بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قبل الحديث عن اسم اليوم.. نحن في العشر الأواخر، الأيام الغالية القليلة فكلنا مشتاقين لنسائم الرحمة والمغفرة واللطف والعفو عن ما مضى والعتق من النار، فالكريم إذا أعتق لا يأسر، وهذا كشخص في رقبته سلسلة ونهاية السلسلة تصل به إلى النار فيأتي رمضان وتأتي العشر الأواخر فتقطع السلسلة وتنفك الرقبة وتعتق من النار وإذا أعتقك لا يأسرك أبداً، فالعربي الأصيل إذا كان عنده عبد وقال له اذهب أنت حر مستحيل أن يرجعه مرة أخرى فما بالك بأكرم الأكرمين وأجود الأجودين سبحانه وتعالى.
نحن ندخل على ليلة خير من ألف شهر، العبادة في هذه الليلة أكثر ثواباً عند الله من عبادة ألف شهر، ألف شهر يساوى 84 سنة فثواب هذه الليلة يساوي ثواب 84 سنة عبادة، كان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل وشد المئزر وأيقظ أهله، والثمن كبير فالثمن هو العتق، هذه الليلة ليلة إجابة دعاء، فدعاؤك مقبول في هذه الليلة، دقائق غالية، فيجب أن تزيد من العبادة، إقبال على الله ودعاء واستغاثة بالله وإقبال على المساجد وقرآن، فركعتين في ليلة القدر كأنك تتعبد لله 84 سنة والدمعة من خشية الله في ليلة القدر كأنها بحار من الدموع في كفة الحسنات، إرضاء أمك في ليلة القدر كأنك ترضيها 84 سنة، صدقة في ليلة القدر كأنك تتصدق 84 سنة فكفة الحسنات في هذه الليلة تمتلئ وتمتلئ.
اسم اليوم كله أمل، وطمأنينة، وفرحة، واستبشار، كله مزيد من الحماسة والعبادة والإقبال خاصةً عبادة الدعاء، اسم اليوم اسم الله المجيب )...إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ) (هود:61)، كلمة (فاستجبنا) تتكرر في كثير من سور القرآن وهناك الكثير من الأدعية في القرآن ليعلمك الله أن تدعو بها وأن تسأله بها.
هذا الاسم مناسب في رمضان وفي العشر الأواخر، لأن للصائم عند فطره دعوة لا تُرد، المجيب له معك في رمضان علاقة خاصة، ولك مع المجيب في العشر الأواخر علاقة أخص، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (للصائم عند فطره دعوة لا ترد) فكلمة (لا ترد) تدل على أنها فعلا لا ترد، أيضاً إن أشهر آية في إجابة الدعاء جاءت في وسط آيات الصيام )وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ...) (البقرة:186)، أيضا إن ليلة القدر دعاءها مستجاب فلك ثلاثة أشياء مع المجيب في رمضان وفي العشر الأواخر لذلك كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يُعدون لرمضان وللحج دعوات محددة ويلحون عليها كل رمضان وكل ركعة وكل سجدة ويلحون عليها إلحاحاً شديداً، يقولون: فوالله لا يأتي رمضان القادم إلا وقد أجاب الله لنا ما دعوناه بها.
تعريف اسم المجيب:
الذي يقابل مسألة السائلين بالإجابة والعطاء، المجيب الذي يجيب دعوة السائلين. لولا أنه يريد أن يستجيب لك لما أنطق لسانك، إذا نطق اللسان بالدعاء فاعلم أن المجيب سبحانه وتعالى يريد أن يعطيك ومن هنا معنى أخر للمجيب وهو الذي يقذف في قلوب الداعين وألسنتهم الدعاء، الأولى يقابل طلبك بالإجابة والثانية هو الذي قذف في قلبك. المعنى الأول القريب السهل تدعي يستجب لك والمعنى الثاني الأجمل هو الذي يقذف في قلبك: ادعوني.
