .
أحياناً يكون البيت المراد بيعُه في الطابق الخامس ، حتى يقنعَ الوسيطُ الإنسانَ بشرائه يصعد معه ، عند كل طابق يقف معه دقيقتين ، يقص عليه قصة ليرتاح ، في كل طابق وقفة ، يصل إلى فوق مرتاحًا .
أقسم لي بالله وسيط عقاري ، قال له : أريد البيت اتجاه القبلة ، قال له : سنصلي العشاء ، صلى باتجاه الشمال حتى أقنع هذا الإنسان أن هذا البيت باتجاه الجنوب ، هناك غش لا يعلمه إلا الله ، وأساليب الغش والله يحار لفهمها الناس ، وهو يصلي في الجامع ، هذه الصلاة لا قيمة لها ، هذه الصلاة التي ليس قبلها استقامة لا شأن لها إطلاقاً .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال :
(( أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ ؟ قَالُوا : الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ فَقَالَ : إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا ، وَقَذَفَ هَذَا ، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا ، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا ، وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى ، هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ ، فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ )) .
[ مسلم ]
يقول لك : أنا أخذت الزيتون وعصرته أمامي ، يكون مستودع للزيت النباتي على السقيفة ، فيعصره نصف عصرة ، ويفتح المفتاح قليلاً ، ويأخذ زيته نصفه نباتي ، يقول لك : أنا وقفت أمامه ، لا مجال أن يكذب عليّ .
ألوان الغش لا يعلمها إلا الله ، وهذا المال الذي يأتي من الغش يدمره الله عز وجل ، الله عنده أساليب لتدمير المال لا يعلمها إلا هو .
أيها الإخوة ، الذي أتمناه في الدرس ، أنت مسلم تصلي يجب أن تكون مستقيماً استقامة تامة .
حدثني أخ يعمل بلف المحركات ، قال : يأتيني محرك قبل أن أعرف الله ، ما فيه شيء ، فيه شريط خارجي مقطوع ألحمه في ثانية ، الأجرة خمسة آلاف ، يأتي بعد يومين يشغله حسب الشرط 5000 ، يأخذها ، قال لي : بعدما عرفت الله ، أطلب منه 25 ليرة ، الشرط خمسة آلاف ، ما فيها شيء ، فيها شريط خارجي مقطوع ولحمته .
لما تعرف الله تستقيم استقامة تامة ، لما تعرفه يحاسبك ، لما تعرف صحتك بيده .
والله مرة حدثني أخ قال لي : جاء إنسان معه سيارة جديدة ، كان بدولة خليجية فيها مشكلة ، الذي رآه ذكي ، عرف أنه لا يعلم شيئاً في مكانيك السيارة ، أعطاه وصفًا يكلف عشرة آلاف ، وإصلاحها يحتاج إلى دقيقة واحدة ، كم يوما ؟ ثلاث أيام ، جاره من إخواننا ، أخذ السيارة وأخبر أهله ، ذهب إلى منطقة الزبداني أول يوم ، و ثاني يوم إلى طريق المطار ، ثالث يوم على منطقة أخرى ، وفي رابع يوم جاء صاحب السيارة فأعطاه إيّاها ، أخذ عشرة آلاف ، فجاره عاتبه ، قال له : هكذا الشغل ، لكن ابنه دخلت نثرة فولاذ في قرنية عينه بمخرطة ، تكلفه أربعين ألفًا ، بعد جمعتين العملية أجراها في لبنان ، الله كبير .
إياك ، ثم إياك أن تفهم الدين عبادات شعائرية ، الدين استقامة ، الدين بحقلك الزراعي ، الدين بمكتبك التجاري ، الدين بمكتب المحاماة ، الدين بالمكتب الهندسي ، الدين بالعيادة ، الدين بالدكان .
وقعت فأرة في علبة الزيت ، تباع ثاني يوم بيعًا عاديًا ، تُنزَع بالملقط ، ويباع الزيت ، والمؤمن مستحيل أن يبيعها ، وإذا ما راقبت الله عز وجل بينك وبينه لا تصح صلاتك ، لان حجابا بينك وبين الله .
توسعت في هذا الموضوع ، لأن العالم الآن يعاني من الغش بشيء لا يصدق ، في بخس لأموال الناس ، إذا أعطيت مادة سيئة بسعر مرتفع فأنت بخست الناس أموالهم .
﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ ﴾
بضاعتهم ، على ألبستهم ، أي شيء .
﴿ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾
خاتمة :
إذا كنتم مؤمنين فهناك إله يعلم ما تفعلونه ، وسيحاسب ، وسيعاقب ، فالأولى أن تستقيم ، الأولى أن تنجو من الله باستقامتك ، إذا كنت مؤمنًا أن هناك حسابًا :
﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾
( سورة الحجر )
ينبغي أن تستقيم .
حينما تؤمن أنه :
﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾
( سورة الزلزلة )
ينبغي أن تستقيم ، وحينما تؤمن أن لكل سيئة عقابًا ، ولكل حسنة ثوابًا ينبغي أن تستقيم ، وحينما تؤمن أنه مستحيل وألف ألف مستحيل أن تعصيه وتربح ، ومستحيل وألف ألف مستحيل أن تطيعه وتخسر ينبغي أن تستقيم .
﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ .
والحمد لله رب العالمين
http://nabulsi.com/text/03quran/1friday/007aaraf/21-30aaraf/aaraf29.doc