بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. أهلا بكم ونبدأ مع حلقة جديدة، ومازلنا مع الجنة في بيوتنا. ترجع سبب تسميتنا له بهذا الاسم؛ لأن أكثر ما نتمنى أن نرى بيوتنا عليه أن تكون كالجنة، أطلقنا عليه هذا الاسم لنقول للناس: صدقونا لا توجد سعادة خارج البيت مهما بحثت عنها؛ بل الجنة في بيوتنا.
حلقة اليوم غريبة بعض الشئ؛ لأننا سنتوقف قليلاً لنقول شيئا هاما وهو أن كثيرا من الدراسات الأسرية ركزت على جانب المشكلات الأسرية- وهذا بلا شك شئٌ هام وبذل فيه مجهود كبير في سنوات طويلة- لكن كان الوصف الدائم للأسرة من ناحية المشكلات، حتى عند وصف الأسرة المثالية أو السعيدة يكون وصفها بأنها خالية من مشكلات معينة، ومن هنا يظهر أن التعريف جاء من الجانب السلبي أيضا، ومن هنا جئنا لنصف الأسرة – واقعيا- ولكن بالشكل الصحيح الذي نتمنى أن نرى أسرنا عليه؛ الشكل الذي يرضي الله ورسوله- صلى الله عليه وسلم- الذي جاء إلينا زائرا. فدعونا نبدأ من هذه الحلقة وصف أسرنا بدءًا من الشكل الجميل الذي نتمناه بعيدين عن المشكلات، ونتخيل على ماذا يفترض أن تكون؟ ولأننا وجدنا ذلك سيكون مدعاةً للملل لأنه سيكون أقرب للتنظير وتطبيق نقاط ما يفترض على كل فرد في الأسرة أن يفعلها، فقررنا أن تكون الحلقة على شكل حلم، ولكنه حلما واقعيا جدا وليس خياليا؛ فالأسرة عادية جدا وبالطبع بها مشكلات كسائر الأسر في الدنيا، ولكن دعونا نتخيل كيف نريدها أن تكون؟ وكيف يتعامل كل فرد فيها؟ وهو كلام واقعي، علمي وعملي بالاستعانة بعلماء النفس. فهيا بنا نتخيل كيف نريد أن نرى أسرنا بعد سنتين من اليوم؟ وعلى كل أب وأم وشاب يحلم كيف يفترض له أن يكون؟ ولأنه يجب أن يكون واقعيا فسأسرده استنادا لقصص واقعية عاصرتها في حياتي، أو قرأتها في كتب؛ لذا ستجدني أذكر أسماءً ولكن بتغيرٍ عن حقيقتها، وكنا قد اتبعنا المنهج نفسه في صناع الحياة، وذكرنا حينها أننا نحتاج لشراكات مختلفة؛ لتحقيق حلم النهضة في بلادنا، وحلم الأسرة أيضا يحتاج لشراكات ولكنها شراكاتٍ سهلة؛ لأنها في أيدينا فالشركاء هم والدك ووالدتك، وزوجتك، وأخيك، وجدتك، وبالتالي فالحلم ليس بعيدا. لا تستبعد التحقيق فأحلام الأمس حقائق اليوم، وأحلام اليوم حقائق الغد، فبحلم جدك جئت أنت، وبحلمك سيأتي ابنك، فحلقة اليوم ترسم الصورة التي سنكمل عليها بقية الحلقات.
