السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. بسم الله .. والحمد لله .. والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم .. أما بعد:
فمرحبًا بإخواني وأخواتي وأهلي وأحبابي مرحبًا بكم مرة أخرى مع "مسك الختام".
الحقيقة الواحد وهو عمال بيسمع في سيرة هؤلاء الصالحين الطيبين من أصحاب سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم الواحد يكاد عقله أن يطيش، إنسان ما شاء الله الجنة مشتاقة له، والثاني سيدخل الجنة بغير حساب ولا عذاب، والثالث أبواب الجنة الثمانية تنادي عليه، والرابع ما شاء الله الملائكة ترفعه عند الموت، والخامس ربنا يكلمه بغير حجاب، والسادس ربنا سبحانه وتعالى أكرمه إكرام .. الواحد لما يتخيل كل هذا، كيف وصل هؤلاء لذلك، طيب ما هم بشر واحنا بشر، بس طبعا هم خير البشر بعد الأنبياء والمرسلين، لكن الإكرام ده كله نتيجة حاجة واحدة بس يا جماعة، أن الناس دي أخلصت النية لله واتبعت سنة وشرع وهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فربنا أكرمهم وأعزهم، واحنا كمان لو اتبعنا السنة وعشنا على شرع الله، وأخلصنا النية لله ربنا ها يكرمنا برضه، لأن الله لم يغلق الباب في وجوهنا أبدًا، وإنما قال: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} (الأحزاب:23) ..
ربنا يجعلنا من الذين يصدقون مع الله سبحانه وتعالى، إن تصدق الله يصدقك، ولا تنسوا شعارنا (وماذا أعدت لها؟) هذا الشعار الذي نريد أن نرفعه العمر كله، وماذا أعدت لها؟ اقعد فكر كده نفسك في إيه في الجنة؟ نفسك يوم القيامة لما تقعد بين يد ربنا أن ربنا يقولك خذ كتابك بيمينك وادخل الجنة ولا خذ كتابك بشمالك وادخل النار، نفسك ميزانك يتقل بالحسنات ولا يخف، نفسك تعدي على الصراط تزحف زحفا على بطنك، ولا تمر كالطرف وأجاويد الخيل وإلى غير ذلك، نفسك تدخل جنة ولا نار، ومش أي جنة، نفسك تدخل أعلى درجات الجنة ولا أي جنة وخلاص.
عشان كده باقولك لو عايز كده بص وشوف أنت قدمت إيه، وماذا أعدت لها؟
طيب، ضيفنا الليلة دي أكيد أنتم عايزين تعرفوا مين هو؟ ضيفنا الليلة دي ضيف غالي وعزيز جدا برضه، كلهم أعزاء لقلوبنا، ضيفنا الليلة "عامر بن فهيرة" رضي الله عنه وأرضاه مولى أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه.
في حديث البخاري أنه لما قتل الذين قتلوا في حادثة بئر معونة، وأُسر عمرو بن أمية، فلقاه واحد اسمه عمرو بن الطفيل، فعمرو بن الطفيل قال له من هذا المقتول، بيشاور على واحد معين، فقال له هذا عامر بن فهيرة، قال سبحان الله، قال هذا رجل لما قُتل رأيته رفع إلى السماء الدنيا، والرواية الثانية أن رجل اسمه جبار بن سُلمة، لما قتل عامر بن فهيرة فوجئ بمنظر عجيب جدا، فوجئ بعامر بن فهيرة بعدما قتل قال: فزت والله .. فاكرين أحد الصحابة قال فزت ورب الكعبة، ولكن هذا عمرو بن فهيرة قال: فزت والله، ثم قال: ثم رأيته رفع إلى السماء الدنيا، فسأل جبار بن سُلمة واحدا من أصحابه، قال ما فزت؟ يعني إيه فزت والله، الرجل أنا باقتله، يعني رجل قتل، إيه الفوز في أنه قُتل، قال: لأنهم يعتقدون أن من قُتل منهم في أرض الجهاد فإنه يفوز بالجنة، قال: ولهذا قال فزت والله .. قال أجل، فأسلم جبار بن سُلمة الذي قتل عامر بن فهيرة ..
يعني عامر بن فهيرة فاز مرتين، فاز في المرة الأولى أنه مات شهيد، وفاز في المرة الثانية أن الملائكة رفعته وفاز في المرة الثالثة بأن الذي قتله أسلم وكان موحدًالله سبحانه وتعالى، شفتم أد إيه المنقبة العظيمة .. وشفت خاتمة السعادة.
يعني مش مجر بس مسك ختام، ده مسك ومسك ومسك، ده الثلاثة مسك، يعني مش مسألة أنه مات بحسن خاتمة بس، لا مات بحسن خاتمة، شهيد، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول كما عند الترمذي وأحمد بسند صحيح: "للشهيد عند ربه سبع خصال، يغفر له مع أول دفع من دمه .. مع أول قطرة دم تنزل من الشهيد تغفر له كل ذنوبه وترجع صفحة بيضاء، ما عدا ذنب واحد كما جاء عند البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين، الفلوس، سواء فلوس أو غيبة ونميمة المظالم يعني، قال يغفر له مع أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ولذلك تجد الشهيد وشه مبتسم أو على الاقل لو مش مبتسم حتى تجد وجهه منور وجميل وكأنه نايم مش مقتول: ويرى مقعده من الجنة، ويحلى بحلة الإيمان، ويزوج من ثنتين وسبعني زوجة من الحور العين، يا بخته .. 72 زوجة،
(اليوم اللي يتزوج اثنين يمشي يكلم نفسه، واحد يقوله أنت بتسبح يقوله لا ده أنا بحسبن)
فسبحان الله يتزوج من 72 زوجة من الحور االعين، بعدين ويجار من عذاب القبر ويأمن من الفزع الأكبر ويلبس تاج الوقار، الياقوتة الواحدة فيه خير من الدنيا وما فيها، ويشفع في 70 إنسانا من أهل بيته يكونوا قد دخلوا النار او ها يدخلوا النار فيدخلهم الجنة بإذن الله سبحانه وتعالى.
فعامر بن فهيرة فاز بثلاثة أشياء، أولا مات شهيد، ثانيا الملائكة رفعته إكرامًا له، وهذا لسبب سأذكره لك، الملائكة رفعته إلى السماء الدنيا، ثالثا أن الذي قتله بسبب قوله فزت والله، وتخيل كده وأنت بتقتل واحد وبترمي الرمح في قلبه وأثناء قتله يقول فزت والله، أكيد هذا موقف سيؤثر فيك، وفعلا أثر مع جبار بن سُلمة وكان ذلك سبب من أسباب إسلامه.
طيب، السؤال اللي أنت عايز تسأله وعايز تعرفه هو عامر بن فهيرة عمل إيه حتى يفوز بهذه المنقبة، وليه على وجه الخصوص بالذات رفعته الملائكة إلى السماء الدنيا؟ هي كانت حاجة مقابل حاجة، وسأحل لكم هذه الفزورة حالا، هو رفع حاجة فاترفع إلى السماء الدنيا .. ماذا رفع؟ تعالى نعود بالذاكرة عندما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم مع أبو بكر من مكة إلى المدينة، ماذا حدث؟ النبي عليه الصلاة والسلام أعد العدة وأخذ بالأسباب ومجهز كل شيء وأبو بكر يجهز البعير له فترة كبيرة، وكل شيء بالثمن حتى تكون المسألة خالصة لله تعالى، والنبي عليه الصلاة والسلام استأجر عارفا بالطريق وهو عبد الله بن أريقط وكان رجل ليس مسلما، وأخذ العدة وتجهز وأخذ بالأسباب واختبأ عن أعين المشركين وأخذ طريق غير الطريق اللي هم متعودين يمشوا فيه حتى عندما عرفوا أنه مشى عاد مرة أخرى للطريق المؤدية للمدينة، واختبأ في الغار ثلاثة ليالي، وإلى غير ذلك ..
أثناء جلوسه في الغار ثلاثة أيام بلياليهم من سيؤكلهم ومن سيشربهم؟ هذه كانت وظيفة عامر بن فهيرة وأسماء بنت أبي بكر، أسماء بنت أبي بكر كانت حامل في الشهر السابع (أخواتنا الفضليات أسماء كانت حامل في الشهر السابع، المسافة طويلة وصعبة جدا وطلوع الجبل شاق جدا ويمكن أن يسقط حملها، ولكن كل هذا فداء لرسول الله صلى الله عليه وسلم تهون الدنيا كلها من أجل أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم معافى ..
