السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أهلا وسهلا بكم أخواتي المشاهدات في حلقة جديدة من برنامجنا فقه المرأة.
حديثنا اليوم متابعة لحديثنا في الحلقة السابقة، تحدثنا في الحلقة السابقة عن الوضوء، معنى الوضوء، فرضية الوضوء، فرائض الوضوء، وسنن الوضوء .. نكمل اليوم الحديث عن مكروهات الوضوء ونواقض الوضوء ..
بداية أذكر أخواتي المشاهدات بمعنى الوضوء.
الوضوء هو: إجراء الماء على أعضاء معينة بنية مخصوصة.
دليل فرضية الوضوء: من أجل القيام بالصلاة وغيرها من القربات، قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}(المائدة: من الآية6) وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لى الله عليه وسلم: "لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ" ومعنى إذا أحدث أي فعل ما ينقض الوضوء.
نتحدث الآن عن مكروهات الوضوء، ما معنى المكروه؟ عندما تحدثنا عن السنن ذكرنا أن هناك سنن مؤكدة وسنن غير مؤكدة، السنن المؤكدة هي التي واظب عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- ويثاب فاعلها، ولا يعاقب تاركها، السنة غير المؤكدة تسمى الأداب والمستحبات، هي التي لم يواظب عليها النبي –صلى الله عليه وسلم- وإنما فعلها بضع مرات، ويثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها.
اليوم عندما نتحدث عن المكروه نقول: المكروه عكس السنة، هناك مكروه كراهة تنزيهية، ومكروه كراهة تسمى خلاف الأولى، الكراهة التنزهية تقابل السنة المؤكدة.
مكروهات الوضوء:
المكروه: هو ما طلب الشارع تركه طلبا غير جازم.
حكمه: يثاب تاركه ولا يعاقب فاعله.
وهو نوعان:
1. كراهة تنزيهية، تقابل السنن المؤكدة.
2. كراهة خلاف الأولى، تقابل السنن غير المؤكدة ..
الكراهة التنزيهية تقابل السنن المؤكدة، ترك السنن المؤكدة مكروه تنزيها، كالزيادة على ثلاثة غسلات أو النقص منها، طبعا الذي يرتكب الكراهة النزيهية لا يعاقب، وإنما يثاب الذي يتركها، عندما نقول كراهة خلاف الأولى، وكما قلنا تقابل السنن غير المؤكدة، كالتكلم أثناء الوضوء، كترك سنة غير مؤكدة من سنن الوضوء وهي ما تسمى بآداب الوضوء.
قد يقول قائل نسمع بما يسمى كراهة تحريمية، أين هي هنا وأين موضعها؟
أقول الكراهة التحريمية هي فقط من تقسيمات الحنفية، الكراهة التحريمية عندهم هي نوع من أنواع الحرام، ما طلب الشارع تركه طلبا جازم وهي تشبه الحرام من حيث أن فاعل الكراهة التحريمية يعاقب، وتارك الكراهة التحريمية يثاب.
ولكن الفرق بين الكراهة التحريمية والحرام، أن منكر الحرام يكفر، ومنكر الكراهة التحريمية يفسق.
مثال على هذا الصلاة في الأوقات المنهي عنها، عند الحنفية كراهة تحريمية بحيث يعاقب فاعلها ويثاب تاركها.
نبدأ الحديث في مكروهات الوضوء، عندما نتحدث الآن عن مكروهات الوضوء نتحدث بالتقسيم المكروه عند الجمهور، مكروه كراهة تنزيهية ومكروه كراهة تسمى خلاف الأولى.
مكروهات الوضوء:
1. الإسراف في الماء أو التقتير في استعماله.. يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- : "سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء" الاعتداء في الطهور نجده عن كثير من المتوضئين، يفتحون صنبور الماء ويسرفون في استخدام الماء، ويزيدون في غسل أعضاء الوضوء عن ثلاث وهذا منهي عنه، كما سنرى في البند الثاني من مكروهات الوضوء.
2. الزيادة على ثلاث أو النقص منها: النبي -عليه الصلاة والسلام- ورد عنه في الحديث أنه إذا غسل وجهه غسله ثلاثا، وإذا غسل يديه غسلها ثلاثا، ثم قال بعد ذلك، هكذا الوضوء ومن زاد عن هذا أو نقص منه فقد أساء.
إذن التقتير بألا يكون الماء كافي، أو الزيادة عن الماء الكافي يسمى اعتداء في الطهور، وهذا نجده عن كثير من الموسوسين، والوسوسة منهي عنها شرعا، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا اغتسل.. اغتسل بصاع من الماء، والصاع هو اليوم ما يقارب 3 كيلو جرام، وإذا توضأ توضأ بمد، والمد يمكن أن يقال بمعايير اليوم هو ثلاثة أرباع كيلو جرام.
3. ضرب الوجه بالماء.
4. الكلام أثناء الوضوء إلا لحاجة.
5. ترك سنة مؤكدة من سنن الوضوء ..
أحب هنا أن أذكر مسألة، كيفية من كيفيات الوضوء، وأحب أن تجيبوا عن هذه الكيفية.
مسألة:
رجل توضأ على الشكل التالي: غسل وجهه مرة واحدة، ويديه إلى المرفقين مرة واحدة، ومسح عدة شعرات من رأسه، وغسل رجليه إلى الكعبين مرة واحدة، ما حكم وضوءه؟
ربما يقول البعض وضوءه غير صحيح، وربما أقل من هؤلاء يقولون وضوءه صحيح، تعالوا نرى الجواب.
* وضوءه صحيح؛ لأنه أتى بكل فرائض الوضوء، ولكنه مسيء في وضوءه لتركه السنن والمستحبات بدون مبرر، (العجلة، ضيق الوقت، الكسل، التهاون).
إذن عدم الإتيان بالسنن المؤكدة مكروه، ولكن الوضوء صحيح، والإتيان بالكيفية الكاملة بالسنن المؤكدة وغير المؤكدة هو وضوء كامل، تزيد فيه حسنات المتوضئ، ولا تنقص من حسناته، ولكن يكون قد أتى بالفرائض، والسنن على وجهها الأكمل، وبالوضوء على وجهه الأكمل، (العجلة، ضيق الوقت، الكسل، التهاون) هذه ليست مبررات لكي نتهاون في أداء السنن ولكي نتهاون في ترك المكروهات ..
الوضوء: ما هي أنواع الوضوء؟
هناك وضوء مفروض، وهنالك وضوء مندوب، وهنالك وضوء مكروه.
أولا: الوضوء المفروض:
1. الوضوء للصلاة، إذن الوضوء للصلاة من الأمور المفروضة لا تجوز الصلاة فرضا كانت أو نافلة كاملة أم غير كاملة كسجدة التلاوة كصلاة الجنازة كل هذه الصلوات لا تجوز بدون الوضوء، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- : "لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ"
2. الوضوء للطواف حول الكعبة: والطواف حول الكعبة كما نعلم هو كالصلاة، ولكنه يجوز التكلم فيه.
3. الوضوء لمس المصحف وحمله: فمس المصحف يشترط فيه الوضوء، لقوله تعالى: { لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ }.. لكن القراءة لا يشترط لها الوضوء، وسنرى هذا في الوضوء المندوب، يندب لقراءة القرآن ولا يفرض، أما من أجل مس المصحف فيشترط ويفرض فيه أن يكون الذي يمسك المصحف ويمس المصحف متوضئًا ..
أحيانا كثيرة يريد الشخص أن يمسك المصحف، ولكنه غير متوضئ ماذا يفعل؟ وخاصة أولئك الذين يحفظون القرآن الكريم، ويصعب عليهم أن يجددوا وضوءهم كل مرة وخاصة إذا كانوا خارج منازلهم، فماذا تفعل الأخت التي تريد هذا؟ هنالك أخواتي الكريمات مصاحف على هامشها تفسير، وفي ذيل هذا المصحف أسباب النزول، العلماء يجيزون للشخص أن يحمل الكتب الشرعية ولو كان فيها استدلال بالآيات القرآنية بشرط أن يكون الكلام غير القرآن أكثر من القرآن، وبالتالي هذه المصاحف التي على هامشها التفسير وفي ذيلها أسباب النزول إذا كان الكلام فيها أكثر من كلام القرآن الكريم، أكثر من الآيات يجوز حملها لمن هو غير متوضئ، بشرط أن لا يمس آيات القرآن الكريم ..
ثانيا: الحالات التي يندب من أجلها الوضوء:
1. تجديد الوضوء لكل صلاة إذا كان قد أدى بوضوئه السابق صلاة فرض أو نفل... لحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالوضوء عند كل صلاة ولأمرتهم بالسواك عند كل وضوء".
2. الوضوء لمس الكتب الشرعية.
3. الوضوء للنوم على طهارة، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- : "من بات طاهرا بات في شعاره ملك يقول: اللهم اغفر لفلان فإنه بات طاهرًا".
4. الوضوء للجنب، إذا أراد النوم أو الأكل قبل الاغتسال لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كما روت السيدة عائشة إذا كان جنبًا فأراد أن يأكل أو ينام توضأ.
5. الوضوء لقراءة القرآن من غير مس، وهذه من المندوبات.
ثالثا: الوضوء المكروه ..
قد يندهش البعض ويقول هل هناك وضوء مكروه؟ أقول: نعم.
قال الفقهاء: إذا توضأ المرء ولم يصلي بوضوئه أية صلاة لا نافلة، ولا فرض، ولم ينتقض وضوئه يكره له أن يجدده، ويندب إذًا أن يصلي بهذا الوضوء صلاة حتى ولو كانت صلاة سنة الوضوء، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- : "من توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى ركعتين يحسن فيهما الذكر والخشوع ثم يستغفر الله تعالى غفر الله تعالى له".
إذن انتهينا من أنواع الوضوء، لابد لنا أن نعلم عن أمر آخر، ما هي الشروط لصحة الوضوء، وهذا ما سنعلمه بعد فاصل قصير .. فابقوا معنا ...
أهلا وسهلا بكن مجددًا، الآن نتحدث عن شروط صحة الوضوء، البعض يتوضأ، ويكمل فرائض الوضوء، وسنن الوضوء، ويحذر، ويتجنب مكروهات الوضوء، ووضوءه مع ذلك غير صحيح، لماذا؟
لأنه لم يحترز من كل ما يمنع الوضوء، ما الذي يمنع من صحة الوضوء؟ ما هو شرط صحة الوضوء؟
شروط صحة الوضوء:
• يشترط أن لا يكون على العضو حائل يمنع وصول الماء إلى البشرة أو الظفر، كالشمع وطلاء الأظافر والدهان. نبتلى اليوم بموضة المانكور، كثير من شابتنا اليوم تحب أن تزين أصابعها بالمانكور، الحديث عن جواز هذا أو عدم جوازه لا نتحدث عنه اليوم، وإنما سنتحدث عنه في حلقة خاصة تسمى زينة المرأة، لكن الحديث الآن عن مادة المانكور هل هي مادة عازلة تمنع وصول الماء، هل يجوز للمرأة أن تتوضأ وهي تضع على أصابعها على أظافرها هذا المانكور؟ المانكور مادة عازلة تمنع وصول الماء، وبالتالي إذا توضأت ثم وضعت المانكور صلاتها جائزة، ولكن عندما ينتقض وضوءها، وعليها أن تعيد الوضوء إذا لم تزل هذه المادة فوضوءها غير صحيح؛ لأنه من شرائط أو لأنه من أركان الوضوء أن تستوعب العضو بالغسل كاملا، بكل ما فيه من شعر، وجلد، وظفر استيعاب كامل لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لما رأى بعض الصحابة قد توضأ، ولم يصل الماء إلى بقعة من قدمه، قال: "ويل للأعقاب من النار" والعقب هي مؤخر القدم، وخصه هنا بالذكر؛ لأنه كثير ما يغفل المتوضئ عن استيعاب كامل قدمه بالماء.
