السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
أما بعد...
فمرحبا بإخواني وأخواتي وأهلي وأحبابي.. مرحبا بكم مع مسك الختام.. أسأل الله -عز وجل- أن يرزقنا وإياكم مسك الختام، وحسن الخاتمة.
يعني الحقيقة الموضوع في غاية الأهمية دا حياتنا كلها إحنا عايشينا كلها من أجل اللحظة السعيدة دي.. اللحظة اللي كل واحد فينا يموت على لا إله إلا الله، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ما كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة" ربنا يجمعنا، وإياكم في الفردوس الأعلى..
"فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر"..
ضيفنا الليلة دي اللي ربنا رزقه مسك الختام.. ضيفنا الليلة دي ضيف عزيز جدا صحابي جليل هو عمرو بن الجموح (رضي الله عنه وأرضاه).
عمرو بن الجموح. . تعالوا نشوف الراجل ده كان عايش فين ؟
ودي هدية أنا بقدمها النهاردة لكل واحد بيقول أنا بقالي عشرين سنة بعصي ربنا.. دا أنا بقالي 30 سنة عايش على الكفر، ولسه ما أسلمتش.. دا أنا بقالي عشرين سنة عمري ما سجدت لله.. أنا بدي القصة دي هدية للي عاش ستين سنة على المعصية أو ستين سنة ولم يسلم بعد، وأقول له الفرصة قدامك، والحق نفسك قبل أن تغرر الروح أو قبل أن تطلع الشمس من مغربها.
إن شاء الله أبشر.. فإن أسلمت الآن أو إن تبت، وكنت مسلما عاصيا، وتبت الآن فأبشر فإن الله -عز وجل- يبدل سيئاتك كلها إلى حسنات.. بنقول لكل واحد مش مسلم المولى -عز وجل- يقول لنبيه -صلى الله عليه وسلم- { قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ } ربنا ها يبدل لك كل سيئاتك.
وهذه القصة أيضا لكل من كان عاصي لله.. والنهاردة، والليلة دي ها يتوب إن شاء الله. نهدي إليه قول المولى -عز وجل- { إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } ضيفنا الليلة دي هو الصحابي الجليل عمرو بن الجموح (رضي الله عنه وأرضاه).
اللي ما أسلمش إلا بعد ما عدى ستين سنة من عمره كلها كانت على الكفر، وأسلم بعد سن الستين، ومات شهيدا في سبيل الله، وكان من أهل الجنة بوعد الصادق الذي لا ينطق عن الهوى بأبي، وأمي، ونفسي، وروحي -صلى الله عليه وآله وسلم-
نبدأ القصة من أولها.. بس بعد ما تصلِّ على حبيبك -صلى الله عليه وسلم-
ملحوظة.. أنا مش بقول تراجم الصحابة أنا بحكي آخر لحظة في حياته، وبحكي هو قدم إيه على عجالة سريعة.. على شكل فلاشات.. أضواء على مواقف هو عملها نشوف حسن الخاتمة كانت تمت ازاي (رضي الله عنهم جميعا وأرضاهم).