كانت تضع الأكل وتشق النطاق بتاعها نصفين وتضع الأكل وتربطه على وسطه وتذهب لتوصل الأكل للنبي صلى الله عليه وسلم .. فقال النبي صلى الله عليه وسلم أبدلك الله عز وجل بنطاقين نطاقين في جنة الرحمن سبحانه وتعالى، فسميت في ذلك الوقت بذات النطاقين رضي الله تعالى عنها وعن أبيها.
عامر بن فهيرة كان يأتي ببعض الأغنام لأبي بكر ويمشي وسط الناس في مكة ويعرف الأخبار ويذهب للنبي، منه يوصل أخبار ومنه يحلب الأغنام ويطلع اللبن ويرفع اللبن لفم النبي صلى الله عليه وسلم حتى يرتوي النبي صلى الله عليه وسلم .. عرفت أنها حاجة مقابل حاجة، هو لما رفع اللبن لفم النبي حتى يشرب النبي ويرتوي ويحيي صلى الله عليه وسلم كان ذلك سببا في أن الملائكة رفعته إلى السماء الدنيا، أنت رفعت اللبن لفم النبي، احنا ها نرفعك للسماء الدنيا وأنت مقامك أعلى من كده يا عامر بن فهيرة، شفت أد إيه المنقبة العظيمة .. هو هذا شعارنا (وماذا أعدت لها؟) عملت إيه قدمت إيه لسنة النبي، خدمت دين النبي بإيه، خدمت سنته بإيه؟ قدمت إيه للإسلام والمسلمين؟ قدمت إيه لبلدك؟ احنا عايزين المسلم المتحضر اللي فاهم اللي عايش دينه بجد وسعيد بدينه وقادر أنه يقدم ويكون عنصر فعال في المجتمع وفي الدين ويقدر يخدم ويقدم رسالة عظيمة جدا ويعيش من أجل هدف عظيم جدا لإعمار الكون ده كله ومن أجل أن يعبد الله ويعبد الكون ده كله لله .. سبحان الله هذا هو المسلم العالمي اللي محتاجين نشوفه في هذه الأيام بالذات بفضل الله سبحانه وتعالى.
عامر بن فهيرة، كمان كان عبد الله بن أبي بكر كان رجل إعلامي ناجح يبات في وسط أهل مكة ويشوف أخبارهم إيه ويبلغ النبي عليه الصلاة والسلام ويبلغ أبو بكر بهذه الأخبار، طيب وهو راجع ممكن حد يأخذ باله من آثار أقدامه، لأنه عندهم ناس يعرفوا آثار الأقدام وكانوا أساتذة في الموضوع، فماذا يفعل عامر بن فهيرة؟ كان يأخذ الغنم ويمشي وراء عبد الله عشان آثار رجل الغنم تداري على آثار رجل عبد الله فلا يعرف أحد يعرف هو راح فيه ولا جه منين، وعامر بن فهيرة مش ها يشكوا فيه لأنه ماسك غنم ها يرعى بيها في أي مكان، في الجبل أو هنا فهو يبحث عن مرعى وشوية حشائش عشان الأغنام تأكل فلا يشك فيه أحد، فكان له دور فعال جدا وعظيم جدا وجميل جدا في هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ..
السؤال: حبيبي في الله وأختي في الله، ماذا قدمنا لدين الله؟ عامر بن فهيرة رغم أنه كان مولى من موالي أبو بكر رغم ذلك استطاع أن يقدم عمل يبيض وجهه بين يدي الله سبحانه وتعالى يوم القيامة، أنت قدمت إيه؟ أنت في مكانك، في مصنعك، في متجرك في مدرستك في شغلك في بيتك في الشارع في أي مكان ماذا قدمت لدين ربنا؟ لو متنا دلوقت حالا ووقفنا بين يدي الله وسألنا ماذا قدمتم لديني؟ ماذا قدمت لدين الله؟ سؤال صعب جدا، لكن لازم نحضر الإجابة عليه، ولازم يكون عندنا فعلا كلام نقوله، يكون فيه فعل نعبر عنه بالكلام، والله يا رب عملنا كذا، فاكر الثلاثة الذين دخلوا الغار، إن لم يكن عندهم رصيد ما كانوش خرجوا، (نفد رصيدك، خارج نطاق الخدمة) لكن احنا الحمد لله المسلم ليس خارج نطاق الخدمة وليس مفلس من الرصيد بله عنده رصيد بفضل الله سبحانه وتعالى ..
