نعيش هذه الحلقة من صناعة العلماء مع قضية من أخطر القضايا التي تتعلق بالأمانة العلمية في العلوم الحياتية، وهي السرقات العلمية، حيث يستعرض الدكتور راغب السرجاني بعض نماذج من الأمانة العلمية في الحضارة الإسلامية وأخرى من السرقات الأوروبية لإنجازات علماء المسلمين في العلوم الحياتية
د. صلاح : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيد الأولين و الاخرين سيدنا محمد اللهم صلي و سلم و بارك عليه و على آله و التابعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ثم اما بعد :
مرحباً بكم مشاهدبنا الكرام
حيا الله هذه الأوقات الطيبة التي نقضيها معاً في صناعة العلماء عسى ان نكون بإذن الله مشاركين في نهضة الأمة و استعادة مكانتها الحضارية من خلال صناعة هؤلاء الأفذاذ هؤلاء الرواحل فالناس كما يقول النبي صلى الله عليه و سلم :
(( إنما الناس كالإبل المائة ، لا تكاد تجد فيها راحلة ))
الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6498
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
و نحن نبحث عن الرواحل لنعدها معاً و قد تكون هذه الراحلة من بيتك و أبنائك و من صلبك فتلقى الله تبارك و تعالى يوم أن نلقاه و يكون لنا هذا الأجر الكبير المزدوج ولد صالح يدعو له و علم ينتفع به و صدقة جارية ربما هذا الإبن الّذي أنفقت عليه أو طالب العلم الّذي أنفقت عليه يمكن أن يجمع كل ذلك نحن كنا قد تناولنا محوراً جديداً و هو أخلاق العلماء و بدأنا بخلق الإخلاص و بينا بعضاً من جوانب الألم و وضعنا بعضاً من جوانب الأمل و وسائل عملية كيف يكون الإنسان مخلصاً و اليوم نأتي إلى تعميق أكثر للقضية التي طرحناها في الحلقة الماضية و هي قضية الأمانة لدى العلماء الحقيقة يا دكتور أننا يا دكتور في المرة الفائتة تكلمنا عن الجانب الشرعي و علماء الشريعة و باعتبارك رجل أحسبك و لا أزكي على الله أحداً و أعتبرك من خيرة العلماء في العلوم الحياتية الطبية و طبعاً الكثير من المشاهدين لا يعرفون أن الدكتور راغب السرجاني هو أستاذ دكتور في كلية الطب كلية القصر العيني و هو جراح متميز بفضل الله تعالى هذه ليست دعاية لعيادته . . . إنما هو الآن يعرف في الأمة بالأستاذ في التاريخ و الحضارة الإسلامية و وصل فيها مبلغاً كبيراً جداً و مؤلفاته و كتبه نهنئه على حصوله على الجائزة الأولى في مصر عن أفضل عالم كتب في الفكر الإسلامي فحصل على هذه الجائزة في هذا العام نحن نريد إطلالة على جوانب الألم في خيانات الأمانات في العلوم الحياتية ثمّ جوانب الأمل
د. راغب : ما رأبك أن نأخذ الأمل أولاً
د. صلاح : خذها و لا تخف
د. راغب : بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله أما بعد :
الحقيقة لما أنظر في كتب السابقين من العلماء الأفذاذ كما ذكرتم من علماء الإسلام في الطب و الهندسة و الميكانيكا و ألحظ الأمانة العلمية الشديدة عندما ينقل قولاً قاله معلمه و لو لم يكن معلماً مباشراً أي هو معلم عن طريق الكتب القديمة له فيذكره في كتابه و عامة القراء لا يعرفون الأمر و قد يدق على أفهامهم لأن هذا العالم لم يكن هناك كتبه مطبوعة و لا انترنت و لا كمبيوتر فهو يقرأ في كتاب معين قد لا يتوفر في الأرض بكاملها نسخة او اثنتين كلها فالقارئ يقرأ الكتاب و من الممكن ان ينسب كل ما في الكتاب لنفسه لكن هو يذكر بمنتهى الأمانة قول العالم في كتابه و ينسب إليه فعلاً أو أداءاً معيناً أو طريقة معينة في العلاج إن كان طبيباً و صناعة جهاز إن كان مهندساً و يكمل آراؤه و يقو ل هذا رأيي و هذا رأيه و إن كان رأيه يقول أنا لم آخذ هذا الرأي من بنات أفكاري بل من فلان و فلان .
و وصلت أمانة العلماء إلى أنهم يذكرون هذه الأمانة بمنتهى الوضوح و لو جاءت من غير المسلم و لو جاءت من رجلٍ ليس من أهل الكتاب أصلاً إنما هو رجل مشرك أو وثني من الممكن ان يكون من أمة معادية فأنا أذكر بمنتهى الإجلال ما كان يكتبه أبو بكر الرازي رحمه الله من كبار علماء الطب في كتابه الحاوي و غيره و له قرابة 100 كتاب أشهرهم الحاوي و هو كبير
د. صلاح : يقال أن الطب كان ميتاًفأحياه غاليليوس و كان متفرقاً فجمعه الرازي .
د. راغب : الرازي رحمه الله يذكر غالينوس في كتابه و غالينوس من كبار علماء اليونان و يقول عندما ينسب إليه قولاً يقول عظيم الرومان الغالينوس و يذكره بهذه الصفة أنه عظيم أو يقول عظيم الطب أو أبو الطب أبو قراط فينسب إليه الصفة التي تعظم من شانه و لو عارضه بعد ذلك و يقول أنه من الممكن أن نآخذ أقوال مشاهير العلماء بمنتهى الإجلال و لكن أقدم التجربة على رأي مشاهير العلماء فغالينوس قال رأياً و التجربة قالت بخلافه فهو يقول لكن لا تنسوا أن العلماء قالوا بكذا و له قدر معين لكن أنا أذكر أن الرأي الأصوب بعد الدراسة و التحليل هو كذا لكن لا أنقص أبداً من قدره .
أولاد موسى بن شاكر و هم أريد الأخوة و الأخوات أن يعرفوا عنهم فهم من علامات الحضارة الإسلامية موسى بن شاكر كان عالماً من علماء الإسلام في الرياضيات أثناء خلافة المأمون العباسي المشهور و أولاده الثلاثة علماء كل منهم متخصص في مجال
أحدهم الفلك
و الآخر و الهندسة
و الثالث علوم الميكانيكا
الثلاثة قاموا بفريق عملTeam Work اول فريق عمل علمي في العالم و كتبوا كتاب إسمه (( الحيل)) و هذا الكتاب كان منشأ علم الميكانيكا فقبل الإسلام لم يكن لذلك العلم وجود فالمسلمون هم من ابتكروا هذا العلم و كان منشؤه هؤلاء العلماء الثلاثة رحمهم الله و كتبوا هذا الكتاب بصيغة الجماعة (( اكتشفنا و ابتكرنا و صممنا و رسمنا و جربنا . . . )) كله بصيغة الجماعة من أوله إلى آخره و فيه أكثر من 80 اختراع و ابتكار إسلامي صرف و حولوا فعلاً الكثير من القواعد النظرية إلى أمور عملية يستفيد بها عامة الناس ، و اللافت للنظر في مقدمة هذا الكتاب أنهم كتبوا أنه كل ما ذكرناه في هذا الكتاب هو من ابتكارنا و اختراعنا و عملنا و كدنا إلا ما ذكرناه في قضية محيط الدائرة فقد أخذناه من إقليدس اليوناني
و ما قلناه في قضية الكسر أخذناه من مانالاوس اليوناني و غيره . . . و حتى في كتاب كبير فيه الكثير من الاختراعات و الإضافات لا يوجد فيه إلا قضيتين من أحد مختلف ذكروا هاتين القضيتين و عينوهما كي لا يظن أن الموضوع بسيط بالقياس إلى الكثير الّذي ذكرتموه لكن طالما إقليدس أو مانلاوس هو من قال هذا الكلام فلا بد من ان أنسب الفضل إليهم .
د. صلاح : مالّذي أدى إلى ظاهرة “ الهبش العلمي “
د. راغب : . . . أصل الهبش العلمي . . . العلماء المسلمون كانوا على هذه الصورة البهية النقية في كتاباتهم سواء كانوا من علماء الشرع و ذكرنا الكثير من الأمثلة في الحلقة السابقة و الأمثلة كثيرة و لا تحصى في هذا الجانب و ذكرنا الرازي في الطب و أولاد موسى بن شاكر في الهندسة و الميكانيكا و غيرهم من العلماء و الإدريسي كتابه حفل بكلمة بطليموس الذي هو من كبار علماء الجغرافيا اليونان ، سواء كانوا علماء الحياة في كل الفروع .
حصل سرقات مهولة لتراثنا الإسلامي و نسبت إلى غيرنا من الغربيين فالغربيون في العصور الوسطى في أوربا لم يكن لديهم لا علم و لا دراية في هذه الأمور فاطلعوا على كتاب المسلمين و درسوها و ما عندنا مانع من أن يطلع العالم علم غيره من بلد أخرى و يأخذ العلم و يتدارسه لكن ينسبه لصاحبه ، فعلى مدار 3 أو 4 قرون كانت الدورة الدموية الصغرى تنسب إلى شخص إسباني اسمه سرفيتوس و سرفيتوس هذا كان لغزاً كبيراً جداً لدى علماء العالم لأن الإسباني هذا كان قسيساً و ليس عالم طب في الرئة و هي دورة دقيقة تحتاج إلى تشريح و دراسة دقيقة لكن العالم كله كان يعرف أن سرفيتوس كتب مخطوطة كبيرة و هامة جداً تتكلم عن الدورة الدموية الصغرى و لم يكن هناك مخطوطات قبلها فهو مكتشف الدورة الدموية الصغرى و خاصة أنه يتكلم عن اكتشافه هذا الّذي قدمه إلى العالم و هذا إلــــــــــــــــى سنة 1924 أكلمك عن أمر قريب للغاية منذ أقل من 100 سنة أحد العلماء المصريين اسمه الدكتور محي الدين ططاوي أخذ بعثةً في ألمانيا و ذهب في بعثته في أمراض الصدر و درس الدورة الدموية الصغرى لسرفيتوس و هو يعرف أن سرفيتوس مكتشف الدورة الدموية كما يعرف العالم و كما هو في كتب التأريخ الأوربية الحديثة فدرس ماقاله سرفيتوس و غيره ثم عنّ له أن يذهب إلى مكتبة برلين ليقرأ بعض المخطوطات و كنا قلنا أن المكتبات الأوربية تزخر بالمخطوطات الإسلامية اكثر من المسلمين سرقوها و ضعوها في مكتاتهم و حرموا المسلمين منها فذهب محي الدين ططاوي و سبحان الله أراد الله عز و جل أن يضع امام عينيه مخطوطة عربية لابن النفيس فقرأ مخطوطة ابن النفيس فاكتشف أمراً غريباً جداً هو الذي يقول به سرفيتوس قبل 300 سنة لا بل حتى 500 سنة فالترجمة التي ترجمها سرفيتوس هي ال 300 سنة و كلام إبن النفيس هو نفس الكلام الذي قاله سرفيتوس و هذا أمر غريب فقال أن هذا الكلام ليس إلا ترجمة حرفية لما قاله ابن النفيس ، فبدأ يبحث و يدور فوجد مخطوطة أخرى بالإيطالية لشخص إسمه إلباغو هذا ترجم كلام إبن النفيس إلى اللاتينية و نسب إلى ابن النفيس كان اميناً و نذكر أن كثيراً من العلماء الغربيين لديهم الأمانة و نقل الحقيقة و نسبتها إلى قائليها فإلباغو كان من الأمناء الإيطاليين ذكرها و نسبها إلى بن النفيس اللص و نسبها إلى نفسه و هو ليس بعالم و لا عالم دين و لا عالم طب .