عمرو بن الجموح كان بيعبد الأصنام، وكان أعرج شديد العرج.. كان ما يقدرش يروح الكعبة كل يوم؛ لأنه أعرج.. فعمل إيه؟
فعمل ماكيت من صنم عند الكعبة اسمه مناة.. عامل صنم صغير كده على شكل مناة، وحطه في البيت عنده، وبدأ يعبده، ويسجد له من دون الله، ويستقسم بالأزلام.. أسافر ولا ما أسافرش.. أتجوز ولا ما أتجوزش.. أعمل ولا ما أعمل؟ وهكذا.. فاعتبر أن مناة هذا الصنم الذي عمله هو الإله بتاعه، في يوم من الأيام ربنا أكرم ابنه اللي هو معاذ بن عمرو بن الجموح، ومجموعة من الشباب من ضمنهم معاذ بن جبل، أسلموا جميعا لله سبحانه وتعالى، هذا الولد اللي هو معاذ بن عمرو بن الجموح (رضي الله عنه) وأرضاه، حاول أن يشوف طريقة جميلة، وأنا بانبسط جدا لما يكون واحد مسلم لما يكون أبوه إنسان عاصي، ويبتكر طريقة جميلة، ورقيقة، وحلوة حتى يجعله يتوب إن كان عاصيًا، وده اللي عمله معاذ بن عمرو بن الجموع، جعل أبوه نائما وهو ومجموعة من شباب الحي قاموا بسرقة الصنم مناة، ووضعوه عند بئر الناس يلقوه فيه نجاساتهم، وفي الصباح استيقظ عمرو بن الجموع، وبحث عن الإله بتاعه، فلم يجده، بحث في كل مكان، وفي طرقات المدينة حتى وصل ووجد الإله بتاعه منكسًا رأسه في بئر النجاسات، فقال: والله لو أعلم من الذي صنع بك هكذا لأخزينه، فأخذ الصنم، وغسله بالماء، وعطره، وبدأ يسجد له من دون الله.
ثاني يوم، الشباب أيضا أخذوا الصنم وهو نائم، وألقوه في بئر النجاسات، أصبح عمرو بن الجموح وعرف السكة فعرف المكان، وذهب إلى بئر النجاسات، وأخذ الصنم، وأقسم أنه لو علم من فعل به ذلك ليخزينه، وقام بغسله مرة أخرى ووضع له عطر، وألهمه الله بأن يفعل شيء كان سببًا في إسلامه، ماذا فعل؟ وضع سيف في رقبة الصنم، وقال له: إن كنت إلها حقا فادفع عن نفسك .. وفي اليوم التالي جاء الشباب وأخذوا الصنم بالسيف اللي في رقبته ووضعوه في بئر النجاسات وشالوا السيف ووضعوا مكانه كلبًا ميتًا ..
وفي الصباح لم يجد عمرو بن الجموح الصنم، ذهب لبئر النجاسات فوجد الصنم منكسًا رأسه والسيف غير موجود ومكانه كلب ميت، فقال:
رب يبول الثعلبان برأسه
لقد ذل من بالت عليه الثعالب
فلو كان ربا كان يمنع نفسه
فلا خير في رب نأته المطالب
برأت من الأصنام في الأرض كلها
وآمنت بالله الذي هو غالب
فدخل في محراب التوحيد، وجلال التوحيد، ونطق كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ..
من يوم ما أسلم عمرو بن الجموح، وهذه هدية أعطيها لكل إنسان عاش على المعاصي عمر طويل، عمرو بن الجموح أسلم بعد سن الستين يا شباب، ياللي لسه واقعين في المعاصي، وبتقولوا: خلاص أعمل زي عمرو بن الجموح، وأخلي نفسي عايش براحتي لحد سن الستين، أقول لك: وأنا موافقك، بس بشرط، تضمن أن ملك الموت ما يجيش لك النهاردة، تضمن أنه ما يأتيش لك بكرة، يا شباب ده أكثر اللي بيموتوا في عصرنا هذا هم الشباب.
لذلك لا تجد أحد كبير في السن كتير، فالناس كبار السن قليلين جدا، ليه؟ لأن أغلب اللي بيموت بيموت قبل ما يكبر، أغلب اللي بيموت في عصرنا هذا شباب، وموت الفجأة هو من علامات الساعة الصغرى كما أخبر الصادق الذي لا ينطق عن الهوى -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: "بين يدي الساعة موت الفجأة" شاب بيسلم عليك، صحته حديد، بيلعب حديد وكاراتيه وما شاء الله الله أكبر، معدته تهضم الظلط، مرة واحدة بيسلم عليك، يقع بين يديك، شفنا هذا المنظر كتير يا شباب، نلحق ونتوب، نلحق ونصلح حالنا مع ربنا، قبل ما يداهمنا ملك الموت، ويأتينا، ويدخل علينا، فهو لا يستأذن على أحد، وأصرخ {رَبِّ ارْجِعُونِ .. عَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ} فيقال: {كَلَّا} .. فنلحق نفسنا.
عمرو بن الجموح من يوم ما أسلم أسلم بجد، إسلام حقيقي، ولذلك أنت لما تلتزم تلتزم، تخلع ثوب الجاهلية على الباب، وتخش في ثوب الإسلام، وتعيش حياتك كلها لله، هذا ما فعله عمرو بن الجموح، أسلم وذاق طعم الحلاوة والإيمان، هو الإيمان له طعم؟ طبعا، وله حلاوة .. ومن قال ذلك؟ النبي -صلى الله عليه وسلم- والحديث رواه مسلم، قال: "ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- رسولا" فشيء جميل قوي أنك تذوق طعم، وحلاوة الإيمان، ومن ذاق عرف، ومن عرف اغترف، ذق طعم ولذة قيام الليل أخويا وحبيبي ذق طعم ولذة الصيام ولذة ذكر الله {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (الرعد:28) مسلم يكون عنده اكتئاب، هذا مستحيل، مستحيل أن يكون عندك اكتئاب، ومعاك كتاب الله سبحانه وتعالى، يأتيك الاكتئاب منين، معاك القرآن {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}(الإسراء: من الآية82) شفاء لما في الصدور، شفاء لأمراض القلوب، شفاء لكل الأمراض النفسية، معاك ذكر ربنا -سبحانه وتعالى- ويكون عندك اكتئاب، الله -سبحانه وتعالى- قال: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ} مش تسعد، ما أنت ممكن تسعد دلوقت، وتكون متضايق بعد شوية، لكن تطمئن تبقى السعادة ركزت في قلبك خلاص، ما فيش حاجة تضايقك أبدا، اللي جه زي اللي راح، جات فلوس زي ما جاتش فلوس، عيان زي صحيح في كل الأحوال أنا عبد لله، يقول عمر بن الخطاب: والله ما أبالي أيهما ركبت، مطية الفقر أو مطية الغنى، إن كان فقرا فصبر وأجر، وإن كان غنى فشكر وأجر ..
عروة بن الزبير تقطع رجليه، ولما تقطع رجليه فيقول: اللهم لك الحمد إن كنت قد أخذت فكم أعطيت، أعطيت أربعة أطراف وأخذت طرفا واحدًا، وأعطيتني أربعة أبناء وأخذت ابنا واحدًا، فالحمد لله حتى ترضى، والحمد لله بعد الرضى، والحمد لله إذا رضيت، والحمد لله بعد الرضا.. فلعمرك ما مدت كفي لريبة ولا حملتني نحو فاحشة رجلي وأعلم أنه ما أصابتني مصيبة إلا وقد أصابت فتى قبلي ..
الرضا، أن تكون راض عن ربنا، أن تكون عبدًا لله، أعطاك فلوس أنت عبد، منع الفلوس عنك أنت عبد، أعطاك الصحة أنت عبد، أعطاك المرض أنت عبد، زوجك وأعطاك زوجة وأولاد، أنت عبد، حرمك من الزوجة والأولاد فأنت عبد ..
{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات:56) عمرو بن الجموح عاش على الطاعة، عاش على العبادة، ذاق طعم الإيمان، تمنى أن الله يرزقه الشهادة، حاول يخش في غزوة بدر فمنعه أولاده، قالوا له: إحنا بنخش ونحن ستة من أولادك، ومنهم ولد كان هو المشارك في قتل أبو جهل، وهو معاذ بن عمرو بن الجموح، وكان معه معوذ بن عفراء، الاثنين قتلوا أبو جهل، وعبد الله بن مسعود هو اللي احتز رأس أبي جهل، وجاء بها إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وقدمها للنبي -صلى الله عليه وسلم- وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا فرعون هذه الأمة.
وفي غزوة أحد جاء عمرو بن الجموح قلبه يحترق يريد أن يجاهد، مع أن عمرو بن الجموح ليس عليه جهاد؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- رفع الجهاد عن الأعرج، وعن الأعمى، وعن المريض، وكل دول معذورين ليس عليهم جهاد أصلا، ورغم ذلك يريد أن يجاهد، فذهب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يبكي، وقال: يا رسول الله إن بني هؤلاء يمنعوني من الجهاد في سبيل الله، وأنا أتمنى، وأشتهي الشهادة يا رسول الله، فتبسم النبي وقال: أما أنت يا عمرو فقد رفع الله عنك الجهاد، ثم نظر إلى أولاده وقال: وأما أنتم فما عليكم أن تتركوه لعل الله أن يرزقه الشهادة في سبيله، فدخل عمرو بن الجموح في غزوة أحد، فقاتل فقُتل، فكان من أهل الجنة بوعد الصادق الذي لا ينطق عن الهوى -صلى الله عليه وسلم- ..
وفي رواية ثانية أن عمرو بن الجموح سأل النبي سؤال جميل قوي، قال له: يا رسول الله أنا إن قاتلت فقتلت، أأطأ بعرجتي هذه الجنة؟ معقول ممكن أنا كرجل أعرج أدخل جنة الرحمن؟ فقال له النبي: أجل .. فقاتل، وقتل فمر عليه النبي وهو مقتول، وقد استشهد، ونال الشهادة في يوم أحد، فتبسم الرسول، وقال: "والله يا عمرو لكأني أنظر إليك الآن في جنة الرحمن وأرى عرجتك هذه في جنة الرحمن صحيحة سليمة"..
عمرو بن الجموح، مات شهيدا في أحد، والنبي يقول: "كأني أنظر إليك الآن في جنة الرحمن تطئ بعرجتك هذه الجنة وهي صحيحة سليمة في جنة الله جل وعلا "..
الشاهد في كل ده..
أولا: تقدير ربنا، وتوفيقه لعمرو بن الجموع.
ثاني حاجة: كانت عنده همة عالية، همة الشيوخ، فليس الشيب بالرأس، وإنما الشيب هو شيب الهمم، ممكن تلاقي واحد عنده 60 سنة، وعنده همة أحسن من واحد عنده 30 سنة، ممكن تلاقي شاب عنده 20 سنة، وهمته ضعيفة جدا.. فليس الشيب هو شيب الرأس، وإنما الشيب الحقيقي هو شيب الهمة، أن يكون واحد همته شابت، ما عندوش طموح، وما عندوش أمل، ده النبي بيطلب الهمة حتى عند دخول الجنة.
قال البخاري: فإذا سألتم الله الجنة، قالوا: نعمل إيه يا رسول الله؟ تقول: يا رب أخش الجنة بس وراء الباء، أو حتى في أي حته بس أتحط على جنب كده، قال يقول: "فإذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس الأعلى" .. لأنه أعلى الجنة، ومنه تفجر أنهار الجنة، وفوقه عرش الرحمن جل وعلا، تخيل لما تسكن في قصر فوق بيتك عرش الرحمن، تخيل موقف زي ده، عرش الرحمن جل وعلا، اللي النبي قال: ما السموات السبع والأرضين السبع بالنسبة للكرسي إلا كحلقة ملقاة في فلاة، في صحراء، والكرسي بالنسبة للعرش مثل حلقة في فلاة في الصحراء، والرحمن على العرش استوى .. يسمع دبيب النملة السوداء، فوق الصخرة الصماء في الليلة الظلماء.
{وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ} ، { سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ }، همة وعلو همة، ده علو الهمة رزق يا شباب يسوقه الله إلى من يشاء، { وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ } ، اسمع لكلام حبيبك -صلى الله عليه وسلم- يقول كما عند الطبراني في الكبير بسند صحيح: إن الله يحب معالي الأمور، ويكره سفسافها، ويقول كما عند بن أبي نعيم بسند صحيح: لكل قرن من أمتي سابقون، في كل قرن .. فيه في أمة النبي -صلى الله عليه وسلم- ناس سابقون، مش قاعدين مكانهم مش محلك سر، مش طموحاتهم كلها دنيوية وبس ووظيفة ومنصب وجاه وفلوس وزوجة وأولاد وفيلا وبحر ودنيا وشاليهات، لا فيه ناس "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرة على الحق" منصورة هي دي الطائفة المنصورة، ربنا يجعلنا وإياكم منهم يا رب العالمين ..
همة عالية، الإنسان يكون عنده همة.
لذلك الإمام ابن القيم يقول: الإنسان لابد للسالك من همة تسيره وترقيه، كأنك طالع سلم، هو مش النبي لما تكلم عن حافظ القرآن قال كما عند الترمذي بسند صحيح قال: "يقال لقارئ القرآن يوم القيامة اقرأ وارتقي" .. اطلع سنة.. اطلع درجات الجنة.. "اقرأ ورتل كما كنت ترتل في الحياة الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرأها" يبقى لابد للسالك من همة تسيره وترقيه، ومن علم يبصره ويهديه .. الله، لأنه ممكن تبقى عندك همة وما عندكش علم، تقول خلاص، أنا ما دام المسألة مسألة همة أنا ها صلي الظهر إن شاء الله 48 ركعة، زيادة الخير خيرين، مش ها يقبل، طيب ها صلي العصر 20 ركعة، برضه لا يقبل، ليه؟ لأنه عندنا نص "صلوا كما رأيتموني أصلي" لازم أصلي كما صلى النبي -عليه الصلاة والسلام- .
طيب أنا ها حج بس في شهر جماد .. ما ينفعش، ليه؟ لأن النبي قال: "خذوا عني مناسككم" النبي حج في شهر ذي الحجة يبقى في شهر ذي الحجة، ما ينفعش أحج في ذي القعدة، ما ينفعش أحج في سفر، أخدت بالك؟
إذن لازم أعمل كما عمل النبي -صلى الله عليه وسلم- .. "خذوا عني مناسككم" .. لابد للسالك من همة تسيره، تمشيه، وترقيه، ومن علم يبصره ويهديه ..
لذلك عايز تعرف مدى كمال العبد؟ كمال العبد في حاجتين، كمال العبد في أنه هو يكون عنده خلق عالي جدًا، النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقا" ولما تكلم الإمام ابن القيم عن كمال العبد قال: "كمال العبد على أمرين" معرفة الحق من الباطل، وإيثار الحق على الباطل" أن تعرف الحلال من الحرام، أنت عرف الصح من الغلط، ومش كفاية، وأنه أنت تؤثر الحق على الباطل، ما هو فيه ناس عارفة أن الربا حرام، يقول لك: أنا عارف، والحمد لله، وفضل من الله وحافظ القرآن مرتين، والحمد لله رب العالمين، واللي يقولك أنا حافظ 46 جزء من القرآن ما أعرفش جاب الباقي منين، فسبحان الله! معرفة الحق من الباطل، وإيثار الحق على الباطل، ما يكفيش أنك أنت تعرف الحق، ما يكفيش أنك تقول: الحمد لله أنا خريج كلية شريعة، والحمد لله أعرف كل حاجة، طيب بتعمل إيه؟ ولا حاجة .. يبقى ما ينفعش لازم العلم ده يترجم إلى عمل، وإلا فالنبي -صلى الله عليه وسلم- حذرنا، وقال كما في الصحيحين يؤتى بالرجل يوم القيامة (العالم) فتندلق أقتاب بطنه (أي أمعاؤه) فيدور بها في النار كما يدور الحمار في الرحى فيجتمع إليه أهل النار (اللي هم عارفينه) فيقولون مالك يا فلان؟ أما كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ قال: بلى كنتم آمركم بالمعروف ولا أفعله وأنهاكم عن المنكر وأفعله".
يبقى كمان العبد على أصلين معرفة الحق وإيثار الحق على الباطل.
ورب الكعبة يا جماعة تعلو الهمة .. أنا ليه باتكلم عن الهمة يا جماعة؟ عشان عمرو بن الجموح ده مثال لعلو الهمة، وإما لو عايزين نسمع بقى عن علو الهمة نرجع لسلسة السابقون اللي قدمناها في القناة المباركة السنة اللي فاتت في رمضان كانت الحلقات كلها عن علو الهمة، لن تعلوا الهمة إلا إذا كان هذا القلب؛ لأن القلب أساس كل حاجة، "لا ينظر الله إلى صوركم ولا إلى أجسامكم ولا إلى أموالكم وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم" فالنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: الحديث اللي فات رواه مسلم واللي جاي رواه البخاري الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ألا إن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب" سبحان الله! لما تعلو الهمة القلب ده يتعلق بالآخرة وينسى الدنيا.
عارف عاملة زي إيه يا أخويا، عاملة زي بالونة، البالونة الكبيرة كده بس متعلق بصندوق خشب، والصندوق ده مليان حجارة وزلط، البالونه عايزة تطير ومش قادرة، الصندوق ده عبارة عن إيه؟ القلب، بس القلب ملياه حجارة وزلط، دنيا طيب البالونه عايزة تطير، خف من الحجارة ها تلاقي البالونة طارت، خف من الدنيا ها تلاقي القلب طار، ما بقاش متعلق بالأرض وإنما متعلق بالجنة، ورضوان رب الجنة .. عامل زي سفينة الفضاء اللي عايزة تنطلق، بس عايزة قوة دفع جامدة اللي ربنا قال عنها: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (العنكبوت:69) عايز أصلي ومش قادر، عايز أصلي ومش عارف أصلي، انطلق فالله جل جلاله الذي قال: "رحمتي وسعت كل شيء" يقول: "من تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا، ومن تقرب مني ذراعا، تقربت منه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة"
هو مين اللي محتاج مين يا جماعة؟ يعني تخيل العبد اللي محتاج للرب، ولا الرب اللي محتاج للعبد، طبعا العبد اللي محتاج، ورغم ذلك الله -سبحانه وتعالى- يقول: أتيه هرولة، وهو هو -سبحانه وتعالى- جل جلاله- يقول كما عند مسلم يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- عنه كما عند مسلم يقول: "ينزل ربنا جل وعلا إلى السماء الدنيا كل ليلة فينادي علينا هل من داعي فأجيبه، هل من سائل يسألني فأعطيه، هل هل .. إلى أن يطلع الصبح" الله، شوف رحمة ربنا أد إيه؟ شفت حكمته أد إيه؟
قوم واصحى وصلي واطلب، قبل ما تطلب من فلان بيه، وفلان باشا.. اطلب من مالك السموات والأرض.. من فاطر السموات والأرض اللي خزائنه لا تنفد، اللي قال: " يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد، فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما نقص المخيط إذا أدخل البحر".
يا الله، عشان كده بأقول لك: قوم بقى وانطلق، وابعد عن جاذبية الأرض عن الدنيا والفلوس والمال والزوجة والولد، عايزين نخش الجنة، عايزين مسك الختام يا عم، ربنا يرزقنا مسك الختام، انطلق ..بإيه؟ قوم صلي في ساعتها، أنا عايزة أتحجب بس فيه حاجات منعانا، لما أتجوز .. أتحجبي وها تتجوزي إن شاء الله لأن اللي ها يجوزك، وأنت مش محجبة مش ها يخليك تتحجبي .. طيب عايزة أبر أمي بس فيه شوية حاجات عايزة أخلصها، لا .. روح برهم وإن شاء الله ها تخلص .. أنا والله عايز أصل رحمي اللي مقاطعيني 7سنين بس لسه فيه شوية حاجات .. روح بس وصلهم وصلة الرحمن من أسباب طول العمر كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- .. "من سره أن يبسط له في رزقه أو ينسأ له في آثره فليصل رحمه".
وأول ما تنطلق وتبعد عن جاذبية الأرض تنطلق في سماء الطاعة، جاهدت نفسي عشرين سنة، إيه هي دي الطاعة .. وتلذذت بها عشرين سنة أخرى، خت بالك المسألة عاملة ازاي، تتعب في الطاعة في الأول شوية وبعد كده ما تقدرش تستغنى أبدا عن الصلاة، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : "وجعلت قرة عيني في الصلاة".
ولذلك الإمام ابن القيم قال إيه؟ ما كانت له بداية محرقة، كانت له نهاية مشرقة، عايزك أخويا وحبيبي زي اللي في سباق 100 متر ما عندوش وقت يضيعه لازم يخش اجري على طول وانطلق، حدد هدفك، من دلوقت على طول، من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة.
اسأل واحد في الحر ده همتك إيه؟ يقول لك: همتي حاجة ساقعة، واحد تاني يقول لك: همتي مروحة، والثالث مكيف والخامس يقول لك: لا أنا ما يهمنيش حاجة من ده كله أنا همتي أكون في ظل الرحمن، وكل حاجة بتمنها، زجاجة الحاجة الساقعة بريال، والمروحة بمائتي ريال، والمكيف بثلاثة ألاف ريال، والشالية بمليون ريال وفي ظل عرش الرحمن بدمعة من خشية الله..
عشان كده بأقول لك كن عالي الهمة، النبي لما ذكر السبعين ألف الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب، قام عكاشة بن محصن قال: "ادع الله لي أن أكون منهم يا رسول الله، قال أنت منهم .. فقام آخر قال ادعو لي أن أكون منهم يا رسول الله، قال سبقك بها عكاشة "..
الربيع بن مالك اللي كان بيحضر الوضوء للنبي -عليه الصلاة والسلام- والحديث رواه مسلم، فقال له النبي سلني يا ربيعة، قال: أسألك مرافقتك في الجنة، لم يقل أسألك الجنة، ده من أهل الصفة وشاب غلبان وفقير جدا وعنده 12 سنة، كان يمكن أن يقول أنا مين عشان أكون مع النبي لا ما احتقرش نفسه، قال: يا رسول الله أسألك مرافقتك في الجنة، قال: أو غير ذلك؟ قال: هو ذاك يا رسول الله، قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود لله".
الله .. وأوعى تضيع الفرصة أخويا وحبيبي، عمرو بن الجموح أتيحت له الفرصة وهو مش مكتوب عليه الجهاد، ودخل فكان في الجهاد، وكان في الجنة بسبب أنه دخل، وجعل نفسه لله -سبحانه وتعالى- ..
اوعى تفوت الفرصة، أنت في امتحان، وما تعرفش ها تموت امتى، وما تعرفش ها تروح امتى؟ اجعل حياتك كلها لله، بكره ها تخش الامتحان، ويحط لك الورقة، وتقول له: طيب مدة الامتحان قد إيه؟ يقولك بص بقى الامتحان ده امتحان عجيب شوية، ما فيش وقت محدد، ممكن أسحب منك الورقة بعد ساعة، ممكن أسحبها منك بعد ربع ساعة، ممكن أسحبها منك بعد 3 ساعات، ما اعرفش اسحبها منك امتى، ها تبقى شغال وأنت خايف، كذلك ممكن يخش عليك ملك الموت النهاردة، وممكن بعد أسبوع، وممكن بعد سنة، وممكن بعد ستين سنة، الحق نفسك وجاوب قبل ما تلقى الله عز وجل.
عشان كده باقولك موضوع حلقاتنا مسك الختام، جهز نفسك على طول؛ لأنه النهاردة ممكن أموت، فلازم أكون جاهز النهاردة للقاء الله -سبحانه وتعالى-..
فربنا يرزقنا، وإياكم مسك الختام.
جزاكم الله خيرا على حسن الاستماع..
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك،
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصبحه وسلم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصدر: http://www.alresalah.net/morenews.htm?id=1952_0_2_0