بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
مقدمة : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،'' يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ '' وفي حديث أبي هريرة الذي في الصحيح، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : '' إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث '' .أحيانا قد نرى أحدا عليه أنواع من المعصية والتقصير، ومع ذلك في قلبه من الحب للخير والإقبال عليه، وربما أحيانا من أعمال السر من صدقة بالسر أو صلاة بالليل، عنده أشياء نحن لا نعلم بها، فلماذا نسيء به الظن بناءا على مظهره؟ أحيانا ربما نسمع من شخص كلمات نابية، من إنسان لا تسرنا، فنفسرها تفسيرات تجرنا ربما إلى هجره أو غيبته أو مقاطعته، وربما لم يقصد بذلك شيئا، فلماذا لا نقدم حسن الظن ؟ أحيانا نرى بعض الأشخاص في أماكن معينة أو في مواقف محددة، فنسيء بهم الظن مع أنهم ربما لم يأتوا من أجل أن يقعوا فيما ظنناه بهم، فلماذا لا نحسن الظن ؟ النبي عليه الصلاة والسلام حذر من سوء الظن وبين أن سوء الظن ربما جر إلى الغيبة أو إلى نميمة أو إلى حقد وضغينة وما شابه ذلك. تعالوا نتحدث اليوم عن حسن الظن ،عن أساليبه، كيف ننشره بين الناس ،ما هو الظن المحرم؟ وما هو الظن الجائز ؟وما هو الظن الواجب أن تظنه؟ ما هي أنواع المظنون به عند الناس؟ كل هذا نناقشه بإذن الله تعالى في مسافرون اليوم.
حسن الظن
سماحة الدكتور محمد العريفي : طبعا من أهم الأمور التي ينبغي أن نعرفها، أن الله عز وجل لما أنزل هذا الدين جعله مهيمنا على جميع الأديان السابقة ،كما قال الله تعالى لما ذكر القران قال: '' وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ''مهيمنا عليه يعني جامعا لكل ما فيه من فضائل ،ما من خير إلا أمر الله تعالى به وما من شر إلا ونهى الله تعالى عنه.
من الأشياء المنتشرة اليوم ما يتعلق بسوء الظن بين الناس مثلا شخص لو عمل وليمة ولم يدعوك إليها،ودعا بقية أصدقائك،لن يقع في نفسك أن الرجل وصله خبر أني مسافر أو ربما اتصل بي ووجد جوالي مقفل ،يقع في قلبك مباشرة سوء الظن وتقول الظاهر الرجل لا يحبني أو لا يرغب في بقائي أو نحو ذلك ،أحيانا لو تأخر ولدك ومن عادته يرجع الساعة التاسعة أو العاشرة ليلا، وتأخر إلى الساعة الواحدة أو الثانية أو الثالثة لا تحسن الظن في الغالب، لا تقول في نفسك والله ربما حبسه حابس، أو ربما جالس عند أحد ونسي، أو ربما سُرق منه الجوال، الطريق زحمة أو نائم في مكان جلس وغلبه النوم، مباشرة يقذف الشيطان في قلبك سوء الظن، وتقول أكيد تضارب مع أحد، أكيد صار له حادث، أكيد صار....
الظن أقسام :
أما الظن الواجب أن يحسن أن يكون حسنا فهو بالله سبحانه وتعالى يقول بعض الصحابة، يقول: سمعت من رسول الله يقول قبل موته بثلاث ليال يقول: '' لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه'' يعني يا رب أنا يا رب أحسن الظن بك ،إنك كريم وتكرمني، و أعلم إنك من صفاتك رحيم ترحمني، و إنك من صفاتك غفور ، وإنك تحب الرحمة والمغفرة وأنا واثق إنك ترحمني وتغفر لي،هذا يجعلك قريب من الرحمة لما تحسن الظن بالله ،لكن لما تسيء الظن ترى حتى في الناس لما تسيء الظن ، مثلا أنت الآن لما تأتي عند ملك وأنت عليك دين 100 ألف مثلا و تقول له أنا جئت إليك أيها الملك، وأنا أعلم أنك كريم ،ورجل محسن للناس ،وأنك ما شاء الله عليك غلبت الناس بأفضالك، وغرقت الشعب كله بفضلك وإحسانك ، فأنا علي دين 100 ألف وأطمع في فضلك، هذا يكون أقرب للسداد عنك من لما تأتي وأنت تسيء الظن ،لو جئت وقلت أنا والله علي دين ،وأعلم أنك بخيل، ولا يطلع منك ولا ريال، وإن وجهك وجه جشع ظالم لأنك أكلت أموال الناس كلها ،وإنك عيشتنا في فقر ، لكن خذ سدد عني هذا الدين 100ألف ،هل ممكن أن يستجيب لك؟
ناصر: ممكن يستجيب
سماحة الدكتور محمد العريفي : ممكن يستجيب لك والله يا أخي أنت متناقض
ناصر: لا يمكن في الناس السيئة يحسن الظن فيها.
سماحة الدكتور محمد العريفي : يثبت خلافها يا أخي
أحمد : هو الآن أحسن الظن.
سماحة الدكتور محمد العريفي : لقد أحسن الظن جزاه الله خير لكن في الغالب أنه يقول لك إنه مادام هذا ظنك في يبقى خلاص من البداية ، مثل ما قال الله تعالى : '' وَذَٰلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ ﴿٢٣﴾ فَإِن يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ ۖ وَإِن يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُم مِّنَ الْمُعْتَبِينَ ﴿٢٤﴾ '' سورة فصلت، فهم أصلا لما وقال الله تعالى: '' وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْمًا بُورًا'' فأنت الأصل إنك تلقى الله تعالى وأنت حسن الظن به، هذا الظن الواجب إني أحسن الظن بالله، هذا أمر واجب لا نقاش فيه.
الظن المحرم هو أني أسيء الظن بربي، مثلا شخص فرضا يتزوج، ويقول في نفسه ما أظن الله يوفقني، ما أظن أن الله ييسر أموري بالزواج، ما أظن أن الله يألف قلبي وقلبها، يا أخي أحسن الظن بالله، الله كرمه واسع، يعني أنت إذا أسأت الاختيار واخترت واحدة فاسدة ،يا أخي ذنبك على جنبك، أحسن الاختيار واسأل عنها قبل،شخص فرضا يبدأ في تجارة وجاء واستخار واستشار ثم قرر أن يبدأ في هذه التجارة، أحسن الظن بالله قل يا ربي توكلت عليك ،وهي تجارة يا ربي حلال ،و يا ربي أنا أحسن الظن، إن الله بإذن الله يعلم من صدق نيتي أني أريد المال لأنفقه على نفسي وعلى أولادي وعلى والدي، بإذن الله إن الله تعالى إذا وفقني وأعطاني فلوس فإني سأشكر الله بها، وأبني بها مسجد وكذا فتحسن الظن، وتقبل وأنت محسن الظن بالله، أنتبه، لا تقبل على شيء وأنت مسيء الظن، أحسن الظن لدى ربك، فهو أمر واجب أحسن الظن بمغفرته ورحمته.
هناك ظن جائز مثلا لو تقول لي فلان جاء من السفر، أقول والله أظن جاء من السفر. أتتوقع ابنك ينجح؟ والله يا أخي الولد لم يراجع جيد أظن ما ينجح أو من درجاته، مثل ما قال أبو بكر رضي الله عنه في البخاري، قال لابنته عائشة لما رأى زوجته حاملة ورأى بطنها كبيرا،قال :يا بنيتي وأشار إلى بطن امرأته ،قال: إنما هما أخواكي أو أختاكي الآن هو يظن الظن الجائز ويقول الله أظن أمك حامل بتوأم إما تأتي بولدين أو تأتي ببنتين، فهدا الظن جائز، أو لو قلت مثلا "والله أنا أظن الفريق الفلاني يفوز ـ أو تقول أظن السلعة الآتية قيمتها تنقص أو تزداد... الظن الذي يعطيك القيمة هذا لا بأس فيه، لكن الظن السيئ أيضا بالناس هذا لا يجوز مثل مثلا لو قلت لي مثلا سامي قال لي والله فلان أنا قدمت على وظيفة وسبحان الله وما امشي أوراقي فلا أقول لك مثلا والله ترى المسكين يا أخي ما عنده وظائف عندهم زحمة لم أحسن الظن قلت هذا أصلا ما يوظف إلا جماعتة، هذا أصلا ما يحبك ولا يحب قبيلتك ولا يحب أهلك ولا يحب ... أسأت الظن به هذا محرم .
سامي : وإذا كان أمر واقع .
سماحة الدكتور محمد العريفي : لا لا ابحث عن ظن حسن يقول أبو ذر رضي الله تعالى عنه : '' التمس لأخيك تسعة وسبعين عذرا ثمانين إلا واحدا فان لم تجد منها عذرا يصلح فقل لعل له عذر لا أعلمه '' هذا هو الأصل يا أخي ترى الشخص إذا عاش مع الناس بحسن ظن وطيبة قلب يوفق وأول من يسعد هو، الواحدة لما تتعامل مع زوجها بحسن ظن ،الواحد لما يتعامل مع زوجته بحسن ظن، يتعامل مع أولاده، يتعامل مع أصدقائه، أما الذي يتعامل دائما بسوء ظن وسوء طوية وهذا خبيث وهذا يمكر بي وهذا يفعل كذا، أول من سيعذب هو في نفسه لذلك النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم أصحابه دائما حسن الظن بالآخرين.
مثال لما أراد النبي أن يفتح مكة لم يقل عليه الصلاة والسلام لأصحابه إني ذاهب لفتح مكة، وهذا كان يفعله دائما كان إذا أراد عليه الصلاة و السلام أن يغزوا بلدا يوري بغيرها يعني فرضا هو ذاهب إلى مكة ومكة بجنوب المدينة،ويسأل أصحابه ويقول تجهزوا لقتال،ويبدأ الصحابة يقولون يا ترى من سيغزو؟ أين سيذهب؟
يعلم أن المدينة فيها منافقون فيها ناس ممكن أن يُخرجوا الخبر، فكان يقول لهم: تجهزوا لقتال، ثم فيسألهم يقول: كيف الطريق إلى الشام؟هل هناك أبار هناك؟ مياه وما القبائل التي نمر بها على الشام؟ فيظن الناس أنه سيغزو الشام وهو في الحقيقة أول ما يجهزوا يمشي بهم ثلاثة أربعة كيلوا شمالا ،ثم ينعطف بهم يمينا، فأراد عليه الصلاة والسلام أن يغزو مكة، يفتح مكة ،و بدأ يسأل عن الشام وهكذا ،أحد الصحابة اسمه :حاطب ابن أبي بلتعه رضي الله عنه كان ليس من أهل مكة، لكن كان في مكة جماعته، بعض أولاده وزوجته وكان خائف عليهم من كفار مكة فأراد أن يصنع معروفا لأهل مكة ليحسنوا لزوجته وأبنائه، فأخذ ورقة وكتب : ''من حاطب بن أبي بلتعه إلى من يراه من أهل مكة، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أجمع غزوا - يعني أجمع إنه يعمل غزو- وأظنه سيأتيكم ولا أظنكم تقوون على مقالته، لكن خبر أعطيكم إياه'' وأخذه وأعطاه لامرأة أخذته المرأة وذهبت به في الطريق إلى أهل مكة، النبي عليه الصلاة والسلام نُبئ بذلك، نبأه الوحي ونادى المقداد والزبير وعليا رضي الله عنهم، قال: اذهبوا إلى روضة خاخ - موطن معين روضة فيها زرع - إلى روضة خاخ فستجدون امرأة على بعير لها، معها كتاب إلى أهل مكة، احضروا الكتاب ومضى الصحابة ووصلوا روضة خاخ ،والمرأة تنتظر في هذه الروضة ،فجاء علي رضي الله عنه والصحابة ،قالوا: اخرجي معك كتاب إلى أهل مكة أعطينا الكتاب، قالت: ما معي كتاب ولا ...، انزلي البعير ونزلت ،فتشوا الرحل فتشوا الحقيبة ما وجدوا شيء، فجاء علي رضي الله عنه إليها قال: اسمعي والله إن معك كتاب، والله ما كذبنا ولا كُذبنا،نحن لا كذبنا عليكي، ندعي إن معك كتاب، ولا النبي عليه الصلاة والسلام، كذب علينا،نحن لا كذبنا ولا كُذبنا، والله لتخرجن الكتاب أو لتنزعن الثياب- نفتش الكتاب أتضعه في إبطها- والله نفتشك تفتيش داخلي، فلما رأت منه الحزم، قالت: تنحوا عني، أبعدو شوي ،فتنحوا وكشفت خمارها وأخرجت الكتاب من تحت شعرها- انظر قوة التهريب- ،فأخرجت الكتاب تفضل، رجع بالكتاب إلى النبي عليه الصلاة والسلام ،انظر الموقف الآن وحسن ظن النبي عليه الصلاة والسلام بأصحابه .
جالس النبي عليه الصلاة والسلام ومعه الصحابة وحاطب رضي الله عنه موجود وعمر والصحابة، وجاء علي رضي الله عنه وأعطى النبي عليه الصلاة والسلام الكتاب .
أحمد : ولا فتحه ؟
سماحة الدكتور محمد العريفي : ما فتحه من أمانتهم ،والنبي عليه الصلاة والسلام ما يجيد القراءة ولا يستطيع أخذ الكتاب وقراءته لوحده ثم يغلقه، بل لابد أن يعطيه لأحد يقرأ، ومن يقرأه لابد أن يقرأه بصوت عالي، وأخذ الصحابي الكتاب وبدأ يقرأ : '' من حاطب بن أبي بلتعه إلى من يراه من أهل مكة، إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، يريد غزوا ، وأظنه سيغزوكم '' ،هذه خيانة عظمى تطلع أسرار الدولة الإسلامية، فلما قرأ الكتاب رفع النبي عليه الصلاة والسلام بصره إلى حاطب قال : ما هذا يا حاطب؟ كيف تخرج أخبارنا؟ ما هذا يا حاطب؟ قال: يا رسول الله لا تعجل علي لا تستعجل باتخاذ القرار، لا تعجل علي يا رسول الله- حاطب إنه بشر يا أخي ،عنده مشاعر وعنده أحاسيس يفكر في زوجته وعياله وأهله- قال: يا رسول الله إن أصحابك من أهل مكة لهم أقارب يحمون أهلهم في مكة، أنت يا عمر عندك أعمامك وأخوالك يحمون أقاربك، أنت يا أبى بكر عندك أبوك بمكة يحمي من بقي من أهلك، أنت يا عثمان عندك، أنت يا علي ... أنا ما عندي أحد، إني كنت امرأ ملحقا بقريش أصلا لست قرشيا، أنا جئت وسكنت بمكة من خارجها، كنت ملحقا بقريش، فأردت أن اصطنع عندهم يدا يحمون بها قرابتي في مكة وأنا أعلم يا رسول الله أن الله سينصرك، فسكت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: صدقكم – انتهينا – أحسن الظن به ما قال: لا أنت تكذب علينا أنت تلعب، لا ، الرجل أخطأ لكن نحسن الظن به، قال عمر: يا رسول الله، أفلا أضرب عنقه، هذا منافق يا رسول الله، يطلع أسرارنا، اضرب عنقه حتى يتأدب، وكي لا يتجرأ أحد غدا يُخرج أسرار المسلمين، فقال: اضرب عنقه؟!!فقال النبي عليه السلام : لا يا عمر لعل الله أطلع على أهل بدر - الدين قاتلوا في بدر - فقال:'' اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم '' ، انظر يا أخي حسن ظن النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد عمل هذه العملة .
هل نحن يا أخي لما نتعامل مع أقوام، ربما يكون أمامك شخص ربما يكون سكيرا، أو ربما يكون أحيانا سارقا، أو ربما يكون ... هل نحن نحسن الظن به؟ لذلك أحد السلف لما سرق رداءه، كان عليه رداء ووضعه في مكان، فسرق فجاء إليه من جاء وقال له: ادعوا على سارقه، فقال والله لا أدعوا عليه لعل له أولادا جياعا فأخذه ليبيعه ويطعمهم، انظر يا أخي طيبته، لأنه يقول : لو دعوت عليه ما الفائدة ؟ لو قلت اللهم أهلكه، ما الفائدة أنا ماذا استفدت؟ هل رجع لي ردائي؟ ردائي راح ، خسرت شيء ألقاه عند الله، لكن في ذلك استفدت كسبت شيئا هو أن الله يؤجرك أنك لم تأخذ بحقك .
ناصر : طيب أحيانا تقول في حسن الظن، في الوضع الراهن ليس قبل ، لو يأتيك شخص طيب وعلى نياته، ويحسن الظن بأي شيء، راح يطلق عليه أنه إنسان مجنون أو خفيف عقل أو غبي ..
سماحة الدكتور محمد العريفي : انظر ناصر هناك فرق بين السفاهة وبين حسن الظن .
ناصر : بعضهم من كثر حسن النية يسرقونه .
سماحة الدكتور محمد العريفي : لا لا ليس لهذه الدرجة يعني فرضا لو أنت الآن و أنا جالس، أنا تركت الجوال وفيما بعد جئت أنت وأخذته وأنا سكت عنك ،وقلت حسن الظن لعله محتاج وسكت، وفيما بعد شوي أنت أخذت مفتاح سيارتي وطلعت، وفيما بعد قلت في نفسي: لعل عنده أخ مريض يذهب به إلى المستشفى وسكت، وفيما بعد بالليل ما أدري إلا واتصلت بي الشرطة، والله سيارتك هناك شخص يجول بها بالشوارع وصدم ،وتركها وتوجه إلى أهله، وفيما بعد قلت لعله كان مسرعا لينقذ أخاه ،ومن ثم اذهب وفيما بعد في الغد جئت وضربتني وتركتك، وفيما بعد قلت لعله كان غضبان وضربني ، هذا عبيط ليس حسن الظن ، لا لا لا نحن نقصد بحسن الظن أن لا تسيء الظن بالآخرين بحيث أنك لا يجرك ذلك إلى عقوبتهم إذا كانوا اجتهدوا في أشياء ، مثل حاطب، النبي صلى الله عليه وسلم يقول : أقتله ؟!! فالرجل بين ،يعني أنت الآن فرضا لو الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل : دعوا الكتاب يذهب إلى قريش أحسنوا الظن بحاطب، لا، أرجعوا الكتاب ، أنت لو أخذت جوالي أرجعه منك
ناصر : اكلم أمي
سماحة الدكتور محمد العريفي : تكلم أمك أنهي المكالمة وارجع الجوال، أحسن لك قبل أقوم أؤدبك ،لا يا جماعة لازم نفرق بين أمرين ،هناك أشياء بينها شعرة ،بين الشجاعة والتهور شعرة ، بين حسن الظن والسفاهة شعرة ،لازم الشخص يضبط نفسه في ذلك ،حسن الظن بالناس عدم إساءة الظن ، لكن لا تنقلب المسالة إلى مثل ما قال عمر رضي الله عنه: '' لست بالخب ولا الخب يخدعني'' لا تنقلب إلى سفاهة الناس يأخذون أموالك و يأخذون حلالك وكل شيء ،وأنت لا تدري عن شيء، فقط تحرك برأسك ،لا بد للشخص أن يكون رجلا .
أحمد : معذرة، يحدث يا شيخ في بعض الأحيان، إذا شخص طلب الجوال مثلا في مستشفى أو غيره، واضح أن الشخص الذي طلب يبدو أنه غير محتاج للمكالمة، فأنت قد تسيء الظن يمكن يأخذ جوالي حسب القصص التي سمعتها، يأخذ جوالي ويغادر ، فبعض الأحيان تقول جوالي ما يتصل ، آسف جوالي استقبال، آسف جوالي كذا ،فأنت تلتمس العذر لنفسك حتى ما تقع في موقف تلوم نفسك فيه .
سماحة الدكتور محمد العريفي : طيب أنا هذا ليس عندي فيه مشكلة ، أنا أتكلم يا جماعة عن حسن الظن في أخطاء الآخرين، يعني مثلا لو شخص جئت البيت مثلا ورأيت مثلا زوجتك كسرت الدولاب فرضا، فجئت أنت قلت: لماذا تكسرين الدولاب، يعني لازم اشتري جديد، فقالت: أنا كنت قصدي أغير مكانه حتى أجدد بالغرفة فانكسر، لا تسيء الظن وتقول في نفسك: لا هي أصلا من زمان تقولي غير الدولاب ، واليوم كسرته حتى اشتري ، لا أحسن الظن ،طيب ما لم يكن هناك قرائن، لكن لا يعني الشخص يقومون الناس يلعبون بعقله، شخص مثلا يقول : أعطني سيارتك هيا خذ السيارة ، أعطني جوالك هيا خذ الجوال ،ممكن بطاقتك أقدم بها على جوال جديد هيا خذ بطاقتي، لا تكن غبي أهبل (خبل)
عبد العزيز : تعامل النبي صلى الله عليه وسلم، مع العصاة مثل تعامله الشخص شارب الخمر ،كان يجلده وكان يقول إنه يحب الله ورسوله، وكان هو مضحك النبي صلى الله عليه وسلم في المجالس، هذا نفتقده اليوم ، يعني الشخص الذي نعرف إنه يشرب خمر ، مستحيل بعض الناس تجلس معه أصلا، فضلا على إنه يضحكه أو إنه ...
سماحة الدكتور محمد العريفي : أحسنت، انظر النبي صلى الله عليه وسلم ، هذا الرجل كان اسمه عبد الله وكان جلدا قويا فكان يسمونه حمار ، مثل ما نسمي نحن اليوم صقر وذئب هم كانوا يسمون حمار وكلب، فالشاهد هذا الرجل كان أحيانا – هو محب للنبي عليه الصلاة والسلام حبا عظيما – لدرجة أنه أحيانا يذهب للسوق فيرى مثلا عُكة سمن أو يرى رداء جميل ويقول: يا ريت هذا آخذه هدية للنبي صلى الله عليه وسلم لكن ما عندي فلوس، فيقول لصاحب المتاع: أعطني هذا الرداء وتعال خذ ثمنه ورائي، يأخذ الرداء وعلى بيت النبي صلى الله عليه وسلم، يطرق الباب يفتح النبي صلى الله عليه وسلم ويقول: يا رسول الله هذا هدية لك ،ويأخذه النبي صلى الله عليه وسلم – كان يقبل الهدية ويكافئ عليها- فلما يأخذ الهدية يرى شخصا آخر واقفا وراءه، فيقول ذلك الرجل :يا رسول الله أعطني الثمن فيقول: هذا يا رسول الله أعطه ثمنا، قال : ألم تهديه إلي نحن اتفقنا أنه هدية، فيقول: يا رسول الله هو هدية، والله ما عندي قيمتها وقد أعجبني، فيضحك النبي صلى الله عليه وسلم و كان يعطيه ثمنها ـ يقولون فكان عبد الله هذا محبا للنبي صلى الله عليه وسلم في كل موطن، لكنه مع ذلك كان يشرب الخمر ،كان رضي الله تعالى عنه يؤتى به للنبي صلى الله عليه وسلم فيُجلد ثم يذهب فكان يغلبه الشيطان ويرجع مرة أخرى، يغلبه الشيطان ويشرب الخمر فيُجلد فكان النبي صلى الله عليه وسلم يجلده، فلم يقاطعه النبي صلى الله عليه وسلم أو ينفيه من المدينة ،ولم يقل له: لا أقبل هداياك، أنت شارب الخمر، لأنه يعلم الرجل مؤمن محب للخير محب للنبي صلى الله عليه وسلم ،لكنه يغلبه الشيطان أحيانا فيشرب، فلما جُلد مرة وأُخرج ،سبه أحد الصحابة، قال: لعنه الله ما أكثر ما يؤتى به ،فقال النبي صلى الله عليه وسلم له: لا تلعنه لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله .
لاحظ يقول لا تلعنه لأنه ليس التعامل مع شارب الخمر باللعن، التعامل مع شارب الخمر بالنصيحة ، يا أخي أنت عندك كلام تريد تقوله الحق الرجل واجلس معه وانصحه يا فلان الخمر حرام اسأل الله أن يتوب عليك منه، ليس الحل يا أخي مع شارب الخمر أن تلعنه وكذلك الإنسان لو شخص كذاب،ليس الحل معه أن تقول: الله يلعنك يا كذاب ،ليس هذا الحل، الحل أن أوفر هذا الكلام بدل ما أقول: الله يلعنك أقول الله يهديك الله يصلحك الكذب حرام، لذلك النبي كان يقول في الحديث الصحيح : ''يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان إلى قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإن من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته '' رأيت كيف كان يحذر النبي عليه الصلاة والسلام من أن الإنسان يبدأ، وفي الحديث الأخر قال عليه الصلاة والسلام : '' إياكم والظن '' ثم قال ''ولا تجسسوا ولا تحسسوا '' لأن الإنسان إذا ظن يبدأ يتجسس ، الآن أنا لما أظن مثلا أن فلان مثلا يشرب خمر، فبدل ما أتي وانصحه من بعيد لا، ابدأ أتجسس عليه وأتحسس لماذا يشرب الخمر ،ولا ما يشرب خمر ،وأراقب جواله، ""وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا '' يا أخي لو عندك نصيحة اذهب وانصحه لذلك النبي عليه الصلاة و السلام يعلم أن سوء الظن يجر إلى ما بعده قال:" ولا تجسسوا ولا تحسسوا و لا تدابروا ولا تهاجروا وكونوا عباد الله إخوانا '' يريد منهم النبي عليه الصلاة والسلام أن يصبح الإنسان جامعا لقلبه مع الناس .
ناصر: فيه البعض لما يروا شخص لابس بنطلون وجينز أو إنه حليق يقولون ما فيه خير ، وإذا جئت ترى تفاجئ فيه تجده أول واحد بالمسجد ومن عليه ظواهر التقى تجده أحيانا يصلي وأحيانا أخر واحد.
سماحة الدكتور محمد العريفي : لا هو انظر طبعا نحن لما نرى ظواهر الناس من الطبيعي إنك تحدد من خلال الظاهر طبيعة الإنسان ، لنكن واضحين، يعني أنا لما أرى شخص قاص قصة معينة وحالق شعر من الصفر ، و هذا أسود و معه سيجارة وواقف ويرتدي فانيله فيها صور سيئة، من الطبيعي أنه لن يقع في قلبك أن هذا تقي نقي ورع زاهد داعية ،طبيعي أن يقع في نفسك إنه مقصر لكن نحن لا نتكلم عن ما يقع في القلب نتكلم عن كيف تتعامل معه، هل أتعامل معه بناء على أني أقول في نفسي هذا فيه على الأقل 10 بالمائة خير و 90 بالمائة سوء ،طيب، لماذا ما استثمر هذا الخير الذي فيه وابدأ أزيده: الله يوفقك، الله يحفظك، أنا أحب لك الخير، والله يا أخي أنا أحيانا أكون مثلا في المطار أو في مكان عام فيأتيني بعض الشباب ممن هذه هيأتهم الذين وصفتهم وبعضهم أحيانا شعرهم طويل وحاط ربطة على الشعر وربما أحيانا يسلم علي ولا يريد أن يقبلني يقول يا شيخ أنا رائحة الدخان يا شيخ لكن والله أنا أحبك في الله وأتابع برامجك، فاعلم أنه في قلبه ربما نسبة من الشر جعلته يقع في التدخين يقع في لباس سيء يقع ... لكن أيضا عنده نسبة من الخير جعلته لما رأى داعية من الدعاة جاء يسلم عليه وأنا أحبك في الله وأنا أتابع برامجك مع إنه يستطيع أن يتابع غيرها لكن نحن مطالبين أن نحسن الظن و أن نستثمر هذا الخير الذي فيهم .
هذا عبد الله بن عباس سبه رجلا يوما ، فقال له عبد الله بن عباس- انظر حسن الظن بالناس وحبه للخير - قال عبد الله بن عباس: أما إذ سببتني فإن في ثلاث خصال، والله ما علمت من آية في كتاب الله علما إلا وددت لو أن كل الناس علموا منها ما أعلم لا أريد العلم عندي لوحدي أريد كل الناس عندهم هذا العلم وما نزل الغيث في بلد إلا وددت أن الأرض كلها إلا فرحت لأهله بهذا الغيث ، وليس لي فيه سائمة -ليس لأن إبلي ترعى هناك لكن أفرح أنه الحمد لله الشمال جاءهم مطر اللهم لك الحمد الله يزيدهم مطر-ثم قال ولا سمعت عن حاكم من حكام المسلمين يحكم بالعدل إلا فرحت له بذلك مع إني لن أتقاضى عنده.
واحد من السلف محمد ابن سيرين والله قلت قبل سنين كلمة الحمد لله ولا أزال استغفر منها، قيل له كيف؟!! لماذا أحد يقول الحمد لله ويستغفر؟!! فقال نعم ،وقع حريق في السوق فجاء رجل إلي وقال: قد احترق السوق وسلم دكانك فقلت: الحمد لله ،يقول ثم قلت في نفسي أنا فرحت أن دكاني سلم ولا حزنت لكل هده الدكاكين التي احترقت، سري الثقفي قالوا كان مرة في قارب فمر بهم قارب آخر في النهر ومر بهم قارب آخر فيه شباب يغنون ويرقصون ويضربون بآلات الزمر فقال بعض ممن عنده :ادعوا يا شيخ على هؤلاء العصاة، فقال اللهم كما فرحتهم في الدنيا ففرحهم في الآخرة، فقالوا له سبحان الله ،يضربون بدل ما يسبحون ويهللون ويقرؤون قرآن يضربون بالزمر والطرب ويزعجون الناس وتقول فرحهم ، قال أيسركم أن يهلكوا أم يسركم أن يتوب الله عليهم ويفرحون في الآخرة.
فعلا انظر يا أخي محبة الخير وطيبة القلب للناس الله يجزيك خير، اسأل الله تعالى أن يجعلنا جميعا ممن يحسنون الظن بالناس، وأن يجعلنا أيضا ممن يلقون الله تعالى وهم يحسنون الظن بربهم عز وجل ، وأنتم أيضا أيها الأحبة اسأل الله أن يشملكم بهذا الدعاء وان يجعلنا الله تعالى ممن يحسنون الظن بالناس، ويتعاملون معهم بحسن ظن وطيبة واسأل الله جل وعلا أن ينفع بهذا الكلام فعلا وأن تكون الرسالة وصلت واضحة إلى إخوتي وأخواتي و إلى لقاء أخر إن شاء الله ، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .