السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أهلا وسهلا بكن أخواتي المشاهدات في حلقة جديدة من برنامجنا فقه المرأة.
موضوعنا اليوم يتحدث عن موضوع قديم حديث، شائك ولكنه شائق، يعتبره البعض من الكماليات، وبينما يعتبره بعض آخر من الأمور الأساسية للإنسان، إنه الشعر، زينة الله تعالى التي زين بها الرجال والنساء، عندما يصاب كثير من الرجال بالصلع وبعض النساء بالصلع، هل يمكن لنا أن نعتبر هذه الأمور من الأمور الكمالية أم أنها من الأمور الحاجية التي يلحق الإنسان بفواتها يلحقه مشقة ويلحقه حرج.
عندما ننظر في التشريع الإسلامي نجد أن التشريع الإسلامي راعى في تكليف العباد الحفاظ على مصالح العباد، راعى رفع الحرج عنهم، { يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}، قد يكون إصابة الرجال بنوع من الصلع الجزئي قد يكون رفع هذا الصلع قد يكون من الأمور الكمالية لا يلحقهم بسبب هذا الصلع حرج أو مشقة، لكن عندما يصاب الرجل بصلع كامل كمرض الثعلبة، أو عندما تصاب المرأة بصلع جزئي أو حتى بصلع كامل بالتأكيد سيسبب لهؤلاء هذا الصلع سيسبب لهم حرج وضرر، والضرر يزال والحاجة تنزل منزلة الضروريات، ولا ضرر ولا ضرار ..
ورد في الحديث الصحيح قول النبي -عليه الصلاة والسلام- : "لعن الله الواصلة والمستوصلة"..
الواصلة: هي التي تصل شعرها بشعر آخر منها أو من غيرها.
المستوصلة: هي التي تطلب أن يُفعل بها ذلك أو يُفعل ذلك بإذنها ورضاها ..
إذًا هذا هو الوصل الذي نهى عنه النبي -عليه الصلاة والسلام- .
عندما نعود لآراء الفقهاء في هذا الوصل المحرم، ما هو الوصل المحرم؟ في أي شيء يكون الوصل محرمًا، هل مطلق وصل الشعر هو محرم؟ أم أن هنالك علة في الحديث وحكمة يُنظر إليها عند الحديث عن وصل الشعر وأحكام وصل الشعر.
عندما نتحدث عن آراء الفقهاء القدامى علينا أن نبدأ، ونقول بالتأكيد كان هنالك عملية وصل الشعر عندهم لم تكون كعلمية زرع الشعر اليوم، لم تكن بتلك الطرق الحديثة اليوم .. بالتأكيد كان هنالك وصل شعر، إما بشعر آدمي أو شعر حيوان ولكنه وصف ظاهري، هذا الوصف الظاهري إما عن طريق اللصق أو بطريقة أخرى، بالتأكيد لم يكن بعمليات جراحية.
بناء على هذا مبدأ حديثنا عن آراء الفقهاء القدامى في الوصل وحكم الوصل، ما هو الوصل المحرم وما هو الوصل غير المحرم ..
اتفق الفقهاء على تحريم وصل الشعر بشعر آدمي، سواء كان شعر نفسه أم شعر غيره؛ لأن الانتفاع بشعر الآدمي حرام بسبب كرامته ولئلا يُحولا لسلعة تجارية.
إذن بعض الناس يحاولون وصل الشعر بشعر طبيعي، هذا الشعر الطبيعي سواء كان شعر نفسه سابقًا أو شعر غيره عند الفقهاء يحرم الانتفاع به مطلقًا؛ لأن الإنسان مكرم، والله تعالى يقول {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} وبالتالي لا يجوز استخدام هذا الشعر لهذا السبب أولا.
ولسبب ربما يستخدم شعر امرأة لرجل فيرى الناس ما لا يجوز أن يروه، وهذا من ناحية أخرى، ولكن السبب الأساسي أن أعضاء الإنسان مكرمة ومنه شعر الإنسان ولا يجوز الانتفاع بشعر الإنسان حتى لا يحول لسلعة تجارية ويباع ويشترى.
إذن اتفقوا على أن لا يجوز الوصل بشعر آدمي.
أما الوصل بشعر غير آدمي فهناك خلاف فيه، بناء على اختلافهم في فهم العلة من الحديث من قول النبي -عليه الصلاة والسلام- "لعن الله الواصلة والمستوصلة" وقلنا الواصلة، التي تصل شعرها أو شعر غيرها، والمستوصلة التي تُفعل بها عملية الوصل ..
- اختلفوا في حكم وصل الشعر بشعر غير الآدمي، ويعود ذلك إلى اختلافهم في فهم العلة التي حرم لأجلها وصلة الشعر.
- ذهب المالكية ورواية عن أحمد إلى أن علة التحريم هي تغيير خلق الله، ولذلك يحرم عندهم وصل الشعر مطلقا سواء كان بشعر آدمي أم حيوان.
إذن هذا هو المذهب المالكي نظروا إلى مظهر الحديث ولم ينظروا إلى العلة، وإنما أخذوا بظاهره لا يجوز الوصل مطلقا سواء كان الوصل بشعر آدمي أم بشعر حيوان.
أما الشافعية والحنبلية فنظروا إلى العلة، وقالوا: أن العلة في تحريم وصل الشعر هي أمران: نجاسة الشعر المستعمل، قد يستعمل شعر نجس للوصل، وبالتالي عندما يتصل بشعر نجس، والشعر النجس عندهم هو إما شعر ميتة أو شعر حيوان غير مأكول اللحم، فعندما يوصل الشعر بهذا الشعر النجس قطعا لا يجوز، ولذلك قال النبي -عليه الصلاة والسلام- "لعن الله الواصلة والمستوصلة".
أما العلة الثانية التي نظروا إليها: وهي الغش والتدليس، طالما أن هنالك في وصل الشعر غش وتدليس فيحرم وصل الشعر، إذا لم يكن هنالك غش وتدليس وكان الشعر المستعمل في الوصل شعرًا طاهرًا غير نجس جاز عندهم استعمال هذا الشعر في وصل شعر الآدمي بشعر غير الآدمي من حيوان غير نجس بشرط انتفاء الغش والتدليس ..
ولذلك فسروا حديث النبي -عليه الصلاة والسلام-عندما أتته المرأة قالت: يا رسول الله إن لي ابنة واشتكت ابنتي من تساقط شعرها وإن زوجها يريدها (إذًا هنا انتفى الغش والتدليس) وإن زوجها يريدها أفأصل شعرها .. قال: "لعن الله الواصلة والمستوصلة".
الشافعية والحنبلية قالوا: هنا حرم الوصل، لا من أجل الغش والتدليس وإنما من أجل أن الشعر المراد استخدامه في عملية الوصل هو شعر نجس ..
إذن ذهب الشافعية والحنابلة إلى أن العلة في التحريم أمران:
- نجاسة الشعر المستعمل.
- الغش والتدليس.
فيجوز وصل الشعر بشعر غير الآدمي بشرطين:
- أن يكون غير نجس.
- وأن يكون بإذن الزوج.
أما الحنفية فذهبوا إلى أن العلة في تحريم الوصل هي الانتفاع بما لا يحل الانتفاع به، أي عندما يكون الوصل باستخدام شعر نجس كشعر ميتة أو شعر حيوان غير مأكول اللحم .. أما إذا كان الشعر الذي يراد الوصل به شعر حيوان طاهر، لم يشترطوا علم الزوج ولم يشترطوا إذن الزوج .
إذن ذهب الحنفية إلى أن العلة هي الانتفاع بما لا يحل الانتفاع به، لم يشترطوا إذن الزوج أو علمه، فيجوز عندهم وصل الشعر بشعر غير آدمي بشرط أن يكون مما يحل الانتفاع به ..
إذن الجمهور الشافعية الحنابلة الحنفية لم ينظروا عند حرفية النص، "لعن الله الواصلة والمستوصلة" وإنما نظروا إلى الحكمة، إلى العلة المرادة، والتي من أجلها ورد النهي وهي كما ذكرنا عند الشافعية أن يكون الشعر نجسا، أن يكون هناك غش وتدليس.
واكتفى الحنفية بنجاسة الشعر، وقالوا: إذا كان الشعر نجسا لا يجوز الوصل .
-----------------------
الآن تطور العلم، وبات هناك ما يعرف بزراعة الشعر، وهذه زراعة الشعر لا يمكن لنا ولا يمكن للفقهاء أن يستنبطوا العلم الشرعي إذا لم يعرفوا الآلية التي تتم بها هذه الطريقة، طريقة زرع الشعر، ما هي الآلية ما هو الشعر الذي يزرع هل هو شعر طبيعي أم شعر صناعي، لذلك بداية علينا أن نعرف زراعة الشعر ونقول:
حكم وصل الشعر اليوم (زرع الشعر):
عملية زرع الشعر نوعان:
- زرع الشعر الطبيعي.
- زرع الشعر الصناعي الجاهز:
- 1. زرع شعرات صناعية جاهزة
- 2. باروكة من الشعر الصناعي يتم تثبيتها بلاصق خاص.
لمزيد من التفاصيل تابعوا معي الرأي الطبي في زراعة الشعر وأنواع هذا الزرع:
---------------------------
د. نمر قاسم محمد .. اختصاصي الجرحة الجلدية وزرع الشعر الطبيعي
زرع الشعر الطبيعي يعني حاليا رائج بشكل كبير؛ لأنه يحل مشكلة طبية كبيرة لكثير من الأشخاص للرجال بعمر 50 سنة .. يعني عندهم نسبة 50% من الصلع الوراثي، فزرع الشعر له أنواع عديدة، منها زرع الشعر الطبيعي وزرع الشعر الصناعي للأشخاص اللي ما عندهمش شعر..
طبعا إحنا الأنجح اللي هو زرع الشعر الطبيعي نأخذ البصيلات دائما من نفس المريض لنزرع إياها بالمناطق الفاضية اللي عنده للصلع الوراثي، هذا الشعر يطلع بعد ثلاثة شهور ويقدر يقصه، ويفضل مدى الحياة موجود، طبعا يحتاج جلسة أو اثنين أو ثلاثة جلسات حسب الفضاوة الموجودة عن الشخص المراد الزراعة له، وبالمناسبة الزراعة ممكن تصير للإناث وممكن تصير للذكور .. ويعطي نفس المردود بجمالية، وكل ما كان زرع الشعر باين بشكل طبيعي كلما كان الحالة أنجح، وزرع الشعر كمان مهنة مثل أي مهنة، بقدر ما تتقنها أكثر بقدر ما تعطي فيها نتائج أفضل، من خلال الحلال اللي أنت أجريت لها زراعة والمتابعة.
زرع الشعر عادة نجريه تحت التخدير الموضعي، نعتبرها عملية صغرى إن كان من الخلف، وإن كان الزرع من الأمام، العملية ما يطرح مطرحها أي اختلاطات، اختلاطات خفيفة جدا مسيطر عليها عشرة أيام ممكن يصير بعض الوجنة الخفيفة بالجبهة، نعطيه أدوية بتروح، نعطي مسكنات ومضادات التهاب الوقاية خلال الخمسة أيام الأولى، ما في حالات اختلاطات كثيرة لزراعة الشعر.
زرع الشعر يعني الأشخاص عادة اللي يأتوا يطلبوا زراعة شعر تتراوح أعمارهم بين العشرين والأربعين، وأحيانا يتجاوز عمرهم الأربعين، بس الأكثر بالنسبة للي تتردد عمر بين عشرين إلى أربعين سنة.
---------------------
بما أن زراعة الشعر هي من الأمور المستحدثة لم يتناول الفقهاء القدامي زراعة الشعر، فينبغي علينا أن نبحث في بطون الكتب المستحدثة وعند الفقهاء المعاصري، نقول اختلف الفقهاء المعاصرون في حكم زراعة الشعر بناء على فهمهم لهذه الزراعة، هل هي من الوصل المحرم التي تناوله الحديث الشريف القائل: "لعن الله الواصلة والمستوصلة" أم أن هناك اختلافا بين الوصل المعروف عند الفقهاء وبين زراعة الشعر اليوم.
آراء الفقهاء المعاصرين:
1. حرمة هذه العمليات بجميع أنواعها؛ لأنها من الوصل المحرم (الشيخ عبد الله بن جبرين). سواء كان شعرا طبيعيا من الإنسان نفسه أو شعرا صناعيا يزرع في الرأس أم يثبت على شبكة ثم يثبت بلاصق على الرأس، واعتبر هذه الزراعة نوعا من أنواع الوصل المحرم؛ لأنها تغيير لما خلق الله تعالى، وبالتالي قال: "لعن الله الواصلة" وهذا الحكم ينطبق اليوم على الأطباء الذين يزرعون الشعر، والمستوصلة كل من يُجرى أو تُجرى له هذه العملية ذكرا أم أنثى؛ لأن الحديث عندما قال: "لعن الله الواصلة والمستوصلة" لم يكن يريد تقييد التحريم للإناث، وإنما ذكر الإناث؛ لأنه أغلب من فعل هذا هم من الإناث، فالحكم يعم الذكور والإناث ..
إذن هذا رأي الشيخ (عبد الله بن جبرين)
2. هنا رأي آخر ورأي وجيه للشيخ بن عثيمين والشيخ الدكتور القرضاوي.
ذهب هذان الشيخان إلى جواز زراعة الشعر الطبيعي المأخوذ من الإنسان نفسه، وهذا في رأيهما إرجاعا للشيء إلى أصل خلقته، فضلا عن أن هذا الشعر الطبيعي هو الشعر المأخوذ من الشخص نفسه وهو يأخذ حكم جزء من أعضائه، يطول ويقصر ويتغذى من الإنسان نفسه، وبالتالي هذا ليس وصلا محرما، وبالتالي ليس فيه خداع ولا غش.
3. الرأي الثالث في هذا الشأن هو فتاوى الشبكة الإسلامية، وهي ترى جواز الزرع بجميع أنواعه الطبيعي والاصطناعي وتعتبر هذا ليس من الوصل المحرم وليس تغييرا لخلق الله تعالى، بل هو نوع من أنواع العمليات التجميلية التي ترفع الضرر وترفع الحرج والمشقة ..
ولكن هنالك أسئلة كثيرة:
ما هو حكم من يزرع شعرا صناعيا نجسا، أو من يزرع شعرا اصطناعيا بغية الغش والتدليس، هل هذا جائز أم غير جائز .. وهذا ما سنبينه بعد الفاصل فابقوا معنا ..
........................................
أهلا بكن مجددًا..
توقفنا قبل الفاصل عند فتاوى الشبكة الإسلامية التي تبيح زراعة الشعر الطبيعي والاصطناعي وتعتبر هذا نوع من أنواع العلميات التجميلية وأنه ليس من الوصل المحرم.
في الحقيقة هنا يجب أن نتناول الموضوع بشكل أدق وأشمل، هذا الشعر الاصطناعي الذي يثبت في الرأس، وقد يدوم لمدة سنتين أو أكثر من سنتين هو في الواقع يأخذ نفس الحالة للوصل المعروف في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- ويجب أن يطبق عليه نفس الشروط التي اشترطها الفقهاء، هو ليس من شعر الإنسان.
وبالتالي هو جسم غريب عنه.
لذلك اشترط الفقهاء في جواز هذا الوصل أن يكون شعرا غير نجس، وأن لا يكون هناك غش ولا تدليس، وعندما ننظر اليوم فيما يفعله الكثير من الشباب والشابات المقبلات أو المقبلون على الزواج نرى الغش ونرى التدليس قد تضع هذا الشعر الاصطناعي أو قد يضع هذا الشعر الاصطناعي ولا يخبر شريكه الزوجي بذلك، وبعد الزواج يكتشف الطرف الآخر هذا العيب ويعتبر هذا تدليسا وغشا محرم في الإسلام.
ومن جهة أخرى علينا أن نبحث عن الشعر الصناعي الذي يزرع اليوم، من أي شيء يصنع، وهل هو من شعر حيوان أم من شعر غير حيوان.
لذلك نحن بحاجة إلى :
- الحاجة إلى دراسة موضوع زراعة الشعر الصناعي بشكل أشمل وأدق.
- زراعة الشعر الصناعي تشترك مع الوصل المعروف في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- في أنها ليست جزءًا من الإنسان، ولا تأخذ حكم شعره.
- يجب أن يشترط في جواز هذا الزرع الشروط التي اشترطها الفقهاء لجواز الوصل.
- ما حكم من يفعل هذا من الشباب والشابات ليغش شريكه الزوجي؟
- ضرورة مناقشة هذه المواضيع في مجامع فقهية لا بشكل آراء فردية.
بعد هذه الخلاصة علينا أن نبين أن الشعر الاصطناعي اليوم لا يصنع من شعر الحيوان، وإنما يصنع من ألياف خاصة .. تابعوا معي الاصطلاع التالي:
........................................
د. نمر قاسم محمد .. اختصاصي الجرحة الجلدية وزرع الشعر الطبيعي
زرع الشعر الصناعي هو عبارة عن ألياف صناعية يضيفون لها مواد ملونة لهذه الألياف بحيث تناسب شعر المريض، تزرع بطول واحد، هي ما بتطول وبتغرس بالطول اللي يناسب المريض 6 أو 10 سم، هذه الألياف على مدى سنة أو سنتين أو ثلاثة تخرج ويمكن أن تعاد الجلسة مرة أخرى ..
..................................
حالات الصلع التي يصاب بها بعض الناس اليوم لا يتمكن معها الطب من زراعة الشعر الطبيعي؛ لأنه ليس أمام هذا الإنسان المصاب إلا أمرين، إلا أن يزرع شعرا اصطناعيا أو يلبس باروكة إما متحركة أو يتم تثبيتها بلاصق ... فما هو الرأي الطبي في هذا؟
د. نمر قاسم محمد:
فيه عندنا يعني يذكرون ضمن زرع الشعر وهو ليس زرع شعر وهو الباروكة، هو ليس زرع شعر هو عبارة عن شبكة تلصق على جلدة الرأس هذه الشبكة طبعا كل شهر يتم حلاقة جلدة الرأس ويرجع الصاقها مرة أخرى، وطبعا كمان الباروكة كل سنة أو سنتين ثلاثة يمكن أن تروح الشعر مثل الثعلبة ويرجع يعيد المريض باروكة أو بروستيجا أخرى ..
..................................
إذن أمام هذا المريض أو المريضة المصابة أو المصاب بمرض الثعلبة أحد أمرين:
إما أن يزرع شعرا صناعيا وإما أن يضع البروستيجا (الباروكة)
بالنسبة لزراعة الشعر الصناعي الأرجح أنه يجوز له أن يفعل هذا بسبب أنه في الشريعة يرفع الضرر والضرر يزال، وهذه المشقة التي تلحقه تترجم تحت باب الحاجيات، تنزل منزلة الضروريات ويراعى في هذا رفع الضرر عن المصاب، ورفع المشقة التي تلحقه ..
ولكن ما هو حكم الباروكة أو ما يسمى بالبروستيجا؟
هل يجوز للمرأة الصلعاء أو خفيفة الشعر استخدام الباروكة؟
- ذهب بعض المالكية إلى أن وضع الشعر على الرأس لا يجري عليه الوصل المحرم.
- أما الفقهاء المعاصرون فقد اختلفوا في هذا، هل يدخل هذا تحت الوصل المحرم؟ لعن الله الواصلة والمستوصلة، أم أنه لا يدخل؛ لأنه هو وضع شعر على الرأس كما ذكرنا ..
- ذهب أكثر الفقهاء المعاصرين منهم الدكتور القرضاوي، فتاوى الشبكة الإسلامية، الشيخ ابن عثيمين إلى أن هذه الباروكة هي وصل للشعر ويجب لجوازها شروط:
1. ألا تكون مصنوعة من شعر آدمي.
2. أن يكون الشعر طاهرا.
3. أن تتزين بها لزوجها.
إذن بناء على هذا يجوز فقط في حالات أن يكون الشعر طاهرا، وكما رأينا اليوم الباروكات، والبروستيجا والشعر الصناعي الذي يزرع في الرأس كلها مصنوعة من ألياف، وليست مصنوعة من حيوان أبدا، هذا إذا هي طاهرة هذا من جهة.
الأمر الثاني الذي اشترطوه: هو إذن الزوج.
وهذا يقتضي أنه يجوز فقط للمرأة المتزوجة، أو المرأة المخطوبة لينتفي الغش والتدليس، ولكن يبقى هنالك حالات المرأة غير المخطوبة وغير المتزوجة، ماذا تفعل إذا كانت صلعاء وإذا كانت أصيبت بمرض لا يمكنها معه أن تتلافى هذا المرض بزراعة الشعر الطبيعي؟
لذلك ذهب بعض الفقهاء المعاصرين إلى: أنه يجوز لهذه المرأة أن تستخدم الباروكة والبروستيج بناء على مذهب الحنفية الذين لم يشترطوا سوى أن يكون الشعر مما يحل الانتفاع به، وبالتالي تخرج هذه الحالة عن الوصل المحرم الذي قال فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- "لعن الله الواصلة والمستوصلة"
- أجاز البعض استخدام الباروكة بشرط واحد، أن يكون الشعر مما يحل الانتفاع به بناء على مذهب الحنفية ..
يتبادر للذهن أسئلة كثيرة ولا أشك أنه أيضا يتبادر إلى أذهانكم أسئلة كثيرة منها:
1. هل يجوز للمرأة أن تستخدم باروكة مصنوعة من شعر طبيعي إذا كان شعرها؟
الفقهاء حرموا استخدام شعر الإنسان في وصل الشعر، وقالوا: أنه يحرم الانتفاع بأجزاء الآدمي، وبالتالي نقول أن هذا الرأي منهم هو رأي اجتهادي وبذلك ليس هنالك نص، ولذلك خالف الإمام محمد تلميذ الإمام أبو حنيفة في هذا، وقال: يجوز الانتفاع بشعر الإنسان بشرط ألا يباع، واستدل بهذا أن النبي -عليه الصلاة والسلام- في إحدى الغزوات قص شعره ففرقه على الصحابة، واحتفظوا ببعض شعرات النبي -عليه الصلاة والسلام- وهذا دليل على الانتفاع بشعر النبي -عليه الصلاة والسلام- .. ولكن أعود فأكرر بشرط أن لا يباع هذا الشعر، وبشرط ألا يستخدم هذا الشعر إذا صنع من شعر المرأة الطبيعي باروكة بشرط أن تستخدمها هي ولا يجوز أن يستخدمها غيرها من الناس ..
- الفقهاء يحرمون الانتفاع من شعر الآدمي .. الإمام محمد تلميذ أبو حنيفة يبيح الانتفاع بشعر الآدمي ..
2. هل يجوز للرجل الأصل أو قليل الشعر استخدام الباروكة؟
هذا أيضا سؤال بحاجة إلى جواب، والفقهاء لم يتعرضوا لهذا، لا الفقهاء القدامى ولا الفقهاء المعاصرين.
3. هل يجوز للمرأة الصلعاء أو قليلة الشعر غير ذات الزوج أن تستخدمها؟
وأجاز بعض الفقهاء هذا، وإذا حرمنا هذا على المرأة فسوف تجد حرجا ومشقة وكما قلنا الضرر يزال والحاجيات تنزل منزلة الضروريات ..
أمر آخر يجب أن نبحث فيه، ونبحث عن حكمه، وهو مسألة تثبيت الباروكة على فروة الرأس، هل يجوز هذا التثبيت؛ لأنه في هذا التثبيت عندنا الوضوء وعندنا الغسل، ما هو حكم الوضوء والغسل في هذه الحالة؟ لابد من بحث هذه المواضيع في مجامع فقهية، وعدم الاكتفاء بالآراء الفردية في هذا المجال.
أمر أخير علينا أن نبحثه هذا الأمر كثيرا ما أُسأل من قبل بعض النساء، أنا أحب أن أتزين لزوجي، ليس هناك من ضرر، أنا شعري جميل، وشعري موجود، ولست صلعاء ولست خفيفة الشعر ولكن لأصل ما بين قلبي وقلبه، فهل يجوز هذا؟
- لبس الباروكة للزينة لا لرفع الضرر محرم عند أغلب الفقهاء المعاصرين ولو كان تزينا للزوج.
- أجاز البعض هذا بناء على مذهب جمهور الفقهاء من جواز وصل الشعر بما يحل الانتفاع به إذا انتفى الغش والتدليس دون اشتراطهم لوجود الضرورة ..
وهذا الرأي هو الأرجح يجوز، ولكن بشرط أن يكون هذا تزينا للزوج أو أمام النساء، أما ما تفعله اليوم كثير من النساء تلبس الباروكة وتغير الواحدة تلو الأخرى لتخرج أمام الرجال الأجانب في الطريق تلفت نظرهم فهذا قطعا محرما وغير جائز.
وفي نهاية حديثي أقول لأخواتي المشاهدات حديث النبي -عليه الصلاة والسلام- لوابصة بنت معبد، يا وابصة استفت قلبك استفت قلبك استفت قلبك ولو أفتاك الناس وأفتوك ..
وأنت أختي المشاهدة استفتي قلبك استفتي قلبك استفتي قلبك ولو أفتاك الناس، وابتعدي عن الشبهات فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه.
في نهاية حلقتنا لهذا اليوم أستودعكم الله تعالى.. على أمل اللقاء بكم في حلقة قادمة بإذن الله تعالى.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
المصدر: http://www.alresalah.net/morenews.htm?id=1969_0_2_0