ولذلك سيدنا عمر بن الخطاب يقول (أنا لا أحمل هم الإجابة ولكني أحمل هم الدعاء فمتى أُلهمت الدعاء عرفت أن الإجابة معه) فهو مطمئن للإجابة وسيدنا علي يقول (لو قيل لي يوم القيامة سنترك حسابك لأبيك وأمك لرفضت لأن الله سيكون أرحم بي من أبي وأمي) فهذا يعرف الرحيم يعرفه عن قرب ويقول شخص أخر(لأنا أشد خشية من أن أُحرم الدعاء من خشيتي أن أُحرم الإجابة) فالمجيب لو أنطق لساني بالدعاء عرفت أن الإجابة معه، لذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من فُتح له باب الدعاء فُتح له باب من أبواب الرحمة) فالمعنى الأول الذي يستجيب دعاء السائلين والمعنى الأجمل الذي يقذف في قلوب السائلين وألسنتهم أن يلجأوا إليه بالدعاء فيستجيب لهم فهو الذي ألهم وهو الذي يستجيب.
ملاحظات عن اسم الله المجيب:
المجيب لم يحدد موعد للدعاء، متى طلبتني وجدتني، فلو ميعاد الإجابة كان في وقت محدد من اليوم فسيكون هناك صعوبة، أيضا تخيل لو موعد الدعاء بين البشر كان بالترتيب فسيكون أيضاً هناك صعوبة فالمجيب سهل عليك الأمور، ترفع يديك تدعوه أو بدون أن ترفع يديك، بلسانك أو بدون لسانك، بدون أن تحرك شفاك، تدعوه من داخلك، بدون أن تنطق، المجيب معك في كل وقت وحين، المجيب يُعَرِّفك على باقي أسماء الله الحسنى، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الدعاء هو العبادة) لأنك ربما أثناء الصلاة أن لا تشعر بالعبودية، أيضاً ربما وأنت تزكي لا تشعر بالعبودية، وكذلك وأنت صائم ربما لا تشعر بالعبودية لأنك اعتدت على الصيام ولكن لا يمكن أن ترفع يديك تدعوه وأنت لا تشعر أنك عبده، فمعنى أن رفعت يديك ودعوته فأنت أقررت بأسمائه الحسنى، وأقررت أنه العظيم وأنه القوي وأنه الذي بيده الأمر وأنه الملك وأنه السميع وأنه البصير، فمعنى أنك لجأت للمجيب فأنت أيقنت جميع أسمائه الحسنى.
أيضا أنت مع المجيب تعرف عظمة السميع البصير لأن المجيب يدعوه آلاف وملايين في نفس اللحظة فسبحانه الذي لا يشغله سمع عن سمع، فمثلا أحياناً يتحدث إليك شخص ثم يأتي شخص أخر يريد أن يتحدث معك فتقول له: أن ينتظر لأنك تسمع الشخص الأول، فلله المثل الأعلى يدعوه الآلاف والملايين في نفس اللحظة وكل شخص منهم يعلم أن الله يسمعه، لا يمكن أن يتضايق شخص من شخص أخر يدعوه لأنك موقن أن المجيب سميع بصير وأن المجيب لا يشغله سمع عن سمع فلا تختلط عليه الأصوات، فالحديث الجميل (يا عبادي لو أن أولكم وأخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد منهم مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر) اسم يعرفك على باقي أسماء الله الحسنى ويحببك في باقي أسماء الله الحسنى ويعرفك عظمة الله وأنه سميع وبصير فصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الدعاء هو العبادة، المجيب ينفق على عباده بسخاء)... بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ...) (المائدة:64).
المجيب يحب الملحين، الإنسان لو ألححت عليه يمل فلله المثل الأعلى الله يحب الملحين في الدعاء فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله يحب الملحين في الدعاء) لأنك كلما تلح تحقق العبودية أكثر وتؤكد أن ليس لك شخص أخر غيره، أيضا المجيب قد يضطرك للظروف لأنك لم تدعوه منذ فترة فيضطرالمريض إلى المرض لكي يرفع يديه ويقول يارب اشفيني ويضطر الناس إلى المصائب ليعودوا إليه ويعرفوه بعبوديته باسمه المجيب، يضطر السفينة إلى الغرق ليرفعوا أصواتهم فى قلب البحر ويقولوا أغثنا أغثنا، يضطر الإنسان في الصحراء ليتوه ويقول يارب أغثني أغثني، يضطر كل الأمة للضعف لترفع أيديها وتعلم أنها مأمورة لله وتقول يارب أغثنا أغثنا، المجيب يدعوك أن تذهب إليه.
المجيب في القرآن دائماًيأتي مع اسم القريب )... إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ) (هود:61)، أقرب ما يكون العبد لربه وهم ساجد فأكثروا الدعاء ) وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ...) (البقرة:186) لماذا؟ أنت لا تدعو من هو بعيد عنك بل أنت تدعو القريب، فهو قريب لا يحتاج منك أن تشرح له مشكلتك أو ما تريده فهو يعلم ما تريد لأنه قريب، أيضا تدعوه بلا خجل وبلا شرح لأنه قريب فأنت لا تحتاج أن ترفع صوتك في الدعاء لأنه يعلم ما في الصدور، فالله أقرب لك من أي شخص في الدنيا فهو أقرب إليك من أمك ومن أبوك ومن أولادك فهو أقرب إليك من كل هؤلاء، )وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) (قّ:16)، )يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) (الرحمن:29) البذرة تدعو الله أن ينميها، الحوت في قاع المحيط يدعو الله أن يرزقه، النملة تدعو الله أن يعطيها فكل الكون يذهب إلى المجيب، ويحبك أن تسأله في كل الأمور حتى أصغر الأمور فالنبي صلي الله عليه وسلم يقول إذا ضاع شئ: (اللهم يا جامع الناس ليوم القيامة اجمعني على ضالتي) يحبك أن تسأله في كل شئ في حياتك، من عظائم الأمور إلى أقل الأمور، فمثلاً ذهب شخص غنى إلى شخص فقير وقال له: لا تذهب إلا إليَ ولا تذل نفسك لشخص أخر فأنا مسئول عنك ولله المثل الأعلى.
آيات وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في تعريف المجيب سبحانه وتعالى:
جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أبعيد ربنا فنناديه أم قريب فنناجيه فلم يرد النبي صلى الله عليه وسلم ونزل قول الله تعالى )وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ...) (البقرة:186) فهذا السؤال سهل على الرسول صلى الله عليه وسلم أن يجيبه ولكنه لم يجيب لأن هذا السؤال لا يجيب عنه إلا الله سبحانه وتعالى لكي تعرف أن العلاقة مباشرة منك إليه ومنه إليك.
كل الآيات الأخرى التي فيها (إذا سألك) يجب أن تكون فيها كلمة (قل) فمثلا )وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ ... ((البقرة:222)، )يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ ...) (البقرة:217)، )يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ ...) (البقرة:219) أما المرة الوحيدة التي لم تأتي بها كلمة (قل) ففي هذه الآية )وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَان) لأن العلاقة قريبة جداً، أيضا قال (الداع) ولم يقل المؤمن أو العابد وأيضا قال (إذا دعان) فالأمرعندك، وقال الله تعالى )وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) (غافر:60) فلم يقل (وقال ربكم ادعوه يستجب لكم) فالعلاقة مباشرة وقريبة والذي لا يدعو الله مستكبر لأنك ليس لديك سوى الله أن تدعوه، (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (لأعراف:55)، )وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (لأعراف:56).
حديث النبي (الدعاء هو العبادة) أيضاً (ليس شئ أكرم على الله من الدعاء) أيضاً (من لا يسأل الله يغضب عليه) أيضاً (لا تعجزوا في الدعاء فإنه لا يهلك مع الدعاء أحد) فأنت معك سلاح خطير سلاح اسمه الدعاء لأن ربك اسمه المجيب فالحديث جميل (إن الله حيى كريم يستحي أن يرفع العبد يديه ثم يردهما صفراً خائبتين)، (يتنزل ربنا إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل ينادي من يدعوني فاستجب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرنى فأغفر له) ، الكريم يعطي دون أن تسأله فكيف لو سألته وبكيت وتذللت وألححت عليه، كلما تستشعر باسم المجيب كلما تكون الإجابة قريبة.
العجيب أن إجابة الدعوات في القرآن دائما تأتي مع الدعوات المستحيلة لكي تطمئن، فتتبع كلمة (فاستجبنا له) لابد أن يكون قبلها دعوة صعبة جدا في وجهة نظر البشر فمثلا سيدنا إبراهيم جاء هذا المكان ولم يكن هناك أي شخص أو أي زرع فقال )وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ ...) (البقرة:126) وفي الآية الأخرى (...فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) (ابراهيم:37) فهذا المكان يدل على المجيب سبحانه وتعالى فهل سيدنا إبراهيم كان يتخيل أن هذا المكان سيساق إليه الملايين صيفا وشتاءا والأرض كلها تتمنى وتحاول لكي تأتي إلى هذا المكان وبئر ذمذم لا يتوقف حتى الآن.
أيضا سيدنا زكريا )إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً) (مريم:3) يدعوه ويقول )قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً) (مريم:4) وفي آية أخرى يقول
)... وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً) (مريم:5) وفي آية أخرى (...إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ) (ابراهيم:39) هذا يدل على الثقة بالله تعالى أنه سيستجيب له فبالرغم من أنه رجل عجوز وامرأته عاقر واشتعل الرأس شيب وبالرغم من ذلك يدعو الله ويجيب الله دعاءه بسرعة (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ...)(الانبياء:90) فحرف الفاء للسرعة.
أيضا سيدنا سليمان يقول )... وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي ...) (صّ:35) فاستجيب له، أيضا من قاع البحار يدعو سيدنا يونس فتقول الملائكة: صوت معروف من مكان منكر، فيقول الله تعالى: ذلك عبدي يونس )فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) (الانبياء:88) فالله أجاب دعوة من أراد الذرية رغم الاستحالة وكذلك دعوة سيدنا إبراهيم الذي أراد الرزق رغم الاستحالة ودعوة سيدنا سليمان الذي أراد الملك رغم الاستحالة، أيضا دعوة سيدنا يونس الذي كان في هم وغم وكرب شديد، أيضا سيدنا نوح بعد 950 سنة )فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ، وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ، وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ) (القمر13:11) أيضا الآية الجميلة )وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ) (الصافات:75).
هذه الأيام هي أيام إجابة ولدينا رب قريب ورب مجيب، سيدنا أبو هريرة يقول: ذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم أقول له: يا رسول الله أمي كلما ذهبت إليها تسمعني فيك كلاماً سيئاً وتقول فيك كفراً ادعوا الله يا رسول الله أن يهدي أم أبو هريرة، فرفع النبي يديه وقال: اللهم اهدي أم أبو هريرة فانصرفت مستبشراً بدعوة النبي فعدت الى البيت فطرقت الباب فقالت: يا أبا هريرة مكانك فقلت ستسمعني مرة أخرى في رسول الله ففتحت الباب فنظرت إلي وقالت: يا أبا هريرة اسمع، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول فبكيت من الفرحة، فعدت إلى رسول الله وأنا أبكي وأقول: يا رسول الله قد استجاب الله دعاءك وأسلمت أمي فقال النبي: صلى الله عليه وسلم الحمد لله، فقلت: يارسول ألا تدعو لي دعوة ؟ ادعو الله يا رسول الله أن يحببني أنا وأمي إلى المسلمين ويحبب المسلمين إلينا، فقال النبي: (اللهم حبب عبيدك هذا وأمه إلى المؤمنين وحبب المؤمنين إليهم) يقول فما سمع بي مسلم إلا أحبني .
هل تتذكر كم من دعوات دعوتها واستجاب لك الله ولكن الشيطان ينسيك أن هذه الاجابة من الدعاء فتفرح بالموضوع وينسيك المجيب لأنك لو علمت أن المجيب استجاب لك ستعلم أن معك سلاح غير عادي وحبك للمجيب سيكون عظيم وفرحتك بربنا ستكون عظيمة وستكون حققت قمة العبودية لأن الدعاء هو العبادة فبالتالي ينسيك أن الإجابة بسبب الله.
سبحان الذي لا تختلط عليه الأصوات، سبحان الذي لا تشغله سمع عن سمع، سبحانه الذي سمى نفسه المجيب وقال قريب مجيب، سبحانه الذي يلهمك أن تدعوه فيستجب لك، يهمك فيعطيك، سبحانه سبحانه سبحانه...
يستجيب المجيب في كل الأوقات ولكن الأوقات التي يتجلى فيها أعظم وأعظم ويحب أن تدعوه فيها هي:
· الثلث الأخير من الليل (جاء رجل إلى النبي فقال يا رسول الله أي الدعاء أسمع قال: ثلث الليل الآخر).
· بين الآذان والإقامة.
· يوم الجمعة (إن في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم يدعو الله إلا استجيب له) خُبئت لتدعوا في كل الأوقات، والأوقات هي إما بعد الفجر مباشرة وإما ساعة الشروق وإما وقت صلاة الجمعة وإما بعد صلاة الجمعة مباشرة وإما بين العصر والمغرب إما وقت الغروب.
· يوم عرفة، ليلة القدر، شهر رمضان، ساعة الإفطار، عند الكعبة، عند الطواف، عند الملتزم، عند شرب ماء زمزم، عند السجود، عند ختم القرآن، عند التوبة، عند الإقلاع عن ذنب معين، عند الحجاب، دعوة أخ لأخيه بظهر الغيب فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: (فيوكل له ملك كلما دعا يقول له آمين ولك بمثله).
أيضا لا يسألك المجيب أن تدعوه دعاءا منمقاً مخصوصاً ادعوه بأي لغة، ادعوه بالفصحى أو بالعامية جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (يا رسول الله إني لا أجيد دندنتك ولا دندنة معاذ بن جبل فقال له: ماذا تقول أنت يا رجل فقال أقول اللهم أدخلني الجنة، اللهم نجني من النار فقال له النبي: حولها ندندن أنا ومعاذ)، أيضاً بعد الدعاء تشعر براحة وتقول: الحمد لله وعقلك الباطن يكون اعتاد على الفكرة فهذا الأمر إيماني يقيني عقيدي لكن له بُعد مادي عند الماديين، فأحيانا تأخير الإجابة ليستقر الأمر في نفسك ويكون هذا رحمة من المجيب فيستجيب لك ولكن لابد أن تكون أنت مستعداً.
شروط استجابة الدعاء:
1) اليقين أنه يستجيب يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ادعو الله وأنتم موقنون بالإجابة) يقول النبي (لا يقل أحدكم وهو يدعو يارب لو شئت فعلت كذا ولكن ليعزم في المسألة)
2) الخشوع والتذلل أثناء الدعاء يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا يستجيب من قلب غافل) يقول ابن عمر (أنا أعلم متي يستجاب دعائي فقالوا له: كيف تعلم قال إذا خشع القلب واهتزت الجوارح ودمعت العين أقول هذه ساعة إجابة فأبالغ في الدعاء)، يقول الإمام أحمد ابن حنبل: (أتدرون من الذي يستجاب دعاؤه قالوا: من ؟قال: تدرون رجل في قلب البحر قد تكسرت به السفينة فتعلق بخشبة سيموت والبحر هائج والأمواج من كل مكان يصرخ يقول: يا رب يارب إذا دعوتم كذلك الرجل يستجاب دعاؤكم).
3) عدم الإستعجال يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يستجاب لأحدكم ما لم يستعجل قالوا كيف يستعجل قال: يقول دعوت ودعوت فلم يستجاب لي فيترك الدعاء فلا يستجاب له).
4) أكل الحلال فمن سنن إجابة الدعاء أن تخرج صدقة لكي تضمن أن أموالك طاهرة ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم: (الرجل يطيل السفر يدعو يقول يارب يارب ومطعمه حرام ومشربه حرام ومسكنه حرام فأنى يستجاب له).
آداب الدعاء
1) رفع اليدين
2) الوضوء
3) إستقبال القبلة
4) البدء بحمد الله ثم الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم التوسل إلى الله بأسمائه الحسنى والإلحاح في الدعاء ثم صدقة بعد الدعاء.
يقول ابن القيم فمن استوفى الشروط الأربعة: اليقين في الإجابة والخشوع وعدم الاستعجال وأكل الحلال وتأدب بالآداب لا ترد دعوته أبداً ولو بعد حين، قد تؤخر فيقول الله تبارك وتعالى: ( يا جبريل أدعاني عبدي، نعم يا رب، يا جبريل أخِّر مسألة عبدي فإني أحب أن أسمع صوته).
المصدر: http://www.amrkhaled.net/articles/articles1686.html