السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وأهلا بكم ومرحبا مع "علمني التاريخ" سلسلة حلقات أتحدث بها عن بعض الأحداث الرئيسية في تاريخ الإسلام .. حدثتكم عن سقوط الأندلس .. حدثتكم عن ثورة المسلمين المورسكيين في الأندلس بعد سقوط الأندلس .. وكيف انتهت هذه الثورة وبدأنا الآن بالحديث عن سقوط بغداد لم تكن كل حلقاتنا مآسي سنتحدث عن الحسين رضي الله تعالى عنه ثائرا وسنتحدث عن أمور فيها عز إن شاء الله .. لكني أحببت أن أبدأ هذه السلسلة في هذه الأمور حتى ننتهي إن شاء الله بالمجد والعز .. لكن من كلا الأمرين نتعلم وقد علمتني الحياة وعلمني التاريخ أن الدروس التي نتلقاها نم الفشل أضعاف الدروس التي نتلقاها من النجاح وخاصة أن سقوط الأندلس .. وسقوط الخلافة العباسية .. وسقوط بغداد فيها انعكاس واضح على أحداث اليوم والتاريخ يكرر نفسه .. بدأت معكم بالحديث عن سقوط بغداد على يد التتار من خلال الحديث عن الاستعدادات التترية فكيف جهزوا الطريق من الصين إلى بغداد .. وكيف عقدوا الاتفاقيات وكان آخرها كما ذكر أن بعض حكام المسلمين تحالفوا مع التتار من أجل إسقاط لماذا تحالفوا؟
تحالفوا لأنهم كانوا يخافون على ممالكهم .. كل واحد عنده دويلته الصغيرة يحرص عليها ولا يهمه كل المسلمين المهم دويلتي هذه تبقى فتحالفوا مع وقات التحالف التترية هذه من أجل إسقاط الخلافة الإسلامية في بغداد .. كانت هذه التحالفات في منتهى الخطورة فهي بالإضافة إلى مهانتها حقارتها قد زادت من قوة التتار الذي أصبحوا يحاصرون العراق الآن من كل مكان حتى المسلمين اللي في شمال العراق وجنوب تركيا .. صاروا مع التتار وأيضا صارت أخبار البلاد تأتيهم من داخلها وفوق ذلك تعرفون لما انتشرت أخبار هذه التحالفات .. ماذا حدث للأمة ماذا حدث للشعوب أدت هذه التحالفات إلى إحباط شديد عند الشعوب التي رأت في حكامها هذا الخزي وهذا الضعف فضعفت الهمم وفترت العزائم وانعدمت الثقة في القادة ومن ثم ما في روح معنوية ما في طاقة للوقوف أمام التتار فكانت هذه التحالفات جريمة بكل المقاييس .. ما اكتفى هولاكو بذلك بل فعل شيئا خطيرا جدا وصل إلى داخل البلاط العباسي وسنعرف هذا الأمر بعد الفاصل إن شاء الله.
فاصل.
...........................................................................................
أرحب بكم مرة أخرى مع "علمني التاريخ" ونحن نتحدث الآن عن استعدادات التتار بقيادة "هولاكو" أخو حاكم التتار مانجو خان وكان مسئولا عن فتح أن احتلال المناطق الغربية فاستطاع أن يعد الطريق استطاع أن يتحالف مع جهات كثيرة .. من بينها جهات إسلامية وجعل هذا الأمر إحباط شديد في الأمة حتى المسلمين .. بدأوا يخونوا وينضموا إلى التحالف التتري من أجل إسقاط بغداد لم يكتف هولاكو بهذا ووصل في مجهوده السياسي والدبلوماسي إلى شخصية خطيرة جدا في داخل البلاط العباسي في داخل الحكم العباسي وصل إلى "رئيس الوزراء" كبير الوزراء في الخلافة العباسية.
الشخص الثاني في الدولة بعد الخليلفة الوزير مؤيد الدين ابن العلقمي مؤيد الدين هذا لم يكن سنيا والعجيب أنه وصل إلى هذا المنصب المرموق هو في دولة سنية تحمل اسم الخلافة وسلمت رئاسة الوزراء لهذه الشخصية.. طبعا كان هذا قلة رأي وضحالة فكر وسوء تخطيط من الخليفة المستعصم بالله حيث ترك هذا الوزير المفسد في هذا المكان الخطير .. ليس فقط تاركه في هذا المنصب وإنما الخليفة كان مشغول بحفلاته ومجونه وترفه ولعبه .. ما كان يدير من الدولة شيء كان كل إدارة الدولة بيد "ابن العلقمي" هذا .. وهذا الوزير ممن ينطبق عليه تماما وصف بطانة السوء كم من حاكم يقول: والله الحاكم هذا جيد بس البطانة اللي حوله هي السيئة هو لو لو لم يكن تافه لو لم يكن مشغول بمجونه كان انتبه لهذه البطانة السيئة اللي جنبه التفويض لا يلغي المسئولية؛ لأنه فيه بطانة سيئة هذه مسئولية تبقى على الحاكم هو اللي مسئول أن يفتح عينه ويختار بطانته بشكل صحيح .. لا يخفى على عاقل كيف يكون دور بطانة السوء في فساد البلاد وإهلاك العباد.
يروي البخاري عن أبي سيعد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما استخلف خليفة إلا وله بطانتان بطانة تأمره بالخير وتحضه عليه وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه والمعصوم من عصم الله" الذي يترك بطانة السوء هو المسئول عنها الأسوأ من هذا والأعجب في قصتنا هذه أن هذا الوزير لم يبق في مكانه شهرا ولا شهرين أو عاما ولا عامين وإنما بقى "ابن العلقمي" هذا رئيسا للوزراء 14 سنة كاملة من سنة 642 هجريه إلى 656 هجرية عندما سقطت بغداد.
كل هذه الفترة تمر دون أن يدرك هذا الخليفة الأهبل خطورة هذا الوزير الخبيث لاشك أن هذا دليل واضح على خفة عقل دينه .. بدأت المراسلات بين هولاكو وابن العلقمي .. ابن العلقمي ينظر في الأمور لا يستطيع لا هو ولا الخلافة العباسية خاصة مع هذه التحالفات أن يصمد أمام التتار فوافق على أن يتعاون مع التتار .. بشرط أن يرعى التتار الخلافة ولا يقتلون الناس وبشرط آخر أن يكون له في مجلس الحكم الذي سيدير بغداد ويشارك في إدارة الحكم التتار .. يكون هو عضو في مجلس الحكم همه نفسه وتم الاتفاق السري بين هولاكو وبين "ابن العلقمي" هذا الاتفاق يذكره كل المؤرخين الكبار ابن كثير وابن الأثير وغيره كلهم يشيرون إلى هذا الاتفاق وأنه لولا هذا الاتفاق ما سقطت بغداد طبعا بالاطلاع على هذه الجهود الدبلوماسية الضخمة .. التي قام بها مانجوخان وهولاكو يتبين لنا كيف بذل جهدا كبيرا ضخما للإعداد لهذه الحملة الرهيبة التي تهدف إلى أمر خطير لم يحدث أبدا من قبل .. ولم يحدث مرة واحدة حتى ذلك الوقت وهو إسقاط عاصمة الخلافة الإسلامية .. يجدر بالقول هنا أن المسلمين بصفة عامة إلا من ندر كانوا يراقبون الموقف كأنهم لا يعنيهم مثل كثير من المسلمين اليوم يتابعون الأخبار فلسطين ويتحسرون ولا يفعلون شيئا معظم الناس حتى ما يتبرع حتى تربع لا يتبرع أكثرهم يشعرون بإحباط قاتل .. هذا الإحباط يصل إلى درجة يمنع أي متحمس من القيام بأي حركة وكل غاية الأمر يقول لا حول ولا قوة إلا بالله حتى يحدثني بعض يقول: أنا يا أخي لما أشوف الأخبار أبدلها لأن يعني نفسي ما تطاوعني حتى الأخبار بدأوا ما يتابعوها هذه الحرب النفسية على الجميع ازدادت بقيام بعض الحملات الإرهابية في مناطق محيطة بالعراق .. والتي لم يكن لها غرض إلا بث الرعب وإحياء ذكرى الحملات التترية الرهيبة التي مت في السابق في عهود جنكيز خان وهكتاي في الحملة التترية الأولى .. التي كانت في عهد جنكيز خان كان مضى عليها أكثر من 30 سنة كان التتار يهجمون على مكان يقتلون كل من فيه مهما كان بس من أجل إثارة العرب طبعا 30 سنة .. مرت على تلك الحملة فأجيال من المسلمين ما رأى هذه الحوادث ما رأيتها إطلاقا وبالتالي ما عرفوا قيمتها .. فالآن التتار جددوا مثل هذه الحملات يهجمون على منطقة يقتلون كل من فيها فينتشر الخبر بين الناس وفعلت هذه الحرب النفسية فعلا عجيبا في نفوس المسلمين .. فتخاذلوا ماذا حدث للمسلمين وكيف تطورت هذه الأحداث بعد الفاصل إن شاء الله.
أهلا بكم مرة أخرى مع "علمني التاريخ" ونحن مازلنا نتحدث الآن عن مقدمات سقوط بغداد على يد التتار ورأينا كيف تمت الاستعدادات التترية .. وكيف تمت التحالفات السياسية وبدأ التتار بشن هجمات هدفها نفسي في سنة 650 هجرية قامت فرقة تترية بمهاجمة مناطق الجزيرة سروج وسنجار مناطق في شمال العراق .. فقتلوا وسبو ونهبوا واغتصبوا ومما فعلوه في هذه الهجمة أنهم استولوا على أموال ضخمة كانت في قافلة تجارية ضخمة جدا بلغت هذه الأموال أكثر من 600 ألف دينار ذهبي أخذوا أموال المسلمين فتقووا بها مثل ما يقولون اليوم تجميد أموال.. فأخذوا هذه الأموال فكانت هذه الحروب بمثابة حروب استنزاف أحدثته من أثار نفسيه بعيدة جعلت الناس يهربون ويتشردون .. ثم بدءوا بشن حرب إعلامية قذرة يقودها بعض إتباع التتار في بلاد المسلمين .. وبدأت بهؤلاء القصاصين والأدباء يتحدثون عن القدرات التتار الهائلة الخرافية واستعداداتهم غير الطبيعية ويوسعون الفجوة جدا بين إمكانيات التتار وإمكانيات المسلمين تسربت هذه الأفكار إلى وسائل الإعلام في ذلك الزمان عندهم قنوات فضائية عربية في ذلك الوقت .. ما هي هذه القنوات اليوم هي الصحافة والقنوات بينما في ذلك الوقت هي الأدباء والقصاصين والشعراء والمؤرخين .. وظهر في كتابتهم ما يجعل المسلمين يحبطون تماما أحبط الناس تماما من قتال التتار فصار يذكرني هذا اليوم بالناس لما تتكلم القنابل النووية والهيدروجينية عند إسرائيل .. فالناس يا أخي إحنا وين وإسرائيل خلاص خلينا نستسلم أحسن معاهدات سلام .. نرجع اللي نقدر عليه نفس الشيء صار في ذلك الوقت فصار كلام المنتشر بين الناس التتار تصلهم أخبار الأمم ولا تصل أخبارهم إلى الأمم .. التتار إذا أرادوا المواجهة كتموا أمرهم .. ونهضوا دفعة واحدة فلا يعلم به أهل البلد حتى يدخلوه التتار نسائهم يقاتلن كالرجال .. فأصبح رجال المسلمين يخافون من نساء التتار .. التتار خيولهم تحفر الأرض بحوافرها وتأكل أوراق النبات ولا تحتاج إلى شعير ولا إلى تبن تأكله ولا غيره التتار يأكلون جميع اللحوم .. يأكلون بني البشر يعني شيء غير طبيعي هذه مثل هذه الكتابات طبعا كانت ترعب العوام .. وأحيانا تؤثر حتى في نفوس القادة والخواص الجبناء طبعا هذا البلاء جنته الأمة على نفسها وما جناه عليها احد هؤلاء المروجين عندنا اليوم مجموعة من الصحفيين والإعلاميين باسم العقلانية .. يروجون لإسرائيل ويروجون لأعداء الأمة حتى نستسلم وتخور عزائمنا ونفضل السلام لا أمل في القتال مع هؤلاء طبعا التتار فعلوا شيء آخر أخبث حالوا في رسائلهم أن يرهبوا الناس .. أن يخدعوا الناس بأنهم من المسلمين وليسوا من الكفار وأنهم يؤمنون بكتاب الله تعالى القرآن وأن جنودهم وجذورهم إسلامية وأنهم ما جاءوا لهذه البلاد إلا ليرفعوا الظلم ظلم الحكام المسلمين دكتاتوريين على كاهل الشعوب المسكينة .. طبعا هذا الكلام كان يدخل في القلوب المريضة الخائفة المرتعبة فيعطيهم المبرر لاجتياح التتار .. ويعطي المبرر لإلقاء السيوف واستقبال التتار المحررين بدل استقبالهم الغزاة المحتلين .. التاريخ يعيد نفسه طبعا هذه الرسائل التترية كانت تخالف الواقع كثيرة لكن عندما تقع في يد إنسان أحبط نفسيا وهزم داخليا يكون ما بعده أثر مثال هذه الرسائل .. أذكر تلك الرسالة التي أرسلها هولاكو إلى أحد أمراء المسلمين .. وقال فيها نحن جنود الله بنا ينتقم من عتا وتجبر وطغيان وتكبر وما بأمر الله ائتمر .. نحن قد أهلكنا البلاد وأبدنا العباد وقتلنا النساء والأولاد .. يا أيها الباقون أنتم بمن مضى لاحقون .. يا أيها الغافلون أنتم إليهم تساقون .. مقصدنا الانتقام وملكنا لا يرام ونزيلنا لا يضام وعدلنا في ملكنا قد اشتهر.
أي عدل أي ظلم هذا الذي نراه في سجونكم ونراه في تعاملكم مع المسلمين يقول وعدلنا في ملكنا قد اشتهر ومن سيوفنا أين المفر .. دمرنا البلاد وأبدنا الأولاد وأهلكنا ا لعباد وأذقناهم العذاب وجعلنا عظيمهم صغيرا وأميرهم أسيرا تحسبون أنكم منا ناجون أو متخلصون عن قليل تعلمون على ما تقدمون قد أعذر من أنذر.
فلا شك مثل هذه الرسالة الخطيرة القوية إذا وقعت في يد حاكم خائف جبان .. فإنه لن يقوى على الحرام أبدا بعد أن يقرأها وكان هذا هو المرجو من وراء هذه الرسائل بهذه الرسائل وبغيرها أستطاع التتار أن يبثوا الرعب والهلع في قلوب المسلمين .. وصار الجو والمناخ مناسبا تماما لدخول القوات التترية الغازية وحلفائها إلى دخول بغداد واستسلام المسلمين .. وانهيار الخلافة العباسية نكمله في الحلقة القادمة إن شاء الله.
والسلام عليكم ورحمة الله.
المصدر: http://www.alresalah.net/morenews.htm?id=1995_0_2_0