• خضاب الشعر، واليدين، والقدمين لا يمنع وصول الماء ... بعض النساء تصبغ شعرها بصبغة أو ميش، ثم تسأل بعد ذلك، وهناك من يفتيها أن وضوءك وغسلك غير صحيح لأن هذا الميش أو الصبغة جرم يمنع من وصول الماء، فهل هذا صحيح؟ كانت النساء وحتى الرجال كانوا يخضبون شعورهم، والرجال تخضب لحاهم، والمرأة تخضب يديها وقدميها بالحناء على زمن النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم يكن النبي -عليه الصلاة والسلام- يعتبر هذا جرمًا مانعا، وإنما يسن للمرأة والرجل أن يغير الشيب بالحناء أو الكتم، والكتم هو مادة تصفر الشعر بين السواد وبين الحمرة.
• دهن البشرة ببعض المواد المطرية لا يعني عدم وصول الماء إليها، ولو لم يثبت الماء على البشرة ..
أحيانا تدهن المرأة أو الرجل يديها بمطري، وهذا المطري فيه مادة دهنية، ثم بعد ذلك تتوضأ وتشرع أن الماء يركض على يديها ركضا، فتظن أن هذا ما وضعته على يديها هو جرم حائل، في الواقع أن هذا ما تدهن به المرأة يديها أو الرجل يدهن به يديه هذا ليس جرما حائلا؛ لأنه ليس له كثافة على اليد، وإنما يمنع استقرار الماء على البشرة ولا يمنع وصول الماء إلى البشرة.
• بعض المهن الدهان، كالذي يعمل في تسفيل الشارع، الخباز الذي يعمل في الخبز والعجين، قد يصعب عليه فعلا أن ينقي جلده ومواضع غسل الوضوء من الدهان من الزفت من العجن، ماذا يفعل هذا؟
يعفى عند المالكية عن القليل من العجين أو الزفت ويقاس عليه طلاء الجدران، لدى أرباب هذه المهن لصعوبة التقيد بهذا الشرط.
نبدأ بالحديث عن نواقض الوضوء... ما معنى نواقض الوضوء؟
النواقض هي كل ما يؤثر في زوال الطهارة الحكمية المعنوية أي الوضوء.
تسمى النواقض حدثًا أصغر، والحدث الأصغر هو ما يمنع من صحة الصلاة، ويوجب الوضوء.
ما هي نواقض الوضوء المتفق عليها؟
1. خروج شيء من أحد السبيلين.
2. زوال العقل بسكر أو إغماء أو جنون.
3. النوم.
نبدأ بالناقض الأول:
خروج شيء من أحد السبيلين: والمراد بالسبيلين مكان خروج البول، ومكان الشرج الذي يخرج منه الغائط..
اتفق الفقهاء على أن ما يخرج من أحد السبيلين من بول، ومن غائط، ومن ريح.. من مذي.. من ودي كل هذه المواد نجسة، وتنقض الوضوء.
الدليل على نقضها ورد في القرآن الكريم وفي السنة الشريفة، يقول تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً}(النساء: من الآية43) إذن كل هذا ينقض الوضوء، ولكن إن لم تجدوا الماء فالبديل هو التيمم.
المذي هو: ماء أبيض رقيق يخرج عند وجود الشهوة.
طبعا هناك فرق بين المني وبين المذي..
أحيانا يختلط الأمر، وخاصة على النساء كما ذكرنا في النجاسات، الفارق الأساسي بينهما هو وجود الشهوة مع نزول المذي، وانتهاء الشهوة عقب نزول المني .. إذن المذي مما ينقض الوضوء.
الودي هو: ماء أبيض ثخين، يخرج عقب البول وهو نجس لملاقاته للبول. ودليل نجاسته لم يرد في السنة النبوية الشريفة، ولكن الفقهاء اجتهدوا في هذا، وقالوا بما أنه يخرج مع البول، ويلامس البول فهو لذلك نجس. دليل نجاسة المذي وردت في الحديث الشريف، روي عن علي رضي الله عنه يقول: كنت رجلا مذاءًا، فاستحييت أن أسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- .. معنى مذاء أي كثير المذي، فأرسلت المقداد بن الأسود فسأله، قال: في المذي الوضوء".
من نواقض الوضوء أيضا خروج ريح، ولكن أحيانا يشك المرء هل خرج منه ريح أم لا، وخصوصا عندما يكون في الصلاة، فالبعض يترك الصلاة ويعيد وضوءه ثم يتكلف، وبعد ذلك تأتيه هذه الفكرة، وهذه نسميها الوسوسة، وكفانا في هذا أحد الأشخاص من الصحابة، سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: يا رسول الله أكون في المسجد وأنا أصلي أشك خرج مني ريح أم لم يخرج؟ فقال -صلى الله عليه وسلم- : "إذا وجد أحدكم في بطنه شيء فأشكل عليه أخرج منه ريح أم لم يخرج، فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا".. في رواية "فإن ذلك من الشيطان" ..
إذن الشك لا ينقض الوضوء، وإنما التأكد من خروج الريح هو الذي ينقض الوضوء، والتأكد يكون بسماع صوت أو بخروج ريح..
ما حكم ريح القبل عند المرأة ؟
وهذه المسألة المفترض أنها مسألة طبية، ليس هنالك دليل سواء من القرآن أو من السنة عن ريح القبل لدى المرأة، وأنها ناقضة للوضوء .. اختلف الفقهاء في حكمها.
الشافعية: قالوا: ريح القبل عند المرأة تنقض الوضوء.
الجمهور: لا تنقض الوضوء.
عندما نرجع اليوم إلى العلم والطب، الطب يقول: لا يوجد هناك هواء يدخل إلى رحم المرأة ولا هواء يخرج من رحم المرأة، وما تشعر به المرأة من وجود ريح إنما هو انضمام للأعضاء التناسلية الظاهرية الخارجية أو انفراج لها، وليس هذا إذن ريحًا حقيقيا.
وبالتالي إذن نرجح هنا مذهب الجمهور على أن الريح التي تشعر به المرأه أنه يخرج من قبلها من الأمام غير ناقض للوضوء بناء على الرأي الطبي في هذا اليوم.
** موضوعًا آخر يشغل بال الكثيرين من النساء، موضوع الإفرازات اليومية التي تراها المرأة، السائل الأبيض سواء المخاطي أو الحليبي، تراه المرأة بكثرة، فمن هنا تتوضأ دائما وتغير دائما على أساس أنه نجس وناقض للوضوء، من هن من لا تصلي أصلا إذا كانت خارج منزلها على أساس أنه انتقض وضوءها ويصعب عليها أن تجدد وضوءها.
س. ما حكم إفرازات المرأة هل هي فعلا نجسة وناقضة للوضوء أم لا تنقض الوضوء؟
علينا أولا: أن نعود إلى الموضوع؛ لنعرفه من الناحية الطبية، ولكن قبل ذلك أقول لم يرد في هذا لا قرآن ولا سنة.
حكم إفرازات المرأة:
تفرز الغدد الموجودة في عنق رحم المرأة سائلا مخاطيا يضرب إلى البياض، كما يفرز الجدار المهبلي سائلا حليبي اللون وغير لزج.
إذن هذه السوائل أو الإفرازات التي تراها المرأة هي كالدمع أو العرق مهمتها الأولى ترطيب المكان، ولها مهمة ثانية وهي وظيفة دفاعية ضج الجراثيم التي تحاول الدخول إلى الرحم، بما أن هذه الإفرازات هي إفرازات حامضية.
ـ ما رأيكن أخواتي أن نتابع الرأي الطبي مع طبيبة تحدثنا عن هذه الإفرازات
د. ربا الأسدي .. اختصاصية في التوليد وأمراض النساء وجراحتها.
الإفرازات المهبلية هي على نوعين، يمكن أن نقسمها..
* إفرازات طبيعية، وإفرازات مرضية سواء التي ترتشح من جدار المهبل، والخلايا التي تتوسف من جداره أيضا، علاوة على المواد المخاطية التي تفرزها غدد موجودة في الرحم، وهذه الإفرازات تطرأ عليها تغيرات دورية، فهي تتأثر بالطمس، وتتأثر بالإباضة كما أنها تتأثر أثناء المعاشرة الزوجية ولها وظيفة هامة، ترطيب هذا السطح بالإضافة إلى أنها وسيلة دفاعية؛ لأنها تعتبر وسط حامضي، فإذن هي أمر طبيعي موجود، وبالعكس وذو وظيفة وجودها.
* أما المفرزات المرضية فهي التي تحدث عندما تكون هناك جرثومة أو حالة التهابية في منطقة التناسلية فتتبدل صفات هذه المادة من حيث اللون، والكمية، وقد تكون مصحوبة بأعراض مرضية أخرى كالحكة والاحمرار ..
------------------------
بعدما استمعناه من الرأي الطبي نتساءل ما هو الحكم الفقهي؟
هل بحث الفقهاء القدامى هذه المسألة؟
اطمئن مشاهدي الكرام أن الفقهاء القدامى بحثوا هذا الموضوع، ولكن إلى ماذا توصل بحثهم وما هي النتيجة، خصوصا وأن الطب في زمانهم لم يكن كاليوم؟
وهذه المواضيع أولا وأخيرا هي مواضيع تخص المرأة، والمرأة تعرف فيها أكثر من الرجل في هذا المضمار.
آراء الفقهاء القدامى في هذه الإفرازات:
- تسمى هذه الإفرازات عند الفقهاء برطوبة فرج المرأة.
- ذهب المالكية إلى نجاسة هذه الرطوبة.
- اختلفت الأقوال في مذهبي الشافعية والحنبلية بين النجاسة والطهارة.
- فرق الحنفية بين رطوبة فرج المرأة الخارجي وهي طاهرة عندهم، وبين رطوبة الفرج الداخلي وهي نجسة.
- لم يوضح الفقهاء علاقة هذه الرطوبة بالوضوء، هل هي ناقضة أم غير ناقضة للوضوء.
إذن هذه هي آراء الفقهاء في حكم إفرازات المرأة، اختلفت آراءهم في هذا المجال بناء على فهمهم لهذه المفرزات، منهم من ميز بين رطوبة الفرج الداخلي والخارجي، ومنهم من اعتبرها نجسة مطلقا، ومنهم من اعتبرها طاهرة مطلقا، ولكنهم لم يتعرضوا لحكم نقضها للوضوء ..
هنالك من الفقهاء المعاصرين من بحث هذا الموضوع بحثا جديدا رجع فيه إلى التأصيل الشرعي ومستندا في هذا إلى المعلومات الطبية الحديثة، من هؤلاء الشيخ ابن عثيمين، من هؤلاء الدكتور مصطفى الزرقا، من هؤلاء أيضا الشيخ الألباني .. خرجوا بنتيجة مفاد هذه النتيجة التمييز بين المذي والودي المتفق على نجاستهما وعلى نقضهما للوضوء سبب ورود دليل في المذي في الحديث الشريف في المذي الوضوء، وأن الودي يخرج مع البول ويلامس البول وبالتالي هو نجس ..
التمييز إذن بين هاتين المادتين المذي والودي المتفق على نجاستهما ونقضهما للوضوء، وبين المفرزات التي تخرج من المرأة في الحالة العادية، فقالوا: هذه المفرزات التي تخرج سواء منها السائل المخاطي أو الحليبي غير اللزجة هذه المفرزات طاهرة ولا تنقض الوضوء.
س. لكن ما هي أدلتهم على عدم نجاسة هذه المفرزات، وعدم نقضها للوضوء؟
الدليل الأول: الهام الفعلي هو عدم وجود دليل من القرآن أو من السنة أو من الإجماع يدل على نجاسة هذه المفرزات، وعلى نقضها للوضوء، وما لم يرد عليه دليل فالأصل فيه الطهارة، هذه الأمور تعبدية لا يقاس عليها، لا يمكن أن يقال كل ما خرج من أحد السبيلين فهو نجس، ولذلك فهذه المفرزات تخرج من هنا فهي نجسة، لعدة أسباب..
السبب الأول: أن هذه المفرزات أولا لا تخرج من أحد السبيلين، وإنما تخرج من مكان ثالث، هو موضع الحرث وخروج الولد، هذا أولا.
الأمر الثاني: مسألة خروج شيء من أحد السبيلين ليس متفق على أن كل ما يخرج من أحد السبيلين هو نجس، الدليل على ذلك هو المني، خروج المني، الشافعية ذهبوا إلى طهارة المني، بينما ذهب الجمهور إلى نجاسة المني ..
أما الأمر الآخر: لاستدلالهم على عدم نجاسة هذه المادة المفرزات، وعدم نقضها للوضوء، قالوا: هذه مسألة عادية، توجد خلقية توجد عند المرأة لما ذكرناه من أسباب، ترطيب المكان، وظيفة دفاعية.
وبالتالي عندما نكلف المرأة أن تتوضأ عندما تخرج منها هذه المادة تكليف لها بما يشق عليها، وهذه الإفرازات توجد عند المرأة على اختلاف بين امرأة وأخرى، من النساء من تنزل عندها بكثرة منهن من تنزل في اليوم عدة مرات، إذن هذا تكليفا لها بما يشق عليها، وبما لا دليل من القرآن أو من السنة على نجاسته أو نقضه للوضوء ..
إذن أدلتهم على عدم نجاسة هذه المفرزات وعدم نقضها للوضوء.
أولا: عدم ورود على نجاستها ونقضها للوضوء.
ثانيا: هذه المفرزات حالة خلقية لازمة لكل أنثى لا تستطيع التحكم فيها، والحكم بنجاستها ونقضها للوضوء فيه مشقة كبيرة.
ثالثا: ليست هذه المفرزات مما خرج من أحد السبيلين لتنقض الوضوء، بل هي خارجة من سبيل ثالث هو موضع الحرث وخروج الولد.
هذه هي آراء بعض الفقهاء المعاصرين وهي آراء وجيهة ممكن تقليدها لاعتمادها على الأدلة الشرعية الصحيحة، وتستند في هذا أيضا إلى ما وصل إليه الطب الحديث، والعلم الحديث اليوم في تفسير هذه المفرزات، وتعليل وجود هذه المفرزات ..
ولك أختي المشاهدة أن تقلدي هذه المذاهب وأنت مرتاحة الضمير خصوصا إذا كانت خارج منزلك، ولكن إذا كنت داخل منزل، وأردت أن تأخذي بالأحوط فلك ذلك و في كل خير، وأن الله تعالى يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه ..
انتهت حلقة اليوم واستمتعنا بصحبتكم، إلى لقاء في حلقة قادمة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصدر: http://www.alresalah.net/morenews.htm?id=1909_0_2_0