الأول قال يا رب إنك تعلم أنني فعلت كذا وكذا ابتغاء مرضاتك ففرج عنا الصخرة، فانفرجت الصخرة شيء ما .. والثاني انفرجت الصخرة والثالث انفرجت الصخرة كاملة حتى خرجوا جميعا ورأوا السماء، تخيل حضرتك لو كنت رابعهم وجاء الدور عليك والصخرة انفرجت ولكن لا تخرجكم، هل كنت ستضيع جهد الثلاثة اللي قبلك؟ ولا كنت ها تكمل جهد الثلاثة وتقول يا رب أنا عملت كذا وكذا ابتغاء مرضاتك، فإن كنت تعلم أني فعلت هذا خالصا لوجهك ففرج عنا الصخرة فتفرج الصخرة، يجب أن يكون عندك ذات حبيبي في الله، لازم يكون عندك فعلا رصيد تقدمه حتى يوم ما تقف بين يدي الله سبحانه وتعالى .. ماذا قدمت لنفسك؟ وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون، عبدت ربنا، صليت الصلوات الخمس، بتصوم شهر رمضان، عندك مال بتطلع زكاته ولا لا .. عندك قدرة على الحج، رحت حجيت ولا ما حجتش، عندك قدرة على أن تكفل يتامى كفلت ولا لا .. بتتصدق، أتكرم الناس ولا لا .. أتعاملهم بأخلاق كويسة، سلوكياتك هل انت أمين أم غير أمين؟ صادق ولا لا .. عندك وفاء ولا ما عندكش وفاء .. حاسب نفسك وشوف كده أخلاق النبي عليه الصلاة والسلام في أي كتاب من الكتب التي تتكلم عن أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وقس أخلاقك على أخلاق النبي .. رسول الله هو الميزان الأكبر كما قال سفيان بن عيينه رحمه الله رحمة واسعة، هو الميزان الذي تقاس عليه الأعمال، شوف أعمالك عاملة ازاي وقول أعمالي دي هل هي موافقة لأعمال النبي صلى الله عليه وسلم {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} (الأحزاب:21) ماذا قدمت لأسرتك حبيبي في الله؟ أخذت بيدهم لمرضاة ربنا؟ .. كثير من الناس يقولك الحمد لله أكلتهم وشربتهم وعلمتهم في أحسن مدارس ولبستهم أحسن لبس، وفسحتهم أجمل فسح، جميل وجزاك الله خيرًا وربنا يبارك فيك يا رب ويجعلها في ميزان حسناتك، ولكن أين الدين؟ أين الدين؟ هل دلتهم على طاعة ربنا؟
في مرة كنت أتحدث في مسجد عن بر الوالدين وبعد ما خرجت من المسجد وجدت واحد جايلي وفي وسط الشارع يعري لي بطنه يقول لي أنظر، لقيت بطنه والله مشقوقة بالسكين من بطنه حتى ظهره يعني دايرة كل جسمه متقطع بسكاكين، ومتخيط طبعا، فقلت له ما هذا؟ قال ده ابني اللي عمل في كده، أنا رجل غني جدا وعندي عمارة على النيل وجبت لابني عربية مرسيدس وأعطيته شقة تمليك وجوزته وجبت له العفش وباديله مرتب راح مشي مع بعض صحبة السوء وبقى يشم هيروين، كل يوم عايز فلوس بالألوفات، وفي مرة لم يكن معي فلوس ما قدرتش أديله، دخل وسحب السكينة من المطبخ وقطعني بالسكين .. ولولا أنهم أنقذوني وأنا في الرمق الأخير كنت مت ..
قلت له، الرجل بيسألني ومتوقع أن أقول له أن ابنه غلطان وهو ولد عاق والديه، قلت له ماذا قدمت لابنك في دينه، خليته يصلي؟ قال لا .. قلت له ذكرته في يوم من الأيام أنه يذكر ربنا يقرأ قرآن، ذكرته بصلة الرحم بحق الوالدين، عرفته مين هو ربنا، عرفته مين هو نبينا صلى الله عليه وسلم ؟ قال لي أبدا، فقلت له يبقى أنت اللي غلطان، أنت اللي عاقيته قبل أن يعقك، أنت اللي ساعدته على كده، أتظن أن التربية فقط أكل وشرب؟ لا .. ده شغل واحد بيؤكل طيب ما هي كل الناس بتأكل، الدواب تؤكل أولادها، الفرق اللي بينا وبين غيرنا أننا نعلم أولادنا، نربيهم ونفهمهم من أول لحظة، وإلا هو المولود أول ما بينزل ليه بنؤذن في أذنه، حتى تكون أول حاجة تلامس أذنه كلمة التوحيد، أعرفه أنه لك إله يا حبيبي ها تعبده، وتخلص النية ليه، ليه الولد بنعمل له عقيقة، ليه الولد بنسميه اسم جميل، ليه بنحفظه القرآن؟ ليه بنختار له أم صالحة تربيه؟ ليه وليه .. كل هذا حتى ننشئ مسلم صالح، ينفع دينه وينفع بلده وينفع نفسه وينفع أسرته ..
إذًا لابد أن تتذكر قول المولى عز وجل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}.. (التحريم: من الآية6) شفعت عامر بن فهيرة لما قدم الخير ده ربنا أكرمه بالخاتمة الجميلة بمسك الختام لأنه رفع شعار وتزودوا، فإن خير الزاد التقوى، ورفع شعار وماذا أعدت لها؟ هو ده الشعار اللي عايزين نرفعه، فلابد أنك تعد، ولادك دول بتربيهم مش لنفسك، بتربيهم لله، ولما تربيهم لله ها ينفعوك، ليه؟ لأنه إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث من بينها، أو ولد صالح يدعو له، وليس هذا فقط، حتى ولو دخلت الجنة تنفعك عند دخول الجنة حتى، ازاي؟ يقول النبي صلى الله عليه وسلم إن رجلا لترفع درجاته في الجنة فيقول أنى هذا؟ فيقال باستغفار ولدك لك؟
ماذا قدمت لنفسك؟ ماذا قدمت لأسرتك؟ ماذا قدمت لبلدك؟ وهل البلد لها علاقة بالدين؟ طبعا، ليه لا .. حبك لبلدك لا يقبح في حبك لدينك، بالعكس ده دليل على أنه أنت رجل متدين، النبي صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من مكة مطرود صلى الله عليه وسلم يبكي ويقول: والله أنك لأحب بلاد الله إلى الله، وإنك لأحب بلاد الله إلى رسول الله، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما خرجت، وما ينساش مكة، ويروح المدينة ويؤسس دولة شامخة للإسلام ويعود بعد ذلك لفتح مكة لا لينتقم، وإنما دخل وهم متوقعين أنه سوف ينتقم منهم لما فعلوه من إيذاء للنبي ومحاولة قتله وضربه واتهموه في عرضه وبعدين في النهاية رجع يقول لهم ماذا تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا خيرا أخ كريم وابن أخ كريم .. فكان كريما صلى الله عليه وسلم.
فقال: اذهبوا فأنتم الطلقاء.
ماذا أعدت لخدمة دينك؟ يبقى لنفسك، أسرتك، بلدك، دينك .. أعطيك مثال بسيط خالص تقول لي وأنا أعمل إيه، هو أنت متخيل أني أقدر أغير الكون؟ معقول والله العظيم ممكن واحد بس يؤثر في بلد وممكن واحد يؤثر في قارة كاملة، أتتخيل حاجة زي كده، بصدق وإخلاص النية وسأعطيك مثال بسيط خالص.
مثال جميل جدا ..
في غزوة الخندق كان عدد المشركين والكفار اللي جايين عشان يستأصلوا شأفة الإسلام كانوا 10 آلاف واحد، داخلين على المدينة وكان أكبر جيش يغزو مدينة النبي صلى الله عليه وسلم .. جايين المدينة أصلا محاطة طبيعيا بالجبال من ثلاثة جهات، وهناك جهة واحدة فقط اللي ممكن يدخلوا منها، فأشار سلمان الفارسي على النبي صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق، فحفروا الخندق، المشركين جم ومش متعودين يشوفوا الخدعة دي أبدا، أول مرة يشوفوا خندق بالمنظر ده وعطلهم، فيقدر الله سبحانه وتعالى في هذا الوقت وهم عايزين يدخلوا يعملوا إيه؟ كان فيه عهد بين النبي وبين يهود بني قريظة اللي هم عايشين في المدينة أنه لو حد جه المدينة حاجة من الاثنين، يا إما تقفوا معنا نقاتل هذا العدو، أو تقفوا على الحياد لا تقاتلوا معانا ولا معاهم .. لما جم المشركين في غزوة الخندق فبنو قريظة قالوا احنا على الحياد وقاتلهم أنت واحنا ما لناش دعوة، ولكنهم عملوا شيء غريب جدا، فاليهود هم اليهود في كل زمان ومكان، خانوا العهد مع النبي وأرادوا أن يفتحوا الأبواب الخلفية للمشركين حتى يدخلوا ينقضوا على النساء والشيوخ والأطفال يقتلوهم ثم يقتلوا النبي والصحابة، النبي عرف ذلك صلى الله عليه وسلم يعمل إيه؟ ضاقت عليه الأرض بما رحبت، النبي عليه الصلاة والسلام مش عارف يعمل إيه؟ خايف على الصحابة والناس الموجودين في المدينة المنورة، وإذا في تلك اللحظة برجل واحد من غطفان، اسمه نعيم بن مسعود، يجي سرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقول: يا رسول الله لقد أسلمت وما يعلم أحد بإسلامي، وأنت تعرف أنا حبيب جدا لغطفان، وحبيب لقريش وحبيب ليهود بني قريظة، ماذا تريدني أن أفعل؟ الرسول عليه الصلاة والسلام قال إنك لا تستطيع أن تفعل شيئًا لوحدك؟ ولكن الحرب خدعة فخذل عنا ما استطعت، فراح عامل فكرة حلوة قوي راح للمشركين وقال لأبو سفيان أتعرفني وتثق في، قال له أنت حبيبنا ونثق فيك، قال له اليهود ندموا أنهم خانوا العهد مع محمد وقالوا أبو سفيان ها يجي وبعد ذلك ها يتركنا ويمشي واحنا بعد ذلك نقع في مشكلة مع محمد ويقتلنا، لا احنا ها ناخد 11 واحد رهينة من قريش وغطفان ونسلمهم لمحمد يقتلهم عشان نعرفه أن نيتنا صافية واحنا خلاص رجعنا عن اللي كنا ها نعمله وأنه احنا مش ها نعاديه أبدا، وذهب إلى اليهود وقال لهم احذروا ده أبو سفيان وغطفان جايين عشان ينتهزوا نهزة يخدوها ويرجعوا وها يسيبوكم بعد وكده وأنتم مش ها تخلصوا، محمد عليه الصلاة والسلام ها يقتلكم وها يعمل فيكم، طيب ماذا تشير علينا يا نعيم؟ قال لهم لازم تطلبوا 11 واحد من سادة القوم بتوع قريش يكونوا عندكم رهينة، بحيث لو حبوا يسيبوكم تقتلوهم .. قالوا فكرة جيدة ..
أرسل أبو سفيان اثنان، واحد من غطفان وواحد من قرش وقال لليهود سنقاتل غدا، قالوا لا غدا السبت ونحن لا نقاتل يوم السبت، طيب نقاتل الأحد، قالوا لا إلا أن تعطونا 11 واحد من عندكم من السادة يكونوا عندنا رهينة حتى لا تتركونا، فقال أبو سفيان صدق نعيم، فأرسل لهم اليهود يسألوهم ال11 واحد فقالوا لا لن نرسلهم، فقالوا إذًا كلام نعيم مضبوط، فخزل نعيم بين قريش وغطفان وبين اليهود فرجع الطرفان وتركوا الموضوع وبالتالي خزل بينهم، ثم أرسل الله عز وجل جند الريح بعد ذلك فكانت سببا في كفء القدور واقتلاع الخيام ثم رحلوا بعد ذلك عن مدينة النبي صلى الله عليه وسلم برجل واحد .. رجل واحد استطاع أن ينصر أمة بأكملها وهو نعيم بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه.
واحد ممكن يقول لي الآن بس أنا مشكلتى أني عندي ظروف كتير قوي ومش قادر أني أعبد ربنا ولا أنصر دين ربنا سبحانه وتعالى ..
سأعطيك رسالة أختم بها حلقة اليوم لأبي محجن الثقفي، أبو محجن الثقفي جلد 25 مرة على شرب الخمر في عهد النبي، وظل يشرب الخمر، هو رجل مؤمن وتقي جدا، بس مشكلته أنه عنده نقطة ضعف، فأي شخص عنده نقطة ضعف في ذنب معين بيقع فيه كثيرا، فجاء في معركة القادسية وشرب الخمر، سعد بن أبي وقاص أول ما عرف ذلك قال خلاص .. والحدود لا تطبق في المعارك لأنه ممكن هو يسيب جند المسلمين ويروح مع جنود الأعداء ويكون ضد المسلمين، فالحد لا يطبق، فحبسوه في خيمة سعد بن أبي وقاص وكانت زوجته سلمى هي التي تحرسه، وهو مربوط في سارية، فالمهم بدأ الجهاد وكانت التصرة في بداية الأمر ضد المسلمين، كانت للفرس، طبعا هو يتحرق شوقا وهو يسمع صوت السيوف والرماح، فقال لها يا سلمى هل لك إلى خير؟ قالت ما هو؟ قال لها تعيريني البلقاء فرس سعد وتعيريني سيف ورمح وتتركيني أروح أقاتل ولك عهد علي أمام الله أن أعود وأضع رجلي في القيد، قال له لا .. بعد فترة وجدته يبكي ويقول:
كفى حزنـا أن ترتـدي الخيل بالقنـا *** وأتـرك مشـدودا إلى وثـاقيا
إذا قمـت عنـا في الحـديد وغـلقت *** مصارع دوني قد تصم المـناديا
وقد كنت ذا مـــال كثير وأخــوة *** فقد تركوني واحد لا أخ لــي
فللـــه عهـد لا أخـيس بعـهـده *** لئن فرجـت ألا أزور الحوانيا
عهد أمام الله لو سبوني دلوقت أقاتل والله ما أشرب خمر بعد ذلك، فحنت له سلمى وفكته وأعطته البلقاء فرس سعد، فتلثم ودخل، حمل على الميمنة فأطاح بها، وعلى الميسرة على قلب الجيش وعمل مهلكة في الفرس، حتى نظر سعد بن أبي وقاص وكان به دمامل لا يستطيع القتال فكان يقول والله لولا أن أبا محجن مربوط الآن في القيد لقلت أنها بعض شمائل أبي محجن، فلما عاد سعد بن أبي وقاص وانتصر المسلمون وعاد أبو محجن ووضع رجله في القيد فدخل سعد فقالت سلمى كيف كان قتالكم اليوم؟
قال: والله لقد حدث فينا كذا وكذا وكدنا أن نُهزم لولا أن دخل رجل ففعل وفعل وفعل وكان النصر بفضل الله لجند الله والله لولا أني أعلم يقينا أن أبا محجن مربوط في القيد لقلت أنه أبو محجن، فقالت والله أنه لأبو محجن، فبكى سعد وقال: والله يا أبا محجن لا أريد أن أجلدك على الخمر بعد اليوم أبدا، فقال أبو محجن وأنا والله لا اشرب الخمر بعد اليوم أبدا، قد كنت أشربها فتطهرني بالحد، واليوم إن شربتها فلا يطهرني إلا نار جهنم.
فهذه رسالة لك .. أخي الحبيب.. حتى يعلم أنه حتى ولو عندك ذنوب، ولو عندك آثام فكل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون، اجتهد في طاعة ربنا وفي خدمة دين ربنا وفي خدمة أسرتك ووطنك والمسلمين من حولك حتى تكون ممن استعملهم الله عز وجل في نصرة هذا الدين العظيم .
أخي وحبيبي ده كان جزء يسير عن الكلام عن مسك الختام لعامر بن فهيرة الذي رفع إلى السماء، أسأل الله عز وجل أن نرفع جميعا إلى السماء السابعة وإلى جنة الرحمن التي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ..
أحبكم في الله. سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصبحه وسلم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصدر: http://www.alresalah.net/morenews.htm?id=1989_0_2_0