المهم وجد محي الدين ططاوي هذه الحقيقة فذهل الرجل محي الدين و ذهب إلى مشرفه الألماني
فقال هذا مستحيل كل الناس تعرف
فقال لا هذه المخطوطة و هذه المخطوطة
هذا المشرف الألماني كان لديه امانة و قال إذاً نذهب إلى من يحقق الأمر ممن يفهم العربية و يفهم الألماني و يقارن الترجمة الألمانية لمخطوطة سرفيتوس مع المخطوطة العربية التي تقول أنها أصل هذه الترجمة
فذهبوا إلى ألماني مستشرق إسمه مايل روف يعيش في القاهرة يعرف اللغة العربية فأرسلوا له المخطوطة و أنا أحيي في هذا المشرف الألماني الذي اهتم بالقضية حيث نقل القضية إلى مايل روف في القاهرة و بدأ يراجع المخطوطتين فقال كلمته : (( هذه المخطوطة ما هي إلا ترجمة حرفية دون كلمة واحدة زائدة عنها عما فاله إبن النفيس )) و بذلك يكون ابن النفيس هو مكتشف الدورة الدموية الصغرى و أعلن في هذه السنة رد الحق إلى أهله و رد الفضل إلى أصحابه الصغرى قبل سرفيتوس الذي هو ليس إلا لصاً إسبانياً احتال حتى سرق علم غيره و نسبه إلى نفيه و اتصلوا بعد ذلك بالمؤرخ البلجيكي المشهور جورج سارتون الّذي كتب قصة العلم في 6 مجلدات ذكر فيها قصة العلم و الابتكارات و الاختراعات و نسبتها إلى أهلها و قالوا له أنه لديك في كتابك أن سرفيتوس هو من اكتشف الدورة الدموية الصغرى و الصواب هو كذا و استجاب جورج سارتون في الطبعة الثانية من كتاب (قصة العلم ) و ذكر أن سرفيتوس ليس هو المكتشف و الأمر كان سرقة من ابن النفيس هذا امر اكتشفه محي الدين ططاوي رحمه الله و أقول عن طريق ان ربنا هداه لنكشف الحق فقرأ في مكتبة برلين من آلاف المخطوطات الموجودة و لم يقرؤها أحد فكم من العلوم سرقت من المسلمين و نسبت إلى غيرهم الله أعلم بحجمها لكن هناك معلومات راسخة في علوم الناس أنها لفلان أو فلان و هي أصلاً للعلماء المسلمين الّذين قاموا بها و اكتشفوها ، من أشهر الأشياء قوانين الحركة الأول و الثاني و الثالث إسحاق نيوتن مشهور درسناها في كل كتبنا و لما درسنا في كتب المسلمين تجد أن ابن سينا صاحب قانون الحركة الأول و الثاني و هبة الله بن ملكة صاحب قانون الحركة الثالث لإسحاق نيوتن هنا لا دليل أن إسحاق نيوتن ترجم هذه الأمور لكن على الأقل لو كان الأمر بالسبق فهم سبقوا إسحاق نيوتن على الأقل بخمسمائة سنة فلا بد أن ينسب الحق لأهله و حدث و لا حرج في مثل هذه العلوم يعني الكثير و الكثير و الكثير من العلوم التي نسبت إلى علماء الغرب هي في الأصل علوم إسلامية .
د. صلاح :
(( وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ))
( آل عمران / 75 )
هذا المعنى الّذي ربنا سبحانه و تعالى يقول ليس كل هؤلاء الغربيين ليسوا جميعاً خائنين للأمانة و كما رأينا هؤلاء العلماء الألمان و غيرهم استجابوا للبحث العلمي الرصين و السليم و أذكر الدكتورة تغريد هونكه ذكرت في كتابها (( شمس الله تشرق على الغرب )) و كتابها (( الله ليس كذلك )) صور عديدة جداً من السرقات التي تمت تحت علم الكنيسة هذا أمرٌ مخجل أن تدخل الكنيسة فالأصل أن الكنيسة لو وجدت أن الناس يخونون الأمانات أن تقول لهم لا فيجب أن توقفهم ، فالكنيسة فترة طويلة تقتل العلماء و تحرق العلماء و تسجن العلماء الّذين يكتشفون أمراً جديداً على أساس أن الإنجيل قد حوى كل شيء ثم صارت تمارس هي فيما بعد قضية سرقات بالجملة لأبحاث علمية رصينة و كثيرة جداً فذكرت الدكتورة تغريد هونكه أو زغريد هونكه أمثلةً كثيرةً من هذا القبيل .
الحقيقة يا دكتور راغب هل في واقعنا المعاصر و بالذات في قضايا الترقيات و الحصول على الماجستير و الدكتوراه هناك ما يمكن أن أسميه فضائح بالجملة الحقيقة بعض هؤلاء الّذين يأتون من الخارج و يدفعون أموالاً ليس هذا فقط بل في أمريكا بعض الناس يأتون من الدول الثرية و يبحث عن من هم من ماليزيا أو آخر من بنغلاديش و ظروفه المادية صعبة و يقول له أدخل مكاني في الامتحان فالناس هناك كما تعلم لا يسألون الشخص أين بطاقتك و هو يدخل فالأمانة خلق أساسي موجود في التعامل كما تعلم فإن سألت أحدهم هل في هذا الشيء عيب تقول هذا الأمر فيه عيب هذا لديهم حقيقةً فكانوا يدخلون بعض الإداريين في الجامعات في هذا الخلل الرهيب جداً نعم .
في بلادنا العربية هذه المسألة مشهورة أن يأتي أحد الأثرياء و يأتي إلى بلدٍ فيه جامعات و طلاب و باحثين يقول اكتب لي هذا البحث و لك المبلغ الفلاني يكتب بحث الماجستر و يوم المناقشة تكون المهزأة يقول المشرف أنت قلت في المكان الفلاني هو لا قال و لا يعرف مالموجود فيها يكون أمراً فظيعاً فضائحياً فعلاً واضحة تماماً الأسوء من هذا . . .
د. راغب : في مكاتب أعرف بعض الناس يعملون في هذا الموضوع هناك مكاتب متخصصة في أن تقوم برسائل الماجستير و الدكتوراه للطلبة الّذين لا يريدون أن يقوموا بها فيدفع مبلغاً معيناً و يقول له المحاور و الموضوع كذا و المشرف كذا و المكتب يؤمن له نظير مبلغ معين من المال الرسالة فهذا يتكسب مال و هذا يأخذ الرشالة باسمه و يمر بها الماجستير و الدكتوراه ثم ينطلق إلى العالم بماجستير أو دكتوراه مزيفة في أي تخصص أياً كان و هناك أيضاً المكاتب الهندسية تقوم بمشروع التخرج للطلبة فيذهب إلى مكتب هندسي يعطيه المال و يقوم بالمشروع و يأخذه على أنه هو من رسم هذا المشروع
د. صلاح : هذا الشخص لما يقبل هذا الواضع و هو طالب و على وجه الدنيا لما يتخرج هو الّذي سيخون في كميات الإسمنت و الحديد و تقع الأبنية على أهلها و يأتي أي زلزال محدود جداً يموت الناس بالجملة المباني تقع و المباني القديمة راسخة و التي هي من المفروض أنها تهالكلت و مرت عليها السنين
د. راغب : الفريق في الأمانة
د. صلاح : الأبنية التي تقع مع هزات القليلة الأرضية و من غير هزات أرضية تقع المدارس على الأولاد و هم في المدرسة بعد افتتاح المدرسة بأيام أو جسر بعد ما يفتتح و إذا به يشقق
د. راغب : مشفى كانوا يفتتحون طابقها الرايع و بعدها و الوزير يفتح الطابق الرابع فأثناء الافتتاح سقط السقف عليهم انهار في جزء منه و كان طابق عمليات و تكسرت بعض الآلات و بعض الناس أصيبوا في يوم الافتتاح فاكتشفوا أن المهندسين الاستشاريين القائمين على العمل مع الطاقم الإداري مع المتحكمين بالأموال القصة فيها سرقة 80% من ميزانية الطابق يعني حتى لما يسرق يسرق بغباء . . . يعني الميزانية 5 مليون سرق 4 مليون و يصرف مليون على المبنى حتى في سرقته تجاوز الحدود التي يأخذها أي إنسان حصيف ضاع المبنى و اكتشف الأمر لكن هذا كشف مدى خطورة غياب الأمانة ، كل هؤلاء علماء هذا المهندس عالم و من المفروض انه عالم و هذا الرجل عالم في الإدارة و غيره كذلك و اجتمعوا على خيانة الأمانة فكانت هذه النتيجة و أمثلة لا تحصى و لا تعد في هذا المجال .
د. صلاح : من باب الإنصاف نذكر قصتين قصة مخجلة في الشرق و قصة طيبة في الغرب :
كنت في الطائرة و بجانبي فتاة فتحت الكمبيوتر أخذت تكتب و فجأة تقول OH my GOD و أغلقت الحاسب
سألتها مالأمر
قالت لدي امتحان لمدة ساعتين الأستاذ أعطانا امتحاناً لمدة ساعتين و انتهت الساعتين و لم أكمل الإجابة
قلت لها أنت لا يراكي أحد
قالت : I have to be onus
أنا الأستاذ وثق بي و أعطاني و الامتحان و قال حليه في ساعتين ليس معقولاً أن أحله في ساعتين و دقيقة .
أنا أخذتني الحمية و قلت طلابنا طلاب ماجستير و طلاب ناضجين و يعني فقلت لهم في الامتحان خذ الامتحان و اقرأ إجاباته في أي كتاب من الكتب في هذه المراجع التي درسناها سوياً لكن عندما تجيب فأرجو أنك تغلق الكتاب و الله سبحانه و تعالى يعني كنت كتبت في ورق الأسئلة الله معي الله ناظر إلي الله شاهد علي ، فلا تفتح كتاباً أثناء الإجابة لكن اقرأ كما تريد و أنا ما يهمني طالما تقرأ و تفهم الموضوع لما يعبر . . .
