السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرحباً بكم جميعا أيها الإخوة والأخوات، في برنامجنا المتجدد مسافرون ،عِشنا معكم خلال خمس سنوات ماضيات عددا من المحطات التي مررنا عليها خلال سفرنا و وقفنا على أمور تربوية وتكلمنا عن تربية الأبناء، عن التعامل مع الوالدين ، تكلمنا عن أمور اجتماعية عن أحكام الزواج،عن أخطاء المتزوجين. مررنا أيضا على بعض الأحكام الفقهية المتعلقة بالتعامل بين الزوجين، تكلمنا في أمور شتى نحاول بها أن نطبع بصمة مناسبة من خلال برنامجنا . أحاول أن يكون الأسلوب في هذا البرنامج أسلوبا لينا سهلا قريبا، فلا أحلق بعيدا، ولا أنزل كثيرا، إنما أخاطب جميع العقول بمختلف مستوياتها وتعدد ثقافتها. تكلمنا أيضا عن شبهات حول الإسلام تكلمنا عن تعامل الإسلام مع أصحاب الديانات الأخرى وعن نظرته إليها كل هذا كلنا قد عرضناه خلال حلقات سابقة خلال خمس سنين مرت علينا في هذا البرنامج ولا تزالون أنتم جمهورنا الذين يستحقون أن يتعب الإنسان لأجلهم وأن يتعب في التقديم وفي التحضير وفي الابتكار أيضاً حتى يقدم لهم ما يليق بهم وبمستواهم , أنتم أصحاب الفضل بمتابعتكم لنا أنا أعلم أن الفضاء ملئ بالبرامج وبذبذبات المحطات الفضائية لكن اختياركم لبرنامجنا متابعتكم لنا أعلم أنها ليست من فراغٍ عندكم إنما هي اهتمام منكم بنا فجزاكم الله خيراً أنا ممتن كثيراً لكل من يتابعنا لكل من يراسلنا لكل من يدخل إلى موقعي يدخل إلى صفحتي أنا ممتن لجميع الإخوة والأخوات كباراً وصغاراً ممتن للجميع حتى ممتن لغير المسلمين الذين يتابعون برنامجنا واسأل الله تعالى أن ينفع الجميع بما نقول وأن يجعلنا مباركين أينما كنا ها نحن في السنة السادسة وبإذن الله تعالى أن نلتقي معكم أيضاً خلال سنوات قادمة نستفيد نحن وأنتم , أما حلقتنا التي نبتدأ بها برنامجنا فهي قول الله تعالى { فمن تطوع خيراً فهو خير له } ذكرها الله تعالى فيما يتعلق بالحج والعمرة لكننا سنفهمها بمفهوم أعلا وأوسع من المفهوم القاصر على ما يتعلق بأحكام الحج والعمرة سنجعلها مفهوماً عاماً .
العمل التطوعي بشكل عام :
ما هي مجالاته؟
كيف أستطيع آن أبدل في العمل التطوعي شيئا؟
كيف أستطيع أن اجعل لي فيه مكانا؟
كيف يستطيع الفقير أن يكون له مجال في العمل التطوعي؟ وإن كان ليس عنده مال، الضعيف ، العاجز , أصحاب الاحتياجات الخاصة , الإنسان الذي ربما ابتلي بقطع جزء من جسده كيف يستطيع أن يكون له وجود أيضاً خلال هذا العمل التطوعي؟
تعالوا نتحدث عن ذلك ونحن نرحب بكم وممتنون والله للقائنا بكم واسأل الله أن لا يحركم الأجر وجزيل الثواب على متابعتكم ويسعدني بقائكم معنا فحياكم الله ..
الذي ينظر في أحوال الناس يجد أن الله سبحانه وتعالى لما خلقهم فاوت بينهم في درجاتهم ، طبقاتهم،قدراتهم , فاوت بينهم فيما يتعلق بالمقدرة المالية ، فاوت بينهم في القوة الجسدية فاوت بينهم في الأموال، فجعل منهم الغني ،الفقير، وجعل منهم الذكي والبليد، وجعل منهم القادر والعاجز ،وجعل منهم النسيب الرفيع في نسبه و جعل منهم من هم أقل منه، كما قال الله تعالى : { نحن قسمنا بينهم معيشتهم ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات } ، لكن الله تعالى أمر من كان فُضّل بشيء على أن يُحسن إلى من كان تحته، وسمى الله هذا تعالى تطوعا في القرآن وأمر الله تعالى بأن يكون الإنسان باذلا به، كما قال الله تعالى : { اللذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات واللذين لا يجدون إلا جهدهم }، يلمزون أي أنه كان مجموعة المنافقين جالسين فإذا رأوا شخصاً من المسلمين أقبل بمال للرسول صلى الله عليه وسلم ليتصدق به على الفقراء فيقولون هذا مال قليل والإسلام غني عنك فيلمزونه، فإذا جاء شخص بمال كثير قالوا هذا رياء وسمعة ولم يكن قصدك وجه الله يعني لا تريدون أحد يتصدق لا القليل سلم منكم ولا الكثير سلم منكم فأنزل الله تعالى هذه الآية { اللذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات واللذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم} وذكر الرسول صلى الله عليه وسلم أهمية أن يكون الإنسان متفضلا متطوعا لمن كان ليس عنده ما عنده من المال أوالرفعة أوالشرف أو نحوه، وقال صلى الله عليه وسلم : (من كان عنده فضل مال فليُجد به على من لا مال له ومن كان عنده فضل ظهر فليُجد به على من لا ظهر له ) .
فما معنى فضل ظهر ؟ فضل ظهر تتعلق بالجهاد تعني دابة زائدة كانوا يحتاجون إلى أن يخرجوا فيحتاجون إلى مجموعة من الإبل مجموعة من الخيول ونحوه فبعض الصحابة كان عنده اثنان من الإبل ولا يحتاج إلا واحدة منهم يخرج عليها للقتال أو للجهاد ،فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم البعير الثاني الزائد بدل أن يبقى بالبيت فليجُد به لمن لا ظهر له من المجاهدين أنت لديك ظهر زائد خذه وأعطه من لا ظهر له .
بمعنى أن يكون لك نوع من العمل التطوعي ونوع من البذل لغيرك لما أرى غيري سيذهب إلى الجهاد وهو ماشٍ على قدمه أرحمه أقول أنا تركت البعير في البيت ليس له حاجة إلا فليجُد به على من لا ظهر له , حيث قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري : ( كل معروف صدقة ) ، نصيحة هذا عمل تطوعي أنا لما أرى شخصاً مثلاً سيتعاطى مسكراً ثم آتي وأقول لا يجوز وأنا أنصحك لله بدون استلام راتب على هذه النصيحة هذا يعتبر عمل تطوعي ، ابتسامتك في وجه أخيك بدون أن يعطيك مالاً عليها هذه صدقة، السعي عندما أرى عائلة فقيرة فأذهب إلى إنسان غني وأقول له هؤلاء فقراء ومساكين يحتاجون إلى مساعدة وكذا فهذا أيضاً عمل تطوعي أن تربط بينهما ..
يقول النبي صلى الله عليه وسلم مبينا أهمية العمل التطوعي عموما ( كل سلامى من الناس عليه صدقة ) أي كل مفصل 360 مفصلاً عليه صدقة ثم عدد النبي صلى الله عليه وسلم هذه الصدقات كما في الصحيحين فقال عليه الصلاة والسلام ( .. أمر بالمعروف صدقة , نهي عن المعروف صدقة ، حملك لمتاع الرجل على دابته صدقة , إفراغك من دلوك في إناء المستسقي لك صدقة ... ) فقال صلى الله عليه وسلم أيضا فيما رواه مسلم : ( رأيت رجلا يتقلب في الجنة ..) ماهو السبب ؟ ما هو العمل الذي جعله يتقلب بهذه الصورة ؟ هل مات مجاهداً في سبيل الله ؟ هل تصدق بماله كله ؟ يقول ( .. بغصن شوك أزاحه عن طريق المسلمين ) انظر إلى العمل التطوعي , الرجل يمشي ورأى غصن شوك بدل أن يتركه ويمشي أوقف دابته ونزل الرجل وأزاحه , مثل لما تكن في طريق سريع ثم فجأة ترى ربما عجلة سيارة واقعة على الطريق أو ربما ترى كرسي واقع من سيارة أو أثاث مثلاً أو ما شابه ذلك والسيارات مسرعة بعضها يمشي على مئة وأربعين أو مئة وستين أو مئة وثمانين فلربما انقلبت بعض السيارات بسببه أو حجر أحياناً سقط من جبل أو ما شابه وكونك توقف سيارتك مع تعرض نفسك للخطر وتبعد هذا الأذى عن الطريق هذا لك صدقة وربما كان سبب دخولك إلى الجنة مثل هذا , ونذكر والله قبل يومان على الطريق الدائري الشمالي الناس يمشون على 160 أو 180 مسرعين والطريق واسع وإذا بقطعة كنب واقع في نصف الشارع وأنا أمشي وأرى السيارات أمامي تلف يميناً وشمالاً وتكبس على الفرامل حتى يكاد بعضها أن ينقلب فلما نظرت فإذا هو سقط وتكسر وأصبح هكذا لا تدري ما الذي أمامك في الطريق فأوقفت السيارة وكان خطراً أن تبعده لأن السيارات مسرعة لكن يسر الله تعالى ذلك , فأنت تفعل هذا لا لأجل أن يعطيك المرور شهادة شكر ولا لأجل أن تظهر غداً صورتك في الجريدة ويقول فلان هذا أنقذ كذا من السيارات إنما تفعله لوجه الله هذا عمل تطوعي أن أعمل الشئ بدون أن أرجو من ورائه أي ثواب من الناس بدون أن يقول لي أحد سنظهر صورتك أو نشكرك أونعطيك درع نحو ذلك , والمشكلة أيضاً أن بعض الناس يحمل الأمتعة بدون ربطها جيداً هذا مؤذي للناس ربما لو مات أحداَ بسببه تحلقه ديته لأن قتل بالخطأ , ويقول عليه الصلاة والسلام ( فالإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق )متفق عليه الإيمان مقسم إلى بضع وسبعون شعبة جعل من علامات الإيمان منها لا إله إلا , منها الصلاة , منها الزكاة , الصدقة , منها إماطة الأذى عن الطريق هذا أيضاً يدل على وجود الإيمان في قلبك سواء اكتمل الإيمان أم لم يكتمل ، ويقول صلى الله عليه وسلم أيضا : ( الساعي على الأرملة والمسكين كالصائم الذي لا يفطر والقائم الذي لا يفتر ) رواه البخاري ومسلم الساعي على الأرملة وليس شرطا أن تكون من يطعم الأرملة والمسكين لكن أسعى لهم آتي لهم هي مسكينة وعندها أولادها ما توظفوا وأذهب لرئيس شركة رئيس مستشفى رئيس دائرة وأحدثه بأنها مسكينة وأرملة وأنت إذا وظفته لا تنقذ شخصاً واحداً أنت بهذا تنقذ عائلة كاملة وتحمي أعراضهم وأسعى لهم بشيئاً من ذلك ربما أسعى لها لتدخل المستشفى لتتعالج أو ربما أسعى لها لتأخذ دواء من الصيدلية مجاناً أو حليب لطفلها أو نحو ذلك أو في المدارس أو أتابع أولادهم في المدرسة فالسعي لهم يؤجر عليه الإنسان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لئن أمشي مع أخي في حاجته حتى أثبتها له أحب إلي من أن اعتكف في مسجدي هذا شهرا ) أحب إلي من الاعتكاف في المسجد النبوي اللهم صلي وسلم على رسول أن أمشي على حاجة أخي حتى أثبتها له , هذا العمل التطوعي الذي الإسلام يريد كل الناس يعملونه ليس فقط أن يقول أحدهم ليس عندي مال كيف أعمل عمل تطوعي , لا نريد منك مال وذلك بأن ترى إنسان لا يصلي وتنصحه هذا عمل تطوعي , بدل ما يتوظف إنسان في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وينصح ويأخذ راتباً في آخر الشهر أنت تصنع ذلك لوجه الله , وتستطيع أن تعمل عملا تطوعيا بالربط بين التجار والمحتاجين تأتي لشخص غني فتقول له زكاتك أين تذهب بها وهو لا يعرف فقراء فتقول له أنا أعرف فقراء واستطيع أن أربط بينك وبينهم ، قدرتك أن تذبل ما تستطيع وتستعمل القدرات التي عندك لعمل تطوعي هذا بلا شك أولاً تحصيل الأجر و أيضاً رفع مكانتك عند الله .
التطوع بالأمور المالية : مثل جمع نفقات للفقراء ، اغاثات ، أحياناً بعض الأشخاص لديه مزرعة مليئة بالتمر وعنده كراتين من التمر ليس لها حاجة فتأتي أنت وترتب معه وتقول له أنا أعرف بعض الأحياء الفقيرة أنا أعرف بعض الناس سواءً في داخل البلد أو في خارج البلد لماذا لا نذهب به إليهم , أنا كنت قبل أيام في افريقيا ويقولون التمر الذي أنتم لا تلتفتون إليه وربما الكيلو يُباع بنصف ريال أحياناً نحن عندنا يساوي أعيننا بعض الناس يلبث الأيام المتتابعة لا يأكل إلا تمر وماء من شدة الفقر فيقولون أرسلوه إلينا , فلما ترجع وتأتي إلى تاجر عنده مزرعة كبيرة ربما تنتج في السنة ما لا يقل عن مئة طن فباع منها وباع حتى بقي منها كميات ونزل تمر آخر جديد فتقول له أنا أعرف الجمعية كذا في المكان كذا وهم قوم موثوقون وأرتب لك مع شركة الشحن كذا وتعطينا ألفي كرتون أو ثلاثة آلاف كرتون أنا لم أنفق مالاً من عندي لكن تطوعت في أمر مالي ولي مثل أجره كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً ) , ليس شرطاً أن يكون العمل التطوعي في البلد التي تسكنها حتى إذا كان في بلد بعيد واحتاجوا إلى من يأتي ليساعدهم فهو مأجور بلا شك النبي عليه الصلاة والسلام يقول : ( في كل كبد رطبة أجر ) حتى لو كان عمل تطوعي مع كلب لك أجر , أحد الأشخاص أرسل لي رسالة قبل مدة ويقول فيها أنه هو واصحابه في العمل يجمعون أمولاً كل شخص يدفع من مئة ريال ويحضرون بها فطوراً وفي كل يوم يكون إحضار الفطور على أحدهم يأتي بفول أو كذا ويقول ذات يوم كان احضار الفطور عليّ فخرجت لأحضره واشتريت من السوبرماركت جبن وحليب وكذا فلما خرجت وجدت هرة صغيرة تكاد أن تهلك من الجوع جالسة في الشمس بجانب السوبرماركت يقول رحمتها ودخلت إلى السوبرماركت واشتريت تونه بثلاثة ريالات وأخذت المقص وقصصت الكيس ووضعت به التونة ووضعتها عندها وبدأت تأكل وهذا العمل صدقة لله وهو عمل تطوعي ( في كل كبد رطبة أجر ) وأيضاً يقول في وقت العصر أذهب بزوجتي لأهلها إلى وقت العشاء يقول فذهبت لأخذ زوجتي فيقول عادة عند عودتنا للبيت ابنائي يطلبون مني أن أعشيهم فأمر بهم على أحد مطاعم الوجبات السريعة وكلُ منهم يطلب طلباً معيناً فيقول تكلفة العشاء تكون في حدود المئة أو المئة والعشرين يقول فلما ركبوا معي قلت لزوجتي أعاننا الله اليوم على الخسارة ماذا تريدون اليوم من عشاء فقالت زوجته لا نريد عشاء أمي أعطتني عشاءً في حافظة فقلت جزاها الله خير وفرت عليّ اليوم مئة وعشرون ريال فلما رجعنا البيت وفتحت الحافظة فإذا هي مكرونة بالتونة يقول فقلت سبحان الله تصدقت بالثلاثة ريالات وكافئني الله وهذا واقع فموسى عليه السلام قام بعمل تطوعي لفتاتين عن البئر { قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء } جاء ووقف عند البئر فإذا فتاتان وإذا بمجموعة من رعاة الغنم يسقون غنمهم والفتاتان واقفتان بعيداً لا تقدر أن تخالط الرجال أو تزاحمهم لتسقي غنمها { قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير } قال الله { فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال ربِ إني لما أنزلت إلي من خير فقير} فما جزاء العمل الخيري الذي فعله ؟ جزاه الله بزواج وعمل ومكان إقامة لعشر سنوات وأبناء تغيرت أموره تماماً وتحسنت ، والنصح للناس والصدق في النصيحة للناس وأن تكون لديك نصيحة صادقة من غير أن يطلبها أحداً منك مثل ما فعل موسى عليه السلام مع النبي عليه الصلاة والسلام فُرضت الصلاة فقال ارجع إلى ربك فسأله التخفيف موسى ليس هو الذي سيصليها نحن من سيصليها وهو غير مستفيد ولسنا أمته نحن أمة محمد عليه الصلاة والسلام ومع ذلك عنده من الصدق في النصيحة , مثل لما أنت في مكتب عقاري ,أتي شخص ليشتري أرض في الحي الفلاني وقليل الخبرة في العقار فقلت لحظة أنت ستشتري الأرض لأجل أن تسكنها لأنها قريبة من جماعتك و إلا أنت تنوي الاستثمار بها فقال لدي مالاً وأريد أن استثمره بشراء هذه الأرض فتقول أنا أنصحك لله في المخطط الفلاني توجد أرض وليس لي علاقة بها لكن أنصحك بشرائها للاستثمار لأنها على الطريق السريع والخدمات تأتيها أسرع وكذا فأنت قدمت النصيحة من غير أن يطلبها منك فهذا عمل تطوعي مثل ما فعل موسى عليه السلام .
وأيضاً عندما ترى على الطريق شخص سيارته متعطلة ويأشر للناس فتقول لن أوقف لأجله لأني سمعت من قبل قصة ساعد المتعطل سيارته ثم قام الشخص المتعطلة سيارته بقتله و اغتصب بناته فقال لا لن أوقف له , ثم إن جاءك رجل فقال لك سيارتي لا يوجد بها بنزين فهل تعطيني عشرة ريالات لأعبئ بنزين فتقول لا لأن سمعت من قبل من أشخاص من قبل لما أعطاه العشرة ريالات خطف المحفظة و .. , فأحياناً تنتشر مثل هذه القصص فمن كل عشرة آلاف قصة صادقة يأتيك شخص كذّاب فلا يُفسد على غيره , فالأصل أن يُحسن إلى الناس وأن يُحسن بهم الظن وأيضاً أن يكون الإنسان حذراً لست بالخبء ولا الخبء يخدعني .
ومن الأعمال التطوعية المجال التعليمي : مثلاً تحفيظ القران , محو الأمية ، تعليم الخدم والسائقين ، بنت فارغة في البيت ليس عندها شغل وأن الخادمات في الصباح في فترة راحة الأولاد في المدارس وربما الأم لا تحتاج منها شغل فتستطيع الخادمة أن تفرغ ساعة في الصباح فجاءت البنت في بيتهم وقالت أنا أعمل تحفيظ للقرآن خاص بالخدمات الحي به عشرة خادمات يأتون عندي من الساعة الحادية عشر إلى الثانية عشرة ظهراً وهذا عمل تطوعي ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) كلما كان الإنسان أقدر على أن يستثمر القدرات التي عنده فمثلاً هذه الفتاة لا تقدر أنها تفتح مدرسة لتعليم القرآن لكنها تستطيع أنها تفتح مدرسة في بيتها فصلاً تعلم به القرآن فهي مأجورة على هذا ويبارك الله لها في وقتها وفي مالها وفي بدنها وفي علمها وفي ذهنها وفكرها إذا بذلت مثل هذا ...
أقسام المتطوعين متنوعة :
منهم المتطوع بماله : مثل المتصدق والمتبرع .
منهم المتطوع ببدنه : شخص يقول أنا لا أقدر أن أتطوع بمال أتصدق به لا يوجد عندي مال لكن أستطيع أنا أن أحمل بسيارتي الأرز الذي تتصدقون به والأطعمة والزيت والسكر وألف على بيوت الفقراء وأعطيهم إياها , أنا أتطوع ببدني لا تعطوني راتباً عليه , فهذا عمل تطوعي يُشكر له .
منهم المتطوع بجاهه : مثلاً شخص أتى إليك يريد منك التوسط له مثلاً يريد إجراء عملية لوالدته والمستشفى حددوا لهم موعد متأخر فيقول لك إن رآك المدير يخجل منك فتذهب معه وتسلم على المدير وتذكر له حاجة الشخص وبضرورة تقديم العملية ففعل المدير ذلك فأنا لم أفعل شئ إنما تطوعت بجاهي , يقول حكيم ابن حزام إنا نرى للجاه زكاة كما أن للمال زكاة , الشخص عندما يكون عنده جاه يفترض منه أن يؤدي زكاة لجاهه وذلك بأن يخدم الناس بجاهه حتى ينتفع الناس بذلك , أن لا يكون الإنسان فقط يستفيد من جاهه لنفسه إنما ينفع الناس يأتي يتوسط للفقير عند الغني حتى ينفق عليه , يتوسط في مجال تعليمي حتى يقبله فلان في الوظيفة , يتوسط لكذا ... , حتى يستفيد الناس بالجاه .
كذلك تطوع الإنسان بوقته : فيقول أنا لدي يوميا ساعة أعمل في الجمعية الخيرية أو نصف ساعة أو بين المغرب والعشاء أخصصها للمكتب الدعوي للمسجد أو أخصصها لأبناء الفقراء فأدرسهم أشرح لهم في المسجد أو في بيتي مثلاً يوم السبت رياضيات ويوم الأحد فيزياء , كيمياء ... فالساعة هذه تطوعاً لتدريس أبناء الفقراء الذين لا يستطيعون أن يأتوا بمدرس خصوصي فهذا بلا شك عمل تطوعي رائع .
أحياناً المتطوع بفكره : كيف يتطوع بفكره ؟ اقتراح أفكار للعمل الدعوي وينفع الله بها ,أو بتقديم استشارة بالمجان فأحياناً بعض المحامين لو تأتي إلى مكتبه وتقول له عندي استشاره في كذا وكذا فيقول لك المحامي أولاً قم بتسديد الإيصال خمس مئة ريال بعدها أخبرك أنا لم أفتح مكتب خيري فأنا أنفق في هذا المكتب مال وأدفع إيجار فتريد استشارات أو محامات قانونية أدفع المبلغ أولاً , فلو أن إنسان تفرغ ليحل مشاكل الناس بالمجان فيتلقى اتصالات منها مشاكل زوجية فبناءً على معلومات وبحث وذهن كّون معلومات وأفكار ثم بدأ يعطيها الناس بالمجان فهذا بلا شك عمل تطوعي .
فلماذا أسميناه عمل تطوعي ؟ لأن هذا الفكر الذي جمعه وهذه المعلومات لم يجمعها بالمجان , جمعها بصرف وقته وربما يحضر دورات تدريبية وينفق عليها أمولاً في كيفية حل المشاكل والتفاوض والإقناع إلى آخره , ربما أيضاً صرفها بطاقته وشراء الكتب وقراءتها فهو أصلاً يستحق أن تعطيه مالاً لقاء العمل الذي أعطاك إياه فأنت جالس مرتاح وتقول له ما هو حل مشكلة كذا وكذا وأعطاك الحل فتظن أن الحل نزل عليه من السماء أو نبت من الأرض , فهو تعِب من أجل تحصيل الحل وأمضى سنوات وهو يصرف من وقته وماله حتى جمعه فيستحق أن يأخذ عليه مالاً فلما يقدمه إلى الناس بالمجان , دعوة إلى الله بالمجان , أخطب جمعه بالمجان , هذه كلها أعمال يؤجر عليها الإنسان .
وأيضاً الأن نحن برمضان فليساهم الشخص لو ساعة يومياً بالمساعدة في تفطير الصائمين أو كنس المسجد وتنظيفه أو تنسيق المحاضرات أو حتى في تبخير المسجد أذهب إلى أي محل للعطورات فقل له نريدك أن تتبرع لنا ببخور أي طِيب نضعه في المسجد أكثر المحلات لا تمانع في ذلك فيعطيك بخوراً وعطورات ترش في أرضية المسجد , فلماذا أنت لا تكون حلقة الوصل التي تربط بين ذلك .
أيها الأحبة الكرام هذا حجر لتحريك الماء الراكد ، أنا أود أن يكون كل إنسان ينظر أين موضعه من العمل التطوعي، و يتساءل هل أنا أخدم المجتمع أم المجتمع يخدمني، هل أنا أخدم الإسلام أم الإسلام يخدمني ، هل أنا أحمل هم الناس أم الناس يحملون همي ، من المهم رعاية ذلك ، وبقي معنا الكثير ما يقال عن العمل التطوعي وأنواعه، وكيف يستطيع الإنسان أن يؤثر فيه لكن بالحلقة القادمة إن شاء الله ونشكر لكم تواصلكم وإنصاتكم ، و أسال الله أن يتقبل منا ومنكم أسال الله أن يتقبل منا ومنكم وأن يستعملنا وإياكم في طاعته، إلى لقاء أخر