إن أنت لم ترحمي المسكين إن عدم
ولا الفقير إذ يشكوا لك العدم
فكيف ترجوا من الرحمن رحمته
وإنما يرحم الرحمن من رحم
فارحم ترحم
وأنت كذلك فتاتنا الحبيبة ارحمي ترحمي.. هل تريدين أن تصومي رمضان مرة ثانية؟ الموفق الحقيقي الذي يصوم رمضان في نفس السنة أكثر من مرة.. إذا كيف يكون ذلك؟
يكون ذلك عندما أفطر صائم.. عندما أطعم الطعام.. فأي صائم أحرص على إفطاره.. فهذا يعتبر صيام آخر يضاف إلى صيامي.
في هذا الشهر العظيم يقول -عليه الصلاة والسلام- "من فطر صائم" وذكر صائم، ولم يقيده بصفة.. أن يكون فقير أو محتاج أو مسكين أي كان هذا الصائم حتى، وإن كان هذا الصائم غير محتاج لهذا الطعام.. إنما حرصي على تفطير الصائم من بركة الله ورحمته، وكرمه أنه يعطيني على إفطار كل عدد الصائمين اللي أنا حرصت أن أفطرهم.. عدد أيام صيامهم.. إضافة إلى صيامي من أجر فيقول -عليه الصلاة والسلام- "من فطر صائم كان له مثل أجره [كان له مثل أجره] غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء" يا سلام أي فضل، وأي بركة، وأي هدية أهداها الله -سبحانه وتعالى- أمة محمد -عليه الصلاة والسلام-
كان في السابق الأمم يعملون الصالحات فيأخذون أجر هذا العمل فقط؛ لأن أعمارهم كانت طويلة فكانوا يعيشون 600 عام 700 عام يصلون إلى ألف، وما فوق حتى أن امرأة كانت تبكي موت ابنها في المقبرة.. فمر عليها أحد الأنبياء، وسألها إلى من تبكين هذا البكاء الشديد؟ فقالت: أبكي موت ابني الصغير الذي لم يهنأ، ولم يشبع من الدنيا.. فقال لها: وكم بلغ من عمر؟ فقالت: 600 عام.. قال: 600 عام! سيأتي زمن وهو زمن أمة محمد -عليه الصلاة والسلام- سيعيش الإنسان ما بين الستين، والثمانين.. فقالت: لو كنت أنا في ذلك الزمن لم أشيد منزل.. حتى بيت لم أفكر أن أبني بيت، وأسكن فيه.
إش هذه الأوقات السريعة؟ إش لون يقضون شيء؟ فعلني أقضيها في سجدة أو في ركعة، ولكن من رحمة الله أن جعل في أمة محمد اللي أعمارها قليلة بركة عظيمة في الأعمال.
فإذا أردت هناك بركتين البركة الأولى في أي عمل تعمله من الأعمال الطيبة الصالحة من رحمة الله أنه يضاعفها إلى ما يشاء 700 ضعف، وعلى حسب الصدق، والرغبة.. فيأت يوم القيامة هذا الإنسان قد يكون يمكن عمر وجوده في الإسلام يوم، ولكن أعماله عظيمة فقط بالنية، وبالأعمال الطيبة تضاعف له الأعمال.
فهذا الصحابي الذي ما كان عنده وقت أن دخل في الإسلام، والتحق بالجهاد فقال: يا رسول الله أبايعك أأمرني ماذا أفعل؟ الآن هو في الفردوس الأعلى، وفي الجنان، ولم يسجد لله سجدة.. كيف ذلك؟ قال: عندما دخل الإسلام.. خلاص التحق بالجهاد فرزقه الله منزلة الشهادة.. قال النبي -عليه الصلاة والسلام- أعطاه من الغنائم ليؤلف قلبه.. قال: لم أبايعك على هذا.. إنما بايعتك على أن يدخل سهم من ها هنا ،ويخرج من ها هنا في سبيل الله.