الحلم الأول: أحمد وسلمى وتحول أب:
أرى في هذا الحلم أبًا مشغولاً، كان يعمل ليلاً مع نهار؛ لقسوة الحياة، وعنده من الأولاد أحمد وسلمى أعمارهما بين الخامسة والسادسة، ولكثرة انشغاله بَعُد عنهما، لم يضن على أسرته بالمال، لكنه بخل عليهما بما هو أهم؛ بخل بالوقت الذي يعني عند الأطفال الحب والحنان. يسرد قصته قائلاً: كنت أنشئ شركة جديدة، تحتاج لعمل مضنٍ، وسفر متواصل لفترات طويلة، وعند عودتي وذهابي للعمل صباحا يكون الأولاد نياما، فلا أجلس إليهما. وأمام ضغط زوجتي بضرورة جلوسي معهما، أخذت ابنتي الصغيرة للتنزه- الذي فعلته بلا رغبة مني- وعند عودتنا للمنزل دخلت في طرقٍ جانبية، فسألتني ابنتي قائلة: في أي شارع تسكن ياوالدي؟ فدهشت من السؤال وظننت أنني لم أسمعها فسألتها عما قالت فكررت السؤال، فتعجبت لأني ليس لي زوجةٌ ثانية لتسألني ابنتي هذا السؤال، فقلت لها: ماذا تقصدين يا حبيبتي؟ فقالت لي:أين تسكن أنت يا والدي؟ فلم أكن قادرا أن أقنعها أني أسكن معهم في المنزل ذاته، فهزتني كلماتها وبقيت متأثرا أسبوعا كاملاً حتى جاء أحمد ابني في يوم وأنا أبحث عن ورقة بها أسماء لأشخاص من ذوي الأهمية الذين يتوجب عليّ مقابلتهم في ذاك اليوم فسألني عما أبحث فأجبته، فقال لي: وهل اسمي ضمن تلك الأسماء؟ فيستطرد قائلاً: تأثرت بشدة بتلك الكلمات، وقررت أن أجعل أولادي ضمن أولوياتي، وعلمت أنهما ليسا بحاجة للمال قدر حاجتهما للوقت والحب، فبدأت بتغيير طريقتي وإعطاء الوقت لأبنائي، وذهبت معهم للتنزه في النيل يوم عطلتي؛ حيث قررت أن يكون يوم الإجازة يوم بلا عمل، فأكلنا وضحكنا، فوجدت بريقا في عيني ابنتي وكأنها تقول لي: (شكرا يا بابا). في الصيف الماضي ذهبت معهم للاصطياف وقررت أن ألهو معهم بالطائرة الورقية التي عانينا لأكثر من ساعة ونصف لتحلق في الأجواء ولكن لم يساعدنا الهواء، ولمحت اندهاش زوجتي مما أفعل وكيف لي أن وجدت وقتًا لهم حيث كنت أتحجج بعدم وجود وقتٍ لهم، فهاهو الوقت نجده عندما يرغب المرء ويشعر بسعادة داخل أسرته، ويومها اكتشفت كم أنا سعيد! ولكن لاضطرار الحياة توجب عليّ السفر، ولكن هذه المرة كنت أهاتفهم يوميا، ليست مهاتفة عادية كما يفعل بعض الآباء، ولكن في كل مرة يكون معي فكرة أو نكتةٌ جديدة، أو أي شئ يثير أولادي، فربحت اهتمامهم، وعندما عدت من السفر، كنت في عملي ساهرا، فوجدت مكالمةً من زوجتي تقول لي فيها إن ابني لا يرغب في النوم إلا بعد عودتي لأساعده أنا على النوم - ولم يفعلها من قبل أبداً- فوجدت نفسي أترك عملي وأسرع لسيارتي لأعود للمنزل – ولم أفعلها من قبل ولم أهتم بها قبل ذلك- وهأنا أراه في الحلم وهو يقود سيارته داعيا: يارب أصل قبل أن ينام، وهاهو يدخل منزله ويحتضن ابنه، ويقص عليه حكاية قبل النوم، ومعها قيمٌ مذابة في أحضانه وحنانه. وللعلم أن ما تقصه على صغيرك في أذنه وتظن أن تلك الكلمات تتوقف عنده، تأكد أن هذه الكلمات تنتقل للأجيال التالية؛ عندما سيحكيه ابنك في حكاية ماقبل النوم لحفيدك، وسيقصه حفيدك لحفيد حفيدك، فذكراك وقتها ستكون باقية، وهأنا أراه وهو يحتضن ابنه وابنته ليس حضنا عاديا؛ بل حضنا كحضن النبي صلى الله عليه وسلم للحسن والحسين، وهما يتسلقان رقبته وظهره، ويسأله الصحابة: أتحبهم لهذه الدرجة يا رسول الله؟ فيقول: كيف لا، وهما ريحانتي من الدنيا- أي سعادتي ورزقي ونصيبي من الدنيا-.
