بسم الله الرحمــــن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و أصلي و أسلم على أشرف الأنبياء و إمام المرسلين نبينا و حبيبنا محمد ابن عبدالله عليه و على آله الطيبين و أصحابه الغر الميامين أفضل الصلاة و أتم التسليم.
مرحبا بكم أيها الأحبة الكرام في نهاية العالم ، و لا نزال نتكلم عن الأحداث التي تسبق نهاية العالم ، منها ما وقع و انتهى ، و منها ما نترقّب حدوثه ، و منها أيضا أحداث كبرى ستقع في آخر الزمان قبل قيام الساعة قبل نهاية العالم تماما، قبل تلك اللحظة التي يكون فيها نهاية العالم.
نحن اليوم نتحدث عن علامة اجتماعية، من علامات الساعة ومن الأحداث التي تسبق نهاية العالم.
فما هي هذه العلامة وهذا الحدث الذي معنا اليوم ؟
عن حذيفة ابن اليمان رضي الله عنه قال : (( سُئل رسول الله صلى الله عليه و سلّم عن الساعة ؟ فقال: علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ولكن سأخبركم بمشارطها و ما يكون بين يديها ، إن بين يديها فتنة و هرجا، قالوا: يا رسول الله، الفتنة قد عرفناها فالهرج ما هو؟ قال: بلسان الحبشة القتل و يلقى بين الناس التناكر فلا يكاد أحد يعرف أحدا))
نعم أيها الأحبة الكرام، الأمر كما قال النبي عليه الصلاة و السلام ، لما سُئل ، قيل يا رسول الله متى الساعة ، فقال عليه الصلاة و السلام : ((لا يجلّيها لوقتها إلا ربي ))، ثم قال عليه الصلاة و السلام : ((سأخبركم عن مشارطها ))، يعني عن علاماتها ، عن الأحداث التي تقع قبلها ، ثم قال صلوات ربي و سلامه عليه :(( إنّ بين يديها فتنة و هرجا، قالوا: يا رسول الله ، الفتنة قد عرفناها فما الهرج ؟ فقال: بلسان الحبشة القتل )) ، ثم قال عليه الصلاة و السلام : ((و يلقى بين الناس التناكر حتى لا يكاد أحد يعرف أحدا )).
ما هو التناكر، و لماذا يلقى بين الناس ، و لماذا صار حدثا من أحداث نهاية العالم ؟
هذا ما سنتحدث عنه بإذن الله في حلقة اليوم
تكلمنا سابقا أن الأحداث التي تقع قبل نهاية العالم ، تتنوع إلى أنواع ، منها أشياء أمنية ، منها أشياء اقتصادية ...إلخ هذا كله شرحناه مرارا ، اليوم نحن مع حدث من أحداث نهاية العالم ، و هو حدث اجتماعي يقع قبل نهاية العالم ، يقول عليه الصلاة و السلام (( يُلقى بين الناس التناكر حتى لا يكاد أحد يعرف أحدا ))
يصبح الناس بدل أن يكون بينهم تواصل و لقاءات و جلسات و دخول بيوتهم لبعضهم على بعض... يحدث انقطاع ،
حتى ربما تلتقي أحيانا في مطار، أو في مستشفى أو في سوق ببعض الناس ، فإذا سمعت اسمه تذكرت و قلت ما شاء الله ، أنت من عائلتنا ، أنت مِن مَن؟
فيقول و الله أنا ابن فلان ، فإذا أنت تلتقي معه ربما في الجد الأول ،أو الجد الثاني أو الثالث و إذا بينكم قرابة ، قرابة ربما لم يمضي على جدك هذا الذي توفي أكثر من عشرين سنة أو ثلاثين سنة و مع ذلك تجد أنك لا تعرفه ، فيقع في المسألة نوع من الإحراج بينك و بينه .
لذلك حرّص الله على أن يكون بين الناس تواصل ، خاصة مع من كان بينهم قرابة ، كما قال الله سبحانه و تعالى : { و آتي ذا القربى حقه و المسكين و ابن السبيل}ذا القربى يعني الذي بينك و بينه قرابة ابن عمك أو ابن خالك .و قال الله سبحانه و تعالى : { و اتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحام} يعني و اتقوا الأرحام أن تقطعوها .
اتقي الرحم الذي جمع بينك و بين أختك ، جُمعت ما في رحم جدتك ، في رحم والدتها ،في رحم الجدة الثانية أو الثالثة ، أنتم ممنوعون، يقول الله تعالى{اتقوا } يعني خافوا من أن تقطعوا هذه الأرحام { و اتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحام }
و كان النبي صلى الله عليه و سلّم يحرص على أن يكون هناك تواصل بين الناس ،
التواصل بين الناس لا يكون فقط ما بين الذين بينهم رحم واحد ، كلا؟ بل التواصل يكون بين الناس جميعا ، تواصل ما بين الجيران ، التواصل ما بين الأصحاب ، التواصل ما بين أصحاب البلد الواحد ،
يحرّص عليه الصلاة و السلام على أن يكون بينهم اتصال دائم
و كان عليه الصلاة و السلام يوصي بأشياء لأجل أن يكون هناك تواصل ، مثل قول عليه الصلاة و السلام : (( لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ، و لن تؤمنوا حتى تحابوا، ثم قال : أوا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ قيل بلى يا رسول الله" فقال : أفشوا السلام بينكم ))
هذا دليل على التواصل ، لما أنا أمر في الطريق فأسلّم على جيراني ، و أسلّم ربما أحيانا على ناس من بلدان أخرى ، أمر على واحد من الهند ، على واحد من مصر ، من العراق و من السودان .. السلام عليكم .., فبهذا يقع بينا تعارف بدل ما يكون تناكر .
ليست القضية فقط أن يكون التعارف مع الأقارب، بل الشريعة جاءت بالتعارف بين الناس كلهم ،
لذلك حتى لو سلّم كافر عليك فلا بد أن ترد عليه السلام ، لعموم قوله تعالى { و إذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردّوها}
يقول بن عباس رضي الله عنهما : لو سلّم علي يهودي لرددت عليه السلام، إلا إذا سمعته يقول السام عليك , و هم لا يقولونها اليوم ،
في أوروبا مثلا تجد أنه يدخل عليك المدرس ، و يقول : السلام عليكم محمد ! مثلا ،
فهو يقول السلام عليكم ، أي : الأمن عليكم والرخاء عليكم ، اللطف عليكم ، و أنت تقول و عليكم الأمن والرخاء أيضا و ما شابه ذلك .
الشريعة جاءت بأمور أوجبتها لأجل أن يكون هناك تعارف بدل التناكر،
مثلا : إقامة الصلوات الخمس ، فما الفائدة من الذهاب و الصلاة في المسجد خمس مرات يوميا و انظر في كل مرة إلى نفس الجيرة ، هذا من أجل التعارف، فيكبر الصغير ويعرف أن هذا ابن جاره فلان
أو قد يأتي زائر في يوم من الأيام و يقول لك جارك هذا ابن عمي ، و هذا ابن خالي وعندنا اليوم وليمة عشاء أو غذاء وها هم صلوا معنا والصلاة جماعة مع بعض يؤدي إلى التعارف أكثر فأكثر . فيصبح الإنسان يتعرف كل يوم على عدد أكبر من الناس .
يسأل أحد الشباب : ماذا لو سلمت مثلا على مدرسي وفي كل يوم أبحث عنه لأسلم عليه علما أن هذا ليس إلا من أجل مصلحة شخصية، و ليس من أجل السلام بحد ذاته ؟
د. محمد العريفي : الذي أعنيه إلقاء السلام أي إفشاء السلام على من تمر بهم ، أما إذا كنت جالسا في المكتب كل اليوم و يأتي نفس الطالب ويقول : السلام عليكم يا شيخو يذهب ، فأنا – الشيخ العريفي- قد أستثقل هذا ،
و لم يكن النبي عليه الصلاة و السلام يطرق بيوت الناس و يغشاهم لكي يسلم عليهم، بل يسلم إذا لقيهم و مر بهم في الطريق أو كذا
فإذا فعل الطالب ذلك ، فأنا أحاول معرفة ماذا يريد الطالب بالضبط ، و في الغالب تجده
إما لديه مشكلة مع دكتور معين ، إما عنده حرمان من دخول مادة بسبب الوقت في الغالب.
فالمقصود أن الشريعة جاءت بأشياء لأجل أن تربط الناس مثل الصلوات الخمس ، و حذر النبي صلى الله عليه و سلم الذي لا يصلي ، إذ يجب عليه الصلاة ، أوجبه ليكون من ضمن الفوائد من الصلاة جماعة حدوث تعارف بين الناس ،
جاءت الشريعة أيضا بصلاة الجمعة من أجل اجتماع أهل الحي الواحد أو أهل البلد ، كانت الجمعة واحدة لكن بما أن البلد قد توسع فقد أصبح هنالك عدة جمع.
جاءت الشريعة بصلاة العيدين ، حتى يجتمع أكبر عدد من الناس ،
الذي يسكن بعيدا عن المسجد قد تراه في السنة مرتين، و الذي يكون قريبا منه تراه في الجمعة مرة ، و الذي أقرب منه تراه في اليوم خمس مرات ، فيقع بين الناس تعارف ، فتعرف اسمه و اسم أبنائه و اسم بناته و ظروفه الاجتماعية و يصبح الناس أيضا بعضهم لبعض بدل ما يقع بينهم من تناكر
جاءت الشريعة أيضا بسنية بعض الأشياء لأجل أن يكون بين الناس تعارف أكثر ، مثل سنية إقامة الولائم ، مثلا :وليمة العرس
ذكر بعض أهل العلم أن إجابة وليمة العرس واجبة، ويقول النبي صلى الله عليه و سلم : (( من لم يجب الدعوة فقد عصى أبا القاسم )) فيجب عليك إذا دعاك أحد ما إلى عرس إما أن تعتذر وإما أن تحضر
النبي عليه الصلاة و السلام لما قال له عبد الرحمـن بن عوف : يا رسول الله تزوجت ، قال له (( أولم و لو بشاة )) , اعمل وليمة واجعلنا نحضر ونفرح معك
لما أقبل أيضا غيره أمرهم صلى الله عليه وسلم بذلك ، بل هو أيضا عليه الصلاة و السلام أولم ، لما تزوج جعل يولم و يجمع الناس ، أنظر فهذه أشياء اجتماعية لأجل يقع التعارف بدل التناكر
وليمة العقيقة: عندما يولد لك غلام أو بنت فيُسن لك عمل وليمة لهم و دعوة الناس إليها
الولائم مثل أعياد ، والولائم يسمونها الوكيرة
وليمة الوكيرة ما هي إلا كلمة مأخوذة من كلمة وكر ، ونحن نسميها اليوم نُزالة , نزالة البيت لما واحد يسكن بيت جديد يُسن له أن يدعو الناس .
منها أيضا العتيرة، و يقصد بها عزيمة الناس عند رجوع المسافر من رحلته
و الحمد لله ، فكل هذه التي ذكرها الفقهاء موجودة عندنا في المجتمع ، مثلاً اليوماجتمع الناس لتناول الطعام غداً لصلاة العيد وبعده للتعزية , فهكذا يظل الناس يتعارفون ببعضهم البعض.
لذلك في العيد مثلا تجد أن النبي عليه الصلاة و السلام أمر بخروج كل الناس إلى صلاة العيد ، رجالا و نساء صغارا و كبارا، حتى النساء اللاتي ليس عليهن صلاة النساء الحُيّض ، قالوا يا رسول الله المرأة ليس عليها صلاة ، المرأة حائض و لا يجب عليها أن تصلي و لو صلت ما قبلت صلاتها و هي آثمة ، قال عليه الصلاة و السلام : ((.. فليشهدن دعوة المسلمين و يعتزلن المصلى ))
لا تأتي و تدخل المصلى نفسه ، لكن تجلس على جنب و تسمع الدعاء و ترى الناس و تسلّم على النساء و تحضر الفرح لكن لا تصلي معهم لأنها معذورة عن الصلاة
حرص الإسلام على وجود هذا التقارب ، و من أحداث نهاية العالم وقوع التناكر بين الناس
فما سبب هذا التناكر الذي نراه اليوم و ما أمثلته ؟؟
نعم أيها الأحبة الكرام ، لا نزال نتحدث عن حدث من أحداث نهاية العالم و هو قول النبي عيبه الصلاة و السلام (( و يلقى بين الناس التناكر فلا يكاد أحد يعرف أحدا))
ابو فيصل : أهل المدن نعذرهم يا شيخ لا يمكن لهم التلاقي لكونهم مرتبطون بالعمل أو اشغال اخرى على عكس أهل القرى أو الريف ليسوا مشغولين وسكان المدن قد لا يأتي إلا المغرب من دوامه ولا يوجد لديه الوقت للتواصل الاجتماعي ؟
د . محمد العريفي :أظن أن من أهم الأشياء أن يجعل له من ضمن برنامجه شيء من التواصل الاجتماعي خاصة مع أقاربه ، فيلزم نفسه مثلا لحضور جلسة في بيت فلان لا يتخلف عنها أحد ،
فكل يوم أحد عندنا جلسة دورية لا يتخلف عنها أحد فمثلاً عندنا نحن شئ في بعض الأحيان يتعذر أبنائي عن الذهاب للجلسة بحجة عدم الرغبة في الطعام أو الشراب، لكن أنا أقول و الله ستذهب غصبا عنك و بالنسبة للطعام فلا تأكل تعال فقط و اجلس، لكن دع أعمامك يرونكم.
يمكن أن تكون هنالك جلسة اجتماعية أسبوعية مع الإخوة في البيت أو جلسة شهرية مع أبناء العم و غيرهم ، لكن أهم شيء أن يحصل هذا التواصل ، ولا يحصل انقطاع
أما أهل المدن فينبغي أن يكون لديهم تواصل من نوع آخر
مثلا: في القرى لا يكفي التواصل عبر رسالة فقط عساك بخير , الله يوفقك أو ما شابه ذلك، بينما في المدن يحتمل ذلك
مثلا تلقي رسالة عبر البريد الإلكتروني، فمثلاً لما افتح ايميلي أجد رسالة من ابن عمي وابن خالي وكيف الحال وهذا ابنه الصغير مرسل إلي صورته فهذا يكفيني في التواصل , أو رسالة إلكترونية عبر الهاتف ، و السؤال عن الأحوال فهذا كاف .
ابو فيصل : لكن يا شيخ ، أساليب التواصل العصري مثلاً التواصل عبر بريد إلكتروني أو الفايس بوك ألا ترى أنه غير هادف ؟
د . محمد العريفي :على حسب يا ابو فيصل إذا كان مثلا : ابن ابن ابن العم - بعيد- فالتواصل عبر الرسائل الإلكترونية أو بالجوال أضعهم في مجموعة وأرسل لهم فلا تعد مشكلة ، أما القريب إذا كان أخا أو عما أو أبناء عم فذلك لا يكفي هذا النوع من التواصل , إنما يكون بالجلوس معهم، و حضور ولائمهم ونحو ذلك.
فعلاً هذا التقاطع الذي يحصل يجعل الابن الصغير ينشأ جاهلا بأبناء أعمامه أو أبناء خالاته ولا يعرفهم ، وينشأ عمره أربع سنوات أو خمس ولا يعرف عمته أو خالته أو ربما عرفها ولا يعرف أبنائهم ولا بينهم شئ من التواصل .
سؤال: هل تُعد من صلة الرحم ؟
د . محمد العريفي : هو بلا شك أنها صلة رحم يقول عليه الصلاة و السلام : (( من أحب أن يبسط له في رزقه و ينسأ له في أثره فليصل رحمه ))
كلما كان الإنسان واصلا لرحمه أكثر، كلما كثر أجره وأعظم ثوابه، دعني أشير إلى نقطة اخرى الأشياء التي تجعل وقوع التناكر بين الناس خاصة بين الأرحام أمور منها
الاختلاف على الميراث : و كم دُعينا إلى الإصلاح بين الناس و أنتم أيضاً قد تكونوا دُعيتم إلى مثل هذا و تجد بعضهم يقول والله يا شيخ منذ وفاة أبي منذ عشرين عاما و أخي لا يسلم علي .
والله جائتني رسالة من فتاة تقول من خمسة عشرين سنة منذ وفاة جدي و أبي مقاطع أخاه ، و لا يسمح لنا بالسفر و الذهاب إليهم ، و كل ذلك بسبب الميراث, توفي الجد ولعبوا بالأموال أو ربما اختلفوا عليها , الاختلاف على الميراث ,
أحياناً الكبر: يقول يا أخي هؤلاء ليسوا من منزلتنا لا أريد ولدي يحتك بهؤلاء الناس الغير المثقفين و ما هم بالمنزلة اللائقة و.....،
سؤال: ماذا ترون لو غضب الأب أو غضبت الأم من أقاربها و منعت أولادها من الذهاب إلى أخوالهم هل تواصلي معهم فيه صلة رحم ؟
د . محمد العريفي : أولا لا يجوز للأم أن تأمر ولدها بمنكر،لو قالت لا تذهب إلى ابناء خالك بسبب أنهم يشربون خمر أو يتعاطون مخدرات فتسمع كلامها , أما أن تقول لك خالك ظلمني في الميراث وزوجة خالك تتكلم عليّ .. فتقول أمي أنا ليس لي علاقة بهذه الأمور هذا خالي ويجب عليا أن أصله ..
أما الولد فليس له علاقة بذلك و ينبغي أن يصل رحمه و لو بغير دراية من أمه حتى و لو كانت غير راضية ، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، لكن كما قال عليه الصلاة و السلام : (( و لكن لهم رحم أبلها ببلالها )) يعني يمرهم و لو قليلا.
ذكرنا نقطتين من أسباب انقطاع الرحم وهي الاختلاف على الميراث والكبر ..
ومنها أيضاً الاختلاف بعد الشراكة:كمثل أن يكون شراكة بين الإخوة في شركة، فما إن يحصل خلافا بينهم تجدهم قد تفرقوا و تقاطعوا ، فيتقاطع تبعاً لذلك أبناءهم .
كثرة العتاب عند اللقاء: قد يرى الشاب ثقلا بذهابه إلى خاله أو عمه ، و ذلك بسبب عتابه المتكرر له عند لقاءه ، كقوله : لا نراك أبدا ، قد قاطعتنا ، الآن فقط تذكرتنا ؟ فيستثقل الذهاب إليه فكل ما أذهب إليه يضربني بهذا السوط أذهب ويغسلني غسل بهذا الكلام , فينبغي أيضاً الابتعاد عنها حتى لو كان قاطعاً لك فجزاه الله خير جاء إليك وزارك , المفروض يقول حياك الله و يا مرحبا أنرت المكان وجزاك له خير وأعلم يا ولدي أن اشغالك كثيرة الله يحييك ويحفظك .
والله أنا أفرح كثيرا عندما يأتيني اتصال خاصة الشباب ذو الثمانية عشر أو العشرين من أقاربي أو ارسل لي رسالة، و أكون ممتنا لهم وأقول له الله يجزيك خر يا ولدي وأفرح باتصالك ولا تقطعنا و أشعر أنه صاحب منة و فضل لما يتصل علي .
ودعني اختم بنقطة مهمة في الأسباب وهي التكلف ما بين الأقارب هو سبب من أسباب القطيعة والمقصود بالتكلف العزائم الكبيرة، فمثلاً لو جئت إليه أتى ذبيحة قيمتها 700 أو 800 ريال فيا أخي أنا ما جئتك جائعاً لأكل و ربما قد تكون أوضاعه المادية في تلك اللحظة غير كافية , وهذا لا يعتبر من زيادة المعزة بعضهم من زيادة المعزة والأغلب ليس كذلك بل إن الثقافة الاجتماعية تضغطه لهذا وأحياناً يكون استعراض أيضاً .
يقول السلف : ما تقاطع الناس إلا بالتكلف.
فتجد أنه يبدأ لا يزوره يكتفي بالاتصال أو مثلاً يراه يقول له يا أخي زورنا في البيت وعدّي علينا فهو في نفسه يتمنى أن يمر عليه لكن يعلم إن مررته سأثقل عليه و على أهله ويتكلف بالطعام , فالواحد يبتعد عن هذا فالإسراف مشكلة .. فهذا من أسباب التناكر فربما أكتفي أن أراه في مسجد أو أراه في كوفي شوب إذا كنا متطورين فالتكلف مشكلة في الحقيقة .
سؤال: إذا كانت صلة الرحم تأتي من طرف واحد فقط ، يعني نفس الشخص هو الذي يبادر فقط بزيارة أقاربه أما الآخرون فيقطعونه بالسنوات ، فما هو قولكم ؟
د . محمد العريفي : إذا كانوا أرحامه فرحون به ، ففي هذه الحالة يواصل زيارتهم حتى لو قاطعوه هو ، أما إذا وجد ذوي أرحامه نوعا من الإستثقال في زيارته و عدم الرغبة في مجيئه ، فإنه لا يثقل عليهم بل يبلها ببلاله ، وإن كانوا بعيدين فيكفي رؤيتهم في فرات أو في الأعياد و إن كان قريبين منه فيكفيه اتصال هاتفي ، أو رسائل جوال بحسب استطاعته فلا يثقل عليهم حتى لا يشعر الناس أيضاً بالملل منه , بل زد على ذلك مسألة الاثقال على الناس أحياناً والتكلف عليهم يجعلهم أحياناً يملون منك ولا يفرحون بلقائك أبداً .
سؤال: يكون في اللقاءات الاجتماعية و العائلية مشاكل و خلافات تدوم لسنوات ، فما الحكم الشرعي فيها ؟
د . محمد العريفي: الذي يتيسر له الاصلاح بين الناس فالله الله سبحانه وتعالى يقول : { لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس } فجعل الصدقة و المعروف قرينتين للإصلاح بين الناس .
من المشاكل العائلية التي نجدها، شجار يشب بين الأبناء الصغار لكلتا العائلتين ، فريثما تجد الصغار يعودون لما كانوا عليه بينما تنقطع علاقة الأولياء لمدة .
رغم أن هذا يحدث الآن , إلا أنه في الماضي و بالتحديد في القرى لا يحدث هذا النوع من الشجار ، إذ أن الجيران يحترمون بعضهم البعض حتى أنهم ينصحون أبناء الجار و إن عاد الأمر لضربهم – إن شتموا- فلا يغضب الوالد البتة بل و إنما يظلم ابنه ، أما أهل المدن فلربما تدخلت و وصلت القضية إلى الشرطة بين العائلتين .
يقول أحد الشباب : العلاقة الموجودة بين أهل القرى ليست نفس العلاقة بين أهل المدن ، إذ أن العلاقات التي بين أهل القرى تسودها الرحمة و المودة كذلك التسامح و التعاون فيما بينهم ، بينما نجد أن أهل المدن لا يربطهم إتصال كهذا .
د . محمد العريفي : لو رأيت واقع المسلمين في البلدان الإسلامية تجد بينهم تواصل ، لكن إذا هاجروا مثلا بسبب حرب كحرب العراق ،هذا إلى أمريكا و الآخر إلى الدانمارك والرابع إلى النرويج ،أستراليا أو هولندا ، فتجد أن العلاقة بينهم قد خفت و لا أحد يتذكر أحدا و ربما وصل الحال إلى نسيان أشكالهم ، لكن لو كان هنالك تواصل و لو عبر الإنترنيت، و كاميرا الإنترنيت و رؤية صور العائلة و الكلام فيما بينهم و لو بأبسط الطرق كالمسنجر ، لكان هنالك تعارف و اتصال.
أسأل الله أن يرزقنا و إياكم عدم التناكر، و أن تبقى قلوبنا مؤتلفة.