وبالفعل لما بحث النبي عنه وجده كما وصف حاله.. فقال النبي صدق مع الله فصدقه صدق مع الله.. صدق رغبته فصدقه الله، وأعطاه ما يريد.
فسبحان الله! ليلة القدر يمكن أيام الأنبياء.. أيام الأديان السابقة كانوا يعبدون الله ثمانين عام من صلاة، وصيام.. نحن فقط ليلة قدر تعادل كم سنة؟ ثمانين عام. أكثر على حسب النية، وعلى حسب، وعلى حسب سبحان الله العظيم! فهذه الأعمال المباركة الطيبة نريد أن نضاعفها، ونريد أن نصوم رمضان أكثر من مرة بهذه الأعمال المباركة التي نعي وقفة كيف يكون ذلك؟
خلوكم معانا بعد الفاصل.
فاصل.
*************************************************
مشاهدي الكرام.. فتياتنا الحبيبات.. احرص على إفطار الصائم.. هناك في أفريقيا.. في كشمير.. في العراق.. في كثير من بقاع الأرض من يحتاج إلى وجبة يفطر بها، ويتهني بهذه الوجبة، وهناك بفضل الله لجان قائمة على التوزيع، وأن يغنونك حتى هذه الكلفة من التعب، والجهد، وحتى في بلدك.. يعني عليك أن تعيش لحظة إفطار الصائم..
أياً كان.. عش هذه اللحظة.. ما أجملها من لحظة؟ يمكن من أجمل لحظات حياتك عندما تعمل الخير، وترى أثره في وجه الإنسان اللي أمامك، ولعلها من ساعات الإجابة إذا فطرت صائم أو عملت خير، وقد رأيت أثره على نفس هذا الإنسان.. ارفع يدك إلى الله، واسأله القبول، وأن سبحانه! يفوقك إلى أي شيء أنت تريده. كذلك أنتِ فتاتنا الحبيبة حتى لو في البيت احرصي على تفطير أهل البيت.. الوالد، والإخوة، والوالدة حتى، وإن كانوا أنت تحرصين على أن تقدمي لهم حتى التمرات، وتكون أول شيء يضعونه بفمهم هو منك أنتِ.
فبالتالي يكون لك أجر صيامهم.. هكذا يكون الموفق للطاعات.. يعني الموفق سبحان الله! بفضل الله يفقه حتى الأوقات الضائعة اللي الناس ما تنتبه لها هو يوفق لها.. يوفق للصدقات.. للطاعات حتى في الأمور العادية اللي ما تطرأ على بال الإنسان.. كيف أنه يستثمرها للقرب، والأنس بقرب الله هو ويوفق بها.. فعلنا أن نستثمر هذه الأوقات العظيمة المباركة.
فإن الله له في الدنيا لنا نفحات إذا اغتنمناها سبحان الله! وتصادف عملنا الطيب هذه النفحة، وهذه الرحمة يرحمنا الله -سبحانه وتعالى- ويغفر لنا كما رحم هذه الباغية التي ذهبت.
إحنا الآن نقول: إفطار صائم هي أفطرت حيوان أعزكم الله كلب.. فعندما وجدته يلهث من العطش، وما كان هناك أحد يراها.. ما كانت تريد مصلحة أو شهرة أو مدح، وثناء من أحد.. هي كانت وحدها فنزعت خفها، ونزلت في البئر.. فوضعت به الماء ثم قدمته للكلب العطشان الملهوف.. فنظر الله إليها نظرة رحمة.. فهو أرحم الراحمين.. إن كانت هي رحمت هذا الكلب فهي تعيش في جزء من 99 رحمة قد الله -سبحانه وتعالى- كتبها لعباده.. والله -سبحانه وتعالى- أرحم الراحمين رحمة لهذه الرحمة، وغفر لها.
نعم هكذا تكون الرحمات، وهكذا يكون استثمار العمر بالأعمال الطيبة المباركة.. المحرك الأساسي لإفطار الصائم أو لعمل الخير أياً كان.
يجب أن يكون الرحمة.. ما يجب أن نقدم الأعمال بقلب قاسي، وقلب جاف لا يستشعر هذه الأعمال.. إنما أي عمل نقدمه علينا أن نستشعر المؤثر، والدافع لهذا العمل.
يقول الله تبارك وتعالى بهذا الخصوص { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ} إذا هناك دافع الحب.. حب أن أرى البسمة والخير في وجوه الناس.. حب أن أرى هذا الكلب عندما أسقيه أنه سقي، وارتاح بعد ظمأ، وتعب.. الحب للخير أياً كان {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً{8} إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ} إذا لا نريد بهذا الإطعام في يوم من الأيام أن أنا أمن على الناس اللي قدمت لهم الإفطار أو قدمت لهم هذا المعروف.
أحيانا يعمل الإنسان أو تعمل الفتاة عمل فيتقبله الله.. فتأتي بعد عشرين سنة تمن في هذا العمل، وتظهره، وتفخر به، وتطلب منه الثناء.. فللأسف يمحقه الله.. فعلنا أن نحافظ على هذه الأعمال اللي الله -سبحانه وتعالى- يوفقنا لها.. {نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً{9} إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً{10} فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ (نعم) وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً{11} وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً} يا سلام كل هذا الفضل اللي هو خير، وأبقى عند الله ما كان إلا من الدافع الأول لهذه الأعمال.. أياً كانت دافع الحب، وعدم انتظار الأجر من الخلق.. إنما من رب العباد -سبحانه وتعالى-
أحد الصالحين كن صائم، واشتهى طعام معين فعملت له زوجته، وعندما كان وقت الفطور وهو ينتظر لحظة الأذان حتى يفطر سمع صوت خارج منزله رجل فقير وهو بنفس الوقت يحتاج الطعام يقول: من يقرض الملي.. الوفي.. الغني، ويذكرها بقول الله تعالى: { مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً} فيرد عليها هذا الإنسان، ويقول: عبده المعدم من الحسنات.. فيقوم حالا، ويأخذ فطوره، ويقدمه إلى هذا الفقير، وهو ما يبقى له إلا حفنات من تمر يفطر عليها.
هكذا تكون النفوس اللي حفظها الله من الغفلة.. هكذا النفوس العالية ذات الهمة اللي فاهما أن إحنا.. ما إحنا في الدنيا بدار إقامة.. إنما دار سريعة الانقضاء، وهي مزرعة للآخرة، ويتعجب هذا الإنسان، ويقول: أعجب لإنسان يبتعد عن حر الدنيا، ولا يبتعد عن حر النار يوم القيامة.. بهذه الأعمار الطيبة علينا أن نتنافس {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ }.
وكذلك كان عبد الله بن المبارك هذا العابد العالم الجليل يطعم إخوانه في السفر.. الألوان من الطعام كان يصرف أكثر ما يصرف على أطعام الطعام.. نعم وهو يظل صائم، وهو صائم يطعمهم، وكذلك كان الحسن طعم إخوانه وهو صائم تطوع، ويروحهم، وهم يأكلون.. يعني ما كان يقول: أنا صائم أروح أنام، وارتاح، وبعدين أطعمهم كان يراهم، ويطعمهم، ويروحهم.. يعني يضحكهم، ويونسهم حتى سبحان الله! يدخل السرور على قلوبهم، وهي من أفضل الأعمال عند الله.
وكان كذلك أحد الصالحين ما رأوه أفطر قط لوحده كان يوميا طول عمره ما يفطر إلا مع جمع، وكان يحرص على أن يجمع على طعامه الناس، والمسلمين، وأي أحد في المساجد وغيرها، ويفطر معهم، وهذا أكيد إنسان فقه هذا الأجر، وهو من موجبات دخول الجنة، والحصول على الدرجات العلى في الجنة..
ندخل الجنة بلا إله إلا الله، ولكن هذه الدرجات العلى ما تكون إلا بهذه الأعمال الطيبة المباركة.. ارحم أخي عباد الله كلهم، وانظر إليهم بعين العطف، والشفة.. وقر كبيرهم، وارحم صغيرهم، وراعي في خلق وجه من خلق.
إذا كان منطلقنا في الإطعام، وفي الأعمال الطيبة الرحمة، والحب فأكيد الرحمة لما تحركت في هذا القلب إلا أنها تحرك سبحان الله! وهي من موجبات رحمة الله فيرانا الله -سبحانه وتعالى- بنظرة رحمة ثم يرحمنا، ويغفر لنا، ويشملنا مع عباده المرحومين.
ويقول الله تبارك وتعالى في وصف النبي { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } كيف كان النبي الرحمة في هذا الشهر المبارك كان لا تجده إلا في إطعام الناس.. كان لا تجده إلا في القيام، وفي التراويح، وفي يرحم الصغار.. كان يمر عليهم دائما لا يمر، ويتركهم.. بل يقف ويمسح على رؤوسهم، ويسلم عليهم، ويقول الله -سبحانه وتعالى- { بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } حتى أن في أحد المرات وقف لجنازة يهودي، وقالوا له: يا رسول الله هذا غير مسلم.. قال: ولكن إنها نفس وقد فلتت مني أو لم يرزقني الله أن أكون سبب؛ لأن يكون هذا الإنسان مصيره الجنة. هكذا القلب الرحوم.. القلب الرؤوم قلب النبي -عليه الصلاة والسلام- بل إن رحمته حتى على البهائم.. فنحن نعلم عندما رحم البعير اللي هذا الإبل الجمل اللي في المزرعة فوجده يبكي، وشكى للنبي حاله، وهذا كانت من معجزات النبي ثم شكى صاحبه أنه لا يطعمه، ولا يسقيه، وكان يكلفه فوق طاقته.
فيقول النبي -عليه الصلاة والسلام- أما تتقي الله في هذه البهيمة وأمره أن يطعمه وأن يسقيه" هذا الإبل.
فسبحان الله! كيف رحمة النبي -عليه الصلاة والسلام- حتى في البهائم؟
إحنا الآن في رمضان لما نجوع، ونشعر بهذا الجوع لما نشوف هذه القطة في الشارع اللي أن واقفة عند باب المنزل تتأوه أو تتألم من الجوع.. ألا نجعل لها نصيب من طعامنا.. فينظر الله لنا نظرة رحمة، ويغفر لنا.
حتى إن سبحان الله! الأطفال على الفطرة، وأنا سبحان الله! ابن أختي كان عمره أربع سنوات فكان يأكل الأكل، وينثر منه.. يسقط منه القليل على الأرض.. فكنت أقول له كل مرة أقول لك: يا حبيبي شيل ده.. فكان يرد عليَّ لا.. أنا بخليه حق النمل.. فهذا الطفل، وإن كان أسلوب الذكاء والالتواء إلا أن بالفعل فقه أو فطن، وتذكر مخلوقات إحنا حتى ما تأتي على بالنا، ولا نتذكرها، وفيها قد تكون الرحمة من الله -سبحانه وتعالى-
نعم ختام حلقتنا اليوم بعد هذه التراويح الطيبة المباركة علينا أن نصوم رمضان أكثر من مرة، ولم يبقى لنا في رمضان أصلا إلا الأيام القليلة.. فما بقي من هذه الأيام إلا أربع أيام نأخذ منها يوم ونودعه، ونودع ونحن على فراقه لمحزونون، ولم يبقي لنا إلا القليل.. ثلاثة أيام.. العشر الأيام المباركة نسأل الله أن يبلغنا ليلة القدر في هذه الأيام، وأن يعيننا على العمل في هذه الأيام العظيمة.
إلى أن نراكم على خير في حلقة ثانية من تراويح.. نستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.
المصدر: http://alresalah.ws/programs2/index.jsp?inc=36&id=1431&lang=ar&cat=72&type=1