السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
أما بعد...
فمرحبًا بإخواني وأخواتي وأهلي وأحبابي مرحبًا بكم مع "مسك الختام".
الحقيقة النهاردة يوم 22 يعني ليلة 23، يعني النهاردة ليلة وترية، ولعل وعسى يمكن تكون ليلة القدر ربنا يغنمنا، وإياكم ليلة القدر، وما زلنا نذكر أخواتنا وحبايبنا كلهم بالشعار الذي نرفعه في هذا البرنامج وماذا أعدت لها، محتاجين أنه إحنا نعد، ولذلك أنا أذكر لك نماذج من حسن الخاتمة أو من مسك الختام متنوعة جدا ليه؟ عشان أقول لك: هنا استفدنا كذا، وهنا استفدنا كذا وهنا استفدنا كذا وأنتم جمع كل المواضيع دي ها تلاقي نفسك بفضل الله طلعت بمحصلة جميلة جدا من أعمال البر والطاعة والخير التي نتقرب بها إلى الله عز وجل.
أسأل الله -عز وجل- أن يستعملنا، ولا يستبدلنا، ويحسن ختامنا أجمعين، وأن يجعلنا مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين وحسن أولئك رفيقا، ذلك فضل من الله وكفى بالله عليما ..
أخي وحبيبي في الله، وأختي الفاضلة لقاءنا الليلة دي مع لقاء خاص جدا جدا مع شيخ الإسلام "عبد الله بن المبارك".
هذا الرجل عندما يذكر أشعر في نفسي بضآلة عجيبة جدًا، أشعر وكأني نملة تقف بجوار جبل، رجل كان شامخًا في العبادة، في الجهاد في سبيل الله، تجده في البذل والعطاء، قمة في الجود والبذل والعطاء، في مواقف الطاعة والبكاء والخشية قمة .. في كل الأشياء تجده قمة ..
كيف كان مسك الختام لعبد الله بن المبارك؟
مات عبد الله بن المبارك (رضي الله عنه وأرضاه) في العاشر من رمضان، وهو راجع من الجهاد، ومن الغزو في سبيل الله، لما حضرته السكرات، قال لمولاه نصر، قال له: يا نصر ضع خدي على التراب فبكى نصر، فقال عبد الله بن المبارك ما يبكيك؟ قال: أبكي يا سيدي على ما كنت فيه من الثراء، ومن النعيم، وأنت اليوم تموت وحيدًا فقيرًا .. فقال: اسكت يا نصر، فوالله إني سألت الله -عز وجل- أن يحييني حياة السعداء، وأن يميتني ميتة الفقراء، ثم شخص بعينه إلى السماء وقال: { لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلْ الْعَامِلُونَ }..
لمثل هذا فليعمل العاملون، نعم .. أرأيتم الختام، كأن عبد الله بن المبارك شاف أمامه الجنة، كأنه شاف أمامه خير كبير قوي، كأنه شاف الملائكة وهي نازلة تحمل روحه، فقال: الحمد لله إني عملت الخير ده كله، يا جماعة يا مسلمين اعملوا العمل اللي أنا عملته عشان تشوفوا الخير اللي أنا شايفه دلوقت .. لمثل هذا الموقف الجليل الجميل وتلك الخاتمة السعيدة، ومسك الختام فليعمل العاملون.
عبد الله بن المبارك كان ثمرة من ثمرات المراقبة، أتعرفون قصة عبد الله بن المبارك، أتعرفون قصة والده .. وكيف جاء عبد الله بن المبارك؟
كان والد عبد الله بن المبارك اللي هو اسمه المبارك كان عبد عند سيده، وكان سيده رجل غني جدا، ويملك مزارع، وبساتين، وحاجات زي كده، في يوم من الأيام طلب من المبارك أن يروح البستان في مكان ما ويراعيه، فأرسله إلى هناك مدة 4 شهور، وفي يوم من الأيام سيده راح هناك إلى البستان ليطمئن على أحوال البستان، وكان معه مجموعة من الضيوف، فلما وصل إلى البستان فقال للمبارك يا مبارك ائتني ببعض العنب وبعض الرمان، فجاءه ببعض الرمان الحامض والعنب المر، فتعجب هذا الرجل، قال: يا مبارك ألا تعلم الحلو من الحامض؟ قلت: يا سيدي والله ما أرسلتني لأكله، وإنما أرستلني لأحفظه، فتعجب وقال: يا مبارك ألم تذق شيئًا من هذا البستان؟ قال: والذي بعث محمدًا بالحق ما ذقت شيئًا من البستان منذ قدمت من أربعة أشهر، رجل شعر أن الكلام ممكن يكون فيه مبالغة .. اليوم اللي شغال في محل ممكن يبيع نصف الأكل، ويأكل النصف الآخر، ويقول لك: طباخ السم لازم يذوقه، المثل العجيب ده .. فالمهم راح سأل الجيران، وقال لهم: ألم تروا المبارك هذا يأكل من البستان .. قالوا له: أبدا أربعة شهور ما ذاق شيئًا من البستان، فالرجل عرف أنه أمام إنسان ورع، وتقي لدرجة لا تتخيلها، فقال: يا مبارك تعلم أني لا أمتلك إلا بنتًا واحدة، وقد تقدم للزواج منها فلان وفلان وفلان وسمى أناسًا من علية القوم، فيا ترى لمن أزوجها يا مبارك؟ فقال له مبارك .. شوف الكلام الغالي .. قال: يا سيدي إن اليهود كانوا يزوجون من أجل المال، وإن النصارى كانوا يزوجون من أجل الجمال، وإن العرب كانوا يزوجون من أجل الحسب والنسب، وإن محمدًا وأصحابه كانوا يزوجون من أجل الخلق والدين، فمن أي الفرق أنت فزوج ابنتك، فقال: أنا من فريق النبي وأصحابه، ولن أزوج ابنتك إلا للخلق، والدين وما وجدت إنسانًا على وجه الأرض على خلق ودين مثلك يا مبارك، فلقد أعتقتك لوجه الله وزوجتك ابنتي، فتزوجها المبارك .. فلما عف المبارك عن رمانة واحدة ساق الله له البستان وصاحبة البستان، فتزوجها فأنجبت له ابن مباركًا سماه عبد الله بن المبارك .. اللي هو شيخ الإسلام (رحمه الله) رحمة واسعة.
عبد الله بن المبارك كان قمة في العبادة، وقمة في الزهد، قمة، في قيام ليل تجده، في الصدارة، في الصيام تجده في الصدارة، في الجهاد في سبيل الله، كان ما شاء الله قمة في كل شيء، علمًا من الأعلام، كان عالمًا كبيرًا جدا .. عالم جليل لا يشق له غبار، تجده في العبادة في العلم، في الدعوة إلى الله في الإنفاق في البذل في العطاء كان يتاجر، وهو مش عايز يتاجر أصلا، كان يتاجر من أن ينفق على الأئمة الكبار، سفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وحماد بن زيد، وحماد بن سلمة، والفضيل بن عياض، كان ينفق على أئمة المسلمين الكبار، كان لا يحب التجارة، ولكن كان يتاجر من أجل أن ينفق على هؤلاء، وكان يقول: إن تفريغ قلب طالب العلم من أجل دعوة أفضل عند الله -عز وجل- من الجهاد في سبيل الله .. يعني أن تأتي بطالب علم تفرغه للدعوة، وتعطيه راتب شهري، وتقول له: اطلب العلم وتفرغ للدعوة إلى الله -سبحانه وتعالى- بدل ما تنشغل بالعيش، والعلم فلن تستطيع أن تجمع بين الاثنين، فتفريغ قلب طالب العلم هذا عظيم عند الله سبحانه وتعالى، عبد الله بن المبارك كان ينفق نفقة لا تتخيلها، كان ينفق في السنة 100 ألف درهم على الفقراء، ولذلك لم تجب زكاة المال في ماله أبدًا، فزكاة المال اللي بلغت النصاب 85 جرام ذهب، وحال عليه الحول تخرج ربع العشر، يعني على كل ألف 25، عبد الله بن المبارك كان لا يبقي عنده مالا أبدا، كان أولا بأول ينفق على طلبة العلم والفقراء واليتامى والمساكين، فلم يحول الحول على مبلغ عنده يستحق الزكاة .. على طول إنفاق في سبيل الله ليل ونهار عبد الله بن المبارك.
حدث موقف عجيب جدا لا يخطر على قلب بشر، كان فيه شاب طالب علم عند عبد الله بن المبارك، في يوم من الأيام هذا الشاب دخل السجن بسبب أنه تداين بعشرة آلاف درهم، والشاب دخل السجن بالفعل، فسأل عن عبد الله بن المبارك، أين فلان؟ كان يأخذ العلم على يديه، أين فلان؟ قالوا: دخل السجن في دين عليه، فقال: الدين لمن؟ قالوا: لفلان، فذهب عبد الله بن المبارك لهذا الرجل من وراء هذا الشاب، ودفع له العشرة آلاف درهم وطلب منه أن يذهب إلى الشاب، ويخرجه من هذا السجن، واستحلفه ألا يخبر هذا الشاب بأنه هو اللي دفع له الفلوس، فلك أن تتخيل مدى الكرم والجود والخلق اللي لا يخطر على قلب بشر .. فأنت أخرجت الشاب فعلى الأقل الشاب يعلم أنك فعلت معه معروف فيحمل لك الجميل، لا .. أنا عاملها لله .. فأعطى الرجل 10 آلاف وأخرجه من السجن ولا تقل له من اللي دفع، وقل له: فاعل خير كما يقولون ..
ولذلك أنا بـ أحزن جدا عن الناس اللي أجي أمسك جريدة من الجرائد الرسمية فتجد تصدق فلان الفلاني بمبلغ كذا لبرنامج ليلة القدر أو صفحة ليلة القدر، طيب ليه تفسد الصدقة بتاعتك أو تفسد زكاة مالك، ليه؟ ربنا يكرمك هو ربنا ما يعرفش أنه أنت دفعت المال ده، -سبحانه وتعالى- .. فأنت ليه تفسد هذا بالمن وتراءي وتجد واحد عامل كولدير، وكاتب هذا الكولدير على روح المرحوم فلان الفلان.. طيب ليه كده يا سيدي؟ يا عم خليها لله .. خليها لله وربنا ها يكرمكم والله يعلم أنت عامله بنية مين، اعمل الخير لأمك أو أبوك وأنت واخد الأجر وأمك واخده الأجر وأبوك واخد الأجر من غير ما تكتب يفط، فعبد الله بن المبارك عمل كده راح دفع للشاب ده عشرة آلاف درهم وقال للرجل ما تعرفوش .. ثم لقي الشاب بعد قال: أين كنت؟ قال: كنت في السجن في دين كان علي وجاء رجل جزاه الله عني وعن الإسلام خيرا فدفع المال فخرجت .. فقال: احمد الله أن سخر الله لك هذا الرجل .. ما علم هذا الشاب بأن عبد الله بن المبارك هو اللي دفع الفلوس إلا بعد موت عبد الله بن المبارك، عرف أن عبد الله بن المبارك اللي كان راح ودفع له الفلوس ..
أقول لك عن موقف أعجب من كده، أولا نصلي على النبي -عليه الصلاة والسلام- خد بالك أنت الكسبان؛ لأنك لو صليت على النبي فالنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: "من صلى علي حين يصبح عشرا، وحين يمسي عشرا أدركته شفاعتي يوم القيامة" هذا رقم واحد.
رقم اثنين: "إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا عليّ فإنه من صلى علي صلاة واحدة صلى الله به عليه عشرا".
في رواية ثالثة، إن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: "من صلى علي مرة صلى الله عليه عشرة مرات وغفر له عشرة خطيئات ورفعه في الجنة عشر درجات" عايز ربنا يكفيك همومك ويغفر لك ذنوبك؟ صلي على النبي ..
يقول أبي بن كعب إن لي ساعة أذكر الله فيها فكم أجعل لك فيها من صلاتي؟ قال ما شئت فإن زدت فهو خير لك، قال أجعل الربع، الثلث، النصف إلى أن قال له إذن أجعل صلاتي كلها لك يا رسول الله، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- إذن لو عملت ذلك يكفيك الله همك، ويغفر لك ذنبك .. لما تصلي على النبي يغفر الله لك ذنوبك، ويكفيك شر الهموم كلها، ويصلي عليك عشر مرات، ويغفر لك عشر خطيئات ويرفعك في الجنة عشر درجات، ولما تصلي على النبي عشرة مرات في الصباح، وعشرة في المساء تدركك شفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- .. شفت أنت كسبان ازاي ..
في يوم من الأيام عبد الله بن المبارك كان يحج سنة ويغزو سنة، كان لما يجي يحج يجمع الناس، ويقول: لكل واحد نفقة الحج ستتكلف مثلا عشرة آلاف درهم، فكل واحد يأتيه بسرته ويكتب عليها اسمه، فيضع الفلوس كلها في صندوق ويأخذها معه ويذهب بهم للحج ويوصلهم حتى المدينة وينفق عليهم طوال الطريق ويؤكلهم ويشربهم ويأتي في المدينة يجعلهم يشترون الهدايا لأهلم ثم يذهبون لمكة فيؤكلهم ويشربهم ويأتون بالهدايا لأهلهم ويذبحون ويحجوا وهم راجعين وبعد ان يصلوا بلدهم، يقوم عبد الله بن المبارك يفتح الصندوق، ويرد لكل واحد فلوسه كاملة ما عدا ثمن الهدي، ويقول: هذا هدية مني، هدية من أخوكم .. في سنة من السنوات وهما رايحين يحجوا وكانت معه كل الفلوس ومعه مئات ذاهبين للحج، فوجد منظرًا لا أحد يصبر عليه، أنا فقط أحب أن أريك ماذا كان يفعل عبد الله بن المبارك، وشعارنا ماذا أعددت لها؟ عبد الله بن المبارك كان ينظر إلى السماء، ويقول: { لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلْ الْعَامِلُونَ } أليس هذا مسك ختام؟
طبعا هذا مسك ومسك .. ففي أثناء سيره وجد امراة تأكل من مزبلة، منظر مؤثر جدا، امرأة كبيرة في السن، وجالسة تفتش في الزبالة حتى تأكل، فتأثر فقال: يا أماه ما الذي حملك على ذلك؟ قالت: والله يا بني أنا وأهل قريتي لم نأكل طعاما منذ ثلاثة أيام، عندنا مجاعة في القرية ولنا ثلاثة أيام لم نأكل، ففتح عبد الله بن المبارك الصندوق، ودفع لها المال كله كل الفلوس اللي جمعها من الناس، وفلوسه وأعطاها لها، قال: هذا لك ولأهل قريتك .. ثم نظر إلى كل من حوله وقال: هذا حجنا في هذا العام، هيا نعود .. نام عبد الله بن المبارك في تلك الليلة فأته آت في المنام وقال: حج مبرور وذنب مغفور ..
قصة عبد الله بن المبارك عايزين نطلع منها بموقفين ودرسين غاليين قوي:
الدرس الأول حبيبي في الله: أنه من أعظم الأشياء التي تتقرب بها من الله -سبحانه وتعالى- إدخال السرور على المسلم .. فيه ناس يا جماعة فاهمين الدين ده فهم خطأ، سامحوني .. عنده استعداد أنه يعمل يقول: ها أدفع ثمن مأذنة في مسجد وهاكلفها ثلاثة أرباع مليون جنيه ولو جاءه يتيم عايز يأكل لقمة يقول له: لا .. المأذنة أولى منك، لا اليتيم أولى من المأذنة؛ لأن المأذنة أمرها بسيط حط الميكروفون فوق المسجد، والناس ها تسمع، أما اليتيم ده لو جاع ها يموت، فيه واحد ممكن يحج كل سنة ويدفع 100 ألف جنيه في الحج، ولو جاءه شاب قاله محتاج 5 آلاف جنيه أعف بها نفسي، وأفتح بيت مسلم يسبح ربنا ويحمد ربنا ويعبد ربنا، يقول له: لا أحج أحسن .. فيه واحد ممكن يكون بيجيب كتب بها أوراد ما أنزل الله بها من سلطان ويطبع منه نص مليون نسخة ويوزعها على الناس، في حين لو قلت له أذكار الصباح والمساء التي وردت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- تطبعها، يقول لك: لا .. فيه ناس فاهمه الدين بالمشقلب، يعني والحمد لله دول مش كتير، ولكن فيه ناس كتير موجودين بالمنظر ده، شفت أجمل حاجة في الدنيا .. شوف النبي قال إيه؟ "خيركم من تعلم القرآن وتعلمه" خد بالك وضع القاعدة دي أخويا وحبيبي وأختي الفاضلة خد بالك أعظم حاجة في الدنيا أن الخير اللي أنت فيه يتعدى إلى غيرك، ليه؟ لأن النبي قال ذلك كما عند الطبراني في الكبير بإسناد حسن قال: "أحب عباد الله إلى الله أنفعهم إلى عباده، وأحب الأعمال سرور تدخله على مسلم"، وكلمة سرور جاءها بصيغة النكرة ليه؟ حتى لا تحتقر أي شيء، لا تحقرن من المعروف شيئًا ..
كان فيه واحد صياد من السلف الصالح رايح يصطاد سمك، وكان سايب أولاده، وأولاده فقراء جدا وزوجته جعانة، وقالوا له: لنا يومين ما أكلناش، فأخذ الشبكة وراح، وقال: أتوكل على الله وربنا يرزقنا، فربنا رزقه بسمك كتير، فأخذه وراح باعه، وجاب بيه أكل ورجع فرحان جدا، أنه أخد الأكل لزوجته وأولاده، وهو ماشي قابتله امرأة كبيرة في السن تبكي، قال لها بتبكي ليه؟ قالت له: عندي أولاد يتامى له ثلاثة أيام لم يأكلوا، فهو محتار بين أولاده اللي لهم يومين ما أكلوش، وبين أولاد اليتامى دول اللي لهم ثلاثة أيام لم يأكلوا، فقال لها: خذي راح مديها كل الأكل، وقال: أعمل إيه وأقول لزوجتي إيه؟ وطول السكة يفكر، فجأة ناداه شخص يا فلان، وقف، قال له: أنت فلان، قاله: نعم، قال له: الحمد لله أني قابلتك، قال له: خير .. قال: أنا كنت شريك والدك من عشرين سنة تجارة، وأخذت منه مبلغ كبير جدا عشان أتاجر، وتاجرت وكسبت ولما رجعت سألت عنه قالوا لي ده مات، سألت عن أولاده قالوا لي دول خرجوا من البلد وسابوا البلد، لي سنين طويلة أدور عليك عشان أديك فلوس والدك والمكسب بتاع والدك، أعطاه ثروة كبيرة جدا، ومن ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه، واللي يدخل سعادة على الناس ربنا بيدخل عليه السعادة بفضل الله -سبحانه وتعالى- ..
عايز أذكر لك قصة واحد تاجر كان في يوم من الأيام كان الإخوة بيبحثوا عن فلوس عشان يلبسوا اليتامى لبس العيد، يدورا يمين شمال مش لاقيين حد يتبرع، حتى ذهبوا إلى تاجر، وقالوا له إحنا محتاجين خمسة آلاف جنينه ونصف علشان ربنا يكرمك عايزين نلبس اليتامى لبس العيد، مش معقول كل الناس يلبسوا لبس العيد واليتامى ما يلبسوش، فقال لهم: والله خدوا الخمسة آلاف ونصف وربنا يخلف عليا .. الرجل ده بيقسم بالله أنه تاني يوم كان جياله بضاعة من بره، وكان رايح يعمل تخليص جمركي، راح بتوع الجمارك سامحوه في 55 ألف جنيه لله.. ما تفهمش جت ازاي، خفضوا له 55 ألف جنيه .. الحسنة بعشرة أمثالها، هو دفع خمسة آلاف ونصف، راح لقى بتوع الجمارك ربنا حنن قلبهم وخفضوا له 55 ألف جنيه ..
خلي عندك يقين وثقة في الله -سبحانه وتعالى- ..
الدرس الثاني من قصة عبد الله بن المبارك .. ومسك الختام بتاع عبد الله بن المبارك: أن من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرا منه، كان فيه شاب من بلاد الصعيد في مصر كان ده زمان أيام الأزهر زمان، الشيخ العمود والحاجات دي الكلام في الأربعينات، فالمهم هذا الشاب تأخرت عليه النفقة اللي كانت بتجيله من الصعيد كل شهر، فقعد له 3 أيام لا يأكل، نزل جنب الأزهر في منطقة اسمها الباطنية ونزل هناك قعد يدور على أكل على شرب، ومش لاقي ما معهوش ولا مليم، ومكسوف يقول لحد حاجة، فجأة وجد بيت بابه مفتوح فتح الباب دخل لقى حلة محشي، فتح الغطا وأخذ صباع محشي ولسه ها يأكل، افتكر أن ده حرام؛ لأنه لم يطلب من صاحب البيت أن يأذن له أن يأكل راح مطلع الصباع بعد ما قسمه نصفين، ورجعه في الحلة تاني ومشي ... شويتين راح للدرس بتاع الشيخ بتاعه وقاعد جنبه، فجأة وجد امرأة منتقبة جايه بتقول يا شيخ أسألك بالله -عز وجل- أريدك في كلمة، فقالت له: أنا زوجي مات وترك لي ثروة كبيرة جدا وترك لي بنت واحدة، وبنتي كبرت وعايزة أجوزها، عندك طالب علم محترم ومتدين يتزوج بنتي وأنا مش عايزة منه أي حاجة، البيت والعفش والفلوس موجودة، ويأخذ كمان الفلوس ويتاجر لنا بيها، فراح منادي على الشاب ده، قالوا: عندك استعداد تتزوج؟ قال له: أنا لي 3 أيام ما أكلتش أتزوج منين؟ قال له: ما تخافش .. كفيناك كل ذلك، البيت موجود، والعروسة موجودة والعفش وكل حاجة إحنا عايزين بس رجل وخلاص، قال له: بس كده .. يقدر الله -سبحانه وتعالى- أن يعقد لها الشيخ ولم يكن للبنت ولي وأخذوها بزفة إسلامية جميلة ووصلوها حتى البيت، كان الشاب ده دخل الليلة اللي قبلها البيت بالليل، المهم دخل البيت فدخل للبنت فوجدها بتحضر الأكل، بص عرف البيت، هو ده البيت اللي كان فيه من ساعة، فدخل فلقى البيت نفس البيت، ولقاهم بيحطوله المحشي .. وبص لقى الصباع مقسوم نصين اللي هو سابه من ساعة، فابتسم، فقالت له: بتضحك على إيه؟ قال لها: الصباع ده كنت بأحاول أكله من ساعة فتركته، فساق الله إلي كل هذا الأكل وصاحبة الأكل .. قالت له: هو أنت اللي كنت هنا من ساعة، قال لها: أنا اللي كنت هنا من ساعة، من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه ..
القصة التانية العجيبة، كان فيه شاب شغال حداد جاتله واحدة جميلة جدا، فطلبت منه مال؛ لأنه عندها بنتين ونفسها تأكلهم ومش لاقية لهم أكل، فقال لها: مكنيني من نفسك أديك اللي أنتِ
عايزاه، فمشيت ورجعت، قالت له: ألجأتني الحاجة أن أرجع إليك مرة أخرى، يا أخي اعف عني لله، قال لها: زي ما قلت لك تمكنيني من نفسك أعطيك اللي أنتِ عايزاه، قالت له: طيب تديني بس قرشين أروح أجيب أكل، وألحق أولادي قبل ما يموتوا وأرجع لك تاني، قال لها: تدين العهد، قالت له: أعطيك العهد، أخدت قرشين وجابت الأكل وأعطته لبناتها ورجعت له تاني.
فالمهم دخل بها البيت وأغلق عليها الباب، فقالت له: بتغلق الباب ليه؟ قال لها: خايف الناس تشوفنا، قالت له: ومش خايف ربنا يشوفك، قال لها: ربنا غفور رحيم، قالت له: وشديد العقاب، فجه يقرب لها فوجدها ترتعد، قال لها مالك؟ قالت له: خائفة من ربنا، وبالله عليك سيبني لله، ووالله سأدعوا الله ألا يعذبك بالنار لا في الدنيا ولا في الآخرة، فقال لها خلاص سبتك لله وراح مديها فلوس تاني وأعطها كل اللي هي عايزاه وسابها لله ..
يقول: فنمت في الليلة دي فجاءتني امرأة أجمل ما رأيت، فقلت لها: أنت مين؟ قالت: أنا أم الفتاة اللي أنت سيبتها لله، أسأل الله -عز وجل- أنك كما تركت ابنتي لله أسأل الله -عز وجل- ألا يعذبك بالنار لا في الدنيا ولا في الآخرة، يقول: فمنذ ذلك اليوم أجد نفسي أخذ الحديد من وسط النار فلا أتأثر بالنار أبدا، فرجل معدي فشاف المنظر فبيقول له: إيه ده أنت ولي من أولياء الله؟ قال له: الأمر ليس كما تظن، وإنما حدث كذا كذا وراح حاكي له القصة، قال له: من يوم ما دعت لي البنت دي وجاءتني أمها في المنام ودعت لي ومن يومها لا أتأثر بالنار أحط يدي في وسط النار لا أتأثر .. فقال الرجل: أسأل الله الذي نجاك من نار الدنيا أن ينجيك من نار الآخرة.
في عجالة سريعة أحكي آخر قصة عشان بس تعرف أن عبد الله بن المبارك لما عمل كل ده وتزود وأنفق على كل هؤلاء وعمل كل الخير اللي باقول لك عليه ده كله كان له مسك الختام فنظر إلى السماء فقال: { لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلْ الْعَامِلُونَ }..
كان فيه شاب من الأنصار وكان له بستان وكان بستانه بجوار طفل يتيم، الطفل اليتيم حب يعمل سور بينه وبين الأنصاري فاعترضه نخلة، فقال للانصاري وكانت النخلة بتاعة الأنصاري، فقال له: أعطني النخلة، فقال: لا، قال: بعني النخلة، قال: لا.. قال: أعطني النخلة وإلا شكوتك إلى رسول الله، فالشاب طبعا ما كانش عايز يعصى أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- لكنه تضايق لما الغلام شكاه للنبي، فراح الغلام اليتيم ده شكاه اللنبي -عليه الصلاة والسلام- فجاء النبي مع اليتيم، قال: أعطه النخلة، قال: لا يا رسول الله، قال: بعه النخلة.. فقال: لا يا رسول الله .. فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- أعطه النخلة ولك بها نخلة في الجنة .. فقال: لا يا رسول (هو طبعا ما كانش عايز يعصى أمر النبي، ولكنه كان في ضيق، ومتنرفز من الغلام؛ لأنه شكاه للنبي عليه الصلاة والسلام) من كان يقف بجوار النبي -صلى الله عليه وسلم- ؟ الصحابي الجليل أبو الدحداح .. فقال: يا رسول لو أني اشتريت النخلة وأعطيتها لليتيم ألي بها نخلة في الجنة؟ قال: أجل .. فذهب لهذا الرجل الأنصاري وقال: هل تعلم بستان أبي الدحداح، قال: أجل ومن لا يعلم بستان أبو الدحداح، وكان بستانًا به 600 نخلة.. وكان به بئر يعني فيه كفاية إنتاجية، وكان التمر بتاعه من أجل تمر المدينة .. فقال: أجل، فقال: هو لك بكل ما فيه على أن تعطيني تلك النخلة .. قال: هي لك .. فذهب أبو الدحداد وقال: يا رسول الله أني قد اشتريت النخلة وأعطيتها لليتيم ألي بها نخلة في الجنة؟ قال: أجل .. قال: أبشر فقد اشتريتها وجعلتها لله وأعطيتها لليتيم .. فتبسم النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: كم من عزق رداح، أي كم من نخلة مثمرة، كم من عزق رداح لأبي الدحداح في الجنة، ذهب أبو الدحداد مع الأنصاري من أجل أن يسلمه البستان فسمع صوت امرأته، وأولاده في البستان، فقال: يا أم الدحداح .. قالت: أجل يا أبا الدحداح، قال: اخرجي وأنت ابنك من البستان فقد بعته لله، فخرجت وهي خارجة طفل من أطفالها أخذ تمرة، فنظرت له، وأخذت التمرة من فمه، وقالت: سامحني يا بني فقد بعناه لله ..
مشهد جميل أخي وحبيبي زادنا الليلة دي أن إحنا نكرم الفقراء، واليتامى، ونكمل السعادة على الناس، ونكرم هؤلاء الناس جميعا وسيكرمنا الله -عز وجل- ..
أحبكم في الله سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصبحه وسلم..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصدر: http://www.alresalah.net/morenews.htm?id=2036_0_2_0