الحلم الثاني: الأب الصديق:
أرى في الحلم ابنا صار عمره بين السادسة عشر والسابعة عشرة، وأبًا يقول له: أتأتي لنسير سويًّا على النيل، وهأنا أراهما يسيران كالأصدقاء (يفضفضان) سويًّا، ويتسامران ويضحكان، علما أن الابن لم يخبره أن أصدقاءه يعرضون عليه أن يشرب المخدرات، ولكن بعد عودتهما للمنزل قرر الابن أنه لن يذهب لأصدقائه؛ لأن والده احتواه وأشبعه.
وأرى في الحلم أبًا يسير مع ابنته، والناس من حولهما مندهشة أن يصادق أبًا ابنته لهذه الدرجة، وبعد عودتهما للمنزل قبلت جبينه شاكرةً إياه ولم تخبره شيئا، ولكنها قررت ألا تتعرف على شاب من ورائه لأن أباها عندها محترمٌ جدا.
الحلم الثالث: الأم الصديقة:
لن أحدثكم عن عاطفة الأمومة فكلنا في غنىً عن ذلك، ولكنني أتحدث عن عاطفة من نوع جديدة تمنح ابنها إصرارًا، وعزيمةً وتحدٍ، عاطفة تؤدي إلى نهضة، عاطفة ليست سلبية، تهيئ صلاح الدين. لعلك ستقول لي مرةً أخرى: ألم نتفق أن تكون أحلامنا واقعية؟ دعني أقص عليك قصة تؤكد لك أن هذا حلمٌ واقعي: فهو كان شابا في الثانوية العامة - والقصة حقيقية- وبدأ يدخل من خلال الأنترنت على موقع لجامعة عالمية، ويشاهد التخصصات، وكبر الحلم بداخله وتمنى أن ينضم إليها علّه يقدم شيئا لأمته وإسلام، فهو متدين، ولكنها تحتاج لمصروفات كثيرة أو تفوق غير عادي، فبدأ يجتهد في مذاكرته - والأمر ليس بالهيّن- تحت تشجيع الأم المماثل لكل الأمهات، حتى أظهرت الامتحانات الأولية في نتائجها أنه من الصعب جدا أن ينتسب لتلك الجامعة، فهاتف والدته، وقص عليها ما حدث وأعلمها أنه قد لا يستطيع الانضمام إلى الجامعة على الرغم من جهده المبذول، فطلبت منه أن يعود إليها مسرعا، ففعل ووجدها منتظرته عند باب البيت، فأدخلته غرفته وأجلسته إلى مكتبه وفي عينيها تحدٍ وإصرار عجيبين وقالت له: أنت ذكي ولديك إمكانات وتبذل الجهدً، إنك ستقوم بالامتحان، وستنضم للجامعة وستتخرج فيها وسأحضر حفل تخرجك، وسأدعو لك حتى ذلك اليوم، فيقول: صدقتها من عيونها، وبعد أسبوع رآني أحد أساتذتي منهكا في عملي فقال لي: أريدك أن تهيئ نفسك أنك قد لا تنجح في هذا الامتحان، فوجدتني أقول له بلا تخطيط لكلامي: ألم تسمع كلمات أمي، فقد قالت لي أني سأنجح، وأنا أصدقها، ولم أقل له ذلك سذاجةً، ولكني كنت شاعرا بأمي مصدقا لها. وقد دخلت الامتحان، ونجحت، وسافرت للجامعة العالمية، وتخرجت وحضرت أمي حفل التخرج ونسيت ما حولي من أبهةٍ متذكرا عينيها، ووجدت نفسي أركض إليها محتضنا إياها وقلت لها: أحبك، لأنك سبب ما أنا فيه من نعيم. هذا هو تخيلي نحو الأم التي تربي أجيالا تقيم نهضة.
الحلم الرابع: بين الزوج وزوجته:
أرى في هذا الحلم زوجين يعيشان حياةً روتينية، وربما راودت الزوج فكرة الزواج الثاني أكثر من مرة، وربما هددت هي الأخرى بالطلاق أكثر من مرة، وفترت مشاعرهما، ولكني أراه وقد قرأ ذات مرةٍ في كتاب: أن الحب كالشجرة؛ إذا رويته ينتعش وينمو، وإذا أهملته يذبل ويموت. فسأل نفسه عما إذا شعر بسعادةٍ في أي مرةٍ جرب فيها الحب خارج المنزل أم أنه كان سرابا، كما يقول القرآن: "كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ"(الرعد:14) - أي كالذي يريد أن يمسك صورة فمه من انعكاس وجهه على سطح الماء- لم يشعر في ركضه وراء نزواته بسعادةٍ أو طمأنينة، لذا حاول أن يجدها في بيته، فبدأ بعمل أشياءَ بسيطة، ولكنها تركت أثرا عميقا في نفسها من فرط سعادتها، فهأنا أراه عائدًا من المنزل يجدد نيته في أن يعاملها بصورةٍ جيدة بعد أن كان يعود رافضاٍ أن يتحدث مع أي شخص، فيدخل سائلاً إياها عن أحوالها مستمعا إليها فتتحدث هي على الرغم من أنه لم يحل مشكلاتها وهي لم تكن تبحث عن ذلك في حديثها معه، بل كانت فقط تريد منه أن يسمعها، وبدأ هو الآخر يحكي لها، وبدأت الحياة تعود لطبيعتها بينهما.
وأراه أيضا عندما ذهب إلى عمله ورفع سماعة الهاتف ليس ليسألها عن الطعام، وماذا يريد أن يأكل؟ بل ليسأل عنها ويطمئن عليها، لم يستغرق ذلك نصف دقيقة ولكنها أسعدتها بشدة على الرغم من أنه قد يكون فعل ذلك في بادئ الأمر دون رغبةٍ قويةٍ منه.
أراه أيضا في الحلم يرسل إليها رسالةً في سفره يقول فيها: اشتقت إليك، فقد علم أن مايرضي الله أن تتوجه هذه العاطفة نحو الزوجة وليست العشيقة، فردت عليه زوجته برسالةٍ طويلةٍ جدا، وهي مبتهجة، وقد يكون هو أرسلها كشيء روتيني.
كذلك أراه وهو يتشاجر معها وترك المنزل غاضبا، ثم حدثها بعد قليل وهو يقود سيارته قائلا لها: أعتذر سامحيني، فتجيبه سريعا قائلة: وأنا أيضا أعتذر فقد كنت غاضبةً بعض الشيء، وتنتهي المشكلة، على الرغم من أن ابن عمه انفصل عن زوجته في الأسابيع السابقة للمشكلة ذاتها، ولكني أراه تجاوز الموقف بكلمة (أعتذر).
أرى أنه لا يقضي معها وقتا طويلاً لكنه يمنحها لحظاتٍ رقيقة، وهي الأخرى تغيرت وبدأت تنتظره مساءً تحضر له ما يحبه على العشاء، وعندما وجد ذلك بدأ يتناول عشاءه في البيت بعد أن كان يتعلل بعمله ويتناوله في الخارج.
وأراها في الحلم مهتمة وحريصة على شكلها وزينتها، وابتسامتها، وترفع من روحه المعنوية، وتشجعه، فلم تكن تعلم أن الرجل يتعلق لا إراديا - بسبب ما يوجد في عقله الباطن- بالمرأة التي تشجعه وترفع من روحه المعنوية، هنيئا لأبنائهما الذين سيجدون هذا الجو بين والديهما، ويالهم من مساكين، مَن لن يرون هذا الحلم بين والديهما.
الحلم الخامس: عم عبدالمنعم (أبو إبراهيم):
هو رجل بسيط أمي يعمل فراشًّا في إحدى المصالح الحكومية، قرر أن يعلم ابنه ويخرجه في الجامعة ولكن بأموالٍ حلال. يحكي ابنه إبراهيم قائلا: كان عند والدي علبة(مخلل) يجمع فيها القروش المعدنية يوميا حتى تمتلئ العلبة وكنت أفرح إذا حركتها وسمعت صوت النقود فيها حتى إذا امتلأت العلبة حولها أبي إلى نقود ورقية(جنيهات)، وكان يقول لأمي هذه الأموال هي التي ستعلم ابنك في الجامعة، فعلينا أن نصبر نحن ونجمع الملاليم حتى يتعلم ابنك تعليما جيدا، وكان ينظر إليّ قائلاً:" يابني هذه اليد لم تمد يوما إلى حرام، ويوم أن تفعل ذلك فالأفضل لها أن تقطع"، وكانت هذه الكلمات أقوى عندي من ألف درسٍ ديني عن الأمانة، وربما كنا نأكل ست أيامٍ متواصلة (فول)، وفي اليوم السابع قد نأكل(طعمية)، وكان أبي يضحك قائلاً لي: لا يهم عندما ستتخرج بإذن الله ستأكل أفضل الطعام فكنت أقول في نفسي: وأنت متى ستأكل؟ ودارت الأيام وتخرجت، وتزوجت ونجحت في حياتي العملية، وأنجبت، وذهبت لأزور أبي في بيته المتواضع ووجدت علبة المخلل بجوار سريره، لكنها فارغة فقلت له: املأ العلبة كما في الماضي واهدها لأحفادك؛ لأنني مهما قلت لهم من قيم لن أستطيع أن أشير لهم كما كنت تفعل وتقول هذه اليد لم تمتد أبدًا لحرام، فأنت لم تكن تملؤها قروشا بل كنت تملؤها قيما لن تهتز مهما كبرنا.
عم عبد المنعم رجلٌ عظيم لو ربي جيلا على نهجه لظهرت أجيالٌ نظيفة ولحصلت نهضة في بيوتنا.
الحلم السادس: صحوة شاب ليسعد والده في الآخرة:
أرى فيه شابا طموحا كباقي الشباب، له أحلامه وأمنياته، لكنه كان بعيدًا عن أهله لم يلاحظ أن والده أفنى عمره من أجله - وهذه قصةٌ حقيقية- وكان لاعب كرة قدم في الماضي ولكنه لم يكن لاعبا متميزا لكسله، وعدم محافظته على تدريباته، وتغيب في فترة ما أسبوعا عن التدريب؛ لوفاة والده، وتزامنت عودته مع مباراة هامة للفريق وأخذ يحاول مع المدرب ويستسمحه بأن يجعله ضمن الفريق في تلك المباراة على الرغم من تغيبه عن التدريبات في تلك الفترة ومع رفض المدرب إلا أنه لمح في عينيه إصرارا وكأن قوةً داخلية هي التي تريده أن يلعب، وبالفعل منحه الفرصة، وفوجئ بمهارة اللاعب العالمية التي لم يره َ من قبل، فتعجب المدرب وسأله بعد المباراة عما حدث فهو لم يصدق عينيه، فقال اللاعب: لقد توفي أبي من أسبوع بعد أن عاش حياته لي وكان يتمنى أن يراني متميزًا ولكني لم أحقق أمله فقد عشت لنفسي والآن أتمنى ان أجعله فخورا حتى وإن كان ذلك يوم القيامة؛ لذا فمن اليوم ستجدني شخصًا آخر.
أرى في الحلم شابا يسمعني الآن، ذهب بعد الحلقة إلى والده قائلاً له: من الغد ستفتخر بي طالما أنت على قيد الحياة، ولن أنتظر مثل فلان الذي توفي أباه.
الحلم السابع: الجدة والأحفاد:
أرى في الحلم جدة خفيفة الظل وسط أحفادها، تحتضنهم وتلعب وتضحك معههم وهي تقول: لو كنت أعلم أن أحفادي سيسعدوني هكذا لكنت أنجبتهم أولاً!
الحلم الثامن: لمة العائلة:
أرى فيه عائلة مجتمعةً في المصيف: أترى العمة والحفيد والأولاد وهم يلعبون سويا؟ أترى الجد؟ أترى العم وزوجته؟ وابن العم وزوجته؟ وابن الخالة وزوجته وهم يأكلون؟ ربما لم يتحدثوا في الدين، ولكن بداخلهم أمانٌ وطمأنينة كبيرة بأن (لمة) العائلة لا تزال موجودة وأنهم لايزالون بخير.
هذه هي الأحلام، وهذا ما أتخيله، وبذلك يكون اسم برنامجنا الجنة في بيوتنا ليس مستحيلاً؛ فما ذكرته من كلام ليس خياليا، بل سهلاً، وأجزاء الحلم صغيرة ولكن إذا جمعتها ستجد مكتوبا عليها:
· لم شمل العائلة.
· أمان ودفء العلاقات الأسرية.
· ترابط جميل في العائلة.
فالحلم ليس مستحيلاً، فنحن نتميز عن العالم بوجود دفء العلاقات الأسرية. يعرض هذا البرنامج في فترةٍ حرجة، يهبط فيه منحناها، ولكننا نستطيع أن نرفعه مرةً أخرى بهذه القيمة التي نملكها ويفتقدها العالم، فإن كان العالم يتفوق علينا بأشياء تساعده على إقامة نهضة فنحن نملك ما لا يملكون وهو دفء العلاقات الأسرية وبها ننهض. رمضان فرصة لذلك فالشياطين مسلسلة، وستتذوق حلاوةً بسبب الجنة التي ستجدها في بيتك وأنت في أحضان أولادك وزوجتك لا تعادلها حلاوة. كذلك يا شباب، ستتذوق في قرب والدك ووالدتك حلاوةً أكثر من تلك التي مع أصدقائك، ولا أقول لك اترك أصدقاءك - إلا إذا كانوا رفقاء سوء- ولكني أقول لك بأن حضن عائلتك ومشورة والدك أكثر حلاوةً.
ارسم حلما لأسرتك:
في الختام أريد أن أقترح بأن كل من لديه قصة لعائلته أو عائلة يعلم عنها الرحمة والإنسانية أو أن أحد أفرادها بدأ بنفسه، أو فيها قيمة أسرية عالية، أو بها معنىً جميل للحلم، ارسلوا إلينا بها على موقعنا، وسنعرضها في رمضان فمن يزور موقعنا يجد شبكة علاقات أسرية، كيف تفاعلوا وتجاوبوا وأحيوا أسرهم سويا؟ وبإذن الل،ه نقابل أفرادًا بعد رمضان يبشروننا بتحقق أحلام اليوم مؤكدين أنها لم تكن مستحيلة، بل إنها واقعية، ونجد من طبقها هو وزوجته كما رسمناها. فتعالوا نحول الحلم إلى حقيقة في رمضان وبعده، وتأكد بأن الله معك؛ فما يرضيه شئ قدر أن تجتمع أسرةٌ وتتوحد.
المصدر: http://www.amrkhaled.net/articles/articles2675.html