ففوجئت بفضائح حقيقية أرى الطلاب يبدأ العبارة من لدنه يقول إن المؤمنون مثلاً يعني بدأ بما يوحي أنه ضائع و فجأة يقلب الرافعي و مصطفى العقاد أديب !! و هو لا يعلم أن المسائل سهل اكتشافها لأنه أنت بدأت بلغة ركيكة جداً و فجأة تصبح أديباً أمر رهيب جداً ، الحقيقة طالب و طالبة كتبوا الإجابة مثل بعضهم البعض لكن هذا من نوع الغش و الخيانة الذي هو غشيم فعلاً ، فهذه الأمور فيها الكتاب فيها عناوين و العناوين يكون خط سميك و آخر رفيع فهم ينقلون تماماً كالمسطرة يعني طباعة من الكمبيوتر تماماً كما بعضهم البعض يقولون يا دكتور هل يقرأ أحد ، أنا عادتي في الامتحانات اني أجمع الامتحان جلسة واحدة متوالية فاكتشفت الفرق بسرعة أرى من سرق من الآخر و من نقل من الآخر فوجدتهما كبعضهم البعض و هما يقولان لم ننقل من بعضنا البعض
قلت لهما : تاريخ العرب يقول إذا يوجد اثنين قالوا بيتا شعر كبعضهما البعض البيت يكون احدهما لصاً العرب لم يثبت أن اثنين اشتركا في بيت شعر كامل و لا نصف بيت شعر أقصى درجة من درجات الاشتراك بين اثنين في الكتابة في الشعر في غيره لو كمل البيت كما بعضهما البعض يكون أحدهما سرق من الثاني
(( وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ ))
( الروم / 22 )
الله سبحانه و تعالى جعل هذا من آيات الله سبحانه و تعالى البيّنة فقلت لهما أنا رأيت في الطائرة فتاة غير مسلمية و فعلت كذا و كذا أيكون غير المسلم أميناً و لا يكون المسلم الذي يدرس الماجستير و هو في طريقه إلى الدكتوراه !!
ماذا ستفعل إذا عدت إلى مؤسسة و أنت رئيساً لها أنت ستخون المانة لما سيأتيك سيرة ذاتية و أنت تريد موظفين و يتبين لك بكل وضوح ان فلاناً أكفأ من فلان لكن فلان قريب لك او أنه موصى به من أحد أفراد السلطة أو أنه دفع النقود
(( من استعمل رجلا من عصابة، و فيهم من هو أرضى لله منه، فقد خان الله و رسوله و المؤمنين ))
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: السيوطي - المصدر: الجامع الصغير - الصفحة أو الرقم: 8414
خلاصة حكم المحدث: صحيح
يعني المسألة مذهلة جداً تبدا و هو طالب من حالة سرقات علمية و الّذي يسمح لنفسه بالغش و هو طالب هو من سيغش و هو أستاذ و هو الّذي يغش و هو مهندس أو طبيب أو كيميائي و سيغش في كل هذه الأشياء الحقيقة سبحان الله . . . انتهى الوقت
نحن ندعو حقيقةً الآباء و الأمهات و الأساتذة و المعلمين أن يعلموا القيم لتكون الأرض خصبةً لا تأخذ هذه المعلومات فتذيبها في بحر و مستنقع الخيانة اللاأخلاق .
أتعلم القيم يقبل الرسوب و لا الغش
يقبل أن يعارض و لا يقول هذا رأيي
إذا نقل عن أحد أي رأي موافق أو معارض لا بد أن ينسبه إليه
إذا كان هذا على المنابر أو المحاضرات أو في الكتابة العلمية و :
(( إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة . قال : كيف إضاعتها يا رسول الله ؟ قال : إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة ))
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6496
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
كما قال صلى الله عليه و سلم و هؤلاء الأمناء الله سبحانه و تعالى يرفع درجاتهم إلى مصاف الشهداء و الأنبياء و الصالحين .
أسأل الله أن يوفقني و إيكامن لنا يحب و يرضى و أن يجمعنا دائماً على الخير و أشكر أخي الحبيب الدكتور راغب السرجاني على هذ الفيض الرباني الّذي يفيض به علينا ربنا سبحانه و تعالى و أتعلم حقيقة من هذه الحلقات الكثير .
جزاكم الله خيراً
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .