بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
{ إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل } ونادى الله تعالى المؤمنين فقال :{ يا أيها الذين امنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وانتم تعملون } كون الإنسان يخطئ في الأمانة وهو لا يعلم، أكل مال لأحد وهو لا يعلم ، أو ربما دخل إلى حسابه مال وهو لا يعلم، أو فتح حسابا في بلد من البلدان وحوّل إليه أشخاص أموال عن طريق حلال أو حولوا إليه خطأ ودخل إليه مال وهو لا يعلم، هذا ليس عليه فيه حرج لأنه لا يؤاخذ على شيء لم يتعمده، ولكن المشكلة عندنا اليوم يا جماعة انتشار '' الفساد المالي '' مناقصات بدل ما تطرح للاكتتاب العام ويحفظ مال الدولة وينظر الأصلح للناس ، توجه لأشخاص معينين فيعبثون بأموال الناس وربما عبثوا أيضا بمساكنهم وطعامهم وشرابهم، بيوت وبنايات تقع على رؤوس أصحابها بسبب عدم الأمانة وانتشار الفساد المالي ، ناس يسكنون في بطون الأودية وتباع لهم الأراضي وتأتي السيول وتجرفهم وتقتلهم ويصبحون موتى بسبب الفساد المالي ، مشاريع تسمع أنها تقام مثلا بمائتي مليون أو ثلاثمائة مليون في بلد وتقام في بلد أخر بمليارين وثلاثة، وتسال أين ذهب الفرق بين هذا وهذا؟! إنه الفساد المالي، نحن نحتاج كثيرا إلى أن نتعلم كيف تعامل النبي عليه الصلاة والسلام مع الفساد المالي ، كيف كان يدقق على الإبرة، على الخيط، على المخيط ،كيف كان يصعد المنبر ويقول عليه الصلاة والسلام : ( إن أقواما نستعملهم على عمل فليجيئوا بقليله و كثيره فإن من كتمنا مخيطا فما فوق فهو غلول يأتي به يوم القيامة ) ، نحتاج والله أن نتكلم عنه ليسمع كل من تولى إدارة أو مسؤولية أو امرأة في بيتها هي مسؤولة عن مال زوجها، أو شخص خرج مع أصحابه في سفر فجمعوا مالا لينفق عليهم فصار عنده نوع من الفساد المالي، كل واحد له نوع من الفساد المالي يختص به سواء كثر أو قل، نحن لا نزال معكم ببرنامجنا '' مسافرون '' .
السلام عليكم ورحمة الله تعالى يا شباب، الله يحييكم ويجزاكم خير، طبعا يا شباب نحن في مسافرون نحاول دائما أن نتكلم في المواضيع التي لها علاقة مباشرة بالناس وأيضا مواضيع إن صح التعبير غير اعتيادية، يعني مثلا كان ممكن أتكلم عن بر الوالدين ، لكن أحيانا تستمع لخطيب الجمعة تجده يتكلم عن بر الوالدين ، تفتح الراديو يتكلم عن بر الوالدين، يوزعون عليكم مطويات بالمسجد عن بر الوالدين ، فالمسألة أحيانا أصبح عند الواحد نوع من التشبع، وأنت ما تستطيع أن تخترع آيات جديدة فهم سمعوا كل الآيات الواردة فيه وتكررت عليهم ،وما تستطيع أن تخترع أحاديث حتى تأثر في الناس، خلاص المسألة ، فنحن نحتاج إلى أن نتكلم عن أشياء أيضا ملامسة لواقع الناس والطرح فيها قليل ، ويبدو أن سقف الحرية قد ارتفع، فصار الواحد الآن كلامه فيها ينبغي أن يكون مباشرا في تحديد المشكلة.
الذي ينظر اليوم في الواقع بصراحة في الثورات العربية التي حصلت، ثم المليارات التي وجدت عند الرؤساء الذين كانوا رؤساء لهذه البلدان يعني مثلا لما سقط رئيس تونس لما سقط رئيس مصر لما وقع ما وقع مثلا في ليبيا في سوريا في غيرها ، تجد أن هذه المليارات التي كانت عنده مع أن واقع الشعب في حاجة ومسكنة وفقر ، طيب فأنت واحد من الشعب ووصلت إلى الحكم بالانتخاب فمن أين لك هذا ؟ما تجد أحد يسأله من أين لك هذا؟
وأيضا إذا نظرت في المشاريع التي تقام،تأتي مثلا شركات معينة من الخارج من اجل إقامة جسر معين أو بناء مستشفى كبير ، وأحيانا هذه المستشفيات يكون متبرع بها من دول أخرى، فإذا نظرت فإذا المرصود لهذه المستشفى مثلا مائة مليون دولار أو مائتان أو مليار ، وإذا هذه المستشفى لا يكلف إلا النصف بناء على الميزات والمواصفات التي وضعوها، وبدل السرير ما يشترى مثلا بما يعادل 5000 دولار آخذو سرير مشي حالك وبدل ما كان كهربائي صار يدوي، ونزل من 5000 إلى ألف، طيب 4000 التي زادت من الميزانية ذهبت في جيب من ؟
هؤلاء يا جماعة اللي نتكلم عن الفساد المالي ، النبي عليه الصلاة والسلام كان شديدا فيما يتعلق بالمال لأنه يعلم كما قال الله تعالى : { وتحبون المال حبا جما } الإنسان يحب المال ويحب إكثاره، والعجيب إنك تجد الإنسان لا يحتاج أصلا من الأموال إلا قليل ، واحد مثلا يملك مائة مليون دولار ، الله يرزقنا أمين، اشترى بيت مثلا بما يعادل عشرون مليون دولار أي ما يعادل ستون سبعون مليون ريال ، تصور بيت بسبعين مليون تصور حجمه، اشترى سيارات والسيارة مهما دفعت فيها توصل مليون دولار واشترى أربع أو خمس سيارات من النوع الغالي ووضعها عنده ، وأضاف طائرة خاصة، فلن يستطيع إنهاء المائة مليون دولار والله لو صرف بأيديه ورجليه مع إضافة يخت ،ومع ذلك تجده لا يكتفي بها المائة مليون دولار،بل يحاول أن يتكسب يمينا ويسارا ، يا ليت يتكسب بالحلال سكتنا ، مسألة الحرام وأكل لأموال الناس،ويبدأ يفرح أن الأرقام تكثر أمام أرصدته،وبدل أن يكون ستة أصفار يريدها تصل إلى ثمانية إلى تسعة إلى عشرة أصفار ، ويشعر كل يوم بالفرحة وكلما جلس يفكر ، أوه أنا أملك خمسة عشر مليار، طب هل يستطيع صرف الخمسة عشر مليار، ما يستطيع، لذلك الكلام ليس على اكتساب المال ، اكتساب المال ما فيه مشكلة ، فالله تعالى يقول : { فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه } ما فيه بأس فالنبي عليه السلام اشتغل قبل البعثة بالتجارة ،وأيضا الصحابة اشتغلوا في الإسلام بالتجارة ،عبد الرحمن بن عوف لما مات يقولون ورثت كل واحدة من زوجاته أربعة ملايين درهم ، وعنده أربع زوجات ومجموع ما ورثته الأربع زوجات ستة عشر مليون درهم ، و الستة عشر مليون درهم تمثل الثمن من التركة لأن الزوجات يورثن الثمن وحتى تحدد التركة كلها كم ، نضرب ستة عشر مليون درهم في ثمانية فتطلع النتيجة مائة وثمانية وعشرين مليون درهم ، ورغم كل هذا المال الكثير الذي عنده مع ذلك هو من العشرة المبشرين بالجنة،وهو الذي لما قال النبي من يشتري بئر رومه ويكون بالجنة ، قال : أنا يا رسول الله اشتري ، كان يبذل في المال ومع ذلك يموت ويترك لأهله المال ، فليست القضية أن تكتسب المال بل القضية يا أخي أن تكتسب هذا المال من حلال ، لذلك ما يقع اليوم مع الأسف من الفساد المالي، تجد مثلا أن مناقصة لوزارة من الوزارات وزارة صحة وزارة مواصلات أي وزارة تتعلق بالأمور الخدمية للناس حتى وزارة الشؤون الإسلامية وزارة الشؤون الاجتماعية وزارة تتعلق بأمور الاتصالات أو أي وزارة من الوزارات تحتاج أحيانا إلى أنها تشغل الشركات الموجودة بالبلد، تحتاج مثلا إلى حفر حتى تمدد كابلات الاتصالات أو كابلات الكهرباء أو بناء مستشفى أو بناء مساجد أو غير ذلك من الأمور ، تعال انظر إلى المناقصات التي تنزل ، هل هي فعلا يُعتنى فيها أن تكون الشركة المتخصصة تكون جيدة التنفيذ تكون مواصفات نافعة للناس فعلا وتقوم بما يريدون وتخدمهم الخدمة الحقيقية ، هل يكون فيه المال مثلا لما يُعطى فعلا لهم على حق ، هل هذه الشركة عندما تأخذ تنفد حسب المواصفات الحقيقية أو غير ذلك ، أحيانا لما وقعت السيول بجدة أو غيرها تأتي إلى بعض المنافذ التي كانت مخصصة لسحب المياه والأصل أنه لما يكون منفذ للماء تصريف للسيل أنه بالأسفل يكون فيه مواسير وأنابيب توصله للبحر أو أي مكان،فلما تأتي وتفتح هذا الغطاء فلا تجد إلا حفرة لا تتعدى نصف متر فقط ما في أي مواسير ولا أنابيب و لا أي شيء ، فأين الشركات التي نفذت هذا و أين المهندسون الذين جاءوا يدققون ويوقعون الموافقة عليها هذه هي المشكلة ، تجد أحيانا بنايات تدخل البناية فإذا هي ما شاء الله أحسن ما يكون، ثم لا تكاد هذه البناية يمر عليها ستة أشهر أو سنة إلا وبدأ تتصدع وربما سقطت على رؤوس أصحابها ،وهذا هو الفساد المالي الذي نتحدث عنه.
طبعا الله سبحانه وتعالى أكد على الأمانة ، حيث قال الله تعالى : { والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون } عهدهم أي عقد بيني وبين إنسان ، وأمانة لما أتي وأعطي إنسانا مالا وأقول له أنت مسؤول عن هذا المال، السابقون أيضا كان عندهم أنواع من الأمانات ، ذكر النبي عليه الصلاة والسلام أعدادا من القصص ،طبعا إذا تأملت وجدت القصص التي النبي صلى الله عليه وسلم يذكرها لا يذكر أي قصة لأصحابه لا ولما يختار قصة من الأولين يختار قصة وكأنه يقول لأصحابه يا أصحابي: اقتدوا بهذا أو احذروا من فعل هذا ،أو نحو ذلك يعني مثلا ، قال النبي صلى الله عليه وسلم ، أن رجلا من الأولين اشترى من رجل أرضا، اشترى الأرض وجاء يشتغل بالأرض يحفر ويزرع الأشجار فحفر جهة منها فوجد جرة مليئة بالذهب ،فما أخذها وذهب إلى صاحب الأرض الأصلي ، يا أخي أنا وجدت هذه الجرة بالأرض فهذه جرتك ، فذاك الرجل تحرج من أخذها وقال والله يا أخي: أنا بعتك الأرض بما فيها واخشي يكون حرام أني آخذ هذه الجرة وهو ذهب فاختلفا وقال الأول والله يا أخي أنا أيضا الذي اشترى الأرض ما أرى أنها حلال لي لأني أنا اشتريت الأرض وما بها من زراعة وبيت وما اشتريت ما بداخل الأرض ، فأخشى أنه حرام أني آخذه ، وقال صاحب الأرض الأصلي لا والله حتى أنا حرام أخاف أخذه ما أدري أخاف الله يحاسبني عليه ،فاختلفا وذهبا للقاضي – هذه قصة خيالية في هذا الزمان في الأمانة - يعني ما ذهبوا للقاضي لأن كل واحد أمسك الجرة من جهة فانكسرت بينهما ، لا ذهبا للقاضي لأن كل واحد منهما متحرج شرعا من أن يدخل إلى حسابه مال ما يدري هو حلال أو حرام ، ما أبغي الله يحاسبني عليه دبر نفسك معها ، فأعجب القاضي بهما وقال : هل أحد منكما عنده بنت للزواج ، فقال أحدهما نعم عندي بنت جاهزة للزواج ، فقال للثاني أنت عندك ولد جاهز للزواج ، قال نعم ، فقال القاضي : زوجوا الشاب من الفتاة وأعطوهم هذا المال نفقة لهما ليبنون بيت و ...، انظر سبحان الله كيف لما صدقا وحفظا الأمانة، انظر كيف بورك لهما ورجعت إليهما ما هي رجعت إلى ابنتي والى ابنه، لكن انظر كيف حفظ الله عليهما الأمانة.
الذي ينظر اليوم مع الأسف بصراحة يجد أحيانا أنه يتولى شخص معين على جهة معينة مثلا شخص يرجع إلى قبيلة من القبائل ثم لا يمضي سنة إلا ووجدت ربما إذا كان فيه مائة من الموظفين جدد دخلوا هذه السنة 80 في المائة منهم من هذه القبيلة ، معقول أنه كلهم ما شاء الله الذين فازوا في الامتحان و فازوا في المفاضلة وأصبحوا أحسن من غيرهم في المقابلات هذه فيها علامة استفهام بصراحة ، المناقصات التي تظهر المواصفات لماذا أحيانا لما يأتي مهندس معين ليدقق على مواصفات معينة في البناء ثم يوقع على الموافقة وإذا هي ليست على المواصفات المطلوبة أصلا ،وأحيانا تكون شركات تأخذ بالباطن وشركة كبرى تأخذه مثلا بمائة مليون ثم تعطيها لشركة بالباطن بخمسين مليون ثم تعطيها شركة بالباطن تعطيها لشركة اقل منها بعشرين مليون ، حتى أني اذكر قصة يقولون بالصين قديما أحد رؤساء الصين زار بلدة أخرى فدخل ووجد البلد كله منور ولمبات بالشارع وأعجب بالمدينة كلها إنارات فرجع واستدعى وزير الكهرباء عنده قال له أنا زرت البلد الفلاني و صراحة أعجبت جدا بالوضع و كم تحتاجون حتى تضيئوا كل الشوارع قال كيف يعني قال أريد كل عشرين متر يكون فيه عمود كهرباء فقال نحتاج إلى مائة مليون دولار كهرباء فصرف له المائة مليون، فهذا نادى الشخص المختص بالإنارة لأنهم شركة كهرباء وعندهم كل شخص مختص وقال له تعال نحن نحتاج نضع أعمدة إنارة بالشارع نحتاج كل خمسين متر عمود إنارة بدل مل كانت عشرين صارت خمسين وبالتالي بدل ما كانت مائة ألف عمود إلى الخمسين ألف فكم تحتاجون ؟ فأعطاه الستون مليون دولار وأخذ الأربعين مليون وقال الرئيس ما راح يلاحظ هو راح يأتي ليعد , هذا نادى الشركة المنفذة التي يتفق معهم وقال نحتاج إلى أعمدة إنارة ونحتاج كل سبعين متر تحطون عمود إنارة ودبر نفسه معهم وأعطاهم أربعين مليون وأخذ العشرين الباقي وجاءه مدير الشركة وقال له أنت ما تريد، قال أريد إذا مر الرئيس يرى الأنوار يقول فصرف للناس كل واحد يضع أمام بيته مصباح ، ولم تكلف إلا مليون ، وأنت إذا تأملت في هذا القص من الأموال تجد أنه ليس من أموال الرئيس نفسه، إنما يكون من أموال الشعب ، وهذه هي القضية التي نسميها نحن اليوم بالفساد المالي .
لذلك النبي عليه الصلاة والسلام لما كان يحذر الصحابة من هذا ، لما أرسل واحد من الصحابة اسمه ابن اللثبية ، قال له اذهب واجمع لنا الصدقات، نوع من المال الذي يوضع ببيت مال المسلمين ،ذهب الرجل وهو طيب وصحابي جليل فكان يأتي للرجل الذي عنده مثلا أربعون من الغنم أو عنده مثلا مائة أو مائتان أو ثلاثمائة ويقول له عليك شاة وكان لطيف بالتعامل فكان بعض أصحاب الغنم يستملحون الرجل وكونه لطيف وكذا فيقول له واحد منهم مثلا خد هذه الشاة الصغيرة هدية لك وهذا يقول ما شاء الله خد هذه العنزة و بها حليب هدية لأولادك، فرجع للنبي صلى الله عليه ومعه شياه كثيرة وابل و غنم وبقر هي الزكاة ، ومعه المجموعة الصغيرة هدايا اهديت إليه ، فالنبي عليه الصلاة والسلام لما جاء الرجل قال يا رسول الله هذه الأموال فقال يا بلال ضعها مع الصدقة فقال يا رسول الله لا هذا لكم البقر والغنم وهذا القليل اهدي لي هذه هدايا اهديت لي جاءتني وأنا موظف ،أنا توظفت في العمل شهرين ثلاثة ، وكان يأتيني هدايا من الناس جمعتها لأولادي هذا اهدي لي ، فغضب النبي عليه الصلاة والسلام ، طيب أنت تأخذ راتب والناس ما أعطوك ها المال إلا لأجل وظيفتك ، ما جاءك الواحد في بيتك وطرق عليك وقال لك خد هذا هدية ، فرقى النبي المنبر بعدما أمر كل المال يوضع ببيت الصدقة ، وقال : ( ما لأقوام نستعملهم على عمل ثم يجيء أحدهم فيقول هذا لكم و هذا اهذي إلي ، أفلا قعد في بيت أبيه وأمه ونظر يهدى إليه أو لا ، ثم قال من استعملناه منكم على عمل فليجيء بقليله و كثيره فان من كتمنا مخيطا فما فوقه فهو غلول يأتي به يوم القيامة ).
أحمد: الآن أليست هي داخلة تحت موضوع الزكاة؟ وألان راعي الأبقار و الأغنام اخرج الزكاة، ألا يعتبر هذا الشخص من العاملين عليها ؟
د . محمد العريفي : أحسنت ، هو طبعا يعتبر من العاملين عليها لو كان ما يأخذ الراتب ، لكن لما يقول النبي عليه السلام أنت وضيفتك محددة أجرة الطريق أعطيناك إياها الدابة التي تركبها على حسابنا واكلها أعطيناك إياه، شغلتك هذه كلها نعطيك عليها المبلغ الفلاني انتهى انتهى ، ولو أنه فُتح الباب لكل شخص موظف أنه يتلقى هدايا سيصبح الموظف لا يقوم بالعمل مائة بالمائة إلا لمن يرجى من وراءه هدية، يعني سفيان الثوري رحمه الله يقولون كان لا يقبل هدايا من الطلاب ، وهو يدرس بالمسجد وهو محتسب لا راتب له، فأقبل إليه شخص وأعطاه رداء هدية رداء فيقولون فرده وقال له : والله ما أقبل هديتك ، قال لماذا إني لا أدرس عندك، فقال له: نعم لكن أخوك يدرس عندي بالمسجد ، فأخشي أن يقبل قلبي عليه أكثر مما يقبل على غيره لأن أخوه أعطاني هدية أصبح استمع أسئلته أكثر وأعطيه وجه ، وهذا واقع فرضا لو أنتم الأن ثلاثة لو واحد منكم أبوه مسؤول في مكان معين مثلا، وأنا عندي مهمة مثلا أريد إتمامها رخصة أو إقامة أو أمر في مستشفى وأبوه مسؤول في هذا المكان ، طيب وقبل دخول الحلقة أعطاني كرت والده مثلا وعلمت أني سأستفيد منه، ألا ترى أني أثناء الحلقة بمجرد يرفع يده أقول أتفضل ، أو يقول أي كلمة أضحك عليها وتصبح نكتته أفضل نكتة لاني ارجوا منه ما لا ارجوه من غيره أما المساكين الآخرين لا يعطيهم أحد وقت .
سامي : عندي طال عمرك لاحظت في بعض الإعمال لبعض الأشخاص ترسى عليهم مناقصات أو يأتون بمناقصات من الدولة ويحاولون يرسونها على مشاريع لكن بشرط تريد أرسي عليك هذا المشروع ادفع بغض النظر عن إنك تأتي بعمال ومعدات وغيره أنا أريد نصف المبلغ اللي راح تربحه من وراء المناقصة ، فهل هي معقولة تشاركني أموالي وإنك تريد مال ، فأكثر القائمين ومن ترسى عليهم مناقصات بهذا الشكل .
د . محمد العريفي : هو مع الأسف سامي، أحيانا بعض أصحاب الشركات حتى يرسون مناقصات عليهم يهدي سيارات ،تجده مثلا موقف سيارة بانوراما تحت ويصعد بالمفتاح والسيارة أصبحت باسم الشخص ويقول له خد هذه هدية لك ، سيارة قيمتها أربعمائة خمسمائة ألف، طيب من أين لك هذا ؟ بأي حق تأخذ السيارة ؟ وتقول : والله يا أخي هدية من أخي المسلم ، طيب هل هده الهدية أعطيت لك محبة في الله بينك وبينه أو لا ؟ والله مرة أعجبني ألقيت كلمة في إحدى الشرط حول الأمانة والفساد المالي فلما انتهيت دخلت عند المدير فمدير الشرطة أظن كان عميد مدير القسم نفسه أو من هذا الشيء ، قال والله يا شيخ إن هذا الموضوع من أهم المواضيع، قلت إيه والله لازم الحذر ترى الرشاوي انتشرت وكذا ،قال: أنا لي منهج مند أن تخرجت من الكلية أني ما أقبل هدايا ولله الحمد إلى اليوم لا أقبل هدايا إلا ممن كان صديقا لي من قبل أو أبناء عم، وأما أبناء موظفين أو واحد له قضية أو جيران لما توظفت في كذا أبدا أغلقت هذا الباب، وتعينت هنا الآن مند سنة ،وفعلا جاء من منطقة أخرى إلى هذه المنطقة ويقول يا شيخ فأنا موظف في هذا المكان وجيراني دائما يعزمونني ويطلبون مني الحضور وانأ اعتذر أقول إذا صار عندك عشاء لأي أحد أنا ادخل عندك عادي لكن أن تكون الوليمة لي انأ لا فيقول أحد جيراني ألح علي وأكثر فذهبت إليه ويقول ذبح ذبيحتين وعمل وليمة كبيرة ، فبعد ثلاثة أو أربعة أشهر صارت مضاربة شباب وأوقفناهم ، فعدة أشخاص حاولوا الدخول كواسطة لإطلاع ابن فلان لأن واحد من الموقوفين أبوه كان صاحب مركز، والكل خائف لأنهم يعلمون ما أقبل واسطة ، فيقول فذهبوا إلى جاري هذا فقالوا أنت عزمته وأكرمته واستجاب لك فلك فضل عليه وصرفت مال لأجل ذلك اذهب وكلمه ، فيقول الكل كان يأتيني وهو محرج لأنه إذا جاءوني أقول يجوز شرعا أليس هناك محكمة تحكم بين هؤلاء الشباب اطلع فقط فلان لأنه ابن فلان وأترك الباقين شرعا ما يجوز هل أضعها بذمتك عند الله و كانوا يسكتون فيطلعون ، إلا هذا جاء وهو مليء الوجه عادي ويتكلم ويقول كيفك يا أبو فلان والله أريد أتوسط لفلان نطلعه يقول فعلمت أنه ما جرأه علي إلا الذبيحتين الخروفين ويقول أدخلت يدي بجيبي وطلعت قيمة ذبيحتين ألف وخمسمائة ريال لأنه وقتها الغنم رخيص وأعطيته ألف وخمسمائة ريال وقلت له خذ , قال ما هذا قلت هذا قيمة الخروفين التي ذبحتهما ذاك اليوم قلت والله ما جرأك علي إلا ما قدمته لي من قبل.
لذلك يا جماعة الشريعة جاءت بسد الذرع ،واحد موظف و جاءك أحد المراجعين وأعطاك مثلا قلم تكتب به قال لك خليه معك لا والله خليه معي ولا معك ما يجوز أخذ و لاشيء , تحرج الإنسان من هذا يحميه يا أخي من الفساد المالي ، أذكر كانوا يحدثوننا عن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بعض طلابه يقول كنا ندرس عنده بالجامعة وكان الشيخ بالدور الرابع بالكلية يقولون فكان إذا أراد إن يتصل بأهله يسألهم عن أي موضوع عند التلفون هذا التلفون فيه اتصال دولي لمن يريد الاتصال بالمريخ يستطيع الاتصال وعلى حساب الدولة لأنه في مرتبة وزير وعضو هيئة كبار العلماء ، وكان إذا أراد الاتصال بأهله تلك الأيام لم يكن عندهم جوالات ، فكان يفتح الدرج ويطلع هلل نص ريال وريال الحديد ، وينزل تحت للتلفون بالعملة ،ويضع نص ريال ويكلم زوجته فكان الطلاب يقول له يا شيخ التلفون عندك وأنت تنزل تحت وتتعب نفسك فكان يقول لا هذا التلفون وضع لقضاء مصالح الناس اتصل أدور عن فتوى اتصل أتوسط لطالب اتصل اسأل عن معاملة نعم أما اتصل بزوجتي وأقول بكروا الغداء أو أخروا الغداء أو عندي ضيف لا والله، فالواحد يا جماعة إذا شدد على نفسه في هذا بلا شك أنه ما يكون أعلى يكون أكثر شدة .
أحمد : آنا سمعت أيضا عن ابن عثيمين رحمه الله أنه كان إذا أخذ الراتب كان يحسب عدد أيام الغياب ويرد لهم المال و يأخذ المستحق من الأيام التي داوم فيها .
د . محمد العريفي : والله يا أخي من يفعلها الآن ، انظر يا أخي أحيانا هذه النماذج تعطيك موعظة ، مرة الشيخ ابن جبرين الله يغفر له كان راكب مع واحد من طلابه و يبدوا أنهم كانوا مسرعين وأوقفهم التفتيش فالتفتيش قال لصاحب السيارة أعطينا الرخصة وأوقف السيارة وقال لماذا قال مسرع ونعطيك مخالفة سرعة فقال والله هذا فضيلة الشيخ عبد الله ابن جبرين فقال هلا والله يا شيخ كيف حالك عساك طيب أتفضلوا اذهبوا اذهبوا ، فقال الشيخ لا تذهب هل أنت تذهب كل الناس المسرعين أم فقط نحن لأن الشيخ ابن جبرين موجود قال بصراحة يا شيخ لا والله لأجلك ، فقال إذن أعطينا مخالفة أنا لا أتأكل بديني ما دام كل الناس يمشي عليهم النظام مشيه علي بالله عليك من اليوم يتعامل مع نفسه بمثل هذا التعامل قليل يا أخي .
ذكروا أن عمر رضي الله عنه يقولون جاءه يوما مسك، يعني قطعا من الطيب جاءته من مصر وكان عمروا ابن العاص أرسلها إليه قال هذا تبرع جاء لبيت مال المسلمين، واحد صاحب مثلا عطورات وقال هذه أتبرع بها لبيت مال المسلمين يستفيدون منها ،يقولون فلما جاءت إلى عمر ،جلس ينظر إليها وهي كسر مثل الطين اليابس يحتاج إلى أن تكسر وتباع فنظر إليها عمر ثم قال : وددت أي تمنيت لو أني وجدت امرأة جيدة الوزن تزن هذا العطر وتبيعه وتعطيني المال أضعه ببيت مال المسلمين لأنه كان أكثر من يشتغلون بالعطورات نساء فقالت زوجته أنا جاهزة يا أمير المؤمنين، زوجته هي أم كلثوم ابنة علي رضي الله تعالى عنه، قال: تكسرينه، قالت: نعم ،فبدأت المرأة واجتمعت العطارات تكسر كم تريدين أوقية، طيب وتزن لها والحساب وتجمع من غير مكافئة لها ، يقولون فلما جاء عمر بالليل ونام بجانب امرأته فشم في خمارها ، الذي عليها لأنها تنام بلباسها شم فيه عطرا مسك ، فقال ما شاء الله اشتريتي من المسك وتعطرتي لي ، فقالت: لا والله ، فقال: إذن كيف رائحة المسك موجودة بخمارك ؟ فقالت :كان يلتصق بيدي مع التكسير فامسحه في خماري ، فقال: أه الناس يشترون الطيب لنسائهم بالمال ،ليستمتعوا به فيهن وأنا استمتع بالطيب على حساب المسلمين، لا والله لا يحاسبني الله على ذلك وقام وأخذ الخمار وقام إلى قربة معلقة وأخذ يصب منه ويغسل الخمار ويعصره مرارا حتى شمه فاذا ليس فيه شيء فقال خذيه ولا تعودي إلى ذلك أبدا ،بالله يا أخي من اليوم حقيقة يدقق على نفسه في القلم الذي يستعمله، يدقق على نفسه في آلة التصوير الخاصة بالعمل يجوز استعملها في الأمور الخاصة أم لا ، يدقق على نفسه في الهاتف الخاص بالعمل يجوز استعمله في الأمور الخاصة بالعمل يجوز استخدمتها للأمور الخاصة بي أم لا ، سيارة العمل التي أعمل بها وقل ما هو أعلى من ذلك، المناقصات التي تأتي، عروضات الشركات التي تأتي، كلما صار الإنسان يا أخي أكثر دقة على نفسه وفق، النبي عليه الصلاة والسلام يقول : ( كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به ) نبت من سحت يعني نبت من مال حرام،و إذا الإنسان دقق على نفسه ودقق على غيره أصبح الدين تحته يخافون، يعني الآن المشكلة إذا كان رب البيت بالدف ضاربا فشيمة أهل البيت كلهم الرقص .
ذكروا آن عمر لما جيء إليه بالغنائم التي جيء بها من فارس لما فتحوا بلاد كسرى ،وجعل عمر ينظر إليها فإذا فيها خرزات صغار ألماس يعني جيء بها ومعدودة هناك مثلا مائة حبة ووصلت مائة حبة بالتمام ،فقال عمر وهو ينظر إليها: والله إن قوما أدوا هذا لأمناء، والله إنكم أمناء، الجيش أمين، فقال له علي رضي الله عنه : يا أمير المؤمنين حفظت فحفظوا، ولو رتعت لرتعوا , هم لو رأوك كل مرة تقول والله هذا العقد حلو لزوجتي ، وهذا جميل أحطه ....،يقول لو رؤاك الشعب بتلعب والله الكل بيلعب لكن لما رأوك شددت على نفسك الكل شددوا على أنفسهم.
نختم بسؤالك يا سامي
سامي : طال عمرك أبسال ،هل ما يحدث الآن! هل هو بضعف المتابعة؟ أو ضعف الوازع الديني ؟
د . محمد العريفي :والله يا أخي هو أمور، منها: ضعف المتابعة وهذا مهم أيضا ، ضعف التدقيق عليهم، لأنه أحيانا يصير هذا صديق وهذا ابن عمك وهذا ابن صديقك، وهذا أنت شريكه في الشركة ، فالمسألة كلها محصلة بعضها يعني، والأمر الثاني أيضا ضعف الوازع الديني.
اسأل الله أن يرزقنا وإياكم المال الحلال- أمين – الله يجزاكم خير يا شباب ، وأنتم أيضا أيها الأحبة اشكر لكم مواصلتكم ومتابعتكم معنا، واسأل الله أن تكون هذه الحلقة وهذا الحديث فعلا رسالة تصل بإذن الله تعالى إلى من ينتفع بها
أسال الله إن يرزقنا وإياكم الرزق الحلال
والى لقاء اخر من مسافرون
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .