بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم جالسا مع عدد من أصحابه فمرت بهم جنازة، قوم يحملون جنازة ،فقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم قائما حتى غادرته تلك الجنازة فقال قائل يا رسول الله إنها جنازة يهودي، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : '' أليست نفسا ، أليست نفسا '' ، كل النفوس التي خلقها الله تعالى كرمها لكن بعضهم أهان نفسه بكفره وضلاله،'' وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ '' كل بني آدم في الأصل أنه مكرم، نتعامل معهم على أنهم إنسان، له مشاعر و له أحاسيس تحترم ويحترم فيه ما يكون من أمور حياته، كيف كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يراعي هذا المبدأ عندما يتعامل مع الناس على إنهم إنسان؟ كيف كان يتحمل أخطاءهم على أنهم إنسان؟ كيف كان يتعامل مع مشاعرهم على أنهم من جملة الإنسان؟ هذا الموضوع أرجو في الحقيقة أن نستطيع اليوم أن نوصل الرسالة من خلاله، أن تتعامل مع الناس على أنهم إنسان من خلال برنامجنا مسافرون.
إنسان
سماحة الدكتور محمد العريفي : بسم الله الرحمن الرحيم، أول ما بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بدعوته، كان هناك أشخاص خطبوا بناته، وعقدوا عليهن ،لكن لم يدخلوا بهن بعد ، واحد منهم ابن أبي جهل، واحد منهم أبو العاص بن الربيع ، فاطمة رضي الله عليها كانت لا تزال صغيرة لم تُخطب بعد، فلما ظهر النبي صلى الله عليه وآله وسلم و بدأ يدعوا الناس للإسلام، وإلى ترك عبادة الأصنام وكذا ، قامت قريش وجاءت تحارب النبي صلى الله عليه وسلم بكل سبيل من ضمن ذلك إنها جاءت إلى ابن أبي جهل وإلى غيره وقالت طلقوا بنات محمد حتى ينشغل ببناته مطلقات وينشغل عن دعوته، كلهم طلق – طبعا تزوجوا بعد تزوج عثمان ،تزوجوا بنات النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد ذلك لم يتعطلن - إلا العاص بن الربيع قال: والله لا أطلق صاحبتي، قالوا: طلق ونزوجك من شئت من بنات المدينة، قال: والله لا أطلق صاحبتي أبدا فالنبي حفظ له ذلك ، دخل بها وكان أبو العاص ابن الربيع هو ابن خالة زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم و أمها خديجة وهو ابن خالتها، فلما دخل بها جاءت أمها خديجة وزينتها بقلادة اشترتها من حر مالها ودخلت بزوجها، مضت الأيام و النبي صلى الله عليه وآله وسلم هاجر إلى المدينة أخذ كل عائلته وبقيت زينب مع زوجها لا تستطيع أن تهاجر بحكم أن زوجها موجود بمكة ،فهاجر النبي ثم جاءت بعد ذلك معركة بدر وانتصر المسلمون وأسروا مجموعة من الكفار فإذا من بين المأسورين أبو العاص بن الربيع صهر النبي صلى الله عليه وآله وسلم جاء يقاتل مع الكفار فأُسر، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم وضع نظام الذي يريد إنه يُعتق ويُطلق سراحه إما أن يُعلم 10 من أبناء المسلمين القراءة والكتابة أو يدفع 4000 درهم ،كلهم دفع عنهم إلا العاص بن الربيع ما في أحد يدفع عنه زينب أخذت قلادتها ووضعتها في كيس وأرسلتها لتفدي بها زوجها ،انظر شعور النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو هذا صهره وابنته الوحيدة الباقية في مكة، ما يوجد أحد يرعاها ،ما يوجد أحد يقوم عليها وهو تاركها من سنوات لم يراها، أمها ميتة وأيضا مضطهدة في مكة لأن أهل مكة يرون أنت أبوك عدونا إلى الآن انشق عنا، أبوك عمل دولة ثانية تحاربنا، فهي المسكينة حتى في تعامل الناس معها يتعاملون معها على إنك عملتي لنا مشكلة ،محاربة من كل شيء، فلما أُتي للعاص بن الربيع بالفداء أخذ النبي صلى الله عليه وسلم الكيس وفتحه ثم أخرجه فإذا قلادة ابنته عرفها قلادة ابنته لأنه هو حضر زواجها ورآها عليها، النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنسان له مشاعر فلما رأى القلادة جعل يحركها بيده وتذكر خديجة أحب الناس إليه ثم تذكر ابنته زينب التي تريد زوجها ، تريد سند معها ولم يبقى إلا هي في مكة مع ابنتها الصغيرة كانت مولودة أُمامة من جلس معك هناك من عضدك أبوك هنا وزوجك مقبوض عليه، فرق النبي صلى الله عليه وآله وسلم رقة شديدة ووضعها بالكيس لا يريد أن يراها، ثم قال لأصحابه: أن شئتم أعدتم إليها قلادتها وأطلقتم لها أسيرها انظر حتى يقول: إن شئتم يستأذنهم، قالوا: يا رسول الله نفعل ، فأعطوه القلادة قالوا ارجع إلى امرأتك فاشترط النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليه أن يرسل زينب إليه، قال: بقاء زينب هناك خطر عليها بعد المعركة لأنها الآن هي أول معركة تقع بين النبي وقريش فقال وجودها هناك خطر عليها أرسلها إلينا.
جاء أبو العاص طبعا لا يستطيع أن يخرج بها، لأن قريش تلاحظه لكن عنده أخ اسمه كنانة، جاء إلى أخيه كنانة، قال: يا كنانة جهز نفسك أنت ستأخذ زوجتي تذهب بها إلى أبيها، والنبي صلى الله عليه وسلم أرسل أيضا من عنده علي بن أبي طالب وزيد قال: اخرجا في وسط الطريق استلموا زينب ، زينب جعلت تتجهز أقبلت إليها هند بنت عتبة وكانت من أشد المناوئين للنبي عليه الصلاة والسلام زوجة أبي سفيان حتى هي التي لما جاءت معركة أُحد جاءت وشقت بطن حمزة وأكلت من كبده وكانت مبغضة وجاءت إلى زينب وقالت يا زينب إنه قد بلغني أنك تتجهزين للذهاب إلى أبيكِ ، فهل تريدين أن أساعدك بشيء؟ وخافت زينب وقالت ما شاء الله ما هذه الطيبة والإيمان الذي فجأة طلعت، فقالت لها لا والله ما أريد شيء من قال لك إني سأذهب إلى أبي ،لا ، أنا عند زوجي وعند بنتي فقالت لها هند إنه لا يكون بين النساء ما يكون بين الرجال يعني أنا أمون عليكِ تريدين شيء قالت لا والله ما أريد شيء فذهبت من عندها هند وفعلا تجهزت زينب وركبت على البعير وخرج بها كنانة وأول ما خرج مشى مسافة يسيرة جدا فإذا بقريش تجري وراءه فقام وأناخ البعير وأخرج سهامه ونثرها أمامه ووضع واحد من هذه السهام في القوس وقال والله يا قريش ما يقترب مني أحد إلا وضعت السهم في كبده ، أنا أدافع عن المرأة لن أعطيها لكم – هو كافر وهي مسلمة لكن عنده مروءة يا أخي هؤلاء - ثم قال لهم حتى أموت والله ما تقدرون علي وعليها حتى يموت منكم بعدد هذه السهام،20 سهم يموت 20 واحد ، 15 سهم يموت 15 شخص ووقفوا ما استطاعوا أن يقتربوا منه المسالة سأرمي ما هي لعب فقال له أبو سفيان: يا رجل كف عنا سهامك ، دعني أتكلم معك فقط فكف سهامه وجاء أبو سفيان بهدوء قال له أبو سفيان يا كنانة إنك ما أحسنت لما خرجت بها بالنهار والناس ينظرون إليك هذا تحدي لنا كيف الآن الرجل قتل منا 70 وأسر 70 قبل أيام، ونخلي ابنته تروح والله ما ندعها تمشي أمامنا اطلع بها بالليل على الأقل نقول ذهبت من غير أن ندري نحفظ كرامتنا، فلما جاء الليل فعلا خرج بها كنانة، وأعطاها زيد و علي رضي الله عنهما ،ووصلت إلى النبي عليه الصلاة والسلام.
انظر الذي حصل بعد ذلك زينب الآن في مكان وزوجها في مكان آخر وابنتها معها ، مضت أيام فإذا بقافلة تأتي من الشام وإذا قائدها أبو العاص بن الربيع - قافلة تجارة - فخرج المسلمون إلى هذه القافلة وهجموا عليها وأبو العاص بن الربيع هرب ، قالوا يا رسول الله قائد القافلة لا ندري من هو لكنه هرب، لا يدرون إنه العاص بن أبي الربيع فلما كان من الليل فإذا أبو العاص بن أبي الربيع يأتي متخفيا ويدخل المدينة ويطرق على زينب الباب – حن القلب – أجل والله حن القلب ، طبعا هي فرحت بزوجها الذي لم تراه منذ فترة فقال لها أجيريني أنا في وجهك أنا في حمايتك والله أنا هارب من معركة الآن أي شخص يمكن يرميني بسهم ويقتلني أجيريني قالت له اجلس، فلما جاء من الليل وأذن الفجر وصلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وكبر الله أكبر الحمد لله، يصلي بهم صلاة الفجر قامت زينب، والناس يصلون والنساء معهم يصلون جاءت قبل ما تكبر تصلي، قالت: أيها الناس- والناس يصلون- لكن هي تكلمت في الصلاة حتى الكل يسمع ،لا يكون شخص يقرأ القرآن ،وهناك من فيه النوم، لا ،في هذا الوقت الكل منصت قالت أيها الناس إني قد أجرت أبى العاص ابن الربيع، النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلي لا يدري أن أبو العاص جاء أصلا فلما انتهت الصلاة التفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى الناس قال لهم :هل سمعتم ما سمعت في الصلاة قالوا نعم يا رسول الله ،ابنتك سمعنا ،انظر يا أخي تعامل النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع زينب على أنها إنسان له مشاعر يا أخي يعني حتى لو كنتِ أنتِ ابنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومسلمة وأمكِ خديجة لكن يا أخي عندها حب لزوجها، يعني ذلك حتى بعض الناس ... سأخبرك ماذا فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، لكن بعض الناس اليوم كما قال الله تعالى : '' فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ '' والله يا أخي أحيانا يأتيني بعض المشاكل لأجل أدخل في الصلح يكون الزوج وقع بينه وبين زوجته مشكلة مثلا مشكلة وضربها بالبيت وربما كان سكران أو متعاطي مخدرات وكذا فيطردها في الشارع ويأتون و يأخذونها وتجلس عند أهلها أحيانا شهر أو شهرين ثم تحن إلى زوجها ويحن إليها فيبدأ يتصل بها ويراضيها، وخلاص أنا أسف والشيطان أغواني وخلاص أصدقائي السيئين أنا تركتهم والحمد لله ابشري أنا الآن وجدت وظيفة فهي ترغب في أن تعود إلى والد أبنائها وهو يرغب فيها، فلا يقف في سبيل عودتها إلا من ؟ إلا أبوها أو أخوها أو كذا ويبدأ يقول والله ما ترجعين له هذا سكير عربيد هذا ضربك نسيتي لما طردك إلى الشارع ، يا أخي طيب هي رضيت بذلك وزوجها هي الآن مبسوطة أنها جالسة عند أبيها عزباء لا مطلقة أو متزوجة!!
أحمد : وتجده يتكلم عنها و ينتقدها .
سماحة الدكتور محمد العريفي :أحسنت ويبدأ يقول لها أنتِ ... والله مرة عرض علي مشكلة لواحدة تقول أخذني أخي عنده بالبيت جالسة عنده بالبيت كأني خادمة أنا التي أخدم أولاده وزوجته تذهب مدرسة وأنا اجلس عند الأولاد وأحيانا يأتونه ضيوف أنا أدخل أساعد زوجته بالمطبخ، فانا أصبحت خادمة يا شيخ، تقول وكلما أردت الرجوع قال زوجك هذا خمار سكير عربيد، والله لا تذهبين إليه، طيب يا أخي أنت ما دخلك بالموضوع -يمكن لكي يوفر قيمة الشغالة – يمكن إما لأنه يوفر أو أحيانا إنه لا يراعي مشاعرها، ترى أحيانا ليس هناك مراعاة للمشاعر فهي تقول لي يا شيخ هو عند زوجته وأولاده ويخرجون ويذهبون ويأتون، وأنا جالسة مثل اليتيمة بالبيت لا أب ولا أم ولا زوج وأبنائي عند أبيهم، فالشاهد انظر النبي صلى الله عليه وسلم كيف يراعي إنسانية ابنته زينب ، لما انتهى من الصلاة سألهم قال هل سمعتم ما سمعت؟ قالوا والله سمعنا ما سمعت يا رسول الله، فقال عليه الصلاة والسلام : أما والله إني لم أعلم بشيء من ذلك حتى تكلمت ، حتى ما يقول بعض الصحابة أه هو أصلا مخطط مع زينب وترك ابنته هي تتكلم حتى يضعنا أمام الأمر الواقع ويحرجنا، لا لا، قال :أما إني والله لم أعلم بذلك إلا كما علمتم أثناء الصلاة، لكن المسلمون يجيروا عليهم أدناهم فعلا هذا موجود في الإسلام لما يكون شخص في حرب ويأتي أحد المحاربين إلى مسلم ويقول أجرني حتى لو المسلم ضيف مسكين ما عنده شيء يصح أنه يقول أنا آجرته فيدخل في الإجارة فعلا ما يُقتل ولا شيء مثل ما وقع في فتح مكة لما دخل أحد الكفار في بيت أم هانئ رضي الله عنها أخت علي بن أبي طالب فقال أجيريني قالت قد آجرتك اجلس فدخل علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالسيف أخوها قال أين هذا المشرك الذي قتل المسلمين وجاء واختبئ عندك؟ قالت لقد أجرته قال والله لأقتلنه فخرجت أم هانئ إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقالت يا رسول الله إن ابن أمي، لم تقل أخي غضبانة منه ، ابن أمي – قوية اللهجة – مثل الشخص عندما يكون غضبان من أبيه بقول يا أمي ترى زوجك راجلك لا يقول أبوي أو ترى أخوك يقول أبوك ، فقالت زعم ابن أمي أنه قاتل رجل أجرته فقال عليه الصلاة والسلام : قد أجرنا من أجرتي يا أم هانئ، فالمقصود الإجارة هذه موجودة .
فالشاهد زينب لما قالت هذا الكلام قال النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة أنا والله ما علمت إلا كما علمتم، لكن يجير على المسلمين أدناهم ، ثم قام النبي صلى الله عليه وآله وسلم ودخل على زينب وكان عندها زوجها الكافر الذي كان قائد القافلة فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا زينب -انظر مراعاة النفس يا أخي- كأنه يقول يا زينب أنا أدري إنك تحبينه وأدري أن علاقتكم وحياتكم مع بعض لا تنسينها وبينكم عيش وملح وبينكم بنت ، وأنتِ عندما ترينه يلاعب ابنته والبنت فرحانة بأبيها وتلعب بلحيته وتشمه أنا افهم مشاعرك يا زينب ، افهم أنا عندي زوجاتي وأختك فاطمة عند زوجها علي ورقية وأم كلثوم كل واحدة متزوجة إلا أنت يا زينب من دون زوج ففرحت بزوجك أنا أفهم يا زينب مشاعرك – انظر يا أخي التعامل مع الإنسان يحترم مشاعره – ثم قال صلى الله عليه وسلم: '' لكن لا يخلصن إليكِ ''، يعني لا يجامعك كما يجامع الرجل زوجته لأنه كافر لكن يبقى عندك بالبيت ويبقى مع ابنتك، و أكرميه وأحسني مثواه ، عامليه تعامل جيد وضعي له أحسن الطعام وضعي له الفراش الحسن،لكن أكرمي مثواه ثم خرج النبي وكان يرجوا أن يدخل أبو العاص في الإسلام، والنبي عليه الصلاة والسلام لا يهمه أن يجمع المسلمون مالا كان همه يا أخي أن الناس يسلمون ،فقال عليه الصلاة والسلام للناس قال إن شئتم رددتم عليه ماله، هذا الرجل منا حيث قد علمتم إن شاء الله يسلم ونحن نرجو أن يسلم ،ما رأيكم كل القافلة التي أخذناها منه نرجعها إليه، قالوا نعم يا رسول الله انظر يا أخي حب الصحابة للنبي عليه الصلاة والسلام مباشرة لا في المسالة نقاش ، وجاءوا فعلا وجمعوا يقولون حتى إن الرجل ليأتي بالشن القربة البالية التي لا تسوى درهم ويقول كانت بالقافلة يا رسول الله كل شيء ولم يتركوا شيء ثم جاءوا وجمعوه، أخذه أبو العاص ومضى حتى أتى أهل مكة ووزع عليهم كلهم أموالهم ثم قال يا أهل مكة هل بقي شيء؟ قالوا قد كفيت ووفيت ، قال فإني اشهد أن لا اله إلا الله وان محمدا رسول الله والله ما منعني من الإسلام وأنا عنده إلا أن تقولوا أسلم حتى يأخذ القافلة، أسلم حتى يرجع له فلوسه، لا والله ، لكن الآن ما دام عادت إليكم أموالكم وعاد إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
هذه المشاعر يا جماعة التي كان النبي يراعيها في الناس عندما يتعامل معهم،يراعي في المرأة محبتها لزوجها، يراعي في الرجل محبته لأبنائه،يراعي لما يأتي الفقير يتحدث معه، نحن اليوم ينبغي عندما نتعامل مع الناس أن نتعامل على أنه إنسان جاءك شخص فقير وهو فقير يستحق الاحترام يا أخي، وهو ربما أحيانا يكون عدوا لك لكن اعلم انه لا يزال في قلبه بقايا إنسان، بقايا عاطفة ،لذلك أنت إذا تأملت وجدت إنه حتى اليوم حتى الكفار بل حتى الملحد الذي لا يؤمن بالله ولا يؤمن باليوم الأخر ولا يؤمن بالجنة ولا نار، إذا مر بإنسان ضعيف مسكين أو جائع أخرج من جيبه مالا وأعطاه، هذا يدلك وهو ملحد وكافر بالله العظيم فيه إحسان، يا أخي أنه عنده نوع من الإنسانية ،هذه الإنسانية نحن مطالبون أن نستثمرها عندما نتعامل مع الناس، تتعامل معه علىإنه عنده إحساس ،عنده مشاعر ،عنده إنسانية لا تتعامل على إنه كافر ضال فاجر.
والله يا أخي كنت مرة درست بالخارج ثم اتصلت على أحد الأخوة قلت أريدك تختار لي عجوز اسكن معه أتناقش معه وأتعلم معه لغة فاختار لي رجل كبير بالسن فلما جئت وسكنت معه بعد يومين أو ثلاثة فإذا هو قسيس.
ناصر: هذا مثل شيخ عندنا.
عبد العزيز : سبحان الله أنت هنا داعية إسلامي وهو قسيس.
سماحة الدكتور محمد العريفي :فلما جلست معه قال أنت ماذا تشتغل ؟طبعا لازم تجلس معه كثير لأجل أن تتكلم ، فقلت والله مشكلة،أقول له ما اشتغل ، قلت له أنا قسيس إسلامي، قال كيف قلت أنا (بريست) أنا قسيس إسلامي قلت أنت قسيس بالكنيسة إمام بالكنيسة أنا إمام في المسجد، فلما جاء يوم الجمعة لا يدري إني اذهب لأخطب الجمعة، أنا في المركز الإسلامي بجانبنا وعلموا إنني موجود وأنا من أخطب ولما رجعت أخذت البشت معي المشلح فقال لي اليوم كيف أنت هل ستذهب المدرسة أم لا ؟ اليوم أنت آخذ معك شيء غريب قلت له اليوم القسيس يرتدي الأمور الخاصة بالقساوسة فالشاهد سبحان الله يا أخي مع أنه قسيس وداعية للنصرانية ويعتبر شيخهم إلا تشعر إنه في قلبه لطف في التعامل معي والمحبة للخير ولما أتكلم معه متى نتناقش عن أحوال مثلا فلسطين عن أحوال العراق عن أحوال ... مثلا لما يقول بوش تلك الأيام هذه حرب صليبية ويقتل المسلمين وما وقع في البوسنة في أيام مضت عندما كانوا يرسمون الصلبان على المصاحف كان يتألم لذلك كله، مما جعلني سبحان الله أتشجع إني أدعوه أن يدخل في الإسلام، فلو إنني يا جماعة من الأول لما قال أنا قسيس قلت في نفسي أعوذ بالله انظر لي مكان أخر وهذا فاجر هذا ليس في قلبه رحمة لا ،تعامل يا أخي مع الإنسان على أنه إنسان – كتلة مشاعر - مهما كان عنده من الفساد، مهما كان عنده من الضلال مهما كان عنده من الفجور، ينبغي أن تتعامل معه فعلا على إنه إنسان يمكن أن يُستثمر فيه شيء ،وهذا ما كان يفعله النبي عليه الصلاة والسلام حتى لما يتعامل مع الكفار يعني لماذا كان النبي يصلى الله عليه واله وسلم يرسل مثلا هدية إلى المقوقس حاكم الإسكندرية مع أن المقوقس كان نصرانيا ومع ذلك يرسل له هدية ويرسل المقوقس له هدية فيرد عليه النبي بهدية يتعامل مع المقوقس على أنه إنسان، بالتالي تستطيع إنك تؤثر فيه .
أحمد : طيب الآن البعض يا أبو عبد الرحمن يلوم بعض رؤساء الدول العربية والإسلامية في حالة أنهم صاروا يتوددون للغرب أو المسيحيين أو اليهوديين أو أنهم يهدونهم بعض الهدايا فيقولون هؤلاء موالين لهم أو أنهم عملاء لهم.
سماحة الدكتور محمد العريفي : هو طبعا يا أحمد هناك فرق بين إنك تتودد إليه وأنت ضعيف مسكين وتبدأ تقدم تنازلات يقول لك مثلا غير التعليم عندك في البلد فتقول نعم خلاص نحذف الأشياء الخاصة بالنصارى وخاصة بالجهاد وخاصة بكذا فيقول لك طيب المرأة لا تلزموا المرأة التربية – الحجاب – ضع اختلاط افتح جامعات فيها اختلاط افتح... فتبدأ تستجيب له هذا الذي نحن نعارضه، لكن الابتسامة في وجوههم و مؤاكلتهم و مشاربتهم تدعوهم إلى بيتك وتطعمه وتسقيه وأنت أيضا تستجيب لوليمته هذا ليس فيه مشكلة لكن أهم شيء أن لا يحصل عندك تنازل عن أمور من دينك .
ناصر : هناك بعض الملحدين أو اليهود والنصارى تجدهم على رأسهم أكثر من مسلم تلقاهم وتلقى هنا فيه بغض وكراهية تعامله قليل سيء خلقيا وتجد هذا الملحد لا تجده مبتسم في وجهك متعاون معك متساهل معك في شتى الأمور .
سماحة الدكتور محمد العريفي : طبعا ناصر نحن يا جماعة لا نبالغ ليس كل النصارى أو كل الملحدين أو كذا لطيفين في التعامل.
ناصر: لا ليس كلهم بل جزء .
سماحة الدكتور محمد العريفي : يعني أنا عاملت بعضهم كان شيء التعامل جدا ومتكبر جدا وحقود ، أنا درست هناك عدة مرات وتشاجرت مع مدرسين وتشاجرت مع طلاب
ناصر: مشكلجي
سماحة الدكتور محمد العريفي : لا لست مشكلجي ،لكن فعلا تحس تعامله سيء حتى أحد المدرسين كنت إذا رفعت يدي أجاوب لا يعطيني اهتمام إذا ما أدري إيه كده إلى ...
ناصر: طبيعة بشر.
سماحة الدكتور محمد العريفي : طبيعة بشر، ليس لأنه مسلم أصبح طبيعته سيئة أو ذلك لأنه نصراني .
ناصر: ما أقصد أقوله أيضا المشركين أو الملحدين أو الكفار في منهم غريزة تجد البعض منهم أفضل من المسلم.
سماحة الدكتور محمد العريفي : أفضل من المسلم فيما يتعلق بالتعامل أما في عقيدته فلا المسلم أفضل الموحد أفضل من المشرك، لكن أقصد أيضا نحن لا ينبغي أن نظن أحيانا أن ما يدفع المسلم إلى هذا التعامل السيئ نقول يا أخي النصارى أحسن تعامل منك لا تقل النصارى قل يا أخي قابلت شخص أمريكي بريطاني فرنسي وكده وكان أحسن تعامل منك أيها المسلم ولا يعني إن هذا الأمريكي عندما يسلم سيصبح تعامله فاسد لا لا لا ،بالعكس سيستمر على تعامله .
ناصر : هي غريزة .
سماحة الدكتور محمد العريفي : أحسنت وصدقت هي غريزة وأصلا طبيعة في الإنسان سواء أسلم أو لم يسلم .
ناصر : حتى إنه يوجد فتوى لدى المسلمين إنه يجوز للمسلم الذي زوجته كتابية أن يحبها لذاتها ليس شرط لدينها.
سماحة الدكتور محمد العريفي :أحسنت ، حتى النبي عليه الصلاة والسلام لما كان يتعامل يعني مثلا في المدينة كانت مليئة بالناس الذين يتمنون أن يخدموا النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أدني شيء ومع ذلك من اختار النبي صلى الله عليه وسلم ليخدمه في ببيته غلام يهودي ، طيب يا رسول الله ما هو عندك أنس لا ،نحتاج الغلام اليهودي أنس يشتغل معنا، لكن الغلام اليهودي يبقى معي بالبيت، طيب يا رسول الله ما هو الصحابة كل واحد عنده أبناء، يتمنى أن ابنه يقيم معك بالبيت ويخدمك ويساعدك . قال لا أريد اليهودي لماذا النبي عليه الصلاة والسلام يريد هذا الغلام اليهودي معه ؟
ناصر : ليستلطف قلبه ويدخله في الإسلام.
سماحة الدكتور محمد العريفي : أحسنت أول شيء يدخله في الإسلام والأمر الثاني يعلم النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا اليهودي الصغير كلما رجع إلى بيته أو جلس مع أحد اليهود سيسألونه عن ماذا ؟
ناصر : عن محمد صلى الله عليه وسلم.
سماحة الدكتور محمد العريفي : عن محمد وأخلاق محمد وتعامل. ممتاز ، فهو يريد أن يرسل رسائل إليهم يريد أن يرسل لهم رسائل ،أن اليهودي يقول والله تصدقون انه إنسان طيب والله تعامله حلو ،والله لا يصرخ بزوجه والله لما جاء الطعام أعطاني وقال هذا اذهب به لأهلك، يريد أن يرسل لهم رسائل ترى الوصف الذي جاء عني بالتوراة والإنجيل عندكم وإنه خلوق وأن هذا النبي حسن التعامل وإنه رحيم ترى انظروا الآن هو مطبق عندي ، هذا الذي ينبغي اليوم نحن أن نتعامل معه والله لو تعاملنا مع الناس فعلا على أن الذي أمامي إنسان يستحق الاحترام لإنسانيته ،الله تعالى يقول: '' وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ'' يستحق الاستماع إليه والإنصات، الإحسان إليه، مراعاة جوعه، مراعاة عطشه، مراعاة حاجته، علاجه قدر الاستطاعة لا يعتمد هذا على جنسه أو على لونه أو على فقره أو على نسبه أو على كثرة ماله أو قلته، لا بل يعتمد على كونك إنسان أنا وإياك أبونا واحد آدم وبالتالي تستحق أن أتعامل معك على إنك إنسان ، فما أعظم من أن النبي صلى الله عليه وسلم تمر به جنازة يهودي ويقوم حتى مضت احتراما فلما قال الصحابة يا رسول الله يهودي، قال:"" أليست نفسا؟!! هذا أيضا نفسا خلقها الله يستحق أن تعرف له قدرا حتى لو كان يهوديا .
اسأل الله أن ينفعنا وإياكم بما سمعنا، أنا أرجوا أن تكون الرسالة وصلت، يا أخي حتى والله نحن لو استوعبنا هذا فعلا أتصور يا أخي سيصبح نظرة الناس للإسلام والمسلمين نظرة أكثر إشراقا بكثير، اليوم أقرأ يا جماعة إن عدد المسلمين وصل إلى مليار وسبعمائة مليون وكان سابقا مليار وخمسمائة هذه المائة سنة الماضية زاد المسلمون مائتي مليون ولا يزال اليوم إقبال الناس على الإسلام بشكل كبير جدا ، ما الذي يجعلهم يقبلون يا أخي إلا ما يرون من مخالطتهم للمسلمين وتعامل المسلمين معهم ما جعلهم ينجرون للإسلام ، اسأل الله تعالى أن يجزاكم خير الجزاء يا شباب، أنتم أيضا أيها الأحبة اسأل الله أن يحفظكم ويجزيكم خير الجزاء على متابعتكم لنا و إلى لقاء أخر ،والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته