بسم الله الرحمن الرحيم .. الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .. اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم .. ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
أعزائي المشاهدين أخوتي المؤمنين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. ولا زلنا في قوانين القرآن الكريم والقانون اليوم "قانون الجهاد".
أيها الأخوة الكرام لا بد من مقدمة .. لقد خلق الله فينا طبعا وأعطانا تكليف هناك تناقض بين خصائص الطبع وخصائص التكليف هذا التناقض هو ثمن الجنة ففي طبعنا محبة لأخذ المال والتكليف إنفاقه في طبعنا رغبة في النوم .. والتكليف الاستيقاظ لصلاة الفجر في وقت مناسب.
الطبع يقتضي أن نخوض في فضائح الناس والتكليف أن نصمت .. الطبع يقتصي الحفاظ على الحياة التكليف أن نجاهد.
لذلك أيها الأخوة هذا التناقض بين الطبع والتكليف هو ثمن الجنة لقوله تعالى { وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41)}.. أيها الأخوة الكرام الأية التي هي أصل في هذا الموضوع هي قوله تعالى: { أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمْ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142)}.. لابد من الجهاد؛ لأن ثمن الجنة أن نجاهد أنفسنا وأهوائنا وهذا هو الجهاد الأكبر كما وصفه بعض أصحاب رسول الله .. فلذلك الإنسان إذا لم يجاهد أو إذا لم يحدث نفسه بالجهاد مات على ثلمة من ثلم النفاق على كل إذا ذكرنا كلمة الجهاد لا يقفز إلى أذهاننا إلا الجهاد القتالي.
مع أن هناك أنواع منوعة من الجهاد سوف توضح فيما سيأتي من دقائق متعلقة بهذا الموضوع الخطير أيها الأخوة .. ولكن بادئ ذي بدأ قالت عالى ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه لأن الله عز وجل في حديث قدسي صحيح يقول: "يا عبادي لو أن أولكم وأخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقي قلب رجل واحد منكم ما زاد في ملكي شيء .. ولو أن أولكم وأخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيء .. ولو أن أولكم وأخركم وإنسكم وجنكم وقفوا على صعيد واحد وسألني كل واحد منكم مسألته ما نقص ذلك في ملكي إلا كما ينقص المخيط أو كما ينقص المخيط إذا غمص في ماء البحر.. ذلك بأن عطائي كلام وأخذي كلام كن فيكون .. وزل فيزول فمن وجد خيرا فليحمد لله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه".
أيها الأخوة الآن نبدأ بأنواع الجهاد:
الجهاد أربعة انواع:
النوع الأول: هو الأصل كيف أن هناك تعليم أساسي هو الأصل يبني عليه بقية مراحل التعليم لذلك من لم يجاهد نفسه وهواه لا يستطيع أن يرقي إلى مستويات الجهاد الأخرى .. والذي يهزم أمام نفسه لا يستطيع أن يواجه نملة .. فلذلك الآية الدقيقة { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا }.. جاهدوا أنفسهم أي حملوا أنفسهم على طاعة الله ودفعوا ثمن الطاعة صبرا عليه ودفعوا ثمن المعصية صبرا عنها وقبلوا قضاء الله وقدره؛ لأنه قرار الله عز وجل فهناك صبر عن الشهوة وعن المعصية وصبر على الطاعة وصبر على قضاء الله وقدره هذا الجهاد الأول جهاد النفس والهوى يمكن أن تدفع نفسك إلى أعلي درجات .. هذا الجهاد وأنت في بيتك وفي عملك لأنك ضبط نفسك وحملت نفسك على طاعة الله .. هذا هو الجهاد الأول جهاد النفس والهوى.. ولكن أيها الأخوة هذا الجهاد لا يكفي لا بد من جهاد آخر هو:
الجهاد الدعوي: دليله في القرآن الكريم { وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً } أي بالقرآن جهاد كبيرا سمى الله هذا الجهاد كبيرا؛ لأنه الأصل في كل جهاد لا بد من أن تنقل الحق إلى الأخر من هنا قال عليه الصلاة والسلام خيركم من تعلم القرآن وعلمه .. { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ (33)} .. نقل الحق وقد نفاجئ أن الدعوة إلى الله فرض عين على كل مسلم في حدود ما يعلم المسلم وفي حدود من يعرف يؤكده قول النبي عليه الصلاة والسلام: "بلغوا عني ولو آية".
يؤكد هذا المعنى الفرضية للدعوة إلى الله قول الله عز وجل { وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)..
أحد أركان النجاة التواصي بالحق بإن قول الله عز وجل { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ }.
إذن الجهاد الثاني هو الجهاد الدعوي .. كل مسلم مكلف أن يكون داعية في حدود ما يعلم ومع من يعرف هذا هو الجهاد الثاني وجاهدهم به جهادا كبيرا.. خيركم من تعلم القرآن وعلمه.. هذا الجهاد الثاني لذلك أيها الأخوة هناك أنواع منوعة من الجهاد .. فلوا انتقلنا إلى الجهاد الثالث.. ما الجهاد الثالث؟
قال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (60)}.. الحق يحتاج إلى قوة تدعمه هناك من يعتقد في العالم الأخر العالم الغربي أنك على حق لأنك قوي أنت قوي أنت على حق هذا كلام باطل الحق إذا جاءت حركتك على منهج الخالق .. لذلك المؤمن على حق إذا هو يملك الحجة والبرهان لكن هذا الحق يحتاج إلى قوة .. من هنا قال عليه الصلاة والسلام: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله تعالى من المؤمن الضعيف".. الأية الثالثة في هذا الموضوع { وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ }.. ما كلفنا الله أن نعد العدة المكافئة ولكن الله جل جلاله كلفنا أن نعد العدة المتاحة.
إذن وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة القوة جاءت نكرة تنكير شمول كل أنواع القوى .. ولكن في عهد النبي عليه الصلاة والسلام القوة تجسدت في الخيل .. قال: ومن رباط الخيل وبعد حين القوة تأخذ منحي أخر إلى أن نصل إلى الإعلام قوة .. والأقمار الصناعية قوة .. والقنبلة النووية قوة والأسلحة الفتاكة قوة .. التماسك الداخلي قوة .. والإعلام قوة .. إلخ....
والأية تغطي كل أنواع القوى .. { وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ }.. عطف الخاص على العام في وقت نزول هذه الأية { تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ } .. كلمة ترهبون أي تردعون معناها الدقيق في هذه الأية تردعون وهنا دعاة كثيرون يتحرج من ذكر هذه الأية مع أن الإعداد إعداد القوة من أجل منع الإرهاب بالمفهوم المعاصر ترهبون به أي تردعون الأخر عن أن يفكر في الوصول إليكم.
أيها الأخوة الكرام هذا هو الجهاد الثالث .. الجهاد البنائي لابد من تطهير الحياة لا بد من استخراج الثروات لا بد من إنشاء السدود لا بد من حل مشكلة الشباب .. لا بد من تأمين المساكن كل هذا النوع من العمل ينضوي تحت كلمة الجهاد البنائي.
إذن هناك جهاد نفسي .. جهاد النفس والهوى.
وهناك جهاد دعوي وهناك جهاد بنائي .
وبقي الجهاد الأخير وهو الجهاد القتالي .. أيها الأخوة الجهاد القتالي تحكمه أيات كثيرة من هذه الأيات وقاتلوا في سبيل الله .. يعني لإعلاء كلمة الله لتكون كلمة الله هي العليا .. { وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190)}.
أيها الأخوة الكرام لو فهم المسلمون أنواع الجهاد بدقة بالغة .. أو لو نجح المسلمون في الجهاد النفسي نجاح باهر .. وفي الجهاد الدعوي نجاح باهر .. وفي الجهاد البنائي نجاح باهر .. ينتظر أن ينجح المسلم الذي مشي بهذا التسلسل في النجاح القتالي عند إذا يكون قد أعطى نفسه المنهج الذي أراده الله عز وجل وحقق الثمن الذي يقبله الله للنصر الأكيد والنصر العزيز.
أيها الأخوة الكرام إلى لقاء آخر إن شاء الله تعالى .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصدر: http://www.alresalah.net/morenews.htm?id=1972_0_2_0